نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

الشطرنج الأبدي 39

خلق الإثارة.

خلق الإثارة.

 الفصل 39 — خلق الإثارة.

“سوو!!”

فوق ركُام الرمال السحيقة، فتح أغاريس قرمزي الشعر عينيه، متمتماً:”… لقد دخلت؟” مباشرةً بعد ثانية، أعاد التفكير في آخر ما رآه — في تلك الساحرة السماوية عشبية الشعر؛ في ذلك المشهد الأثيري حيث إستخدمت سحرها.

 الفصل 39 — خلق الإثارة.

ثم متذكراً ذلك، إندفع الأدرلينالين بداخله!

شعر وكأن حياته ستكون عديمة الفائدة إن تغاضى عنها، غلى دمه في عروقه، وصرخ:

” نعم! نعم!”

“كفى!!”

إنتصب شعر جسده بفعل رعشةٍ إنتشرت فيه، ما دفعه إلى تشكيل إبتسامة مثارة ومجنونة، مع إحمرار بشرته وعينيه بوضوح، وظهور طبقة من الدموع الخفيفة حول مجحظيه. بدأ بالقفز؛ كأرنبٍ مجنون. رافعاً يديه بنشوة.

أطلق أليتاليس ضحكةً ساخرة، لم يخفى ألمها ومراراتها.

” أجل! دماءٌ طازجة!”

تحطمّت أسطح الجليد المتفرعة كالزجاج، ومما لاشك فيه أن هذه كانت البداية؛ بدأت الأشجار الجليدية بالنبوت من على الأرض الرمالية سريعاً.

” نخبة من الدرجة العليا!”

إقشعر مصاص الدماء رعباً، ظهرت دوائر سحرية حوله، وإنفجر بالجليد. فور أن هبطا، تجمّدت قدما أغاريس بشدة، إمتدت كرمات زهورٌ بلورية بسرعة من كل مكان، وإلتفت حول أغاريس مقيّدة إياه، في كُل مرة كانت تنصهر فيها، عادت الكرمات بكثافة؛ بأعدادٍ أكبر. حتى أخفته تماماً؛ كشرنقة.

” كاسرٌ للعنة!”

‘أنا حي.’

” مفتاحي…وخصمي!”

لحسن الحظ، لم يُقاطع إنتباهه من الدم أو أنه لم يكن ليحمد عقبا ذلك. وبعد نصف الوقت المطلوب، أنهى سحره—

كيف لأغاريس ألّا يكون مثاراً ومتحمساً؛ للقاء عدوٍ محتمل — كتلك الساحرة؟ ربما كانت هذه هي أول مرة يشعر بها بهذا القدر من الإثارة منذ وصوله إلى هذا العالم. كان سعيداً!

لاطفت رائحة الدم الحلوة أنفه، كان سيتحرك هارباً، ولكن فجأة—

بعد دقائق من التهليل والقفز كالقرود المثارة، هدأ. فكر بالعديد من الأمور؛ مثل كيف سيواجه خصماً شديداً مثلها، وأين سيلقاها مجدداً. ثم إنزعج بشدة صافعاً وجهه. كان التفكير أمراً متعباً، وتعقيداً لا لزوم له.

شعر بدماغه يهتز، تشوّش مجال بصره، وإنتشر ألم حارقٌ من خده. شعر بنفسه يشق الهواء كقذيفة، لكن سرعان ما إستعاد نفسه بإدراكه لكونه ملكوماً لا أكثر.

رفع رأسه ثم عبس محدقاً بالسقف النيلي الداجي ذا خيوط الأشفاق الملونة، بأعين أظهرت شرراً وعداءاً صريحين. أطلق نفساً، قبل أن يهز كتفيه، ويضع يديه في جيبيه — مع نسيان أفكاره. ثم بدأ بمغادرة تلك النقطة، عبر البدأ في النظر حوله والسير.

‘التحرّك الآن ليس خياراً حكيماً.’

على طريقه، رأى أغاريس أشياءاً مختلفة؛ بقايا المبان المندثرة، آثار أقدام متنوعة، و مختلف بقايا الأجهزة السحرية؛ والتي كانت في حالة تعذر فيها التعرُّف عليها. وما إلى ذلك. لم يكن لديه أي مصلحة أو إهتمام فيها. لذلك غض طرفه عنها، باحثاً عن ما يستحق إهتمامه؛ ما كان ليجلب المتعة له.

بدأ أغاريس في السير مجدداً.

‘ تسك، ياللغبر. كم من ألفية قد مضت هنا.’

“هيه، ها أنت ذا!”

في الواقع، كان هذا البعد السري قديماً للغاية! حتى هو إستطاع معرفة ذلك. 

في منامه، عاش أليتاليس حياةً من السقوط والذلّ، حتى الإزدهار والمجد. رأى عدة مشاهد؛ كحياةٍ أخرى. في البداية، زاده ذلك يأساً، لكن مع مرور الوقت، بدأت بذرة الأمل بالنبوت قليلاً.

تكّونت المنطقة حوله من بيئة عشوائية؛ فتارةً كان يرى مبانٍ هالكة، وتارةً أخرى كثباناً متراكمة، أشجارٍ حجرية، وبقاياً خالية.

كان أليتاليس محطماً. لم يكُن فتىً شاباً، بل كان رجلاً قد تخطى الثلاثينات، أم أنه قد وصل للأربعين بالفعل؟ بقدر ما كان عمره مسألةً جانبية، كان قد تحمّل بما يكفي. وبدأ ضوء الأمل فوق رأسه بالتداعي.

في مرحلةٍ ما توقف فجأة، ثم نظر إلى الشرق. تعاقد حاجباه، ثم أمال رأسه قليلاً متمتماً:”…أمعقولٌ هذا؟ إنه خافت، لكن بإمكاني إستشعاره، بشرتي تقشعر يارجل…يالقوة هذه النيران.”ضحك في نهاية كلامه، ثم إبتسم. شعر بلسعة بسيطة تنتشر على كفه.

كان جائعاً. شعر وكأنه يستطيع إبتلاع ثلاث ثيران لوحده؛ لكن هل وجد شيءٌ كهذا هنا؟ للأسف، لم يرى أي كائنٍ حي. لكن ذلك لم يفرق كثيراً معه؛ فلم يحتج للأكل منذ الأساس؛ لكن بجانب القتال والبحث عن الفوضى، كان الأكل هوايةً أساسيةً له.

“آه، أعتقد أنني سأنهي ماهو عالقٌ أولاً.”

“لكما الخيار في قتلي، لكنني سأعيد مجد عائلتنا بيدي!”

بدأ أغاريس في السير مجدداً.

في تلك اللحظة، طفح كيل أليتاليس!

لم يعلم كم قد مرّ من الوقت.

متذكراً هذه الصور، بكى أليتاليس بمرارة.

كان جائعاً. شعر وكأنه يستطيع إبتلاع ثلاث ثيران لوحده؛ لكن هل وجد شيءٌ كهذا هنا؟ للأسف، لم يرى أي كائنٍ حي. لكن ذلك لم يفرق كثيراً معه؛ فلم يحتج للأكل منذ الأساس؛ لكن بجانب القتال والبحث عن الفوضى، كان الأكل هوايةً أساسيةً له.

“سووش!!”

بعد مدة مجهولة من السير والتعثر في الأطلال، وجد أغاريس أخيراً ما قد يثير إهتمامه، بالأحرى أحد أهدافه!

‘ مالذي فعلته لأستحق ذلك…؟؟’

ضاق بؤبؤه قليلاً عند رؤية آثار أقدام حديثة، تحركت المثلثات داخل عينيه، كصخورٍ عائمة فوق البحر. أكمل سيره لفترة غير طويلة؛ بين الركام؛ حتى توقف في النهاية لدى بقعةٍ ما. حيث وجِد أمامه رجلٌ ما، مختبئ فوق بقاياً مهدومة.

شعر وكأن هذا وحيٌ له؛ لئلا ينطفئ أمله.

كان رجلاً كبيراً في السن، بتجاعيد على وجهه، وشعرٍ أشيب. بدا أكبر بكثيرٍ منذُ آخر مرة، بهالاته السوداء أسفل عينيه، ولون بشرته الشاحب والقبيح. ناهيك عن زيادة الشيب على رأسه. بدا وكأنه قد عانى الأمرّين مؤخراً.

“غانغ!”

كان مصاص الدماء الذي كاد يقتل أغاريس!

إنتشرت الأداة كالشباك، وزادت وثاق أليتاليس حاجبةً فمه وعينيه.

ضاق بؤبؤه حين رأى أغاريس متجهاً نحوه هو — الذي من المفترض ألا يستشعره أحد، قبل أن يرى إبتسامةً على وجهه، والذي قال فجأة:”كنت مصاباً آخر مرة…مرحباً، و وداعاً.” دون الإسهاب في الكلام، إشتعلت النيران القرمزية فوق كفه المرفوع. والذي بدوره قد إنتشر إلى كونه عاصفةً نارية، ثم ألقى بها نحو الركام الصخري بلا تردد!!

“سو!!”

” سووش!!”

بعد هذا الإدراك، شعر أليتاليس فجأةً وكأن الحياة مؤخراً كانت لا تطاق.

“ووش.”

إنتشر البخار بكثّافة حارقة، بإستثناء بعض الأضواء المومضة؛ لم يُرى أي شيء سوى البياض الناصع الذي كان ليحرق أي مخلوق قد يقترب من هذه المنطقة. تحولت الأرض الرملية الجرداء، إلى غابةٍ من الثلج والبخار.

“إنفجار!!”

كان يائساً. لم يعلم ماكان عليه فعله. نظر إلى الأشفاق الملونة في السماء، أثناء تدفق الدموع من عينيه. لم يتألم من إصاباته بقدر فقدان نواته. ومع مرور الوقت، نام دون أن يدرك.

” كاككا!!”

في الواقع، كان هذا البعد السري قديماً للغاية! حتى هو إستطاع معرفة ذلك. 

تراقصت العاصفة النارية الضخمة، قبل أن تلمع ألسنتها برذاذٍ مبرق، تلته أصوات تشققٍ باردة، متجمدةً بالكامل!

“آه، أعتقد أنني سأنهي ماهو عالقٌ أولاً.”

“شا!!”

‘…لم أمت؟ لم يقتلني؟’

“إنفجار!!”

كان مصاص الدماء مستنفزاً بشدة. لم يكن في أفضل حالاته منذ البداية؛ وزاده القتال الحالي سوءاً فوق سوءه؛ فحتى الرتبة الرابعة إمتلكت حدودها.

تحطمّت أسطح الجليد المتفرعة كالزجاج، ومما لاشك فيه أن هذه كانت البداية؛ بدأت الأشجار الجليدية بالنبوت من على الأرض الرمالية سريعاً.

“هيه، ها أنت ذا!”

” همف! باغتتني في ألمي سابقاً، لكن ليس الآن!”شخر أغاريس، مستخدماً فنه الخاص — التنين المدمر. ظهرت حراشف دموية على جلده متحولةً إلى لونٍ كميتي؛ كالجمر الموقد. مشتعلة بأوشمٍ كالجحيم. في تلك اللحظة، إنتشرت موجةٌ هائلة من البخار الأبيض!

” أجل! دماءٌ طازجة!”

“سووش!!”

في منامه، عاش أليتاليس حياةً من السقوط والذلّ، حتى الإزدهار والمجد. رأى عدة مشاهد؛ كحياةٍ أخرى. في البداية، زاده ذلك يأساً، لكن مع مرور الوقت، بدأت بذرة الأمل بالنبوت قليلاً.

إختفت عشرات الأشجار الجليدية على الفور!

‘علي بالمثابرة.’

” إنفجار!!”

كان قد نجى!

“شاا!!”

أخفضت الأميرة عائشة حاجبيها قليلاً، كانت صامتة لمدة قصيرة. ثم فتحت شفتيها:”ألم تقل أنه مطيع؟”

“إنفجار!!”

“غوه!”

رقص أغاريس في الجو قافزاً عبر الفروع الجليدية البازغة، كان جسده رشيقاً. محطماً أياً ما أعاق طريقه من جليد؛ تبعته الفروع البلورية الحادة من الأسفل محاولةً إختراقه. لكن بدا وكأنها أضعف من حراشفه المدرعة، لتحطمها عند ملامستها له؛ ولإنصهار بعضها حتى قبل الوصول له. ما بدوره قد جعل مصاص الدماء يعبس.

من تلك الدوائر الثلاث، ظهرت ثلاث كرماتٍ بلورية لامعة، ذات جذورٍ سميكة بحجم رجلٍ بالغ، إندمجت معاً؛ وكونوا زهرة بديعة. خماسية البتلات، ذات وسطٍ برأس ثعبانٍ مفخّم مفتوح الفم. إزدادت المنطقة حولها جموداً؛ ولم يبقى من الرمال السابقة إلا الصقيع والثلج.

لم يتوقع مصاص الدماء لقاء أغاريس هنا، لكن هذا لم يغير شيئاً أو يصدمه كثيراً. سبق وأن حاول صيد أغاريس ذات مرة، لكنه فشل لتدخلٍ طفيلي ساعده. كان ينوي الإمساك به في كل الأحوال؛ لذلك إيجاد أغاريس له دون تعب أو بحثٍ منه قد أسعده إلى حدٍ ما.

لقد تذكر رحلة الملك ألوكاغين الأول؛ نضاله ضد مجتمع مصاصي الدماء لتغييره، ومدى إستحالة أهدافه ودربه الوعر. ورغم كُل ماعاناه من خيانات إلا أنه قد نجح في النهاية.

لم يكن ليدعه هذه المرة!

والآن — عانى من هذه الطامة، لتحقيق نبوءته، للتقدم!

لكن…

“آه، أعتقد أنني سأنهي ماهو عالقٌ أولاً.”

بدا وكأن خصمه قد كان أقوى مما ظن.

“كفى سحقاً لكم!!”

فبصرف النظر عن إستخدامه لكمٍ هائلٍ من المانا لصُنع مجالٍ مزيف من الرتبة الرابعة، كان قد إستخدم إستراتجية “البيئة ضد العدو” صانعاً غابة صغيرة لدحر و إعاقة أغاريس وعدم إعطاءه أي فرصة؛ جسداً وبصراً. فلم يكن ضامناً ألّا تحرقه نيران الأخير أولاً.

فجأة، برق فم الثعبان بضوءٍ أزرق كالنجوم، توقفت الرياح الباردة؛ وبدأ الصقيع بالتجمُّع في وسط الزهرة.

كانت هذا عراكاً للنار ضد الجليد. إستخدم سحرة عنصري الماء والجليد هذه الإستراتجية ضد سحرة اللهب في غالبية المعارك تقريباً.

من تلك الدوائر الثلاث، ظهرت ثلاث كرماتٍ بلورية لامعة، ذات جذورٍ سميكة بحجم رجلٍ بالغ، إندمجت معاً؛ وكونوا زهرة بديعة. خماسية البتلات، ذات وسطٍ برأس ثعبانٍ مفخّم مفتوح الفم. إزدادت المنطقة حولها جموداً؛ ولم يبقى من الرمال السابقة إلا الصقيع والثلج.

ولا مناص من قول…

“شاا!!”

“سووش!!”

رفع رأسه ثم عبس محدقاً بالسقف النيلي الداجي ذا خيوط الأشفاق الملونة، بأعين أظهرت شرراً وعداءاً صريحين. أطلق نفساً، قبل أن يهز كتفيه، ويضع يديه في جيبيه — مع نسيان أفكاره. ثم بدأ بمغادرة تلك النقطة، عبر البدأ في النظر حوله والسير.

“إنفجار!!!”

كان يائساً. لم يعلم ماكان عليه فعله. نظر إلى الأشفاق الملونة في السماء، أثناء تدفق الدموع من عينيه. لم يتألم من إصاباته بقدر فقدان نواته. ومع مرور الوقت، نام دون أن يدرك.

“هيه، ها أنت ذا!”

لقد تذكر رحلة الملك ألوكاغين الأول؛ نضاله ضد مجتمع مصاصي الدماء لتغييره، ومدى إستحالة أهدافه ودربه الوعر. ورغم كُل ماعاناه من خيانات إلا أنه قد نجح في النهاية.

أنّ أغاريس قد شقّ طريقه إليه غير متأثرٍ بذلك!

“لابأس، ناهيك عن الماء، قد نحظى ببعض الأحجار السحرية مقابل بيع هذا الدخيل. هيه، يالحظنا.”

إنتشر البخار بكثّافة حارقة، بإستثناء بعض الأضواء المومضة؛ لم يُرى أي شيء سوى البياض الناصع الذي كان ليحرق أي مخلوق قد يقترب من هذه المنطقة. تحولت الأرض الرملية الجرداء، إلى غابةٍ من الثلج والبخار.

تبادل مشتريه — الفارس الفضي وسيدته — الأميرة الحديث لفترة.

‘أوه، لا!’

“أنت لا تستطيع الموت بعد؟ لنسل أخيك؟ أها، أتبغي مساعدتهم؟”

رنّ ناقوس الخطر لدى مصاص الدماء، حينما رأى فجأةً — نصف رجل تنين قرمزي بازغاً من الأبخرة!

” إنفجار!!”

لاطفت رائحة الدم الحلوة أنفه، كان سيتحرك هارباً، ولكن فجأة—

— كان عزماً، إرادةً للعيش، رغبةً بالحياة، وأعين متقدةً بالطموح!

“إنفجار!!”

‘أنا لم أمُت بعد، مازلت أستطيع العودة.’

“سووش!!”

إكتسب أليتاليس العديد من المعلومات من حديثهما، وإستفاد عالماً عن وضع وحالة النّاس بداخل هذا البعد السري. وفي مرحلةٍ ما، أصبح هو محور حديثهما.

شعر بدماغه يهتز، تشوّش مجال بصره، وإنتشر ألم حارقٌ من خده. شعر بنفسه يشق الهواء كقذيفة، لكن سرعان ما إستعاد نفسه بإدراكه لكونه ملكوماً لا أكثر.

تحركت شفتاه المتشققتان، وبدأ بالتحدث مخنوقاً بعد مرور شيءٍ من الوقت. بصوتٍ كالبعوض؛ هامساً. فلم يملك خياراً آخراً، كان عليه النجاة والعيش.

“سوو!!”

‘…لم أمت؟ لم يقتلني؟’

تدارك مصاص الدماء نفسه بأقل من ثانية، فلم يكُ بالضعيف. خطط لحركته القادمة على الفور في الجو، عندما ربّت أغاريس — الذي ظهر قربه في مرحلةٍ ما على كتفه بخفة، بعينيه اللامعتين كالتوباز تحت الضوء، إبتسم ببرود وهمس:”قاتل بجد، فلن أمنحك فرصة أخرى. هيا هيا!”

“…سقوط.”

إقشعر مصاص الدماء رعباً، ظهرت دوائر سحرية حوله، وإنفجر بالجليد. فور أن هبطا، تجمّدت قدما أغاريس بشدة، إمتدت كرمات زهورٌ بلورية بسرعة من كل مكان، وإلتفت حول أغاريس مقيّدة إياه، في كُل مرة كانت تنصهر فيها، عادت الكرمات بكثافة؛ بأعدادٍ أكبر. حتى أخفته تماماً؛ كشرنقة.

” همف! باغتتني في ألمي سابقاً، لكن ليس الآن!”شخر أغاريس، مستخدماً فنه الخاص — التنين المدمر. ظهرت حراشف دموية على جلده متحولةً إلى لونٍ كميتي؛ كالجمر الموقد. مشتعلة بأوشمٍ كالجحيم. في تلك اللحظة، إنتشرت موجةٌ هائلة من البخار الأبيض!

السحر المركب — إينيسايغل!

كان جائعاً. شعر وكأنه يستطيع إبتلاع ثلاث ثيران لوحده؛ لكن هل وجد شيءٌ كهذا هنا؟ للأسف، لم يرى أي كائنٍ حي. لكن ذلك لم يفرق كثيراً معه؛ فلم يحتج للأكل منذ الأساس؛ لكن بجانب القتال والبحث عن الفوضى، كان الأكل هوايةً أساسيةً له.

“فووهـ…”

في تلك اللحظة، طفح كيل أليتاليس!

مطلقاً نفساً، تكثّف الصقيع على وجه مصاص الدماء، ناظراً إلى كتلة الجليد الضخمة أمامه، لم يرتح بختم خصمه، وقفز للخلف. فجأة، ظهرت دائرة سحرية أمامه؛ وتوسعّت لثلاث دوائر أخرى. بدأ بتلاوة تعويذة طويلة.

إخترقت الرماح الهواء، منتشرة في كُل البقاع، وبالذات نحو حيث الشرنقة. إخترقتها عددٌ لا يعد ولايحصى من الرماح الثعبانية مسننة الرأس، من كل الجهات غير تاركةٍ لأي فراغ.

“سوو!!”

عندما كان سيدًُور المانا في نواته، شعر فجأةً وكأنه عارٍ. كان شعوراً مقيتاً، بشكلٍ لايطاق. إنتشرت الرياح الباردة حوله، مما جعله يرتجف برداً؛ بنحوٍ معنوي. رغم إعتياده على ذلك، إلا أنه صُدم هذه المرة. أطلق سعالاً حاداً، وتعمق الإحمرار حول عينيه، مع إزدياد البرودة في قلبه.

من تلك الدوائر الثلاث، ظهرت ثلاث كرماتٍ بلورية لامعة، ذات جذورٍ سميكة بحجم رجلٍ بالغ، إندمجت معاً؛ وكونوا زهرة بديعة. خماسية البتلات، ذات وسطٍ برأس ثعبانٍ مفخّم مفتوح الفم. إزدادت المنطقة حولها جموداً؛ ولم يبقى من الرمال السابقة إلا الصقيع والثلج.

كيف لأغاريس ألّا يكون مثاراً ومتحمساً؛ للقاء عدوٍ محتمل — كتلك الساحرة؟ ربما كانت هذه هي أول مرة يشعر بها بهذا القدر من الإثارة منذ وصوله إلى هذا العالم. كان سعيداً!

فجأة، برق فم الثعبان بضوءٍ أزرق كالنجوم، توقفت الرياح الباردة؛ وبدأ الصقيع بالتجمُّع في وسط الزهرة.

‘جذبت المعركة الكثير من الإهتمام، وخطفت بينما كنت هائماً في أفكاري وأحلامي دون أشعر؟ تسببت إصاباتي في تخدري…نعم، لقد فقدت الوعي لمدة وحملت أثناء ذلك.’

“سووش!!”

“أوه، جميل. أطامحٌ أنت لأجلهم؟”

أنذر فم الثعبان بقوةٍ عظيمة؛ شاطفاً ماحوله من رياحٍ وثلوج منزلاً درجة الحرارة لأدنى مايكون في نقطة وحدة. في تلك اللحظة، بدا وكأن الوقت قد توقف. كان مصاص الدماء على وشك إكمال سحره، عندما شعر بشيءٍ يرتفع من حلقه.

‘أوه، لا!’

“جوغغ…”

“لن أقع في ذات الخطأ مرتين.”في تلك اللحظة، هز مصاص الدماء رأسه، مديراً رأسه:”إتباع دمك يخدع حواسي…لم أؤمن قطّ أن هذا سيفلح معك.”لم يكمل كلامه، ونظر لخصمه الذي بدا وكأنه قد هزم — ببرود.

بصق جرعة من الدم.

” كاسرٌ للعنة!”

“اللعنة…”

كان قد نجى!

كان مصاص الدماء مستنفزاً بشدة. لم يكن في أفضل حالاته منذ البداية؛ وزاده القتال الحالي سوءاً فوق سوءه؛ فحتى الرتبة الرابعة إمتلكت حدودها.

“سووش!!”

كان الهرب من سحرة البلاط الإمبراطوري في العالم الخارجي إزعاجاً كافياً، فكيف لهم بأن يسمحول لمصاص دماء أجنبي بالتجول عبثاً في أرضهم؟ بالأخص مع رتبته هذه؟ حتى رُمِي هنا وصادف وحشاً مرعباً لم يذكر سوى في السجلات التاريخية، ثم بعد الهرب بالكاد، لقي وحشاً من نوعٍ آخر…

“أوه، جميل. أطامحٌ أنت لأجلهم؟”

لحسن الحظ، لم يُقاطع إنتباهه من الدم أو أنه لم يكن ليحمد عقبا ذلك. وبعد نصف الوقت المطلوب، أنهى سحره—

“…”

السحر المطلق — سالانغرينسلاند!

إشتد وجهه مع بروز أوردته وإحمرار عينيه بالدموع، كان إعتاد أليتاليس على الذُّل والإهانة، كان قد صبر عليها…

وصل سطوع الدائرة السحرية إلى ذروته؛ في تلك اللحظة، ومن فم الثعبان؛ إندفعت عددٌ لايحصى من الأفاعي المتنوعة، لقد غطوا الأرض والسماء حوله، مطلقين رماحاً جليدية مسودة الرأس، قبل أن تتناثر في الهواء.

لم يختلف الفارس عنها، شعر أليتاليس مصاص الدماء المثابر وكأن شيئاً ما قد علق في حلقه، تجمّد جسده لوهلة، وبدأ بالإرتجاف.

“سو!!”

“سووش!!”

“سوو!!”

تدارك مصاص الدماء نفسه بأقل من ثانية، فلم يكُ بالضعيف. خطط لحركته القادمة على الفور في الجو، عندما ربّت أغاريس — الذي ظهر قربه في مرحلةٍ ما على كتفه بخفة، بعينيه اللامعتين كالتوباز تحت الضوء، إبتسم ببرود وهمس:”قاتل بجد، فلن أمنحك فرصة أخرى. هيا هيا!”

“سوو!!”

توقف أغاريس، وإبتسم بثناء، سالت قطرات الدم الكثيفة من فمه، وشعر بكتل الجليد المسننة تنشر بردها فيه، كجذورٍ صغيرة سامة. كان يعلم أنه على هذه الحال، سينتهي به المطاف بالتجمد حتى الموت.

إخترقت الرماح الهواء، منتشرة في كُل البقاع، وبالذات نحو حيث الشرنقة. إخترقتها عددٌ لا يعد ولايحصى من الرماح الثعبانية مسننة الرأس، من كل الجهات غير تاركةٍ لأي فراغ.

” كاسرٌ للعنة!”

“غوه!”

لم يعلم كم قد مرّ من الوقت.

فجأة، ظهر أغاريس خلف مصاص الدماء مبتسماً، كان جسده محفّراً بالرماح الجليدية وعلق بعضها عليه بعد، قبل أن يتصرف؛ شعر بالبرودة، حين إختُرِقَ ظهره من خمس ثعابين!

“شاا!!”

“لن أقع في ذات الخطأ مرتين.”في تلك اللحظة، هز مصاص الدماء رأسه، مديراً رأسه:”إتباع دمك يخدع حواسي…لم أؤمن قطّ أن هذا سيفلح معك.”لم يكمل كلامه، ونظر لخصمه الذي بدا وكأنه قد هزم — ببرود.

“سووش!!”

“أحسنت…”

في تلك اللحظة، وصلت حرارة الجو لأقصاها فجأة، شعر مصاص الدماء بذلك قبل حدوثه — وإستعد.

توقف أغاريس، وإبتسم بثناء، سالت قطرات الدم الكثيفة من فمه، وشعر بكتل الجليد المسننة تنشر بردها فيه، كجذورٍ صغيرة سامة. كان يعلم أنه على هذه الحال، سينتهي به المطاف بالتجمد حتى الموت.

‘أوه، لا!’

“لكنك إرتكبتَ خطأً الآن؛ تأكد من التعلُّم منه. ويالذكاءك، لقد تفاديت الخطأ الثاني.”رفع أغاريس يده المحرشفة ذات اللون القرمزي، ثم أمسك بأحد الرماح الجليدية التي بزغت من صدره. وقال:”إختراق قلبي لن يقتلني.”سعل دماً، وضحك:” فَلستُ بإنسي!”

شعر بدماغه يهتز، تشوّش مجال بصره، وإنتشر ألم حارقٌ من خده. شعر بنفسه يشق الهواء كقذيفة، لكن سرعان ما إستعاد نفسه بإدراكه لكونه ملكوماً لا أكثر.

في تلك اللحظة، وصلت حرارة الجو لأقصاها فجأة، شعر مصاص الدماء بذلك قبل حدوثه — وإستعد.

“إنفجار!!”

“إنفجارر!!”

‘ هاه!’

” إنفجارر!!”

” مع المصاعب تأتي الثروات؛ هذه محاكمة! فماذا لو شللت؟ لن يثنيني هذا، بل لأولدن من جديد؛ مستخدماً هذا كمسندٍ لي!”

“إنفجارر!!”

كانت هذا عراكاً للنار ضد الجليد. إستخدم سحرة عنصري الماء والجليد هذه الإستراتجية ضد سحرة اللهب في غالبية المعارك تقريباً.

حصلت ثلاث إنفجارات من جسد أغاريس على التوالي؛ لم تكن كبيرة جداً، لكّنها قد كانت فتاكة — بالأخص مع قوة لهيب الأخير، إحترقت النيران القرمزية، لكنها صُديت بالجليد. تبخرّت آلاف الرماح الجليدية في ثوان. وبعد دقائق، ظهر مشهدٌ آخر.

كان قد نجى!

كان أغاريس واقفاً كما كان، بشعره القرمزي، وجسد الفتى ذو سن الخامسة عشرة. إحترقت ملابسه، مبرزةً حروقاً فظيعة حول صدره، وعشرات الحفر المتنوعة، بخلاف ذلك، كانت يده اليمنى — غير موجودة!

إبتسم أغاريس، حتى في هذه الحالة — لم ينسى التبجُّح بنفسه، كان هذا محفوراً فيه. كاد أن يدخل يده المتبقية في جيبه بلا وعي، ملاحظاً بأن ملابسه قد إحترقت هذه المرة أيضاً. لم يتبقى إلا بضع أقمشة مجعّدة. هز كتفيه. ثم ضحك رافعاً صدره. لكنه عبس سريعاً — ملاحظاً شيئاً غير مفهوم له.

داس بقدمه على وجه مصاص الدماء، ثم تنهد:

“بقدر مايبدو وكأنه من العالم الخارجي، إلا أننا لا نستطيع إستبعاد كونه ساكناً أصلياً. ربما قد يكون متسللاً قد نوى أخذ الميراث قبل إنتشاره.”

“هذا متعب وممل خلاف إعتقادي…لم أُستنزف هكذا منذ فترة.”

إختفت عشرات الأشجار الجليدية على الفور!

“هاه…ذهبت طاقتي في شفاء نفسي، لا بالسحر. هذا مخيب!”

مع مرور كل ثانية، كان الملل والبرود يخيمان على وجهه. في النهاية، فقد إهتمامه بالإستماع لمصاص الدماء اليائس. بدلاً من ذلك، شدد أغاريس من قبضته على شعره مما دفع بشرته إلى الشحوب، ورميه بقوةٍ على الأرض — والذي جعله يبصق دماً أكثر. قبل أن يعطيه ظهره ويبدأ بالسير ضاحكاً — دون قتله.

إستنشق أغاريس خائباً. لم يشعر بالنصر، بل وأنه كمن إبتلع ذبابة. طقطق بكتفه الأيسر، قبل أن تنتشر طبقةٌ من الدماء المشتعلة على نصفه الأيسر وصدره؛ بادئةً بشفاءه، تطاير البخار منه.

— كان عزماً، إرادةً للعيش، رغبةً بالحياة، وأعين متقدةً بالطموح!

“لقد فقدت ذراعاً فقط؛ كلّ هذا…”نظر أغاريس إلى الأرض الباردة المثلجة حوله، وجدت العديد من برك المياه، ناهيك عن الأراضي المدمرة.”لأجل ذراع. نعم، لم أستخدم أكثر من ثلاث تعاويذ، لم تحفزّني كفاية! من المفترض أنّك أقوى، لكن أتعلم لما خسرت؟”

لاطفت رائحة الدم الحلوة أنفه، كان سيتحرك هارباً، ولكن فجأة—

إستلقى مصاص الدماء على الأرض ككلبٍ ميت، محاولاً الزحف بعيداً بلا وعي. كان جلده متبخراً، متجمداً في أماكن، ومنسلخاً في أخرى. أطلق طبقةً من الدُخان الحار؛ بينما إعتلى الرعب والألم وجهه. كان أسلم حالاً من أغاريس بكثير الذي كان كزومبي عائد من القبر؛ في النهاية، كان لايزال في الرتبة الرابعة.

‘…أنا حي؟’

لكن المانا خاصته قد نفدت!

ولا مناص من قول…

ماعنى أنه لم يختلف عن أي بشريٍ طبيعيٍ الآن — مع إصاباته هذه، كان أقل من ذلك.

كان قد نجى!

“لأنّك إتخذتني أنا — الدمار القرمزي أغاريس بريمتيفيا خصماً لك!”

‘ لماذا!!’

إبتسم أغاريس، حتى في هذه الحالة — لم ينسى التبجُّح بنفسه، كان هذا محفوراً فيه. كاد أن يدخل يده المتبقية في جيبه بلا وعي، ملاحظاً بأن ملابسه قد إحترقت هذه المرة أيضاً. لم يتبقى إلا بضع أقمشة مجعّدة. هز كتفيه. ثم ضحك رافعاً صدره. لكنه عبس سريعاً — ملاحظاً شيئاً غير مفهوم له.

كان مصاص الدماء هذا يُدعى بـ أليتاليس.

“في المقام الأول، لما تزحف بعيداً؟ آنذاك حاولت قتلي، أليس كذلك؟ وأنا أقتلك الآن؛ لضعفك — فقد إنعكست الآية!” بدا أغاريس غاضباً بصدق، بحاجييه المتعاقدين بعمق وعينيه المضيئتين. متذكراً كيف كان ليُقتل من مثل هذا الجبان حين إلتقيا أول مرة.

كان قد نجى!

أكان ليفجر نفسه منتحراً أمام مثل هذا الأبله الجبان؟ وافضيحتاه!

شعر بدماغه يهتز، تشوّش مجال بصره، وإنتشر ألم حارقٌ من خده. شعر بنفسه يشق الهواء كقذيفة، لكن سرعان ما إستعاد نفسه بإدراكه لكونه ملكوماً لا أكثر.

رفع رأس مصاص الدماء من الأرض، شاداً شعره بلا رحمة، صرخ:”أتهرب من نتائج أفعالك؟ جبانٌ لعين، تعال، واجهني من جديد!”

“لن أقع في ذات الخطأ مرتين.”في تلك اللحظة، هز مصاص الدماء رأسه، مديراً رأسه:”إتباع دمك يخدع حواسي…لم أؤمن قطّ أن هذا سيفلح معك.”لم يكمل كلامه، ونظر لخصمه الذي بدا وكأنه قد هزم — ببرود.

“…”

“هيه، ها أنت ذا!”

بعد ثلاث ثوان من الصمت، تنهد أغاريس لنفسه قائلاً برقة:”أفصح أيها الجبان، لما قد تخشى الموت؟ إستعد دائماً، وعش على المحكّ متلذذاً بكل لحظاتك! فهذه متعة الحياة!”

وضع أليتاليس في سوقٍ مؤقت صنعه المغامرون للتبادل كعبد، وشافا المغامرون شيئاً من إصاباته لا فضلاً منهم، بل لرفع سعره.

صمت مصاص الدماء الخاسر محاولاً إستعادة وضوح عقله. طنّ دماغه بشدة. نظر بعينين يائستين إلى أغاريس. لم يفهم أي نوعٍ من الهراء كان يقوله، لكن علم بأن فرصته في النجاة تكمن هنا.

لم يعتقد أبداً أن الأمر كان لينتهي هكذا. فب الواقع، من كان ليعتقد ذلك؟

“…”

السحر المطلق — سالانغرينسلاند!

تحركت شفتاه المتشققتان، وبدأ بالتحدث مخنوقاً بعد مرور شيءٍ من الوقت. بصوتٍ كالبعوض؛ هامساً. فلم يملك خياراً آخراً، كان عليه النجاة والعيش.

“…سقوط.”

لم يعتقد أبداً أن الأمر كان لينتهي هكذا. فب الواقع، من كان ليعتقد ذلك؟

“آه، أعتقد أنني سأنهي ماهو عالقٌ أولاً.”

“…”

‘يبدو أنهم مجموعة من المغامرين الفقراء، أيخططون لبيعي مقابل الغذاء؟’

“أنت لا تستطيع الموت بعد؟ لنسل أخيك؟ أها، أتبغي مساعدتهم؟”

إكتسب أليتاليس العديد من المعلومات من حديثهما، وإستفاد عالماً عن وضع وحالة النّاس بداخل هذا البعد السري. وفي مرحلةٍ ما، أصبح هو محور حديثهما.

“…”

تحركت شفتاه المتشققتان، وبدأ بالتحدث مخنوقاً بعد مرور شيءٍ من الوقت. بصوتٍ كالبعوض؛ هامساً. فلم يملك خياراً آخراً، كان عليه النجاة والعيش.

“أوه، جميل. أطامحٌ أنت لأجلهم؟”

إكتسب أليتاليس العديد من المعلومات من حديثهما، وإستفاد عالماً عن وضع وحالة النّاس بداخل هذا البعد السري. وفي مرحلةٍ ما، أصبح هو محور حديثهما.

“…هاه؟ حقاً؟ ممل. باه! مزعج، يالها من ترهات ميتٍ حمقاء!”

‘ تسك، ياللغبر. كم من ألفية قد مضت هنا.’

“إنفجار!!”

“سوو!!”

مع مرور كل ثانية، كان الملل والبرود يخيمان على وجهه. في النهاية، فقد إهتمامه بالإستماع لمصاص الدماء اليائس. بدلاً من ذلك، شدد أغاريس من قبضته على شعره مما دفع بشرته إلى الشحوب، ورميه بقوةٍ على الأرض — والذي جعله يبصق دماً أكثر. قبل أن يعطيه ظهره ويبدأ بالسير ضاحكاً — دون قتله.

فجأة، برق فم الثعبان بضوءٍ أزرق كالنجوم، توقفت الرياح الباردة؛ وبدأ الصقيع بالتجمُّع في وسط الزهرة.

“عش ضعيفاً مشلولاً كما أنت الآن، وتلذذ بعجزك. أجل! ألا تعد حياةٌ كهذه أكثر إمتاعاً؟ دعك من الآخرين؛ لاتتقيد بالغير، وعش لنفسك.”

” إنفجار!!”

“هيه.”توقف قليلاً، ثم إرتفعت ضحكاته:”إمتن، سأضيف الإثارة لحياتك؛ بألوانٍ جديدة!”

“لكما الخيار في قتلي، لكنني سأعيد مجد عائلتنا بيدي!”

” هاهاهاهاهاهاهاها~”

“سمعاً وطاعة.”

بعد مدةٍ غير معروفة، لم يتبقى سوى صدى نعق الغربان الراعدة — ضحكات الفتى قرمزي الشعر، في أذني مصاص الدماء فاقد الوعي. عندما إستيقظ في مرحلةٍ ما، مدركاً بأن عدوه الذي كاد أن يفتك به قد إختفى.

تدفق قطرات اليأس والمرارة من عينيه؛ معبرةً عن عجزه.

‘…لم أمت؟ لم يقتلني؟’

“آه، أعتقد أنني سأنهي ماهو عالقٌ أولاً.”

كان مصاص الدماء هذا يُدعى بـ أليتاليس.

‘…كينغرال، لقد لعنتني.’

‘…أنا حي؟’

في مرحلةٍ ما توقف فجأة، ثم نظر إلى الشرق. تعاقد حاجباه، ثم أمال رأسه قليلاً متمتماً:”…أمعقولٌ هذا؟ إنه خافت، لكن بإمكاني إستشعاره، بشرتي تقشعر يارجل…يالقوة هذه النيران.”ضحك في نهاية كلامه، ثم إبتسم. شعر بلسعة بسيطة تنتشر على كفه.

بعد هذا الإدراك، شعر أليتاليس فجأةً وكأن الحياة مؤخراً كانت لا تطاق.

“سوو!!”

رغم إمتلاك أفعاله وحظه السيء لتفاسير وأسباب معقولة، إلا أن هذا لم يمنعه من الشعور بالغبطة والسخط. كانت الحياة هكذا.

بدأ أغاريس في السير مجدداً.

‘أنا حي.’

ثم متذكراً ذلك، إندفع الأدرلينالين بداخله!

بدا وكأنه قد إستهان بخصمه زيادةً عن اللزوم؛ فقد كاد أن يُقتل منه. في النهاية، لم تبدو مهمته بالسهولة التي إعتقدها في الأول. كان عليه الحذر والتواري مؤقتاً حتى يتشافى.

تراقصت العاصفة النارية الضخمة، قبل أن تلمع ألسنتها برذاذٍ مبرق، تلته أصوات تشققٍ باردة، متجمدةً بالكامل!

كان قد نجى!

لم يتحدث أيٌ من منهما لإنبهارهما بمرآهما، مكتفيين بالصمت. أإعتقد أن حياته لازالت ملكاً له؟

كان هذا هو المهم للآن.

مطلقاً نفساً، تكثّف الصقيع على وجه مصاص الدماء، ناظراً إلى كتلة الجليد الضخمة أمامه، لم يرتح بختم خصمه، وقفز للخلف. فجأة، ظهرت دائرة سحرية أمامه؛ وتوسعّت لثلاث دوائر أخرى. بدأ بتلاوة تعويذة طويلة.

بعد مرور عدة دقائق، تمكّن أليتاليس متنهداً من الهدوء وإخماد أفكاره. قبل أن يستعيد التحكم بجسده المنهك والمصاب قليلاً.

بعد مدةٍ غير معروفة، لم يتبقى سوى صدى نعق الغربان الراعدة — ضحكات الفتى قرمزي الشعر، في أذني مصاص الدماء فاقد الوعي. عندما إستيقظ في مرحلةٍ ما، مدركاً بأن عدوه الذي كاد أن يفتك به قد إختفى.

‘ هاه!’

‘…ماذا يحدث؟’

عندما كان سيدًُور المانا في نواته، شعر فجأةً وكأنه عارٍ. كان شعوراً مقيتاً، بشكلٍ لايطاق. إنتشرت الرياح الباردة حوله، مما جعله يرتجف برداً؛ بنحوٍ معنوي. رغم إعتياده على ذلك، إلا أنه صُدم هذه المرة. أطلق سعالاً حاداً، وتعمق الإحمرار حول عينيه، مع إزدياد البرودة في قلبه.

“سوو!!”

‘ أنا…’

” إنفجار!!”

في تلك اللحظة، دب اليأس في صدره، لإدراكه مالم يكن يحمد عقباه.

— كان عزماً، إرادةً للعيش، رغبةً بالحياة، وأعين متقدةً بالطموح!

‘…شُللت!’

“…”

كان الإنكار هو رده الأولي، لم يُصدق ذلك، وحاول مرةً أخرى.

توقف أغاريس، وإبتسم بثناء، سالت قطرات الدم الكثيفة من فمه، وشعر بكتل الجليد المسننة تنشر بردها فيه، كجذورٍ صغيرة سامة. كان يعلم أنه على هذه الحال، سينتهي به المطاف بالتجمد حتى الموت.

‘ لقد شُللت!!’

تكّونت المنطقة حوله من بيئة عشوائية؛ فتارةً كان يرى مبانٍ هالكة، وتارةً أخرى كثباناً متراكمة، أشجارٍ حجرية، وبقاياً خالية.

كان هذا الإكتشاف المقيت  بأن نواة المانا خاصته — والتي إستغرق منه الأمر عمراً وثروة عائلته كلها — قد دُمرت. كافياً لـ أليتاليس بالوقوع في هاويةٍ من الظلمة. دوامةٌ من العواطف السلبية قد إنهالت عليه.

“اللعنة…”

‘ لماذا!’

أخفض أليتاليس عينيه وعلم سبب إحساسه بالخطر، وبعد لحظات رأى نفسه يُباع بثمنٍ بخس؛ 50 بلورةً سحرية وعشر أكياس صغيرة من المؤن المختلفة، لم يقاوم وبقدر ما كان هذا المشهد كافياً لدفع المرء للجنون، إلا أنه قد أطبق شفتيه ولم ينطق شيئا. مكتفياً بوجهٍ خالٍ من التعابير.

‘ كيف ذلك؟’

“آه، أعتقد أنني سأنهي ماهو عالقٌ أولاً.”

‘ لماذا!’

حصلت ثلاث إنفجارات من جسد أغاريس على التوالي؛ لم تكن كبيرة جداً، لكّنها قد كانت فتاكة — بالأخص مع قوة لهيب الأخير، إحترقت النيران القرمزية، لكنها صُديت بالجليد. تبخرّت آلاف الرماح الجليدية في ثوان. وبعد دقائق، ظهر مشهدٌ آخر.

‘ مالذي فعلته لأستحق ذلك…؟؟’

إكتسب أليتاليس العديد من المعلومات من حديثهما، وإستفاد عالماً عن وضع وحالة النّاس بداخل هذا البعد السري. وفي مرحلةٍ ما، أصبح هو محور حديثهما.

 

بعد ثلاث ثوان من الصمت، تنهد أغاريس لنفسه قائلاً برقة:”أفصح أيها الجبان، لما قد تخشى الموت؟ إستعد دائماً، وعش على المحكّ متلذذاً بكل لحظاتك! فهذه متعة الحياة!”

‘ لماذا!’

متذكراً هذه الصور، بكى أليتاليس بمرارة.

‘ لماذا!!’

“كاكا!”

لم يستطع فتح فمه للصراخ، للتعبير عن غضبه و يأسه. رغم إرتفاع صدى صرخات روحه. زادت بشرته بالإرتعاش والتدهور. حتى إنزلاق بضع خيوط من الدم الجاف من شفتيه، ثم…

“سووش!!”

“…سقوط.”

كان قد نجى!

تدفق قطرات اليأس والمرارة من عينيه؛ معبرةً عن عجزه.

وضع أليتاليس في سوقٍ مؤقت صنعه المغامرون للتبادل كعبد، وشافا المغامرون شيئاً من إصاباته لا فضلاً منهم، بل لرفع سعره.

لم يفهم لما كانت حياته بهذا السوء؛ لما كُل هذا النحس، أكُتبت له المعاناة حقاً؟

“إنفجار!!”

لجريمةٍ لم يرتكبها؛ حُرّم عليه ضوء الشمس لعشر سنوات. طورد كالكلب، ذُلَّ بشدة، ولم يعامل كشخص. لكنه قد ثابر و صبر، وإستمر بالمناضلة، بالعيش.

“سووش!!”

والآن — عانى من هذه الطامة، لتحقيق نبوءته، للتقدم!

عندما إستيقظ، لم يعد يائساً كما كان.

كان أليتاليس محطماً. لم يكُن فتىً شاباً، بل كان رجلاً قد تخطى الثلاثينات، أم أنه قد وصل للأربعين بالفعل؟ بقدر ما كان عمره مسألةً جانبية، كان قد تحمّل بما يكفي. وبدأ ضوء الأمل فوق رأسه بالتداعي.

إنتصب شعر جسده بفعل رعشةٍ إنتشرت فيه، ما دفعه إلى تشكيل إبتسامة مثارة ومجنونة، مع إحمرار بشرته وعينيه بوضوح، وظهور طبقة من الدموع الخفيفة حول مجحظيه. بدأ بالقفز؛ كأرنبٍ مجنون. رافعاً يديه بنشوة.

أطلق أليتاليس ضحكةً ساخرة، لم يخفى ألمها ومراراتها.

من تلك الدوائر الثلاث، ظهرت ثلاث كرماتٍ بلورية لامعة، ذات جذورٍ سميكة بحجم رجلٍ بالغ، إندمجت معاً؛ وكونوا زهرة بديعة. خماسية البتلات، ذات وسطٍ برأس ثعبانٍ مفخّم مفتوح الفم. إزدادت المنطقة حولها جموداً؛ ولم يبقى من الرمال السابقة إلا الصقيع والثلج.

طفت صورٌ من الماضي في ذهنه؛ لفتاةٍ شابة قد إبتسمت بحنان رغم صعاب ما عانوه؛ لطفلٍ لم ينشأ في كفن والديه، لكنه لم يشتكي أو يبحث عن الدفأ أبداً؛ لنفسه الشابة المفعمة بالأمل رغم اليأس؛ لرجلٍ ضحك بفخر دون خوف رغم إرتفاع ظل الموت فوق رأسه!

السحر المطلق — سالانغرينسلاند!

‘…كينغرال، لقد لعنتني.’

بعد أيام، نوى أليتاليس الهرب، لإحساسه بالخطر يشتد حول رقبته لسببٍ ما، وسرعان ماكان ليبدأ أثناء تقييم الوضع حوله، لكن فجأة، شعر بعينين حادتين تنظران إليه؛ عينا فارسٍ مدجج فضي اللون.

متذكراً هذه الصور، بكى أليتاليس بمرارة.

“لكما الخيار في قتلي، لكنني سأعيد مجد عائلتنا بيدي!”

كان يائساً. لم يعلم ماكان عليه فعله. نظر إلى الأشفاق الملونة في السماء، أثناء تدفق الدموع من عينيه. لم يتألم من إصاباته بقدر فقدان نواته. ومع مرور الوقت، نام دون أن يدرك.

“كفى!!”

في منامه، عاش أليتاليس حياةً من السقوط والذلّ، حتى الإزدهار والمجد. رأى عدة مشاهد؛ كحياةٍ أخرى. في البداية، زاده ذلك يأساً، لكن مع مرور الوقت، بدأت بذرة الأمل بالنبوت قليلاً.

‘علي الصبر.’

عندما إستيقظ، لم يعد يائساً كما كان.

‘ هاه!’

شعر وكأن هذا وحيٌ له؛ لئلا ينطفئ أمله.

فوق ركُام الرمال السحيقة، فتح أغاريس قرمزي الشعر عينيه، متمتماً:”… لقد دخلت؟” مباشرةً بعد ثانية، أعاد التفكير في آخر ما رآه — في تلك الساحرة السماوية عشبية الشعر؛ في ذلك المشهد الأثيري حيث إستخدمت سحرها.

لقد تذكر رحلة الملك ألوكاغين الأول؛ نضاله ضد مجتمع مصاصي الدماء لتغييره، ومدى إستحالة أهدافه ودربه الوعر. ورغم كُل ماعاناه من خيانات إلا أنه قد نجح في النهاية.

” كاسرٌ للعنة!”

لم يكن الملك ألوكاغين الأول في نفس حالته؛ بل كان أسوأ منه. لكنه لم ييأس أبداً وتقدّم إلى الأمام دائماً. فكيف له أن يسمح لنفسه باليأس؟ مادام لديه هدفٌ ثابر لأجله، كان عليه المثابرة.

كان مصاص الدماء الذي كاد يقتل أغاريس!

قال الملك ألوكاغين ذات مرة: في الأزمات وجدت الفرص. وما النضال إلا صبرٌ وإستغلال لذلك.

“لابأس، ناهيك عن الماء، قد نحظى ببعض الأحجار السحرية مقابل بيع هذا الدخيل. هيه، يالحظنا.”

شعر أليتاليس بالأمل من جديد. كان الضوء لايزال موجوداً، كان كُل شيءٍ ممكناً. مادام حياً، مادام يتنفس في هذا العالم؛ حتى وإن كان مجرد شخصيةٍ جانبية سيئة الحظ؛ فقد عنى هذا وجود إمكانية ضئيلة لقلب الموازين. للعيش!

كان قد نجى!

عزّى أليتاليس نفسه.

ما جعله يقرر الصبر. فلم يستطع التشافي من ضرار أغاريس؛ ناهيك عن شلل نواته.

‘ علي مغادرة هذا المكان أولاً.’

إستنشق أغاريس خائباً. لم يشعر بالنصر، بل وأنه كمن إبتلع ذبابة. طقطق بكتفه الأيسر، قبل أن تنتشر طبقةٌ من الدماء المشتعلة على نصفه الأيسر وصدره؛ بادئةً بشفاءه، تطاير البخار منه.

عند هذه الفكرة، شعر أليتاليس بخطأ. وبحكمته قرر عدم فتح عينيه، فقد كان جسده يتحرك دون إرادته!

كانت هذه تجربةً مثيرةً للإهتمام. إعتاد أليتاليس على مثل هذه الأحاسيس المذلّة والمخدرة للروح في العشر أعوامٍ الماضية؛ كان هذا حداً يستطيع تحمله؛ مؤقتاً آمن بذلك.

‘…ماذا يحدث؟’

كيف لأغاريس ألّا يكون مثاراً ومتحمساً؛ للقاء عدوٍ محتمل — كتلك الساحرة؟ ربما كانت هذه هي أول مرة يشعر بها بهذا القدر من الإثارة منذ وصوله إلى هذا العالم. كان سعيداً!

ثم أدرك على الفور: كان محمولاً.

“سووش!!”

“اللعنة، يالبرودة الجو. ما نوع المعركة التي حصلت هنا؟ لحسن الحظ، نستطيع إكتساب الماء الآن!”

 الفصل 39 — خلق الإثارة.

“لابأس، ناهيك عن الماء، قد نحظى ببعض الأحجار السحرية مقابل بيع هذا الدخيل. هيه، يالحظنا.”

أطلق أليتاليس ضحكةً ساخرة، لم يخفى ألمها ومراراتها.

“لأردت إخفاء المكان لكن هذا مستحيل، من حسن حظنا أننا أول من أتى.”

تبادل مشتريه — الفارس الفضي وسيدته — الأميرة الحديث لفترة.

بعد مدة قصيرة، سرعان ما توصل أليتاليس لفهم تجاه وضعه.

كانت هذه تجربةً مثيرةً للإهتمام. إعتاد أليتاليس على مثل هذه الأحاسيس المذلّة والمخدرة للروح في العشر أعوامٍ الماضية؛ كان هذا حداً يستطيع تحمله؛ مؤقتاً آمن بذلك.

‘جذبت المعركة الكثير من الإهتمام، وخطفت بينما كنت هائماً في أفكاري وأحلامي دون أشعر؟ تسببت إصاباتي في تخدري…نعم، لقد فقدت الوعي لمدة وحملت أثناء ذلك.’

تدارك مصاص الدماء نفسه بأقل من ثانية، فلم يكُ بالضعيف. خطط لحركته القادمة على الفور في الجو، عندما ربّت أغاريس — الذي ظهر قربه في مرحلةٍ ما على كتفه بخفة، بعينيه اللامعتين كالتوباز تحت الضوء، إبتسم ببرود وهمس:”قاتل بجد، فلن أمنحك فرصة أخرى. هيا هيا!”

‘يبدو أنهم مجموعة من المغامرين الفقراء، أيخططون لبيعي مقابل الغذاء؟’

” نخبة من الدرجة العليا!”

لم يتفاجئ أليتاليس من ذلك.

كان مصاباً لحد التخدّر من الألم! كانت حالته فظيعة!

حسبما ما رآه حتى الآن — لم توجد مصادر مياهٍ طبيعية هنا، أو حيوانات برية. كانت كمية المانا في الهواء زهيدة، لذلك كان من الأحكم توفيرها مع البلورات السحرية.

مطلقاً نفساً، تكثّف الصقيع على وجه مصاص الدماء، ناظراً إلى كتلة الجليد الضخمة أمامه، لم يرتح بختم خصمه، وقفز للخلف. فجأة، ظهرت دائرة سحرية أمامه؛ وتوسعّت لثلاث دوائر أخرى. بدأ بتلاوة تعويذة طويلة.

لذلك كانت ساحة معركة النار والجليد هذه قد إعتُبرت جنة مياه.

“شا!!”

‘التحرّك الآن ليس خياراً حكيماً.’

لكن على أيدي بني عرقه. حتى لو بيع كعبد، فقد كان لذلك أسباب، وقد أقنع نفسه مراراً وتكراراً بأنه سيصبر، وأنّ هذا مجرد واقع عليه تغييره. لكن أمام هاته الأعين المحتقرة، أمام من إستعلى عليه…

كان مصاباً لحد التخدّر من الألم! كانت حالته فظيعة!

لم يعتقد أبداً أن الأمر كان لينتهي هكذا. فب الواقع، من كان ليعتقد ذلك؟

ما جعله يقرر الصبر. فلم يستطع التشافي من ضرار أغاريس؛ ناهيك عن شلل نواته.

“تستطيع التحدث، هاه؟”ماكان للفارس الفضي أولتير، إلا أن يرد عليه معيداً إياه إلى الواقع:”جيدٌ إذن، لأريد أن أرى كيف ستفعل ذلك — أيها العبد المأسور.”أخرج أداةً سحرية كطوق، ورماها عليه.

— بذلك، مرات عدة أيام.

والآن — عانى من هذه الطامة، لتحقيق نبوءته، للتقدم!

وضع أليتاليس في سوقٍ مؤقت صنعه المغامرون للتبادل كعبد، وشافا المغامرون شيئاً من إصاباته لا فضلاً منهم، بل لرفع سعره.

“سوو!!”

بعد أيام، نوى أليتاليس الهرب، لإحساسه بالخطر يشتد حول رقبته لسببٍ ما، وسرعان ماكان ليبدأ أثناء تقييم الوضع حوله، لكن فجأة، شعر بعينين حادتين تنظران إليه؛ عينا فارسٍ مدجج فضي اللون.

“بذكر ذلك، أي معلوماتٍ أخرى؟”

أخفض أليتاليس عينيه وعلم سبب إحساسه بالخطر، وبعد لحظات رأى نفسه يُباع بثمنٍ بخس؛ 50 بلورةً سحرية وعشر أكياس صغيرة من المؤن المختلفة، لم يقاوم وبقدر ما كان هذا المشهد كافياً لدفع المرء للجنون، إلا أنه قد أطبق شفتيه ولم ينطق شيئا. مكتفياً بوجهٍ خالٍ من التعابير.

‘ كيف ذلك؟’

شعر فجأةً وكأنه مُراقِب؛ كطرف ثالث يشاهد حياته من بعيد؛ وكأن مايحصل لايعنيه، إنمّا هي حياة شخصٍ آخر. كان من المفترض أن يكون هذا مذلاً؛ لكنّه تحمّل ذلك.

بدا وكأن خصمه قد كان أقوى مما ظن.

‘علي الصبر.’

“سووش!!”

‘علي بالمثابرة.’

ما جعله يقرر الصبر. فلم يستطع التشافي من ضرار أغاريس؛ ناهيك عن شلل نواته.

‘أنا لم أمُت بعد، مازلت أستطيع العودة.’

إنتشرت الأداة كالشباك، وزادت وثاق أليتاليس حاجبةً فمه وعينيه.

أقنع أليتاليس نفسه بذلك.

كان أغاريس واقفاً كما كان، بشعره القرمزي، وجسد الفتى ذو سن الخامسة عشرة. إحترقت ملابسه، مبرزةً حروقاً فظيعة حول صدره، وعشرات الحفر المتنوعة، بخلاف ذلك، كانت يده اليمنى — غير موجودة!

كانت هذه تجربةً مثيرةً للإهتمام. إعتاد أليتاليس على مثل هذه الأحاسيس المذلّة والمخدرة للروح في العشر أعوامٍ الماضية؛ كان هذا حداً يستطيع تحمله؛ مؤقتاً آمن بذلك.

بصق جرعة من الدم.

بعد فترة، إلتقى أليتاليس بسيدة مشتريه.

أطلق أليتاليس ضحكةً ساخرة، لم يخفى ألمها ومراراتها.

كانت شابةً كالقمر ليلة بدره، في هذه الأرض حيث لاضوء شمس، أضفى شحوب بشرتها نوعاً من الجمال لها. لم يتأمل أليتاليس فيها ولم يبال بمدى جمالها، وصمت مشيحاً عينيه. 

على طريقه، رأى أغاريس أشياءاً مختلفة؛ بقايا المبان المندثرة، آثار أقدام متنوعة، و مختلف بقايا الأجهزة السحرية؛ والتي كانت في حالة تعذر فيها التعرُّف عليها. وما إلى ذلك. لم يكن لديه أي مصلحة أو إهتمام فيها. لذلك غض طرفه عنها، باحثاً عن ما يستحق إهتمامه؛ ما كان ليجلب المتعة له.

تبادل مشتريه — الفارس الفضي وسيدته — الأميرة الحديث لفترة.

وضع أليتاليس في سوقٍ مؤقت صنعه المغامرون للتبادل كعبد، وشافا المغامرون شيئاً من إصاباته لا فضلاً منهم، بل لرفع سعره.

“بذكر ذلك، أي معلوماتٍ أخرى؟”

“لن أقع في ذات الخطأ مرتين.”في تلك اللحظة، هز مصاص الدماء رأسه، مديراً رأسه:”إتباع دمك يخدع حواسي…لم أؤمن قطّ أن هذا سيفلح معك.”لم يكمل كلامه، ونظر لخصمه الذي بدا وكأنه قد هزم — ببرود.

“وجدنا علاماتٍ تشير لوجود عرقٍ حي بخلاف تلك الوحوش المتحورة. ويبدو أنها تسكُن في مخبئ مخفي. لسوء الحظ، لاتوجد العديد من الدلائل بهذا الشأن.”

” سووش!!”

إكتسب أليتاليس العديد من المعلومات من حديثهما، وإستفاد عالماً عن وضع وحالة النّاس بداخل هذا البعد السري. وفي مرحلةٍ ما، أصبح هو محور حديثهما.

“…هاه؟ حقاً؟ ممل. باه! مزعج، يالها من ترهات ميتٍ حمقاء!”

“بقدر مايبدو وكأنه من العالم الخارجي، إلا أننا لا نستطيع إستبعاد كونه ساكناً أصلياً. ربما قد يكون متسللاً قد نوى أخذ الميراث قبل إنتشاره.”

عندما كان سيدًُور المانا في نواته، شعر فجأةً وكأنه عارٍ. كان شعوراً مقيتاً، بشكلٍ لايطاق. إنتشرت الرياح الباردة حوله، مما جعله يرتجف برداً؛ بنحوٍ معنوي. رغم إعتياده على ذلك، إلا أنه صُدم هذه المرة. أطلق سعالاً حاداً، وتعمق الإحمرار حول عينيه، مع إزدياد البرودة في قلبه.

“أوه، حقاً؟ لكنني قد أُخبرت بأنّ…هؤلاء الساكنون الأصليون من الغوبلنز والمسوخ؟”بتفوهها بذلك، لم يسع أليتاليس إلّا النظر إليهما، رأى أليتاليس ذلك بالتأكيد. حدقّت به أربع أعين كالبلّور المتجمد، بالأخص عينا الأميرة اللامعتان بألوان قوس قزح. نضحتا بالإنعزال. نظرا إليه كجنسٍ دنيء، بإزدراءٍ لم يخفى. وإحتقارٍ تام.

“…”

لم يختلف الفارس عنها، شعر أليتاليس مصاص الدماء المثابر وكأن شيئاً ما قد علق في حلقه، تجمّد جسده لوهلة، وبدأ بالإرتجاف.

“هذا متعب وممل خلاف إعتقادي…لم أُستنزف هكذا منذ فترة.”

في تلك اللحظة، طفح كيل أليتاليس!

إكتسب أليتاليس العديد من المعلومات من حديثهما، وإستفاد عالماً عن وضع وحالة النّاس بداخل هذا البعد السري. وفي مرحلةٍ ما، أصبح هو محور حديثهما.

إشتد وجهه مع بروز أوردته وإحمرار عينيه بالدموع، كان إعتاد أليتاليس على الذُّل والإهانة، كان قد صبر عليها…

“كفى سحقاً لكم!!”

“كفى!!”

لم يكن الملك ألوكاغين الأول في نفس حالته؛ بل كان أسوأ منه. لكنه لم ييأس أبداً وتقدّم إلى الأمام دائماً. فكيف له أن يسمح لنفسه باليأس؟ مادام لديه هدفٌ ثابر لأجله، كان عليه المثابرة.

“كفى سحقاً لكم!!”

‘…ماذا يحدث؟’

“أنا أليتاليس ليون فيدالم، لن أُذّل على أي البشر!!”

“كفى!!”

لكن على أيدي بني عرقه. حتى لو بيع كعبد، فقد كان لذلك أسباب، وقد أقنع نفسه مراراً وتكراراً بأنه سيصبر، وأنّ هذا مجرد واقع عليه تغييره. لكن أمام هاته الأعين المحتقرة، أمام من إستعلى عليه…

“سوو!!”

شعر وكأن حياته ستكون عديمة الفائدة إن تغاضى عنها، غلى دمه في عروقه، وصرخ:

“هيه، ها أنت ذا!”

“لكما الخيار في قتلي، لكنني سأعيد مجد عائلتنا بيدي!”

‘ أنا…’

كان صوته مدوياً غير مناسب لبنيته الهزيلة المجرّحة، ولم يبدو وكأنه مدركٌ لما يقوله. في الواقع، لم يكن عقل أليتاليس سليماً تماماً، لكن بطريقةٍ ما، لم يجن بعد. كان حقاً صلباً.

فجأة، برق فم الثعبان بضوءٍ أزرق كالنجوم، توقفت الرياح الباردة؛ وبدأ الصقيع بالتجمُّع في وسط الزهرة.

” مع المصاعب تأتي الثروات؛ هذه محاكمة! فماذا لو شللت؟ لن يثنيني هذا، بل لأولدن من جديد؛ مستخدماً هذا كمسندٍ لي!”

قال الملك ألوكاغين ذات مرة: في الأزمات وجدت الفرص. وما النضال إلا صبرٌ وإستغلال لذلك.

دبت القشعريرة في الأميرة عائشة و أولتير مع النظر إلى مصاص الدماء المهزوم. رأيا فيه مالم يشهداه من قبل؛ شيئاً حقيقياً. أشع كالنجوم.

تدفق قطرات اليأس والمرارة من عينيه؛ معبرةً عن عجزه.

— كان عزماً، إرادةً للعيش، رغبةً بالحياة، وأعين متقدةً بالطموح!

بعد مدةٍ غير معروفة، لم يتبقى سوى صدى نعق الغربان الراعدة — ضحكات الفتى قرمزي الشعر، في أذني مصاص الدماء فاقد الوعي. عندما إستيقظ في مرحلةٍ ما، مدركاً بأن عدوه الذي كاد أن يفتك به قد إختفى.

“…”

كان مصاص الدماء هذا يُدعى بـ أليتاليس.

لم يتحدث أيٌ من منهما لإنبهارهما بمرآهما، مكتفيين بالصمت. أإعتقد أن حياته لازالت ملكاً له؟

لم يستطع فتح فمه للصراخ، للتعبير عن غضبه و يأسه. رغم إرتفاع صدى صرخات روحه. زادت بشرته بالإرتعاش والتدهور. حتى إنزلاق بضع خيوط من الدم الجاف من شفتيه، ثم…

كان حقاً مثيراً للإعجاب، فلم يبدو كمتعصب أبله قد يتفوه بالهراء. على الأقل، كان كذلك للأميرة.

لاطفت رائحة الدم الحلوة أنفه، كان سيتحرك هارباً، ولكن فجأة—

“تستطيع التحدث، هاه؟”ماكان للفارس الفضي أولتير، إلا أن يرد عليه معيداً إياه إلى الواقع:”جيدٌ إذن، لأريد أن أرى كيف ستفعل ذلك — أيها العبد المأسور.”أخرج أداةً سحرية كطوق، ورماها عليه.

“سووش!!”

“كاكا!”

“غوه!”

“غانغ!”

‘أنا لم أمُت بعد، مازلت أستطيع العودة.’

إنتشرت الأداة كالشباك، وزادت وثاق أليتاليس حاجبةً فمه وعينيه.

دبت القشعريرة في الأميرة عائشة و أولتير مع النظر إلى مصاص الدماء المهزوم. رأيا فيه مالم يشهداه من قبل؛ شيئاً حقيقياً. أشع كالنجوم.

أخفضت الأميرة عائشة حاجبيها قليلاً، كانت صامتة لمدة قصيرة. ثم فتحت شفتيها:”ألم تقل أنه مطيع؟”

كانت هذا عراكاً للنار ضد الجليد. إستخدم سحرة عنصري الماء والجليد هذه الإستراتجية ضد سحرة اللهب في غالبية المعارك تقريباً.

“كان كذلك حتى بضع ثوانٍ مضت.” تعاقد حاجبا الفارس الفضي أولتير، وقال مخفياً ثقل صوته:”يبدو أنّه قد جُّن.”

بدا وكأنه قد إستهان بخصمه زيادةً عن اللزوم؛ فقد كاد أن يُقتل منه. في النهاية، لم تبدو مهمته بالسهولة التي إعتقدها في الأول. كان عليه الحذر والتواري مؤقتاً حتى يتشافى.

لم تقل الأميرة شيئاً. بعد دقائق، هزت رأسها، لم تبدو أفكارها واضحة على وجهها خالي التعبير. أدارت ظهرها وأمرت بهدوء:”إعتنِ به وإشفِ شيئاً من إصاباته، إنه مفيد كفايةً لئلا أدعه يموت.”

لم يفهم لما كانت حياته بهذا السوء؛ لما كُل هذا النحس، أكُتبت له المعاناة حقاً؟

“سمعاً وطاعة.”

— كان عزماً، إرادةً للعيش، رغبةً بالحياة، وأعين متقدةً بالطموح!

إنحنى الفارس أولتير بأدب، قبل أن يلقي نظرةً باردة على أليتاليس المقيّد والمطروح أرضاً، ويتبعها خارجاً من الخيمة.

كان مصاباً لحد التخدّر من الألم! كانت حالته فظيعة!

توقف أغاريس، وإبتسم بثناء، سالت قطرات الدم الكثيفة من فمه، وشعر بكتل الجليد المسننة تنشر بردها فيه، كجذورٍ صغيرة سامة. كان يعلم أنه على هذه الحال، سينتهي به المطاف بالتجمد حتى الموت.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط