نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

التناسخ اللعين 45.2

قاعةُ سيينا (2)

قاعةُ سيينا (2)

الفصل 45.2: قاعةُ سيينا (2)

 

وقفَ يوجين هُناكَ لبضعِ لحظات، يقرأ مجلةَ سيينا البحثية. وعندما شعرَ أنَّ رأسَهُ صارَ على وشكِ أنْ يبدأ في الدوران، أغلقَ الكِتابَ ونظرَ حولَه. شَعَرَ أنَّ هُناكَ حوالي المائةَ مُجلدٍ مِنَ الكُتُبِ مخزنٌ هُنا. 

بدأتْ أكتافُ مير المُنهارةُ تُزعِجُه. على الرُغمِ مِن أنَّهُ أرادَ أنْ يُرَبِتَ على ظهرِها، لكِنَهُ بعدَ تَذَكُرِ تحذيرِ مير الصارِم قبلَ قليل، مَنَعَ نَفسَهُ مِن لمسِها دونَ قصد.

 

القديسة، التي حَمَلتْ زُجاجاتِ النبيذ بينما تُسَميها بالماء المُقَدَس.

بعد إلقاء نظرةٍ خاطِفةٍ عليهِم جميعًا، فتحَ يوجين فمَهُ وسأل، “أليسَ هُناكَ أيٌّ مِن مُلاحظاتِ سيينا الشخصية؟ تِلكَ التي لا تَتَحدثُ عن السِحر.”

“أعني، الحقيقةُ هي أنَّني أُحِبُ السير هامل أكثرَ مِن غيره، وأنا أحترِمُهُ ومُعجبٌ به”، كافحَ يوجين لإخفاء إحراجِه. “ولكِن في تِلكَ الحكايةِ الخيالية، فإنَّ السير هامل مَصنوعٌ حقًا ليبدو مِثلَ الأحمق.”

“لا يوجدُ أيُّ شيء”، قالت مير. “قبلَ ذهابِها إلى عُزلَتِها، مَحَتْ السيدةُ سيينا جميعَ المُلاحظاتِ الشخصيةِ التي تَرَكَتها في قصرِها.”

 

“يبدو أنَّها كانتْ جادةً حقًا في التسَتُرِ على المكانِ الذي ذَهَبَتْ إليه.”

سارَ يوجين بسُرعةٍ وأمسَكَ الكتاب. قد يكونُ ذلِكَ بسببِ أنَّ الكِتابَ موجودٌ مُنذُ ثلاثمائةِ عام، لكِنَ الصفحاتَ بَدَتْ مُهتَرِئةً حقًا. رُبما ذلِكَ علامةٌ على عَدَدِ المراتِ التي تَمَتْ قِراءتُها مرارًا وتكرارًا.

“هذا يُظهِرُ فقط مدى عَدَمِ رَغبَتِها في أنْ يعرِفَ أيُّ شخصٍ إلى أينَ هي ذاهِبة.”

 

“وما رأيُكِ في ذلِك؟” سألَ يوجين عندما أعادَ المجلة البحثيةَ إلى رفِ الكُتُبِ الذي أخرجَها مِنه. “هُناكَ الكثيرُ مِن التخميناتِ عن المكانِ الذي رُبما ذهبَتْ إليهِ السيدةُ سيينا. يقولُ البعضُ أنَّها ذَهَبَتْ إلى هيلموث، والبعضُ الآخرُ يقولُ إنَّها ذَهَبَتْ إلى غابةِ سمر…وهُناكَ حتى مجموعةٌ تَقولُ إنَّها أُغتيلَتْ مِن قبلِ السَحَرةِ السود.”

من حيثِ مستوياتِهِم السحريةِ وحدَها، مستوى الليتش بعل أكبر في الواقعِ مِن مُستَوى مَلِكِ الغضب الشيطاني. على الرُغمِ مِن أنَّ هذا لا يعني أنَّ بعل أقوى مِن ملكِ الغضبِ الشيطاني.

“أعتقِدُ أنَّها ذَهَبَتْ إلى غابةِ سمر”، أجابتْ مير. “على الرُغمِ مِن أنَّ الكثيرَ مِنَ الناسِ يَعتَقِدونَ أنَّها رُبَما ذَهَبَتْ إلى هيلموث، فَـمِمَّا أتَذَكَرُه عن السيدةِ سيينا هو أنَّها ليسَتْ مِنَ النوعِ الذي يجرؤ على فعلِ شيءٍ مُتَهورٍ ومُستَحيل. حتى ذهبَتْ السيدةُ سيينا إلى عُزلَتِها، ظَلَّتْ أجملَ وأقوى شخصٍ أعرِفُه. ومع ذلِك، تحدي ملوكِ شياطينِ هيلموث لوحدِها؟ السيدةُ سيينا ليسَتْ شَخصًا قد يَفعَلُ شيئًا كهذا.”

“أعني، الحقيقةُ هي أنَّني أُحِبُ السير هامل أكثرَ مِن غيره، وأنا أحترِمُهُ ومُعجبٌ به”، كافحَ يوجين لإخفاء إحراجِه. “ولكِن في تِلكَ الحكايةِ الخيالية، فإنَّ السير هامل مَصنوعٌ حقًا ليبدو مِثلَ الأحمق.”

“أنا أتَفِقُ أيضًا مع هذا الإستنتاج”، أومأ يوجين برأسِه.

“أو قد يكون، حسنًا، قد يكونُ مُجردَ روائيٍّ جَمَعَ ورَبَطَ كُلَ الشائعاتِ المُحيطةِ بهيلموث. على الرُغمِ مِن أنَّني لا أعرِفُ لماذا لم يترُك إسمَهُ على الكتاب.” بينما مير تُلَوِحُ بكِتابِ القُصةِ الخياليةِ في يدِها، واصَلَت التَحَدُث، “أحَبَتْ السيدةُ سيينا أيضًا هذهِ القُصةَ الخيالية. على الرُغمِ مِن أنَّها لم تكُن شخصًا يَبتَسِمُ في كثيرٍ مِن الأحيان، إلا أنَّها أحيانًا في الليل، عندما لا تستطيعُ النوم…كانَتْ تَبتَسِمُ قليلًا أثناء قراءةِ هذا الكتابِ بمُفردِها في غُرفةِ نومها. أنا أعرِفُ هذا لأنَّها قرأتهُ لي كذلِك.”

 

‘هل يُمكِنُ أنْ يكونَ اللقيطُ الذي كتبَ هذا هو انيسيه؟’ تساءلَ يوجين.

“بالنسبةِ للسَحَرةِ السود وأنَّهُم إغتالوا السيدةَ سيينا، فهذا هُراء أيضًا. على الرُغمِ مِن أنَّهُ في الوقتِ الحالي، يُمكِنُ العثورُ على سَحَرةٍ سودٍ أقوياء مِثلَ بلزاك لودبيث في آروث، فَـقبلَ مائتي عام، السحرةُ السود الذينَ عاشوا في آروث كانوا جميعًا غيرَ مُهمينَ وضُعَفاء” سَخِرَتْ مير بإستِخفاف.

 

 

“هااا! هذا لا هُراء أكثر. السير يوجين، بمُجَرَدِ التفكيرِ في الأمر. إستطاعَ الحاجِزُ السحريُّ الخاصُ بالسيدةِ سيينا منعَ السحرِ الأسودِ الذي ألقاهُ ملك الغَضَبِ الشيطاني”، صَرَخَتْ مير بعصبية.

قال يوجين لاعِبًا دورَ المُحامي عن الشياطين: “لكِنَ السحرةَ السود مِن هيلموث بإمكانِهِم التَسَلُلُ لإغتيالِ السيدةِ سيينا”.

إحتَجَّ يوجين قائلًا: “لطالما أحبَبتُ القِصَصَ القديمة.”

 

“أنا أتَفِقُ أيضًا مع هذا الإستنتاج”، أومأ يوجين برأسِه.

“هااا! هذا لا هُراء أكثر. السير يوجين، بمُجَرَدِ التفكيرِ في الأمر. إستطاعَ الحاجِزُ السحريُّ الخاصُ بالسيدةِ سيينا منعَ السحرِ الأسودِ الذي ألقاهُ ملك الغَضَبِ الشيطاني”، صَرَخَتْ مير بعصبية.

قالتْ مير: “لكِنَ السيدةَ سيينا أيضًا قالتْ أنَّ هامل غبي، إبنُ عاهرة، أحمقٌ وعاهِر؟”

 

بدأتْ أكتافُ مير المُنهارةُ تُزعِجُه. على الرُغمِ مِن أنَّهُ أرادَ أنْ يُرَبِتَ على ظهرِها، لكِنَهُ بعدَ تَذَكُرِ تحذيرِ مير الصارِم قبلَ قليل، مَنَعَ نَفسَهُ مِن لمسِها دونَ قصد.

‘على الرُغمِ مِن أنَّهُ لم يستَطِع منعَ سحرِ بعل الأسود’ فَكَرَ يوجين بصمت.

بعد إلقاء نظرةٍ خاطِفةٍ عليهِم جميعًا، فتحَ يوجين فمَهُ وسأل، “أليسَ هُناكَ أيٌّ مِن مُلاحظاتِ سيينا الشخصية؟ تِلكَ التي لا تَتَحدثُ عن السِحر.”

 

“ألقِ نظرةً”، ضَحِكَتْ مير وهي تُلَوِحُ بيدِها للأمام. “هذهِ هي الذكرياتُ الشخصيةُ التي إستَخلَصَتها السيدةُ سيينا من ذكرياتِها الخاصة. هذهِ ليسَتْ مُجرَدَ صورٍ شخصية، لكِنَها النُسَخُ الحقيقيةُ لرفاقِ السيدةِ سيينا كما تذكرَتهُم هي.”

من حيثِ مستوياتِهِم السحريةِ وحدَها، مستوى الليتش بعل أكبر في الواقعِ مِن مُستَوى مَلِكِ الغضب الشيطاني. على الرُغمِ مِن أنَّ هذا لا يعني أنَّ بعل أقوى مِن ملكِ الغضبِ الشيطاني.

إستدارتْ مير وتَوَجَهَتْ نحو المصعد.

 

 

واصَلَتْ مير خُطبَتَها، “لو، وهذا فقط لو، تَسَلَل السَحَرةُ السود مِنَ هيلموث حقًا لإغتيالِ السيدة سيينا، فَـمِنَ المُستَحيلِ أنْ يستَطيعوا إسقاطَ السيدةِ سيينا بهدوء شديد. موجاتُ الطاقةِ السحريةِ وحدَها كافيةٌ لزعزعةِ العاصمة بأكملِها. ومعَ ذلِك، لم تَحدُث مِثلُ هذهِ الكارِثةِ عندما إختَفَتْ السيدةُ سيينا! هذا يعني أنَّ السيدةَ سيينا يجبُ أن تكونَ قد غادَرَتْ بإرادَتِها ولا يُمكِنُ أنْ تكونَ قد قُتِلَتْعلى يدِ أيِّ شخص.”

“هُناكَ الكثيرُ مِن الشتم. الحكاياتُ عن فيرموث ورفاقهِ أيضًا مُختَلِفةٌ قليلا….هل يجبُ أنْ أقولَ إنَّهُم أكثرَ تشاؤمًا قليلًا؟”

دونَ أنْ تهدأ على الإطلاق، إستَمَرَتْ مير بالتحديقِ نحو يوجين بغضب. رَفَضَتْ مير قبولَ حتى أدنى إحتمالٍ لِـأنْ يَتِمَ قَتلُ خالِقِها، الذي تُحِبُهُ وتَحتَرِمُه، على يدِ شخصٍ مِثلَ ساحرٍ أسود.

 

 

“هذا يُظهِرُ فقط مدى عَدَمِ رَغبَتِها في أنْ يعرِفَ أيُّ شخصٍ إلى أينَ هي ذاهِبة.”

“السيدةُ سيينا لا تزالُ بالتأكيدِ في غابة سمر”. أصرتْ مير على رأيِّها “على الرُغمِ مِن أنَّني لا أعرِفُ أينَ بالضبطِ في أرضِ الجانِ المُقَدَسةِ هي، إلا أنَّ السيدةَ سيينا هي بالتأكيد…بالتأكيد….”

كيفَ يُمكِنُ أنْ يكونَ المؤلِفُ شاعِرًا؟ شخرَ يوجين وهزَّ رأسَه. فَـبينما هو يَتَجولُ في القارةِ في حياتِهِ السابِقة، لقد إلتقى بعَدَدٍ غير قليلٍ مِنَ الشُعراء، لكِنَهُ لم يسبِق لهُ أنْ واجهَ شاعِرًا في هيلموث.

غيرُ قادِرةٍ على إنهاء كلماتها، بدأتْ مير في الغمغمة. مائتي سنة هي فترةٌ طويلةٌ حقًا. لو إنَّهُ إنسانٌ عادي، فَسَـيَموتُ بالتأكيدِ خِلالَ ذلِكَ الوقت. حتى فيرموث لم يستطِع التحرُرَ مِن الحدودِ الطبيعية ومات.

 

 

“هُناك، الرجلُ الوسيمُ الذي يَقِفُ في الوسطِ هو فيرموث العظيم”، أشارتْ إليهِ مير بحماسٍ وتَسَرُع.

“…يجبُ أنْ تكونَ تستريح…تُريحُ عينَيها في مكانٍ ما. إلا أنَّني…لستُ مُتأكِدةً مِمَّا إذا كانتْ لا تزالُ على قيدِ الحياة”، إعتَرَفَتْ مير بحُزن.

بينما هو يُحاوِلُ تهدئةَ الغضبِ المغلي في داخِلِه، وضعَ يوجين الحكايةَ الخياليةَ مرةً أُخرى في رَفِ الكُتُب.

 

غير مُتأكِدٍ مِن كيفيةِ الإستمرار، تَرَدَدَ يوجين، “هذا…السير مولون الشُجاع لا يزالُ يَعيشُ بقوةٍ حتى قبلَ مائةِ عامٍ فقط. لذا يجبُ أنْ تكونَ السيدةُ سيينا على قيدِ الحياة. رُبَما أوقَفَتْ تقدُمَ عُمُرِها بإستخدامِ السحر أو شيء كهذا.”

“أعتقِدُ أنَّها على قيدِ الحياة”، أعلنَ يوجين فجأةً.

 

 

“لن أكذِبَ عليك، لقد قرأتُ هذا الكِتابَ أكثرَ مِن مائةِ مرة في صغري.”

بدأتْ أكتافُ مير المُنهارةُ تُزعِجُه. على الرُغمِ مِن أنَّهُ أرادَ أنْ يُرَبِتَ على ظهرِها، لكِنَهُ بعدَ تَذَكُرِ تحذيرِ مير الصارِم قبلَ قليل، مَنَعَ نَفسَهُ مِن لمسِها دونَ قصد.

“لا يُمكِنُكِ أنْ تُسَميها حُبًا حقًا.”

 

رَفَعَتْ مير كَتِفَيها المُتَدَليينِ ونَظَرَتْ إلى يوجين.

غير مُتأكِدٍ مِن كيفيةِ الإستمرار، تَرَدَدَ يوجين، “هذا…السير مولون الشُجاع لا يزالُ يَعيشُ بقوةٍ حتى قبلَ مائةِ عامٍ فقط. لذا يجبُ أنْ تكونَ السيدةُ سيينا على قيدِ الحياة. رُبَما أوقَفَتْ تقدُمَ عُمُرِها بإستخدامِ السحر أو شيء كهذا.”

“لا يُمكِنُكِ أنْ تُسَميها حُبًا حقًا.”

“….يبدو أنَّ السير يوجين يُحِبُ السيدةُ سيينا كثيرًا حقًا؟” تَمتَمتْ مير.

“الطابقُ الثالثُ عشر مُخَصَصٌ للمجلاتِ البحثية، لذلِكَ يحتوي الطابقُ الرابِعُ عشر على الكُتُبِ السحريةِ التي تَظمُ وتَربِطُ كُلَ هذهِ البحوثِ معًا. على الرُغمِ مِن أنَّهُ مِنَ الصعبِ على السير يوجين قراءتُها، إلا أنَّها ستَظلُ أسهلَ في التعامُلِ معها مِن هذهِ المجلاتِ البحثية. لأنَّ التفسيراتِ أكثرَ وضوحًا”، أوصَتْهُ مير.

 

“لا، ليسَ الأمرُ هكذا حقًا. السير هامل لم يكُن غبيًا، إبنَ عاهرة، أحمقًا أو عاهرًا. على العكس، فَـهو لطيفٌ جدًا وشُجاع…اممم….على أيِّ حال، لقد كانَ شخصًا رائعًا.”

“لا يُمكِنُكِ أنْ تُسَميها حُبًا حقًا.”

هامل، الذي توفي في هيلموث، لم يَترُك وراءهُ حتى صورةً واحِدةً ليراها العالم.

“كاذِب. أنتَ لا تعرِفُ نوعَ التعبير الذي أظهرتَهُ، صحيح؟ أيَّها السير يوجين.”

“….يبدو أنَّ السير يوجين يُحِبُ السيدةُ سيينا كثيرًا حقًا؟” تَمتَمتْ مير.

رَفَعَتْ مير كَتِفَيها المُتَدَليينِ ونَظَرَتْ إلى يوجين.

 

 

“دعيني أُلقي نظرة.”

“في كُلِ مرةٍ أحكي فيها قُصةً عن السيدةِ سيينا، تتلألأ عيناكَ بشكلٍ مُشرِق، وكلما رأيتَ شيئًا يَخُصُ السيدةَ سيينا، تُصبِحُ مُنغَمِسًا للغايةِ في تاريخِها”، سَرَدَتْ مير الأدِلة.

“لماذا ذلِك؟” سألَ يوجين بحذر.

 

بإبتسامة، تَوَجَهَتْ مير إلى زاويةِ رفِ الكُتُب، وأخرَجَتْ كِتابًا تلاشى غِلافُهُ بسبَبِ آثار الزمن.

إحتَجَّ يوجين قائلًا: “لطالما أحبَبتُ القِصَصَ القديمة.”

واصَلَتْ مير خُطبَتَها، “لو، وهذا فقط لو، تَسَلَل السَحَرةُ السود مِنَ هيلموث حقًا لإغتيالِ السيدة سيينا، فَـمِنَ المُستَحيلِ أنْ يستَطيعوا إسقاطَ السيدةِ سيينا بهدوء شديد. موجاتُ الطاقةِ السحريةِ وحدَها كافيةٌ لزعزعةِ العاصمة بأكملِها. ومعَ ذلِك، لم تَحدُث مِثلُ هذهِ الكارِثةِ عندما إختَفَتْ السيدةُ سيينا! هذا يعني أنَّ السيدةَ سيينا يجبُ أن تكونَ قد غادَرَتْ بإرادَتِها ولا يُمكِنُ أنْ تكونَ قد قُتِلَتْعلى يدِ أيِّ شخص.”

 

“الطابقُ الثالثُ عشر مُخَصَصٌ للمجلاتِ البحثية، لذلِكَ يحتوي الطابقُ الرابِعُ عشر على الكُتُبِ السحريةِ التي تَظمُ وتَربِطُ كُلَ هذهِ البحوثِ معًا. على الرُغمِ مِن أنَّهُ مِنَ الصعبِ على السير يوجين قراءتُها، إلا أنَّها ستَظلُ أسهلَ في التعامُلِ معها مِن هذهِ المجلاتِ البحثية. لأنَّ التفسيراتِ أكثرَ وضوحًا”، أوصَتْهُ مير.

“هل هذا صحيح؟ ثم يجب أن تحب هذا الكتاب كذلك.”

‘صحيحٌ أنَّني سقطتُ على الأرضِ أولًا، لكِنَني تَمَكَنتُ على الأقلِ من لمسِ ملابِسِه. حتى أنَّ فيرموث قالَ إنَّهُ قد فقدَ قطرةَ دمٍ بسببي. أما عن البُكاء لأنَّهُ قد تَمَ تحطيمُ وجهي؟ مِن أينَ أتى هذا الشخصُ بهُراءٍ كهذا؟’

بإبتسامة، تَوَجَهَتْ مير إلى زاويةِ رفِ الكُتُب، وأخرَجَتْ كِتابًا تلاشى غِلافُهُ بسبَبِ آثار الزمن.

“كيفَ لي أنْ أعرِف؟ بعدَ كُلِ شيء، مؤلفُ هذا الكتابِ مجهول…رُبَما هو شاعِرٌ عاشَ مُنذُ فترةٍ طويلة.”

 

“لأنَّكَ قُلتَ أنَّكَ تُحِبُ القِصَصَ القديمة، صحيح؟ وأنَّكَ تُحِبُ هامل الغبي كذلِك.”

ثُمَ قرأتْ عِنوانه، “المُغامراتُ العظيمةُ للبطلِ فيرموث.”

بينما هو يُحاوِلُ تهدئةَ الغضبِ المغلي في داخِلِه، وضعَ يوجين الحكايةَ الخياليةَ مرةً أُخرى في رَفِ الكُتُب.

بدأتْ خدودُ يوجين في الإرتعاشِ مُنذُ اللحظة التي رأى الكتابَ فيها.

قال يوجين لاعِبًا دورَ المُحامي عن الشياطين: “لكِنَ السحرةَ السود مِن هيلموث بإمكانِهِم التَسَلُلُ لإغتيالِ السيدةِ سيينا”.

 

“…هل قُلتِ أنَّ مُحتويات الطبعةِ الأولى تَختَلِفُ قليلًا عن الإصداراتِ الحديثة؟” سألَ يوجين.

“إنها قُصةٌ شهيرة، أليسَ كذلِك؟” حَمَلَتهُ مير بفخر. “بما أنَّ السيدةَ سيينا ورِفاقَها الآخرينَ ظَلوا دائمًا مُتَرددينَ في الحديثِ عَمَّا حدثَ في هيلموث، فإنَّ هذهِ القُصةَ الخياليةَ هي في الواقعِ أول كِتابٍ يُخبِرُ العالم عن أساطير فيرموث العظيم.”

“أنا فقط أقولُ أنَّهُ غريبٌ بعضَ الشيء، فكيفُ صِرتُ أشتُمُه؟ على أيِّ حال، السير يوجين، لو إنَّكَ تُحِبُ القِصَصَ القديمةَ حقًا، فعليكَ بقراءة هذا الكتابِ أيضًا.”

“…إنَّهُ كِتابٌ ملعون، هذا ما هو عليه”، تَذَمَرَ يوجين.

“أعتقِدُ أنَّها ذَهَبَتْ إلى غابةِ سمر”، أجابتْ مير. “على الرُغمِ مِن أنَّ الكثيرَ مِنَ الناسِ يَعتَقِدونَ أنَّها رُبَما ذَهَبَتْ إلى هيلموث، فَـمِمَّا أتَذَكَرُه عن السيدةِ سيينا هو أنَّها ليسَتْ مِنَ النوعِ الذي يجرؤ على فعلِ شيءٍ مُتَهورٍ ومُستَحيل. حتى ذهبَتْ السيدةُ سيينا إلى عُزلَتِها، ظَلَّتْ أجملَ وأقوى شخصٍ أعرِفُه. ومع ذلِك، تحدي ملوكِ شياطينِ هيلموث لوحدِها؟ السيدةُ سيينا ليسَتْ شَخصًا قد يَفعَلُ شيئًا كهذا.”

 

 

“هاه؟ لماذا تُسَميهِ كِتابًا ملعونًا؟” سألَتْ مير، مُتسائلةً بِـحَيرة.

 

 

بدأتْ أكتافُ مير المُنهارةُ تُزعِجُه. على الرُغمِ مِن أنَّهُ أرادَ أنْ يُرَبِتَ على ظهرِها، لكِنَهُ بعدَ تَذَكُرِ تحذيرِ مير الصارِم قبلَ قليل، مَنَعَ نَفسَهُ مِن لمسِها دونَ قصد.

“أعني، الحقيقةُ هي أنَّني أُحِبُ السير هامل أكثرَ مِن غيره، وأنا أحترِمُهُ ومُعجبٌ به”، كافحَ يوجين لإخفاء إحراجِه. “ولكِن في تِلكَ الحكايةِ الخيالية، فإنَّ السير هامل مَصنوعٌ حقًا ليبدو مِثلَ الأحمق.”

رَفَعَتْ مير كَتِفَيها المُتَدَليينِ ونَظَرَتْ إلى يوجين.

قالتْ مير: “لكِنَ السيدةَ سيينا أيضًا قالتْ أنَّ هامل غبي، إبنُ عاهرة، أحمقٌ وعاهِر؟”

على الرُغمِ مِن أنَّ يوجين لم يستَطِع فهمَ ما تعنيه، إلا أنَّهُ عندما وَصَلوا إلى الطابقِ الرابعِ عشر، فَهِمَ على الفور ما عَنَتهُ مير بذلِك.

“لا، ليسَ الأمرُ هكذا حقًا. السير هامل لم يكُن غبيًا، إبنَ عاهرة، أحمقًا أو عاهرًا. على العكس، فَـهو لطيفٌ جدًا وشُجاع…اممم….على أيِّ حال، لقد كانَ شخصًا رائعًا.”

“أنا أتَفِقُ أيضًا مع هذا الإستنتاج”، أومأ يوجين برأسِه.

لماذا تَوَجبَ عليهِ مِن بين كُلِ الناسِ أنْ يقولَ مِثلَ هذهِ الأشياء؟ شعرَ يوجين بشعورٍ عميقٍ بالعار، وتَنَهَدَ بشِدة.

“….يبدو أنَّ السير يوجين يُحِبُ السيدةُ سيينا كثيرًا حقًا؟” تَمتَمتْ مير.

 

“إذن من هو اللقيطُ المسؤولُ عن نشرِه؟”

“أخشى أنَّ السير يوجين يَجِبُ أنْ يكونَ شخصيةً غريبةً حقًا. عادةً، لن يُحِبَ أيُّ شخصٍ هامل بعدَ قراءةِ هذه القُصةِ الخيالية، صحيح؟” أعرَبَتْ مير عن مخاوِفِها.

رَفَعَتْ مير كَتِفَيها المُتَدَليينِ ونَظَرَتْ إلى يوجين.

 

‘صحيحٌ أنَّني سقطتُ على الأرضِ أولًا، لكِنَني تَمَكَنتُ على الأقلِ من لمسِ ملابِسِه. حتى أنَّ فيرموث قالَ إنَّهُ قد فقدَ قطرةَ دمٍ بسببي. أما عن البُكاء لأنَّهُ قد تَمَ تحطيمُ وجهي؟ مِن أينَ أتى هذا الشخصُ بهُراءٍ كهذا؟’

“آسف، لكِن بصرفِ النظرِ عني، قالَ بطريركُنا أيضًا إنَّهُ يُحِبُ هامل أكثر”، دافعَ يوجين عن نفسِه.

 

 

على الرُغمِ مِن أنَّ يوجين لم يستَطِع فهمَ ما تعنيه، إلا أنَّهُ عندما وَصَلوا إلى الطابقِ الرابعِ عشر، فَهِمَ على الفور ما عَنَتهُ مير بذلِك.

جادَلَتْ مير، “هذا يعني فقط أنَّ بطريرككم هو أيضًا شخصٌ غريبٌ بعضَ الشيء.”

 

“هل أنتِ حقًا سَـتَشتمينَ والدي بالتبني الآن؟” أصبحَ يوجين عدوانيًا في مواجهةِ حُجَتِهِ الخاسِرة.

 

 

 

“أنا فقط أقولُ أنَّهُ غريبٌ بعضَ الشيء، فكيفُ صِرتُ أشتُمُه؟ على أيِّ حال، السير يوجين، لو إنَّكَ تُحِبُ القِصَصَ القديمةَ حقًا، فعليكَ بقراءة هذا الكتابِ أيضًا.”

“ألقِ نظرةً”، ضَحِكَتْ مير وهي تُلَوِحُ بيدِها للأمام. “هذهِ هي الذكرياتُ الشخصيةُ التي إستَخلَصَتها السيدةُ سيينا من ذكرياتِها الخاصة. هذهِ ليسَتْ مُجرَدَ صورٍ شخصية، لكِنَها النُسَخُ الحقيقيةُ لرفاقِ السيدةِ سيينا كما تذكرَتهُم هي.”

“لن أكذِبَ عليك، لقد قرأتُ هذا الكِتابَ أكثرَ مِن مائةِ مرة في صغري.”

 

“قد يكونُ هذا هو الحال، لكِنَ هذا الكِتابَ هو الطبعةُ الأولى. إنَّهُ مُختَلِفٌ عن النُسخةِ المُنَقَحة المُنتَشِرةُ في جميعِ أنحاء العالم في الوقتِ الحالي. قد لا تكونُ على علمٍ بهذا، أيُّها السير يوجين، لكِن هذهِ القصةُ الخيالية نُشِرَتْ لأولِ مرةٍ في آروث قبلَ ثلاثمائةِ عام.”

“أنا أتَفِقُ أيضًا مع هذا الإستنتاج”، أومأ يوجين برأسِه.

“إذن من هو اللقيطُ المسؤولُ عن نشرِه؟”

 

“كيفَ لي أنْ أعرِف؟ بعدَ كُلِ شيء، مؤلفُ هذا الكتابِ مجهول…رُبَما هو شاعِرٌ عاشَ مُنذُ فترةٍ طويلة.”

“وهُناك، الرجلُ الذي يبدو وكأنَهُ ذو شخصيةٍ سيئة، والذي يبدو العبوسُ على وجهِه، هو هامل الغبي. هذا هو السِجِلُ الوحيدُ الذي يظهَرُ فيه هامل. يُمكِنُكَ فقط العثور على وجهِهِ هُنا، في قاعةِ السيدةِ سيينا.”

كيفَ يُمكِنُ أنْ يكونَ المؤلِفُ شاعِرًا؟ شخرَ يوجين وهزَّ رأسَه. فَـبينما هو يَتَجولُ في القارةِ في حياتِهِ السابِقة، لقد إلتقى بعَدَدٍ غير قليلٍ مِنَ الشُعراء، لكِنَهُ لم يسبِق لهُ أنْ واجهَ شاعِرًا في هيلموث.

“قد يكونُ هذا هو الحال، لكِنَ هذا الكِتابَ هو الطبعةُ الأولى. إنَّهُ مُختَلِفٌ عن النُسخةِ المُنَقَحة المُنتَشِرةُ في جميعِ أنحاء العالم في الوقتِ الحالي. قد لا تكونُ على علمٍ بهذا، أيُّها السير يوجين، لكِن هذهِ القصةُ الخيالية نُشِرَتْ لأولِ مرةٍ في آروث قبلَ ثلاثمائةِ عام.”

 

 

“أو قد يكون، حسنًا، قد يكونُ مُجردَ روائيٍّ جَمَعَ ورَبَطَ كُلَ الشائعاتِ المُحيطةِ بهيلموث. على الرُغمِ مِن أنَّني لا أعرِفُ لماذا لم يترُك إسمَهُ على الكتاب.” بينما مير تُلَوِحُ بكِتابِ القُصةِ الخياليةِ في يدِها، واصَلَت التَحَدُث، “أحَبَتْ السيدةُ سيينا أيضًا هذهِ القُصةَ الخيالية. على الرُغمِ مِن أنَّها لم تكُن شخصًا يَبتَسِمُ في كثيرٍ مِن الأحيان، إلا أنَّها أحيانًا في الليل، عندما لا تستطيعُ النوم…كانَتْ تَبتَسِمُ قليلًا أثناء قراءةِ هذا الكتابِ بمُفردِها في غُرفةِ نومها. أنا أعرِفُ هذا لأنَّها قرأتهُ لي كذلِك.”

لقد قالَتْ مير أنَّهُ خامٌ ومليءٌ بالشتائم، وهو حقًا كذلِك. قالتْ نُسخة الحكاية الخيالية التي قرأها يوجين أن هاملَ هو أحمق، لكِن على الأقلِ لم يُطلَق عليهِ حُثالة.

“…هل قُلتِ أنَّ مُحتويات الطبعةِ الأولى تَختَلِفُ قليلًا عن الإصداراتِ الحديثة؟” سألَ يوجين.

 

 

“لا، ليسَ الأمرُ هكذا حقًا. السير هامل لم يكُن غبيًا، إبنَ عاهرة، أحمقًا أو عاهرًا. على العكس، فَـهو لطيفٌ جدًا وشُجاع…اممم….على أيِّ حال، لقد كانَ شخصًا رائعًا.”

“مممم….لقد مرَّ وقتٌ طويلٌ أيضًا مُنذُ آخرِ مرةٍ قرأتُ فيها أحدثَ إصدارٍ مُنَقَح، لذلِكَ لا يُمكِنُني التأكدُ مِن أنَّهُ بالضبطِ نفسُ الإصدارِ الذي تقرأه….ولكِن كأولِ إصدار، الطبعةُ الأولى هي…كيفَ أضَعُها…إنَّها نُسخةٌ خامٌ قليلًا.”

جادَلَتْ مير، “هذا يعني فقط أنَّ بطريرككم هو أيضًا شخصٌ غريبٌ بعضَ الشيء.”

“…خام؟”

“يبدو أنَّها كانتْ جادةً حقًا في التسَتُرِ على المكانِ الذي ذَهَبَتْ إليه.”

“هُناكَ الكثيرُ مِن الشتم. الحكاياتُ عن فيرموث ورفاقهِ أيضًا مُختَلِفةٌ قليلا….هل يجبُ أنْ أقولَ إنَّهُم أكثرَ تشاؤمًا قليلًا؟”

وقفَ يوجين هُناكَ لبضعِ لحظات، يقرأ مجلةَ سيينا البحثية. وعندما شعرَ أنَّ رأسَهُ صارَ على وشكِ أنْ يبدأ في الدوران، أغلقَ الكِتابَ ونظرَ حولَه. شَعَرَ أنَّ هُناكَ حوالي المائةَ مُجلدٍ مِنَ الكُتُبِ مخزنٌ هُنا. 

“دعيني أُلقي نظرة.”

 

سارَ يوجين بسُرعةٍ وأمسَكَ الكتاب. قد يكونُ ذلِكَ بسببِ أنَّ الكِتابَ موجودٌ مُنذُ ثلاثمائةِ عام، لكِنَ الصفحاتَ بَدَتْ مُهتَرِئةً حقًا. رُبما ذلِكَ علامةٌ على عَدَدِ المراتِ التي تَمَتْ قِراءتُها مرارًا وتكرارًا.

 

 

“أعتقِدُ أنَّها على قيدِ الحياة”، أعلنَ يوجين فجأةً.

[هامل هو حُثالة. على الرُغمِ مِن أنَّ هذا الحُثالة قاتلَ بحماسٍ شديدٍ مع فيرموث عند لقائهُما الأول، إلا أنَّهُ لم يستطِع حتى لمسَ ملابِسَ فيرموث، وتم إلقاء وجهِهِ في الأرض بشدةٍ لدرجةِ أنَّهُ بكى.]

“لا، ليسَ الأمرُ هكذا حقًا. السير هامل لم يكُن غبيًا، إبنَ عاهرة، أحمقًا أو عاهرًا. على العكس، فَـهو لطيفٌ جدًا وشُجاع…اممم….على أيِّ حال، لقد كانَ شخصًا رائعًا.”

“إبنُ العاهِرة”، إلتوى وجهُ يوجين وشَتَم.

دونَ أنْ تهدأ على الإطلاق، إستَمَرَتْ مير بالتحديقِ نحو يوجين بغضب. رَفَضَتْ مير قبولَ حتى أدنى إحتمالٍ لِـأنْ يَتِمَ قَتلُ خالِقِها، الذي تُحِبُهُ وتَحتَرِمُه، على يدِ شخصٍ مِثلَ ساحرٍ أسود.

 

“إنَّ مفتولَ العضلاتِ الذي يبدو كترولٍ أكثرَ مِن إنسان هو مولون الشُجاع.”

لقد قالَتْ مير أنَّهُ خامٌ ومليءٌ بالشتائم، وهو حقًا كذلِك. قالتْ نُسخة الحكاية الخيالية التي قرأها يوجين أن هاملَ هو أحمق، لكِن على الأقلِ لم يُطلَق عليهِ حُثالة.

“ولكِن، أليسوا أسوأ بكثيرٍ مِن مَكرُ الساحِرة؟” تساءلَ يوجين لماذا يجبُ عليهِ حتى قِرائتُهُم.

 

 

‘هل يُمكِنُ أنْ يكونَ اللقيطُ الذي كتبَ هذا هو انيسيه؟’ تساءلَ يوجين.

بدأتْ خدودُ يوجين في الإرتعاشِ مُنذُ اللحظة التي رأى الكتابَ فيها.

 

هامل، الذي توفي في هيلموث، لم يَترُك وراءهُ حتى صورةً واحِدةً ليراها العالم.

بتَذَكُرِ انيسيه، التي دائمًا ما أظهَرَتْ إبتسامةً مُبهِجة، طحنَ يوجين أسنانَهُ بغضب. على الرُغمِ مِن أنَّهُ فَكَرَ في مُقارنةِ الكتابةِ اليدويةِ بخطِ انيسيه، إلا أنَّ كِتابَ القُصَصِ الخياليةِ هذا يبدو أنَّهُ قد تَمَ صُنعُهُ بالسِحر أو بإستخدامِ مطبعة، لذلِكَ فالكِتابةُ أنيقةٌ وميكانيكية.

بدأتْ أكتافُ مير المُنهارةُ تُزعِجُه. على الرُغمِ مِن أنَّهُ أرادَ أنْ يُرَبِتَ على ظهرِها، لكِنَهُ بعدَ تَذَكُرِ تحذيرِ مير الصارِم قبلَ قليل، مَنَعَ نَفسَهُ مِن لمسِها دونَ قصد.

 

ضَحِكَ يوجين وهَزَّ رأسَه.

‘صحيحٌ أنَّني سقطتُ على الأرضِ أولًا، لكِنَني تَمَكَنتُ على الأقلِ من لمسِ ملابِسِه. حتى أنَّ فيرموث قالَ إنَّهُ قد فقدَ قطرةَ دمٍ بسببي. أما عن البُكاء لأنَّهُ قد تَمَ تحطيمُ وجهي؟ مِن أينَ أتى هذا الشخصُ بهُراءٍ كهذا؟’

جادَلَتْ مير، “هذا يعني فقط أنَّ بطريرككم هو أيضًا شخصٌ غريبٌ بعضَ الشيء.”

بينما هو يُحاوِلُ تهدئةَ الغضبِ المغلي في داخِلِه، وضعَ يوجين الحكايةَ الخياليةَ مرةً أُخرى في رَفِ الكُتُب.

داخِلَ جُدرانِ الطابقِ الرابعِ عشر، إنعَكَسَتْ هيئاتُ أربعةُ أشخاصٍ بوضوح.

 

 

بعد أنْ هدأ نفسَه، سألَ يوجين، “…ماذا يوجدُ في الطابقِ الرابعِ عشر؟”

“….يبدو أنَّ السير يوجين يُحِبُ السيدةُ سيينا كثيرًا حقًا؟” تَمتَمتْ مير.

“الطابقُ الثالثُ عشر مُخَصَصٌ للمجلاتِ البحثية، لذلِكَ يحتوي الطابقُ الرابِعُ عشر على الكُتُبِ السحريةِ التي تَظمُ وتَربِطُ كُلَ هذهِ البحوثِ معًا. على الرُغمِ مِن أنَّهُ مِنَ الصعبِ على السير يوجين قراءتُها، إلا أنَّها ستَظلُ أسهلَ في التعامُلِ معها مِن هذهِ المجلاتِ البحثية. لأنَّ التفسيراتِ أكثرَ وضوحًا”، أوصَتْهُ مير.

“لأنَّكَ قُلتَ أنَّكَ تُحِبُ القِصَصَ القديمة، صحيح؟ وأنَّكَ تُحِبُ هامل الغبي كذلِك.”

 

“هااا! هذا لا هُراء أكثر. السير يوجين، بمُجَرَدِ التفكيرِ في الأمر. إستطاعَ الحاجِزُ السحريُّ الخاصُ بالسيدةِ سيينا منعَ السحرِ الأسودِ الذي ألقاهُ ملك الغَضَبِ الشيطاني”، صَرَخَتْ مير بعصبية.

“ولكِن، أليسوا أسوأ بكثيرٍ مِن مَكرُ الساحِرة؟” تساءلَ يوجين لماذا يجبُ عليهِ حتى قِرائتُهُم.

“هذا يُظهِرُ فقط مدى عَدَمِ رَغبَتِها في أنْ يعرِفَ أيُّ شخصٍ إلى أينَ هي ذاهِبة.”

 

“كيفَ لي أنْ أعرِف؟ بعدَ كُلِ شيء، مؤلفُ هذا الكتابِ مجهول…رُبَما هو شاعِرٌ عاشَ مُنذُ فترةٍ طويلة.”

“هيه…”، ضَحِكَتْ مير، وإرتَجَفَ خديها أثناء مُحاوَلَتِها لتَجَنُبِ السُخرية. “بالطبع، هم أسوأ بكثير. بدلًا مِن محاولةِ الشرحِ بالكَلِمات، سيكونُ مِنَ الأفضلِ إذا حاولتَ قراءةَ مَكرِ الساحِرةِ بنفسِك. حسنًا، بكُلِ بساطة، إسمح لي بأنْ أشرحَ لكَ الفرقَ بينَ الإثنين. مِنَ الصعبِ فِهمُ مَكرِ الساحِرةِ أكثرَ مِن قراءته، ولكِن بالنسبةِ للكُتُبِ السحريةِ في الطابقِ الرابعِ عشر…إذا إستَطَعتَ قراءتَها، يُمكِنُكَ على الأقلِ فِهمُها قليلًا. على الرُغمِ مِن أنَّهُ قد يكونُ مِن غيرِ المعقولِ توقعُ الكثير منك، السير يوجين.”

‘هل يُمكِنُ أنْ يكونَ اللقيطُ الذي كتبَ هذا هو انيسيه؟’ تساءلَ يوجين.

إستدارتْ مير وتَوَجَهَتْ نحو المصعد.

“يبدو أنَّها كانتْ جادةً حقًا في التسَتُرِ على المكانِ الذي ذَهَبَتْ إليه.”

 

غير مُتأكِدٍ مِن كيفيةِ الإستمرار، تَرَدَدَ يوجين، “هذا…السير مولون الشُجاع لا يزالُ يَعيشُ بقوةٍ حتى قبلَ مائةِ عامٍ فقط. لذا يجبُ أنْ تكونَ السيدةُ سيينا على قيدِ الحياة. رُبَما أوقَفَتْ تقدُمَ عُمُرِها بإستخدامِ السحر أو شيء كهذا.”

“في الوقتِ الحالي، لماذا لا نصعَدُ إلى الطابقِ الرابعِ عشر”، إقتَرَحَتْ مير. “رُبما سَـتُفَضِلُهُ على هذا الطابق.”

 

“لماذا ذلِك؟” سألَ يوجين بحذر.

“يبدو أنَّها كانتْ جادةً حقًا في التسَتُرِ على المكانِ الذي ذَهَبَتْ إليه.”

 

 

“لأنَّكَ قُلتَ أنَّكَ تُحِبُ القِصَصَ القديمة، صحيح؟ وأنَّكَ تُحِبُ هامل الغبي كذلِك.”

دونَ أنْ تهدأ على الإطلاق، إستَمَرَتْ مير بالتحديقِ نحو يوجين بغضب. رَفَضَتْ مير قبولَ حتى أدنى إحتمالٍ لِـأنْ يَتِمَ قَتلُ خالِقِها، الذي تُحِبُهُ وتَحتَرِمُه، على يدِ شخصٍ مِثلَ ساحرٍ أسود.

على الرُغمِ مِن أنَّ يوجين لم يستَطِع فهمَ ما تعنيه، إلا أنَّهُ عندما وَصَلوا إلى الطابقِ الرابعِ عشر، فَهِمَ على الفور ما عَنَتهُ مير بذلِك.

 

 

 

“ألقِ نظرةً”، ضَحِكَتْ مير وهي تُلَوِحُ بيدِها للأمام. “هذهِ هي الذكرياتُ الشخصيةُ التي إستَخلَصَتها السيدةُ سيينا من ذكرياتِها الخاصة. هذهِ ليسَتْ مُجرَدَ صورٍ شخصية، لكِنَها النُسَخُ الحقيقيةُ لرفاقِ السيدةِ سيينا كما تذكرَتهُم هي.”

“…هل قُلتِ أنَّ مُحتويات الطبعةِ الأولى تَختَلِفُ قليلًا عن الإصداراتِ الحديثة؟” سألَ يوجين.

داخِلَ جُدرانِ الطابقِ الرابعِ عشر، إنعَكَسَتْ هيئاتُ أربعةُ أشخاصٍ بوضوح.

“ألقِ نظرةً”، ضَحِكَتْ مير وهي تُلَوِحُ بيدِها للأمام. “هذهِ هي الذكرياتُ الشخصيةُ التي إستَخلَصَتها السيدةُ سيينا من ذكرياتِها الخاصة. هذهِ ليسَتْ مُجرَدَ صورٍ شخصية، لكِنَها النُسَخُ الحقيقيةُ لرفاقِ السيدةِ سيينا كما تذكرَتهُم هي.”

 

“أعتقِدُ أنَّها ذَهَبَتْ إلى غابةِ سمر”، أجابتْ مير. “على الرُغمِ مِن أنَّ الكثيرَ مِنَ الناسِ يَعتَقِدونَ أنَّها رُبَما ذَهَبَتْ إلى هيلموث، فَـمِمَّا أتَذَكَرُه عن السيدةِ سيينا هو أنَّها ليسَتْ مِنَ النوعِ الذي يجرؤ على فعلِ شيءٍ مُتَهورٍ ومُستَحيل. حتى ذهبَتْ السيدةُ سيينا إلى عُزلَتِها، ظَلَّتْ أجملَ وأقوى شخصٍ أعرِفُه. ومع ذلِك، تحدي ملوكِ شياطينِ هيلموث لوحدِها؟ السيدةُ سيينا ليسَتْ شَخصًا قد يَفعَلُ شيئًا كهذا.”

“هُناك، الرجلُ الوسيمُ الذي يَقِفُ في الوسطِ هو فيرموث العظيم”، أشارتْ إليهِ مير بحماسٍ وتَسَرُع.

 

 

“أعتقِدُ أنَّها على قيدِ الحياة”، أعلنَ يوجين فجأةً.

بدا فيرموث تمامًا كما يَتَذَكرُهُ يوجين.

“لماذا ذلِك؟” سألَ يوجين بحذر.

 

“في الوقتِ الحالي، لماذا لا نصعَدُ إلى الطابقِ الرابعِ عشر”، إقتَرَحَتْ مير. “رُبما سَـتُفَضِلُهُ على هذا الطابق.”

“بجانبِه، المرأةُ الشقراء التي تَبتَسِمُ عيناها كثيرًا لدرجةِ أنَّهُ مِن المُستَحيلِ رؤيةُ بؤبؤها—إنَّها انيسيه المؤمنة.”

على الرُغمِ مِن أنَّ يوجين لم يستَطِع فهمَ ما تعنيه، إلا أنَّهُ عندما وَصَلوا إلى الطابقِ الرابعِ عشر، فَهِمَ على الفور ما عَنَتهُ مير بذلِك.

القديسة، التي حَمَلتْ زُجاجاتِ النبيذ بينما تُسَميها بالماء المُقَدَس.

 

 

“لن أكذِبَ عليك، لقد قرأتُ هذا الكِتابَ أكثرَ مِن مائةِ مرة في صغري.”

“إنَّ مفتولَ العضلاتِ الذي يبدو كترولٍ أكثرَ مِن إنسان هو مولون الشُجاع.”

“هذا يُظهِرُ فقط مدى عَدَمِ رَغبَتِها في أنْ يعرِفَ أيُّ شخصٍ إلى أينَ هي ذاهِبة.”

على الرُغمِ مِن أنَّ جَسَدَهُ هو كبيرٌ جدًا بالفعل، إلا أنَّهُ لطالما حَمَلَ فأسًا أكبرَ مِن جَسَدِه، إنَّهُ أحمقٌ إستَمَرَ في التَسَبُبِ بالمشاكلِ في كُلِ قتال.

 

 

 

“وهُناك، الرجلُ الذي يبدو وكأنَهُ ذو شخصيةٍ سيئة، والذي يبدو العبوسُ على وجهِه، هو هامل الغبي. هذا هو السِجِلُ الوحيدُ الذي يظهَرُ فيه هامل. يُمكِنُكَ فقط العثور على وجهِهِ هُنا، في قاعةِ السيدةِ سيينا.”

“أعني، الحقيقةُ هي أنَّني أُحِبُ السير هامل أكثرَ مِن غيره، وأنا أحترِمُهُ ومُعجبٌ به”، كافحَ يوجين لإخفاء إحراجِه. “ولكِن في تِلكَ الحكايةِ الخيالية، فإنَّ السير هامل مَصنوعٌ حقًا ليبدو مِثلَ الأحمق.”

في تِلكَ اللحظة، لم يَتَمكن يوجين مِن العثورِ على أيِّ كلماتٍ لقولِها.

 

 

رَفَعَتْ مير كَتِفَيها المُتَدَليينِ ونَظَرَتْ إلى يوجين.

هامل، الذي توفي في هيلموث، لم يَترُك وراءهُ حتى صورةً واحِدةً ليراها العالم.

“هل أنتِ حقًا سَـتَشتمينَ والدي بالتبني الآن؟” أصبحَ يوجين عدوانيًا في مواجهةِ حُجَتِهِ الخاسِرة.

 

 

“….بوهاهاها” بينما إستمرَ في النظرِ إلى هذا المظهرِ الخاصِ بهِ مِن حياتِهِ السابقة، إنفَجَرَ يوجين في النهايةِ بالضحك. “لو إنَّ هذهِ الصورةَ قد صُمِمَتْ ليَراها أجيالُ المُستَقبَل، فَسَـيكونُ مِنَ الأفضلِ أنْ يَروا وجهًا مُبتَسِمًا بدلًا مِن وجهٍ حزين.”

 

ضَحِكَ يوجين وهَزَّ رأسَه.

“أعتقِدُ أنَّها ذَهَبَتْ إلى غابةِ سمر”، أجابتْ مير. “على الرُغمِ مِن أنَّ الكثيرَ مِنَ الناسِ يَعتَقِدونَ أنَّها رُبَما ذَهَبَتْ إلى هيلموث، فَـمِمَّا أتَذَكَرُه عن السيدةِ سيينا هو أنَّها ليسَتْ مِنَ النوعِ الذي يجرؤ على فعلِ شيءٍ مُتَهورٍ ومُستَحيل. حتى ذهبَتْ السيدةُ سيينا إلى عُزلَتِها، ظَلَّتْ أجملَ وأقوى شخصٍ أعرِفُه. ومع ذلِك، تحدي ملوكِ شياطينِ هيلموث لوحدِها؟ السيدةُ سيينا ليسَتْ شَخصًا قد يَفعَلُ شيئًا كهذا.”

 

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط