نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

جمرات البحر العميق 123

مختوم في الذاكرة

مختوم في الذاكرة

الفصل 123 “مختوم في الذاكرة”

عندما اخترقت الإبرة جلدها، بدا وكأن الغرفة تخضع لتغيير فوري. ارتفع حجم الصوت الخافت سابقًا لأمواج المحيط الوهمية، وأصبح ساحقًا تقريبًا. وفي الوقت نفسه، كانت الشموع التي تزين الغرفة تومض بشكل مشؤوم، ويتضاءل نورها لتنتج ظلالًا مقلقة. كان الهواء كثيفًا كما لو كان مغطى بطبقات من الشاش المتقلب غير الواضح الذي يحوم حول تمثال السماوية. وداخل هذه الطبقات أجزاء من مشاهد وهمية، وهي لمحات مزعجة لما كانت هايدي تخبئه في أعماق ذاكرتها.

تنفست هايدي بشدة من الإرهاق، وركضت نحو فانا، التي كانت تسيطر على الوضع بدرع المعركة الكامل. عندما اقتربت، تقدم الحراس المتمركزون بالقرب غريزيًا إلى الأمام لعرقلة طريقها. عند الفحص الدقيق، أدركوا أن هذه المرأة الأشعث والملطخة بالسخام لم تكن دخيلة عادية؛ كانت مستشارة أولى لكل من قاعة المدينة وكنيسة العاصفة. واعترافًا بوضعها، تنحوا جانبًا على الفور للسماح لها بالمرور.

“إن الحريق في المتحف ليس أمرًا تافهًا على الإطلاق،” ردت فانا باقتضاب. قامت بفحص هايدي من رأسها إلى أخمص قدميها، ولم تتنفس تنفس الراحة إلا بعد أن اقتنعت بأن صديقتها لم تصب بأذى جسدي. “أعتقد أن خطط إجازتك قد تبخرت مرة أخرى.”

“هل أنت فعلًا المسؤولة هنا؟” صرخت هايدي واتسعت عيناها من المفاجأة عندما نظرت إلى فانا. ثم قامت بسرعة بمسح قوات الكنيسة المدربة تدريبًا عاليًا والتي أحضرتها فانا معها. “لقد جمعت هذا العدد من الأيدي؟”

“بالتأكيد، من فضلك اتبعني. المصلى ليس بعيدًا عن هنا،” أومأ الكاهن برأسه، وهو لا يزال في حالة ذهول طفيف من محنته الأخيرة.

“إن الحريق في المتحف ليس أمرًا تافهًا على الإطلاق،” ردت فانا باقتضاب. قامت بفحص هايدي من رأسها إلى أخمص قدميها، ولم تتنفس تنفس الراحة إلا بعد أن اقتنعت بأن صديقتها لم تصب بأذى جسدي. “أعتقد أن خطط إجازتك قد تبخرت مرة أخرى.”

أخيرًا، كان الأمر كما لو أن نسيم البحر هب بلطف عبر عقلها، ورطب أفكارها وأعادها إلى الواقع. لقد كان الوجود المريح لسماوية العاصفة هو الذي أعادها إلى رشدها. حولت نظرها إلى هايدي التي التقت بعينيها تعبيرًا عن الدهشة المطلقة.

“لقد تصاعد الدخان مرة أخرى، على وجه الدقة!” قالت هايدي بصوت يشوبه الاستسلام. “لماذا يلاحقني الحظ السيئ دائمًا؟ اه رأسي يؤلمني…”

“لا يمكن أن يكون هذا مجرد نوع من العرض،” أعلنت فانا بشكل قاطع، وكان صوتها مشوبًا بمزيج من الشك والقلق. “حتى بدون فهم الأبعاد أو الحدود الدقيقة لما رأيته، يخبرني شعوري الغريزي أن هذه الرؤية واسعة جدًا، وعالمية جدًا بحيث لا يمكن وضعها داخل أي هيكل. إنه شيء لا يمكن أن يتجلى في عالمنا المادي.”

لاحظت فانا الورم الكبير المؤلم على جبين هايدي، فلمست بلطف المنطقة المحيطة بالإصابة بإصبعها. عقدت حواجبها معًا وهي تنظر إلى الاتجاه الذي أتت منه هايدي. “هل تمكنت من الهروب من مكان ما؟”

“إن الحريق في المتحف ليس أمرًا تافهًا على الإطلاق،” ردت فانا باقتضاب. قامت بفحص هايدي من رأسها إلى أخمص قدميها، ولم تتنفس تنفس الراحة إلا بعد أن اقتنعت بأن صديقتها لم تصب بأذى جسدي. “أعتقد أن خطط إجازتك قد تبخرت مرة أخرى.”

“لقد أُنقذت بالفعل… آه، هذا يبدو أفضل بكثير،” قالت هايدي وهي تشعر بأن الألم في جبهتها بدأ يهدأ. ازداد انتباهها حدة، وبعد توقف مؤقت، نظرت حولها على عجل. اقتربت من فانا وقالت، “أحتاج إلى أن أكون في مكان هادئ ومقدس، مثل مُصلى، في أقرب وقت ممكن.”

“مستوى سحيق،” قاطعتها هايدي بصوت منخفض ولكن عاجل.

شعرت فانا بالحاجة الملحة لتحول هايدي المفاجئ إلى نبرة أكثر جدية، ولم تهدر أي وقت. وجهت أوامرها إلى رجال الدين في فريقها. “تولوا المسؤولية هنا. أغلقوا المتحف على الفور. ارفع تنبيه التلوث إلى مستوى الروح-“

“أنا واثقة مما فعلته،” أجابت هايدي، والتقت عيناها بعيني فانا وهي تومئ برأسها ببطء وبتعمد. “خلال سنوات التدريب المتخصص التي أمضيتها في أكاديمية الحقيقة، قمت بصقل مهاراتي لاحتواء المعلومات الخطرة أو المزعجة تلقائيًا داخل عقلي الباطن، حتى لو كان وعيي الرئيسي معرضًا للخطر أو عاجزًا مؤقتًا. العيب هو أن العملية ليست دقيقة. وينتج عن ذلك فجوات في الذاكرة، مما يجعلني غير قادر على تذكر العديد من التفاصيل أو الظروف الدقيقة التي واجهت فيها هذا “الإسقاط”. لا أستطيع حتى أن أخبرك ما الذي كان بمثابة الوسيط أو المحفز لهذه الرؤية.”

“مستوى سحيق،” قاطعتها هايدي بصوت منخفض ولكن عاجل.

تفحصت فانا وجه هايدي للحظة أطول قبل أن تطلق تنهيدة خافتة، بينما ينخفض كتفيها قليلًا كما لو أنها تتخلص من عبء ثقيل. “في هذه الحالة، يجب أن أثق بخبرتك. يبدو أنك قد تواصلتِ حقًا مع شيء يتجاوز فهمنا النموذجي لما هو خارق للطبيعة.”

“التكيف مع المستوى السحيق، إذن. وأجلوا جميع المدنيين ضمن دائرة نصف قطرها 200 متر من هذه الساحة!” أمرت فانا وقلبها ينبض بالقلق. ثم التفتت إلى كاهن محلي، ذو لحية قصيرة، كان قد نجا للتو من الحريق. “خذنا إلى أقرب كنيسة. سنحتاج إلى غرفة خاصة للصلاة، ونجهز البخور رقم 16.”

“لقد أُنقذت بالفعل… آه، هذا يبدو أفضل بكثير،” قالت هايدي وهي تشعر بأن الألم في جبهتها بدأ يهدأ. ازداد انتباهها حدة، وبعد توقف مؤقت، نظرت حولها على عجل. اقتربت من فانا وقالت، “أحتاج إلى أن أكون في مكان هادئ ومقدس، مثل مُصلى، في أقرب وقت ممكن.”

“بالتأكيد، من فضلك اتبعني. المصلى ليس بعيدًا عن هنا،” أومأ الكاهن برأسه، وهو لا يزال في حالة ذهول طفيف من محنته الأخيرة.

تفحصت فانا وجه هايدي للحظة أطول قبل أن تطلق تنهيدة خافتة، بينما ينخفض كتفيها قليلًا كما لو أنها تتخلص من عبء ثقيل. “في هذه الحالة، يجب أن أثق بخبرتك. يبدو أنك قد تواصلتِ حقًا مع شيء يتجاوز فهمنا النموذجي لما هو خارق للطبيعة.”

غادرت فانا وهايدي الساحة بسرعة، وركبتا سيارة مع الكاهن الذي قادهما إلى كنيسة مجتمعية قريبة. بينما كانوا في طريقهم، لاحظت فانا أن بشرة هايدي بدأت تتحول إلى درجة مثيرة للقلق من اللون الأحمر.

لاحظت فانا الورم الكبير المؤلم على جبين هايدي، فلمست بلطف المنطقة المحيطة بالإصابة بإصبعها. عقدت حواجبها معًا وهي تنظر إلى الاتجاه الذي أتت منه هايدي. “هل تمكنت من الهروب من مكان ما؟”

“ماذا يحدث؟” لمست فانا جبين هايدي، وكان وجهها يتجعد من القلق إذ شعرت بحرارة غير طبيعية تنبعث من بشرتها. “لماذا ترتفع درجة حرارتك؟”

“إن الحريق في المتحف ليس أمرًا تافهًا على الإطلاق،” ردت فانا باقتضاب. قامت بفحص هايدي من رأسها إلى أخمص قدميها، ولم تتنفس تنفس الراحة إلا بعد أن اقتنعت بأن صديقتها لم تصب بأذى جسدي. “أعتقد أن خطط إجازتك قد تبخرت مرة أخرى.”

“أعتقد أنني ربما تعرضت لشيء ما في المتحف،” ردت هايدي على عجل، وكان صوتها مليئًا بإحساس بالإلحاح. “لقد استخدمت تقنيات التنويم المغناطيسي الذاتي لحجب بعض المعلومات الهامة بشكل مؤقت داخل ذاكرتي. لقد رُفع الختم المنوم للتو… وبدأت الذكريات في الظهور من جديد.”

غادرت فانا وهايدي الساحة بسرعة، وركبتا سيارة مع الكاهن الذي قادهما إلى كنيسة مجتمعية قريبة. بينما كانوا في طريقهم، لاحظت فانا أن بشرة هايدي بدأت تتحول إلى درجة مثيرة للقلق من اللون الأحمر.

بينما شاركت هايدي تجربتها، استمعت فانا بعناية، واتسعت عيناها تدريجيًا وهي تتعامل مع خطورة الموقف. لقد غمرها إدراك تقشعر له الأبدان – أن هايدي كانت ملوثة بشذوذ خارق للطبيعة شديد، قوي جدًا لدرجة أنه يمكن أن يؤثر على نسيج العالم الحقيقي فقط من خلال فعل التذكر.

أخيرًا، كان الأمر كما لو أن نسيم البحر هب بلطف عبر عقلها، ورطب أفكارها وأعادها إلى الواقع. لقد كان الوجود المريح لسماوية العاصفة هو الذي أعادها إلى رشدها. حولت نظرها إلى هايدي التي التقت بعينيها تعبيرًا عن الدهشة المطلقة.

“توقفي عن التفكير في الأمر. أبطئي عمليات تفكيرك،” أمرت فانا بصرامة، وقبضت يديها على أكتاف هايدي للتأكيد. “ركزي على عيني وحوّلي انتباهك إلى شيء آخر. إذا لم تتمكني من إدارة ذلك، حاولي التنويم المغناطيسي الذاتي مرة أخرى.”

“ماذا يحدث؟” لمست فانا جبين هايدي، وكان وجهها يتجعد من القلق إذ شعرت بحرارة غير طبيعية تنبعث من بشرتها. “لماذا ترتفع درجة حرارتك؟”

“سأحاول،” قالت هايدي وهي تستنشق بعمق لتثبت أفكارها المتسارعة. نظرت إلى عيني فانا، اللتين كانتا هادئتين ولا قاع لهما مثل البحر الهادئ. على الرغم من بذل قصارى جهدها لاحتواءهم، استمرت ذكريات السيول الهائلة المشتعلة من النار ومحيط فوضوي من النيران في فراغ عديم الضوء في اختراق دفاعاتها العقلية، وتسللت إلى وعيها مثل الدم من جرح مفتوح حديثًا.

“هل أنت فعلًا المسؤولة هنا؟” صرخت هايدي واتسعت عيناها من المفاجأة عندما نظرت إلى فانا. ثم قامت بسرعة بمسح قوات الكنيسة المدربة تدريبًا عاليًا والتي أحضرتها فانا معها. “لقد جمعت هذا العدد من الأيدي؟”

عندها فقط، بدا أن إحساسًا خفيًا ولكن مميزًا بالبرودة ينشأ من صدرها، ويسحبها إلى الخلف نحو الوضوح العقلي. نظرت إلى الأسفل فرأت “قلادة الكريستال” الزجاجية المتواضعة التي اشترتها من متجر للتحف في الجزء السفلي من المدينة، تتوهج بهدوء. على الرغم من أن الضوء كان خافتًا جدًا بحيث لا يمكن ملاحظته، إلا أنه كان بمثابة مرساة، حيث ربط وعيها المنهك بواقع هنا والآن.

فكرت هايدي في ذلك، وعقدت حاجبيها معًا بتركيز عميق. وبعد توقف طويل، تحدثت أخيرًا، واختارت كلماتها بعناية. “من الممكن أن ما شاهدته قد حدث وأنا فاقدة للوعي. لقد بدأت حالة من التنويم المغناطيسي الذاتي خلال تلك المرحلة اللاواعية. ما رأيته قد لا يكون شكله المادي أو الأساسي، بل نوعًا من “الإسقاط” الذي طبع نفسه على مشهدي العقلي.”

“لقد وصلنا إلى المصلى،” جاء صوت الكاهن من مقدمة السيارة، ليعيد المرأتين إلى اللحظة الحالية.

ردت هايدي بإيماءة هادئة، ثم شرعت في فك أحد أقراطها. بدت قطعة المجوهرات عادية، ولكن عندما فتحتها بمهارة بأظافرها، كشف عن حجرة مخفية تحتوي على إبرة بلاتينية رفيعة يبلغ طولها بضعة ملليمترات فقط.

مع قيادة فانا – التي تحظى بالاحترام باعتبارها قديسة هائلة – في المقدمة، اصطحبت هايدي بسرعة إلى الكنيسة المحلية. جُهزت غرفة صلاة خاصة مسبقًا، وضخمت قدسيتها من خلال حرق البخور المصممة خصيصًا والتي تنضح بخصائص مهدئة ووقائية. كان هذا التحضير ممكناً بفضل بصيرة الكاهن وتواصله الصوفي مع طاقم الكنيسة.

“مستوى سحيق،” قاطعتها هايدي بصوت منخفض ولكن عاجل.

عندما دخلوا الغرفة، كانوا محاطين بضباب خفيف من البخور العطري. سيطر على الفضاء تمثال لسماوية العاصفة جومونا، وكان تعبيرها تعبيرًا عن اليقظة الأبدية. بقي الكاهن خارج الغرفة، حذرًا من التلوث النفسي المحتمل الذي قد ينتشر.

“ماذا يحدث؟” لمست فانا جبين هايدي، وكان وجهها يتجعد من القلق إذ شعرت بحرارة غير طبيعية تنبعث من بشرتها. “لماذا ترتفع درجة حرارتك؟”

بمجرد دخولها، شعرت فانا فجأة بأصوات أمواج المحيط الوهمية تملأ أذنيها. رافق هذه التجربة السمعية إحساس غريب بأنهما كانا تحت رقابة كيان أعلى وقوي. وبالتزامن مع هذا الشعور، ومضت كل شمعة في غرفة الصلاة ثم اشتعلت، وتراقصت ألسنة اللهب بعنف وتشققت بقوة تكاد تكون صوتية.

“إن السماوسة تراقبنا،” فكرت فانا، وقد انزعجت في البداية من الأحداث الغامضة المفاجئة ولكنها سرعان ما ارتاحت عندما لاحظت عودة اللون إلى وجه هايدي المحمر سابقًا. “أنت آمنة الآن. اسمحي لذكرياتك بالظهور من جديد؛ لنكشف ما رأيتيه واختبرتيه.”

عندما حولت فانا نظرتها مرة أخرى إلى تمثال سماوية العاصفة، بدا أنها تخضع لعملية تحول. أصبح التمثال الآن ينضح بعظمة بعيدة وشاهقة. انبعثت منها هالة لا توصف من التبجيل المهيب، ركزت ببطء ولكن بحزم على هايدي.

“أعتقد أنني ربما تعرضت لشيء ما في المتحف،” ردت هايدي على عجل، وكان صوتها مليئًا بإحساس بالإلحاح. “لقد استخدمت تقنيات التنويم المغناطيسي الذاتي لحجب بعض المعلومات الهامة بشكل مؤقت داخل ذاكرتي. لقد رُفع الختم المنوم للتو… وبدأت الذكريات في الظهور من جديد.”

“إن السماوسة تراقبنا،” فكرت فانا، وقد انزعجت في البداية من الأحداث الغامضة المفاجئة ولكنها سرعان ما ارتاحت عندما لاحظت عودة اللون إلى وجه هايدي المحمر سابقًا. “أنت آمنة الآن. اسمحي لذكرياتك بالظهور من جديد؛ لنكشف ما رأيتيه واختبرتيه.”

“ربما… نعم،” تلعثمت هايدي، وقلبها ما زال ينبض. لقد تجاوزت شدة الذاكرة، التي تضخمت من خلال عملية التنويم الذاتي، حتى أكثر تخميناتها جموحًا. “لكن هذه الرؤية، وهذه القوة – لا يبدو أنها شيء يمكن “عرضه” على الإطلاق في متحف أو أي مكان آخر نعرفه…”

ردت هايدي بإيماءة هادئة، ثم شرعت في فك أحد أقراطها. بدت قطعة المجوهرات عادية، ولكن عندما فتحتها بمهارة بأظافرها، كشف عن حجرة مخفية تحتوي على إبرة بلاتينية رفيعة يبلغ طولها بضعة ملليمترات فقط.

“توقفي عن التفكير في الأمر. أبطئي عمليات تفكيرك،” أمرت فانا بصرامة، وقبضت يديها على أكتاف هايدي للتأكيد. “ركزي على عيني وحوّلي انتباهك إلى شيء آخر. إذا لم تتمكني من إدارة ذلك، حاولي التنويم المغناطيسي الذاتي مرة أخرى.”

وبدون تردد للحظة، قبضت على القرط بقوة وسمحت للإبرة باختراق جلد كفها. تدفق الدم حول نقطة الدخول وبدأ يسيل على يدها. كان هذا الفعل أكثر من مجرد إيذاء الذات. لقد كان محفزًا عقليًا قامت بتثبيته بدقة داخل نفسها خلال سنواتها الأولى كمعالجة نفسية. سيكون الإحساس الثاقب للإبرة البلاتينية بمثابة حافز لفتح وإزالة أي ذكريات سامة أو حواجز فكرية قامت ببنائها في ذهنها بوعي أو بغير وعي.

“لقد أُنقذت بالفعل… آه، هذا يبدو أفضل بكثير،” قالت هايدي وهي تشعر بأن الألم في جبهتها بدأ يهدأ. ازداد انتباهها حدة، وبعد توقف مؤقت، نظرت حولها على عجل. اقتربت من فانا وقالت، “أحتاج إلى أن أكون في مكان هادئ ومقدس، مثل مُصلى، في أقرب وقت ممكن.”

عندما اخترقت الإبرة جلدها، بدا وكأن الغرفة تخضع لتغيير فوري. ارتفع حجم الصوت الخافت سابقًا لأمواج المحيط الوهمية، وأصبح ساحقًا تقريبًا. وفي الوقت نفسه، كانت الشموع التي تزين الغرفة تومض بشكل مشؤوم، ويتضاءل نورها لتنتج ظلالًا مقلقة. كان الهواء كثيفًا كما لو كان مغطى بطبقات من الشاش المتقلب غير الواضح الذي يحوم حول تمثال السماوية. وداخل هذه الطبقات أجزاء من مشاهد وهمية، وهي لمحات مزعجة لما كانت هايدي تخبئه في أعماق ذاكرتها.

غادرت فانا وهايدي الساحة بسرعة، وركبتا سيارة مع الكاهن الذي قادهما إلى كنيسة مجتمعية قريبة. بينما كانوا في طريقهم، لاحظت فانا أن بشرة هايدي بدأت تتحول إلى درجة مثيرة للقلق من اللون الأحمر.

لقد كانت لقطة مرعبة لبعض الواقع القاسي الذي لا يمكن فهمه.

بمجرد دخولها، شعرت فانا فجأة بأصوات أمواج المحيط الوهمية تملأ أذنيها. رافق هذه التجربة السمعية إحساس غريب بأنهما كانا تحت رقابة كيان أعلى وقوي. وبالتزامن مع هذا الشعور، ومضت كل شمعة في غرفة الصلاة ثم اشتعلت، وتراقصت ألسنة اللهب بعنف وتشققت بقوة تكاد تكون صوتية.

رأت فانا، التي علقت داخل هذه الحجب الضبابية، الصور التي أثارت قلق هايدي للغاية: سيل ناري هائل وكارثي اندلع في الفراغ، ولهب لا يشبه أي شيء أنتجه العالم البشري على الإطلاق. كان الحريق ساحقًا، ويمتلك طاقة مذهلة تقزم أي قوة من صنع الإنسان. الأمر كما لو كانت تراقب محيطًا من النار، مدًا هائلًا لدرجة أنه هدد بابتلاع كل شيء في أعقابه. حتى فانا، وهي قديسة تتمتع بقوة روحية كبيرة، وجدت عضلاتها تتوتر لا إراديًا عند المشهد.

“هل أنت فعلًا المسؤولة هنا؟” صرخت هايدي واتسعت عيناها من المفاجأة عندما نظرت إلى فانا. ثم قامت بسرعة بمسح قوات الكنيسة المدربة تدريبًا عاليًا والتي أحضرتها فانا معها. “لقد جمعت هذا العدد من الأيدي؟”

كان حجم الحريق لا يمكن تصوره. هل امتد مئات الآلاف من الكيلومترات؟ ملايين؟ أم أنها كانت أكثر توسعية؟ هل كانت هذه مجرد نار، أم أنها كانت مظهرًا لقوة أكثر بدائية تصطدم بنسيج الحقيقة الوجودية؟

“أعتقد أنني ربما تعرضت لشيء ما في المتحف،” ردت هايدي على عجل، وكان صوتها مليئًا بإحساس بالإلحاح. “لقد استخدمت تقنيات التنويم المغناطيسي الذاتي لحجب بعض المعلومات الهامة بشكل مؤقت داخل ذاكرتي. لقد رُفع الختم المنوم للتو… وبدأت الذكريات في الظهور من جديد.”

في مرحلة ما، أدركت فانا أنها تحبس أنفاسها. واصلت المشاهدة، مذهولة، بينما ترتفع النيران الشاهقة، وتلتف، ثم تهبط، وتخلق أشكالها المتدفقة رقصة معقدة من الأقواس الكبرى على خلفية الفراغ اللامتناهي. حتى بعد أن تلاشى الوهم وبدأت أصوات المحيط المزعجة في الانحسار، ظلت فانا مذهولة للحظات.

ردت هايدي بإيماءة هادئة، ثم شرعت في فك أحد أقراطها. بدت قطعة المجوهرات عادية، ولكن عندما فتحتها بمهارة بأظافرها، كشف عن حجرة مخفية تحتوي على إبرة بلاتينية رفيعة يبلغ طولها بضعة ملليمترات فقط.

أخيرًا، كان الأمر كما لو أن نسيم البحر هب بلطف عبر عقلها، ورطب أفكارها وأعادها إلى الواقع. لقد كان الوجود المريح لسماوية العاصفة هو الذي أعادها إلى رشدها. حولت نظرها إلى هايدي التي التقت بعينيها تعبيرًا عن الدهشة المطلقة.

“لقد أُنقذت بالفعل… آه، هذا يبدو أفضل بكثير،” قالت هايدي وهي تشعر بأن الألم في جبهتها بدأ يهدأ. ازداد انتباهها حدة، وبعد توقف مؤقت، نظرت حولها على عجل. اقتربت من فانا وقالت، “أحتاج إلى أن أكون في مكان هادئ ومقدس، مثل مُصلى، في أقرب وقت ممكن.”

“هل هذا ما واجهته في المتحف؟” تمكنت فانا أخيرًا من طرح السؤال، وكان صوتها مشوبًا بمزيج من الرهبة والرهبة.

“لقد تصاعد الدخان مرة أخرى، على وجه الدقة!” قالت هايدي بصوت يشوبه الاستسلام. “لماذا يلاحقني الحظ السيئ دائمًا؟ اه رأسي يؤلمني…”

“ربما… نعم،” تلعثمت هايدي، وقلبها ما زال ينبض. لقد تجاوزت شدة الذاكرة، التي تضخمت من خلال عملية التنويم الذاتي، حتى أكثر تخميناتها جموحًا. “لكن هذه الرؤية، وهذه القوة – لا يبدو أنها شيء يمكن “عرضه” على الإطلاق في متحف أو أي مكان آخر نعرفه…”

“إن السماوسة تراقبنا،” فكرت فانا، وقد انزعجت في البداية من الأحداث الغامضة المفاجئة ولكنها سرعان ما ارتاحت عندما لاحظت عودة اللون إلى وجه هايدي المحمر سابقًا. “أنت آمنة الآن. اسمحي لذكرياتك بالظهور من جديد؛ لنكشف ما رأيتيه واختبرتيه.”

“لا يمكن أن يكون هذا مجرد نوع من العرض،” أعلنت فانا بشكل قاطع، وكان صوتها مشوبًا بمزيج من الشك والقلق. “حتى بدون فهم الأبعاد أو الحدود الدقيقة لما رأيته، يخبرني شعوري الغريزي أن هذه الرؤية واسعة جدًا، وعالمية جدًا بحيث لا يمكن وضعها داخل أي هيكل. إنه شيء لا يمكن أن يتجلى في عالمنا المادي.”

عندما اخترقت الإبرة جلدها، بدا وكأن الغرفة تخضع لتغيير فوري. ارتفع حجم الصوت الخافت سابقًا لأمواج المحيط الوهمية، وأصبح ساحقًا تقريبًا. وفي الوقت نفسه، كانت الشموع التي تزين الغرفة تومض بشكل مشؤوم، ويتضاءل نورها لتنتج ظلالًا مقلقة. كان الهواء كثيفًا كما لو كان مغطى بطبقات من الشاش المتقلب غير الواضح الذي يحوم حول تمثال السماوية. وداخل هذه الطبقات أجزاء من مشاهد وهمية، وهي لمحات مزعجة لما كانت هايدي تخبئه في أعماق ذاكرتها.

فكرت هايدي في ذلك، وعقدت حاجبيها معًا بتركيز عميق. وبعد توقف طويل، تحدثت أخيرًا، واختارت كلماتها بعناية. “من الممكن أن ما شاهدته قد حدث وأنا فاقدة للوعي. لقد بدأت حالة من التنويم المغناطيسي الذاتي خلال تلك المرحلة اللاواعية. ما رأيته قد لا يكون شكله المادي أو الأساسي، بل نوعًا من “الإسقاط” الذي طبع نفسه على مشهدي العقلي.”

عندما اخترقت الإبرة جلدها، بدا وكأن الغرفة تخضع لتغيير فوري. ارتفع حجم الصوت الخافت سابقًا لأمواج المحيط الوهمية، وأصبح ساحقًا تقريبًا. وفي الوقت نفسه، كانت الشموع التي تزين الغرفة تومض بشكل مشؤوم، ويتضاءل نورها لتنتج ظلالًا مقلقة. كان الهواء كثيفًا كما لو كان مغطى بطبقات من الشاش المتقلب غير الواضح الذي يحوم حول تمثال السماوية. وداخل هذه الطبقات أجزاء من مشاهد وهمية، وهي لمحات مزعجة لما كانت هايدي تخبئه في أعماق ذاكرتها.

نظرت فانا إلى صديقتها عن كثب، وكانت نظرتها ثاقبة ولكنها لم تكن قاسية. “هايدي، أنت معالجة نفسية ماهرة، وليس لدي أي سبب للشك في قدراتك. لكن عليك أن تعترفي بأن استخدام ختم الاحتواء لاحتجاز الملوثات النفسية أو الخارقة للطبيعة في عقلك أثناء فقدانك للوعي هو مسعى محفوف بالمخاطر، حتى بالنسبة لك.”

“ماذا يحدث؟” لمست فانا جبين هايدي، وكان وجهها يتجعد من القلق إذ شعرت بحرارة غير طبيعية تنبعث من بشرتها. “لماذا ترتفع درجة حرارتك؟”

“أنا واثقة مما فعلته،” أجابت هايدي، والتقت عيناها بعيني فانا وهي تومئ برأسها ببطء وبتعمد. “خلال سنوات التدريب المتخصص التي أمضيتها في أكاديمية الحقيقة، قمت بصقل مهاراتي لاحتواء المعلومات الخطرة أو المزعجة تلقائيًا داخل عقلي الباطن، حتى لو كان وعيي الرئيسي معرضًا للخطر أو عاجزًا مؤقتًا. العيب هو أن العملية ليست دقيقة. وينتج عن ذلك فجوات في الذاكرة، مما يجعلني غير قادر على تذكر العديد من التفاصيل أو الظروف الدقيقة التي واجهت فيها هذا “الإسقاط”. لا أستطيع حتى أن أخبرك ما الذي كان بمثابة الوسيط أو المحفز لهذه الرؤية.”

رأت فانا، التي علقت داخل هذه الحجب الضبابية، الصور التي أثارت قلق هايدي للغاية: سيل ناري هائل وكارثي اندلع في الفراغ، ولهب لا يشبه أي شيء أنتجه العالم البشري على الإطلاق. كان الحريق ساحقًا، ويمتلك طاقة مذهلة تقزم أي قوة من صنع الإنسان. الأمر كما لو كانت تراقب محيطًا من النار، مدًا هائلًا لدرجة أنه هدد بابتلاع كل شيء في أعقابه. حتى فانا، وهي قديسة تتمتع بقوة روحية كبيرة، وجدت عضلاتها تتوتر لا إراديًا عند المشهد.

تفحصت فانا وجه هايدي للحظة أطول قبل أن تطلق تنهيدة خافتة، بينما ينخفض كتفيها قليلًا كما لو أنها تتخلص من عبء ثقيل. “في هذه الحالة، يجب أن أثق بخبرتك. يبدو أنك قد تواصلتِ حقًا مع شيء يتجاوز فهمنا النموذجي لما هو خارق للطبيعة.”

“لقد أُنقذت بالفعل… آه، هذا يبدو أفضل بكثير،” قالت هايدي وهي تشعر بأن الألم في جبهتها بدأ يهدأ. ازداد انتباهها حدة، وبعد توقف مؤقت، نظرت حولها على عجل. اقتربت من فانا وقالت، “أحتاج إلى أن أكون في مكان هادئ ومقدس، مثل مُصلى، في أقرب وقت ممكن.”


 

إن وُجدت أخطاء نحوية، إملائية، لغوية، فأخبروني في التعليقات. لا تبخلوا بتعليق جميل تحت، ولا تنسوا دعم الموقع بإستخدام الرابط المختصر.

إن وُجدت أخطاء نحوية، إملائية، لغوية، فأخبروني في التعليقات. لا تبخلوا بتعليق جميل تحت، ولا تنسوا دعم الموقع بإستخدام الرابط المختصر.

“أعتقد أنني ربما تعرضت لشيء ما في المتحف،” ردت هايدي على عجل، وكان صوتها مليئًا بإحساس بالإلحاح. “لقد استخدمت تقنيات التنويم المغناطيسي الذاتي لحجب بعض المعلومات الهامة بشكل مؤقت داخل ذاكرتي. لقد رُفع الختم المنوم للتو… وبدأت الذكريات في الظهور من جديد.”

شعرت فانا بالحاجة الملحة لتحول هايدي المفاجئ إلى نبرة أكثر جدية، ولم تهدر أي وقت. وجهت أوامرها إلى رجال الدين في فريقها. “تولوا المسؤولية هنا. أغلقوا المتحف على الفور. ارفع تنبيه التلوث إلى مستوى الروح-“

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط