بداية الدروس
– إليانور ليوين :
سخرت ليرا لكنها توقفت بعد نظرة تحذير من أخي.
“سيكون الأمر أسهل بكثير إذا طِرنا” قالت ميكا بتذمر بينما تمسح كرة من الطين الأسود المخضر عن وجهها وهو كل ما تبقى من أخر وحش هاجمنا.
“أكثر عقول ألاكريا موهبة حاولوا إكتشاف ذلك لمئات السنين” أجابت ليرا دون الإلتفات “كان السحرة القدامى جنسا مسالم أو هكذا إعتقدنا… خلقهم لمثل هذه الأشياء البغيضة… حسنًا يبدو أنه يتعارض مع فهمنا لطبيعتهم”.
“لا يمكنك تجاوز قسوة المقابر الأثرية ببساطة” أشارت ليرا التي تبدو تمامًا مثل المُدرس “الهدف هو الصعود من خلالها والتغلب على تحدياتها وليس الإلتفاف عليها وإلا فلن نكسب شيئًا، إلى جانب ذلك الطيران مرهق للغاية وستحتاجين إلى تعلم كيفية الحفاظ على قوتك”.
لم أقلق كثيرًا بشأن الشكل المادي بل شكّلت المانا على شكل قرص خشن مسطح وكثيف جدًا وحينما شعرت بالرضا رميت القرص خلفنا، هبط على التراب الصلب بصوت هادئ وداخل رأسي فصلت تركيزي عن المانا لكنني تركت الخيط مع شعاري كما هو.
“أوه! أنا آسفة…” سخرت ميكا “لم أدرك أن هذه رحلة إلى مدرسة غريبة الأطوار”.
“نحن في هذا معًا” قلت وأحرجت على الفور من التفاؤل الطفولي الذي ظهر في صوتي.
سقط شيء في الوحل على يميننا ما تسبب في إرتعاش رأسي بعصبية ناحية ذلك الإتجاه، الضوء في المنطقة منتشر وضبابي جاعلا الرؤية غريبة وقد أخفت الظلمة الخضراء الجدران والسقف البعيدين مما يعطي إنطباعًا غير مريح بأن المكان يمتد للأبد، إبتُلع الصوت أيضًا ما صعب عليّ معرفة ما إذا كان يأتي من جوارنا مباشرة أو من منتصف الطريق عبر المنطقة.
–+–
إن الرائحة هي الأسوأ…. مثل غليان البيض الفاسد في طبقات فوق روث متعفن وحيوانات متحللة…
سقط شيء في الوحل على يميننا ما تسبب في إرتعاش رأسي بعصبية ناحية ذلك الإتجاه، الضوء في المنطقة منتشر وضبابي جاعلا الرؤية غريبة وقد أخفت الظلمة الخضراء الجدران والسقف البعيدين مما يعطي إنطباعًا غير مريح بأن المكان يمتد للأبد، إبتُلع الصوت أيضًا ما صعب عليّ معرفة ما إذا كان يأتي من جوارنا مباشرة أو من منتصف الطريق عبر المنطقة.
“قد تكون هذه هي المرة الأولى التي لا أقدر فيها حواسك المحسنة أيها الرجل الكبير” تمتمت بينما أربت على ظهر بوو الذي زمجر كعلامة على الموافقة.
“لقد وصلنا” قلت عندما إرتفع جدار المنطقة أمامنا والكسر الوحيد في الحجر الداكن هو قوس واحد منحوت.
علاقتي مع بوو جعلتنا أفضل كشافة ومراقب لذلك جلست فوق رأسه أشاهد إنفجار الينابيع أو علقات الرعب – وهو إسم إخترعته بنفسي – تهاجم من تحت البرك الحمضية أثناء مسح الأفق عن أي إشارة للمخرج.
وضعت يدًا على كتف ميكا وركزت على شكل تعويذتي لدفع المانا فيها، هرعت تلك المانا مني متبعة مسار عروق المانا في قلبها.
“لن أحتاج إلى الحفاظ على المانا إذا كان آرثر سيظهر لنا الطريق عبر هذا المكان” تابعت ميكا بِصر مفاصل أصابعها بصوت مسموع حول ثقب المطرقة.
إلتزمت الصمت لفترة ولم أتوقع إجابة لسؤالي الخطابي.
“فكري في الأمر على أنه الإختبار الأول لك” أجاب آرثر بدون مزاح.
ظهر جدار ترابي من الأرض منحني فوقنا مثل نصف قوس وسمعت رذاذ الماء على الجانب الآخر.
عندما رأيت بصيصًا خافتًا من خلال الظلمة أشرت للآخرين “أعتقد أن هذا الشيء اللامع هناك قد يكون بوابة”.
شعرت أن ميكا تقترب قبل أن أراها وظهرت خارج السحابة محلقة بضجر لأن جلدها مغطى ببثور من كل الأحماض التي تم رشها عليها، تمزقت أجزاء من درعها ونزف الدم من عدة جروح لكن بدلاً من الهبوط على الأرض إستقرت على بوو ورائي وظهرها على ظهري لذا قابلت آرثر وريجيس.
طافت ميكا عن الأرض ونظرت في ذلك الإتجاه “ميكا لا… لا أرى أي شيء”.
إنحراف المانا تسبب في إنفجار الطاقة ما أدى إلى رش الحمض في الهواء مثل نبع ماء صغير، درت حولي وشعرت بالذنب نحو آرثر لكنه تجاهل الضوضاء بعد نظرة روتينية على ما يبدو معتقدا أنها واحدة من الينابيع الطبيعية التي تنفجر بإستمرار.
“هذا يعني أننا إتخذنا القرار الصحيح بجعل عيون النسر هنا كشافتنا” ضحك ريجيس في تسلية.
كواحد حرك الأربعة رؤوسهم ورشوا تيارات من السوائل الخضراء الحمضية اللزجة من كل أفواههم، الخطوط السوداء المسننة حركت الهواء بضوضاء مثل خدش المسامير على الزجاج مما يحمينا من الهجوم، أينما يلامس الحمض الخطوط السوداء يصدر صوت أزيز ويبدو أنه تم تفتيته إلى مكوناته الأساسية حيث تصاعد البخار وتساقط الماء الصافي مع عدم إستقرار المانا.
“أوه! ليرا!” صرخت عندما رأيت كرة قرمزية من الوحل تتحرك في طريقها إلى الجزء الخلفي من حذائها.
إلتفت ليرا وأرسلت وهجًا لاذعًا لأرثر وصوتها بالكاد مسموع مع إستمرار الصراخ “لن يساعد الدرس أيًا منا إذا متنا جميعًا هذا الوحش يضاهي قوتك وليس قوتنا!”.
إنحنى رأسها وسرعان ما إتبعت خط نظراتي العريضة إلى اليرقة الدموية، حركت يدها حتى قطعت الريح الشيء عنها ثم بضربة حادة سحقته، رشت دائرة من الدم حول قدمها مثل هالة دموية.
“لقد وصلنا” قلت عندما إرتفع جدار المنطقة أمامنا والكسر الوحيد في الحجر الداكن هو قوس واحد منحوت.
“جميعكم يتشتت إنتباهكم” قال أرثر بأذرع متقاطعة وجبين مرفوع “ركزوا”.
أمسكت اليرقة الحمراء في إحدى يديها وشدت على أسنانها قبل عصرها حتى خرج سائلها القرمزي بين أصابعها.
أومأت ليرا بعمق مع إنحناءة ضئيلة تقريبًا “بالطبع الوصي ليوين أنت على حق أثناء الصعود يجب دائمًا منح عضو واحد في الفريق سلطة القيادة – حتى بين المجموعات المشكلة حديثًا – لذا أود أن أقترح…”.
عندما فكرت في هذا لاحظت أن التوهج الذهبي المنبثق من أسفل ظهر أرثر أكثر إشراقًا.
إستهزأت ميكا – للمرة 100 – وإلتفتت نحو ليرا لكن قبل أن تتمكن من التحدث إمتدت مجسات ضخمة من بركة الحمض التي تحوم فوقها.
“أوه! أنا آسفة…” سخرت ميكا “لم أدرك أن هذه رحلة إلى مدرسة غريبة الأطوار”.
شهقتُ وتحسست القوس بينما تلتف المجسات حول ساقها.
“كيف الحال؟” سأل ريجيس محدقا بشدة في البركة وربما يتوقع قفز بعض المجسات الوحشية الأخرى إلينا.
“صخرة وجذر* إبتعد عني!” شتمت وأرجحت مطرقتها المستحضرة على المجس اللزج.
“يا لها من مجموعة…” بقي ريجيس يتذمر بينما زحف إلى أعلى المنحدر.
(ربما شتيمة عند الأقزام)
“هذا جزء من المشكلة ليس لديك أي فكرة عما يمكن أن يفعله هذا المكان وأريدك أن تفهمي سبب وجودك هنا، تسافر إيلي معي حتى تتمكن من التدرب على قدرتها الجديدة ويجب أن تظل ليرا قريبة مني لأنني لا أستطيع ترك شخص قوي مثلها محبوس هناك”.
بدلاً من الإنفجار بدا أن المجس يمتص الصدمات فأثناء تمدده ذاب نوعًا ما وتفكك في خيوط لزجة تتحدى بوضوح قوانين الطبيعة الطبيعية، تصلب مرة أخرى في حلقة حول المطرقة محاصرا إياها بينما لا تزال ممسكة من قبل ميكا، تصاعد الدخان من كل مكان تلمسه تلك المجسات الحمضية حينها سحبت خيط قوسي والمانا التي تشكلت في شعاع أبيض من الضوء تلتف حوله، مع طنين الإطلاق رسم السهم خطاً لامعاً عبر الهواء العكر وضرب المجسات بصوت ناعم.
مدت يدي وتخيلت كرة… عندما تدفقت المانا من نواتي إلى راحة يدي ظهرت كرة مكونة من مانا بيضاء متوهجة، رميت الكرة جانبًا حيث تناثرت في أحد البرك وظلت تتمايل لأعلى ولأسفل إلا أن تم سحبها جانبًا من قبل مجس عبر سطح الحمض.
قاومت ميكا ضد المجسات محاولة الطيران لأعلى وكسر قبضتهم لكنهم قاوموا بطريقة ما قوة الرمح، إندفعت رماح حجرية من تحت سطح الماء – كل واحدة تشير في إتجاه مختلف قليلاً – وإخترق العديد منها المجسات تمامًا لكنهم لا يزالون متمسكين بها، بدأ الهواء يهتز والضجيج الذي أحدثه منخفض لدرجة أنني أشك في أن أي شخص غيري قد سمعه، للحظة تساءلت عن نوع الوحش الجديد الذي سيهاجمنا لكن بعد ذلك شعرت أن المانا تتدفق من ليرا إلى داخل المجسات، حبست أنفاسي لثانية بينما أنتظر حدوث شيء ما إلا أن إنفجرت المجسات في وابل من سائل حبري مخاطي لزج.
“فكري في الأمر على أنه الإختبار الأول لك” أجاب آرثر بدون مزاح.
تحرك بوو تحتي متهربًا من الأشياء المتناثرة.
في مكان ما في الأمام صرخت ليرا وضربت ميكا علقة رعب بمطرقتها الضخمة.
“مقزز” قالت ميكا مرتجفة مثل كلب مبلل محاولة التخلص من السائل اللزج وأجزاء من المجسات.
فتح فكي… هذا منطقي… حتى أخي الذي لا يقهر… قاتل الألهة… يفعل ما في وسعه للتدريب كي يصبح أقوى… عليّ أيضًا أن أفعل ذلك…
“أرأيتِ أيتها الرمح؟” قالت ليرا بإبتسامة ساخرة مكبوتة “الأمر كله يتعلق بالمعرفة وقدرتك على التصرف بناءً على المعرفة المذكورة دون الذعر لذا تمكنت من إنقاذك لأنني…”.
إنحراف المانا تسبب في إنفجار الطاقة ما أدى إلى رش الحمض في الهواء مثل نبع ماء صغير، درت حولي وشعرت بالذنب نحو آرثر لكنه تجاهل الضوضاء بعد نظرة روتينية على ما يبدو معتقدا أنها واحدة من الينابيع الطبيعية التي تنفجر بإستمرار.
“لم أشعر بالذعر!” صرخت ميكا عمليا وأكملت بسرعة “ولم تنقذيني…”.
فجأة إهتزت الأرض التي إنفجرت فيها كرة المانا وتموجت كما لو أن أسماك قرش رملية قد إجتاحتها، إختفت حفنة من علقات الرعب التي ما زالت تحوم حول البقعة على الأرض حيث تحطمت أجسادهم بشيء لم أتمكن من رؤيته، سارعت ليرا إلى جانب ميكا بيني وبين الضوضاء المتنافرة وتبعهم ريجيس لكنه توقف وأطلق على آرثر نظرة إستجوب ثم هز أطرافه بلا حول ولا قوة.
تمايلت بشدة لدرجة أنني كدت أن أسقط من على ظهر بو حيث ملأ وميض من الضوء البنفسجي المنطقة فجأة مصحوبًا بإشتعال اللهب، نظرت بعيدًا لكن ليس بالسرعة الكافية حيث وجدت نفسي أغمض عيني بسرعة عندما بدأت الدموع في التساقط، تذمر بوو متراجعًا بعيدًا عن الضوء وقد إصطدم بريجيس الذي يسير خلفنا، تم دفع ذئب الظل الضخم جانبًا وإنزلق على طرف الحافة المرتفعة من الأوساخ التي كنا نتبعها حتى لمست أطرافه الحمض المحترق الذي ملأ البركة، نظرت للوراء في الوقت المناسب لأرى العشرات من أجزاء المجسات المتفجرة تتحلل مرة أخرى في البرك الحمضية وقد تطايرت بعيدًا عن ليرا بفعل إنفجار آرثر الأثيري.
“لا شيء إنه فقط…” عقليًا وصلت إلى السهم.
“أنا آسفة!” قلت على الفور الكلمات الموجهة في مكان ما بين شتائم ريجيس وغضب أرثر “كان يجب أن أرى أن تلك الأجزاء لا تزال تتحرك وعلى قيد الحياة”.
بينما آرثر يتحدث شاهدت يرقة دماء أخرى تبدأ بالزحف إلى الجزء الخلفي من ساق ميكا.
“يا لها من مجموعة…” بقي ريجيس يتذمر بينما زحف إلى أعلى المنحدر.
إنفجرت الأوساخ والحمض إلى الخارج عندما إصطدمت الجثة بالأرض مما أدى إلى تحطم المسار الذي كنا نتبعه، سقط أطول الرؤوس عند قدمي آرثر حينها فقدت كل شيء حيث غمر جدار من الغبار والبخار الأصفر المنطقة مع ضوضاء كأن العالم يتفكك، أغمضت عيني على رذاذ لاذع من الأحماض والغبار وشعرت بهم على طول جلدي المكشوف أينما لمسني على الرغم من درع المانا الذي يغطي بشرتي، أطلق بوو تأوهًا قلقًا وربتُ على رقبته بشكل مريح إلا أن هبت عاصفة من الرياح ودفعت الضباب بعيدًا، سار آرثر وريجيس نحوي ودودة الهايدرا الساقطة خلفهما بينما رائحتها النتنة لا يمكن تصورها.
أطلق آرثر وهجًا نحوه ما جعله يغلق فكيه.
طافت ميكا عن الأرض ونظرت في ذلك الإتجاه “ميكا لا… لا أرى أي شيء”.
تذمر بوو بهدوء وهز ريجيس رأسه ردًا على ذلك “أعلم”.
تذمر بوو بهدوء وهز ريجيس رأسه ردًا على ذلك “أعلم”.
هبطت ميكا على الأرض مع ليرا وهما تنظران إلى آرثر بخجل.
لمضاعفة هذا زادت دودة الهايدرا العملاقة من أربعة رؤوس إلى سبعة، إنتقلت ميكا بينهم متفادية الأحماض وأفواههم وضربت الجسم الدودي الشاهق إلا أنها لم تسبب أي ضرر، أطلقت سهماً بعد سهم كل واحد ينفجر داخل جسم علقات الرعب ويوقفهم في مساراتهم، على الجانب الآخر من الطريق بدأ آرثر في إطلاق العنان لإنفجارات الأثير لصد سرب الوحوش من ذلك الإتجاه.
“لسبب ما إيلي هي التي تعتذر على الرغم من أنها تقوم بالفعل بالمهمة الموكلة إليها” قال أرثر بوضوح ممررا أصابعه من خلال شعره “ليرا لقد كنت في المقابر الأثرية من قبل ولكن ليس معي أبدًا، وميكا أنت معتادة على غابات الوحوش حيث لا يوجد الكثير مما لا يمكنك التعامل معه، هذا المكان مختلف لأن قوة الوحوش تتطور مع الأشخاص بالداخل وهذا المكان كله قد تكيف مع وجودي، لا يمكنك الإعتماد فقط على القوة الغاشمة بعد كل لقاء عليك أن تكوني إستراتيجية وتحاربي بذكاء فقد صُممت المقابر الأثرية لإختبارك أو قتلك”.
“إصنعي شيئًا” إقترح وهو يراقبني بعناية.
رفعت ميكا ذقنها وقابلت عيني أخي بلا تردد “لست خائفة من أي شيء يمكن أن يرميه هذا المكان في وجهي”.
“ميكا تعتقد أن هذا المكان سيئ نوعًا ما” قالت تحت أتفاسها.
سخرت ليرا لكنها توقفت بعد نظرة تحذير من أخي.
“إعملوا معًا” أمر أرثر “إيلي إبقَي في الخلف ريجيس سيكون بجانبك”.
“هذا جزء من المشكلة ليس لديك أي فكرة عما يمكن أن يفعله هذا المكان وأريدك أن تفهمي سبب وجودك هنا، تسافر إيلي معي حتى تتمكن من التدرب على قدرتها الجديدة ويجب أن تظل ليرا قريبة مني لأنني لا أستطيع ترك شخص قوي مثلها محبوس هناك”.
فتح فكي… هذا منطقي… حتى أخي الذي لا يقهر… قاتل الألهة… يفعل ما في وسعه للتدريب كي يصبح أقوى… عليّ أيضًا أن أفعل ذلك…
“شكرًا على هذه الثقة” قالت تحت أنفاسها.
بدلاً من الإنفجار بدا أن المجس يمتص الصدمات فأثناء تمدده ذاب نوعًا ما وتفكك في خيوط لزجة تتحدى بوضوح قوانين الطبيعة الطبيعية، تصلب مرة أخرى في حلقة حول المطرقة محاصرا إياها بينما لا تزال ممسكة من قبل ميكا، تصاعد الدخان من كل مكان تلمسه تلك المجسات الحمضية حينها سحبت خيط قوسي والمانا التي تشكلت في شعاع أبيض من الضوء تلتف حوله، مع طنين الإطلاق رسم السهم خطاً لامعاً عبر الهواء العكر وضرب المجسات بصوت ناعم.
“أريدك أن تراقبيهما على حد سواء”.
أشرت لكن أفكاري بقيت مع السهم فلطالما كنت موهوبة في تشكيل المانا النقية الخالية من العناصر في أشكال خارج جسدي، على الرغم من أنني لم أفعل ذلك كثيرًا إلا أن التدرب على صنع الأشكال مع آرثر ساعدني حقًا في توسيع نطاق وقوة الأسهم الخاصة بي، علمتني هيلين كيفية إطلاق سهم المانا الذي يشكل درعًا واقياً حول الهدف بدلاً من إلحاق الضرر به لكن كل القدرات التي تعلمتها تتطلب مني التركيز ومواصلة توجيه المانا وإلا سينتهي التأثير.
إرتفعت حواجب ميكا عالياً لدرجة أنها إختفت في منبت شعرها وبقي فمها مفتوحًا، بدا وكأنه أمر نادر بالنسبة للقزم الرمح أن تفتقر إلى أي كلمات لكنني كنت متوترة للغاية لرؤية فكاهتها في تلك اللحظة.
“شكرا” ردت ميكا دون النظر.
بينما آرثر يتحدث شاهدت يرقة دماء أخرى تبدأ بالزحف إلى الجزء الخلفي من ساق ميكا.
إنفجر كلا السهمين في موجة صدمة من المانا.
“ميكا؟ لديك…”.
شهقتُ وتحسست القوس بينما تلتف المجسات حول ساقها.
أمسكت اليرقة الحمراء في إحدى يديها وشدت على أسنانها قبل عصرها حتى خرج سائلها القرمزي بين أصابعها.
صرخة لفتت إنتباهي مرة أخرى إلى دودة الهايدرا حيث أمسك أحد الرؤوس بميكا وقد عضت عدة أفواه على ساقيها وجذعها، عندما سحبت مطرقتها للخلف لتضربهم لف رأس أخر حول المطرقة ممسكا بها بسرعة، رفعت ليرا يدها في الهواء أحد الرؤوس تحرك لإعتراض التعويذة ورغم أن الخط الأسود قطع الشكل الذي يشبه المجس من الجسم لكنه أنبت إثنان آخران في مكانه.
“فهمت” قالت وهي تقذف الأوساخ في أقرب بركة حمض مع صوت تناثر كثيف.
تحركوا معًا في الإتجاه الذي أشرت إليه، أضاء آرثر على الفور بلمعان بنفسجي خافت وشعره الأشقر يطفو فوق رأسه، شاهدته بفضول على الرغم من أنني رأيته عدة مرات الآن إلا أنه لا يزال غريبًا نوعًا ما فقد بدا آرثر مختلفًا بالفعل عما كان عليه قبل إختفائه وأبرزت الأحرف الرونية طبيعته الغريبة فقط، مع نشاط نطاق القلب تحرك رأسه من جانب إلى آخر ومن الأعلى إلى الأسفل ماسحا محيطنا، عندما مررنا بالبرك شد إنتباهي شيء غريب فسهمي الذي أطلقته على المجسات في رجل ميكا يطفو على سطح الحمض.
“حسنًا دعونا نتحرك إذا” رد آرثر مشيرًا إلى ميكا وليرا لتولي زمام المبادرة.
في يدي إستحضرت كرة أخرى وأخذت تركيزي بعيدًا عن الأولى لكنني كنت حريصة على عدم تجاهل الصلة الفطرية التي حافظ عليها شعاري معها، على الرغم من أن تركيزي على الكرة في يدي إلا أنني ما زلت أشعر بالكرة الأخرى تطفو في الحمض.
تحركوا معًا في الإتجاه الذي أشرت إليه، أضاء آرثر على الفور بلمعان بنفسجي خافت وشعره الأشقر يطفو فوق رأسه، شاهدته بفضول على الرغم من أنني رأيته عدة مرات الآن إلا أنه لا يزال غريبًا نوعًا ما فقد بدا آرثر مختلفًا بالفعل عما كان عليه قبل إختفائه وأبرزت الأحرف الرونية طبيعته الغريبة فقط، مع نشاط نطاق القلب تحرك رأسه من جانب إلى آخر ومن الأعلى إلى الأسفل ماسحا محيطنا، عندما مررنا بالبرك شد إنتباهي شيء غريب فسهمي الذي أطلقته على المجسات في رجل ميكا يطفو على سطح الحمض.
“نعم بحق الجحيم إنه أنا” أطلق ذئب الظل ضحكة جنونية مرحة.
بوو الذي إستشعر أن إنتباهي يتشتت توقف وأطلق نخرًا.
“يجب أن نغادر هذه المنطقة بسرعة” قالت ليرا وظلت تحدق بحذر في البرك المحيطة “نحن بحاجة إلى الراحة لكن هذا ليس مكانًا لإقامة المعسكر”.
“كيف الحال؟” سأل ريجيس محدقا بشدة في البركة وربما يتوقع قفز بعض المجسات الوحشية الأخرى إلينا.
تعبت بالفعل وأنا على حافة الهاوية فقد توترت معدتي عند التفكير في كل هذا الموت لقد قُتل الكثير من الناس في هذه الحرب ولماذا؟، نظرت من فوق كتفي إلى آرثر متوقعة منه التدخل لمنع ميكا وليرا من الوقوع في نوبة أخرى من المشاحنات، ظل ينظر بعيدًا عنا وتركيزه على الخلفية القاتمة للمنطقة حيث أدركت أنه لم يكن يستمع حقًا إلى هذه المحادثة، إستطعت أن أرى في تحركه ومشيته المتيبسة التجهم الخفيف على ملامحه الحادة… أخي على بعد مليون ميل.
“لا شيء إنه فقط…” عقليًا وصلت إلى السهم.
علاقتي مع بوو جعلتنا أفضل كشافة ومراقب لذلك جلست فوق رأسه أشاهد إنفجار الينابيع أو علقات الرعب – وهو إسم إخترعته بنفسي – تهاجم من تحت البرك الحمضية أثناء مسح الأفق عن أي إشارة للمخرج.
يمكن أن أشعر به… أشعر أن المانا لا تزال مضغوطة في هذا الشكل… شعرت بالوخز وأدركت أن السهم لا يزال مربوطًا بي من خلال التعويذة لذا أطلقت هذا الحبل عمدًا وإنحل السهم ثم تشتت المانا.
“معظم الهبات لا ينتج عنها رون” أوضحت ليرا “عندما يُمنح الرون فإنه يطابق عمومًا قدرات حامله مجرد أداء الطقوس مرات أكثر لا ينتج عنه المزيد من الأحرف الرونية، يقال أنه في الأيام الأولى لألكريا حاول السيادات أن يفعلوا ما إقترحته مما أجبر رعاياهم على الخضوع لسنوات من الهبات القسرية مرارًا وتكرارًا، تم وشم أو حرق العلامات في أجسادهم في محاولة لإعادة تكوين قوى السحرة القدامى لكن هذا يختلف قليلاً عن حقن السحرة الديكاثيون الخاصون بكم للحبر في النواة الخاصة بك، لون نواة الساحر هو نتيجة ثانوية لعدد لا يحصى من العوامل مثل النسب والموهبة والبصيرة كما هو الحال بالنسبة لإستقبال شكل التعويذة لسحرة ألاكريا، هذا بالطبع يفسر سبب فشل هذه الجهود وموت عشرات الآلاف من الأشخاص حيث أدى ذلك جزئيًا على الأقل إلى قيام السيادة العليا بجمع سلالات الدم، لا تعمل الهبات على الأزوراس ولكن يمكن تحسين الكائنات الأدنى بدم الأزوراس مما يخلق سلالة جديدة من الكائنات قادرة على التعامل مع المزيد من الأحرف الرونية الأقوى”.
“هذا غريب” ظل بوو يتذمر ويخبرني أن الآخرين قد تقدموا إلى الأمام “هيا إلحقهم”.
إنحنى رأسها وسرعان ما إتبعت خط نظراتي العريضة إلى اليرقة الدموية، حركت يدها حتى قطعت الريح الشيء عنها ثم بضربة حادة سحقته، رشت دائرة من الدم حول قدمها مثل هالة دموية.
أشرت لكن أفكاري بقيت مع السهم فلطالما كنت موهوبة في تشكيل المانا النقية الخالية من العناصر في أشكال خارج جسدي، على الرغم من أنني لم أفعل ذلك كثيرًا إلا أن التدرب على صنع الأشكال مع آرثر ساعدني حقًا في توسيع نطاق وقوة الأسهم الخاصة بي، علمتني هيلين كيفية إطلاق سهم المانا الذي يشكل درعًا واقياً حول الهدف بدلاً من إلحاق الضرر به لكن كل القدرات التي تعلمتها تتطلب مني التركيز ومواصلة توجيه المانا وإلا سينتهي التأثير.
“شكرا” ردت ميكا دون النظر.
مدت يدي وتخيلت كرة… عندما تدفقت المانا من نواتي إلى راحة يدي ظهرت كرة مكونة من مانا بيضاء متوهجة، رميت الكرة جانبًا حيث تناثرت في أحد البرك وظلت تتمايل لأعلى ولأسفل إلا أن تم سحبها جانبًا من قبل مجس عبر سطح الحمض.
أطلق آرثر وهجًا نحوه ما جعله يغلق فكيه.
“لا تزعجي برك الحمض” قال آرثر من فوق كتفه وصوته يهتز بالطاقة التي يوجهها نطاق القلب.
“وماذا عنك أيتها الرمح؟” سألت ليرا “كم قتلت من الألاكريان؟”.
“أسفة” أجبت على الفور بينما أعض شفتي.
تحرك بوو تحتي متهربًا من الأشياء المتناثرة.
في يدي إستحضرت كرة أخرى وأخذت تركيزي بعيدًا عن الأولى لكنني كنت حريصة على عدم تجاهل الصلة الفطرية التي حافظ عليها شعاري معها، على الرغم من أن تركيزي على الكرة في يدي إلا أنني ما زلت أشعر بالكرة الأخرى تطفو في الحمض.
إرتجف الفم الذي يعض على ميكا وتخدر بينما إهتز الثاني بقوة كافية لدرجة أنه ترك سلاحها، لم تضيع الوقت ميكا بل إنطلقت مباشرة في الهواء فقط ليتبعها عدة تيارات من السائل الحمضي، أثناء طيرانها ألقت بمطرقتها مباشرة إلى الأسفل وعلى الرغم من إرتفاعها حوالي 100 قدم شعرت بإزدياد جاذبيتها، شاهدتها وهي تطير بسرعة حتى إختفت في الكتلة الملتوية للرؤوس الشبيهة بالمجسات.
في مكان ما في الأمام صرخت ليرا وضربت ميكا علقة رعب بمطرقتها الضخمة.
(ربما شتيمة عند الأقزام)
بتجاهل الكرة في يدي إلتفت حول بوو لرؤية الكرة الأخرى بشكل أفضل والتي على بعد حوالي 50 قدمًا خلفي، سحب المانا بالكاد ملحوظ لكن الشكل بدا غير متأثر بنقص تركيزي وبدافع الفضول حاولت التلاعب بالبنية الفيزيائية للكرة.
–+–
إنحراف المانا تسبب في إنفجار الطاقة ما أدى إلى رش الحمض في الهواء مثل نبع ماء صغير، درت حولي وشعرت بالذنب نحو آرثر لكنه تجاهل الضوضاء بعد نظرة روتينية على ما يبدو معتقدا أنها واحدة من الينابيع الطبيعية التي تنفجر بإستمرار.
بإبتسامة ساخرة وبلا روح دعابة أشار آرثر إلى البوابة “هناك طريقة واحدة فقط لنكتشف الأمر”.
“كان ذلك رائعًا” قال ريجيس وهو يتحرك للسير بجوار بوو حين إتسع المسار لفترة وجيزة “كنت تستخدمين تعويذتك أليس كذلك؟”.
سقط شيء في الوحل على يميننا ما تسبب في إرتعاش رأسي بعصبية ناحية ذلك الإتجاه، الضوء في المنطقة منتشر وضبابي جاعلا الرؤية غريبة وقد أخفت الظلمة الخضراء الجدران والسقف البعيدين مما يعطي إنطباعًا غير مريح بأن المكان يمتد للأبد، إبتُلع الصوت أيضًا ما صعب عليّ معرفة ما إذا كان يأتي من جوارنا مباشرة أو من منتصف الطريق عبر المنطقة.
أجبت وأنا أشعر بالحرج “لست متأكدة حقًا مما تفعله رغم ذلك – أو ما أفعله بها”.
“نعم الأستاذ ليوين” شعرت برأس ميكا يتكئ على كتفي حيث تمتمت بتعب.
إشتدت رائحة البيض الفاسد ما لفت إنتباهي إلى تشكل فقاعات صغيرة على سطح البركة المجاورة لنا “على يسارنا!”.
إنحراف المانا تسبب في إنفجار الطاقة ما أدى إلى رش الحمض في الهواء مثل نبع ماء صغير، درت حولي وشعرت بالذنب نحو آرثر لكنه تجاهل الضوضاء بعد نظرة روتينية على ما يبدو معتقدا أنها واحدة من الينابيع الطبيعية التي تنفجر بإستمرار.
ظهر جدار ترابي من الأرض منحني فوقنا مثل نصف قوس وسمعت رذاذ الماء على الجانب الآخر.
“المانا تتخذ شكلا بعد أن أتوقف عن التركيز عليها لكن لا يبدو أنني قادرة على إعادة الإتصال بها وعندما أحاول تغيير الشكل مرة أخرى ينهار” قلت لريجيس سعيدة بوجود شخص يستمع لأفكاري.
“شكرا” ردت ميكا دون النظر.
إرتجف الفم الذي يعض على ميكا وتخدر بينما إهتز الثاني بقوة كافية لدرجة أنه ترك سلاحها، لم تضيع الوقت ميكا بل إنطلقت مباشرة في الهواء فقط ليتبعها عدة تيارات من السائل الحمضي، أثناء طيرانها ألقت بمطرقتها مباشرة إلى الأسفل وعلى الرغم من إرتفاعها حوالي 100 قدم شعرت بإزدياد جاذبيتها، شاهدتها وهي تطير بسرعة حتى إختفت في الكتلة الملتوية للرؤوس الشبيهة بالمجسات.
“حاولي مرة أخرى” إقترح ريجيس بعد إنتهاء الضوضاء.
–+–
فكرت في ما أريد القيام به للحظة ثم بدأت في تشكيل المانا، عندما كنت جاهزة رميتها على الطريق خلفنا لكنني حافظت على التركيز النشط عليها محاولة الإستمرار في التلاعب بالشكل حتى يتحرك معنا، فقاعة صغيرة بأربعة أذرع كأرجل تندفع بقوة خلف بوو وريجيس بينما تتوهج باللون الأبيض في الضوء الخافت، إستدرت لكن لم أنظر إلى الشكل المستحضر بل قمت بمسح محيطنا حتى وجدت ما أبحث عنه لذا سحبت قوسي وشكلت سهمًا لإصابته، شعاع أبيض من المانا ضرب يرقة دموية سمينة إختبأت على حافة الطريق جاهزة للإلتصاق بأول شيء عند الإقتراب بما فيه الكفاية.
مدت يدي وتخيلت كرة… عندما تدفقت المانا من نواتي إلى راحة يدي ظهرت كرة مكونة من مانا بيضاء متوهجة، رميت الكرة جانبًا حيث تناثرت في أحد البرك وظلت تتمايل لأعلى ولأسفل إلا أن تم سحبها جانبًا من قبل مجس عبر سطح الحمض.
“إصابة موفقة” قالت ليرا وهي ترفس البقايا أسفل الحافة.
نظرت بسرعة خلفي ورأيت أن الفقاعة ذات الأربع أرجل قد توقفت عن الحركة، لا تزال هناك متجمدة وساقاها القصيرتان مرفوعتان كما لو أنها في منتصف خطوة لكنها لم تعد تتبعنا، حاولت جعلها تتحرك مرة أخرى ولكن مثل الكرة الموجودة في البركة إنفجرت مما أدى إلى ظهور كرة مانا تتمدد للخارج لعدة أقدام قبل أن تتبدد.
هز دوي ضخم المكان ومزق الحافة المرتفعة للأرض الصلبة مما أدى إلى إنهيارها في البرك الحمضية على كلا الجانبين، إنفجرت ثلاثة ينابيع حارة الواحدة تلو الأخرى وبسبب ذلك العديد من علقات الرعب والمجسات الضخمة من الحمض طارت نحو الحطام.
“المانا تتخذ شكلا بعد أن أتوقف عن التركيز عليها لكن لا يبدو أنني قادرة على إعادة الإتصال بها وعندما أحاول تغيير الشكل مرة أخرى ينهار” قلت لريجيس سعيدة بوجود شخص يستمع لأفكاري.
-هذا الفصل برعاية الداعم Youssef Ahmed
“ينهار… أو ينفجر” رد ريجيس بإبتسامة ذئب “ربما يكون ذلك فقط لأنني سلاح يمشي ويتحدث لكني أتساءل… هل يمكنك صنع شيء ينفجر بطاقة أكثر من تلك؟ ربما إذا قمت بضغط كمية أكبر من المانا في الشكل؟ أو إصنعيها بغرض – كما تعلمين – تتجه نحو الإنفجار؟”.
إهتزت الأرض عندما إصطدمت المطرقة في مكان ما بعمق داخل جسم دودة الهايدرا التي صرخت رؤوسها العديدة بصدى مقزز تم تضخيمه عدة مرات، ظلت معدتي تهتز وشعرت بجسدي يتمايل فوق ظهر بوو وبعيون غير مركزة شاهدت رأسين آخرين ينموان من الجزء الذي إنفصل عن جذع الرأس الذي أطلقت عليه لتحرير ميكا.
ضحكت من الإثارة في نبرة صوته لكنني هدأت عندما أدار آرثر رأسه نحوي.
هذه المرة إنتظرت حتى أصبحنا على بعد 100 قدم تقريبًا وقد أصبح هناك إحساس مؤلم قادم من التعويذة لأنني أقترب من النطاق الخارجي للخيط، من الجيد أن أعرف لكن بدلاً من مجرد محاولة تغيير شكل المانا حاولت تحديدًا إجبار المانا على الخروج وتصويرها على أنها إنفجار عنيف….
‘هل الآن هو أفضل وقت للعب بقوتك؟’ سألت نفسي بصوت آرثر ‘ماذا لو جذبت مجموعة أكثر من تلك الوحوش؟ أو حدث خطأ ما كما قالت ليرا وأدخل في رد فعل عنيف؟’.
تحركوا معًا في الإتجاه الذي أشرت إليه، أضاء آرثر على الفور بلمعان بنفسجي خافت وشعره الأشقر يطفو فوق رأسه، شاهدته بفضول على الرغم من أنني رأيته عدة مرات الآن إلا أنه لا يزال غريبًا نوعًا ما فقد بدا آرثر مختلفًا بالفعل عما كان عليه قبل إختفائه وأبرزت الأحرف الرونية طبيعته الغريبة فقط، مع نشاط نطاق القلب تحرك رأسه من جانب إلى آخر ومن الأعلى إلى الأسفل ماسحا محيطنا، عندما مررنا بالبرك شد إنتباهي شيء غريب فسهمي الذي أطلقته على المجسات في رجل ميكا يطفو على سطح الحمض.
عندما فكرت في هذا لاحظت أن التوهج الذهبي المنبثق من أسفل ظهر أرثر أكثر إشراقًا.
-هذا الفصل برعاية الداعم Youssef Ahmed
“ماذا يفعل؟” سألت بصوت عالٍ في الغالب لنفسي.
من زاوية عيني رأيت خط أسود مائل يشطر الرأس المهاجم حيث قطع إلى أسفل منتصفه بشكل غريب، قمت بتوجيه سهمي على إحدى علقات الرعب المسرعة نحونا في إنتظار خروجها من الحمض السميك، هدفت إلى أحد الأفواه العديدة وأطلقت رميتي الدقيقة أين غرَق السهم في اللحم المطاطي لكن العلقة إستمرت في القدوم.
“يتأمل” أجاب ريجيس “لقد ركز على ديكاثين ولم يبذل الكثير من الجهد لمواصلة تحسين نفسه مؤخرًا، هذه ليست مجرد فرصة لتتدربي أنت والقزمة المجنونة فقط إنها فرصته أيضًا”.
“لا يمكنك تجاوز قسوة المقابر الأثرية ببساطة” أشارت ليرا التي تبدو تمامًا مثل المُدرس “الهدف هو الصعود من خلالها والتغلب على تحدياتها وليس الإلتفاف عليها وإلا فلن نكسب شيئًا، إلى جانب ذلك الطيران مرهق للغاية وستحتاجين إلى تعلم كيفية الحفاظ على قوتك”.
فتح فكي… هذا منطقي… حتى أخي الذي لا يقهر… قاتل الألهة… يفعل ما في وسعه للتدريب كي يصبح أقوى… عليّ أيضًا أن أفعل ذلك…
“فكري في الأمر على أنه الإختبار الأول لك” أجاب آرثر بدون مزاح.
لم أقلق كثيرًا بشأن الشكل المادي بل شكّلت المانا على شكل قرص خشن مسطح وكثيف جدًا وحينما شعرت بالرضا رميت القرص خلفنا، هبط على التراب الصلب بصوت هادئ وداخل رأسي فصلت تركيزي عن المانا لكنني تركت الخيط مع شعاري كما هو.
تذمر بوو بهدوء وهز ريجيس رأسه ردًا على ذلك “أعلم”.
هذه المرة إنتظرت حتى أصبحنا على بعد 100 قدم تقريبًا وقد أصبح هناك إحساس مؤلم قادم من التعويذة لأنني أقترب من النطاق الخارجي للخيط، من الجيد أن أعرف لكن بدلاً من مجرد محاولة تغيير شكل المانا حاولت تحديدًا إجبار المانا على الخروج وتصويرها على أنها إنفجار عنيف….
طافت ميكا عن الأرض ونظرت في ذلك الإتجاه “ميكا لا… لا أرى أي شيء”.
هز دوي ضخم المكان ومزق الحافة المرتفعة للأرض الصلبة مما أدى إلى إنهيارها في البرك الحمضية على كلا الجانبين، إنفجرت ثلاثة ينابيع حارة الواحدة تلو الأخرى وبسبب ذلك العديد من علقات الرعب والمجسات الضخمة من الحمض طارت نحو الحطام.
“ماذا يفعل؟” سألت بصوت عالٍ في الغالب لنفسي.
“ماذا كان هذا؟” سألت ميكا التي تحوم فوقنا حيث وقفت بيني وبين موقع الإنفجار.
مشينا في صمت لمدة دقيقة أو أكثر وإقتربنا بدرجة كافية من حافة المنطقة بحيث يمكن للجميع رؤية الجدار الحجري المنحني والبوابة المقوسة اللامعة التي سيستخدمها آرثر ليأخذنا إلى المرحلة التالية.
“آسفة!” صرخت وقلبي يرفرف في صدري “لم أكن أعتقد أن الأمر سيكون كذلك… لذا…” أشرت إلى ريجيس مذعورة “كانت فكرته!”.
“لم أر قط مثل هذا الوحش القوي” قلت في صمت محاولة تقليل التوتر “كيف خلق السحرة القدامى مثل هذا الشيء؟ ولماذا؟”.
“نعم بحق الجحيم إنه أنا” أطلق ذئب الظل ضحكة جنونية مرحة.
“إعملوا معًا” أمر أرثر “إيلي إبقَي في الخلف ريجيس سيكون بجانبك”.
ظهر آرثر بجانبي وإحدى يديه مستلقية على بوو وقد توقف عن توجيه رونياته الإلهية حيث إختفى الضوء الغريب الذي غمره.
“أنا آسفة!” قلت على الفور الكلمات الموجهة في مكان ما بين شتائم ريجيس وغضب أرثر “كان يجب أن أرى أن تلك الأجزاء لا تزال تتحرك وعلى قيد الحياة”.
“أنت فعلت ذلك؟” سأل وعيناه الذهبيتان الثاقبتان تفحصان رقعة الطريق المنهارة “كيف؟”.
وفقًا لمعناه ركزت على خيط المانا الذي يربطني بالسهم وضغطت على المانا، داخل علقة الرعب إنفجر سهمي بقوة كبيرة أين تضخمت جوانب الوحش ثم إنهار للداخل مثل جلد مائي مفرغ من الهواء، تخبط لبضع ثوانٍ قبل أن يسقط على سطح الحمض وكل ما شعرت به هو الخوف المتزايد حيث تبعه العشرات.
شرحت بتردد ما لاحظته بشأن السهم والإكتشافات التي تصاعدت من تلك الملاحظة وعندما تحدثت قام آرثر بتنشيط نطاق القلب مرة أخرى.
“آسفة لقد نسيت تقريبًا!”.
“إصنعي شيئًا” إقترح وهو يراقبني بعناية.
“أريدك أن تراقبيهما على حد سواء”.
شكلت كرة أخرى لكنني توقفت قبل أن أفعل أي شيء بها وخفضت رأسي قليلاً إلى الجانب “هل يشعر أي شخص آخر بذلك؟”.
“هذا غريب” ظل بوو يتذمر ويخبرني أن الآخرين قد تقدموا إلى الأمام “هيا إلحقهم”.
فجأة إهتزت الأرض التي إنفجرت فيها كرة المانا وتموجت كما لو أن أسماك قرش رملية قد إجتاحتها، إختفت حفنة من علقات الرعب التي ما زالت تحوم حول البقعة على الأرض حيث تحطمت أجسادهم بشيء لم أتمكن من رؤيته، سارعت ليرا إلى جانب ميكا بيني وبين الضوضاء المتنافرة وتبعهم ريجيس لكنه توقف وأطلق على آرثر نظرة إستجوب ثم هز أطرافه بلا حول ولا قوة.
“لا تزعجي برك الحمض” قال آرثر من فوق كتفه وصوته يهتز بالطاقة التي يوجهها نطاق القلب.
عندما إنهارت الأرض بدأ شيء ما في الظهور من تحتها حيث إرتفع جسم يشبه الدودة من بركة الحمض وتدفق الوحل على درعها القرمزي لللامع، طولها مثل شجرة إلشاير قبل أن تتوقف عن النمو ما جعلني أتساءل عن عدد أمثالها المختبئين تحت الأرض، لم يكن لديها رأس فقط ثقب كبير للفم مليء بصفوف من الأسنان المثلثة التي تدور حول الفجوة مثل أحد إختراعات السيد جايدن المجنونة.
“معظم الهبات لا ينتج عنها رون” أوضحت ليرا “عندما يُمنح الرون فإنه يطابق عمومًا قدرات حامله مجرد أداء الطقوس مرات أكثر لا ينتج عنه المزيد من الأحرف الرونية، يقال أنه في الأيام الأولى لألكريا حاول السيادات أن يفعلوا ما إقترحته مما أجبر رعاياهم على الخضوع لسنوات من الهبات القسرية مرارًا وتكرارًا، تم وشم أو حرق العلامات في أجسادهم في محاولة لإعادة تكوين قوى السحرة القدامى لكن هذا يختلف قليلاً عن حقن السحرة الديكاثيون الخاصون بكم للحبر في النواة الخاصة بك، لون نواة الساحر هو نتيجة ثانوية لعدد لا يحصى من العوامل مثل النسب والموهبة والبصيرة كما هو الحال بالنسبة لإستقبال شكل التعويذة لسحرة ألاكريا، هذا بالطبع يفسر سبب فشل هذه الجهود وموت عشرات الآلاف من الأشخاص حيث أدى ذلك جزئيًا على الأقل إلى قيام السيادة العليا بجمع سلالات الدم، لا تعمل الهبات على الأزوراس ولكن يمكن تحسين الكائنات الأدنى بدم الأزوراس مما يخلق سلالة جديدة من الكائنات قادرة على التعامل مع المزيد من الأحرف الرونية الأقوى”.
حتى ميكا لم يكن لديها أي شيء لتقوله وبقينا جميعًا نحدق في الوحش الضخم.
“نعم الأستاذ ليوين” شعرت برأس ميكا يتكئ على كتفي حيث تمتمت بتعب.
إنحنى الفم الهائل نحونا وأطلق هديرًا عاليًا لدرجة أنني إضطررت إلى تغطية أذني بيدي، إمتدت ثلاثة مجسات من الفم كل واحدة مغطاة بمجموعة من عشرات الفكوك الصغيرة المليئة بالأسنان تمامًا مثل العلقات المرعبة، تمايلت هذه المجسات ذهابًا وإيابًا كل واحدة تطلق ضوضاء صفير منخفضة ومزعجة.
“نحن في هذا معًا” قلت وأحرجت على الفور من التفاؤل الطفولي الذي ظهر في صوتي.
“إعملوا معًا” أمر أرثر “إيلي إبقَي في الخلف ريجيس سيكون بجانبك”.
“لا تزعجي برك الحمض” قال آرثر من فوق كتفه وصوته يهتز بالطاقة التي يوجهها نطاق القلب.
“لننتهي من هذا” تحدثت ميكا التي حركت ذراعها وألقت بمطرقتها بسرعة لا تصدق.
“ماذا كان هذا؟” سألت ميكا التي تحوم فوقنا حيث وقفت بيني وبين موقع الإنفجار.
إصطدمت المطرقة بأحد المجسات – تشبه علقة الرعب – التي إنفجرت مباشرة فقط لتلتف في الهواء وتعود إلى يدها.
سقط شيء في الوحل على يميننا ما تسبب في إرتعاش رأسي بعصبية ناحية ذلك الإتجاه، الضوء في المنطقة منتشر وضبابي جاعلا الرؤية غريبة وقد أخفت الظلمة الخضراء الجدران والسقف البعيدين مما يعطي إنطباعًا غير مريح بأن المكان يمتد للأبد، إبتُلع الصوت أيضًا ما صعب عليّ معرفة ما إذا كان يأتي من جوارنا مباشرة أو من منتصف الطريق عبر المنطقة.
“ربما لن يكون هذا صعبًا للغاية بعد… كل شيء…”.
إهتزت الأرض عندما إصطدمت المطرقة في مكان ما بعمق داخل جسم دودة الهايدرا التي صرخت رؤوسها العديدة بصدى مقزز تم تضخيمه عدة مرات، ظلت معدتي تهتز وشعرت بجسدي يتمايل فوق ظهر بوو وبعيون غير مركزة شاهدت رأسين آخرين ينموان من الجزء الذي إنفصل عن جذع الرأس الذي أطلقت عليه لتحرير ميكا.
وسط كلمات ميكا المجس المقطوع – هل هو لسان؟ أو ربما رأس؟ – بدأ ينمو مرة أخرى وينقسم إلى قسمين في قاعدته ليشكل أشياء مزدوجة ذات رأس علقة.
“ينهار… أو ينفجر” رد ريجيس بإبتسامة ذئب “ربما يكون ذلك فقط لأنني سلاح يمشي ويتحدث لكني أتساءل… هل يمكنك صنع شيء ينفجر بطاقة أكثر من تلك؟ ربما إذا قمت بضغط كمية أكبر من المانا في الشكل؟ أو إصنعيها بغرض – كما تعلمين – تتجه نحو الإنفجار؟”.
“عظيم” تمتمت ميكا.
لم أكن متأكدة كيف جعلني ذلك أشعر… لا أعتقد أنني أستطيع عزل مشاعري هكذا… مشاعري جزء مني… من هو حقا عندما يكون هكذا؟.
كواحد حرك الأربعة رؤوسهم ورشوا تيارات من السوائل الخضراء الحمضية اللزجة من كل أفواههم، الخطوط السوداء المسننة حركت الهواء بضوضاء مثل خدش المسامير على الزجاج مما يحمينا من الهجوم، أينما يلامس الحمض الخطوط السوداء يصدر صوت أزيز ويبدو أنه تم تفتيته إلى مكوناته الأساسية حيث تصاعد البخار وتساقط الماء الصافي مع عدم إستقرار المانا.
“كيف الحال؟” سأل ريجيس محدقا بشدة في البركة وربما يتوقع قفز بعض المجسات الوحشية الأخرى إلينا.
جذبت الضوضاء أشياء أخرى أيضًا فالمزيد من علقات الرعب ويرقات الدم سبحت من برك الحمض في إتجاهنا قادمين من جميع الجهات، بصرخة معركة ألقت ميكا بنفسها في الهواء متحركة مثل سهم المنجنيق ودارت ملوحة بمطرقة المانا – عززت ضغط الجاذبية عليها – حتى أصابت رأس علقتين ناضجتين حديثًا، إنفجروا مثل أكياس الزبدة نصف المذابة ورشوا الحمض في كل إتجاه – بما في ذلك إتجاه ميكا نفسها، لهثت من الألم لكنها لم تبطئ من سرعتها لأنها أعادت توجيه المطرقة على أحد الرأسين المتبقيين لكنها أخطأت – حينها إلتف الرأس الآخر خلفها.
عندما فكرت في هذا لاحظت أن التوهج الذهبي المنبثق من أسفل ظهر أرثر أكثر إشراقًا.
من زاوية عيني رأيت خط أسود مائل يشطر الرأس المهاجم حيث قطع إلى أسفل منتصفه بشكل غريب، قمت بتوجيه سهمي على إحدى علقات الرعب المسرعة نحونا في إنتظار خروجها من الحمض السميك، هدفت إلى أحد الأفواه العديدة وأطلقت رميتي الدقيقة أين غرَق السهم في اللحم المطاطي لكن العلقة إستمرت في القدوم.
“ميكا تعتقد أن هذا المكان سيئ نوعًا ما” قالت تحت أتفاسها.
“إنفجار” قال ريجيس بوميض مخيف في عينيه.
شرحت بتردد ما لاحظته بشأن السهم والإكتشافات التي تصاعدت من تلك الملاحظة وعندما تحدثت قام آرثر بتنشيط نطاق القلب مرة أخرى.
وفقًا لمعناه ركزت على خيط المانا الذي يربطني بالسهم وضغطت على المانا، داخل علقة الرعب إنفجر سهمي بقوة كبيرة أين تضخمت جوانب الوحش ثم إنهار للداخل مثل جلد مائي مفرغ من الهواء، تخبط لبضع ثوانٍ قبل أن يسقط على سطح الحمض وكل ما شعرت به هو الخوف المتزايد حيث تبعه العشرات.
حتى ميكا لم يكن لديها أي شيء لتقوله وبقينا جميعًا نحدق في الوحش الضخم.
“هناك الكثير!”.
طافت ميكا عن الأرض ونظرت في ذلك الإتجاه “ميكا لا… لا أرى أي شيء”.
لمضاعفة هذا زادت دودة الهايدرا العملاقة من أربعة رؤوس إلى سبعة، إنتقلت ميكا بينهم متفادية الأحماض وأفواههم وضربت الجسم الدودي الشاهق إلا أنها لم تسبب أي ضرر، أطلقت سهماً بعد سهم كل واحد ينفجر داخل جسم علقات الرعب ويوقفهم في مساراتهم، على الجانب الآخر من الطريق بدأ آرثر في إطلاق العنان لإنفجارات الأثير لصد سرب الوحوش من ذلك الإتجاه.
أطلق آرثر وهجًا نحوه ما جعله يغلق فكيه.
صرخة لفتت إنتباهي مرة أخرى إلى دودة الهايدرا حيث أمسك أحد الرؤوس بميكا وقد عضت عدة أفواه على ساقيها وجذعها، عندما سحبت مطرقتها للخلف لتضربهم لف رأس أخر حول المطرقة ممسكا بها بسرعة، رفعت ليرا يدها في الهواء أحد الرؤوس تحرك لإعتراض التعويذة ورغم أن الخط الأسود قطع الشكل الذي يشبه المجس من الجسم لكنه أنبت إثنان آخران في مكانه.
لم أكن متأكدة كيف جعلني ذلك أشعر… لا أعتقد أنني أستطيع عزل مشاعري هكذا… مشاعري جزء مني… من هو حقا عندما يكون هكذا؟.
ظل قلبي يدق بسرعة وشعرت بالذعر يخيم على ذهني من خلال سحب الوتر الخاص بي إستحضرت سهمين وإستخدمت إصبعي السبابة لفصلهما قليلاً مما منحهما زوايا مختلفة، بالتركيز على الحفاظ على كلا السهمين بشكل منفصل أطلقت أين طارت الحزم البيضاء الساطعة داخل الرأسين المشكَّلين حديثًا، غرق أحدهم في الفم الذي يلف ميكا لكن الثاني أخطأ مما أثر على اللحم السميك للرأس الثاني الذي يمسك بمطرقتها.
“لقد وصلنا” قلت عندما إرتفع جدار المنطقة أمامنا والكسر الوحيد في الحجر الداكن هو قوس واحد منحوت.
إنفجر كلا السهمين في موجة صدمة من المانا.
علاقتي مع بوو جعلتنا أفضل كشافة ومراقب لذلك جلست فوق رأسه أشاهد إنفجار الينابيع أو علقات الرعب – وهو إسم إخترعته بنفسي – تهاجم من تحت البرك الحمضية أثناء مسح الأفق عن أي إشارة للمخرج.
إرتجف الفم الذي يعض على ميكا وتخدر بينما إهتز الثاني بقوة كافية لدرجة أنه ترك سلاحها، لم تضيع الوقت ميكا بل إنطلقت مباشرة في الهواء فقط ليتبعها عدة تيارات من السائل الحمضي، أثناء طيرانها ألقت بمطرقتها مباشرة إلى الأسفل وعلى الرغم من إرتفاعها حوالي 100 قدم شعرت بإزدياد جاذبيتها، شاهدتها وهي تطير بسرعة حتى إختفت في الكتلة الملتوية للرؤوس الشبيهة بالمجسات.
إنفجرت الأوساخ والحمض إلى الخارج عندما إصطدمت الجثة بالأرض مما أدى إلى تحطم المسار الذي كنا نتبعه، سقط أطول الرؤوس عند قدمي آرثر حينها فقدت كل شيء حيث غمر جدار من الغبار والبخار الأصفر المنطقة مع ضوضاء كأن العالم يتفكك، أغمضت عيني على رذاذ لاذع من الأحماض والغبار وشعرت بهم على طول جلدي المكشوف أينما لمسني على الرغم من درع المانا الذي يغطي بشرتي، أطلق بوو تأوهًا قلقًا وربتُ على رقبته بشكل مريح إلا أن هبت عاصفة من الرياح ودفعت الضباب بعيدًا، سار آرثر وريجيس نحوي ودودة الهايدرا الساقطة خلفهما بينما رائحتها النتنة لا يمكن تصورها.
إهتزت الأرض عندما إصطدمت المطرقة في مكان ما بعمق داخل جسم دودة الهايدرا التي صرخت رؤوسها العديدة بصدى مقزز تم تضخيمه عدة مرات، ظلت معدتي تهتز وشعرت بجسدي يتمايل فوق ظهر بوو وبعيون غير مركزة شاهدت رأسين آخرين ينموان من الجزء الذي إنفصل عن جذع الرأس الذي أطلقت عليه لتحرير ميكا.
فتح فكي… هذا منطقي… حتى أخي الذي لا يقهر… قاتل الألهة… يفعل ما في وسعه للتدريب كي يصبح أقوى… عليّ أيضًا أن أفعل ذلك…
هناك الكثير لم أعد أستطيع عدهم…
طافت ميكا عن الأرض ونظرت في ذلك الإتجاه “ميكا لا… لا أرى أي شيء”.
إلتفت ليرا وأرسلت وهجًا لاذعًا لأرثر وصوتها بالكاد مسموع مع إستمرار الصراخ “لن يساعد الدرس أيًا منا إذا متنا جميعًا هذا الوحش يضاهي قوتك وليس قوتنا!”.
-هذا الفصل برعاية الداعم Youssef Ahmed
إهتزت الأرض مرة أخرى لأن دودة الهايدرا تتجه صعودًا نحو ميكا وتنمو أطول مع إتباع رؤوسها الكثيرة وراءها، طارت بشكل مستقيم حتى إختفى شكلها الصغير في الظلام والضباب لكن طول الوحش وصل إلى 60 قدماً ثم 80 ثم 100…
– ترجمة : Ozy.
لم يستجب آرثر إلا أن شيئًا ما تغير في وضعه فقد إختفى في صاعقة من البرق الأرجواني، قفز ريجيس إلى العمل في نفس الوقت وفتح فكاه أين تطايرت النيران الأرجوانية فوق علقات الرعب القادمة، المكان الذي لمسته النيران إختفت منه الوحوش ولم يتبقى منهم حتى الرماد، عاد أخي للظهور فوق دودة الهايدرا وجسده البعيد ملفوف بشرارات من البرق الأرجواني وفي يده شعاع من الطاقة البنفسجية النقية، على الرغم من أنني يجب أن أساعد ريجيس إلا أنني لم أستطع فعل أي شيء سوى المشاهدة وكل تركيزي على آرثر، إلتف نصله على شكل قوس مما أدى إلى قطع العديد من الرؤوس والفم الضخم الذي نشأوا منه جميعًا لا يزال يرتفع.
إنحنى رأسها وسرعان ما إتبعت خط نظراتي العريضة إلى اليرقة الدموية، حركت يدها حتى قطعت الريح الشيء عنها ثم بضربة حادة سحقته، رشت دائرة من الدم حول قدمها مثل هالة دموية.
يمكنني أن أتخيل كيف أن تلك الصفوف الدوارة من الأسنان تغطي آرثر، في البداية إعتقدت أنها خدعة من الضوء ولكن من خلال التحديق وتركيز المانا في عيني أدركت الحقيقة، سيف آرثر المزدوج ينمو ويصبح سلاحًا ضخمًا ينافس في الحجم مطرقة ميكا وعندما قطع مرة أخرى تراجعت عدة رؤوس بما في ذلك بعض تلك الرؤوس التي عاودت النمو الآن، إتجه ريجيس إلى الجانب الآخر وأطلق العنان لإنفجار آخر من النار الأرجوانية التي إلتهمت أي علقات رعب متبقية، صارت ميكا بعيدة عن الأنظار لكن ظلت ليرا مثلي تحدق في القتال الذي في السماء.
إرتجف الفم الذي يعض على ميكا وتخدر بينما إهتز الثاني بقوة كافية لدرجة أنه ترك سلاحها، لم تضيع الوقت ميكا بل إنطلقت مباشرة في الهواء فقط ليتبعها عدة تيارات من السائل الحمضي، أثناء طيرانها ألقت بمطرقتها مباشرة إلى الأسفل وعلى الرغم من إرتفاعها حوالي 100 قدم شعرت بإزدياد جاذبيتها، شاهدتها وهي تطير بسرعة حتى إختفت في الكتلة الملتوية للرؤوس الشبيهة بالمجسات.
عندما تشكلت الرؤوس وبدأت في النمو مرة أخرى ركل آرثر أحدها وألقى بنفسه بعيدًا عن طريق الفم، وضع نصله الضخم فوق رأس الوحش وهو ينزل لأسفل لكن من الغريب أن مطرقة ميكا لم تفعل الكثير لجسم دودة الهايدرا المدرع إلا أن شفرة الأثير قطعت بسهولة الفم المسنن، عندما هبط آرثر لأسفل جر النصل عبر جسد الوحش وفتحه مثل سمكة مقطعة أين جاء صرير الطنين مرة أخرى، مع فتح المزيد من الجسد الشاهق بسبب نقطة الضوء الساقطة – التي هي آرثر – تلاشى الضجيج في قرقرة بشعة، على بعد أقدام من البركة الحمضية حول قاعدة دودة الهايدرا إختفى آرثر في وميض بنفسجي ليعود للظهور مرة أخرى محاط بالكهرباء، أمطر الدم الأسود والحمض الأخضر المتدفق من دودة الهايدرا وهي تتمايل ذهابًا وإيابًا ورفرف جسدها المفتوح حتى دفعته الرياح، تراجعت ليرا إلى الوراء وإستدار بوو مهرولا بعيدًا مما يضع مسافة أكبر بيننا وبين المكان الذي سيسقط فيه الجسد.
– إليانور ليوين :
لم يتحرك آرثر وريجيس…
“فكري في الأمر على أنه الإختبار الأول لك” أجاب آرثر بدون مزاح.
إنفجرت الأوساخ والحمض إلى الخارج عندما إصطدمت الجثة بالأرض مما أدى إلى تحطم المسار الذي كنا نتبعه، سقط أطول الرؤوس عند قدمي آرثر حينها فقدت كل شيء حيث غمر جدار من الغبار والبخار الأصفر المنطقة مع ضوضاء كأن العالم يتفكك، أغمضت عيني على رذاذ لاذع من الأحماض والغبار وشعرت بهم على طول جلدي المكشوف أينما لمسني على الرغم من درع المانا الذي يغطي بشرتي، أطلق بوو تأوهًا قلقًا وربتُ على رقبته بشكل مريح إلا أن هبت عاصفة من الرياح ودفعت الضباب بعيدًا، سار آرثر وريجيس نحوي ودودة الهايدرا الساقطة خلفهما بينما رائحتها النتنة لا يمكن تصورها.
إن الرائحة هي الأسوأ…. مثل غليان البيض الفاسد في طبقات فوق روث متعفن وحيوانات متحللة…
شعرت أن ميكا تقترب قبل أن أراها وظهرت خارج السحابة محلقة بضجر لأن جلدها مغطى ببثور من كل الأحماض التي تم رشها عليها، تمزقت أجزاء من درعها ونزف الدم من عدة جروح لكن بدلاً من الهبوط على الأرض إستقرت على بوو ورائي وظهرها على ظهري لذا قابلت آرثر وريجيس.
“يا لها من مجموعة…” بقي ريجيس يتذمر بينما زحف إلى أعلى المنحدر.
“ميكا تعتقد أن هذا المكان سيئ نوعًا ما” قالت تحت أتفاسها.
أشار لها آرثر أن تقود الطريق وفعلت ذلك متحركة نحو الإتجاه البعيد الذي رأيت فيه بصيصًا من الضوء.
“أنت بحاجة إلى التدرب على تدوير المانا خاصتك” تحدث أرثر عندما وصل إلينا “لم تستخدميها على الإطلاق في تلك المعركة بأكملها”.
من زاوية عيني رأيت خط أسود مائل يشطر الرأس المهاجم حيث قطع إلى أسفل منتصفه بشكل غريب، قمت بتوجيه سهمي على إحدى علقات الرعب المسرعة نحونا في إنتظار خروجها من الحمض السميك، هدفت إلى أحد الأفواه العديدة وأطلقت رميتي الدقيقة أين غرَق السهم في اللحم المطاطي لكن العلقة إستمرت في القدوم.
“نعم الأستاذ ليوين” شعرت برأس ميكا يتكئ على كتفي حيث تمتمت بتعب.
بتجاهل الكرة في يدي إلتفت حول بوو لرؤية الكرة الأخرى بشكل أفضل والتي على بعد حوالي 50 قدمًا خلفي، سحب المانا بالكاد ملحوظ لكن الشكل بدا غير متأثر بنقص تركيزي وبدافع الفضول حاولت التلاعب بالبنية الفيزيائية للكرة.
“تم تشتيت إنتباهكم جميعًا بما كان أمامكم لذلك تجاهلتم ما لا يمكنكم رؤيته، تقلبات المانا من الجزء الرئيسي للجسم – معظمه لا يزال تحت الأرض – التي حدثت في كل مرة تقطعون فيها رأسًا يجب أن تخبركم أين تضربون” ركزت نظراته المحبطة علي “إيلي يجب أن تكوني أول من يلاحظ هذا! التواجد في الخطوط الخلفية لا يعني مجرد القتال من الخلف أنت بحاجة لرؤية الصورة الأكبر والتواصل مع حلفائك”.
“نعم بحق الجحيم إنه أنا” أطلق ذئب الظل ضحكة جنونية مرحة.
شعرت بشدة بلسعة توبيخه لكنني لم أستطع الرد إلا بإيماءة حازمة ولا أثق في صوتي للتحدث.
إلتفت ليرا وأرسلت وهجًا لاذعًا لأرثر وصوتها بالكاد مسموع مع إستمرار الصراخ “لن يساعد الدرس أيًا منا إذا متنا جميعًا هذا الوحش يضاهي قوتك وليس قوتنا!”.
الحقيقة أنه في تلك اللحظة لم أشعر أن أرثر هو أخي تمامًا… ليس هنا في المقابر الأثرية… الرابط الذي كنا نعيد إصلاحه في فيلدوريال بقي هناك… هنا هو مدرس بارد وحامي بلا عاطفة… الحب الأخوي عقبة ولذا هو يقمعها.
“لقد أبليتِ بلاء حسناً يا إليانور” تابعت ليرا “من خلال الممارسة ستتمكنين من زيادة نطاق وعدد الأشكال المستحضرة التي يمكنك الحفاظ عليها، مع قوة الإرادة الكافية ستكونين قادرة على صنع أشكال أكثر تعقيدًا وقوة أنا متأكدة”.
لم أكن متأكدة كيف جعلني ذلك أشعر… لا أعتقد أنني أستطيع عزل مشاعري هكذا… مشاعري جزء مني… من هو حقا عندما يكون هكذا؟.
فتح فكي… هذا منطقي… حتى أخي الذي لا يقهر… قاتل الألهة… يفعل ما في وسعه للتدريب كي يصبح أقوى… عليّ أيضًا أن أفعل ذلك…
“يجب أن نغادر هذه المنطقة بسرعة” قالت ليرا وظلت تحدق بحذر في البرك المحيطة “نحن بحاجة إلى الراحة لكن هذا ليس مكانًا لإقامة المعسكر”.
البوابة داخل الإطار مضيئة بهدوء ولكن أينما تنقل البوابة كنت أعرف أنها لم تكن إلى أين نحن ذاهبون، بدا آرثر وكأنه عاد إلى الواقع سار أمامنا وسحب نصف كرة معدنية من مخزن أبعاده.
أشار لها آرثر أن تقود الطريق وفعلت ذلك متحركة نحو الإتجاه البعيد الذي رأيت فيه بصيصًا من الضوء.
علاقتي مع بوو جعلتنا أفضل كشافة ومراقب لذلك جلست فوق رأسه أشاهد إنفجار الينابيع أو علقات الرعب – وهو إسم إخترعته بنفسي – تهاجم من تحت البرك الحمضية أثناء مسح الأفق عن أي إشارة للمخرج.
“لم أر قط مثل هذا الوحش القوي” قلت في صمت محاولة تقليل التوتر “كيف خلق السحرة القدامى مثل هذا الشيء؟ ولماذا؟”.
إنفجر كلا السهمين في موجة صدمة من المانا.
“أكثر عقول ألاكريا موهبة حاولوا إكتشاف ذلك لمئات السنين” أجابت ليرا دون الإلتفات “كان السحرة القدامى جنسا مسالم أو هكذا إعتقدنا… خلقهم لمثل هذه الأشياء البغيضة… حسنًا يبدو أنه يتعارض مع فهمنا لطبيعتهم”.
لمضاعفة هذا زادت دودة الهايدرا العملاقة من أربعة رؤوس إلى سبعة، إنتقلت ميكا بينهم متفادية الأحماض وأفواههم وضربت الجسم الدودي الشاهق إلا أنها لم تسبب أي ضرر، أطلقت سهماً بعد سهم كل واحد ينفجر داخل جسم علقات الرعب ويوقفهم في مساراتهم، على الجانب الآخر من الطريق بدأ آرثر في إطلاق العنان لإنفجارات الأثير لصد سرب الوحوش من ذلك الإتجاه.
إلتزمت الصمت لفترة ولم أتوقع إجابة لسؤالي الخطابي.
“هناك شيء ما زلت لا أفهمه” هزت ميكا رأسها “لماذا لا يرتدي جميع جنود ألاكريا بدلة لكامل الجسم عليها هذه الشعارات وتلك الأشياء؟ إذا كان بإمكان وشم صغير أن يضع فتاة مراهقة في المرحلة الأساسية الفضية فلماذا لا تمتلكون يا رفاق جيوشًا كاملة من السحرة ذوي النواة البيضاء؟ أو حتى ما وراء النواة البيضاء – سحرة مرحلة الإندماج”.
“لقد أبليتِ بلاء حسناً يا إليانور” تابعت ليرا “من خلال الممارسة ستتمكنين من زيادة نطاق وعدد الأشكال المستحضرة التي يمكنك الحفاظ عليها، مع قوة الإرادة الكافية ستكونين قادرة على صنع أشكال أكثر تعقيدًا وقوة أنا متأكدة”.
أجبت وأنا أشعر بالحرج “لست متأكدة حقًا مما تفعله رغم ذلك – أو ما أفعله بها”.
“إعتقدت أن هذه التعويذة لتمرير المانا أو شيء من هذا القبيل؟” سمعت صوت ميكا خلفي.
“أوه!” شعرت بموجة من الإحراج تمر من خلالي.
تحركوا معًا في الإتجاه الذي أشرت إليه، أضاء آرثر على الفور بلمعان بنفسجي خافت وشعره الأشقر يطفو فوق رأسه، شاهدته بفضول على الرغم من أنني رأيته عدة مرات الآن إلا أنه لا يزال غريبًا نوعًا ما فقد بدا آرثر مختلفًا بالفعل عما كان عليه قبل إختفائه وأبرزت الأحرف الرونية طبيعته الغريبة فقط، مع نشاط نطاق القلب تحرك رأسه من جانب إلى آخر ومن الأعلى إلى الأسفل ماسحا محيطنا، عندما مررنا بالبرك شد إنتباهي شيء غريب فسهمي الذي أطلقته على المجسات في رجل ميكا يطفو على سطح الحمض.
وضعت يدًا على كتف ميكا وركزت على شكل تعويذتي لدفع المانا فيها، هرعت تلك المانا مني متبعة مسار عروق المانا في قلبها.
تمايلت بشدة لدرجة أنني كدت أن أسقط من على ظهر بو حيث ملأ وميض من الضوء البنفسجي المنطقة فجأة مصحوبًا بإشتعال اللهب، نظرت بعيدًا لكن ليس بالسرعة الكافية حيث وجدت نفسي أغمض عيني بسرعة عندما بدأت الدموع في التساقط، تذمر بوو متراجعًا بعيدًا عن الضوء وقد إصطدم بريجيس الذي يسير خلفنا، تم دفع ذئب الظل الضخم جانبًا وإنزلق على طرف الحافة المرتفعة من الأوساخ التي كنا نتبعها حتى لمست أطرافه الحمض المحترق الذي ملأ البركة، نظرت للوراء في الوقت المناسب لأرى العشرات من أجزاء المجسات المتفجرة تتحلل مرة أخرى في البرك الحمضية وقد تطايرت بعيدًا عن ليرا بفعل إنفجار آرثر الأثيري.
“آسفة لقد نسيت تقريبًا!”.
شعرت أن ميكا تقترب قبل أن أراها وظهرت خارج السحابة محلقة بضجر لأن جلدها مغطى ببثور من كل الأحماض التي تم رشها عليها، تمزقت أجزاء من درعها ونزف الدم من عدة جروح لكن بدلاً من الهبوط على الأرض إستقرت على بوو ورائي وظهرها على ظهري لذا قابلت آرثر وريجيس.
“شكرا يا فتاة هذا أفضل” أخذت ميكا نفسًا عميقًا مسترخية.
“بيدي؟” سألت ليرا دون تردد “المئات على ما أعتقد… بأمري؟ عشرات الآلاف على الأقل”.
إستدارت ليرا لتنظر إلينا ووجدتها تخفي إبتسامة بينما تتحرك للأمام مرة أخرى “تحتوي معظم الأحرف الرونية على مستويات أو مراحل متعددة من التنشيط وتصبح أكثر قوة مع نمو قوة حاملها وإكتساب الكفاءة في التعويذات المتوفرة، غالبًا ما يكون للشارات والشعارات تأثيرات فطرية قوية أيضًا والتي لا تتطلب التنشيط لتوفير فائدتها”.
وسط كلمات ميكا المجس المقطوع – هل هو لسان؟ أو ربما رأس؟ – بدأ ينمو مرة أخرى وينقسم إلى قسمين في قاعدته ليشكل أشياء مزدوجة ذات رأس علقة.
“هناك شيء ما زلت لا أفهمه” هزت ميكا رأسها “لماذا لا يرتدي جميع جنود ألاكريا بدلة لكامل الجسم عليها هذه الشعارات وتلك الأشياء؟ إذا كان بإمكان وشم صغير أن يضع فتاة مراهقة في المرحلة الأساسية الفضية فلماذا لا تمتلكون يا رفاق جيوشًا كاملة من السحرة ذوي النواة البيضاء؟ أو حتى ما وراء النواة البيضاء – سحرة مرحلة الإندماج”.
“تم تشتيت إنتباهكم جميعًا بما كان أمامكم لذلك تجاهلتم ما لا يمكنكم رؤيته، تقلبات المانا من الجزء الرئيسي للجسم – معظمه لا يزال تحت الأرض – التي حدثت في كل مرة تقطعون فيها رأسًا يجب أن تخبركم أين تضربون” ركزت نظراته المحبطة علي “إيلي يجب أن تكوني أول من يلاحظ هذا! التواجد في الخطوط الخلفية لا يعني مجرد القتال من الخلف أنت بحاجة لرؤية الصورة الأكبر والتواصل مع حلفائك”.
“معظم الهبات لا ينتج عنها رون” أوضحت ليرا “عندما يُمنح الرون فإنه يطابق عمومًا قدرات حامله مجرد أداء الطقوس مرات أكثر لا ينتج عنه المزيد من الأحرف الرونية، يقال أنه في الأيام الأولى لألكريا حاول السيادات أن يفعلوا ما إقترحته مما أجبر رعاياهم على الخضوع لسنوات من الهبات القسرية مرارًا وتكرارًا، تم وشم أو حرق العلامات في أجسادهم في محاولة لإعادة تكوين قوى السحرة القدامى لكن هذا يختلف قليلاً عن حقن السحرة الديكاثيون الخاصون بكم للحبر في النواة الخاصة بك، لون نواة الساحر هو نتيجة ثانوية لعدد لا يحصى من العوامل مثل النسب والموهبة والبصيرة كما هو الحال بالنسبة لإستقبال شكل التعويذة لسحرة ألاكريا، هذا بالطبع يفسر سبب فشل هذه الجهود وموت عشرات الآلاف من الأشخاص حيث أدى ذلك جزئيًا على الأقل إلى قيام السيادة العليا بجمع سلالات الدم، لا تعمل الهبات على الأزوراس ولكن يمكن تحسين الكائنات الأدنى بدم الأزوراس مما يخلق سلالة جديدة من الكائنات قادرة على التعامل مع المزيد من الأحرف الرونية الأقوى”.
“ينهار… أو ينفجر” رد ريجيس بإبتسامة ذئب “ربما يكون ذلك فقط لأنني سلاح يمشي ويتحدث لكني أتساءل… هل يمكنك صنع شيء ينفجر بطاقة أكثر من تلك؟ ربما إذا قمت بضغط كمية أكبر من المانا في الشكل؟ أو إصنعيها بغرض – كما تعلمين – تتجه نحو الإنفجار؟”.
“هذا مخيف للغاية” تمتمت والقشعريرة تمر عبر عمودي الفقري.
“لقد وصلنا” قلت عندما إرتفع جدار المنطقة أمامنا والكسر الوحيد في الحجر الداكن هو قوس واحد منحوت.
“ولدت قارة بأكملها من تجربة تهجين” قالت ميكا وتشير نبرتها إلى أنها تفكر في نفس الشيء الذي أفكر فيه “لا عجب أنكم جميعًا مصابون بالجنون التام”.
يمكن أن أشعر به… أشعر أن المانا لا تزال مضغوطة في هذا الشكل… شعرت بالوخز وأدركت أن السهم لا يزال مربوطًا بي من خلال التعويذة لذا أطلقت هذا الحبل عمدًا وإنحل السهم ثم تشتت المانا.
تصلبت أكتاف ليرا “يجب على المرء أن يتخطى المستنقع لفهم طبيعته النتنة، أقسم بأن فخري بكوني وكيلًا ووصيًا ليس أقل من فخرك عندما أصبحت رمحا ميكا إيرثبورن لكن تجربة الحياة خارج القبضة الحديدية لعشيرة فريترا حسنًا..” تباطأت خطوتها ونظرت إلى الأعلى نحو الظلام والضباب فوقنا “في البداية إعتقدت أنكم أنتم الديكاثيون مجانين فأسلوبكم السحري غير المنظم والمتداعي والطريقة التي إنحنيتم بها للملوك والملكات الأدنى بد مثل التقليد السيئ للسيادة… مع كل هذه الحرية كيف يمكن القيام بأي شيء بينما كل رجل وامرأة يتمتعون بحرية التوهج عبر سطح قارتكم مثل الحشرات في الظلام؟… ولكن كلما طالت مدة إقامتي في ديكاثين أصبح الأمر أكثر وضوحًا بالنسبة لي… عن أيٍ منا هو المجنون”.
“كيف الحال؟” سأل ريجيس محدقا بشدة في البركة وربما يتوقع قفز بعض المجسات الوحشية الأخرى إلينا.
مشينا في صمت لمدة دقيقة أو أكثر وإقتربنا بدرجة كافية من حافة المنطقة بحيث يمكن للجميع رؤية الجدار الحجري المنحني والبوابة المقوسة اللامعة التي سيستخدمها آرثر ليأخذنا إلى المرحلة التالية.
(ربما شتيمة عند الأقزام)
“كم عدد الديكاثيون الذين تعتقدين أنك قتلتهم؟” سألت ميكا فجأة وشعرت بتوتر جسدها على ظهري.
“قد تكون هذه هي المرة الأولى التي لا أقدر فيها حواسك المحسنة أيها الرجل الكبير” تمتمت بينما أربت على ظهر بوو الذي زمجر كعلامة على الموافقة.
“بيدي؟” سألت ليرا دون تردد “المئات على ما أعتقد… بأمري؟ عشرات الآلاف على الأقل”.
“لا يمكنك تجاوز قسوة المقابر الأثرية ببساطة” أشارت ليرا التي تبدو تمامًا مثل المُدرس “الهدف هو الصعود من خلالها والتغلب على تحدياتها وليس الإلتفاف عليها وإلا فلن نكسب شيئًا، إلى جانب ذلك الطيران مرهق للغاية وستحتاجين إلى تعلم كيفية الحفاظ على قوتك”.
تعبت بالفعل وأنا على حافة الهاوية فقد توترت معدتي عند التفكير في كل هذا الموت لقد قُتل الكثير من الناس في هذه الحرب ولماذا؟، نظرت من فوق كتفي إلى آرثر متوقعة منه التدخل لمنع ميكا وليرا من الوقوع في نوبة أخرى من المشاحنات، ظل ينظر بعيدًا عنا وتركيزه على الخلفية القاتمة للمنطقة حيث أدركت أنه لم يكن يستمع حقًا إلى هذه المحادثة، إستطعت أن أرى في تحركه ومشيته المتيبسة التجهم الخفيف على ملامحه الحادة… أخي على بعد مليون ميل.
إصطدمت المطرقة بأحد المجسات – تشبه علقة الرعب – التي إنفجرت مباشرة فقط لتلتف في الهواء وتعود إلى يدها.
تساءلت عن أي من مغامراته العديدة يدور في ذهنه الآن، ومع إستمرار رؤية جثة دودة الهايدرا من مسافة بعيدة خلفنا بدا من المستحيل أن يفكر أي شخص في أي شيء سوى تلك المعركة لكن يبدو أنها تجذبني أنا فقط، لقد مر آرثر بالكثير وعلى الرغم من أنه أخبرني بالعديد من القصص إلا أنني كنت أعلم أن هناك المزيد من الأمور التي يتجاهلها، هل هذا الحديث عن الحرب وكل الوفيات غير الضرورية جعله يشعر بالذنب؟ إعتقدت أنه ربما يكون كذلك… يلوم نفسه على عدم قدرته على العودة عاجلاً وعدم كونه قويا بما فيه الكفاية.
أطلق آرثر وهجًا نحوه ما جعله يغلق فكيه.
“وماذا عنك أيتها الرمح؟” سألت ليرا “كم قتلت من الألاكريان؟”.
تساءلت عن أي من مغامراته العديدة يدور في ذهنه الآن، ومع إستمرار رؤية جثة دودة الهايدرا من مسافة بعيدة خلفنا بدا من المستحيل أن يفكر أي شخص في أي شيء سوى تلك المعركة لكن يبدو أنها تجذبني أنا فقط، لقد مر آرثر بالكثير وعلى الرغم من أنه أخبرني بالعديد من القصص إلا أنني كنت أعلم أن هناك المزيد من الأمور التي يتجاهلها، هل هذا الحديث عن الحرب وكل الوفيات غير الضرورية جعله يشعر بالذنب؟ إعتقدت أنه ربما يكون كذلك… يلوم نفسه على عدم قدرته على العودة عاجلاً وعدم كونه قويا بما فيه الكفاية.
“ليس بما فيه الكفاية” ردت ميكا والعداء ينزف من هاتين الكلمتين البسيطتين ثم بعد التردد لثانية أضافت “أو أكثر من اللازم لن أعرف على ما أظن حتى ينتهي كل هذا”.
“فهمت” قالت وهي تقذف الأوساخ في أقرب بركة حمض مع صوت تناثر كثيف.
“لقد وصلنا” قلت عندما إرتفع جدار المنطقة أمامنا والكسر الوحيد في الحجر الداكن هو قوس واحد منحوت.
“ماذا كان هذا؟” سألت ميكا التي تحوم فوقنا حيث وقفت بيني وبين موقع الإنفجار.
البوابة داخل الإطار مضيئة بهدوء ولكن أينما تنقل البوابة كنت أعرف أنها لم تكن إلى أين نحن ذاهبون، بدا آرثر وكأنه عاد إلى الواقع سار أمامنا وسحب نصف كرة معدنية من مخزن أبعاده.
“يجب أن نغادر هذه المنطقة بسرعة” قالت ليرا وظلت تحدق بحذر في البرك المحيطة “نحن بحاجة إلى الراحة لكن هذا ليس مكانًا لإقامة المعسكر”.
“الطريق إلى الأمام ليس واضحًا تمامًا” قال أثناء تفعيله للجهاز.
“شكرا” ردت ميكا دون النظر.
أصبحت البوابة غير شفافة مثل الباب المفتوح وذابت العديد من الصور داخلها وخارجها في تتابع سريع على الجانب الآخر.
“حسنًا دعونا نتحرك إذا” رد آرثر مشيرًا إلى ميكا وليرا لتولي زمام المبادرة.
“لدي خريطة مشوشة في رأسي لكنها مجرد صور للطريق إلى خراب الجن – حجر الزاوية التالي – قد يستغرق الأمر منا بضع محاولات”.
“لم أشعر بالذعر!” صرخت ميكا عمليا وأكملت بسرعة “ولم تنقذيني…”.
“نحن في هذا معًا” قلت وأحرجت على الفور من التفاؤل الطفولي الذي ظهر في صوتي.
“عظيم” تمتمت ميكا.
نزلت ميكا من ظهر بوو وإنتقلت نظرتها من ليرا إلي ثم إلى آرثر “آمل أن تكون رائحة المنطقة التالية أو أيًا كانت أفضل من هذا المكان”.
“صخرة وجذر* إبتعد عني!” شتمت وأرجحت مطرقتها المستحضرة على المجس اللزج.
هزت ليرا رأسها وشعرها الأحمر المتوهج يتدلى حول كتفيها “نادرًا ما تصبح المناطق أكثر متعة مع صعودك لمسافة أبعد”.
“هذا غريب” ظل بوو يتذمر ويخبرني أن الآخرين قد تقدموا إلى الأمام “هيا إلحقهم”.
رفعت ميكا عينيها ويديها “إذن آمالي في العثور على منتجع كامل بالينابيع الساخنة ونبيذ العسل غير ممكنة؟”.
“كم عدد الديكاثيون الذين تعتقدين أنك قتلتهم؟” سألت ميكا فجأة وشعرت بتوتر جسدها على ظهري.
بإبتسامة ساخرة وبلا روح دعابة أشار آرثر إلى البوابة “هناك طريقة واحدة فقط لنكتشف الأمر”.
“سيكون الأمر أسهل بكثير إذا طِرنا” قالت ميكا بتذمر بينما تمسح كرة من الطين الأسود المخضر عن وجهها وهو كل ما تبقى من أخر وحش هاجمنا.
–+–
أمسكت اليرقة الحمراء في إحدى يديها وشدت على أسنانها قبل عصرها حتى خرج سائلها القرمزي بين أصابعها.
– ترجمة : Ozy.
“المانا تتخذ شكلا بعد أن أتوقف عن التركيز عليها لكن لا يبدو أنني قادرة على إعادة الإتصال بها وعندما أحاول تغيير الشكل مرة أخرى ينهار” قلت لريجيس سعيدة بوجود شخص يستمع لأفكاري.
-هذا الفصل برعاية الداعم Youssef Ahmed
“شكرا يا فتاة هذا أفضل” أخذت ميكا نفسًا عميقًا مسترخية.
إهتزت الأرض مرة أخرى لأن دودة الهايدرا تتجه صعودًا نحو ميكا وتنمو أطول مع إتباع رؤوسها الكثيرة وراءها، طارت بشكل مستقيم حتى إختفى شكلها الصغير في الظلام والضباب لكن طول الوحش وصل إلى 60 قدماً ثم 80 ثم 100…
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
