الوقت
– سيلفي إندراث :
“هاه!” سمعت صوت مزدهر من الجانب وكافحت لألقي نظرة عن كثب على الرجل.
“كيو…؟”.
“سيلفي!”.
“مرحبًا بعودتك سيلفي” رأيت إبتسامة ساخرة منحنية على إحدى زوايا شفاه أرثر.
نصف طائر العنقاء – شول سمعت في أفكار أرثر – بدا كئيبًا “آه إذا واجهته في معركة مجيدة بسبب ما فعله بأراضي الجان؟ يبدو أنها معركة رائعة لأنها إستمرت شهرين”.
رمشت مرة أخرى لأن آرثر يبدو كرجل عجوز بخطوط رمادية في شعره الأشقر القمحي مع أخاديد عميقة تجعد جلده، بدون قصد تراجعت وضغطت أصابعي على شفتي حيث ترددت هذه الصورة القديمة جدًا لشريكي بينما يده التي تمتد نحوي تتراجع قليلاً، عندما أصبح على بعد بوصة واحدة تجعد حاجبه في عبوس حينها رمشت مجددا لتتلاشى الرؤية… أرثر الحقيقي يقف – لا بل عائم – أمامي بنظرته الذهبية السائلة مثل شمس الصيف الحارة على بشرتي.
– كنت أنا وأرثر نطير عالياً للغاية كما لو أن بإمكاني تحريك ذيلي ولمس النجوم حيث العالم الذي تحتنا مخفي بالغيوم وكلانا يبتسم بسعادة.
خفت حدة تردده ثم منحنيا إلى الأمام لف ذراعيه القويتين وجذبني إليه.
فتحت عيني مرة أخرى وقابلت ريجيس الذي بدا كما لو أنه هو نفسه قد فعل شيئًا يؤذيني.
أغمضت عيني وأخرجت نفسًا مرتجفة بينما يغمرني إرتياح أرثر النقي والدافئ بصعوبة، مرت لحظات كثيرة كانت فيها عودتي قريبة جدا لكن إختطفتها الظروف حيث ركز الكثير من الوقت والطاقة على الحجر الذي يحتوي على جوهري، تحت الراحة هناك تلميح من الأسف – طفيف ولكنه مرير – لأنه إستغرق وقتًا طويلاً أو ضروري، هناك أيضا القلق والخوف ثقلهما يكفي لسحق أي شخص أضعف أو خنق الحياة من أي شخص آخر.
“سيلفي… مرحبًا – كما تعلمين – في الواقع لست متأكدًا تمامًا من إسمك… إذا هل نحن أشقاء؟ أشقاء من أبوين مختلفين؟ هل أنت أمي؟ أو عمتي؟ كما تعلمين لدى العمة سيلفي نوع من…”.
عقلي لا يزال يربط نفسه معًا مرة أخرى وبينما نعانق بعضنا البعض فقدت المسار الذي بدأ منه شريكي والذي إنتهيت فيه.
تفاعل جسدي بشكل عميق مع الوجود المفاجئ للكثير من المانا وبدأت غريزيًا في إلتهامها كما أن نواتي تطالب بها بجوع أسرع مما يمكن أن تجتذبه عروقي.
“بابا… أنت حقيقي كنت أخشى أنك مجرد حلم”.
“نواتك” مددت يدي ولمست أطراف أصابعي صدر آرثر بينما أجمع الأفكار المتشكلة التي تنجرف على طول إرتباطنا العقلي “لقد تغيرت حقًا أليس كذلك؟”.
مفهوم الوقت محطم تماما في هذا المكان الأثيري الغريب لذا بقينا نحن الإثنين نطفو وربما دام إحتضاننا لفترة أقصر أو إستمر مدى الحياة، تمسكت بشدة بهذا الإرتباط لأني أحتاج إلى حضور آرثر لأرسخ هذه اللحظة في الزمان والمكان.
‘خطر ببالي أنه سيكون لدينا قدر كبير من الشرح لنقوله عندما نعود إلى مورداين’ قال ريجيس بصوته الغريب في عقلي ‘ناقص ألدير وزائد سيلفي… أمل ألا يبدأ طيور العنقاء في الإنهيار عند رؤية تنين’.
قال صوت – ليس صوت آرثر – من الفراغ “إذن… مرحبًا”.
“على ما يبدو لديك الكثير لتخبرني به أيضًا” قلت وأثناء حديثي أدركت وجود إزعاج في رئتي كما لو أنني أتنفس تحت بطانية ثقيلة.
إنفتحت عيني محدقة بشكل لا يصدق في كائن غريب يطفو بجانب أرثر – يبدو مثل الذئب بإستثناء أن فروه كالظل النقي – مع حلقة مشتعلة من اللهب الأثيري تشتعل على رقبته، نظر إلي بعينين ساطعتين تتألقان في الظلام تحت زوج من قرون العقيق اليماني المستقيمة.
حاولت تهدئة عقلي لكن العاصفة الهائجة داخل جمجمتي تزداد قوة ويبدو أنها زادت من شدة الألم الذي ينتشر من نواتي، ومضت الصور أمام عيني أسرع مما أستطيع أن أفهمه وحياتي كلها تمر في تتابع سريع لكن الجدول الزمني مختلط والصور تم إلتقاطها من كل مكان.
لمست القرون الخارجية من رأسي وشعرت بالتوتر بشكل لا يمكن تفسيره – هذا ليس صحيحًا تمامًا – أنا لست متوترة بل في حيرة من أمري، المخلوق هو المتوتر وعواطفه تغوص بداخلي مثل مشاعر أرثر إلا أن هناك جدار بين عقولنا.
– كنت أتدرب مع جدي كيزيس إندراث في إفيوتوس.
“سيلفي… مرحبًا – كما تعلمين – في الواقع لست متأكدًا تمامًا من إسمك… إذا هل نحن أشقاء؟ أشقاء من أبوين مختلفين؟ هل أنت أمي؟ أو عمتي؟ كما تعلمين لدى العمة سيلفي نوع من…”.
“يملأ الفراغ الذي تركته في حياته من خلال الإرتباط مع كائن آخر يتحدث ويغير شكله ويمتلك الأثير؟”.
“مرحبًا ريجيس” قلت بإبتسامة متنامية وإسمه يظهر لي من عقل أرثر.
نزلنا سريعًا عبر الفراغ حتى وصلنا إلى الدانجون العائم – ريجيس خلفنا – من الخارج بإمكاني أن أرى جزئيًا من خلال الصخور والأرض كما لو أنهم غير ملموسين أو شفافين، عندما أطلق أرثر إنفجارًا مكثفًا من الأثير ثبت أنهم حقيقيين للغاية حيث تحطمت الحجغرة وحلقت في كل إتجاه، بعدها قام بإحداث ثقب في الجدار الخارجي وفتح الطريق إلى الدانجون أين طرنا في الفجوة ضد إندفاع الهواء والمانا والأثير.
فجأة الذكريات الوامضة والأفكار المفككة تقفز مثل الشرارات الكهربائية خلف عيني – الكثير منها – كل ومضة مصحوبة بجرعة من الألم.
– كنت أتدرب مع جدي كيزيس إندراث في إفيوتوس.
أغلقت عيني وضغطت أصابعي على صدغي “أرثر – أفكارك – لا أستطيع…”.
– سيلفي إندراث :
ركض تيار خفي من التنبيهات تحت كل مشاعري المتضاربة الأخرى ثم توقف الطوفان حينها أخذت نفسا ثابتا وتخلصت من الألم المستمر.
أغلقت عيني ووصلت إلى عقله حينها شعرت بالحاجز الذي أفسح المجال ليشكل نفسه من حولي – لم ينكسر تمامًا بل أفسح المجال لي – لأرى نفسي من خلال عيون آرثر.
“سيلفي أنا آسف كان يجب أن أدرك…” قال أرثر وشعرت أنه يبتعد للخلف قليلاً.
“أنا أبدو أكبر سناً” قلت وفتحت عينيّ “مثلك تماما فقد إنتظرت طوال عمري حتى أعود”.
“ليس خطأك…” حركت رأسي ببطء.
“هاه!” سمعت صوت مزدهر من الجانب وكافحت لألقي نظرة عن كثب على الرجل.
فتحت عيني مرة أخرى وقابلت ريجيس الذي بدا كما لو أنه هو نفسه قد فعل شيئًا يؤذيني.
“إذا كان له إسم فأنا لا أعرفه” قال آرثر بجدية “أعتقد أنه عالم الأثير الذي بناه الجن بداخل مقابرهم”.
“ذهني… مليء بعاصفة مستعرة في الوقت الحالي… أفكاري الخاصة متباينة ومفككة وكثيرة… لكن من دواعي سروري مقابلتك ريجيس”.
“مهلا! أنا فقط أعوم هنا ماذا فعلت؟”.
ثنى الذئب ساقيه الأماميتين وخفض رأسه في إنحناءة محرجة بشكل عائم، لم يسعني إلا أن أضحك على المنظر الأمر الذي جعل ريجيس يطلق ضحكة مكتومة أيضًا.
خفت حدة تردده ثم منحنيا إلى الأمام لف ذراعيه القويتين وجذبني إليه.
“تبدين مختلفة” قال آرثر في الصمت الذي أعقب ذلك.
“يملأ الفراغ الذي تركته في حياته من خلال الإرتباط مع كائن آخر يتحدث ويغير شكله ويمتلك الأثير؟”.
جعلتني الكلمات غير مرتاحة وقد إستغرق مني الأمر بعض الوقت لأدرك السبب، كنا منفصلين لفترة طويلة لكن بالنسبة لي المعركة ضد نيكو وكاديل في ديكاثين كانت قبل لحظات وطوال حياتي.. كما أنني لست معتادة على أن يخفي أرثر أفكاره ومشاعره عني تمامًا.
أغلقت عيني ووصلت إلى عقله حينها شعرت بالحاجز الذي أفسح المجال ليشكل نفسه من حولي – لم ينكسر تمامًا بل أفسح المجال لي – لأرى نفسي من خلال عيون آرثر.
أغمض آرثر عينيه وبدأ الأثير يتحرك حينها تراجعت عدة أقدام للوراء مما أتاح له مساحة للتركيز.
إنسكب شعري الأشقر على كتفي وبرزت منه القرون السوداء للأسفل مع عيون صفراء زاهية تشبه الأحجار الكريمة في وجه أصبح أكثر حدة وأكبر قليلاً، إرتديت فستانًا أسود من الحراشف الدقيقة اللامعة التي إلتقطت الضوء الأرجواني لهذا العالم وعكسته مرة أخرى مما جعل جسدي يبدو وكأنه غير واضح في الفراغ.
تغيرت البوابة لتظهر الصورة الشبحية لكهف ضخم على الجانب الآخر مع رجل كبير شغل الغرفة – بدا أنه يقوم ببعض حركات التدريب – لكنني رأيته للحظة قبل أن يأخذ أرثر بيدي ويسحبني من خلال البوابة معه.
“أنا أبدو أكبر سناً” قلت وفتحت عينيّ “مثلك تماما فقد إنتظرت طوال عمري حتى أعود”.
“سيدي يناديني…” أدار ريجيس عينيه نحوي.
“ماذا تقصدين؟” سأل آرثر بقلق في وجهه يختلط بمشاعري وإن كان بعيدًا “سيلفي ماذا فعلت في ذلك الوقت؟ أين كنت؟”.
“كنت أعلم أنك ستعود” قال بصوت مرتفع جدًا بينما يصفع آرثر على كتفه وبطريقة ما لم يتم إرسال شريكي إلى الحائط “على الرغم من مظهرك الهش وسلوكك المتجمد هناك لهيب في قلبك يحترق مثل أي طائر عنقاء لذا كنت أعلم أنك لن تبتعد عن المعركة المقبلة”.
“الوقت” قلت ثم هززت رأسي غير متأكدة من أن مقدار ما أتذكره هو الحقيقة “سيكون هناك وقت لأخبرك بكل ما أعرفه” نظرت حولي مرة أخرى وأصبحت أكثر فضولًا مع تلاشي ضباب عودتي “أين نحن؟”.
[حتى الوقت ينحني أمام المصير] قال صوت في رأسي وبدا مثل صوتي [سوف تكتشفين ذلك قريبًا].
“إذا كان له إسم فأنا لا أعرفه” قال آرثر بجدية “أعتقد أنه عالم الأثير الذي بناه الجن بداخل مقابرهم”.
“لا أنا بخير” أكدت له عبر الإتصال المحمي جزئيًا بين عقولنا “هناك شيء آخر تريده هنا أليس كذلك؟”.
تتجلى معرفة ما تعنيه هذه المصطلحات من أفكار أرثر أثناء حديثه لكن هذا لم يؤدي إلا إلى إرباكي أكثر.
كنت سعيدة بإغلاقه لعينيه بعد ثانية لأن الإهتزاز أصبح أكثر عنفًا ما جعلني أعانق ذراعي مجددا رغم أن هذا لم يكن مفيدًا، بدلاً من ذلك حاولت أن أتبع العملية النهائية لإنشاء آرثر لهذه الطبقة الثالثة حول نواة الأثير، شعرت أن الأثير يتحرك داخله ويتصلب أثناء تشكيله له ما جعلني مرتبكة ولكن في مرحلة ما سقط الحاجز بين عقلي وعقله حينها تمكنت من متابعة قطار أفكاره.
“على ما يبدو لديك الكثير لتخبرني به أيضًا” قلت وأثناء حديثي أدركت وجود إزعاج في رئتي كما لو أنني أتنفس تحت بطانية ثقيلة.
– كنت أخسر المعركة أمام المنجل أوتو مع دزينة من رماحه السوداء التي تخترق حراشفي بالفعل.
“سيلفي؟”.
قال صوت – ليس صوت آرثر – من الفراغ “إذن… مرحبًا”.
لا يوجد مانا هنا… أدركت بنوع من الفضول المنفصل.
لمست القرون الخارجية من رأسي وشعرت بالتوتر بشكل لا يمكن تفسيره – هذا ليس صحيحًا تمامًا – أنا لست متوترة بل في حيرة من أمري، المخلوق هو المتوتر وعواطفه تغوص بداخلي مثل مشاعر أرثر إلا أن هناك جدار بين عقولنا.
لقد عانيت من هذا النقص في المانا كحرق ينمو ببطء من صدري لكن لم يكن الأمر خطيرًا – ليس بعد – إلا أنه مزعج وزاد من تشويشي.
“سيلفي… مرحبًا – كما تعلمين – في الواقع لست متأكدًا تمامًا من إسمك… إذا هل نحن أشقاء؟ أشقاء من أبوين مختلفين؟ هل أنت أمي؟ أو عمتي؟ كما تعلمين لدى العمة سيلفي نوع من…”.
“يجب أن نذهب” قال آرثر وقد إزداد قلقه حدة “هذا المكان ليس آمنًا للأزوراس يمكننا…”.
“سيلفي أنا سعيد لعودتك أخيرًا ولا شيء آخر يهم فحتى أنا لا أعرف ما إذا كان بإمكاني تكوين طبقة أخرى حول نواتي لكن هذه مشكلة ليوم آخر الآن…”.
“لا أنا بخير” أكدت له عبر الإتصال المحمي جزئيًا بين عقولنا “هناك شيء آخر تريده هنا أليس كذلك؟”.
“بالضبط” أجاب ريجيس بشكل غير مؤكد “لقد ولدت من الأكلوريت في يده مباشرة بعد تفككك وما إلى ذلك”.
“أنا…” فرك آرثر مؤخرة رقبته وإستحضر مشهدها وهجًا دافئًا في صدري “لا أريد أن أبقيك هنا لفترة أطول من اللازم”.
“يملأ الفراغ الذي تركته في حياته من خلال الإرتباط مع كائن آخر يتحدث ويغير شكله ويمتلك الأثير؟”.
لم يسعني إلا أن أبتسم لمحاولته الكذب “لقد نما حاجزك العقلي… هذا قاس يا أرثر”.
فتحت عيني مرة أخرى وقابلت ريجيس الذي بدا كما لو أنه هو نفسه قد فعل شيئًا يؤذيني.
“ألقي باللوم عليه” قال بإنزعاج مشيرًا إلى ريجيس.
وقف أمام البوابة وقد ظهرت كرة معدنية في يده ثم تفككت بلمسة واحدة “إنتظري سيلفي سنخرج من هنا خلال دقيقة واحدة فقط”.
“مهلا! أنا فقط أعوم هنا ماذا فعلت؟”.
“سيلفي؟”.
“نواتك” مددت يدي ولمست أطراف أصابعي صدر آرثر بينما أجمع الأفكار المتشكلة التي تنجرف على طول إرتباطنا العقلي “لقد تغيرت حقًا أليس كذلك؟”.
العملية مرهقة بالنسبة له فقد إشتملت على سحب كميات لا تصدق من الأثير – أكثر بكثير مما يمكن أن تتعامل معه نواته – وملء العضو بشكل زائد حتى يبدأ في التشقق، بعد ذلك في عجلة من أمره تم إستخدام الأثير الذي تم جمعه لإغلاق النواة وتثبيتها معًا وتشكيل طبقة صلبة حولها، لا يمكن صنع هذه الطبقة الجديدة إلا عن طريق سد الشقوق الناتجة عن عملية التحطيم وإلا فإن الأثير سيتبدد ببساطة.
شيئًا فشيئًا فتح آرثر أفكاره وأظهر لي حقيقة ما حدث له – لم يشوش الإتصال كما حدث من قبل لأن آرثر لا يزال يحتفظ بحاجز بيننا – ولكنه كاف أن أفهم الذكريات التي إنجرفت عبره: نواته المكسورة… إعادة بنائها بالأثير… الفخ… دفع الطاقة إلى مكان تشقق نواته…
“سيلفي أنا سعيد لعودتك أخيرًا ولا شيء آخر يهم فحتى أنا لا أعرف ما إذا كان بإمكاني تكوين طبقة أخرى حول نواتي لكن هذه مشكلة ليوم آخر الآن…”.
“ماذا تقصدين؟” سأل آرثر بقلق في وجهه يختلط بمشاعري وإن كان بعيدًا “سيلفي ماذا فعلت في ذلك الوقت؟ أين كنت؟”.
“أرثر كل شيء مهم عندما توازن ثقل العوالم على كتفيك” ضغطت على الألم في صدري وأجبرت نفسي على فعل كل ما هو ضروري “لقد عملت بجد لإعادتي لكنني الآن هنا ولن أذهب إلى أي مكان، إذا كان البقاء في هذا المكان لفترة أطول قليلاً سيساعدك على الوقوف في وجه أبي وجدي فعليك أن تفعل ذلك” عندما لم يتم تهدئة إنزعاج آرثر على الفور أضفت “من فضلك سيساعدني ذلك على الفهم فالكثير مما أظهرته لي يبدو غير واقعي”.
“كيو…؟”.
“مهلا هناك الكثير من المشاعر المتضاربة من كلا الجانبين” قال ريجيس مرتجفا مثل الكلب المبلل “هذا سوف يستغرق بعض الوقت لأعتاد عليه”.
“يجب أن نذهب” قال آرثر وقد إزداد قلقه حدة “هذا المكان ليس آمنًا للأزوراس يمكننا…”.
نظر أرثر إلى ريجيس للحظة ثم أغلق عينيه وحسم الأمر في عقله “أنت أولويتي في المجيء إلى هنا يا سيلفي ولكن إذا إستطعت أن أغتنم هذه الفرصة لزيادة قوتي أيضًا…”.
عقلي لا يزال يربط نفسه معًا مرة أخرى وبينما نعانق بعضنا البعض فقدت المسار الذي بدأ منه شريكي والذي إنتهيت فيه.
‘لا حاجة للشرح’ قلت عقليا.
“بالضبط” أجاب ريجيس بشكل غير مؤكد “لقد ولدت من الأكلوريت في يده مباشرة بعد تفككك وما إلى ذلك”.
إبتسم لي بطريقة خجولة وجذبني لعناق سريع آخر “شكرا لك سيلفي وآسف لم أقل ذلك بالفعل لكنني سعيد بعودتك”.
لا يوجد مانا هنا… أدركت بنوع من الفضول المنفصل.
“أنا أرتجف عندما أفكر في ما كنت ستفعله بدوني” سخرت معززة الحاجز العقلي الخاص بي حتى لا تتسرب أفكاري إلى أفكار آرثر.
رد فعل جسدي الجائع غريزيًا هو إمتصاص كل ما يمكنه من المانا لكن لم يكن هناك ما يكفي لإبقائي.
أنا بحاجة إلى أن أكون قوية من أجله كما كنت دائمًا فأنا حارسته على الرغم مما جعلني هذا المكان أشعر به – كما لو أنني في حمام بماء دافئ يتسرب حتى يبرد ببطء ويستنزف – شعرت أن الخطوة التالية بالنسبة إلى أرثر ضرورية.
هززت رأسي وإبتعدت عنه محاولة الحفاظ على تعبير رواقي، إرتجفت حتى ظهرت نتوءات دقيقة على بشرتي المكشوفة “لست متأكدة من المدة التي مرت أيضًا ربما بضعة أيام…”.
لقد إنتظرته طوال حياتي لذا يمكنني الإنتظار لفترة أطول.
“كنت أعلم أنك ستعود” قال بصوت مرتفع جدًا بينما يصفع آرثر على كتفه وبطريقة ما لم يتم إرسال شريكي إلى الحائط “على الرغم من مظهرك الهش وسلوكك المتجمد هناك لهيب في قلبك يحترق مثل أي طائر عنقاء لذا كنت أعلم أنك لن تبتعد عن المعركة المقبلة”.
أغمض آرثر عينيه وبدأ الأثير يتحرك حينها تراجعت عدة أقدام للوراء مما أتاح له مساحة للتركيز.
“هاه!” سمعت صوت مزدهر من الجانب وكافحت لألقي نظرة عن كثب على الرجل.
ترك ريجيس جانبه وسبح في الفراغ حتى أصبح بجواري وأستطيع أن أعرف أنه حريص على قول شيء ما لأنه بدا أنه يبني شجاعته، بدا الشعور من ذئب الظل الذي على عكس أي مخلوق رأيته في حياتي غريب ومألوف ومريح ومنفر.
فجأة الذكريات الوامضة والأفكار المفككة تقفز مثل الشرارات الكهربائية خلف عيني – الكثير منها – كل ومضة مصحوبة بجرعة من الألم.
عندما نظرت إلى أسفل لاحظت شيئًا آخر لأول مرة… هناك شيء مثل الدانجون يطفو بحرية في الفراغ جدرانه سميكة وشبه شفافة مصنوعة من التراب والحجر كما أستطيع أن أرى الممرات المظلمة داخله.
قسوة تلك الذاكرة أعادتني إلى الحاضر حيث تنفست بصعوبة بينما الألم في جمجمتي ينحسر وبدأت في التقلص والتيبس، إتسع الحرق في نواتي ومعظم أجزاء جسدي كما لو أنني أتضور جوعاً من أجل الأكسجين بإستثناء أن المانا هي التي أحتاجها، ومضت عينيّ مفتوحتان بضبابية وغير مركزتين لأكتشف وجه أرثر على بعد بوصات فقط من وجهي، يديه على ذراعي وهو يحاول بلطف أن يوقظني من حلمي ووجهه شاحب من الخوف.
“المقابر الأثرية” قال ريجيس وهو ينظر إلى الأسفل “نوعا ما مثل المنزل… أعتقد أنه يمكنك القول أنني ولدت هناك – ليس هناك على وجه الخصوص – فقط كما تعلمين…” ظل هادئًا للحظة وشبه خجول “مهلا أردت فقط أن أقول لا مشاعر قاسية أليس كذلك؟ مثلا أنا لست (بديل سيلفي) أو أي شيء من هذا القبيل كما تعلمين…”.
شققت طريقي إلى اليقظة رافضة الإستسلام… لا أستطيع ليس هنا بوجود أرثر بعمق داخل نفسه لدرجة أنه شبه عديم الحس… ليس الآن بعد عودتي للتو.
“يملأ الفراغ الذي تركته في حياته من خلال الإرتباط مع كائن آخر يتحدث ويغير شكله ويمتلك الأثير؟”.
“أرثر كل شيء مهم عندما توازن ثقل العوالم على كتفيك” ضغطت على الألم في صدري وأجبرت نفسي على فعل كل ما هو ضروري “لقد عملت بجد لإعادتي لكنني الآن هنا ولن أذهب إلى أي مكان، إذا كان البقاء في هذا المكان لفترة أطول قليلاً سيساعدك على الوقوف في وجه أبي وجدي فعليك أن تفعل ذلك” عندما لم يتم تهدئة إنزعاج آرثر على الفور أضفت “من فضلك سيساعدني ذلك على الفهم فالكثير مما أظهرته لي يبدو غير واقعي”.
“بالضبط” أجاب ريجيس بشكل غير مؤكد “لقد ولدت من الأكلوريت في يده مباشرة بعد تفككك وما إلى ذلك”.
“لا أنا بخير” أكدت له عبر الإتصال المحمي جزئيًا بين عقولنا “هناك شيء آخر تريده هنا أليس كذلك؟”.
“لا توجد مشاعر قاسية” أجبت بإبتسامة صغيرة “أنا سعيدة لأنه إمتلكك فيمكن أن يكون… حسنًا من الصعب أن أقول ما سيحدث لو ترك بمفرده لكن ربما لن يكون الأمر جيدًا”.
“مهلا هناك الكثير من المشاعر المتضاربة من كلا الجانبين” قال ريجيس مرتجفا مثل الكلب المبلل “هذا سوف يستغرق بعض الوقت لأعتاد عليه”.
“يمكنني سماعكم” قال أرثر بينما يفتح عينًا لإلقاء نظرة خاطفة علينا “آسف للمقاطعة لكني بحاجة إلى ريجيس فهناك أثير لا حدود له هنا وتسخير ما يكفي منه دون أن تفرضه قطعة الجن علي سيكون أمرًا صعبًا”.
“مهلا! أنا فقط أعوم هنا ماذا فعلت؟”.
“سيدي يناديني…” أدار ريجيس عينيه نحوي.
ثنى الذئب ساقيه الأماميتين وخفض رأسه في إنحناءة محرجة بشكل عائم، لم يسعني إلا أن أضحك على المنظر الأمر الذي جعل ريجيس يطلق ضحكة مكتومة أيضًا.
ضحكت خلف يدي بينما يختفي شكل ذئب الظل وأصبح للحظات خصلة صغيرة من الطاقة قبل أن يغرق في صدر أرثر، أعطاني أرثر إبتسامة متعبة لكنها لطيفة قبل أن يغلق عينه مرة أخرى حينها راقبت عن كثب محاولة متابعة ما يحدث بنجاح محدود، من المستحيل عدم إدراك نواة الأثير لأنها تحترق مثل نجم تحت عظم أرثر إلا أن حواسي لم تشفى تمامًا بعد، الفراغ الغريب وغياب المانا بداخله والحضور الساحق للأثير كل ذلك أدى إلى إرباك البصر والسمع واللمس والحواس الدقيقة لجوهر المانا.
“سيدي يناديني…” أدار ريجيس عينيه نحوي.
علمت أن الأمر يتطلب الصبر لأن جسدي وعقلي لا يزالان يتجددان وحتى في لمحة موجزة عن الذكرى التي تلقيتها من أرثر هناك الكثير للتصالح معه، تمامًا مثلما ضحيت بنفسي لإنقاذ أرثر إستدار وأغرق نفسه في داخلي لإعادتي إن رعايته وحمايته وحبه هي التي ساعدتني على الفقس في المرة الأولى لكن حتى قبل ذلك كنت من أرشد روحه، جفلت وفركت معابدي مرة أخرى لأنه من المؤلم التفكير مليًا في تناقض تناسخه وعودتي إلى بيضتي، إنقسمت روحي وتشتتت عبر الزمن مثل أوراق الخريف التي بدورها تحمي وتخصب النمو الجديد تحتها…
“نواتك” مددت يدي ولمست أطراف أصابعي صدر آرثر بينما أجمع الأفكار المتشكلة التي تنجرف على طول إرتباطنا العقلي “لقد تغيرت حقًا أليس كذلك؟”.
هرب مني أنين ضعيف ما إضطرني إلى عض شفتي لأمنع الصراخ من الألم رغم أن عينا آرثر مغمضتان وعقله في تأمل ما جعله غافلاً، إن وجوده هو المرساة التي ربطت بها نفسي في الواقع فالتنافر بين روحي وجسدي ينمو وبدونه أنا قلقة من أن أعود إلى لا شيء، ضغطت على عينيّ وأغلقتهما بإحكام شديد لدرجة أن الألوان والأشكال الغريبة تتفتح خلف جفني بينما سحبت ركبتي نحو صدري ولففت ذراعي حولهما كالكرة متمنية أن يمر الألم.
“يملأ الفراغ الذي تركته في حياته من خلال الإرتباط مع كائن آخر يتحدث ويغير شكله ويمتلك الأثير؟”.
[حتى الوقت ينحني أمام المصير] قال صوت في رأسي وبدا مثل صوتي [سوف تكتشفين ذلك قريبًا].
“إذا كان له إسم فأنا لا أعرفه” قال آرثر بجدية “أعتقد أنه عالم الأثير الذي بناه الجن بداخل مقابرهم”.
شعرت بأن وعيي ينحسر عني ولكن ماذا لو إبتعد أحدنا أو كلانا عن بعضنا البعض؟ أو تهديد خفي أحس بضعفنا وهاجمنا؟… علي أن أبقى واعية.
“لا توجد مشاعر قاسية” أجبت بإبتسامة صغيرة “أنا سعيدة لأنه إمتلكك فيمكن أن يكون… حسنًا من الصعب أن أقول ما سيحدث لو ترك بمفرده لكن ربما لن يكون الأمر جيدًا”.
شققت طريقي إلى اليقظة رافضة الإستسلام… لا أستطيع ليس هنا بوجود أرثر بعمق داخل نفسه لدرجة أنه شبه عديم الحس… ليس الآن بعد عودتي للتو.
مفهوم الوقت محطم تماما في هذا المكان الأثيري الغريب لذا بقينا نحن الإثنين نطفو وربما دام إحتضاننا لفترة أقصر أو إستمر مدى الحياة، تمسكت بشدة بهذا الإرتباط لأني أحتاج إلى حضور آرثر لأرسخ هذه اللحظة في الزمان والمكان.
حاولت تهدئة عقلي لكن العاصفة الهائجة داخل جمجمتي تزداد قوة ويبدو أنها زادت من شدة الألم الذي ينتشر من نواتي، ومضت الصور أمام عيني أسرع مما أستطيع أن أفهمه وحياتي كلها تمر في تتابع سريع لكن الجدول الزمني مختلط والصور تم إلتقاطها من كل مكان.
أشار شول إلى الحائط حيث تم تسجيل عشرات العلامات في الحجر “لقد تدربت هنا كل يوم منذ مغادرتك في إنتظار عودتك حتى نتمكن من نقل المعركة إلى أغرونا… علامة واحدة لكل يوم” إبتسم بفخر لأرثر “أنا مستعد للسفر معك أرثر ليوين”.
– كنت أتدرب مع جدي كيزيس إندراث في إفيوتوس.
– كنت أصطاد في غابة الوحوش بينما أرثر ينقب في الأبراج المحصنة بإعتباره المغامر المقنع نوت.
‘خطر ببالي أنه سيكون لدينا قدر كبير من الشرح لنقوله عندما نعود إلى مورداين’ قال ريجيس بصوته الغريب في عقلي ‘ناقص ألدير وزائد سيلفي… أمل ألا يبدأ طيور العنقاء في الإنهيار عند رؤية تنين’.
– كنت أخسر المعركة أمام المنجل أوتو مع دزينة من رماحه السوداء التي تخترق حراشفي بالفعل.
“كيو…؟”.
– بلا جسد أشاهد غراي يتدرب ليصبح ملكًا.
“هاه!” سمعت صوت مزدهر من الجانب وكافحت لألقي نظرة عن كثب على الرجل.
– كنت أنا وأرثر نطير عالياً للغاية كما لو أن بإمكاني تحريك ذيلي ولمس النجوم حيث العالم الذي تحتنا مخفي بالغيوم وكلانا يبتسم بسعادة.
تجمد ريجيس أيضا عندما برز من ظل أرثر حيث إرتفعت حواجبه بينما خفتت ألسنة اللهب على رقبته “حسنًا هذا أطول قليلاً مما توقعنا…”.
– كنت أطلق نيران التنين الخاصة بي ضد نيران كاديل الروحية بينما تلتهم إرادة والدتي أرثر من الداخل إلى الخارج.
حاولت تهدئة عقلي لكن العاصفة الهائجة داخل جمجمتي تزداد قوة ويبدو أنها زادت من شدة الألم الذي ينتشر من نواتي، ومضت الصور أمام عيني أسرع مما أستطيع أن أفهمه وحياتي كلها تمر في تتابع سريع لكن الجدول الزمني مختلط والصور تم إلتقاطها من كل مكان.
– نظرت بلا حول ولا قوة إلى حزن أرثر على والده…
إنفتحت عيني محدقة بشكل لا يصدق في كائن غريب يطفو بجانب أرثر – يبدو مثل الذئب بإستثناء أن فروه كالظل النقي – مع حلقة مشتعلة من اللهب الأثيري تشتعل على رقبته، نظر إلي بعينين ساطعتين تتألقان في الظلام تحت زوج من قرون العقيق اليماني المستقيمة.
قسوة تلك الذاكرة أعادتني إلى الحاضر حيث تنفست بصعوبة بينما الألم في جمجمتي ينحسر وبدأت في التقلص والتيبس، إتسع الحرق في نواتي ومعظم أجزاء جسدي كما لو أنني أتضور جوعاً من أجل الأكسجين بإستثناء أن المانا هي التي أحتاجها، ومضت عينيّ مفتوحتان بضبابية وغير مركزتين لأكتشف وجه أرثر على بعد بوصات فقط من وجهي، يديه على ذراعي وهو يحاول بلطف أن يوقظني من حلمي ووجهه شاحب من الخوف.
“تبدين مختلفة” قال آرثر في الصمت الذي أعقب ذلك.
“سيلفي!”.
“ماذا تقصد بشهرين؟” تجمد أرثر.
“حسنًا” قلت وصوتي يكاد لا يُسمع قبل المتابعة “أنا بخير أرثر نواتك هل أنت…”.
‘خطر ببالي أنه سيكون لدينا قدر كبير من الشرح لنقوله عندما نعود إلى مورداين’ قال ريجيس بصوته الغريب في عقلي ‘ناقص ألدير وزائد سيلفي… أمل ألا يبدأ طيور العنقاء في الإنهيار عند رؤية تنين’.
فتشت عيون آرثر الذهبية في عيني “نواتي تشققت وما زلت أحاول إحتوائها في طبقة ثالثة بالأثير الذي جمعته مع ريجيس… أنا أسف جمعها أصعب بكثير هذه المرة لم أكن أدرك كم من الوقت مضى”.
“أرثر كل شيء مهم عندما توازن ثقل العوالم على كتفيك” ضغطت على الألم في صدري وأجبرت نفسي على فعل كل ما هو ضروري “لقد عملت بجد لإعادتي لكنني الآن هنا ولن أذهب إلى أي مكان، إذا كان البقاء في هذا المكان لفترة أطول قليلاً سيساعدك على الوقوف في وجه أبي وجدي فعليك أن تفعل ذلك” عندما لم يتم تهدئة إنزعاج آرثر على الفور أضفت “من فضلك سيساعدني ذلك على الفهم فالكثير مما أظهرته لي يبدو غير واقعي”.
هززت رأسي وإبتعدت عنه محاولة الحفاظ على تعبير رواقي، إرتجفت حتى ظهرت نتوءات دقيقة على بشرتي المكشوفة “لست متأكدة من المدة التي مرت أيضًا ربما بضعة أيام…”.
“حسنًا” قلت وصوتي يكاد لا يُسمع قبل المتابعة “أنا بخير أرثر نواتك هل أنت…”.
تجهم لكنني شعرت بصدمة من الإدراك المشترك حينها أعطاني إبتسامة مطمئنة “الوقت يتحرك أسرع هنا حتى لو مرت بضعة أيام فسيبقى يومًا واحدًا أو نحو ذلك في العالم الحقيقي، أنا آسف رغم ذلك ما كان يجب أن نبقى لم أكن أعتقد أن الأمر سيستغرق وقتًا طويلاً لقد إنتهيت تقريبا”.
– كنت أطلق نيران التنين الخاصة بي ضد نيران كاديل الروحية بينما تلتهم إرادة والدتي أرثر من الداخل إلى الخارج.
كنت سعيدة بإغلاقه لعينيه بعد ثانية لأن الإهتزاز أصبح أكثر عنفًا ما جعلني أعانق ذراعي مجددا رغم أن هذا لم يكن مفيدًا، بدلاً من ذلك حاولت أن أتبع العملية النهائية لإنشاء آرثر لهذه الطبقة الثالثة حول نواة الأثير، شعرت أن الأثير يتحرك داخله ويتصلب أثناء تشكيله له ما جعلني مرتبكة ولكن في مرحلة ما سقط الحاجز بين عقلي وعقله حينها تمكنت من متابعة قطار أفكاره.
شققت طريقي إلى اليقظة رافضة الإستسلام… لا أستطيع ليس هنا بوجود أرثر بعمق داخل نفسه لدرجة أنه شبه عديم الحس… ليس الآن بعد عودتي للتو.
العملية مرهقة بالنسبة له فقد إشتملت على سحب كميات لا تصدق من الأثير – أكثر بكثير مما يمكن أن تتعامل معه نواته – وملء العضو بشكل زائد حتى يبدأ في التشقق، بعد ذلك في عجلة من أمره تم إستخدام الأثير الذي تم جمعه لإغلاق النواة وتثبيتها معًا وتشكيل طبقة صلبة حولها، لا يمكن صنع هذه الطبقة الجديدة إلا عن طريق سد الشقوق الناتجة عن عملية التحطيم وإلا فإن الأثير سيتبدد ببساطة.
تجهم لكنني شعرت بصدمة من الإدراك المشترك حينها أعطاني إبتسامة مطمئنة “الوقت يتحرك أسرع هنا حتى لو مرت بضعة أيام فسيبقى يومًا واحدًا أو نحو ذلك في العالم الحقيقي، أنا آسف رغم ذلك ما كان يجب أن نبقى لم أكن أعتقد أن الأمر سيستغرق وقتًا طويلاً لقد إنتهيت تقريبا”.
رأيت في ذهن آرثر اللحظة التي إكتملت فيها العملية لأن كلانا فتح عينيه في نفس الوقت.
‘لا حاجة للشرح’ قلت عقليا.
طار نحوي على الفور وأخذني من يدي “تعالي دعينا نخرجك من هنا”.
إستخدم الجهاز لتغيير المكان الذي ستأخذنا إليه البوابة.
نزلنا سريعًا عبر الفراغ حتى وصلنا إلى الدانجون العائم – ريجيس خلفنا – من الخارج بإمكاني أن أرى جزئيًا من خلال الصخور والأرض كما لو أنهم غير ملموسين أو شفافين، عندما أطلق أرثر إنفجارًا مكثفًا من الأثير ثبت أنهم حقيقيين للغاية حيث تحطمت الحجغرة وحلقت في كل إتجاه، بعدها قام بإحداث ثقب في الجدار الخارجي وفتح الطريق إلى الدانجون
أين طرنا في الفجوة ضد إندفاع الهواء والمانا والأثير.
“سيلفي أنا آسف كان يجب أن أدرك…” قال أرثر وشعرت أنه يبتعد للخلف قليلاً.
رد فعل جسدي الجائع غريزيًا هو إمتصاص كل ما يمكنه من المانا لكن لم يكن هناك ما يكفي لإبقائي.
عقلي لا يزال يربط نفسه معًا مرة أخرى وبينما نعانق بعضنا البعض فقدت المسار الذي بدأ منه شريكي والذي إنتهيت فيه.
داخل الدانجون هبطنا على منصة إحتلت أحد طرفي غرفة كهفية تم فتح نفق مقوس فيها من الجانب الآخر عبر حفرة لا يقل عرضها عن 100 قدم، شيء هائل ومتقلب يتحرك داخل الحفرة ويمكن أن أشعر أنه يتجه نحونا لكن أرثر لم يهتم بالدانجون والحفرة والوحش بلا عقل.
‘خطر ببالي أنه سيكون لدينا قدر كبير من الشرح لنقوله عندما نعود إلى مورداين’ قال ريجيس بصوته الغريب في عقلي ‘ناقص ألدير وزائد سيلفي… أمل ألا يبدأ طيور العنقاء في الإنهيار عند رؤية تنين’.
وقف أمام البوابة وقد ظهرت كرة معدنية في يده ثم تفككت بلمسة واحدة “إنتظري سيلفي سنخرج من هنا خلال دقيقة واحدة فقط”.
عندما نظرت إلى أسفل لاحظت شيئًا آخر لأول مرة… هناك شيء مثل الدانجون يطفو بحرية في الفراغ جدرانه سميكة وشبه شفافة مصنوعة من التراب والحجر كما أستطيع أن أرى الممرات المظلمة داخله.
إستخدم الجهاز لتغيير المكان الذي ستأخذنا إليه البوابة.
تتجلى معرفة ما تعنيه هذه المصطلحات من أفكار أرثر أثناء حديثه لكن هذا لم يؤدي إلا إلى إرباكي أكثر.
‘خطر ببالي أنه سيكون لدينا قدر كبير من الشرح لنقوله عندما نعود إلى مورداين’ قال ريجيس بصوته الغريب في عقلي ‘ناقص ألدير وزائد سيلفي… أمل ألا يبدأ طيور العنقاء في الإنهيار عند رؤية تنين’.
أغلقت عيني وضغطت أصابعي على صدغي “أرثر – أفكارك – لا أستطيع…”.
”مورداين؟ الأمير المفقود؟” سألت في حيرة من أمري “لقد تعلمت القليل عنه في إفيوتس هل هو على قيد الحياة؟”.
نزلنا سريعًا عبر الفراغ حتى وصلنا إلى الدانجون العائم – ريجيس خلفنا – من الخارج بإمكاني أن أرى جزئيًا من خلال الصخور والأرض كما لو أنهم غير ملموسين أو شفافين، عندما أطلق أرثر إنفجارًا مكثفًا من الأثير ثبت أنهم حقيقيين للغاية حيث تحطمت الحجغرة وحلقت في كل إتجاه، بعدها قام بإحداث ثقب في الجدار الخارجي وفتح الطريق إلى الدانجون أين طرنا في الفجوة ضد إندفاع الهواء والمانا والأثير.
“حسنًا لقد كان كذلك عندما تركناه” أجاب ريجيس بينما بهز كتفيه قبل أن يذوب مرة أخرى في جسد أرثر ‘ظل مختبئا في غابة الوحوش من الجد كيزيس لمن يعرف كم من الوقت’.
“أرثر كل شيء مهم عندما توازن ثقل العوالم على كتفيك” ضغطت على الألم في صدري وأجبرت نفسي على فعل كل ما هو ضروري “لقد عملت بجد لإعادتي لكنني الآن هنا ولن أذهب إلى أي مكان، إذا كان البقاء في هذا المكان لفترة أطول قليلاً سيساعدك على الوقوف في وجه أبي وجدي فعليك أن تفعل ذلك” عندما لم يتم تهدئة إنزعاج آرثر على الفور أضفت “من فضلك سيساعدني ذلك على الفهم فالكثير مما أظهرته لي يبدو غير واقعي”.
تغيرت البوابة لتظهر الصورة الشبحية لكهف ضخم على الجانب الآخر مع رجل كبير شغل الغرفة – بدا أنه يقوم ببعض حركات التدريب – لكنني رأيته للحظة قبل أن يأخذ أرثر بيدي ويسحبني من خلال البوابة معه.
– كنت أطلق نيران التنين الخاصة بي ضد نيران كاديل الروحية بينما تلتهم إرادة والدتي أرثر من الداخل إلى الخارج.
تفاعل جسدي بشكل عميق مع الوجود المفاجئ للكثير من المانا وبدأت غريزيًا في إلتهامها كما أن نواتي تطالب بها بجوع أسرع مما يمكن أن تجتذبه عروقي.
“يجب أن نذهب” قال آرثر وقد إزداد قلقه حدة “هذا المكان ليس آمنًا للأزوراس يمكننا…”.
“هاه!” سمعت صوت مزدهر من الجانب وكافحت لألقي نظرة عن كثب على الرجل.
“على ما يبدو لديك الكثير لتخبرني به أيضًا” قلت وأثناء حديثي أدركت وجود إزعاج في رئتي كما لو أنني أتنفس تحت بطانية ثقيلة.
لا ليس رجلاً ولا أزوراس أو على الأقل جزء منه أزوراس فلديه هيكل قوي مع أكتاف عريضة وصدر عميق، وجهه عريض مثل جسده ولكن هناك أيضًا تلميح من النعومة الشبابية بينما شعره يميزه على أنه طائر عنقاء، لم أر قط كائناً بعيون غريبة مثله: واحدة برتقالية اللون مثل الحديد الساخن والأخرى بلون أزرق سماوي بارد.
“سيلفي… مرحبًا – كما تعلمين – في الواقع لست متأكدًا تمامًا من إسمك… إذا هل نحن أشقاء؟ أشقاء من أبوين مختلفين؟ هل أنت أمي؟ أو عمتي؟ كما تعلمين لدى العمة سيلفي نوع من…”.
“كنت أعلم أنك ستعود” قال بصوت مرتفع جدًا بينما يصفع آرثر على كتفه وبطريقة ما لم يتم إرسال شريكي إلى الحائط “على الرغم من مظهرك الهش وسلوكك المتجمد هناك لهيب في قلبك يحترق مثل أي طائر عنقاء لذا كنت أعلم أنك لن تبتعد عن المعركة المقبلة”.
– نظرت بلا حول ولا قوة إلى حزن أرثر على والده…
“لقد إستغرق الأمر وقتًا أطول مما كان متوقعًا…” إعترف أرثر غير مرتاح بشكل غير معهود “ولن يعود ألدير”.
رأيت في ذهن آرثر اللحظة التي إكتملت فيها العملية لأن كلانا فتح عينيه في نفس الوقت.
نصف طائر العنقاء – شول سمعت في أفكار أرثر – بدا كئيبًا “آه إذا واجهته في معركة مجيدة بسبب ما فعله بأراضي الجان؟ يبدو أنها معركة رائعة لأنها إستمرت شهرين”.
هززت رأسي وإبتعدت عنه محاولة الحفاظ على تعبير رواقي، إرتجفت حتى ظهرت نتوءات دقيقة على بشرتي المكشوفة “لست متأكدة من المدة التي مرت أيضًا ربما بضعة أيام…”.
“ماذا تقصد بشهرين؟” تجمد أرثر.
تجمد ريجيس أيضا عندما برز من ظل أرثر حيث إرتفعت حواجبه بينما خفتت ألسنة اللهب على رقبته “حسنًا هذا أطول قليلاً مما توقعنا…”.
أشار شول إلى الحائط حيث تم تسجيل عشرات العلامات في الحجر “لقد تدربت هنا كل يوم منذ مغادرتك في إنتظار عودتك حتى نتمكن من نقل المعركة إلى أغرونا… علامة واحدة لكل يوم” إبتسم بفخر لأرثر “أنا مستعد للسفر معك أرثر ليوين”.
– بلا جسد أشاهد غراي يتدرب ليصبح ملكًا.
لم يكن أرثر يستمع فقد إستنفد اللون من وجهه وأفكاره تتسابق أسرع مما إستطعت مواكبة ذلك لأنه فكر في عائلته وديكاثين وجيش ألاكريا منزوع السلاح في غابة الوحوش والحرب…
فتحت عيني مرة أخرى وقابلت ريجيس الذي بدا كما لو أنه هو نفسه قد فعل شيئًا يؤذيني.
تجمد ريجيس أيضا عندما برز من ظل أرثر حيث إرتفعت حواجبه بينما خفتت ألسنة اللهب على رقبته “حسنًا هذا أطول قليلاً مما توقعنا…”.
ترك ريجيس جانبه وسبح في الفراغ حتى أصبح بجواري وأستطيع أن أعرف أنه حريص على قول شيء ما لأنه بدا أنه يبني شجاعته، بدا الشعور من ذئب الظل الذي على عكس أي مخلوق رأيته في حياتي غريب ومألوف ومريح ومنفر.
–+–
– كنت أصطاد في غابة الوحوش بينما أرثر ينقب في الأبراج المحصنة بإعتباره المغامر المقنع نوت.
– ترجمة : Ozy.
“مرحبًا بعودتك سيلفي” رأيت إبتسامة ساخرة منحنية على إحدى زوايا شفاه أرثر.
“أنا أبدو أكبر سناً” قلت وفتحت عينيّ “مثلك تماما فقد إنتظرت طوال عمري حتى أعود”.
– نظرت بلا حول ولا قوة إلى حزن أرثر على والده…
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
