نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

البداية بعد النهاية 360

الأفاق

الأفاق

{إليانور ليوين}

شممت في الهواء مرة أخرى. الضباب…

كانت الأنفاق الطويلة بين كهف الملجأ وكهف الجدة رينيا الصغير فارغة وخالية من الحياة. لقد طاردنا بالفعل فئران الكهوف حتى انقرضت ، على ما يبدو . كان هناك بضع مئات من الأشخاص لإطعامهم في الحرم الآن ، وعلى الرغم من مذاق وحوش المانا كرائحة الاشجار الفاسدة ، إلا أنها كانت صالحة للأكل – هذا بالطبع إذا أحرقت اللحم حتي يتلون بالأسود ولم تفكر ملياً في ما تأكله.

“هل كان مصيره الموت؟” سألت بهدوء. “هل كان يجب أن يموت؟”

على الرغم من أن الجدة رينيا قالت إنها مريضة جداً لاستقبال زوار ، فلم أستطع البقاء بعيداً بعد ما سمعته بين فيريون و ويندسوم . اضطررت للتحدث إلى شخص ما ، لكنني كنت خائفة من إخبار أي شخص آخر. بما أن رينيا كانت تعرف بالفعل – فهي عرافة في النهاية – على الأقل لن أعرضها للخطر من خلال الكشف عما عرفته.

شممت في الهواء مرة أخرى. الضباب…

عندما وصلنا إلى فوهة الصدع الضيق الذي كان بمثابة مدخل لمنزل رينيا ، خدشت بو تحت ذقنه وخلف أذنه. “انتظر هنا ، أيها الفتي الضخم . سأعود حالاً.”

اهتز جسدي بينما مررت من الصدع المكون من الحجر الصلب. و قبل أن أخرج رأسي الي الكهف ، قال صوت مرهق أجش ، “حسناً ، ادخلي ، على ما أعتقد.”

كانت هناك رائحة ترابية مريرة تنبعث من الكهف تذكرني برائحة أوراق الهندباء.

ترنح بو إلى الأمام وتعثر على الأرض بينما كان يأرجح مخالبه. أطلق نخير خافت ضعيف ظننت أنه خوف ، ثم أظلم كل شيء.

اهتز جسدي بينما مررت من الصدع المكون من الحجر الصلب. و قبل أن أخرج رأسي الي الكهف ، قال صوت مرهق أجش ، “حسناً ، ادخلي ، على ما أعتقد.”

اخترات خيطاً ، وسحبته وتركته يتراجع جاذباً وعيي على طول الخط الزمني الذي يمثله.

كان اللهب مشتعل في كوة علي الجدار البعيد ، وكانت رينيا جالسة أمامه في كرسيها المصنوع من الخيزران ، مغطاة ببطانية سميكة. كان الكهف حار للغاية وممتلئ برائحة مرارة ثقيلة.

انكسر الجان ، وجهه التوي بكآبة بينما غمرت الدموع خديه وسقطا كتفيه . ضغط يده على عينيه ، و انكمش حول نفسه أكثر . قال من خلال تنهداته ، “عائلتي بأكملها … لقد … ماتوا جميعاً.” سقط على الأرض ، وركع ألبولد بجانبه بشكل محرج ، وتعبيره غير مقروء.

“يبدو أنني أتذكر إخبارك أنني لم أكن في حالة مزاجية جيدة لاستقبال زائرين” ، قالت رينيا ، وظهرها لي . “ومع ذلك ، فإن لعنة العراف هي أنني لا أستطيع حتى أن أتفاجئ لأنك لم تستمعي.”

صوت رقيق وحزين تردد صداه من السواد الذي أحاط بي.

نظرت حول الكهف قبل الرد . بصرف النظر عن الكوة الطبيعية التي اشتعل فيها النار ، كان لديها طاولة صغيرة من ألواح مربعة مغطاة بالحجارة ، وخزانة ضخمة مقابل جدار ، وطاولة حجرية منخفضة كانت مغطاة بالقصاصات و لب النباتات، من المحتمل أنها تخمر اياً ما كانت تخمره في القدر الذي يغلي علي النار . احتوت قبة صغيرة على سريرها وخزانة ملابس جيدة جداً لدرجة انها بدت في غير محلها.

كان النفق ضبابي وكان للهواء رائحة ثقيلة حلوة ومقززة جعلت معدتي تنقبض و رأسي يسبح.

“أنا آسف لإزعاجك ، جدة رينيا ، لكنني كنت بحاجة إلى …” ترددت ، مع الأخذ في الاعتبار وضعها الحالي ، “هل أنتِ بخير؟” بقدر ما أردت التحدث معها عن إيلينوار ، لم أستطع كبت الشعور بأن هناك شيئاً ما خاطئ.

وصلت يدي إلى قوسي ، لكنني لم أستطع أن أتحسسه من ظهري . تراجعت إحدى ساقي بوو ، وانزلقت لأهبط بشدة على الأرض. كنت أعلم أنه كان يجب أن يؤلمني ، لكن كل ما شعرت به هو الرغبة الغامرة في إغلاق عيني.

“بخير كالبرغوث” ، وهي تشد البطانية بإحكام أكثر حولها.

ضغطت أيدي قوية على كتفي . كان هناك وجه أمام وجهي مباشرةً ، كان ضبابي في البداية ، ثم مألوف بشكل غامض ، ثم –

عَبرت الغرفة ببطء ومشيت حول كرسي رينيا حتى أتمكن من إلقاء نظرة أفضل عليها. كان جلدها ذابل وجاف ، ومحجري عينيها مغمورين ومظلمين . و التف شعر أبيض رقيق على وجهها وتعلقت خيوطه بالبطانية ، بعد أن سقطت من رأسها . ومع ذلك ، كان الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو عينيها : كانتا تحدقان في النار ، بيضاوتان كالحليب وخاليتان من البصر.

مسح فيريث بكمه على وجهه وأخذ نفس مرتعش. “حاولت أن أنقذهم … لكن تم القبض علي … لم أقترب حتى من ذلك . لقد تركتهم ضد رغبتهم لحضور أكاديمية شيروس … لأكون أكثر من مجرد الابن الرابع لعائلة نبيلة ، لكني خذلتهم ، هل تفهمين؟ والآن هم … فقط ماتوا … ”

قُلت “رينيا …” ، لكن حلقي انقبض وكان علي أن أتوقف وأجمع نفسي. “لماذا؟ ماذا كنتِ-”

قالت إحدى الصور الظلية ، بصوت خافت من القماش : “اهدئ الآن ، أيها الفتي الضخم”.

“انظر ، يا طفلتي”. قالت بصوت منخفض أجش : “دائماً أنظر.”

زمجر بوو مهدداً.

جثوت على ركبتاي أمامها وأمسكت يديها بكلتا يدي ، مائلة للأمام لإراحة خدي عليها. كان جلدها جاف مثل المخطوطات وبارد بشكل غير مريح نظراً للحرارة الشديدة في الكهف. “لماذا؟ ما الذي يستحق كل هذا؟ ”

هزت رأسها فقط. “الأمر ليس بالأمر السهل ، يا طفلة . حياتك كلها تتحرك كعصا صغيرة تطفو في بركة ، من جانب واحد من الماء إلى الآخر. لكن لا يمكنك تحريك العصا إلا عن طريق رمي الحصى في البركة والسماح لها بركوب التموجات . والامر هو – أنك معصوبة العينين. في بعض الأحيان ، تنطلق الريح وتضرب العصا. أنا لست مختلفة . ربما املك عين واحدة مفتوحة ، ويمكنني أن أرى عصاكي الصغيرة وكل التموجات التي تحركها ، لكن الجميع دائماً يعطلون التدفق عن طريق إلقاء أحجارهم بشكل عشوائي ، مما يؤدي إلى عرقلت كل تلك الفوضى … ”

“كل شيء في الميزان ، الآن. منزلي… إيلينوار… ”تراجعت رينيا ، ويدها ترتعش بضعف على خدي. “كانت فقط بداية . ديكاثين ، ألاكاريا … إنسان ، الجان ، الاقزام … سيحترقو . منازلنا – عالمنا كله – سيحترقو ما لم أري … ”

“امممم … بووو “، تمتمت.

“تري ماذا؟” سألت بعد وقفة مطولة. “ما الذي تريدين رؤيته؟”

لقد تألمت نواتي عندما مددت المانا ، وعانيت من أجل جمع قوة كافية لإلقاء التعويذة. ’جسد عجوز ملعون’ ، لعنت نفسي . لكنني اعرف الحقيقة ، أن جسدي المادي قد تماسك لفترة أطول بكثير مما كان ينبغي ان يتماسك فيها.

همست “كل شيء”.

قالت: “لا تتخيلي أنه يمكنك إخباري بما يجب أن أفعله وما لا يجب أن أفعله ، يا طفلة”.

جلسنا هناك في صمت لفترة طويلة ، وظننت لفترة من الوقت أنها قد نامت. شعرت بالخدر في عقلي ، وأدركت أنني لم أصدق حقاً فيريون أو رينيا عندما تحدثا عن مرضها . لكن برؤيتها الآن … فهي تبدو كشبح لنفسها السابقة ، بالكاد تتشبث بالحياة . لا يسعني إلا أن أتسائل عن مقدار ما يجب أن تستخدمه من قوة لتضعف بهذه السرعة.

ركع ألبولد أمامي وأمسك بالأغلال التي ربطت يدي ببعضها . لقد رفع مرفقاي بزاوية حادة غيرت وضع كتفي ومرفقي بشكل غير مريح . حدقت بي عيناه – عديمة اللون في الكهف المظلم – كالسهام. “كفى يا إيلي. لقد اتخذنا خطوات للتأكد من أن وحشك لا يمكنه متابعتنا. أصفاد قمع المانا تلك يجب – ”

منازلنا – عالمنا كله – سيحترق…

“أنت … سا”

انتشرت قشعريرة باردة عبر جسدي حيث تردد صدى تلك الكلمات في ذهني. “ماذا افعل؟” سألت ، صوتي هرب من شفتي كما لو كان أعلي بقليل من الهمس.

كانت الأنفاق الطويلة بين كهف الملجأ وكهف الجدة رينيا الصغير فارغة وخالية من الحياة. لقد طاردنا بالفعل فئران الكهوف حتى انقرضت ، على ما يبدو . كان هناك بضع مئات من الأشخاص لإطعامهم في الحرم الآن ، وعلى الرغم من مذاق وحوش المانا كرائحة الاشجار الفاسدة ، إلا أنها كانت صالحة للأكل – هذا بالطبع إذا أحرقت اللحم حتي يتلون بالأسود ولم تفكر ملياً في ما تأكله.

أجابت رينيا ، “كوني في المكان المناسب في الوقت المناسب” ، مما جعلني أقفز.

اهتز جسدي بينما مررت من الصدع المكون من الحجر الصلب. و قبل أن أخرج رأسي الي الكهف ، قال صوت مرهق أجش ، “حسناً ، ادخلي ، على ما أعتقد.”

انطلقت مبتعدة عن النار وجلست على الأرض وساقاي متقاطعتان ، وأحدق في وجه رينيا الذابل . “أين هو المكان المناسب ، ومتى هو الوقت المناسب؟”

“ماما؟ بابا؟”

أجابت بغموض : “هذا هو السؤال دائماً”.

“أخ-”

كان قلبي يدق في صدري . كرهت هذه الألعاب ، لكنني شعرت بالشفقة على المرأة العجوز أكثر من الإحباط . كان من الواضح أكثر من أي وقت مضى أنها كانت تحاول المساعدة حقاً. “هذا له علاقة بما يخفيه فيريون و ويندسوم ، أليس كذلك؟”

عبر الظلام ، سمعت خطى تقترب.

استدارت ، و بدأ جسدها تحت البطانية يطلق جوقة من الفرقعة والصرير . “لا تتدخلي ، يا طفلة . إنها … حالة حساسة. كانت غرائزك في هذا الأمر صحيحة : فقط احتفظي بها لنفسك . مهما كان ما نفكر فيه بشأن ما حدث ، فإن القتال ضد فيريون الآن سيؤدي فقط إلى كارثة. كلانا يعرف أنك لستِ بحاجة إلى القدوم لرؤيتي لتأكيد ذلك”.

“ال- الأخ؟ الأخ!”

“هل …” قاتلت ضد الرغبة في الضغط عليها لمعرفة ما كانت تعرفه ومتى. بدا الأمر كما لو كان الأمر سينتهي دائماً بشعوري بخيبة أمل مريرة . لكن التوتر تصاعد بداخلي حتى تلاشت الكلمات نوعاً ما. “هل عرفتي ماذا سيحدث لتيسيا – و لي – عندما سألتك عن المهمة؟”

طحن ألبولد أسنانه بصوت مسموع. “ليس لدي أي فكرة عن سبب مشاركة فتاة تبلغ من العمر اثني عشر عاماً في كل هذا ، لكننا بحاجة إلى معرفة ما تعرفيه.”

أطلقت ضحكة خشنة سرعان ما تحولت إلى سعال. “كل خيار ، كل مستقبل ، كل ذلك يؤدي إلى نتيجة واحدة. دائماً , دائماً.”

زئير بدا وكأنه صوت تقطع الارض وانفصالها عن بعضها صدا بجانبي ، واندفع ألبولد للخلف عبر الكهف ، وهو يضرب الحجر الخشن بقوة . توقف جدار مشعر أمامي ، تنفس بصعوبة ، و زمجر من بغضب و خوف.

“ماذا تقصدين؟” سألت بإصرار.

فتحت فمي لأغلقه ثانيتاً , انا أعرف ما يعنيه فقدان الناس ، لكن الكلمات ماتت في حلقي.

قالت وهي تغمض عينيها وتغرق في كرسيها : “كان القدر أن تؤدي تيسيا دورها كوعاء لسلاح أغرونا”. “كل ما يمكنني فعله هو محاولة الترتيب لأكثر الظروف إيجابية التي يمكن ان يحدث فيها ذلك.”

ماذا قالت رينيا مرة أخرى؟ سألت نفسي ، محاولة ألا أتردد أثناء تحطيم عقلي المتوتر من أجل تذكر تفاصيل محادثتنا . لا تتورطي . إنه وضع حساس …

“كان يمكنك أن تقولي . كان بامكانك ان تخبريني أن تيس لا يجب أن تذهب . كان بإمكان فيريون إيقافها ، هو – ”

رفعت ركبتي حتى صدري ، و التففت حولهم . كانت عيناي تحترقان ، وتورم حلقي ، لكنني لم أترك المزيد من الدموع تسقط . صررت علي أسناني و تمالكت نفسي. لم تكن الدموع المكبوتة لأخي ، أو تيسيا ، أو حتى أنا … كانت للجميع ، لكل شيء. اعتدي حزن عميق علي ، بارد ومريح إلى حد ما ، مثل غطاء من الثلج . شعرت بالضغط ، الدافع لفعل شيء ما ، للرد وتغيير الأمور ، يتلاشو . كانت مشاكل العالم كبيرة جداً ، ولم يكن شيء آخر يمكنني فعله لإنقاذه.

قالت: “في المستقبل الذي تصفيه ، تم إنقاذ قافلة العبيد ، لكن كورتيس جلايدر اختار عدم الذهاب إلى إيدلهولم وإنقاذ بقية الجان المحتجزين هناك. إحدى هؤلاء الشابات ، بينما كانت تتوسل سيدها الجديد ألا يدنسها ، قدمت جزء من المعرفة ، الشيء الوحيد الذي لديها وله قيمة : اسم الرجل الذي ساعد الآخرين على الهروب من ألاكريا.

عقلياً ، اتصلت بـ بوو ، وبعد لحظة برزت كتلة ضخمة في الكهف ، ورائي مباشرةً . لقد ملأ المساحة الصغيرة وكان بإمكانه بسهولة تحطيم أشياء رينيا ، لكنه بدا وكأنه يشعر أنني بحاجة إلى الراحة بدلاً من الحماية , استلقى ورائي ، وانحنيت عليه ، وتركت أصابعي تداعب فروه.

“لقد وجدوه. ثم و جدونا. الكثير منا سيموت. وتيسيا ستؤخذ في كل الحالات “انها رينيا حديثها بمرارة.

اتكأت على بوو ، و مررت أصابعي من خلال فروه وأستمعت إلى قلبه يدق في أذني مع صوت صريري علي أسناني . “حسناً. سأخبرك.”

“اذاً ماذا عن آرثر؟ ماذا عن اخباره بالا يسمح للاكاريا باخذها؟ ” سألت ، و صوتي تصدع قليلاً عندما نطقت اسم أخي. “لماذا يجب عليها … لماذا …” اختنقت جملة في حلقي ، و ابتعدت عن الجدة لإخفاء دموعي.

“انظر ، يا طفلتي”. قالت بصوت منخفض أجش : “دائماً أنظر.”

تنهدت قائلة “لأنه لم يحن الوقت بعد”.

انحنت رينيا بشكل جانبي بحيث كان رأسها يرتاح على كتفي. “هناك مكان وزمان مناسبان. وأنا أعلم متى وأين”.

حدقت بها و دموعي تجف بالسرعة التي ظهرت بها عندما ساد الغضب بسرعة. “لكنه مات!” أنا هسهسة. “وقد أسروها على أي حال!”

لقد كانت أختي هي التي علمتني الجرعة التي يمكن أن تقوي أجسادنا ، حتى مع تلاشي قوة حياتنا. لقد فات الأوان للقيام بعمل جيد لنفسها – ولكن بعد ذلك ، حتى في خضم جهودها الحماسية لإنقاذ حياة فيريون ، لم تقم أبداً بالضغط على نفسها كما فعلت الآن.

“أنا أعلم ، يا طفلة”. وصلت يدها المرتجفة نحوي ، لكنني ابتعدت مسافة بضع بوصات ، وفي النهاية سقطت يدها ببطء. “أنا أعرف.”

حدقت بها و دموعي تجف بالسرعة التي ظهرت بها عندما ساد الغضب بسرعة. “لكنه مات!” أنا هسهسة. “وقد أسروها على أي حال!”

“هل كان مصيره الموت؟” سألت بهدوء. “هل كان يجب أن يموت؟”

كانت الأنفاق الطويلة بين كهف الملجأ وكهف الجدة رينيا الصغير فارغة وخالية من الحياة. لقد طاردنا بالفعل فئران الكهوف حتى انقرضت ، على ما يبدو . كان هناك بضع مئات من الأشخاص لإطعامهم في الحرم الآن ، وعلى الرغم من مذاق وحوش المانا كرائحة الاشجار الفاسدة ، إلا أنها كانت صالحة للأكل – هذا بالطبع إذا أحرقت اللحم حتي يتلون بالأسود ولم تفكر ملياً في ما تأكله.

ارتجفت رينيا ، ارتجاف بطيئ بدا وكأنه يبدأ في صدرها وينتشر للخارج حتى مر عبر أصابع قدميها. “أوه ، كيف يجب أن أعرف بحق الجحيم. انه أحجية غير لائقة , هذا ما كان أخاكِ . لا يمكنني أن أرى مستقبله حقاً ، ليس كأي شخص آخر”.

قالت وهي تغمض عينيها وتغرق في كرسيها : “كان القدر أن تؤدي تيسيا دورها كوعاء لسلاح أغرونا”. “كل ما يمكنني فعله هو محاولة الترتيب لأكثر الظروف إيجابية التي يمكن ان يحدث فيها ذلك.”

تمتمت بغضب ، “إنها ألعاب دائماً معك” ، وقد تحسنت أعصابي. ” آرثر لم يكن قطعة في لعبة لوح ما . كان أخي!” صرخت ، ثم شعرت على الفور بالذنب عندما فتحت عيون رينيا العمياء ببطء , “أنا آسفة.”

أطلقني بوو ، وأطلق هدير تحذيري . بالكاد تمكنت من إدارة رأسي بما يكفي للنظر إلى أسفل النفق ، حيث تمكنت من رؤية صورتين ظليتين تقتربان . كانت وجوههم مغطاة … أو ربما كانت عيناي مشوشتين.

هزت رأسها فقط. “الأمر ليس بالأمر السهل ، يا طفلة . حياتك كلها تتحرك كعصا صغيرة تطفو في بركة ، من جانب واحد من الماء إلى الآخر. لكن لا يمكنك تحريك العصا إلا عن طريق رمي الحصى في البركة والسماح لها بركوب التموجات . والامر هو – أنك معصوبة العينين. في بعض الأحيان ، تنطلق الريح وتضرب العصا. أنا لست مختلفة . ربما املك عين واحدة مفتوحة ، ويمكنني أن أرى عصاكي الصغيرة وكل التموجات التي تحركها ، لكن الجميع دائماً يعطلون التدفق عن طريق إلقاء أحجارهم بشكل عشوائي ، مما يؤدي إلى عرقلت كل تلك الفوضى … ”

الجدة رينيا

رفعت ركبتي حتى صدري ، و التففت حولهم . كانت عيناي تحترقان ، وتورم حلقي ، لكنني لم أترك المزيد من الدموع تسقط . صررت علي أسناني و تمالكت نفسي. لم تكن الدموع المكبوتة لأخي ، أو تيسيا ، أو حتى أنا … كانت للجميع ، لكل شيء. اعتدي حزن عميق علي ، بارد ومريح إلى حد ما ، مثل غطاء من الثلج . شعرت بالضغط ، الدافع لفعل شيء ما ، للرد وتغيير الأمور ، يتلاشو . كانت مشاكل العالم كبيرة جداً ، ولم يكن شيء آخر يمكنني فعله لإنقاذه.

تحرك ظل عبر رؤيتي المشوشة وأصوات مشوشة تتنقل عبر دماغي الملئ بنسيج العنكبوت. لم أستطع فهمهم تماماً.

لقد جلب لي الإدراك بأنني أستطيع التخلي عنه , نوع من السلام.

“كل شيء في الميزان ، الآن. منزلي… إيلينوار… ”تراجعت رينيا ، ويدها ترتعش بضعف على خدي. “كانت فقط بداية . ديكاثين ، ألاكاريا … إنسان ، الجان ، الاقزام … سيحترقو . منازلنا – عالمنا كله – سيحترقو ما لم أري … ”

لكنني لا أريد أن ايأس . لم أرغب في الاستسلام ، لم ارد ترك الجميع يقاتلون لاستعادة مستقبلنا بينما أختبئ ، مسترخية مع يأسي.

كان ألبولد شاحب كأنه شبح بجانب فيريث ذو الوجه الأحمر. ركزت نظرته على الافق ، ولم ينظر إلى رفيقه أو إلي. “مات ملكنا وملكتنا. أميرتنا ، ماتوا . بيتنا وحضارتنا ماتوا. أصدقاؤنا وعائلتنا ومعلمونا وعشاقنا ومنافسونا … انتهي عالمنا كله. ” عندها فقط قابل عيني. “ونحن لا نفهم حتي سبب زواله.”

عقلياً ، اتصلت بـ بوو ، وبعد لحظة برزت كتلة ضخمة في الكهف ، ورائي مباشرةً . لقد ملأ المساحة الصغيرة وكان بإمكانه بسهولة تحطيم أشياء رينيا ، لكنه بدا وكأنه يشعر أنني بحاجة إلى الراحة بدلاً من الحماية , استلقى ورائي ، وانحنيت عليه ، وتركت أصابعي تداعب فروه.

“ماما؟ بابا؟”

قالت رينيا ، “حسناً ، هذا جديد” ، و شبح ابتسامة على شفتيها.

كان النفق ضبابي وكان للهواء رائحة ثقيلة حلوة ومقززة جعلت معدتي تنقبض و رأسي يسبح.

تدفق من الدفء اندفع من النواة ، و صفي ذهني وحرق غطاء اللامبالاة البارد.

“لقد وجدوه. ثم و جدونا. الكثير منا سيموت. وتيسيا ستؤخذ في كل الحالات “انها رينيا حديثها بمرارة.

قلت بهدوء: “أعطني الأمل”. ”ارجوكي رينيا. مع كل ما رأيته ، لابد أنك رأيتي بعض الوميض… ”

كان ألبولد شاحب كأنه شبح بجانب فيريث ذو الوجه الأحمر. ركزت نظرته على الافق ، ولم ينظر إلى رفيقه أو إلي. “مات ملكنا وملكتنا. أميرتنا ، ماتوا . بيتنا وحضارتنا ماتوا. أصدقاؤنا وعائلتنا ومعلمونا وعشاقنا ومنافسونا … انتهي عالمنا كله. ” عندها فقط قابل عيني. “ونحن لا نفهم حتي سبب زواله.”

دفعت السيدة العجوز البطانية جانباً وتركتها تسقط على الأرض. كنت أقسم أنني كنت أسمع صرير عظامها عندما بدأت بالوقوف ، لكن عندما تحركت لمساعدتها ، لوح لي لابتعد . و بمجرد أن تحررت من الكرسي ، اتخذت بضع خطوات بطيئة ومتحركة نحوي ، حتى تمكنت من وضع يدها على ظهر بو.و بحذر شديد ، بدأت العرافة العجوز تنزل بجانبي.

استيقظت من غفوتى بإحساس السقوط ، مثل التعثر فى الحلم.

“رينيا ، لا يجب عليكِ-”

“هل كان مصيره الموت؟” سألت بهدوء. “هل كان يجب أن يموت؟”

قالت: “لا تتخيلي أنه يمكنك إخباري بما يجب أن أفعله وما لا يجب أن أفعله ، يا طفلة”.

“هل …” قاتلت ضد الرغبة في الضغط عليها لمعرفة ما كانت تعرفه ومتى. بدا الأمر كما لو كان الأمر سينتهي دائماً بشعوري بخيبة أمل مريرة . لكن التوتر تصاعد بداخلي حتى تلاشت الكلمات نوعاً ما. “هل عرفتي ماذا سيحدث لتيسيا – و لي – عندما سألتك عن المهمة؟”

لقد ساعدتها بأفضل ما يمكنني ، حتى استلقت على الأرض بجواري ، وظهرها الي بوو ، تماماً مثلي.

ظهر حاجز كثيف من الماء مع إزاحة و انفصال الكهف ، وفصل بيني وبوو عن ألبولد وفيريث ، على الرغم من أنني لم أتمكن إلا من رؤية الحواف حول جسد بوو الضخم.

قالت وهي تلهث قليلاً: “الأمل ليس شيئ جيد دائماً”. “عندما يضيع ، يمكن أن يحطم روح الإنسان . و عندما يكون خاطئ ، فقد يمنع الناس من الاعتناء بأنفسهم”.

كان عقلي بطيئ بسبب القيلولة ، ولم أستطع أن أكون مستيقظة تماماً ، لكنني كنت متأكدة من وجود خطأ ما ببوو . كان يمشي ببطء ، و يتنفس بعمق ، و يشخر ، بدا مجهد …

قلت: “اذاً أعطيني أمل حقيقي” ، مددت يدي ليدها مرة أخرى وضممتها برفق شديد.

“ماذا تقصدين؟” سألت بإصرار.

انحنت رينيا بشكل جانبي بحيث كان رأسها يرتاح على كتفي. “هناك مكان وزمان مناسبان. وأنا أعلم متى وأين”.

ضحكت على نبرة صوتي الذي كان ينعق مثل ضفدع عجوز سمين . تلاشى الضجيج على الفور عندما انقبضت أنفاسي في صدري ، وأدركت انه من الوضوح أن شيئاً سيئاً حقاً قد حدث.

***

“ماما؟ بابا؟”

مكثت مع الجدة رينيا لساعتين إضافيتين ، وفي النهاية ساعدتها على العودة إلى كرسيها ، وأحضرت لها طبق من الحساء ، واستذكرت الوقت الذي اختبأنا فيه أنا وأمي وأبي معها في كهف سري مختلف . لكنها تعبت في النهاية ، لذلك ساعدتها على النوم وغادرت.

عَبرت الغرفة ببطء ومشيت حول كرسي رينيا حتى أتمكن من إلقاء نظرة أفضل عليها. كان جلدها ذابل وجاف ، ومحجري عينيها مغمورين ومظلمين . و التف شعر أبيض رقيق على وجهها وتعلقت خيوطه بالبطانية ، بعد أن سقطت من رأسها . ومع ذلك ، كان الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو عينيها : كانتا تحدقان في النار ، بيضاوتان كالحليب وخاليتان من البصر.

لقد أرهقتني المحادثة. كان هناك شيء ما حول محاولة لف رأسي حول حديث رينيا التنبئي عن المستقبل المحتمل والظروف الإيجابية استنفد عقلي وجعلني أشعر بأنني صغيرة وطفولية . لكن بعد ذلك ذكرت نفسي أنه عندما كان آرثر في الرابعة عشر من عمره كان في أرض الآلهة ، يتدرب مع الآلهة لخوض حرب من شأنها أن تغير العالم بأسره.

عندما لم يعجبني ما رأيته ، وجدت خيط متفرع وسحبته.

ربت على جانب بوو بينما كنا نتحرك بصمت عبر الأنفاق المتعرجة. “هل تمانع اذا ركبت ، أيها الفتي الضخم؟”

قالت: “في المستقبل الذي تصفيه ، تم إنقاذ قافلة العبيد ، لكن كورتيس جلايدر اختار عدم الذهاب إلى إيدلهولم وإنقاذ بقية الجان المحتجزين هناك. إحدى هؤلاء الشابات ، بينما كانت تتوسل سيدها الجديد ألا يدنسها ، قدمت جزء من المعرفة ، الشيء الوحيد الذي لديها وله قيمة : اسم الرجل الذي ساعد الآخرين على الهروب من ألاكريا.

نخر الدب الوصي مؤكداً وتوقف . جلست على ظهره وانحنيت إلى الأمام لأريح رأسي على ساعدي ، و تركت نفسي أطفو فوق ظهره العريض. “مهما حدث ، سنهتم دائماً ببعضنا البعض ، أليس كذلك يا بوو؟”

هزت رأسها فقط. “الأمر ليس بالأمر السهل ، يا طفلة . حياتك كلها تتحرك كعصا صغيرة تطفو في بركة ، من جانب واحد من الماء إلى الآخر. لكن لا يمكنك تحريك العصا إلا عن طريق رمي الحصى في البركة والسماح لها بركوب التموجات . والامر هو – أنك معصوبة العينين. في بعض الأحيان ، تنطلق الريح وتضرب العصا. أنا لست مختلفة . ربما املك عين واحدة مفتوحة ، ويمكنني أن أرى عصاكي الصغيرة وكل التموجات التي تحركها ، لكن الجميع دائماً يعطلون التدفق عن طريق إلقاء أحجارهم بشكل عشوائي ، مما يؤدي إلى عرقلت كل تلك الفوضى … ”

نخير آخر.

قالت وهي تلهث قليلاً: “الأمل ليس شيئ جيد دائماً”. “عندما يضيع ، يمكن أن يحطم روح الإنسان . و عندما يكون خاطئ ، فقد يمنع الناس من الاعتناء بأنفسهم”.

“تماماً مثل آرثر وسيلفي ، معاً حتى النهاية.”

“لقد وجدوه. ثم و جدونا. الكثير منا سيموت. وتيسيا ستؤخذ في كل الحالات “انها رينيا حديثها بمرارة.

نفخ جسده للمقارنة ، مما جعلني أضحك.

“تري ماذا؟” سألت بعد وقفة مطولة. “ما الذي تريدين رؤيته؟”

بوو لم يحتج إلى أي توجيه من لي للعثور على الملجأ ، لذلك أغمضت عيني وتذكرت محادثاتي مع رينيا. كانت محادثة قد طال انتظارها، وكنت سعيدة لتركها بشروط إيجابية. رؤيتها جعلتني أدرك مدي قصر الوقت الذي تملكه في هذا العالم . تمنيت لو أنها يمكن أن تخبرني المزيد عن “المكان المناسب والوقت المناسب” ألتي ظلت تتحدث عنهم . إذا انزلقت بعيداً قبل أن يأتي ذلك الوقت … كل ما يمكنني فعله هو أن أثق في أنها تعرف متي ستأتي نهايتها.

قالت: “في المستقبل الذي تصفيه ، تم إنقاذ قافلة العبيد ، لكن كورتيس جلايدر اختار عدم الذهاب إلى إيدلهولم وإنقاذ بقية الجان المحتجزين هناك. إحدى هؤلاء الشابات ، بينما كانت تتوسل سيدها الجديد ألا يدنسها ، قدمت جزء من المعرفة ، الشيء الوحيد الذي لديها وله قيمة : اسم الرجل الذي ساعد الآخرين على الهروب من ألاكريا.

الجدة رينيا

“كل شيء في الميزان ، الآن. منزلي… إيلينوار… ”تراجعت رينيا ، ويدها ترتعش بضعف على خدي. “كانت فقط بداية . ديكاثين ، ألاكاريا … إنسان ، الجان ، الاقزام … سيحترقو . منازلنا – عالمنا كله – سيحترقو ما لم أري … ”

بمجرد مغادرة طفلة لياوين ووحشها أخيراً ، عدت إلى عملي.

هدر بو واندفع ، و مخلبه الضخم قطع الصور الظلية بترنح . لقد تهربوا ، لكنني سمعت هسهسة ولعنة.

مستلقية على السرير ، لم أحدق في شيء ، عيني المادية الآن عديمة الفائدة. لكن هذا لا يهم. كانت هناك حاجة إلى عيني الثالثة فقط ، تلك التي يمكنها أن ترى ما وراء المكان والوقت الحاليين إلى ما يمكن أن يكون.

“أربعة عشر!” قلت بسخط ، و عقدت ذراعي فوق صدري. “وأياً كان ما أخبرك به فيريون ، فهو لمصلحتك.” تذكرت كلمات رينيا. “قتاله لن يؤدي إلا إلى كارثة.”

لقد تألمت نواتي عندما مددت المانا ، وعانيت من أجل جمع قوة كافية لإلقاء التعويذة. ’جسد عجوز ملعون’ ، لعنت نفسي . لكنني اعرف الحقيقة ، أن جسدي المادي قد تماسك لفترة أطول بكثير مما كان ينبغي ان يتماسك فيها.

كنت أعرف أين يجب أن أكون ومتى . ولكن كان هناك ما هو أكثر من مجرد التواجد في المكان المناسب في الوقت المناسب ، بغض النظر عما قلته لإيلي . كانت الرحلة لا تقل أهمية عن الوجهة.

لقد كانت أختي هي التي علمتني الجرعة التي يمكن أن تقوي أجسادنا ، حتى مع تلاشي قوة حياتنا. لقد فات الأوان للقيام بعمل جيد لنفسها – ولكن بعد ذلك ، حتى في خضم جهودها الحماسية لإنقاذ حياة فيريون ، لم تقم أبداً بالضغط على نفسها كما فعلت الآن.

“ألبولد …؟”

أرسلت لها شكراً صامتاً ، حيثما استقرت روحها في الآخرة . لم أستطع حتى الآن التأكد مما إذا كانت جهودي ستحدث اختلاف في النهاية ، لكنني اكتسبت شهور من الوقت للنظر بفضل الجرعة التي لا تزال تتخمر فوق ناري الصغيرة.

بعد أن تنهدت تنهيدة مرتجفة ، اخترت الخيط التالي ، ثم التالي ، والتالي بعد ذلك.

عند إلقاء الرؤية ، شعرت بنفسي مسترخية عندما انفتحت العين الثالثة في روحي . من خلال هذه العين الميتافيزيقية ، أصبح العالم الأثيري مرئي ، وكشف عن شبكة معقدة بلا حدود من الخيوط المتشابكة التي تنتشر الي المستقبل. لكن مجرد رؤيتهم لم يكن كافي.

زمجر بوو مهدداً.

كما علمني سيدي ، مددت يدي نحو الآيفوم… ببطء ، مبدئياً ، كما لو اقترب المرء من حيوان نصف بري . لكن تقاربي مع الآيفوم هو الذي أعطاني قوى العرافة ، وكما حدث ألف مرة من قبل ، كان الأثير يتفاعل ، وانجرف نحو عيني الثالثة وربط عقلي بنسيج من مستقبل محتمل ممن تم وضعهم أمامي.
**حسناً يا رفاق الآيفوم او Aevum هو معتقد من العصور الوسطي للتعبير عن الخلود الزائف للملائكة و القديسين في السماء , اما ما علاقة هذا بالعرافة فلانهم كانو يؤمنون ان من يصل لتلك الحالة سيكون قادر علي رؤية المتغيرات التي تحدث حوله باعتباره كيان ثابت الوجود عبر الابدية

{إليانور ليوين}

لقد تجاهلت الطريقة التي تقاطعوا بها جميعاً في نفس النقطة.

عقدي أطلق أنين عصبي . ربت على رقبته وقلت ، “هااي ، إنه مجرد ضباب ، بوو ، نحن …”

الآن أين كنت …

رفعت ركبتي حتى صدري ، و التففت حولهم . كانت عيناي تحترقان ، وتورم حلقي ، لكنني لم أترك المزيد من الدموع تسقط . صررت علي أسناني و تمالكت نفسي. لم تكن الدموع المكبوتة لأخي ، أو تيسيا ، أو حتى أنا … كانت للجميع ، لكل شيء. اعتدي حزن عميق علي ، بارد ومريح إلى حد ما ، مثل غطاء من الثلج . شعرت بالضغط ، الدافع لفعل شيء ما ، للرد وتغيير الأمور ، يتلاشو . كانت مشاكل العالم كبيرة جداً ، ولم يكن شيء آخر يمكنني فعله لإنقاذه.

اخترات خيطاً ، وسحبته وتركته يتراجع جاذباً وعيي على طول الخط الزمني الذي يمثله.

انطلقت مبتعدة عن النار وجلست على الأرض وساقاي متقاطعتان ، وأحدق في وجه رينيا الذابل . “أين هو المكان المناسب ، ومتى هو الوقت المناسب؟”

عندما لم يعجبني ما رأيته ، وجدت خيط متفرع وسحبته.

عبس ألبولد. “هذا ليس جيداً بما فيه الكفاية. نحن – جميع الجان – نستحق معرفة الحقيقة. إذا كان فيريون يعمل مع العدو – ”

كان الأمر أسوأ.

تدفق من الدفء اندفع من النواة ، و صفي ذهني وحرق غطاء اللامبالاة البارد.

كنت أعرف أين يجب أن أكون ومتى . ولكن كان هناك ما هو أكثر من مجرد التواجد في المكان المناسب في الوقت المناسب ، بغض النظر عما قلته لإيلي . كانت الرحلة لا تقل أهمية عن الوجهة.

كانت الأنفاق الطويلة بين كهف الملجأ وكهف الجدة رينيا الصغير فارغة وخالية من الحياة. لقد طاردنا بالفعل فئران الكهوف حتى انقرضت ، على ما يبدو . كان هناك بضع مئات من الأشخاص لإطعامهم في الحرم الآن ، وعلى الرغم من مذاق وحوش المانا كرائحة الاشجار الفاسدة ، إلا أنها كانت صالحة للأكل – هذا بالطبع إذا أحرقت اللحم حتي يتلون بالأسود ولم تفكر ملياً في ما تأكله.

الأمر الذي جعل الأمر أكثر إحباطاً هو اني عرفت أن الوقت ينفد.

قالت إحدى الصور الظلية ، بصوت خافت من القماش : “اهدئ الآن ، أيها الفتي الضخم”.

بعد أن تنهدت تنهيدة مرتجفة ، اخترت الخيط التالي ، ثم التالي ، والتالي بعد ذلك.

ركع ألبولد أمامي وأمسك بالأغلال التي ربطت يدي ببعضها . لقد رفع مرفقاي بزاوية حادة غيرت وضع كتفي ومرفقي بشكل غير مريح . حدقت بي عيناه – عديمة اللون في الكهف المظلم – كالسهام. “كفى يا إيلي. لقد اتخذنا خطوات للتأكد من أن وحشك لا يمكنه متابعتنا. أصفاد قمع المانا تلك يجب – ”

إليانور ليوين

أطلقني بوو ، وأطلق هدير تحذيري . بالكاد تمكنت من إدارة رأسي بما يكفي للنظر إلى أسفل النفق ، حيث تمكنت من رؤية صورتين ظليتين تقتربان . كانت وجوههم مغطاة … أو ربما كانت عيناي مشوشتين.

استيقظت من غفوتى بإحساس السقوط ، مثل التعثر فى الحلم.

هزت رأسها فقط. “الأمر ليس بالأمر السهل ، يا طفلة . حياتك كلها تتحرك كعصا صغيرة تطفو في بركة ، من جانب واحد من الماء إلى الآخر. لكن لا يمكنك تحريك العصا إلا عن طريق رمي الحصى في البركة والسماح لها بركوب التموجات . والامر هو – أنك معصوبة العينين. في بعض الأحيان ، تنطلق الريح وتضرب العصا. أنا لست مختلفة . ربما املك عين واحدة مفتوحة ، ويمكنني أن أرى عصاكي الصغيرة وكل التموجات التي تحركها ، لكن الجميع دائماً يعطلون التدفق عن طريق إلقاء أحجارهم بشكل عشوائي ، مما يؤدي إلى عرقلت كل تلك الفوضى … ”

كان النفق ضبابي وكان للهواء رائحة ثقيلة حلوة ومقززة جعلت معدتي تنقبض و رأسي يسبح.

عقلياً ، اتصلت بـ بوو ، وبعد لحظة برزت كتلة ضخمة في الكهف ، ورائي مباشرةً . لقد ملأ المساحة الصغيرة وكان بإمكانه بسهولة تحطيم أشياء رينيا ، لكنه بدا وكأنه يشعر أنني بحاجة إلى الراحة بدلاً من الحماية , استلقى ورائي ، وانحنيت عليه ، وتركت أصابعي تداعب فروه.

“بوو؟” سألت و لساني يتعثر بشدة على الاسم المألوف. “ما هذا؟”

فتحت فمي لأغلقه ثانيتاً , انا أعرف ما يعنيه فقدان الناس ، لكن الكلمات ماتت في حلقي.

كان عقلي بطيئ بسبب القيلولة ، ولم أستطع أن أكون مستيقظة تماماً ، لكنني كنت متأكدة من وجود خطأ ما ببوو . كان يمشي ببطء ، و يتنفس بعمق ، و يشخر ، بدا مجهد …

استيقظت من غفوتى بإحساس السقوط ، مثل التعثر فى الحلم.

عقدي أطلق أنين عصبي . ربت على رقبته وقلت ، “هااي ، إنه مجرد ضباب ، بوو ، نحن …”

“كان يمكنك أن تقولي . كان بامكانك ان تخبريني أن تيس لا يجب أن تذهب . كان بإمكان فيريون إيقافها ، هو – ”

شممت في الهواء مرة أخرى. الضباب…

“رينيا ، لا يجب عليكِ-”

أغلقت عيناي ، و ركزت على ارادة الوحش الكانة بنواة المانا والتي أصبحت الآن برتقالية داكنة . وصلت إلى نفسي ، و حثثت الإرادة ، وأشعلتها ، وتلقيت دفعة من الروائح والأصوات من حواسي المحسنة.

رمشت عيناي ، أو على الأقل اعتقدت أنهما فعلتا. كان كل شيء رمادي وغامض. شعرت أن رأسي كان مليئ بأنسجة العنكبوت ، وكان فمي وحلقي جافين جداً لدرجة تجعلني أشعر بالألم . رمشت مرة أخرى ببطء و عدة مرات.

كانت الأنفاق رطبة ورائحتها تشبه إلى حد ما رائحة العفن . كان مسك بو الثقيل في كل مكان ، وكذلك الرائحة الكريهة التي خلفتها فئران الكهوف التي كانت تعيش هنا ، لكن الرائحة الفاسدة للضباب طغت على كل شيء آخر . كانت الأنفاق صامته بالكامل تقريباً. و في مكان ما تحتي ، كان بإمكاني فقط سماع صوت طقطقة خافتة من المياه تتساقط من سطح الكهف لبركة ضحلة ، لكن الأصوات الأخرى الوحيدة كانت خطوات بوو غير المرتبكة والمتعثرة ونبض قلبي البطيء.

عقلياً ، اتصلت بـ بوو ، وبعد لحظة برزت كتلة ضخمة في الكهف ، ورائي مباشرةً . لقد ملأ المساحة الصغيرة وكان بإمكانه بسهولة تحطيم أشياء رينيا ، لكنه بدا وكأنه يشعر أنني بحاجة إلى الراحة بدلاً من الحماية , استلقى ورائي ، وانحنيت عليه ، وتركت أصابعي تداعب فروه.

بوو تعثر بخطوة أخرى ، وأرسل هزة غير مريحة في معدتي.

عقلياً ، اتصلت بـ بوو ، وبعد لحظة برزت كتلة ضخمة في الكهف ، ورائي مباشرةً . لقد ملأ المساحة الصغيرة وكان بإمكانه بسهولة تحطيم أشياء رينيا ، لكنه بدا وكأنه يشعر أنني بحاجة إلى الراحة بدلاً من الحماية , استلقى ورائي ، وانحنيت عليه ، وتركت أصابعي تداعب فروه.

وصلت يدي إلى قوسي ، لكنني لم أستطع أن أتحسسه من ظهري . تراجعت إحدى ساقي بوو ، وانزلقت لأهبط بشدة على الأرض. كنت أعلم أنه كان يجب أن يؤلمني ، لكن كل ما شعرت به هو الرغبة الغامرة في إغلاق عيني.

“لا أصدق أنني كنت أحاول العثور عليك منذ أسابيع” ، تذمرت ، وقابلت عين ألبولد. تجهم ، لكنه لم ينظر بعيداً. “ماذا تريد ايها الوغد؟ لديك فرصة واحدة. ولا تعتقد أن بو لن يأكلك إذا هاجمتني مرة أخرى “.

أنغلق فكي بوو القويان على ظهر قميصي وبدأ يسحبني ، لكن حتى من خلال حواسي الضبابية كنت أسمع تنفسه المتعب.

“رينيا ، لا يجب عليكِ-”

“بوو …؟”

قالت: “لا تتخيلي أنه يمكنك إخباري بما يجب أن أفعله وما لا يجب أن أفعله ، يا طفلة”.

أطلقت قهقهة طائشة على نبرة صوتي ، مبهم و سخيف . كنت أعلم أنني يجب أن أكون خائفة ، لكنني في الحقيقة شعرت وكأنني … سا… أنام …

أرسلت لها شكراً صامتاً ، حيثما استقرت روحها في الآخرة . لم أستطع حتى الآن التأكد مما إذا كانت جهودي ستحدث اختلاف في النهاية ، لكنني اكتسبت شهور من الوقت للنظر بفضل الجرعة التي لا تزال تتخمر فوق ناري الصغيرة.

أطلقني بوو ، وأطلق هدير تحذيري . بالكاد تمكنت من إدارة رأسي بما يكفي للنظر إلى أسفل النفق ، حيث تمكنت من رؤية صورتين ظليتين تقتربان . كانت وجوههم مغطاة … أو ربما كانت عيناي مشوشتين.

فتحت فمي لأغلقه ثانيتاً , انا أعرف ما يعنيه فقدان الناس ، لكن الكلمات ماتت في حلقي.

قالت إحدى الصور الظلية ، بصوت خافت من القماش : “اهدئ الآن ، أيها الفتي الضخم”.

اتكأت على بوو ، و مررت أصابعي من خلال فروه وأستمعت إلى قلبه يدق في أذني مع صوت صريري علي أسناني . “حسناً. سأخبرك.”

هدر بو واندفع ، و مخلبه الضخم قطع الصور الظلية بترنح . لقد تهربوا ، لكنني سمعت هسهسة ولعنة.

“تري ماذا؟” سألت بعد وقفة مطولة. “ما الذي تريدين رؤيته؟”

“أنت … سا”

كانت هناك رائحة ترابية مريرة تنبعث من الكهف تذكرني برائحة أوراق الهندباء.

“امممم … بووو “، تمتمت.

ترنح بو إلى الأمام وتعثر على الأرض بينما كان يأرجح مخالبه. أطلق نخير خافت ضعيف ظننت أنه خوف ، ثم أظلم كل شيء.

ترنح بو إلى الأمام وتعثر على الأرض بينما كان يأرجح مخالبه. أطلق نخير خافت ضعيف ظننت أنه خوف ، ثم أظلم كل شيء.

حملتني أذرع قوية كما لو كنت طفلة.

عبر الظلام ، سمعت خطى تقترب.

“ألبولد …؟”

“لا تعبث … معي” ، غمغمت بضعف. “أنا…”

صوت رقيق وحزين تردد صداه من السواد الذي أحاط بي.

حملتني أذرع قوية كما لو كنت طفلة.

أغلقت عيناي ، و ركزت على ارادة الوحش الكانة بنواة المانا والتي أصبحت الآن برتقالية داكنة . وصلت إلى نفسي ، و حثثت الإرادة ، وأشعلتها ، وتلقيت دفعة من الروائح والأصوات من حواسي المحسنة.

“ليوين …”

عندما لم يعجبني ما رأيته ، وجدت خيط متفرع وسحبته.

صوت رقيق وحزين تردد صداه من السواد الذي أحاط بي.

تدفق من الدفء اندفع من النواة ، و صفي ذهني وحرق غطاء اللامبالاة البارد.

“آسف إليانور.”

“ال- الأخ؟ الأخ!”

***

مسح فيريث بكمه على وجهه وأخذ نفس مرتعش. “حاولت أن أنقذهم … لكن تم القبض علي … لم أقترب حتى من ذلك . لقد تركتهم ضد رغبتهم لحضور أكاديمية شيروس … لأكون أكثر من مجرد الابن الرابع لعائلة نبيلة ، لكني خذلتهم ، هل تفهمين؟ والآن هم … فقط ماتوا … ”

رمشت عيناي ، أو على الأقل اعتقدت أنهما فعلتا. كان كل شيء رمادي وغامض. شعرت أن رأسي كان مليئ بأنسجة العنكبوت ، وكان فمي وحلقي جافين جداً لدرجة تجعلني أشعر بالألم . رمشت مرة أخرى ببطء و عدة مرات.

نفخ جسده للمقارنة ، مما جعلني أضحك.

“ماما؟”

نخر الدب الوصي مؤكداً وتوقف . جلست على ظهره وانحنيت إلى الأمام لأريح رأسي على ساعدي ، و تركت نفسي أطفو فوق ظهره العريض. “مهما حدث ، سنهتم دائماً ببعضنا البعض ، أليس كذلك يا بوو؟”

ضحكت على نبرة صوتي الذي كان ينعق مثل ضفدع عجوز سمين . تلاشى الضجيج على الفور عندما انقبضت أنفاسي في صدري ، وأدركت انه من الوضوح أن شيئاً سيئاً حقاً قد حدث.

كان ألبولد شاحب كأنه شبح بجانب فيريث ذو الوجه الأحمر. ركزت نظرته على الافق ، ولم ينظر إلى رفيقه أو إلي. “مات ملكنا وملكتنا. أميرتنا ، ماتوا . بيتنا وحضارتنا ماتوا. أصدقاؤنا وعائلتنا ومعلمونا وعشاقنا ومنافسونا … انتهي عالمنا كله. ” عندها فقط قابل عيني. “ونحن لا نفهم حتي سبب زواله.”

“ماما؟ بابا؟”

ركع ألبولد أمامي وأمسك بالأغلال التي ربطت يدي ببعضها . لقد رفع مرفقاي بزاوية حادة غيرت وضع كتفي ومرفقي بشكل غير مريح . حدقت بي عيناه – عديمة اللون في الكهف المظلم – كالسهام. “كفى يا إيلي. لقد اتخذنا خطوات للتأكد من أن وحشك لا يمكنه متابعتنا. أصفاد قمع المانا تلك يجب – ”

تحرك ظل عبر رؤيتي المشوشة وأصوات مشوشة تتنقل عبر دماغي الملئ بنسيج العنكبوت. لم أستطع فهمهم تماماً.

أطلقت ضحكة خشنة سرعان ما تحولت إلى سعال. “كل خيار ، كل مستقبل ، كل ذلك يؤدي إلى نتيجة واحدة. دائماً , دائماً.”

“ال- الأخ؟ الأخ!”

كان اللهب مشتعل في كوة علي الجدار البعيد ، وكانت رينيا جالسة أمامه في كرسيها المصنوع من الخيزران ، مغطاة ببطانية سميكة. كان الكهف حار للغاية وممتلئ برائحة مرارة ثقيلة.

كانت الأصوات تتحدث بالهراء ، واقترب أحد الظلال . رفعت يدي لابعاده وصُدمت بجلجة معدن وإحساس بالبرد على معصمي.

“نحن … ماذا؟” هززت رأسي ، محاولة تنظيف آخر خيوط العنكبوت. “أنت … لقد هاجمتني!” حدقت به بنظرة اتهام.

“أخ-”

“تري ماذا؟” سألت بعد وقفة مطولة. “ما الذي تريدين رؤيته؟”

كل شيء اندفع بسرعة إلي ، مما أجبرني على أطلاق لهاث مختنق . مات أبي وأخي. رينيا ، الغاز … بوو!

دفعت السيدة العجوز البطانية جانباً وتركتها تسقط على الأرض. كنت أقسم أنني كنت أسمع صرير عظامها عندما بدأت بالوقوف ، لكن عندما تحركت لمساعدتها ، لوح لي لابتعد . و بمجرد أن تحررت من الكرسي ، اتخذت بضع خطوات بطيئة ومتحركة نحوي ، حتى تمكنت من وضع يدها على ظهر بو.و بحذر شديد ، بدأت العرافة العجوز تنزل بجانبي.

“بوو!” صرخت بدون اي محاولة لاخفاء ذعري . علمت أنه ينبغي أن يكون معي. يجب أن ينتقل إلي ، ان يكون بجانبي. “ماذا فعلت لبوو؟” بدأت بالبكاء.

أطلقني بوو ، وأطلق هدير تحذيري . بالكاد تمكنت من إدارة رأسي بما يكفي للنظر إلى أسفل النفق ، حيث تمكنت من رؤية صورتين ظليتين تقتربان . كانت وجوههم مغطاة … أو ربما كانت عيناي مشوشتين.

ضغطت أيدي قوية على كتفي . كان هناك وجه أمام وجهي مباشرةً ، كان ضبابي في البداية ، ثم مألوف بشكل غامض ، ثم –

كان اللهب مشتعل في كوة علي الجدار البعيد ، وكانت رينيا جالسة أمامه في كرسيها المصنوع من الخيزران ، مغطاة ببطانية سميكة. كان الكهف حار للغاية وممتلئ برائحة مرارة ثقيلة.

“ألبولد …؟”

قلت: “اذاً أعطيني أمل حقيقي” ، مددت يدي ليدها مرة أخرى وضممتها برفق شديد.

قال بحزم “من فضلك اهدئي يا إيلي”. “بوو لم يصب بأذى ، رغم أنني لا أستطيع قول الشيء نفسه عنا . لقد تركناه في الأنفاق. كنت أفضل أن أفعل هذا بطريقة مختلفة ، لكن يجب أن نعرف ما تعرفيه”.

ترنح بو إلى الأمام وتعثر على الأرض بينما كان يأرجح مخالبه. أطلق نخير خافت ضعيف ظننت أنه خوف ، ثم أظلم كل شيء.

“نحن … ماذا؟” هززت رأسي ، محاولة تنظيف آخر خيوط العنكبوت. “أنت … لقد هاجمتني!” حدقت به بنظرة اتهام.

عبس ألبولد. “هذا ليس جيداً بما فيه الكفاية. نحن – جميع الجان – نستحق معرفة الحقيقة. إذا كان فيريون يعمل مع العدو – ”

انتقل شخص آخر إلى المشهد ليضع يده على كتف ألبولد . كان غطاء الرأس للجان الهزيل لا يزال مرفوع ، لكن القماش الذي كان يغطي وجهه تمت أزالته . “نحن بحاجة لمعرفة الحقيقة ، إليانور . لم نعتقد أنك ستخبرينا إلا إذا لم يكن لديك خيار آخر”.

ضغطت أيدي قوية على كتفي . كان هناك وجه أمام وجهي مباشرةً ، كان ضبابي في البداية ، ثم مألوف بشكل غامض ، ثم –

“فيريث أنت … أنت … أنت احمق!” تراجعت بلا تفكير للخلف و صرخت، “بوو! بوو، مساعدة!”

رفعت ركبتي حتى صدري ، و التففت حولهم . كانت عيناي تحترقان ، وتورم حلقي ، لكنني لم أترك المزيد من الدموع تسقط . صررت علي أسناني و تمالكت نفسي. لم تكن الدموع المكبوتة لأخي ، أو تيسيا ، أو حتى أنا … كانت للجميع ، لكل شيء. اعتدي حزن عميق علي ، بارد ومريح إلى حد ما ، مثل غطاء من الثلج . شعرت بالضغط ، الدافع لفعل شيء ما ، للرد وتغيير الأمور ، يتلاشو . كانت مشاكل العالم كبيرة جداً ، ولم يكن شيء آخر يمكنني فعله لإنقاذه.

ركع ألبولد أمامي وأمسك بالأغلال التي ربطت يدي ببعضها . لقد رفع مرفقاي بزاوية حادة غيرت وضع كتفي ومرفقي بشكل غير مريح . حدقت بي عيناه – عديمة اللون في الكهف المظلم – كالسهام. “كفى يا إيلي. لقد اتخذنا خطوات للتأكد من أن وحشك لا يمكنه متابعتنا. أصفاد قمع المانا تلك يجب – ”

استدارت ، و بدأ جسدها تحت البطانية يطلق جوقة من الفرقعة والصرير . “لا تتدخلي ، يا طفلة . إنها … حالة حساسة. كانت غرائزك في هذا الأمر صحيحة : فقط احتفظي بها لنفسك . مهما كان ما نفكر فيه بشأن ما حدث ، فإن القتال ضد فيريون الآن سيؤدي فقط إلى كارثة. كلانا يعرف أنك لستِ بحاجة إلى القدوم لرؤيتي لتأكيد ذلك”.

بوب!

لقد تألمت نواتي عندما مددت المانا ، وعانيت من أجل جمع قوة كافية لإلقاء التعويذة. ’جسد عجوز ملعون’ ، لعنت نفسي . لكنني اعرف الحقيقة ، أن جسدي المادي قد تماسك لفترة أطول بكثير مما كان ينبغي ان يتماسك فيها.

زئير بدا وكأنه صوت تقطع الارض وانفصالها عن بعضها صدا بجانبي ، واندفع ألبولد للخلف عبر الكهف ، وهو يضرب الحجر الخشن بقوة . توقف جدار مشعر أمامي ، تنفس بصعوبة ، و زمجر من بغضب و خوف.

“تماماً مثل آرثر وسيلفي ، معاً حتى النهاية.”

ظهر حاجز كثيف من الماء مع إزاحة و انفصال الكهف ، وفصل بيني وبوو عن ألبولد وفيريث ، على الرغم من أنني لم أتمكن إلا من رؤية الحواف حول جسد بوو الضخم.

“ليوين …”

فقد تردد صوت فيريث مكتوم وهو يصرخ ، “إليانور ، من فضلك اسمعي! لن نؤذيك ، نحتاج فقط للتحدث”.

ربت على جانب بوو بينما كنا نتحرك بصمت عبر الأنفاق المتعرجة. “هل تمانع اذا ركبت ، أيها الفتي الضخم؟”

“لديك طريقة مضحكة في الحديث ،” رددت. استدار بو لينظر إلي للتأكد من أنني بخير. رفعت السلاسل. و بشخير غاضب ، قام بالعض عليهم ، وسحق السلاسل المعدنية المسحورة كما لو كانت عظام قديمة. اختفى السحر القمعي ، وشعرت أن نواتي تنبض بالحياة مرة أخرى.

أطلقني بوو ، وأطلق هدير تحذيري . بالكاد تمكنت من إدارة رأسي بما يكفي للنظر إلى أسفل النفق ، حيث تمكنت من رؤية صورتين ظليتين تقتربان . كانت وجوههم مغطاة … أو ربما كانت عيناي مشوشتين.

قال فيريث بشكل يائس: “نحن … كنا بحاجة إلى التأكد”. “مع كل ما هو على المحك ، لا يمكننا جعلك تتجاهلينا أو تخبرينا أنك لا تستطيعين الحديث.”

قالت: “في المستقبل الذي تصفيه ، تم إنقاذ قافلة العبيد ، لكن كورتيس جلايدر اختار عدم الذهاب إلى إيدلهولم وإنقاذ بقية الجان المحتجزين هناك. إحدى هؤلاء الشابات ، بينما كانت تتوسل سيدها الجديد ألا يدنسها ، قدمت جزء من المعرفة ، الشيء الوحيد الذي لديها وله قيمة : اسم الرجل الذي ساعد الآخرين على الهروب من ألاكريا.

وقفت أهز ذراعي و قدماي ، اللتين كانتا لا تزالان خدرتين . عندما تأكدت من أنني لن أسقط ، التفت حول بوو وسرت إلى جدار الماء ، و حدقت في الجان على الجانب الآخر. تحرك بو كالظل بجانبي ، وأسنانه مكشوفة.

حملتني أذرع قوية كما لو كنت طفلة.

كان ألبولد ينظف نفسه ، ولاحظت أن سرواله ممزق وأن ساقه ملطخة بالدماء بضمادة. كلا الجان كانا يتطلعان إلى عقدي بحذر . بينما ربت على كتف بوو.

كان اللهب مشتعل في كوة علي الجدار البعيد ، وكانت رينيا جالسة أمامه في كرسيها المصنوع من الخيزران ، مغطاة ببطانية سميكة. كان الكهف حار للغاية وممتلئ برائحة مرارة ثقيلة.

“لا أصدق أنني كنت أحاول العثور عليك منذ أسابيع” ، تذمرت ، وقابلت عين ألبولد. تجهم ، لكنه لم ينظر بعيداً. “ماذا تريد ايها الوغد؟ لديك فرصة واحدة. ولا تعتقد أن بو لن يأكلك إذا هاجمتني مرة أخرى “.

“لديك طريقة مضحكة في الحديث ،” رددت. استدار بو لينظر إلي للتأكد من أنني بخير. رفعت السلاسل. و بشخير غاضب ، قام بالعض عليهم ، وسحق السلاسل المعدنية المسحورة كما لو كانت عظام قديمة. اختفى السحر القمعي ، وشعرت أن نواتي تنبض بالحياة مرة أخرى.

زمجر بوو مهدداً.

أطلق فيريث تعويذته وسقط جدار الماء بعيداً ، واستنزف في الأرض تاركاً وراءه الصخور الجافة. كانت يداه مرفوعتان في بادرة سلام وهو يتقدم للأمام. “نحن نعلم أن فيريون يكذب ، إليانور . قصته لا معنى لها . ونعلم أنك تحدثتي إلى ازوراس و ويندسوم وأنك زرتي العرافة العجوز”. سقطت يديه على جانبيه وتمسكت بحواف عباءته بيأس.

أطلق فيريث تعويذته وسقط جدار الماء بعيداً ، واستنزف في الأرض تاركاً وراءه الصخور الجافة. كانت يداه مرفوعتان في بادرة سلام وهو يتقدم للأمام. “نحن نعلم أن فيريون يكذب ، إليانور . قصته لا معنى لها . ونعلم أنك تحدثتي إلى ازوراس و ويندسوم وأنك زرتي العرافة العجوز”. سقطت يديه على جانبيه وتمسكت بحواف عباءته بيأس.

لقد كانت أختي هي التي علمتني الجرعة التي يمكن أن تقوي أجسادنا ، حتى مع تلاشي قوة حياتنا. لقد فات الأوان للقيام بعمل جيد لنفسها – ولكن بعد ذلك ، حتى في خضم جهودها الحماسية لإنقاذ حياة فيريون ، لم تقم أبداً بالضغط على نفسها كما فعلت الآن.

طحن ألبولد أسنانه بصوت مسموع. “ليس لدي أي فكرة عن سبب مشاركة فتاة تبلغ من العمر اثني عشر عاماً في كل هذا ، لكننا بحاجة إلى معرفة ما تعرفيه.”

“يبدو أنني أتذكر إخبارك أنني لم أكن في حالة مزاجية جيدة لاستقبال زائرين” ، قالت رينيا ، وظهرها لي . “ومع ذلك ، فإن لعنة العراف هي أنني لا أستطيع حتى أن أتفاجئ لأنك لم تستمعي.”

“أربعة عشر!” قلت بسخط ، و عقدت ذراعي فوق صدري. “وأياً كان ما أخبرك به فيريون ، فهو لمصلحتك.” تذكرت كلمات رينيا. “قتاله لن يؤدي إلا إلى كارثة.”

“نحن … ماذا؟” هززت رأسي ، محاولة تنظيف آخر خيوط العنكبوت. “أنت … لقد هاجمتني!” حدقت به بنظرة اتهام.

عبس ألبولد. “هذا ليس جيداً بما فيه الكفاية. نحن – جميع الجان – نستحق معرفة الحقيقة. إذا كان فيريون يعمل مع العدو – ”

تحرك ظل عبر رؤيتي المشوشة وأصوات مشوشة تتنقل عبر دماغي الملئ بنسيج العنكبوت. لم أستطع فهمهم تماماً.

اطلقت صوت استهزاء وتصرفت كفتاة صغيرة كما كانو يعتقدون و رسمت نظرات صادمة من كلا الجان. “الحقيقة سيئة! معرفتها لن تساعد ، صدقني”.

“ماما؟”

كان لألبولد نظرة قاسية ويائسة ، لكن بدا أن فيريث ينكمش علي نفسه . “أنتِ لستِ جان ، إليانور. لا يمكنك معرفة كيف يبدو الامر”.

ضحكت على نبرة صوتي الذي كان ينعق مثل ضفدع عجوز سمين . تلاشى الضجيج على الفور عندما انقبضت أنفاسي في صدري ، وأدركت انه من الوضوح أن شيئاً سيئاً حقاً قد حدث.

فتحت فمي لأغلقه ثانيتاً , انا أعرف ما يعنيه فقدان الناس ، لكن الكلمات ماتت في حلقي.

كان لألبولد نظرة قاسية ويائسة ، لكن بدا أن فيريث ينكمش علي نفسه . “أنتِ لستِ جان ، إليانور. لا يمكنك معرفة كيف يبدو الامر”.

ماذا قالت رينيا مرة أخرى؟ سألت نفسي ، محاولة ألا أتردد أثناء تحطيم عقلي المتوتر من أجل تذكر تفاصيل محادثتنا . لا تتورطي . إنه وضع حساس …

إليانور ليوين

“أنا أعلم أنك فقدتي الناس أيضاً ، إليانور …”قال فيريث، مع أخذ نصف خطوة إلى الأمام، ولكنه تجمد عندما اطلق بوو هدير منخفض . “لم أكن أعرف والدك، حقاً ، ولكن … كان آرثر ليوين أكبر منافس لي ، وصديق حميم . خسارته أثرت علينا جميعاً”. صوت فيريث كان يهتز. “لكنني فقدت الجميع، هل تفهمين؟ هم-”

عبر الظلام ، سمعت خطى تقترب.

انكسر الجان ، وجهه التوي بكآبة بينما غمرت الدموع خديه وسقطا كتفيه . ضغط يده على عينيه ، و انكمش حول نفسه أكثر . قال من خلال تنهداته ، “عائلتي بأكملها … لقد … ماتوا جميعاً.” سقط على الأرض ، وركع ألبولد بجانبه بشكل محرج ، وتعبيره غير مقروء.

عندما وصلنا إلى فوهة الصدع الضيق الذي كان بمثابة مدخل لمنزل رينيا ، خدشت بو تحت ذقنه وخلف أذنه. “انتظر هنا ، أيها الفتي الضخم . سأعود حالاً.”

مسح فيريث بكمه على وجهه وأخذ نفس مرتعش. “حاولت أن أنقذهم … لكن تم القبض علي … لم أقترب حتى من ذلك . لقد تركتهم ضد رغبتهم لحضور أكاديمية شيروس … لأكون أكثر من مجرد الابن الرابع لعائلة نبيلة ، لكني خذلتهم ، هل تفهمين؟ والآن هم … فقط ماتوا … ”

قال بحزم “من فضلك اهدئي يا إيلي”. “بوو لم يصب بأذى ، رغم أنني لا أستطيع قول الشيء نفسه عنا . لقد تركناه في الأنفاق. كنت أفضل أن أفعل هذا بطريقة مختلفة ، لكن يجب أن نعرف ما تعرفيه”.

كان ألبولد شاحب كأنه شبح بجانب فيريث ذو الوجه الأحمر. ركزت نظرته على الافق ، ولم ينظر إلى رفيقه أو إلي. “مات ملكنا وملكتنا. أميرتنا ، ماتوا . بيتنا وحضارتنا ماتوا. أصدقاؤنا وعائلتنا ومعلمونا وعشاقنا ومنافسونا … انتهي عالمنا كله. ” عندها فقط قابل عيني. “ونحن لا نفهم حتي سبب زواله.”

“أنا آسف لإزعاجك ، جدة رينيا ، لكنني كنت بحاجة إلى …” ترددت ، مع الأخذ في الاعتبار وضعها الحالي ، “هل أنتِ بخير؟” بقدر ما أردت التحدث معها عن إيلينوار ، لم أستطع كبت الشعور بأن هناك شيئاً ما خاطئ.

لم أستطع النظر بعيداً عن عينيه الثاقبتين . ما الذي يمكنني قوله لتخفيف هذه الخسارة الكاملة والمريرة؟ إذا كانوا يعرفون ما حدث بالفعل في إيلينوار ، فهل سيجعلهم ذلك يشعرون بتحسن فعلاً ، أو أنهم يشعرون بالعجز – واليأس – مثلي؟ إلى جانب ذلك ، فكرت بنفسي ، أخبرتني رينيا أن أبقى خارج الموضوع.

ربت على جانب بوو بينما كنا نتحرك بصمت عبر الأنفاق المتعرجة. “هل تمانع اذا ركبت ، أيها الفتي الضخم؟”

لكنها لم تخبرني ألا أخبر أي شخص آخر. لم أكن أعتقد أن الحقيقة ستجعل الجان يتوقفوا عندها ، لكن ألا يستحقوا معرفتها على أي حال؟

“أنت … سا”

اتكأت على بوو ، و مررت أصابعي من خلال فروه وأستمعت إلى قلبه يدق في أذني مع صوت صريري علي أسناني . “حسناً. سأخبرك.”

ظهر حاجز كثيف من الماء مع إزاحة و انفصال الكهف ، وفصل بيني وبوو عن ألبولد وفيريث ، على الرغم من أنني لم أتمكن إلا من رؤية الحواف حول جسد بوو الضخم.

قلت بهدوء: “أعطني الأمل”. ”ارجوكي رينيا. مع كل ما رأيته ، لابد أنك رأيتي بعض الوميض… ”

الفصول من دعم orinchi

نخير آخر.

انتقل شخص آخر إلى المشهد ليضع يده على كتف ألبولد . كان غطاء الرأس للجان الهزيل لا يزال مرفوع ، لكن القماش الذي كان يغطي وجهه تمت أزالته . “نحن بحاجة لمعرفة الحقيقة ، إليانور . لم نعتقد أنك ستخبرينا إلا إذا لم يكن لديك خيار آخر”.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط