نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

خاصة الجحيم والشياطين 16

فتاة متهالكة وشاب حزين

فتاة متهالكة وشاب حزين

جلبوني لقريةٍ حيوةٍ وطلبوا مني الشعور بالإطمئنان

نظر للسرير والطعام بحزن ثم استدار وقال: “لن أزعجك اكثر وسأغادر، اعتني بنفسك”.

منحوني منزل وظنوا أنني سأصدق أنني بأمان

قال: “لقد ذهبت صباحا واشتريت كل شيء لذا هيا لنرتب كل شيء ونضعه بمكانه”.

كل من عرفتهم امتلكوا وجهان

لا أعلم لما لكن أنا بالفعل حزينة لمغادرته، أشعر وكأنني آلمته وشكلت على صدره ثقل وأشعر أنني ما عدت استطيع العيش بدونه.

وجه طيب رقيق يقدم أحسن الإحسان

إنهم ينظرون لبعضهم فيرون أعين بعضهم ووجوه بعضهم لكني مختلفة لأني أقبع بالأسفل، أنا أرى أسفل اقدامهم وأرى نظراتهم الدونية وهكذا.

يبتسم لنا ويقدم لنا عطاءه وخيره ويقدم العرفان

لا أريد لغيوم أن تغطي سمائي ولا أريد لبشر أن يعبثون بظلمتي ولا أريد لشياطين أن تطفو بخيالاتي.

أما وجهه الآخر فهو النقيض وهو وجه الشيطان

أنا يستحيل أن أكون كبقية البشر، أنا لا أعيش مثلهم وهم لا يروني كما يروا بعضهم بعض، دائماً نحن من ولدنا لنكون بالأسفل سينظر لنا الآخرون من الأعلى.

يظهر عندما نكون أضعف من أصغر الأغصان

كان يقضي نصف اليوم خارجاً وعندما يعود لا يصدر أي ضجة حتى اليوم التالي وأصبح هذا الروتين مستمر ولكنني كنت أظن أنه سيتوقف.

يبطش بنا عندما يتأكد أن قوته كقوة الصوان

هراء، إنه يحاول التقرب مني وخداعي، إنه فم شيطان قذر يتفوه بالخداع.

لا مهرب لنا بعد أن يمسكنا ويربط كلتا القدمان

فقط ما اريده هو انهيار كامل، تعب شديد يجعل يدي تفلت من تلقاء نفسها وصوتي المرتعب يتلاشى تماما، لن اسقط إلا منهارة تعبة حتى لا أشعر بجحيم الموت.

نندم ويصاحب ندمنا يأس يقتل أقوى إنسان

ماذا أتوقع وماذا أعتقد؟! أنا لا أتوقع ولا أعتقد بل أرى بعين الحقيقية، أنا أرى نفسي لو لم تأتي هذه الوحوش إلي لتلتهمني، كنت سأصمد لوقت معين ثم سأنهض منهارة تعبة جائعة عطشا وأنازع وأسير تائه لا أعلم طريق عودتي.

نشوى بالجحيم ونعذب عذاب لم يذقه قبلنا إنس ولا جان

الهرب من البشر وإتخاذ معزل لنحصل على وحدتان

نعامل معاملة أبشع حيوان

إنه الخوف، أنا أعرف وأدرك حقيقته أكثر من أي شخص آخر، إنه ذلك الشعور الذي يشكل ممحاة تمحي جميع المشاعر الأخرى سواء كانت سعادة أو حزن أو قلق أو أي شيء آخر.

يداس على رأسنا ويفتن القوي باستغلالنا أيان إفتتان

قال: “الجلوس هنا ممل أليس كذلك؟!”.

دم أحمر وألم أسود وبيننا وبين الراحة شتان وشتان

فقط ما اريده هو انهيار كامل، تعب شديد يجعل يدي تفلت من تلقاء نفسها وصوتي المرتعب يتلاشى تماما، لن اسقط إلا منهارة تعبة حتى لا أشعر بجحيم الموت.

اكتفينا بالطاعة وعند وقت الهرب كنا كطفلٍ باكٍ جبان

فقط ما اريده هو انهيار كامل، تعب شديد يجعل يدي تفلت من تلقاء نفسها وصوتي المرتعب يتلاشى تماما، لن اسقط إلا منهارة تعبة حتى لا أشعر بجحيم الموت.

سرى الخوف ونبع من قلوبنا حتى جمد أبعد شريان

صَنع الحساء ومنحني إياه ولم يأكل، تذوقت طعمه فكان أفضل من المرات السابقة والسبب كان واضح لي وهو عدم وضعه للبصل.

لكن هذه المرة لن نكرر خطأنا وسنضع الهرب بالحسبان

“أميييييييي، ماماااااااااا، ساعدييينييي، أميييييي، ساعدييينييي”.

الهرب من البشر وإتخاذ معزل لنحصل على وحدتان

أنا بالفعل محاصرة وأمسك بالشجرة بكل قوتي، تلك القوى التي ستتلاشى بأي لحظة، ستتلاشى لشدة الإرهاق والجوع والعطش.

وحدة أخلوا بها بنفسي فأشكرها جزيل الشكران

أنا بالفعل محاصرة وأمسك بالشجرة بكل قوتي، تلك القوى التي ستتلاشى بأي لحظة، ستتلاشى لشدة الإرهاق والجوع والعطش.

ووحدة أخلوا بها للموت فأناديه طالبةً قدومه الآن

وضعني على الأرض أمام الموقد وأشعله وبدأت السماء تهطل، كان البرد شديد البارحة لكنه لم يكن بشيء جديد مؤثر فأنى دائماً بملابس رقيقة بأشد ليلالي الشتاء برداً واعتدت الأمر لكنني أشعر أن الموقد منحني دفئ لا أرغب باعتياده، البرد قادم والموقد سيتلاشى قريباً لذا أرغب بالبقاء منيعة اتجاه البرد لكن لا بأس، لا بأس باليوم فقط.

أيا موتاً ألست قادماً لفتاةٍ تناديك متوسلةً لعطفك ولحنان؟!

أدخل بعض لوحات الزينة وعلقها واحضر سجاد ناعم للارضية ثم احضر خزانة صغيرة وعاد لغرفة الاستقبال وتأخر قليلا ثم عاد.

.

وضع ما بيده أرضا وقال: “يجب عليك تنظيف جسدك والعناية به جيداً، لقد مررتي بوقت عصيب ويجب عليك العناية بنفسك بالمحافظة على النوم الطويل ليلاً والطعام الجيد ثم تأتي باقي الأمور”.

.

لم يكن مهتم بي شخصياً، كان يرى أنني بالفعل لم اقترب من ذلك السرير ولم افتح حقائب الملابس التي اشتراها لكنه لم يحدثني أبدا بهذا الشأن حتى أتى اليوم وجلس بغرفتي.

.

بلا طعام وبلا ماء وبلا أي حركة سأنتظر هنا موتي الذي سيأتي لا محالة، سيأتي ولن أرفضه بل سأرحب به كما رحبت به من قبل وإذا ما أتى شخص لإنقاذي سأقتله.

أجلس وأترقب حلول الليل وهو يشتد بلونه الأسود الفاتن، لون أسود جميل لا كمثله لون، إنه لون السماء المزينة بالنجوم.

فتاة لا تستطيع الدفاع عن نفسها وما بيدها حيلة وهذه أنا، لا استطيع المحاربة رغم أنني أعرف عدوي وأعرف أفضل طريقة لمواجهته ولكن المشكلة تقبع بنفسي المحطمة التي لا تقوى على التنفيذ لكني بالفعل سئمت وقررت إتخاذ أسهل الطرق.

أنا لا أكره هذه السماء المسودة بل العكس تماماً، أنا أكره وجود سقف أو وجود غيوم ماطرة تحجب هذه السماء وكذلك الأمر مع الظلمة.

يظهر عندما نكون أضعف من أصغر الأغصان

أنا لا أكره الظلمة بل أنا من أشد المحبين لها، أنا أعشق الظلمة وأحب العزلة والوحدة لكني أكره أن يحجب هذه الظلمة بشر.

لا أعلم لما لكن هذا الشاب أصبح جزء لا يتجزأ من تفكيري وأصبحتُ فجأة أمتلك الكثير من الفضول لمعرفة المزيد والمزيد عنه وهذا خطير ولما هو خطير؟! لأن هذا الشاب غامض ويخفي الكثير من الأسرار وراءه.

لا أريد لغيوم أن تغطي سمائي ولا أريد لبشر أن يعبثون بظلمتي ولا أريد لشياطين أن تطفو بخيالاتي.

لا تصدم يا عقلي ناسياً فهذا هو مطلبك وهذا هو ما تريد وهذا هو المنطق، إنه موت سريع يا عقلي فلما أراك تنشط كل جزء صغير بجسدي.

أتأمل النجوم وأخرج من المنزل عندما أمنح الشاب ذو الشعر الأبيض بعض الوقت ليخلد للنوم.

غادر واغلق الباب فضعرت ولأول مرة بعدم الراحة لخروجه، شعرت بهم أصابني لرؤية حزنه الشديد وتعبه، أتى ليريح نفسه بالكلام لأي أحد ولكن لسوء حظه كان هذا الأحد أنا.

أتسلل بحذر وأتصنع الوقار بسيري كي لا يشعر أي أحد أنني هاربة فيظن أنه يستطيع استغلالي.

دم أحمر وألم أسود وبيننا وبين الراحة شتان وشتان

سرقت سكين من غرفة ذو الشعر الأبيض وأنا مستعدة لقطع رأس أي أحد يجرؤ وينظر نحوي.

من أجلي إنسان؟! من أجلي خلاص؟! من أجلي حضن وحنان؟! هل أنا مجنونة؟! هل أصاب الخوف عقلي بالجنون فظننت أن مثل هذه الأشياء يمكنها أن تكون من أجلي؟!

أقدامي تسير بوقار متصنعْ وعيوني تركض لما هو خارج القرية، نعم أنا أتطلع لمكان يقبع أبعد من الأفق وأبعد من مداد بصري حتى، مكان لا يوجد به أي أحد.

منحوني منزل وظنوا أنني سأصدق أنني بأمان

غادرت القرية ولم يرني أحد ودخلت الغابة وشعرت ببعض الأمان، أمان ناتج نتيجة البعد عن البشر والبعد عن شرورهم وما رأيته منهم.

يبطش بنا عندما يتأكد أن قوته كقوة الصوان

ركضت بأقصى سرعتي بالغابة لأضيع أولئك الشياطين اللذين يتربصون بي، لأضيع أولئك اللذين يطوفون ويمتلكون أجنحة وهم من كل حدب ينسلون.

يبدو مشغولاً بأمر ما وأنا لا أعلم ما يحدث بالخارج، يومياً يأتي إلي ويطرق الغرفة ثلاث مرات ويدخل بدون إذن يأخذ الطعام الذي لم أكل منه الا القليل ويحضر غيره.

أنهار ولا استطيع المتابعة لكني أركض وأنتهي فأسقط، ألتقط أنفاسي وأعاود النهوض وأعاوظ الركض والركض حتى اسأل نفسي إلى أين أنا ذاهبة؟!

لن أرحب بأحد ولن أظن أنه سينتشلني أحد من الجحيم إلى النعيم فما هذه الحياة كلها سوى جحيم مستمر.

بحق إلى أين أنا ذاهبة؟! هذا المكان مرعب ومخيف بحق، الأشجار كثيفة وصوت تحرك الشجر الناتج عن قوة الريح بالفعل مخيف.

سيتحول المنزل لمنزل جميل بعض الشيء لذا لا تهربي مرة أخرى، أنا اعلم أنك خائفة ولا تحبين أي شيء هنا لكنني أعلم أكثر من أي أحد آخر أن خارج هذا المنزل هناك امور كثيرة لا يجب أن نواجهها إلا عندما نصبح أقوى، عندما نمتلك قدم قوية يمكننا السير بمختلف الطريق، حتى الطرق الجديدة التي لا نعلم عنها أي شيء.

الظلمة حالكة ولا وجود لأي متنفس للضوء لكن لا بأس، أنا لا أخاف الظلمة ولا أخاف الوحدة بل أنا أحبها، أي مكان بعيد عن البشر جيد وهذا المكان جيد، إنه جيد، نعم إنه جيد لكن هل هو جيد؟!

أنا لن أبكي على حضن أحد سواها وأنا بالفعل لم أكن أرغب البكاء لكني لم أستطع، بكيت وبكيت حتى ملأت الغابة كلها بصوت صراخي وبكائي.

هل هو مخيف؟! هل أنا أشعر بالوحدة؟! هل أنا خائفة من الظلمة؟! هل أنا خائفة من المجهول؟! هل أنا خائفة من مكان يخلو من الوحوش؟! هل أنا خائفة من مكان يخلو من الشياطين؟! هل أنا خائفة من مكان يخلو من البشر؟!

أنا لن أبكي على حضن أحد سواها وأنا بالفعل لم أكن أرغب البكاء لكني لم أستطع، بكيت وبكيت حتى ملأت الغابة كلها بصوت صراخي وبكائي.

البشر؟!! هل جميعهم مرعبين؟! ألا يوجد أحد كأمي؟! ألا يمكنني وضع رأسي على صدر أحد واحتضانه كما كنت أحتضن أمي؟! ألا وجود لمثل هذا الشخص الذي سيمثل خلاص لي؟!

نعم أنه محق، الانغلاق على نفسي بظلمتي الخاصة أفضل من نور العيش مع الاخرين وقربهم.

من أجلي إنسان؟! من أجلي خلاص؟! من أجلي حضن وحنان؟! هل أنا مجنونة؟! هل أصاب الخوف عقلي بالجنون فظننت أن مثل هذه الأشياء يمكنها أن تكون من أجلي؟!

لا مهرب لنا بعد أن يمسكنا ويربط كلتا القدمان

أنا يستحيل أن أكون كبقية البشر، أنا لا أعيش مثلهم وهم لا يروني كما يروا بعضهم بعض، دائماً نحن من ولدنا لنكون بالأسفل سينظر لنا الآخرون من الأعلى.

نظر للسرير والطعام بحزن ثم استدار وقال: “لن أزعجك اكثر وسأغادر، اعتني بنفسك”.

إنهم ينظرون لبعضهم فيرون أعين بعضهم ووجوه بعضهم لكني مختلفة لأني أقبع بالأسفل، أنا أرى أسفل اقدامهم وأرى نظراتهم الدونية وهكذا.

سحقاً لهذه اليد البشرية التي تستمر بالتمسك ولهذا العقل البشري الذي مكنني من الهرب، لو لم أهرب لكنت الآن ميتة ولانتهى ألم الموت ولو أسقطتني يدي الآن ما هي سوى لحظات حتى أموت فلما أنا متشبثة ولما لا استطيع الإفلات؟!

أنا أرى منهم الرغبة بدهسي لأني أسفلهم، أنا أرى منهم الاستحقار والخبث والرغبة بالاستغلال وهذا كل ما وجد من أجلي لأني ضعيفة، لأني لا استطيع الثقة بنفسي ولا أمتلك هالة توحي بأني قوية وأن من الصعب استغلالي.

.

كل من يراني يراني كأرنب جريح يسهل اصطياده ويرى نفسه وحش كاسر جائع ويرى بنفسه غريزة افتراس.

من أجلي إنسان؟! من أجلي خلاص؟! من أجلي حضن وحنان؟! هل أنا مجنونة؟! هل أصاب الخوف عقلي بالجنون فظننت أن مثل هذه الأشياء يمكنها أن تكون من أجلي؟!

أنا أؤمن بأن هناك بشر جيدون وأؤمن أن الظروف هي من تصنع من البشر وحوش لكني فتاة ملعونة أمتلك هالة تجذب الوحوش نحوي وتحول البشر الجيدين لوحوش.

سأصدق إنه ملاك بوسط هذا الجحيم، سأصدق أنه ملاك أضل طريقه وتاه بجحيم حياتي، لن أزيل القناع لأرى الشيطان الذي بداخله وسأكتفي الليلة فقط بدفء أجنحته.

لماذا أنا هكذا؟! لأنني ضعيفة، لأنني جريحة ولأنني لم أتعافى بعد من ذلك الجيحم ولأنني يائسة وأؤمن أنني لست جائعة ولا أتضور جوع بهذه الحياة.

أخبرني أنه لا يوجد إلا الطعام الذي تركته خلفي عندما هربت ولقد فسد وجميع المتاجر مغلقة الآن لذا سنكتفي بالحساء المعتاد.

فتاة لا تستطيع الدفاع عن نفسها وما بيدها حيلة وهذه أنا، لا استطيع المحاربة رغم أنني أعرف عدوي وأعرف أفضل طريقة لمواجهته ولكن المشكلة تقبع بنفسي المحطمة التي لا تقوى على التنفيذ لكني بالفعل سئمت وقررت إتخاذ أسهل الطرق.

لم يكن مهتم بي شخصياً، كان يرى أنني بالفعل لم اقترب من ذلك السرير ولم افتح حقائب الملابس التي اشتراها لكنه لم يحدثني أبدا بهذا الشأن حتى أتى اليوم وجلس بغرفتي.

الهرب طريق سهل وبسيط، نعم أنا هربت من ذلك الشاب وها أنا أجلس انتظر موتي لأهرب من هذه الحياة.

بلا طعام وبلا ماء وبلا أي حركة سأنتظر هنا موتي الذي سيأتي لا محالة، سيأتي ولن أرفضه بل سأرحب به كما رحبت به من قبل وإذا ما أتى شخص لإنقاذي سأقتله.

كم سأنتظر؟! يوم أو يومين؟! ثلاثة أو أربعة؟! لا بأس سأنتظر عشر أيام وأنا بلا حركة أجلس أسفل هذه الشجرة الكبيرة.

كان يقضي نصف اليوم خارجاً وعندما يعود لا يصدر أي ضجة حتى اليوم التالي وأصبح هذا الروتين مستمر ولكنني كنت أظن أنه سيتوقف.

بلا طعام وبلا ماء وبلا أي حركة سأنتظر هنا موتي الذي سيأتي لا محالة، سيأتي ولن أرفضه بل سأرحب به كما رحبت به من قبل وإذا ما أتى شخص لإنقاذي سأقتله.

شعرت بالنعاس واستسلمت للنوم وها أنا استيقظ واشعة الشمس تشير إلى منتصف الوقت بين الغروب والظهيرة.

لن أرحب بأحد ولن أظن أنه سينتشلني أحد من الجحيم إلى النعيم فما هذه الحياة كلها سوى جحيم مستمر.

.

لقد غرتني طيبة الجدين عندما انشتلاني من الموت وأعاداني للحياة وبفعلتهما أعاداني للجحيم.

لم أكن افهم كلامه، من يظن نفسه حتى أبكي بحضنه؟! نعم من يكن هو حتى أبكي بحضنه؟! هل يظن نفسه أمي؟!

سأنتظر الموت وسأؤمن به وحده فأنا أرى التلاشي من هذه الحياة نعيم وأرى الهرب منها هو الهرب من الجحيم.

ستصبحين فتاة عادية قريباً ثم ستجتهدي وتتخذي قررات تجعل منك شخص إما مؤثر بالقرية وإما شخص عادي، ستكونين حرة قريبا، حرة من نفسك، ستتحرري من نفسك ومن ماضيك وهذان أكبر قيدان يمكن أن يقيدوننا، الماضي والنفس الضعيفة، العوائق الأكبر بطريق نمونا”.

نعم بمرور يوم كامل وأنا بلا أي حركة أدركت كم أن الجوع والعطش لا بأس به، أدركت أن الموت هو النعيم ولكني سرعان ما بدأت أشك بنفسي عندما رأيت هذا المشهد.

بحق إلى أين أنا ذاهبة؟! هذا المكان مرعب ومخيف بحق، الأشجار كثيفة وصوت تحرك الشجر الناتج عن قوة الريح بالفعل مخيف.

إنها وحوش ضارية ومجموعة ضباع تجمعت حولي، ماذا يريدون مني؟! أنا لست سوى فتاة رقيقة نحيلة لا أكفي لإطعام واحد منهم فلما تجمعوا حولي بهذه الرغبة وبهذا العدد؟!

لا تصدم يا عقلي ناسياً فهذا هو مطلبك وهذا هو ما تريد وهذا هو المنطق، إنه موت سريع يا عقلي فلما أراك تنشط كل جزء صغير بجسدي.

يرغبون بأكلي؟! يرغبون بافتراسي؟! يرغبون بقتلي؟! أهذا جلُّ الأمر؟! إذا لا بأس.

منحوني منزل وظنوا أنني سأصدق أنني بأمان

كم ستدوم لحظة الموت وكم سيستغرقوا بتمزيق جسدي وأكله وكم سيبلغ هذا الألم؟! إنها مجرد بضع لحظات ولا أظن أن الألم سيبلغ ولو نصف ذلك الألم الذي شعرت به بذلك الجحيم.

سأنادي على أمي الميتة وسأصرخ بأسمها، ناديت وناديت وصوت صراخي لن يصل، أنادي واصرخ والوحوش تزأر.

نعم لا بأس، لا بأس بهجومهم علي وقتلي وأكلي وافتراسي، يا جسدي لا بأس، يا قلبي لا بأس، يا عقلي لا بأس.

يظهر عندما نكون أضعف من أصغر الأغصان

لا تجزع يا جسدي ولا تنهض فزعاً فهذا هو الموت الذي طلبته فلا بأس.

سألني: “هل أمك حية؟! يمكنني أخذك إليها مهما طالت المسافة بينكما … هيا أجيبيني هل هي حية؟!”.

لا تنبض خوفاً يا قلبي فهذا الموت الذي ستتوقف بعده عن النبض وهذا هو الموت الذي سيمنحك طعم الراحة والهدوء الذي لم تتذوقه ولو لمرة واحدة بحياتك.

سيتحول المنزل لمنزل جميل بعض الشيء لذا لا تهربي مرة أخرى، أنا اعلم أنك خائفة ولا تحبين أي شيء هنا لكنني أعلم أكثر من أي أحد آخر أن خارج هذا المنزل هناك امور كثيرة لا يجب أن نواجهها إلا عندما نصبح أقوى، عندما نمتلك قدم قوية يمكننا السير بمختلف الطريق، حتى الطرق الجديدة التي لا نعلم عنها أي شيء.

لا تصدم يا عقلي ناسياً فهذا هو مطلبك وهذا هو ما تريد وهذا هو المنطق، إنه موت سريع يا عقلي فلما أراك تنشط كل جزء صغير بجسدي.

إنهم ينظرون لبعضهم فيرون أعين بعضهم ووجوه بعضهم لكني مختلفة لأني أقبع بالأسفل، أنا أرى أسفل اقدامهم وأرى نظراتهم الدونية وهكذا.

لما أنا خائفة ولما نهضت بسرعة بمجرد سماع أصواتهم وبمجرد رؤية أجسادهم؟! لما قلبي يرتجف ولما عقلي لا يستطيع التفكير بالموت على أنه خلاص بعد الآن؟!

سألني: “هل أمك حية؟! يمكنني أخذك إليها مهما طالت المسافة بينكما … هيا أجيبيني هل هي حية؟!”.

إنه الخوف، أنا أعرف وأدرك حقيقته أكثر من أي شخص آخر، إنه ذلك الشعور الذي يشكل ممحاة تمحي جميع المشاعر الأخرى سواء كانت سعادة أو حزن أو قلق أو أي شيء آخر.

يداي على وشك الإفلات، سأسقط عاجلاً أم أجلاً، نحن ما زلنا ببداية الليل وهم بقفزهم نحوي لا يظهرون أي علامة على التراجع.

إن كنت تشعر بالرغبة بدخول الحمام فإنك تنساها وإن كنت تشعر برغبة شهوانية فإنك أيضاً تنساها عندما تخاف.

مر الوقت ببطء قاتل، لدي الرغبة بامتلاك السرير والغرق بدفئه لكنني ما زلت مصرة على إغلاق باب حياتي أمام ذلك الشاب.

بحالتي أنا لم أنسى السعادة لأنني لم أكن سعيدة ولم أنسى الحزن لأنني لم أكن حزينة بل كنت راضية بالموت وبنهايتي.

من أجلي إنسان؟! من أجلي خلاص؟! من أجلي حضن وحنان؟! هل أنا مجنونة؟! هل أصاب الخوف عقلي بالجنون فظننت أن مثل هذه الأشياء يمكنها أن تكون من أجلي؟!

أنا نسيت أمر آخر لأنه محي من عقلي بفعل الخوف وهذا الأمر ما هو سوى البؤس الذي رافقه خوف أصغر تم محيه أيضاً وهو الخوف من الاستمرار بالعيش.

سأنتظر الموت وسأؤمن به وحده فأنا أرى التلاشي من هذه الحياة نعيم وأرى الهرب منها هو الهرب من الجحيم.

نعم كنت خائفة بالفعل من استمراري بالعيش لكن ها أنا أنسى هذا الخوف الصغير وأخاف من هذه الوحوش الضارية التي اجتمعت حولي برغبة ملحة لديها بافتراسي.

وصلنا للمنزل وسألني بغرفة الاستقبال إن كنت سأكل بغرفتي أم معه هنا لكنني بمجرد أن أفلت يدي أسرعت لغرفتي وجلست بالزاوية متجنبةً السرير الجديد.

قفزت للشجرة الكبيرة خلفي وتسلقتها بسهولة مدفوعة بغريزة البقاء وبالإيمان المطلق الذي أمنت به بقدرتي بالتسلق السهل.

قفزت للشجرة الكبيرة خلفي وتسلقتها بسهولة مدفوعة بغريزة البقاء وبالإيمان المطلق الذي أمنت به بقدرتي بالتسلق السهل.

صعدت والوحوش تحاول الصعود خلفي لكنها تبقى وحوش لا تستطيع فعل ما استطيع فعله أنا ذات العقل البشري الذي شكل نعمة ونقمة لي.

أنا يستحيل أن أكون كبقية البشر، أنا لا أعيش مثلهم وهم لا يروني كما يروا بعضهم بعض، دائماً نحن من ولدنا لنكون بالأسفل سينظر لنا الآخرون من الأعلى.

نظرت أسفل الشجرة ووجدت وحوش متشبثة برغبة وغريزة بداخلها تدفعها للبقاء حتى سقوطي ثم نظرت ليدي التي أوشكت على إسقاطي.

كلام لربما لو كان لشخص آخر لوجده معبر وجميل، أنا لا اهتم بما قال أنا فقط أرغب بالنوم، كل حواسي وعقلي وقلبي وكل شيء بداخلي كذبه لكن صوته لم يكذب، كل ما لدي يدفعني لزاوية تكذيبه لكن بهذه الزاوية يوجد ثقب صدق وهذا الثقب هو حقيقة ألم وحزن صوته، هذا الثقب ادخل بعض النور لكنني لا أصدق، أنا لا أنظر للنور لأنه دائما ما يغدر بي ويعميني.

سحقاً لهذه اليد البشرية التي تستمر بالتمسك ولهذا العقل البشري الذي مكنني من الهرب، لو لم أهرب لكنت الآن ميتة ولانتهى ألم الموت ولو أسقطتني يدي الآن ما هي سوى لحظات حتى أموت فلما أنا متشبثة ولما لا استطيع الإفلات؟!

أنا بالفعل محاصرة وأمسك بالشجرة بكل قوتي، تلك القوى التي ستتلاشى بأي لحظة، ستتلاشى لشدة الإرهاق والجوع والعطش.

ببساطة أنا لا أريد الإفلات، مهما كذبت على نفسي وأقنعتها أنني أرغب بالموت ما أنا بلحظتي الأخيرة سأصدق هذا الهراء.

قال: “الجلوس هنا ممل أليس كذلك؟!”.

ماذا أتوقع وماذا أعتقد؟! أنا لا أتوقع ولا أعتقد بل أرى بعين الحقيقية، أنا أرى نفسي لو لم تأتي هذه الوحوش إلي لتلتهمني، كنت سأصمد لوقت معين ثم سأنهض منهارة تعبة جائعة عطشا وأنازع وأسير تائه لا أعلم طريق عودتي.

امسك خدي ومسح ما بقي من اثر لدموعي بمنديل ناعم وامسك شفتاي وجلعني اشرب ولم أرفض.

كنت سأرفض الموت كما أرفضه الآن وكنت سأرغب بالعودة للقرية لأحصل على بعض الماء وعلى بعض الطعام وكنت سأرفض الموت وسأنازع بحثاً عن الحياة.

.

هذه حقيقتي وهذه أنا، فتاة تائهة ضائعة محطمة غير صالحة للعيش ولا تقوى على محاربة نفسها حتى تحارب الحياة والبشر.

نظر للسرير والطعام بحزن ثم استدار وقال: “لن أزعجك اكثر وسأغادر، اعتني بنفسك”.

أينما أجد نفسي أخسر وبجميع الأحوال ينتهي بي الأمر وحيدة تائة وضائعة بين أيادي الشياطين والوحوش.

ركضت بأقصى سرعتي بالغابة لأضيع أولئك الشياطين اللذين يتربصون بي، لأضيع أولئك اللذين يطوفون ويمتلكون أجنحة وهم من كل حدب ينسلون.

كم سأصمد؟! كم سأبقى متشبثة هكذا وكم ستستطيع يدي البقاء متمسكة بهذه القوة؟! كلها أسئلة لا تهمني وكل ما يهمني هو الاستمرار بالتمسك فأنا لا أريد أن ينتهي بي الأمر فريسة لهؤلاء الوحوش.

إنها وحوش ضارية ومجموعة ضباع تجمعت حولي، ماذا يريدون مني؟! أنا لست سوى فتاة رقيقة نحيلة لا أكفي لإطعام واحد منهم فلما تجمعوا حولي بهذه الرغبة وبهذا العدد؟!

أنا بالفعل محاصرة وأمسك بالشجرة بكل قوتي، تلك القوى التي ستتلاشى بأي لحظة، ستتلاشى لشدة الإرهاق والجوع والعطش.

أتأمل النجوم وأخرج من المنزل عندما أمنح الشاب ذو الشعر الأبيض بعض الوقت ليخلد للنوم.

يداي على وشك الإفلات، سأسقط عاجلاً أم أجلاً، نحن ما زلنا ببداية الليل وهم بقفزهم نحوي لا يظهرون أي علامة على التراجع.

كنت سأرفض الموت كما أرفضه الآن وكنت سأرغب بالعودة للقرية لأحصل على بعض الماء وعلى بعض الطعام وكنت سأرفض الموت وسأنازع بحثاً عن الحياة.

صرخت بحدة، ناديت على لا أحد، لا يوجد سوى بعض الاشجار إذاً من سيسمعني؟! لا أحد سيسمع صوتي لكني سأصرخ، لن أفلت يدي التي تمزقت وسأصرخ.

لا مهرب لنا بعد أن يمسكنا ويربط كلتا القدمان

سأنادي على أمي الميتة وسأصرخ بأسمها، ناديت وناديت وصوت صراخي لن يصل، أنادي واصرخ والوحوش تزأر.

فقط ما اريده هو انهيار كامل، تعب شديد يجعل يدي تفلت من تلقاء نفسها وصوتي المرتعب يتلاشى تماما، لن اسقط إلا منهارة تعبة حتى لا أشعر بجحيم الموت.

فقط ما اريده هو انهيار كامل، تعب شديد يجعل يدي تفلت من تلقاء نفسها وصوتي المرتعب يتلاشى تماما، لن اسقط إلا منهارة تعبة حتى لا أشعر بجحيم الموت.

لا أريد لغيوم أن تغطي سمائي ولا أريد لبشر أن يعبثون بظلمتي ولا أريد لشياطين أن تطفو بخيالاتي.

“أميييييييي، ماماااااااااا، ساعدييينييي، أميييييي، ساعدييينييي”.

“أميييييييي، ماماااااااااا، ساعدييينييي، أميييييي، ساعدييينييي”.

ضربة على الأرض افزعت الوحوش ثم ظهر صوت صراخ، إنه ذلك الشاب ذو الشعر الأبيض صرخ وقال: “هاااااااااي”.

غادرت القرية ولم يرني أحد ودخلت الغابة وشعرت ببعض الأمان، أمان ناتج نتيجة البعد عن البشر والبعد عن شرورهم وما رأيته منهم.

ركض قادماً نحو الوحوش التي كانت مستعدة لافتراسه لكن بمجرد أن اقترب قليلاً تحولت الوحوش لأرانب.

ابتسم بعد حزنه وتابع: “لا تخافي واستغلي كل فرصة لتتقدمي لكن لا بأس، خذي الأمور بتمهل فما زال الوقت مبكراً”.

انكمشت الوحوش وتراجعت واصدرت صوت ضعيف خائف مرتعب ولاذت بالفرار بمجرد وصوله.

سألني: “هل أمك حية؟! يمكنني أخذك إليها مهما طالت المسافة بينكما … هيا أجيبيني هل هي حية؟!”.

كنت انظر إليه متأملة، كانت الدموع تغطي وجهي وسراب عقلي اعمى تفكيري عن رفضه والإعراض عنه فبقيت انظر بتمعن له وهو يقترب.

إنه الخوف، أنا أعرف وأدرك حقيقته أكثر من أي شخص آخر، إنه ذلك الشعور الذي يشكل ممحاة تمحي جميع المشاعر الأخرى سواء كانت سعادة أو حزن أو قلق أو أي شيء آخر.

وضع أحدى يديه أسفل ظهري ليحملني إذا سقطت وبيده الأخرى أمسك يدي المتشبثة بقوة بالشجرة.

قفزت للشجرة الكبيرة خلفي وتسلقتها بسهولة مدفوعة بغريزة البقاء وبالإيمان المطلق الذي أمنت به بقدرتي بالتسلق السهل.

لم تكن لدي حيلة حتى لفك يدي، شعرت انها خارجة عن السيطرة وأصبحت متصلبة من شدة التشبث لكن هذا الشاب قوي ورقيق بنفس الوقت، أمسك يدي وبكل لطف أرخاها وحررني من تصلبها وحملني بكلتا يديه ومسح خده بخدي وقال: “لا بأس يمكنك البكاء”.

اكتفينا بالطاعة وعند وقت الهرب كنا كطفلٍ باكٍ جبان

شد حضنه علي وكرر كلامه وقال: “يمكنك البكاء فأنا بجانبك”.

لا تنبض خوفاً يا قلبي فهذا الموت الذي ستتوقف بعده عن النبض وهذا هو الموت الذي سيمنحك طعم الراحة والهدوء الذي لم تتذوقه ولو لمرة واحدة بحياتك.

لم أكن افهم كلامه، من يظن نفسه حتى أبكي بحضنه؟! نعم من يكن هو حتى أبكي بحضنه؟! هل يظن نفسه أمي؟!

كنت سأرفض الموت كما أرفضه الآن وكنت سأرغب بالعودة للقرية لأحصل على بعض الماء وعلى بعض الطعام وكنت سأرفض الموت وسأنازع بحثاً عن الحياة.

أنا لن أبكي على حضن أحد سواها وأنا بالفعل لم أكن أرغب البكاء لكني لم أستطع، بكيت وبكيت حتى ملأت الغابة كلها بصوت صراخي وبكائي.

بحالتي أنا لم أنسى السعادة لأنني لم أكن سعيدة ولم أنسى الحزن لأنني لم أكن حزينة بل كنت راضية بالموت وبنهايتي.

أنا أتلاشى، أنا اخسر، أخسر الكثير، لا أملك بحوزتي أي شيء لكني أخسر جزء من حياتي، أنا تائهة بعالم مختلف، أعوم خارجة عن سيطرتي.

إنه الخوف، أنا أعرف وأدرك حقيقته أكثر من أي شخص آخر، إنه ذلك الشعور الذي يشكل ممحاة تمحي جميع المشاعر الأخرى سواء كانت سعادة أو حزن أو قلق أو أي شيء آخر.

بكائي استمر ولم يتوقف حتى عندما أختفى صوتي، بقيت يدي متمسكة به، لم أفلته، كنت بحاجة شيء مماثل، نعم أنا بحاجة شخص بجانبي.

فقط ما اريده هو انهيار كامل، تعب شديد يجعل يدي تفلت من تلقاء نفسها وصوتي المرتعب يتلاشى تماما، لن اسقط إلا منهارة تعبة حتى لا أشعر بجحيم الموت.

قلبي كان يبكي بصمت متشبثاً به، شعر قلبي بدفئه مدركاً أنه حنان كاذب لشيطان خلق من نار لكن جسدي اكتفى بتقبل هذا الدفء لهذه اللحظة فقط.

الهرب طريق سهل وبسيط، نعم أنا هربت من ذلك الشاب وها أنا أجلس انتظر موتي لأهرب من هذه الحياة.

عندما احتجت أحد بأشد لحظاتي كانت الهاوية هي من تحتضنني لكن هذه المرة لقد أتى أحد من أجلي، حتى إن كان كاذب منافق أريد تصديقه بهذه اللحظة، على الأقل طوال طريق العودة للمنزل.

يداس على رأسنا ويفتن القوي باستغلالنا أيان إفتتان

لم يرخي يده وبقي متمسك بجسدي ويسير بثبات، كانت يده الاخرى تمسح على رأسي وتربت عليه بشكل مرضي.

بعد بضع الوقت طرق الباب وأخذ الغداء ووضع مكانه العشاء وغادر، لم أغير مكاني ولم أتحرك شبراً واحداً.

سألني: “هل أمك حية؟! يمكنني أخذك إليها مهما طالت المسافة بينكما … هيا أجيبيني هل هي حية؟!”.

يظهر عندما نكون أضعف من أصغر الأغصان

أومأت برأسي مشيراً لموتها فاعتذر لأجل سؤاله وتابعنا الطريق.

لم يكن مهتم بي شخصياً، كان يرى أنني بالفعل لم اقترب من ذلك السرير ولم افتح حقائب الملابس التي اشتراها لكنه لم يحدثني أبدا بهذا الشأن حتى أتى اليوم وجلس بغرفتي.

وصلنا للمنزل ولم يتركني، بقي متمسك بي واحضر بعض الماء وطلبني لأشرب لكني لم أقم بأي ردة فعل.

يداس على رأسنا ويفتن القوي باستغلالنا أيان إفتتان

امسك خدي ومسح ما بقي من اثر لدموعي بمنديل ناعم وامسك شفتاي وجلعني اشرب ولم أرفض.

كان مبتسماً وكنت مترددة وأشعر برغبة برفع يدي ومدها له لكن لا بأس، أمسك بيدي قبل أن تُرفع وخرجنا معاً بوضح النهار والقرية شديدة الضجة والازدحام.

أخبرني أنه لا يوجد إلا الطعام الذي تركته خلفي عندما هربت ولقد فسد وجميع المتاجر مغلقة الآن لذا سنكتفي بالحساء المعتاد.

هذه حقيقتي وهذه أنا، فتاة تائهة ضائعة محطمة غير صالحة للعيش ولا تقوى على محاربة نفسها حتى تحارب الحياة والبشر.

وضعني على الأرض أمام الموقد وأشعله وبدأت السماء تهطل، كان البرد شديد البارحة لكنه لم يكن بشيء جديد مؤثر فأنى دائماً بملابس رقيقة بأشد ليلالي الشتاء برداً واعتدت الأمر لكنني أشعر أن الموقد منحني دفئ لا أرغب باعتياده، البرد قادم والموقد سيتلاشى قريباً لذا أرغب بالبقاء منيعة اتجاه البرد لكن لا بأس، لا بأس باليوم فقط.

قفزت للشجرة الكبيرة خلفي وتسلقتها بسهولة مدفوعة بغريزة البقاء وبالإيمان المطلق الذي أمنت به بقدرتي بالتسلق السهل.

إنها ليلة، إنها هذه المرة فقط، سأتقبل الدفء الكاذب، سأتقبل النفاق الواضح، أنه اليوم فقط.

لا تصدم يا عقلي ناسياً فهذا هو مطلبك وهذا هو ما تريد وهذا هو المنطق، إنه موت سريع يا عقلي فلما أراك تنشط كل جزء صغير بجسدي.

صَنع الحساء ومنحني إياه ولم يأكل، تذوقت طعمه فكان أفضل من المرات السابقة والسبب كان واضح لي وهو عدم وضعه للبصل.

امسك خدي ومسح ما بقي من اثر لدموعي بمنديل ناعم وامسك شفتاي وجلعني اشرب ولم أرفض.

شربته كله فسكب لي المزيد لكنني أعرضت فلم يصر علي بشدة وجلس بجانبي ووضع يده خلف ظهري لأتكا عليها وبدأ يربت على رأسي ويمسح على شعري، كان شعوراً دافئا سأكتفي بتصديقه لهذه الليلة.

غادر واغلق الباب فضعرت ولأول مرة بعدم الراحة لخروجه، شعرت بهم أصابني لرؤية حزنه الشديد وتعبه، أتى ليريح نفسه بالكلام لأي أحد ولكن لسوء حظه كان هذا الأحد أنا.

سأصدق إنه ملاك بوسط هذا الجحيم، سأصدق أنه ملاك أضل طريقه وتاه بجحيم حياتي، لن أزيل القناع لأرى الشيطان الذي بداخله وسأكتفي الليلة فقط بدفء أجنحته.

غادرت القرية ولم يرني أحد ودخلت الغابة وشعرت ببعض الأمان، أمان ناتج نتيجة البعد عن البشر والبعد عن شرورهم وما رأيته منهم.

قام برفع الغطاء على جسدي وقال: “بحثت عنك طوال البارحة واليوم ومن الجيد أنني وجدتك، لقد تأخرت كثيراً لذا أنا آسف، هل تسامحيني؟!”.

لا أعلم لما لكن هذا الشاب أصبح جزء لا يتجزأ من تفكيري وأصبحتُ فجأة أمتلك الكثير من الفضول لمعرفة المزيد والمزيد عنه وهذا خطير ولما هو خطير؟! لأن هذا الشاب غامض ويخفي الكثير من الأسرار وراءه.

هراء، إنه يحاول التقرب مني وخداعي، إنه فم شيطان قذر يتفوه بالخداع.

أنا أؤمن بأن هناك بشر جيدون وأؤمن أن الظروف هي من تصنع من البشر وحوش لكني فتاة ملعونة أمتلك هالة تجذب الوحوش نحوي وتحول البشر الجيدين لوحوش.

تابع كلامه قائلاً: “عندما يحل الصباح سنخرج معا وسنجعل هذا المنزل جميل ومرتب وسنجعله يشرح الصدر، سنشتري كل ما نحتاجه وكل ما نريده، حسناً؟! سنشتري وسائد جيدة وناعمة وأسرة وبعض الزينة، سنشتري ما نحتاجه من طعام وأدوات للطبخ وكل شيء.

يبتسم لنا ويقدم لنا عطاءه وخيره ويقدم العرفان

سيتحول المنزل لمنزل جميل بعض الشيء لذا لا تهربي مرة أخرى، أنا اعلم أنك خائفة ولا تحبين أي شيء هنا لكنني أعلم أكثر من أي أحد آخر أن خارج هذا المنزل هناك امور كثيرة لا يجب أن نواجهها إلا عندما نصبح أقوى، عندما نمتلك قدم قوية يمكننا السير بمختلف الطريق، حتى الطرق الجديدة التي لا نعلم عنها أي شيء.

.

خذي وقتك للتعافي، أعلم كم أن الأمر صعب لكن لا بأس، سأساعدك واكون هنا دائما لأجلك، بالنهاية ستصبحين قوية، عندما تخرجين للخارج سينتظرك أصدقاء ومعارف، سينتظرك مجتمع وأناس يعرفونك وإن تاذيتي سيسرعون من أجلك.

كم سأصمد؟! كم سأبقى متشبثة هكذا وكم ستستطيع يدي البقاء متمسكة بهذه القوة؟! كلها أسئلة لا تهمني وكل ما يهمني هو الاستمرار بالتمسك فأنا لا أريد أن ينتهي بي الأمر فريسة لهؤلاء الوحوش.

ستصبحين فتاة عادية قريباً ثم ستجتهدي وتتخذي قررات تجعل منك شخص إما مؤثر بالقرية وإما شخص عادي، ستكونين حرة قريبا، حرة من نفسك، ستتحرري من نفسك ومن ماضيك وهذان أكبر قيدان يمكن أن يقيدوننا، الماضي والنفس الضعيفة، العوائق الأكبر بطريق نمونا”.

لا تصدم يا عقلي ناسياً فهذا هو مطلبك وهذا هو ما تريد وهذا هو المنطق، إنه موت سريع يا عقلي فلما أراك تنشط كل جزء صغير بجسدي.

ابتسم بعد حزنه وتابع: “لا تخافي واستغلي كل فرصة لتتقدمي لكن لا بأس، خذي الأمور بتمهل فما زال الوقت مبكراً”.

صَنع الحساء ومنحني إياه ولم يأكل، تذوقت طعمه فكان أفضل من المرات السابقة والسبب كان واضح لي وهو عدم وضعه للبصل.

كلام لربما لو كان لشخص آخر لوجده معبر وجميل، أنا لا اهتم بما قال أنا فقط أرغب بالنوم، كل حواسي وعقلي وقلبي وكل شيء بداخلي كذبه لكن صوته لم يكذب، كل ما لدي يدفعني لزاوية تكذيبه لكن بهذه الزاوية يوجد ثقب صدق وهذا الثقب هو حقيقة ألم وحزن صوته، هذا الثقب ادخل بعض النور لكنني لا أصدق، أنا لا أنظر للنور لأنه دائما ما يغدر بي ويعميني.

لا أعلم لما لكن هذا الشاب أصبح جزء لا يتجزأ من تفكيري وأصبحتُ فجأة أمتلك الكثير من الفضول لمعرفة المزيد والمزيد عنه وهذا خطير ولما هو خطير؟! لأن هذا الشاب غامض ويخفي الكثير من الأسرار وراءه.

نمت نوماً عميقاً واستيقظت صباحاً وكان ما زال بجانبي ومستيقظ، ابتسم لي وقال: “صباح الخير”.

إنه الخوف، أنا أعرف وأدرك حقيقته أكثر من أي شخص آخر، إنه ذلك الشعور الذي يشكل ممحاة تمحي جميع المشاعر الأخرى سواء كانت سعادة أو حزن أو قلق أو أي شيء آخر.

طأطأت رأسي ولكنني لمحت شيء ضخم بالغرفة.

كم سأصمد؟! كم سأبقى متشبثة هكذا وكم ستستطيع يدي البقاء متمسكة بهذه القوة؟! كلها أسئلة لا تهمني وكل ما يهمني هو الاستمرار بالتمسك فأنا لا أريد أن ينتهي بي الأمر فريسة لهؤلاء الوحوش.

قال: “لقد ذهبت صباحا واشتريت كل شيء لذا هيا لنرتب كل شيء ونضعه بمكانه”.

بعد بضع الوقت طرق الباب وأخذ الغداء ووضع مكانه العشاء وغادر، لم أغير مكاني ولم أتحرك شبراً واحداً.

أمسك بيدي وسحبني لغرفتي وعاد لغرفة الاستقبال، أحضر سرير نوم وفرشة ووسادة وغطاء، كان السرير بما عليه جميل للغاية ويجذبني للنوم عليه مباشرةً.

كلام لربما لو كان لشخص آخر لوجده معبر وجميل، أنا لا اهتم بما قال أنا فقط أرغب بالنوم، كل حواسي وعقلي وقلبي وكل شيء بداخلي كذبه لكن صوته لم يكذب، كل ما لدي يدفعني لزاوية تكذيبه لكن بهذه الزاوية يوجد ثقب صدق وهذا الثقب هو حقيقة ألم وحزن صوته، هذا الثقب ادخل بعض النور لكنني لا أصدق، أنا لا أنظر للنور لأنه دائما ما يغدر بي ويعميني.

أدخل بعض لوحات الزينة وعلقها واحضر سجاد ناعم للارضية ثم احضر خزانة صغيرة وعاد لغرفة الاستقبال وتأخر قليلا ثم عاد.

هراء، إنه يحاول التقرب مني وخداعي، إنه فم شيطان قذر يتفوه بالخداع.

مد يده لي وقال: “هيا لنذهب نشتري بعض الملابس”.

وضع الطعام وجلس واتكأ على الحائط المقابل للحائط الذي اتكئ أنا عليه.

كان مبتسماً وكنت مترددة وأشعر برغبة برفع يدي ومدها له لكن لا بأس، أمسك بيدي قبل أن تُرفع وخرجنا معاً بوضح النهار والقرية شديدة الضجة والازدحام.

سرقت سكين من غرفة ذو الشعر الأبيض وأنا مستعدة لقطع رأس أي أحد يجرؤ وينظر نحوي.

لم أعطي رأي الخاص بأي من الملابس لكنه اشترى لي ما أردته وكأنه كان يقرأ مشاعري الداخلية ويحلل ردود فعلي.

كان يقضي نصف اليوم خارجاً وعندما يعود لا يصدر أي ضجة حتى اليوم التالي وأصبح هذا الروتين مستمر ولكنني كنت أظن أنه سيتوقف.

بعد الانتهاء من شراء الملابس اشترينا بعض الطعام واتجهنا للمنزل.

.

وصلنا للمنزل وسألني بغرفة الاستقبال إن كنت سأكل بغرفتي أم معه هنا لكنني بمجرد أن أفلت يدي أسرعت لغرفتي وجلست بالزاوية متجنبةً السرير الجديد.

تابع كلامه قائلاً: “عندما يحل الصباح سنخرج معا وسنجعل هذا المنزل جميل ومرتب وسنجعله يشرح الصدر، سنشتري كل ما نحتاجه وكل ما نريده، حسناً؟! سنشتري وسائد جيدة وناعمة وأسرة وبعض الزينة، سنشتري ما نحتاجه من طعام وأدوات للطبخ وكل شيء.

لحق بي ووضع الطعام بغرفتي ووضع الملابس بالخزانة وقال: “أنا سأغادر بعد تناول الطعام ولن أعود للمنزل إلا عندما اطرق الباب ثلاث مرات ثم ادخل لذا تصرفي بحرية على الأقل وانا بالخارج”.

لن أرحب بأحد ولن أظن أنه سينتشلني أحد من الجحيم إلى النعيم فما هذه الحياة كلها سوى جحيم مستمر.

غادر الغرفة وبعد بضع الوقت غادر المنزل، كانت رائحة الطعام شهية لكنني لم أمد يدي عليه وأخذت الغطاء القديم وبقيت جالسة لوحدي.

يداي على وشك الإفلات، سأسقط عاجلاً أم أجلاً، نحن ما زلنا ببداية الليل وهم بقفزهم نحوي لا يظهرون أي علامة على التراجع.

مر الوقت ببطء قاتل، لدي الرغبة بامتلاك السرير والغرق بدفئه لكنني ما زلت مصرة على إغلاق باب حياتي أمام ذلك الشاب.

نظرت أسفل الشجرة ووجدت وحوش متشبثة برغبة وغريزة بداخلها تدفعها للبقاء حتى سقوطي ثم نظرت ليدي التي أوشكت على إسقاطي.

طرق الباب ثلاث مرات فانكمشت على الفور، خفت بلحظة لكنني سرعان ما هدأت لأنه لم يدخل لغرفتي.

كنت سأرفض الموت كما أرفضه الآن وكنت سأرغب بالعودة للقرية لأحصل على بعض الماء وعلى بعض الطعام وكنت سأرفض الموت وسأنازع بحثاً عن الحياة.

بعد بضع الوقت طرق الباب وأخذ الغداء ووضع مكانه العشاء وغادر، لم أغير مكاني ولم أتحرك شبراً واحداً.

أنا أتلاشى، أنا اخسر، أخسر الكثير، لا أملك بحوزتي أي شيء لكني أخسر جزء من حياتي، أنا تائهة بعالم مختلف، أعوم خارجة عن سيطرتي.

قصر الليل رغم طوله، فكرت بكل الأمور السيئة، تخيلت مواقف سيئة مع هذا اللعين، تخيلت أنه يهجم علي بغرفتي وأنا أنازع وأحاول الهرب لكن بالطبع ضعفي لن يسمح لي.

يداس على رأسنا ويفتن القوي باستغلالنا أيان إفتتان

تخيلت نفسي مقيدة وأعرض كما عرضني التوأمين، تخيلت الكثير من الامور السيئة وبللت الغطاء بدموعي وما هو إلا وقت قليل حتى ظهر ضوء الصباح.

لم يرخي يده وبقي متمسك بجسدي ويسير بثبات، كانت يده الاخرى تمسح على رأسي وتربت عليه بشكل مرضي.

شعرت بالنعاس واستسلمت للنوم وها أنا استيقظ واشعة الشمس تشير إلى منتصف الوقت بين الغروب والظهيرة.

امسك خدي ومسح ما بقي من اثر لدموعي بمنديل ناعم وامسك شفتاي وجلعني اشرب ولم أرفض.

هل يحق لي النوم طوال هذا الوقت؟! هل يحق لي الاستيقاظ على هذا السلام؟! ألا وجود لشياطين من تحت اقدامي تخطط؟! ألن يُمكر بي عما قريب؟! ألن اعيش الجحيم مجدداً؟!

هذه حقيقتي وهذه أنا، فتاة تائهة ضائعة محطمة غير صالحة للعيش ولا تقوى على محاربة نفسها حتى تحارب الحياة والبشر.

أنا عطشة وجائعة وأمامي جميع رغباتي، شربت كأس الماء الأول وبقبت عطشة لكنني لن أشرب الآخر، لن أظهر له أنني محتاجة له بشدة، لن اظهر له أنني بحاجة لعطفه، كان عليه ترك كأس ماء واحدة.

إنه الخوف، أنا أعرف وأدرك حقيقته أكثر من أي شخص آخر، إنه ذلك الشعور الذي يشكل ممحاة تمحي جميع المشاعر الأخرى سواء كانت سعادة أو حزن أو قلق أو أي شيء آخر.

تناولت القليل من الطعام وعدت لزاويتي المفضلة ومر الوقت دون أي شيء كما مر أسبوع كامل وأنا لا اعلم ما يجري.

بحق إلى أين أنا ذاهبة؟! هذا المكان مرعب ومخيف بحق، الأشجار كثيفة وصوت تحرك الشجر الناتج عن قوة الريح بالفعل مخيف.

يبدو مشغولاً بأمر ما وأنا لا أعلم ما يحدث بالخارج، يومياً يأتي إلي ويطرق الغرفة ثلاث مرات ويدخل بدون إذن يأخذ الطعام الذي لم أكل منه الا القليل ويحضر غيره.

أخبرني أنه لا يوجد إلا الطعام الذي تركته خلفي عندما هربت ولقد فسد وجميع المتاجر مغلقة الآن لذا سنكتفي بالحساء المعتاد.

كان يقضي نصف اليوم خارجاً وعندما يعود لا يصدر أي ضجة حتى اليوم التالي وأصبح هذا الروتين مستمر ولكنني كنت أظن أنه سيتوقف.

إنها ليلة، إنها هذه المرة فقط، سأتقبل الدفء الكاذب، سأتقبل النفاق الواضح، أنه اليوم فقط.

لم يكن مهتم بي شخصياً، كان يرى أنني بالفعل لم اقترب من ذلك السرير ولم افتح حقائب الملابس التي اشتراها لكنه لم يحدثني أبدا بهذا الشأن حتى أتى اليوم وجلس بغرفتي.

لم تكن لدي حيلة حتى لفك يدي، شعرت انها خارجة عن السيطرة وأصبحت متصلبة من شدة التشبث لكن هذا الشاب قوي ورقيق بنفس الوقت، أمسك يدي وبكل لطف أرخاها وحررني من تصلبها وحملني بكلتا يديه ومسح خده بخدي وقال: “لا بأس يمكنك البكاء”.

وضع الطعام وجلس واتكأ على الحائط المقابل للحائط الذي اتكئ أنا عليه.

صعدت والوحوش تحاول الصعود خلفي لكنها تبقى وحوش لا تستطيع فعل ما استطيع فعله أنا ذات العقل البشري الذي شكل نعمة ونقمة لي.

قال: “الجلوس هنا ممل أليس كذلك؟!”.

لقد غرتني طيبة الجدين عندما انشتلاني من الموت وأعاداني للحياة وبفعلتهما أعاداني للجحيم.

على الأقل هو افضل من الخروج وأنا راضية به.

أنا لن أبكي على حضن أحد سواها وأنا بالفعل لم أكن أرغب البكاء لكني لم أستطع، بكيت وبكيت حتى ملأت الغابة كلها بصوت صراخي وبكائي.

تابع: “أتعلمين؟! التواصل مع الآخرين ومحاولة كسب ودهم وثقتهم أمر مقرف، الاجتماعية مقرفة لكنني مجبر عليها، كم اتمنى لو بقيت لوحدي بالغابة، اصنع طعامي من مزروعاتي وأكل اللحوم من اصطيادي وغيرها من الأمور لوحدي.

لا تنبض خوفاً يا قلبي فهذا الموت الذي ستتوقف بعده عن النبض وهذا هو الموت الذي سيمنحك طعم الراحة والهدوء الذي لم تتذوقه ولو لمرة واحدة بحياتك.

نحن من رأينا الظلمة الحالكة تصيبنا حالة معقدة تجعلنا نكره الضوء، نحتاج لوقت للتعافي لكن التمثيل أمر مرهق ويستنزفنا”.

نمت نوماً عميقاً واستيقظت صباحاً وكان ما زال بجانبي ومستيقظ، ابتسم لي وقال: “صباح الخير”.

نهض من مكانه وغادر الغرفة وترك الباب خلفه مفتوح فشعرت أن ما قاله أمر قريب جداً ويعنيني، نهضت واتجهت لإغلاق الباب لكنني وجدته على الباب فتراجعت بسرعة.

سأصدق إنه ملاك بوسط هذا الجحيم، سأصدق أنه ملاك أضل طريقه وتاه بجحيم حياتي، لن أزيل القناع لأرى الشيطان الذي بداخله وسأكتفي الليلة فقط بدفء أجنحته.

دخل وكان يحمل منديل كبير وبعض الماء ومواد للاستحمام،قال وهو يسير داخل الغرفة ويتركني خلفه: “ألم أخبرك، نحن لا نحب الضوء”.

ستصبحين فتاة عادية قريباً ثم ستجتهدي وتتخذي قررات تجعل منك شخص إما مؤثر بالقرية وإما شخص عادي، ستكونين حرة قريبا، حرة من نفسك، ستتحرري من نفسك ومن ماضيك وهذان أكبر قيدان يمكن أن يقيدوننا، الماضي والنفس الضعيفة، العوائق الأكبر بطريق نمونا”.

نعم أنه محق، الانغلاق على نفسي بظلمتي الخاصة أفضل من نور العيش مع الاخرين وقربهم.

لا أعلم لما لكن هذا الشاب أصبح جزء لا يتجزأ من تفكيري وأصبحتُ فجأة أمتلك الكثير من الفضول لمعرفة المزيد والمزيد عنه وهذا خطير ولما هو خطير؟! لأن هذا الشاب غامض ويخفي الكثير من الأسرار وراءه.

وضع ما بيده أرضا وقال: “يجب عليك تنظيف جسدك والعناية به جيداً، لقد مررتي بوقت عصيب ويجب عليك العناية بنفسك بالمحافظة على النوم الطويل ليلاً والطعام الجيد ثم تأتي باقي الأمور”.

أنا عطشة وجائعة وأمامي جميع رغباتي، شربت كأس الماء الأول وبقبت عطشة لكنني لن أشرب الآخر، لن أظهر له أنني محتاجة له بشدة، لن اظهر له أنني بحاجة لعطفه، كان عليه ترك كأس ماء واحدة.

نظر للسرير والطعام بحزن ثم استدار وقال: “لن أزعجك اكثر وسأغادر، اعتني بنفسك”.

لكن هذه المرة لن نكرر خطأنا وسنضع الهرب بالحسبان

غادر واغلق الباب فضعرت ولأول مرة بعدم الراحة لخروجه، شعرت بهم أصابني لرؤية حزنه الشديد وتعبه، أتى ليريح نفسه بالكلام لأي أحد ولكن لسوء حظه كان هذا الأحد أنا.

نحن من رأينا الظلمة الحالكة تصيبنا حالة معقدة تجعلنا نكره الضوء، نحتاج لوقت للتعافي لكن التمثيل أمر مرهق ويستنزفنا”.

لا أعلم لما لكن أنا بالفعل حزينة لمغادرته، أشعر وكأنني آلمته وشكلت على صدره ثقل وأشعر أنني ما عدت استطيع العيش بدونه.

إنها وحوش ضارية ومجموعة ضباع تجمعت حولي، ماذا يريدون مني؟! أنا لست سوى فتاة رقيقة نحيلة لا أكفي لإطعام واحد منهم فلما تجمعوا حولي بهذه الرغبة وبهذا العدد؟!

هل بدأت أعتاد على وجود هذا الشاب؟! هل بدأت أتقبله؟! هل بدأت أفكر بمشاعره ولا أرغب أن يشعر بحزن وهم وألم؟! هل غيابه بالمستقبل سيشكل حزن لي؟!

وضعني على الأرض أمام الموقد وأشعله وبدأت السماء تهطل، كان البرد شديد البارحة لكنه لم يكن بشيء جديد مؤثر فأنى دائماً بملابس رقيقة بأشد ليلالي الشتاء برداً واعتدت الأمر لكنني أشعر أن الموقد منحني دفئ لا أرغب باعتياده، البرد قادم والموقد سيتلاشى قريباً لذا أرغب بالبقاء منيعة اتجاه البرد لكن لا بأس، لا بأس باليوم فقط.

لا أعلم لما لكن هذا الشاب أصبح جزء لا يتجزأ من تفكيري وأصبحتُ فجأة أمتلك الكثير من الفضول لمعرفة المزيد والمزيد عنه وهذا خطير ولما هو خطير؟! لأن هذا الشاب غامض ويخفي الكثير من الأسرار وراءه.

سحقاً لهذه اليد البشرية التي تستمر بالتمسك ولهذا العقل البشري الذي مكنني من الهرب، لو لم أهرب لكنت الآن ميتة ولانتهى ألم الموت ولو أسقطتني يدي الآن ما هي سوى لحظات حتى أموت فلما أنا متشبثة ولما لا استطيع الإفلات؟!

 

وجه طيب رقيق يقدم أحسن الإحسان

.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط