وادٍ (1)
الفصل 228: وادٍ (1)
كان الوجود الغامض غير القابل للتفسير موجودًا في هيلموث قبل ثلاثمائة عام. كما هو الحال مع ملوك الشياطين الآخرين، لم يغادر ملك الدمار الشيطاني هيلموث أبدًا، ونادرًا ما أظهر نفسه.
تغير الكثير بمجرد دخولهم إلى ليهينجار. أولًا، الطقس فظيع. الثلج لا يتساقط بلا توقف تمامًا في حقل الثلج، على الرغم من أنه كذلك في كثير من الأحيان، ولكن هناك أوقات أرسلت فيها الشمس دافئة. لكن من الصعب جدا رؤية الشمس في ليهينجار. بالطبع، ستكون الشمس مُعَلقة في مكان ما في السماء، لكن العاصفة الثلجية المجنونة جعلت من المستحيل حتى تحديد لون السماء. مع تساقط الثلوج دون توقف هكذا، من الصعب التفكير في بلورات الثلج البيضاء التي لا تنتهي أبًدا على أنها أي شيء آخر غير القمامة البسيطة.
[الـ-الـ-السير يوجين.]
ليس الثلج فقط، أيضًا. من حين لآخر، أو بالأحرى في كثير من الأحيان، قطع الجليد التي تكون أكبر من الحصى ولكنها أصغر من الصخور تنحدر من السماء، وهذه القطع صلبة بما يكفي لفتح رأس رجل عادي بضربة واحدة.
“نـور؟” تمتم يوجين أثناء النظر إلى الوحش. ورأى العيون البشعة تنظر إلى وجهه. فُتِحَ فم المخلوق على مصراعيه لإفساح المجال لِـلسانٍ طويل بشكل غريب. يقطر اللعاب الأسود من أسنانه الحادة ولسانه المنزلق.
– الوحوش والوحوش الشيطانية في هيلموث شرسة، لكن الوحوش التي تعيش في الطرف الشمالي من القارة، والتي تصدها قبيلتنا، شرسة بنفس القدر. لقد إصطَدتُ مثل هذه الوحوش منذ أن كنت طفلا، لذا فإن الوحوش والوحوش الشيطانية هنا تبدو وكأنها خِرافٌ لطيفة.
“ما الخطأ مع هذا الجبل؟ الأمر يبدو وكأن سيينا قد ألقت تعويذة واسعة النطاق عليه.” تذمر يوجين بينما هو ينظر إلى الثلج والجليد.
—لكن لا يمكن تسمية ليهاين ولا ليهينجار بالنهاية الحقيقية للعالم. ما وراء ليهينجار تقع راجوياران. أرض مقفرة تتكون من العدم فقط، أرض لا يجب عبورها، نهاية العالم. تقيم قبيلة بايار في ليهاين وليهاينجار لمنع أي شخص من العبور إلى راجوياران. وكذلك لصد أي شيء عن العبور من راجوياران.
جاء الضوء من حراس ليهينجار. مُرتدينَ سترات شتوية سميكة ويحملون فوانيس سحرية ينبعث منها وهج برتقالي في أيديهم. بدا ذلك ملحوظًا جدًا حتى من مسافة بعيدة، لكن أحجامهم الكبيرة صارت أكثر وضوحًا عندما إقتربوا. توقف الحراس الثلاثة على مسافة من يوجين والآخرين. طول كل منهم أكثر من مترين.
لطالما كان تعريف سيينا هو عضلات فقط بلا دماغ، لذلك دائما ما تسببت بكوارث طبيعية قبل معركة واسعة النطاق. من بين العديد من التعاويذ التي لديها، فضلت سيينا دائمًا إلقاء عواصف ثلجية قاتلة والبرد على مساحة كبيرة.
بالطبع، الثلج والبرد في ليهينجار لا يضاهي عاصفة سيينا الثلجية، وبالتأكيد ليست قوية بما يكفي لكسر جمجمة يوجين أو عظامه، حتى لو ظل في العراء لعدة أيام. ومع ذلك، لم يملك أي خطط للمعاناة من الضرب الدائم، لذلك ألقى تعويذة حوله لصد الثلج والصقيع.
[كنتُ أفضل قديسة نور في تاريخ يوراس. كيف يمكنكِ أن تدعوني بالشيطان….؟ هذا تدنيس. كفر!] تذمرت انيسيه، لكن كريستينا تجاهلتها.
تكشفت ثمانية أجنحة خلف ظهر انيسيه، وإستخدم يوجين صيغة اللهب الأبيض ليغطي نفسه باللهب الأرجواني. لم يتردد الإثنان أثناء خروجهما من الحاجز. لم يعد الثلج يتساقط، بشكل غير طبيعي. ببساطة توقف تساقط للثلوج من السماء، كما لو أن هذه الظاهرة قد توقفت بشكل مصطنع. ومع ذلك، لا يزال العالم يبدو ضبابيًا كما كان من قبل.
فَـعلى كل حال، أليس من الطبيعي أن يشعر المرء بشعور مريع بعد أن يُضرب لفترة طويلة من الزمن؟
“هل حصلت على قسط كافٍ من النوم؟” سأل يوجين.
“كييينغ.” صرخ هابيل بإستياء. منذ دخول ليهينجار، صار هابيل فجأة أكثر طاعة لِـيوجين. لقد فهم بوضوح أن يوجين يحميه من الثلج والصقيع.
– كنتُ أعرف أنكِ لن ترغبي في ذلك. والمحاربة الأجمل في قبيلتي لا بد أن تكون لي. لذلك، هامل، سأساعدك للحصول على ثاني أجمل محاربة….
لم يستطع يوجين أن يفهم. هذه ليست هيلموث. بدلًا من ذلك، هذه ليهينجار، وهو جبل يعمل كحاجز يسد الممر إلى راجوياران، التي تمثل نهاية العالم. إذن ما السبب الذي جعل ملك الدمار الشيطاني يغادر أراضيه، رافيستا، بعد مئات السنين من الصمت لمجرد أن يأتي على طول الطريق إلى ليهينجار؟
علَّقت كريستينا قائلة: “يزداد الأمر صعوبة كلما صعدنا إلى أعلى.”
بقدر ما هي صبورة، شعرت أيضا بالتعب الشديد من هذا الجبل. بصرف النظر عن هجوم نوير جيابيلا، أو بالأحرى التحية المؤذية، لم يواجهوا أي صعوبات. تجنبتهم معظم الوحوش بسبب وجود يوجين، ويمكن تحمل العاصفة الثلجية أيضًا.
قالت كريستينا: “طهي السيدة سيينا ممتاز.”
لكن ليهينجار مختلف. على الرغم من أن الجبل متصلٌ بحقل الثلج، إلا أنه بدا وكأنه منطقة مقفرة منفصلة تمامًا عن حقل الثلج. إلى الحد الذي بدت فيه غابة سمر وكأنها مكان جميل للتنزه فيه مقارنة بهذا المكان.
[ألا تعرفين؟ يساعد النبيذ على التخلص من أي رائحة نفاذة للحوم ويعزز نكهة الطبق.]
– نعم….
علاوة على ذلك، وحوش الجبل شجاعة وشرسة. حتى من دون أن يخفي يوجين وجوده، إندفعت الوحوش مظهرةً أنيابها ومخالبها.
“نعم….لا، ماذا؟ لـ-لا، هذا ليس ما حدث. لم تكن ملكة شياطين الليل. مجرد شيطان….نعم، مجرد شيطان.” أجابت كريستينا.
[هذا هو الجزء الشمالي من القارة، بعد كل شيء.] علَّقت انيسيه.
—لا أعرف متى ستنتهي هذه الحرب اللعينة، لا أعرف هل ستنتهي من الأساس حتى، ولكن….لو إنتهت….حسنًا، سأشعر بالملل والإسترخاء من نواح عديدة، لذا فإن التجول في أماكن جديدة لن يكون سيئًا.
يقع حقل الثلج الشاسع الذي عبروه في الطرف الشمالي من مملكة الرور الشمالية، وليهينجار هو جبل ثلجي يقف شامخًا في أقصى الطرف الشمالي من حقل الثلج. إنه حافة الرور.
[كنتُ أفضل قديسة نور في تاريخ يوراس. كيف يمكنكِ أن تدعوني بالشيطان….؟ هذا تدنيس. كفر!] تذمرت انيسيه، لكن كريستينا تجاهلتها.
– قبيلة بايار تحمي حدود القارة.
كان مولون يقول مثل هذه الأشياء بتعبير فخور كلما تحدث عن منزله.
“جلالة الملك، ملك الرور، سمح لنا بإستعارة هابيل. قال إن هابيل سيوضح لنا الطريق إلى ليهاين.”
قالت كريستينا: “تقول السيدة انيسيه إن السير فيرموث كان أفضل في كل شيء من السير هامل.”
– الوحوش والوحوش الشيطانية في هيلموث شرسة، لكن الوحوش التي تعيش في الطرف الشمالي من القارة، والتي تصدها قبيلتنا، شرسة بنفس القدر. لقد إصطَدتُ مثل هذه الوحوش منذ أن كنت طفلا، لذا فإن الوحوش والوحوش الشيطانية هنا تبدو وكأنها خِرافٌ لطيفة.
لم يحاول الحراس منع طريق يوجين، ربما بفضل إذن الملك. ومع ذلك، لم يسمحوا بمرورٍ سهل لهم أيضًا. ذلك لأن يوجين ينتمي إلى عائلة لايونهارت وكريستينا روجرس المرشحة القديسة للإمبراطورية المقدسة. جاء الإثنان إلى وادي المطرقة العظيمة بناءً على توصية من الملك الرور، وإذا ما ماتوا في طريقهم إلى وادي المطرقة العظيمة، فإن مسؤولية زوالهم ستقع في النهاية على ملك الرور.
– هراء. كدت تموت في المرة الأخيرة عندما تمت إحاطتك بالوحوش الشيطانية.
قالت كريستينا: “قالت السيدة انيسيه إنها لم تسمع عنه من قبل.”
يقع حقل الثلج الشاسع الذي عبروه في الطرف الشمالي من مملكة الرور الشمالية، وليهينجار هو جبل ثلجي يقف شامخًا في أقصى الطرف الشمالي من حقل الثلج. إنه حافة الرور.
– حتى الأغنام اللطيفة يمكن أن تقتل رجلًا إذا تجمع المئات منهم.
توقف هابيل فجأة. بعد الشم، حدق في العاصفة الثلجية مع أذنيه المدببتان. ومع ذلك، لم يرتبك أو يصدر صرخات تهديد مثل عندما شعر بوحش. حذا يوجين حذوه وتوقف في مكانه دون أن يتجاوز هابيل. ظهر ضوء برتقالي ساطع مضيء من الجانب البعيد من العاصفة الثلجية، عندما توقفت كريستينا، التي كانت تتابع عن كثب وراء الإثنين.
ركض الإثنان وطارا نحو وجهتهما، لكن يبدو أن المسافة إلى هدفهما لم تتغير على الإطلاق. لم يعرف يوجين ما الذي يشعر به الآن. بالإضافة إلى مشاعر سلبية أخرى مماثلة. شعر غريزيًا بالصدمة من وادي المطرقة العظيمة. لم يرغب في الإقتراب منه. في الواقع، أراد أن يبتعد عنه قدر الإمكان. ومع ذلك، على الرغم من أنه شعور غير مألوف، إلا أنها ليست المرة الأولى التي يعاني فيها من مثل هذه المشاعر.
– لماذا تريد من خروف لطيف أن يقتل شخصًا ما من الأساس؟
أبقى مولون فمه مغلقًا لساعات بعد طرح هذا السؤال عليه.
– إسم الأرض التي تحرسها قبيلة بايار هي ليهاين. إنه منزلي، وبقدر ما هو فظيع، أفتقده أيضًا. عند التسلق شمالًا من ليهاين، ستجد سلسلة جبال من الثلج والجليد طويلة بما يكفي لإختراق السماء، ليهينجار. ليهاين تعني الشمال بلغة حقل الثلج، و جار تعني جبل. وبعبارة أخرى، ليهينجار يعني الجبل الشمالي في لغتنا.
بقدر ما هي صبورة، شعرت أيضا بالتعب الشديد من هذا الجبل. بصرف النظر عن هجوم نوير جيابيلا، أو بالأحرى التحية المؤذية، لم يواجهوا أي صعوبات. تجنبتهم معظم الوحوش بسبب وجود يوجين، ويمكن تحمل العاصفة الثلجية أيضًا.
– حسنًا….هل هناك سبب يدفعك لِـأن تكون متعجرفًا جدًا أثناء شرح الإسم….؟
– بايار تعني الشجاعة في لغة حقل الثلج. لذا فإن محارب بايار يعني محاربًا شجاعًا. أنا مولون بايار، مولون الشجاع.
بعد المواجهة مع الحراس، تسلق الإثنان ليهينجار لمدة يومين كاملين. لم يتباطأ الإثنان أبدًا ولم يستريحا أبدًا إلا عندما إضطرا إلى ذلك. العقبة الوحيدة هي الطقس الفظيع للجبل، إنحداره ومدى سرعة سفر هابيل. هابيل سريع نسبيًا عبر حقل الثلج لكنه تباطأ بشكل ملحوظ بعد دخوله ليهينجار وتسلق الجبل. إستمر في الشم بينما ينظر بحذر حوله وغير الإتجاهات أثناء العثور على الطريق.
في النهاية، بدأ إعداد الإفطار. ومع ذلك، لم تكن انيسيه في الواقع هي التي تطبخ، بل كريستينا. أعطت انيسيه التعليمات فقط داخل رأسها، بينما أطاعت كريستينا.
– نعم….
[لذلك ليس عليك الإختباء أو الكذب على نفسك….اوهيهيهي….] واصلت انيسيه إغاظتها.
نظر كل من يوجين ومير إليها بعد الصراخ المفاجئ. قفزت كريستينا على قدميها، وفتحت وأغلقت شفتيها، ثم صفعت خديها المحترقين بكلتا يديها.
—لكن لا يمكن تسمية ليهاين ولا ليهينجار بالنهاية الحقيقية للعالم. ما وراء ليهينجار تقع راجوياران. أرض مقفرة تتكون من العدم فقط، أرض لا يجب عبورها، نهاية العالم. تقيم قبيلة بايار في ليهاين وليهاينجار لمنع أي شخص من العبور إلى راجوياران. وكذلك لصد أي شيء عن العبور من راجوياران.
‘ولكن هذه عصيدة….’
“هل تقول أنك محرج بسبب ما قد يعتقده الآخرون؟ أنا بخير تمامًا مع ذلك. أنا مخلوق سحري. هل نسيت؟”
– ماذا تقصد بذلك؟
– هناك أسطورة قديمة في بايار. ربما هي ليست سوى قصة لتخويف الأطفال. سمعت مثل هذه القصص من أمي وأبي عندما كنت صغيرًًا. في عمق الليل، يرتفع النـور في راجوياران. يسير نور على امتداد واسع من الأرض ويعبر إلى ليهينجار. أي أطفال يرفضون النوم سوف يلتهمهم النـور….
أبقى مولون فمه مغلقًا لساعات بعد طرح هذا السؤال عليه.
– ما هو النـور؟
الأمر بالضبط كما حذره فيرموث — لا تقاتل ملك الدمار الشيطاني. إنه مثل هذا الوجود، وجود يستحيل محاربته. نعم، صحيح أن جميع ملوك الشياطين هم مثل الكوارث الطبيعية، لكن ملك الدمار الشيطاني هو دمارٌ حي في حد ذاته. العزاء الوحيد هو أن ملك الدمار الشيطاني لم يعد يتجول في هيلموث بعد الحرب ولكنه عاد إلى رافيستا وظل صامتًا لمئات السنين.
– مجرد وحش. أنا فقط أخبرتك، أليس كذلك؟ إنها أسطورة قديمة، قصة تخيف أي أطفال يسيئون التصرف. توقفت عن كوني طفلًا في وقت مبكر جدًا، وكَـمحارب من بايار، شجاع. شجاع جدا حقًا. لإثبات شجاعتي، لقد عبرت ليهينجار من قبل.
رد يوجين: “بما أنك تقولين هذا.” وقف هابيل أيضًا بينما يهز ذيله. ربت يوجين على رأسه، ثم بدأ في تفكيك الخيمة.
لم يكلف يوجين عناء الرد. لم يرغب في تخيل دخول حمام مختلط مع سيينا، ولا سيينا في ملابس السباحة. لكن الصورة ظلت تدور في رأسه….
– إذن، هل تمكنت من رؤية راجوياران.
[لماذا تكذبين دائمًا هكذا؟ كريستينا، أستطيع أن أشعر بوضوح بالحرارة، لهب الشر يحترق عميقًا داخل قلبك، تماما مثل النيران القادمة مباشرةً من الجحيم.]
– إنها أرض شاسعة، مكان فيه السماءُ غاضبة. بلا شمس، قمر ولا نجوم. السماء ضبابية وقذرة، تمامًا مثل الثلج الذي داسته أقدام موحلة. الأمر كذلك بقدر ما تستطيع العيون رؤيته. بالوقوف على أعلى قمة جبلية في ليهينجار، إستطعت رؤية البحر الواسع في نهاية راجوياران. إنه بحر متجمد. لم أجد نـور. في الواقع، لم أجد روحًا حيةً واحدةً على تلك الأرض. مكانٌ غير قادر على إستضافة أي حياة.
‘الأخت! أعلم أننا مررنا بالكثير، لكنني ما زلت كاهنة، عابدة النور! كيف يمكنك أن تقولي أن لهيب الجحيم يحترق في أعماق قلبي؟ حتى مع كونهِ أنتِ، الأخت، يرجى الإمتناع عن قول مثل هذه الأشياء.’
قبل ثلاثمائة عام، شارك هامل ومولون مثل هذه المحادثة بجوار النار، وعندما تحدث مولون عن بايار وحقل الثلج، تلألأت عيناه مثل طفل. لم تتطابق هذه العيون المتلألئة والواضحة مع شخصية مولون الضخمة على الإطلاق، ولكن في ذلك الوقت، كان هامل قد إستمع إلى قصته دون أن يسخر منه.
– ولكن بدلا من أن تقول لي هذه القصص، يمكنك أن تأخذني إلى هناك في يوم من الأيام، صحيح؟
– هل ستذهب معي إلى حقل الثلج؟
—لا أعرف متى ستنتهي هذه الحرب اللعينة، لا أعرف هل ستنتهي من الأساس حتى، ولكن….لو إنتهت….حسنًا، سأشعر بالملل والإسترخاء من نواح عديدة، لذا فإن التجول في أماكن جديدة لن يكون سيئًا.
– هامل، إذا ذهبت معي إلى حقل الثلج، فسوف أساعدك في الحصول على ثاني أجمل محاربة من قبيلتنا.
[كنتُ أفضل قديسة نور في تاريخ يوراس. كيف يمكنكِ أن تدعوني بالشيطان….؟ هذا تدنيس. كفر!] تذمرت انيسيه، لكن كريستينا تجاهلتها.
– ماذا تقول، هل أنتَ معتوه؟
رد يوجين: “بما أنك تقولين هذا.” وقف هابيل أيضًا بينما يهز ذيله. ربت يوجين على رأسه، ثم بدأ في تفكيك الخيمة.
– سيينا، لا تقلقي. إذا رغبتِ، سوف أتأكد من حصولك على ثاني أشجع محارب من قبيلتنا….
– نعم….
– أوقف هذا الهراء.
“لا، لا يمكنك ذلك. هذا هو جسدي.” أجابت كريستينا بتعبير حازم.
– ولكن لماذا ثاني أفضل؟
—لكن لا يمكن تسمية ليهاين ولا ليهينجار بالنهاية الحقيقية للعالم. ما وراء ليهينجار تقع راجوياران. أرض مقفرة تتكون من العدم فقط، أرض لا يجب عبورها، نهاية العالم. تقيم قبيلة بايار في ليهاين وليهاينجار لمنع أي شخص من العبور إلى راجوياران. وكذلك لصد أي شيء عن العبور من راجوياران.
– أنتِ تسألين السؤال الأكثر وضوحًا. هذا لأنني أشجع محارب في قبيلة بايار. هل تريدين الزواج مني، سيينا؟
قالت كريستينا: “تقول السيدة انيسيه إن السير فيرموث كان أفضل في كل شيء من السير هامل.”
– إذهب وإقتُل نفسك.
– كنتُ أعرف أنكِ لن ترغبي في ذلك. والمحاربة الأجمل في قبيلتي لا بد أن تكون لي. لذلك، هامل، سأساعدك للحصول على ثاني أجمل محاربة….
تذكر يوجين تحذير الحارس منذ يومين.
– إنقلع!
“نعم. ظهر شيطان مشؤوم وشرير في حلمي وهمس في أذني.”
تذكر يوجين كيف صاحت سيينا بِـمولون وهو ينظر إلى الجبل الطويل الثلجي. وقف ليهينجار كحارس بوابة راجوياران. طويل وواسع. على الرغم من أن يوجين يتسلق الجبل تحت إشراف هابيل، إلا أنه لم يستطِع تحديد المدة التي سَـيتعين عليه التسلق بالضبط للوصول إلى وادي المطرقة العظيمة.
علَّقت كريستينا قائلة: “يزداد الأمر صعوبة كلما صعدنا إلى أعلى.”
بقدر ما هي صبورة، شعرت أيضا بالتعب الشديد من هذا الجبل. بصرف النظر عن هجوم نوير جيابيلا، أو بالأحرى التحية المؤذية، لم يواجهوا أي صعوبات. تجنبتهم معظم الوحوش بسبب وجود يوجين، ويمكن تحمل العاصفة الثلجية أيضًا.
“ووف.”
توقف هابيل فجأة. بعد الشم، حدق في العاصفة الثلجية مع أذنيه المدببتان. ومع ذلك، لم يرتبك أو يصدر صرخات تهديد مثل عندما شعر بوحش. حذا يوجين حذوه وتوقف في مكانه دون أن يتجاوز هابيل. ظهر ضوء برتقالي ساطع مضيء من الجانب البعيد من العاصفة الثلجية، عندما توقفت كريستينا، التي كانت تتابع عن كثب وراء الإثنين.
—لكن لا يمكن تسمية ليهاين ولا ليهينجار بالنهاية الحقيقية للعالم. ما وراء ليهينجار تقع راجوياران. أرض مقفرة تتكون من العدم فقط، أرض لا يجب عبورها، نهاية العالم. تقيم قبيلة بايار في ليهاين وليهاينجار لمنع أي شخص من العبور إلى راجوياران. وكذلك لصد أي شيء عن العبور من راجوياران.
– إسم الأرض التي تحرسها قبيلة بايار هي ليهاين. إنه منزلي، وبقدر ما هو فظيع، أفتقده أيضًا. عند التسلق شمالًا من ليهاين، ستجد سلسلة جبال من الثلج والجليد طويلة بما يكفي لإختراق السماء، ليهينجار. ليهاين تعني الشمال بلغة حقل الثلج، و جار تعني جبل. وبعبارة أخرى، ليهينجار يعني الجبل الشمالي في لغتنا.
جاء الضوء من حراس ليهينجار. مُرتدينَ سترات شتوية سميكة ويحملون فوانيس سحرية ينبعث منها وهج برتقالي في أيديهم. بدا ذلك ملحوظًا جدًا حتى من مسافة بعيدة، لكن أحجامهم الكبيرة صارت أكثر وضوحًا عندما إقتربوا. توقف الحراس الثلاثة على مسافة من يوجين والآخرين. طول كل منهم أكثر من مترين.
—لا أعرف متى ستنتهي هذه الحرب اللعينة، لا أعرف هل ستنتهي من الأساس حتى، ولكن….لو إنتهت….حسنًا، سأشعر بالملل والإسترخاء من نواح عديدة، لذا فإن التجول في أماكن جديدة لن يكون سيئًا.
“هابيل.” الحارس في الصدارة هو الذي نادى. توهجت عيناه تقديرًا خلف نظَّارته الواقية السميكة. نظر الحارس إلى ذيل هابيل المهتز ويوجين قبل أن يسأل، “….لايونهارت؟”
“كيااااااك!” انفجرت كريستينا فجأة وهي تصرخ وهي تغطي أذنيها. ذكريات الألعاب النارية أتت فجأة كالفيضان تغزو عقلها. إغاظة انيسيه اللئيمة تفسد لحظة خيالية وحالمة. ذكرى كانت جميلة وحلوة مثل الحلم، ذكرى أرادت أن تعتز بها لبقية حياتها، تم تشويهها من قبل انيسيه….
“أنا يوجين لايونهارت.”
تغير الكثير بمجرد دخولهم إلى ليهينجار. أولًا، الطقس فظيع. الثلج لا يتساقط بلا توقف تمامًا في حقل الثلج، على الرغم من أنه كذلك في كثير من الأحيان، ولكن هناك أوقات أرسلت فيها الشمس دافئة. لكن من الصعب جدا رؤية الشمس في ليهينجار. بالطبع، ستكون الشمس مُعَلقة في مكان ما في السماء، لكن العاصفة الثلجية المجنونة جعلت من المستحيل حتى تحديد لون السماء. مع تساقط الثلوج دون توقف هكذا، من الصعب التفكير في بلورات الثلج البيضاء التي لا تنتهي أبًدا على أنها أي شيء آخر غير القمامة البسيطة.
“أنا كريستينا روجرس.”
قدم الإثنان نفسيهما.
“نـور؟” سألت كريستينا.
الفصل 228: وادٍ (1)
“لماذا أنت مع هابيل؟” سأل الحارس.
قالت كريستينا: “تقول السيدة انيسيه إن السير فيرموث كان أفضل في كل شيء من السير هامل.”
صوته أجش وغير واضح. بدا بارعًا في الإستماع والتحدث باللغة المشتركة، لكن نطقه ليس دقيقًا تمامًا. من الصعب تحديد وجوههم بسبب ملابسهم السميكة والقبعات والنظَّارات الواقية، لكن يوجين إفترض أنهم من نسل قبيلة بايار.
– نعم….
“جلالة الملك، ملك الرور، سمح لنا بإستعارة هابيل. قال إن هابيل سيوضح لنا الطريق إلى ليهاين.”
– هراء. كدت تموت في المرة الأخيرة عندما تمت إحاطتك بالوحوش الشيطانية.
نظر كل من يوجين ومير إليها بعد الصراخ المفاجئ. قفزت كريستينا على قدميها، وفتحت وأغلقت شفتيها، ثم صفعت خديها المحترقين بكلتا يديها.
“ليس هذا الجبل هو المكان الذي ستقام فيه مسيرة الفرسان. لذا يرجى النزول.” أجاب الحارس.
شارك يوجين وانيسيه نفس السؤال. لقد عانوا من نفس الخوف الذي لا يقاوم مرة واحدة من قبل، وهو الخوف الذي رأوه ولكن لم يفهموه. إنه ينتمي إلى أحد أهدافهم التي يجب القضاء عليها، وهو وجود لا يمكن فهمه.
لم يحاول الحراس منع طريق يوجين، ربما بفضل إذن الملك. ومع ذلك، لم يسمحوا بمرورٍ سهل لهم أيضًا. ذلك لأن يوجين ينتمي إلى عائلة لايونهارت وكريستينا روجرس المرشحة القديسة للإمبراطورية المقدسة. جاء الإثنان إلى وادي المطرقة العظيمة بناءً على توصية من الملك الرور، وإذا ما ماتوا في طريقهم إلى وادي المطرقة العظيمة، فإن مسؤولية زوالهم ستقع في النهاية على ملك الرور.
“إقترح جلالة الملك أن نذهب إلى وادي المطرقة العظيمة في ليهينجار. جئت إلى هنا مُتَّبِعًا هابيل كما تمنى جلالة الملك، لذا، هل يجب حقًا أن أنزل إلى أسفل؟” سأل يوجين.
“وادي المطرقة العظيمة هو حدود ليهينجار. كلما إقتربت من ذلك، كلما صارت أكثر خطورة.” أوضح الحارس.
لم يستطِع أن يعرف يقينًا. لم يستطع يوجين إصدار حكم دقيق، لذلك قرر التخلي عن المزيد من التحليل حتى يرى ما هو المسؤول عن جعله يشعر بمثل هذه الأشياء. توصلت انيسيه إلى نفس النتيجة. لم يُصَب أي منهما برغبة لا تقاوم في الفرار كما حدث قبل ثلاثمائة عام.
بدلًا من الرد على الفور، تبادل الحراس النظرات. أخيرًا، أجاب الحارس الرائد بعد لحظة، “سنسمح لك بالمرور بما أن جلالة الملك قد أعطى الإذن، لكن يجب أن تعلم أنكما قد تكونان في خطر.”
– كنتُ أعرف أنكِ لن ترغبي في ذلك. والمحاربة الأجمل في قبيلتي لا بد أن تكون لي. لذلك، هامل، سأساعدك للحصول على ثاني أجمل محاربة….
قال يوجين: “لقد جئنا كل هذا الطريق نحن الإثنين فقط، لكنني لم أشعر بأي خطر.”
“وادي المطرقة العظيمة هو حدود ليهينجار. كلما إقتربت من ذلك، كلما صارت أكثر خطورة.” أوضح الحارس.
“هل هناك المزيد من الوحوش، وهل تصبح أكثر شراسة؟ أم أن الطقس يزداد سوءا مما هو عليه الآن؟” سأل يوجين.
في الليلة الثانية، أقاموا خيمة كبيرة وحاجزًا لحماية أنفسهم من العاصفة الثلجية. الخيمة هي نفسها التي إستخدموها منذ رحلتهم عبر حقل الثلج. تمامًا كما فعلوا في سمر، تناوب يوجين وكريستينا على المراقبة. الإختلاف الوحيد هو أن الوقت الذي أمضوه في المراقبة غير ممل كما كان من قبل، وذلك بفضل وجود مير وانيسيه. مير تستمتع بالكلام مع يوجين أثناء توليه المراقبة، وروت انيسيه قصصًا من ثلاثمائة عام مضت خلال دور كريستينا.
“لا. النـور يخرج في وادي المطرقة العظيمة.” قال الحارس. نـور – إنه الوحش الذي تحدث عنه مولون منذ ثلاثمائة عام.
[هامل.]
عندما أظهر يوجين تعبيرًا فضوليًا، تابع الحارس، “النـور هو وحش، لكنه يختلف عن الوحوش الأخرى. إنه ليس وحشًا شيطانيًا أيضا. أنا متأكد من أنك ستشعر به عندما تراه، لكن شرحه بالكلمات أمر مستحيل.”
“ماذا يعني ذلك؟” إستفسر يوجين بتفاجئ.
الأمر بالضبط كما حذره فيرموث — لا تقاتل ملك الدمار الشيطاني. إنه مثل هذا الوجود، وجود يستحيل محاربته. نعم، صحيح أن جميع ملوك الشياطين هم مثل الكوارث الطبيعية، لكن ملك الدمار الشيطاني هو دمارٌ حي في حد ذاته. العزاء الوحيد هو أن ملك الدمار الشيطاني لم يعد يتجول في هيلموث بعد الحرب ولكنه عاد إلى رافيستا وظل صامتًا لمئات السنين.
“قلت أنه من المستحيل أن أشرح بالكلمات. إذا لم تكن خائفًا من نـور، يرجى الإستمرار في متابعة هابيل أعلى الجبل. إذا أصررتما على تسلق الجبل بإذن صاحب الجلالة، فلن يسد الحراس طريقكم. ومع ذلك، نحن الحراس لن نكون قادرين على توجيهك في هذا المسار. إذا لم تكن مغرمًا بالخطر، فيرجى العودة بالطريقة التي أتيت بها.” أوضح الحارس الأمور بوضوح شديد.
[أوه، يا….أنا لا أتحدث إلى قديسة النور. أنا أتحدث إلى كريستينا روجرس. لماذا لا تزالين تحاولين إخفاء ذلك، كريستينا روجرس؟ الوحيد الذي يراك الآن هو….هيهيهي، إنه أنا فقط.]
لم يحاول الحراس منع طريق يوجين، ربما بفضل إذن الملك. ومع ذلك، لم يسمحوا بمرورٍ سهل لهم أيضًا. ذلك لأن يوجين ينتمي إلى عائلة لايونهارت وكريستينا روجرس المرشحة القديسة للإمبراطورية المقدسة. جاء الإثنان إلى وادي المطرقة العظيمة بناءً على توصية من الملك الرور، وإذا ما ماتوا في طريقهم إلى وادي المطرقة العظيمة، فإن مسؤولية زوالهم ستقع في النهاية على ملك الرور.
“قلت أنه من المستحيل أن أشرح بالكلمات. إذا لم تكن خائفًا من نـور، يرجى الإستمرار في متابعة هابيل أعلى الجبل. إذا أصررتما على تسلق الجبل بإذن صاحب الجلالة، فلن يسد الحراس طريقكم. ومع ذلك، نحن الحراس لن نكون قادرين على توجيهك في هذا المسار. إذا لم تكن مغرمًا بالخطر، فيرجى العودة بالطريقة التي أتيت بها.” أوضح الحارس الأمور بوضوح شديد.
– إنقلع!
قال يوجين بإبتسامة متكلفة: “لقد جئنا بالفعل ونحن مستعدان.” إتخذ خطوة إلى الأمام. لم يفكر في أي قضايا سياسية، حقيقية أو محتملة. يمكنه فقط الصعود، ثم النزول. قال الملك الوحش أمان الرور، ملك الرور، إن أسطورة العائلة الملكية تم تسليمها في وادي المطرقة العظيمة. لقد وصفها بأنها المكان الذي ولد فيه أحفاد العائلة الملكية من جديد كمحاربين.
—لا أعرف متى ستنتهي هذه الحرب اللعينة، لا أعرف هل ستنتهي من الأساس حتى، ولكن….لو إنتهت….حسنًا، سأشعر بالملل والإسترخاء من نواح عديدة، لذا فإن التجول في أماكن جديدة لن يكون سيئًا.
وماذا عن النـور؟
يقع حقل الثلج الشاسع الذي عبروه في الطرف الشمالي من مملكة الرور الشمالية، وليهينجار هو جبل ثلجي يقف شامخًا في أقصى الطرف الشمالي من حقل الثلج. إنه حافة الرور.
قال مولون إن مثل هذا الشيء غير موجود منذ ثلاثمائة عام. هل تشير أسطورة العائلة الملكية إلى النـور؟ تأسست مملكة الرور من قبل مولون. ألم يكن هذا يعني أن أسطورة وادي المطرقة العظيمة نشأت أيضًا من مولون؟
– ولكن بدلا من أن تقول لي هذه القصص، يمكنك أن تأخذني إلى هناك في يوم من الأيام، صحيح؟
“من فضلك كُن حذرًا.” حذَّر الحراس بعد أن تحركوا جانبًا بمجرد أن رأوا أن يوجين لا يخطط للتوقف.
– أنتِ تسألين السؤال الأكثر وضوحًا. هذا لأنني أشجع محارب في قبيلة بايار. هل تريدين الزواج مني، سيينا؟
– إنها أرض شاسعة، مكان فيه السماءُ غاضبة. بلا شمس، قمر ولا نجوم. السماء ضبابية وقذرة، تمامًا مثل الثلج الذي داسته أقدام موحلة. الأمر كذلك بقدر ما تستطيع العيون رؤيته. بالوقوف على أعلى قمة جبلية في ليهينجار، إستطعت رؤية البحر الواسع في نهاية راجوياران. إنه بحر متجمد. لم أجد نـور. في الواقع، لم أجد روحًا حيةً واحدةً على تلك الأرض. مكانٌ غير قادر على إستضافة أي حياة.
“نـور؟” سألت كريستينا.
“ووف.”
“على ما يبدو، إنه وحش يعيش على هذا الجبل. أخبرني مولون عن ذلك قبل ثلاثمائة عام.” أجاب يوجين.
– بايار تعني الشجاعة في لغة حقل الثلج. لذا فإن محارب بايار يعني محاربًا شجاعًا. أنا مولون بايار، مولون الشجاع.
قالت كريستينا: “قالت السيدة انيسيه إنها لم تسمع عنه من قبل.”
جاء الضوء من حراس ليهينجار. مُرتدينَ سترات شتوية سميكة ويحملون فوانيس سحرية ينبعث منها وهج برتقالي في أيديهم. بدا ذلك ملحوظًا جدًا حتى من مسافة بعيدة، لكن أحجامهم الكبيرة صارت أكثر وضوحًا عندما إقتربوا. توقف الحراس الثلاثة على مسافة من يوجين والآخرين. طول كل منهم أكثر من مترين.
قال يوجين: “حسنا، أنا متأكد من أنها لم تسمع عنه. ذلك لأنها، عندما أخبرني مولون عن النـور، كانت تشرب في الزاوية مثل امرأة مجنونة، قائلة أن ذلك غير ممتع.”
ليهينجار كبير مثل جبل أوكلاس، حيث تقع قلعة البلاك لايونز. لذلك من المحتم أن يستغرق الأمر بعض الوقت لتحديد موقع وادي المطرقة العظيمة. حذر الحراس من مخاطر وادي المطرقة العظيمة، لكن يوجين لم يختبر أي شيء خلال اليومين الماضيين يفسر ذلك التحذير. في الواقع، زاد عدد الوحوش وشراستها، لكن يوجين لم يعتقد أن الأمر يستحق التحذير.
“ليس هذا الجبل هو المكان الذي ستقام فيه مسيرة الفرسان. لذا يرجى النزول.” أجاب الحارس.
[حسنا، لم يكن كذلك. ماذا توقعت غير ذلك؟] تذمرت انيسيه. إنفجرت كريستينا بشكل لا إرادي ضاحكة ردًا على ذلك.
صوته أجش وغير واضح. بدا بارعًا في الإستماع والتحدث باللغة المشتركة، لكن نطقه ليس دقيقًا تمامًا. من الصعب تحديد وجوههم بسبب ملابسهم السميكة والقبعات والنظَّارات الواقية، لكن يوجين إفترض أنهم من نسل قبيلة بايار.
فَـعلى كل حال، أليس من الطبيعي أن يشعر المرء بشعور مريع بعد أن يُضرب لفترة طويلة من الزمن؟
بعد المواجهة مع الحراس، تسلق الإثنان ليهينجار لمدة يومين كاملين. لم يتباطأ الإثنان أبدًا ولم يستريحا أبدًا إلا عندما إضطرا إلى ذلك. العقبة الوحيدة هي الطقس الفظيع للجبل، إنحداره ومدى سرعة سفر هابيل. هابيل سريع نسبيًا عبر حقل الثلج لكنه تباطأ بشكل ملحوظ بعد دخوله ليهينجار وتسلق الجبل. إستمر في الشم بينما ينظر بحذر حوله وغير الإتجاهات أثناء العثور على الطريق.
– قبيلة بايار تحمي حدود القارة.
ليهينجار كبير مثل جبل أوكلاس، حيث تقع قلعة البلاك لايونز. لذلك من المحتم أن يستغرق الأمر بعض الوقت لتحديد موقع وادي المطرقة العظيمة. حذر الحراس من مخاطر وادي المطرقة العظيمة، لكن يوجين لم يختبر أي شيء خلال اليومين الماضيين يفسر ذلك التحذير. في الواقع، زاد عدد الوحوش وشراستها، لكن يوجين لم يعتقد أن الأمر يستحق التحذير.
فكر يوجين في الوضع مرة أخرى. ليس الأمر كما لو أنه يستطيع رؤية ملك الدمار الشيطاني بعينيه، فقط أنه أصيب بنفس الشعور، أو بالأحرى، شعور مماثل عندما واجه ملك الدمار الشيطاني في الماضي.
“هل حصلت على قسط كافٍ من النوم؟” سأل يوجين.
في الليلة الثانية، أقاموا خيمة كبيرة وحاجزًا لحماية أنفسهم من العاصفة الثلجية. الخيمة هي نفسها التي إستخدموها منذ رحلتهم عبر حقل الثلج. تمامًا كما فعلوا في سمر، تناوب يوجين وكريستينا على المراقبة. الإختلاف الوحيد هو أن الوقت الذي أمضوه في المراقبة غير ممل كما كان من قبل، وذلك بفضل وجود مير وانيسيه. مير تستمتع بالكلام مع يوجين أثناء توليه المراقبة، وروت انيسيه قصصًا من ثلاثمائة عام مضت خلال دور كريستينا.
‘….لا، هذا مختلف.’
في الليلة الثانية، أقاموا خيمة كبيرة وحاجزًا لحماية أنفسهم من العاصفة الثلجية. الخيمة هي نفسها التي إستخدموها منذ رحلتهم عبر حقل الثلج. تمامًا كما فعلوا في سمر، تناوب يوجين وكريستينا على المراقبة. الإختلاف الوحيد هو أن الوقت الذي أمضوه في المراقبة غير ممل كما كان من قبل، وذلك بفضل وجود مير وانيسيه. مير تستمتع بالكلام مع يوجين أثناء توليه المراقبة، وروت انيسيه قصصًا من ثلاثمائة عام مضت خلال دور كريستينا.
“الينابيع الساخنة في ليهاين. أنا ذاهبة معك، صحيح، السير يوجين؟” سألت مير.
فَـعلى كل حال، أليس من الطبيعي أن يشعر المرء بشعور مريع بعد أن يُضرب لفترة طويلة من الزمن؟
“أنا كريستينا روجرس.”
“هل أنتِ مجنونة؟” سأل يوجين.
“نعم، لا. كانت سيينا أسوأ طباخ بيننا جميعا. ولكن بعد ذلك تأتي انيسيه. حتى مولون كان أفضل حالًا من هذين الإثنين في طهي شيء صالح للأكل.” قال يوجين: “أفضل طباخ كان فيرموث.”
“أحضرت ملابس السباحة الخاصة بي. سيدي يوجين، ألا تملك ملابس سباحة؟”
– نعم….
“إنها ليست مسألة أنني أمتلك منها أم لا. لن نكون الوحيدين الذين يدخلون.”
“هل تقول أنك محرج بسبب ما قد يعتقده الآخرون؟ أنا بخير تمامًا مع ذلك. أنا مخلوق سحري. هل نسيت؟”
“أوقفي نفث هذا هراء. ستذهبين مع كريستينا، أو يمكنك الذهاب مع سيل.”
“لكن ماذا لو إفتقدتني؟ أليس كذلك؟ قد ترغب في رؤيتي.”
“كررر.”
“لن أفعل.”
“كابوس؟” سأل يوجين.
“ثم ما رأيك في السيدة سيينا؟ حمام مختلط….مع السيدة سيينا….بملابس سباحة….هيهيهي….”
قال يوجين: “حسنا، أنا متأكد من أنها لم تسمع عنه. ذلك لأنها، عندما أخبرني مولون عن النـور، كانت تشرب في الزاوية مثل امرأة مجنونة، قائلة أن ذلك غير ممتع.”
لم يكلف يوجين عناء الرد. لم يرغب في تخيل دخول حمام مختلط مع سيينا، ولا سيينا في ملابس السباحة. لكن الصورة ظلت تدور في رأسه….
“ثم ما رأيك في السيدة سيينا؟ حمام مختلط….مع السيدة سيينا….بملابس سباحة….هيهيهي….”
[كريستينا، هل سمعتِ ذلك؟ تلك المخلوقة السحرية الماكرة تحاول إغواء هامل.] قال انيسيه بإنفعال.
– حتى الأغنام اللطيفة يمكن أن تقتل رجلًا إذا تجمع المئات منهم.
‘الأخت….! أحتاج للنوم.’
“من فضلك كُن حذرًا.” حذَّر الحراس بعد أن تحركوا جانبًا بمجرد أن رأوا أن يوجين لا يخطط للتوقف.
[لماذا تكذبين دائمًا هكذا؟ كريستينا، أستطيع أن أشعر بوضوح بالحرارة، لهب الشر يحترق عميقًا داخل قلبك، تماما مثل النيران القادمة مباشرةً من الجحيم.]
[كنتُ أفضل قديسة نور في تاريخ يوراس. كيف يمكنكِ أن تدعوني بالشيطان….؟ هذا تدنيس. كفر!] تذمرت انيسيه، لكن كريستينا تجاهلتها.
‘الأخت! أعلم أننا مررنا بالكثير، لكنني ما زلت كاهنة، عابدة النور! كيف يمكنك أن تقولي أن لهيب الجحيم يحترق في أعماق قلبي؟ حتى مع كونهِ أنتِ، الأخت، يرجى الإمتناع عن قول مثل هذه الأشياء.’
“بدلي مع انيسيه الآن. سأضربها مرة واحدة. هل يمكنني؟” سأل يوجين.
[أوه، يا….أنا لا أتحدث إلى قديسة النور. أنا أتحدث إلى كريستينا روجرس. لماذا لا تزالين تحاولين إخفاء ذلك، كريستينا روجرس؟ الوحيد الذي يراك الآن هو….هيهيهي، إنه أنا فقط.]
‘اغغ….’ السخط في أفكار كريستينا واضحا.
[لذلك ليس عليك الإختباء أو الكذب على نفسك….اوهيهيهي….] واصلت انيسيه إغاظتها.
‘الأخت! أعلم أننا مررنا بالكثير، لكنني ما زلت كاهنة، عابدة النور! كيف يمكنك أن تقولي أن لهيب الجحيم يحترق في أعماق قلبي؟ حتى مع كونهِ أنتِ، الأخت، يرجى الإمتناع عن قول مثل هذه الأشياء.’
“كيااااااك!” انفجرت كريستينا فجأة وهي تصرخ وهي تغطي أذنيها. ذكريات الألعاب النارية أتت فجأة كالفيضان تغزو عقلها. إغاظة انيسيه اللئيمة تفسد لحظة خيالية وحالمة. ذكرى كانت جميلة وحلوة مثل الحلم، ذكرى أرادت أن تعتز بها لبقية حياتها، تم تشويهها من قبل انيسيه….
[ألا تعرفين؟ يساعد النبيذ على التخلص من أي رائحة نفاذة للحوم ويعزز نكهة الطبق.]
“هذا أخافني.”
لقد إختبرها مرة واحدة، قبل ثلاثمائة عام.
“لماذا تصرخين فجأة؟”
“كابوس؟” سأل يوجين.
نظر كل من يوجين ومير إليها بعد الصراخ المفاجئ. قفزت كريستينا على قدميها، وفتحت وأغلقت شفتيها، ثم صفعت خديها المحترقين بكلتا يديها.
الأمر بالضبط كما حذره فيرموث — لا تقاتل ملك الدمار الشيطاني. إنه مثل هذا الوجود، وجود يستحيل محاربته. نعم، صحيح أن جميع ملوك الشياطين هم مثل الكوارث الطبيعية، لكن ملك الدمار الشيطاني هو دمارٌ حي في حد ذاته. العزاء الوحيد هو أن ملك الدمار الشيطاني لم يعد يتجول في هيلموث بعد الحرب ولكنه عاد إلى رافيستا وظل صامتًا لمئات السنين.
“آه….لقد واجهت كابوسًا.” لذا هي كذبت.
“كابوس؟” سأل يوجين.
“نـور؟” تمتم يوجين أثناء النظر إلى الوحش. ورأى العيون البشعة تنظر إلى وجهه. فُتِحَ فم المخلوق على مصراعيه لإفساح المجال لِـلسانٍ طويل بشكل غريب. يقطر اللعاب الأسود من أسنانه الحادة ولسانه المنزلق.
“نعم. ظهر شيطان مشؤوم وشرير في حلمي وهمس في أذني.”
“ليس هذا الجبل هو المكان الذي ستقام فيه مسيرة الفرسان. لذا يرجى النزول.” أجاب الحارس.
– هل ستذهب معي إلى حقل الثلج؟
“هل يمكن أن تكون….هل كانت نوير جيابيلا؟ هل حفرت تلك الفاسقة العجوز القذرة في حلمك؟” سأل يوجين.
[لذلك ليس عليك الإختباء أو الكذب على نفسك….اوهيهيهي….] واصلت انيسيه إغاظتها.
“نعم….لا، ماذا؟ لـ-لا، هذا ليس ما حدث. لم تكن ملكة شياطين الليل. مجرد شيطان….نعم، مجرد شيطان.” أجابت كريستينا.
علاوة على ذلك، وحوش الجبل شجاعة وشرسة. حتى من دون أن يخفي يوجين وجوده، إندفعت الوحوش مظهرةً أنيابها ومخالبها.
[كنتُ أفضل قديسة نور في تاريخ يوراس. كيف يمكنكِ أن تدعوني بالشيطان….؟ هذا تدنيس. كفر!] تذمرت انيسيه، لكن كريستينا تجاهلتها.
“كابوس؟” سأل يوجين.
هدَّأت كريستينا قلبها المرتعش وحَوَّلَتْ نظرتها خارج الخيمة. الأرض مليئة بجثث الوحوش التي تجرأت على الإقتراب أثناء الليل وعند الفجر. حوالي نصفهم تحطمت رؤوسهم بسبب فركل كريستينا، بينما تم تشويه النصف الآخر بسحر يوجين.
صوته أجش وغير واضح. بدا بارعًا في الإستماع والتحدث باللغة المشتركة، لكن نطقه ليس دقيقًا تمامًا. من الصعب تحديد وجوههم بسبب ملابسهم السميكة والقبعات والنظَّارات الواقية، لكن يوجين إفترض أنهم من نسل قبيلة بايار.
عندما أظهر يوجين تعبيرًا فضوليًا، تابع الحارس، “النـور هو وحش، لكنه يختلف عن الوحوش الأخرى. إنه ليس وحشًا شيطانيًا أيضا. أنا متأكد من أنك ستشعر به عندما تراه، لكن شرحه بالكلمات أمر مستحيل.”
“لماذا لا نذهب فقط؟” قالت كريستينا بعد سكوت قصير.
لم يرغب يوجين أبدًا في النظر إلى مثل هذا المشهد الرهيب أثناء تناول الطعام. بعد كل شيء، هو مجبرٌ الآن على تناول شيء أقل من المرغوب فيه، على أقل تقدير. بالتأكيد، لم يكن ذلك مشكلة كبيرة قبل ثلاثمائة عام، ولكن….لا يوجد سبب لفعل الشيء نفسه كما في الماضي بينما هم يعيشون في عصرٍ مختلف.
“هل حصلت على قسط كافٍ من النوم؟” سأل يوجين.
– بايار تعني الشجاعة في لغة حقل الثلج. لذا فإن محارب بايار يعني محاربًا شجاعًا. أنا مولون بايار، مولون الشجاع.
تغير الكثير بمجرد دخولهم إلى ليهينجار. أولًا، الطقس فظيع. الثلج لا يتساقط بلا توقف تمامًا في حقل الثلج، على الرغم من أنه كذلك في كثير من الأحيان، ولكن هناك أوقات أرسلت فيها الشمس دافئة. لكن من الصعب جدا رؤية الشمس في ليهينجار. بالطبع، ستكون الشمس مُعَلقة في مكان ما في السماء، لكن العاصفة الثلجية المجنونة جعلت من المستحيل حتى تحديد لون السماء. مع تساقط الثلوج دون توقف هكذا، من الصعب التفكير في بلورات الثلج البيضاء التي لا تنتهي أبًدا على أنها أي شيء آخر غير القمامة البسيطة.
أجابت كريستينا بحسرة: “همس الشيطان قد فَجَّرَ كل تعبي.”
– ما هو النـور؟
خرجت من الخيمة. داخل الخيمة مظلم بما يكفي للنوم بشكل مريح، لكن الشيء نفسه لا ينطبق على الخارج. على الرغم من أن كل شيء بدا غامضًا وضبابيًا بسبب العاصفة الثلجية الشديدة، إلا أن الشمس جلست ثابتة في السماء. مشهد مألوف. الغريب أن الشمس لم تغرب أبدًا بعد دخولهم إلى ليهينجار.
لطالما كان تعريف سيينا هو عضلات فقط بلا دماغ، لذلك دائما ما تسببت بكوارث طبيعية قبل معركة واسعة النطاق. من بين العديد من التعاويذ التي لديها، فضلت سيينا دائمًا إلقاء عواصف ثلجية قاتلة والبرد على مساحة كبيرة.
رد يوجين: “بما أنك تقولين هذا.” وقف هابيل أيضًا بينما يهز ذيله. ربت يوجين على رأسه، ثم بدأ في تفكيك الخيمة.
هدَّأت كريستينا قلبها المرتعش وحَوَّلَتْ نظرتها خارج الخيمة. الأرض مليئة بجثث الوحوش التي تجرأت على الإقتراب أثناء الليل وعند الفجر. حوالي نصفهم تحطمت رؤوسهم بسبب فركل كريستينا، بينما تم تشويه النصف الآخر بسحر يوجين.
لا حاجة للتسرع بعد الآن لأن المنحدرات الطويلة والوعرة صارت مرئية على الجانب الآخر من العاصفة الثلجية. من هذه المسافة، ظهرت المنحدرات المرتفعة مشابهة لرأس مطرقة عملاقة.
لقد إختبرها مرة واحدة، قبل ثلاثمائة عام.
فووش!
يوجين وكريستينا حاليًا في الوادي المؤدي إلى منحدرات وادي المطرقة العظيمة. إذا قرروا عدم قضاء الليل هنا، لَـوصلوا بالفعل إلى وادي المطرقة العظيمة الآن. ومع ذلك، مع الأخذ في الإعتبار تحذير الحراس ومراعاة ظروفهم، قرروا الراحة طوال الليل قبل المتابعة.
“أنا بخير مع الإستمرار، ولكن لماذا لا نتناول الإفطار أولًا؟” قال يوجين: “إنه دورك اليوم.”
“ثم ما رأيك في السيدة سيينا؟ حمام مختلط….مع السيدة سيينا….بملابس سباحة….هيهيهي….”
“….على وجه الدقة، ليس أنا ولكن السيدة انيسيه.” أجابت كريستينا.
“لا أريد تلك العصيدة التي تصنعها انيسيه. إنها مثل علف الخنازير. ألا يمكنك أن تفعلي ذلك أنتِ….؟” سأل يوجين.
تكشفت ثمانية أجنحة خلف ظهر انيسيه، وإستخدم يوجين صيغة اللهب الأبيض ليغطي نفسه باللهب الأرجواني. لم يتردد الإثنان أثناء خروجهما من الحاجز. لم يعد الثلج يتساقط، بشكل غير طبيعي. ببساطة توقف تساقط للثلوج من السماء، كما لو أن هذه الظاهرة قد توقفت بشكل مصطنع. ومع ذلك، لا يزال العالم يبدو ضبابيًا كما كان من قبل.
“طلبت مني السيدة انيسيه أن أخبرك ألا تتجاوز حدودك. عصيدتها هو نظام غذائي كامل يركز على هضم كامل وإستعادة القدرة على التحمل. ولماذا تقول أنك لا تريد أن تأكل طعامها عندما كنت تأكله بشكل جيد في حياتك الماضية؟” قالت كريستينا.
علَّقت كريستينا قائلة: “يزداد الأمر صعوبة كلما صعدنا إلى أعلى.”
“حسنا…..هذا لأنه لم يكُن لدينا خيار آخر. وكان هناك سيينا، التي هي أسوأ في الطهي من انيسيه….” تمتم يوجين.
تذكر يوجين تحذير الحارس منذ يومين.
قالت كريستينا: “طهي السيدة سيينا ممتاز.”
لم يرغب يوجين أبدًا في النظر إلى مثل هذا المشهد الرهيب أثناء تناول الطعام. بعد كل شيء، هو مجبرٌ الآن على تناول شيء أقل من المرغوب فيه، على أقل تقدير. بالتأكيد، لم يكن ذلك مشكلة كبيرة قبل ثلاثمائة عام، ولكن….لا يوجد سبب لفعل الشيء نفسه كما في الماضي بينما هم يعيشون في عصرٍ مختلف.
رد يوجين: “لم تجربيه أبدًا.”
“أحضرت ملابس السباحة الخاصة بي. سيدي يوجين، ألا تملك ملابس سباحة؟”
“ليس باليد حيلة. وقد قلت ذلك بنفسك، سيدي يوجين. في ذلك الوقت، لم يكن هناك ما يكفي من الإمدادات للوجبات المناسبة. السيدة سيينا هي التي صنعت وجبة من هذه المكونات الرهيبة. وهو ما يعني! ربما لم تكن مهارات الطهي لدى السيدة سيينا سيئة للغاية، أليس كذلك؟” قالت كريستينا.
“نعم، لا. كانت سيينا أسوأ طباخ بيننا جميعا. ولكن بعد ذلك تأتي انيسيه. حتى مولون كان أفضل حالًا من هذين الإثنين في طهي شيء صالح للأكل.” قال يوجين: “أفضل طباخ كان فيرموث.”
“آه….لقد واجهت كابوسًا.” لذا هي كذبت.
قالت كريستينا: “تقول السيدة انيسيه إن السير فيرموث كان أفضل في كل شيء من السير هامل.”
“بدلي مع انيسيه الآن. سأضربها مرة واحدة. هل يمكنني؟” سأل يوجين.
بعد المواجهة مع الحراس، تسلق الإثنان ليهينجار لمدة يومين كاملين. لم يتباطأ الإثنان أبدًا ولم يستريحا أبدًا إلا عندما إضطرا إلى ذلك. العقبة الوحيدة هي الطقس الفظيع للجبل، إنحداره ومدى سرعة سفر هابيل. هابيل سريع نسبيًا عبر حقل الثلج لكنه تباطأ بشكل ملحوظ بعد دخوله ليهينجار وتسلق الجبل. إستمر في الشم بينما ينظر بحذر حوله وغير الإتجاهات أثناء العثور على الطريق.
“لا، لا يمكنك ذلك. هذا هو جسدي.” أجابت كريستينا بتعبير حازم.
كان الوجود الغامض غير القابل للتفسير موجودًا في هيلموث قبل ثلاثمائة عام. كما هو الحال مع ملوك الشياطين الآخرين، لم يغادر ملك الدمار الشيطاني هيلموث أبدًا، ونادرًا ما أظهر نفسه.
“لا، لا يمكنك ذلك. هذا هو جسدي.” أجابت كريستينا بتعبير حازم.
في النهاية، بدأ إعداد الإفطار. ومع ذلك، لم تكن انيسيه في الواقع هي التي تطبخ، بل كريستينا. أعطت انيسيه التعليمات فقط داخل رأسها، بينما أطاعت كريستينا.
[أوه، يا….أنا لا أتحدث إلى قديسة النور. أنا أتحدث إلى كريستينا روجرس. لماذا لا تزالين تحاولين إخفاء ذلك، كريستينا روجرس؟ الوحيد الذي يراك الآن هو….هيهيهي، إنه أنا فقط.]
[دعونا نضيف النبيذ.]
– أنتِ تسألين السؤال الأكثر وضوحًا. هذا لأنني أشجع محارب في قبيلة بايار. هل تريدين الزواج مني، سيينا؟
‘ماذا؟’
[ألا تعرفين؟ يساعد النبيذ على التخلص من أي رائحة نفاذة للحوم ويعزز نكهة الطبق.]
كان مولون يقول مثل هذه الأشياء بتعبير فخور كلما تحدث عن منزله.
‘ولكن هذه عصيدة….’
في النهاية، بدأ إعداد الإفطار. ومع ذلك، لم تكن انيسيه في الواقع هي التي تطبخ، بل كريستينا. أعطت انيسيه التعليمات فقط داخل رأسها، بينما أطاعت كريستينا.
[إذا أضفت النبيذ الأحمر، فإنه يعزز لون العصيدة أيضًا.]
– هامل، إذا ذهبت معي إلى حقل الثلج، فسوف أساعدك في الحصول على ثاني أجمل محاربة من قبيلتنا.
ليس هناك نقص في المكونات، وذلك بفضل إعداد يوجين الشامل. سكبت كريستينا النبيذ في وعاء الغليان، وفقًا لتعليمات انيسيه، وبينما يتم إعداد وجبة الإفطار المروعة، قام يوجين بتطهير الجثث التي في الجوار. على الرغم من تساقط الثلوج طوال الليل، إلا أن هناك الكثير من الوحوش، وهي كبيرة جدا لدرجة أن الجثث لم تدفن بالكامل في الثلج.
شارك يوجين وانيسيه نفس السؤال. لقد عانوا من نفس الخوف الذي لا يقاوم مرة واحدة من قبل، وهو الخوف الذي رأوه ولكن لم يفهموه. إنه ينتمي إلى أحد أهدافهم التي يجب القضاء عليها، وهو وجود لا يمكن فهمه.
علاوة على ذلك، وحوش الجبل شجاعة وشرسة. حتى من دون أن يخفي يوجين وجوده، إندفعت الوحوش مظهرةً أنيابها ومخالبها.
لم يرغب يوجين أبدًا في النظر إلى مثل هذا المشهد الرهيب أثناء تناول الطعام. بعد كل شيء، هو مجبرٌ الآن على تناول شيء أقل من المرغوب فيه، على أقل تقدير. بالتأكيد، لم يكن ذلك مشكلة كبيرة قبل ثلاثمائة عام، ولكن….لا يوجد سبب لفعل الشيء نفسه كما في الماضي بينما هم يعيشون في عصرٍ مختلف.
علاوة على ذلك، وحوش الجبل شجاعة وشرسة. حتى من دون أن يخفي يوجين وجوده، إندفعت الوحوش مظهرةً أنيابها ومخالبها.
“قلت أنه من المستحيل أن أشرح بالكلمات. إذا لم تكن خائفًا من نـور، يرجى الإستمرار في متابعة هابيل أعلى الجبل. إذا أصررتما على تسلق الجبل بإذن صاحب الجلالة، فلن يسد الحراس طريقكم. ومع ذلك، نحن الحراس لن نكون قادرين على توجيهك في هذا المسار. إذا لم تكن مغرمًا بالخطر، فيرجى العودة بالطريقة التي أتيت بها.” أوضح الحارس الأمور بوضوح شديد.
تجمد يوجين فجأة أثناء عملية رمي جثث الوحوش. تصلب جسد كريستينا أيضا في عملية إفراغ محتويات زجاجة نبيذ كاملة في العصيدة، ومشاهدة النبيذ يلون المكونات. هابيل، الذي يحوم في الأرجاء، تكور في مكانه وحبس أنفاسه. حال مير أسوأ. لم تتصلب ببساطة بل إنهارت على الفور. كمخلوق سحري، مير حساسة جدًا لأي تغييرات في الطاقة السحرية.
قالت كريستينا: “طهي السيدة سيينا ممتاز.”
“طلبت مني السيدة انيسيه أن أخبرك ألا تتجاوز حدودك. عصيدتها هو نظام غذائي كامل يركز على هضم كامل وإستعادة القدرة على التحمل. ولماذا تقول أنك لا تريد أن تأكل طعامها عندما كنت تأكله بشكل جيد في حياتك الماضية؟” قالت كريستينا.
إحتضنها يوجين على الفور وأخذها داخل عباءته. بغض النظر عما حدث هنا، ستكون بخير في الفضاء المعزول داخل العباءة. تمكنت مير أخيرًا من التنفس بعد دخوله عباءة الظلام.
– ولكن بدلا من أن تقول لي هذه القصص، يمكنك أن تأخذني إلى هناك في يوم من الأيام، صحيح؟
[الـ-الـ-السير يوجين.]
‘اغغ….’ السخط في أفكار كريستينا واضحا.
[هامل.]
توقف هابيل فجأة. بعد الشم، حدق في العاصفة الثلجية مع أذنيه المدببتان. ومع ذلك، لم يرتبك أو يصدر صرخات تهديد مثل عندما شعر بوحش. حذا يوجين حذوه وتوقف في مكانه دون أن يتجاوز هابيل. ظهر ضوء برتقالي ساطع مضيء من الجانب البعيد من العاصفة الثلجية، عندما توقفت كريستينا، التي كانت تتابع عن كثب وراء الإثنين.
نادت مير بصوت مذعور، وتحدث تيمبست من داخل وينِد أيضًا. قبل أن يعرف ذلك، وصلت كريستينا إلى جانبه. وبالمثل، هي تنظر إلى يوجين بتعبير شاحب.
“هامل.” نادت، لكنها ليست كريستينا. مثل مير، فقدت كريستينا وعيها في الوقت الحالي، ونقلت السيطرة إلى انيسيه.
“نـور؟” سألت كريستينا.
“نعم.” أومأ يوجين برأسه.
– النـور هو وحش، لكنه يختلف عن الوحوش الأخرى. إنه ليس وحشًا شيطانيًا أيضًا. أنا متأكد من أنك ستشعر بذلك عندما تراه، لكن شرحه بالكلمات أمر مستحيل.
فووش!
“أوقفي نفث هذا هراء. ستذهبين مع كريستينا، أو يمكنك الذهاب مع سيل.”
تكشفت ثمانية أجنحة خلف ظهر انيسيه، وإستخدم يوجين صيغة اللهب الأبيض ليغطي نفسه باللهب الأرجواني. لم يتردد الإثنان أثناء خروجهما من الحاجز. لم يعد الثلج يتساقط، بشكل غير طبيعي. ببساطة توقف تساقط للثلوج من السماء، كما لو أن هذه الظاهرة قد توقفت بشكل مصطنع. ومع ذلك، لا يزال العالم يبدو ضبابيًا كما كان من قبل.
يقع حقل الثلج الشاسع الذي عبروه في الطرف الشمالي من مملكة الرور الشمالية، وليهينجار هو جبل ثلجي يقف شامخًا في أقصى الطرف الشمالي من حقل الثلج. إنه حافة الرور.
– نعم….
ركض الإثنان وطارا نحو وجهتهما، لكن يبدو أن المسافة إلى هدفهما لم تتغير على الإطلاق. لم يعرف يوجين ما الذي يشعر به الآن. بالإضافة إلى مشاعر سلبية أخرى مماثلة. شعر غريزيًا بالصدمة من وادي المطرقة العظيمة. لم يرغب في الإقتراب منه. في الواقع، أراد أن يبتعد عنه قدر الإمكان. ومع ذلك، على الرغم من أنه شعور غير مألوف، إلا أنها ليست المرة الأولى التي يعاني فيها من مثل هذه المشاعر.
بالطبع، الثلج والبرد في ليهينجار لا يضاهي عاصفة سيينا الثلجية، وبالتأكيد ليست قوية بما يكفي لكسر جمجمة يوجين أو عظامه، حتى لو ظل في العراء لعدة أيام. ومع ذلك، لم يملك أي خطط للمعاناة من الضرب الدائم، لذلك ألقى تعويذة حوله لصد الثلج والصقيع.
بقدر ما هي صبورة، شعرت أيضا بالتعب الشديد من هذا الجبل. بصرف النظر عن هجوم نوير جيابيلا، أو بالأحرى التحية المؤذية، لم يواجهوا أي صعوبات. تجنبتهم معظم الوحوش بسبب وجود يوجين، ويمكن تحمل العاصفة الثلجية أيضًا.
لقد إختبرها مرة واحدة، قبل ثلاثمائة عام.
“هل يمكن أن تكون….هل كانت نوير جيابيلا؟ هل حفرت تلك الفاسقة العجوز القذرة في حلمك؟” سأل يوجين.
قال مولون إن مثل هذا الشيء غير موجود منذ ثلاثمائة عام. هل تشير أسطورة العائلة الملكية إلى النـور؟ تأسست مملكة الرور من قبل مولون. ألم يكن هذا يعني أن أسطورة وادي المطرقة العظيمة نشأت أيضًا من مولون؟
‘لماذا؟’
“ماذا يعني ذلك؟” إستفسر يوجين بتفاجئ.
شارك يوجين وانيسيه نفس السؤال. لقد عانوا من نفس الخوف الذي لا يقاوم مرة واحدة من قبل، وهو الخوف الذي رأوه ولكن لم يفهموه. إنه ينتمي إلى أحد أهدافهم التي يجب القضاء عليها، وهو وجود لا يمكن فهمه.
فكر يوجين في الوضع مرة أخرى. ليس الأمر كما لو أنه يستطيع رؤية ملك الدمار الشيطاني بعينيه، فقط أنه أصيب بنفس الشعور، أو بالأحرى، شعور مماثل عندما واجه ملك الدمار الشيطاني في الماضي.
‘لماذا هنا؟’
– ماذا تقصد بذلك؟
ملك الدمار الشيطاني.
– إنقلع!
كان الوجود الغامض غير القابل للتفسير موجودًا في هيلموث قبل ثلاثمائة عام. كما هو الحال مع ملوك الشياطين الآخرين، لم يغادر ملك الدمار الشيطاني هيلموث أبدًا، ونادرًا ما أظهر نفسه.
المرة الأولى التي شوهد وجوده فيها كان في رافيستا، حيث قُتِلَ معظم التنانين. إنه مكان بعيد عن عاصمة هيلموث، بانديمونيوم، وأيضًا أراضي ملك الدمار الشيطاني. بعد الإكتشاف الأول، بدأ ملك الدمار الشيطاني يتجول في هيلموث مثل كارثة طبيعية، وتم القضاء على أي جيوش سيئة الحظ بما يكفي للوقوف في طريق الدمار دون استثناء. قبل ثلاثمائة عام، عندما رأى هامل ورفاقه ملك الدمار الشيطاني من بعيد، إختفى خمسون ألف جندي ينتمون إلى نهاما دون أن يتركوا جثة واحدة.
“نـور؟” تمتم يوجين أثناء النظر إلى الوحش. ورأى العيون البشعة تنظر إلى وجهه. فُتِحَ فم المخلوق على مصراعيه لإفساح المجال لِـلسانٍ طويل بشكل غريب. يقطر اللعاب الأسود من أسنانه الحادة ولسانه المنزلق.
الأمر بالضبط كما حذره فيرموث — لا تقاتل ملك الدمار الشيطاني. إنه مثل هذا الوجود، وجود يستحيل محاربته. نعم، صحيح أن جميع ملوك الشياطين هم مثل الكوارث الطبيعية، لكن ملك الدمار الشيطاني هو دمارٌ حي في حد ذاته. العزاء الوحيد هو أن ملك الدمار الشيطاني لم يعد يتجول في هيلموث بعد الحرب ولكنه عاد إلى رافيستا وظل صامتًا لمئات السنين.
لم يستطع يوجين أن يفهم. هذه ليست هيلموث. بدلًا من ذلك، هذه ليهينجار، وهو جبل يعمل كحاجز يسد الممر إلى راجوياران، التي تمثل نهاية العالم. إذن ما السبب الذي جعل ملك الدمار الشيطاني يغادر أراضيه، رافيستا، بعد مئات السنين من الصمت لمجرد أن يأتي على طول الطريق إلى ليهينجار؟
– هل ستذهب معي إلى حقل الثلج؟
‘….لا، هذا مختلف.’
– بايار تعني الشجاعة في لغة حقل الثلج. لذا فإن محارب بايار يعني محاربًا شجاعًا. أنا مولون بايار، مولون الشجاع.
فكر يوجين في الوضع مرة أخرى. ليس الأمر كما لو أنه يستطيع رؤية ملك الدمار الشيطاني بعينيه، فقط أنه أصيب بنفس الشعور، أو بالأحرى، شعور مماثل عندما واجه ملك الدمار الشيطاني في الماضي.
تغير الكثير بمجرد دخولهم إلى ليهينجار. أولًا، الطقس فظيع. الثلج لا يتساقط بلا توقف تمامًا في حقل الثلج، على الرغم من أنه كذلك في كثير من الأحيان، ولكن هناك أوقات أرسلت فيها الشمس دافئة. لكن من الصعب جدا رؤية الشمس في ليهينجار. بالطبع، ستكون الشمس مُعَلقة في مكان ما في السماء، لكن العاصفة الثلجية المجنونة جعلت من المستحيل حتى تحديد لون السماء. مع تساقط الثلوج دون توقف هكذا، من الصعب التفكير في بلورات الثلج البيضاء التي لا تنتهي أبًدا على أنها أي شيء آخر غير القمامة البسيطة.
‘هذا ليس هو نفسه. فقط إنظر إلي الآن؛ على الرغم من أنني أشعر بذلك، فأنا لا أهرب. أنا متجه نحوه. ما أمامنا ليس ملك الدمار الشيطاني.’ فكر يوجين.
[ألا تعرفين؟ يساعد النبيذ على التخلص من أي رائحة نفاذة للحوم ويعزز نكهة الطبق.]
إذن ما هو؟ التفسير الأول الذي جاء إلى ذهنه هو أوبيرون، أحد ملوك الغضب الأربعة السماويين. بعد وفاة ملك الغضب الشيطاني، إستسلم أوبيرون لملك الدمار الشيطاني. في النهاية، قُتِلَ على يد إبنه، لكن جاغون لا يزال يقيم في رافيستا، إقليم ملك الدمار الشيطاني.
– هامل، إذا ذهبت معي إلى حقل الثلج، فسوف أساعدك في الحصول على ثاني أجمل محاربة من قبيلتنا.
‘خادم الدمار؟ هل هذا هو السبب في أنني أشعر بهذه الطريقة؟ إنه ليس ملك الدمار الشيطاني، ولكن الشخص الذي حصل على قوته….’
– إنقلع!
(**للتذكير دائمًا ما يُشار إلى ملك الدمار بالضمير it أي أنه ليس ذكرًا ولا أنثى بل شيء.)
لم يستطِع أن يعرف يقينًا. لم يستطع يوجين إصدار حكم دقيق، لذلك قرر التخلي عن المزيد من التحليل حتى يرى ما هو المسؤول عن جعله يشعر بمثل هذه الأشياء. توصلت انيسيه إلى نفس النتيجة. لم يُصَب أي منهما برغبة لا تقاوم في الفرار كما حدث قبل ثلاثمائة عام.
لم يستطِع أن يعرف يقينًا. لم يستطع يوجين إصدار حكم دقيق، لذلك قرر التخلي عن المزيد من التحليل حتى يرى ما هو المسؤول عن جعله يشعر بمثل هذه الأشياء. توصلت انيسيه إلى نفس النتيجة. لم يُصَب أي منهما برغبة لا تقاوم في الفرار كما حدث قبل ثلاثمائة عام.
تحرك شيء ما على جرف وادي المطرقة العظيمة.
[لذلك ليس عليك الإختباء أو الكذب على نفسك….اوهيهيهي….] واصلت انيسيه إغاظتها.
“جاغون….” تمتم يوجين بعد أن توقف. شعر كما لو أنه لم يقترب على الإطلاق، ولكن قبل أن يعرف ذلك، وصل الإثنان بالفعل إلى قاع الجرف. “….لا، لا يبدو مثله.”
والد جاغون، ناشر الفساد أوبيرون، هو دُب، لذلك سيكون جاغون أيضا دُبًا. لكن ما وقف فوق الجرف ليس دبًا. بدلًا من ذلك، إنه….قرد؟ إنه إما قرد أو غوريلا بحجم عملاق. على الرغم من ظهور قرون شريرة من رأسه، إلا أن المخلوق يشبه القرد بالتأكيد. إنه وحش ضخم ذو رجلين وذراعين مع فرو أبيض. لا، هل هو وحش شيطاني….؟ الهالة المشؤومة المنبعثة من المخلوق مشابهة لهالة الوحوش الشيطانية، لكنها ليست نفسها تمامًا. علاوة على ذلك، الشعور البغيض الذي أصاب قلب يوجين مختلفٌ عن الوحوش الشيطانية.
خرجت من الخيمة. داخل الخيمة مظلم بما يكفي للنوم بشكل مريح، لكن الشيء نفسه لا ينطبق على الخارج. على الرغم من أن كل شيء بدا غامضًا وضبابيًا بسبب العاصفة الثلجية الشديدة، إلا أن الشمس جلست ثابتة في السماء. مشهد مألوف. الغريب أن الشمس لم تغرب أبدًا بعد دخولهم إلى ليهينجار.
~
“لن أفعل.”
– النـور هو وحش، لكنه يختلف عن الوحوش الأخرى. إنه ليس وحشًا شيطانيًا أيضًا. أنا متأكد من أنك ستشعر بذلك عندما تراه، لكن شرحه بالكلمات أمر مستحيل.
“حسنا…..هذا لأنه لم يكُن لدينا خيار آخر. وكان هناك سيينا، التي هي أسوأ في الطهي من انيسيه….” تمتم يوجين.
~
تذكر يوجين تحذير الحارس منذ يومين.
“هذا أخافني.”
“نـور؟” تمتم يوجين أثناء النظر إلى الوحش. ورأى العيون البشعة تنظر إلى وجهه. فُتِحَ فم المخلوق على مصراعيه لإفساح المجال لِـلسانٍ طويل بشكل غريب. يقطر اللعاب الأسود من أسنانه الحادة ولسانه المنزلق.
– قبيلة بايار تحمي حدود القارة.
وماذا عن النـور؟
“كررر.”
خفض المخلوق جسده كما لو أنه يستعد للقفز من الجرف. وضع يوجين يده داخل العباءة لإخراج سلاح.
كان الوجود الغامض غير القابل للتفسير موجودًا في هيلموث قبل ثلاثمائة عام. كما هو الحال مع ملوك الشياطين الآخرين، لم يغادر ملك الدمار الشيطاني هيلموث أبدًا، ونادرًا ما أظهر نفسه.
جاء الضوء من حراس ليهينجار. مُرتدينَ سترات شتوية سميكة ويحملون فوانيس سحرية ينبعث منها وهج برتقالي في أيديهم. بدا ذلك ملحوظًا جدًا حتى من مسافة بعيدة، لكن أحجامهم الكبيرة صارت أكثر وضوحًا عندما إقتربوا. توقف الحراس الثلاثة على مسافة من يوجين والآخرين. طول كل منهم أكثر من مترين.
فووش.
[كريستينا، هل سمعتِ ذلك؟ تلك المخلوقة السحرية الماكرة تحاول إغواء هامل.] قال انيسيه بإنفعال.
ولكن قبل أن يتمكن يوجين من إخراج سلاح، سقط رأس الوحش على الأرض. بدأ الثلج يتساقط مرة أخرى، وفي موجة بيضاء، قام عملاق بوضع فأس نظيف ولامع فوق كتفه.
صوته أجش وغير واضح. بدا بارعًا في الإستماع والتحدث باللغة المشتركة، لكن نطقه ليس دقيقًا تمامًا. من الصعب تحديد وجوههم بسبب ملابسهم السميكة والقبعات والنظَّارات الواقية، لكن يوجين إفترض أنهم من نسل قبيلة بايار.
نظر كل من يوجين ومير إليها بعد الصراخ المفاجئ. قفزت كريستينا على قدميها، وفتحت وأغلقت شفتيها، ثم صفعت خديها المحترقين بكلتا يديها.
نظر يوجين إلى الجرف، غير قادر على قول أي شيء. هو الآن يرى شخصا يخطو على الرأس المقطوع.
فووش!
[هذا هو الجزء الشمالي من القارة، بعد كل شيء.] علَّقت انيسيه.
“….مولون.”
“ما الخطأ مع هذا الجبل؟ الأمر يبدو وكأن سيينا قد ألقت تعويذة واسعة النطاق عليه.” تذمر يوجين بينما هو ينظر إلى الثلج والجليد.
تحدث يوجين بإسم صديقه منذ ثلاثمائة عام.
“لكن ماذا لو إفتقدتني؟ أليس كذلك؟ قد ترغب في رؤيتي.”
[أوه، يا….أنا لا أتحدث إلى قديسة النور. أنا أتحدث إلى كريستينا روجرس. لماذا لا تزالين تحاولين إخفاء ذلك، كريستينا روجرس؟ الوحيد الذي يراك الآن هو….هيهيهي، إنه أنا فقط.]
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
