نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

جمرات البحر العميق 408

هدير في ضباب البحر

هدير في ضباب البحر

الفصل 408 “هدير في ضباب البحر”

“مرئية على وحدة غير معروفة! تحديد هوية الصورة الظلية، سفينة طرف ثالث!” قطع صوت المراقب من خلال الضجة.

تردد صدى صوت صافرة البخار، العميق، والرنان، عبر مساحة البحر الشاسعة. كان الأمر كما لو أن سحابة مقدسة من البخار قد طُردت من قلب السفينة، مما تسبب في ارتعاش مدخنة ضباب البحر الضخمة. امتدت هذه القوة غير المرئية أيضًا عبر كل خط أنابيب معقد يلتف داخل الوحش الفولاذي، مما أدى إلى إطلاق سيمفونية من الحركة. كان عويل صافرة البخار يشبه بوق الحرب الذي يحشد القوات للمعركة، وقد أثار بالفعل استجابة مماثلة من طاقم السفينة.

كان صوت صفير القذائف القادمة مثل عويل مخيف، حيث حطم الاصطدام المدوي هدوء سطح البحر. وتسببت الانفجارات الهائلة في تصاعد أعمدة ضخمة من المياه، بارتفاع المباني المكونة من عدة طوابق. تمزق الضباب الكثيف الملتصق بسطح البحر بسبب موجة الصدمة، وتحول إلى دوامات شبحية لا تعد ولا تحصى.

أنّت الآلاتُ وطنّت أثناء استخدام الرافعات، وتحميل الشحنات الدافعة والقذائف الثقيلة في مخزن الذخيرة المخفي تحت أبراج المدافع المهيبة. أطلقت أنابيب البخار هديرًا لا هوادة فيه، ووجهت البخار المبجل إلى الآليات الأساسية وأجزاء السفينة التي قُدّست. في جميع أنحاء السفينة، تحرك البحارة، وتندفع الظلال السريعة عبر الأسطح ومن خلال الممرات الضيقة، ويجد كل رجل محطة معركته.

ما رأوه كان بلا شك سفينة أخرى، سفينة غارقة في لهب أخضر مضيء وغريب – “سفينة شبحية” أكثر رعبًا ورهبة من الشبح في عيون أسطول الضباب بأكمله. تتجسد هذه “السفينة التوأم”، التي تنعكس في البحر كما لو كانت مرآة، فجأة، وتصرخ أثناء مرورها عبر سطح المحيط – ينبعث أحدهما من الدخان الأسود الكثيف فوق البحر، بينما يشع الآخر نارًا خضراء أثيرية تحت المياه. لقد تجاوزا ضباب البحر، وفي دقات قلب، كانا قد اجتازا بالفعل إلى الطرف الآخر من ساحة المعركة.

عندما انطلقت صافرة البخار مرة أخرى، انطلقت كنيسة صغيرة تقع في مؤخرة سفينة ضباب البحر مع جلجلة واضحة لجرس برونزي. كان هذا رمزًا لبركة سماوية العاصفة، جومونا، التي ألقت حمايتها السماوية على السفينة الحربية المرعبة، والتي وصفها الكثيرون بالخرافات بأنها “ملعونة”.

إن وُجدت أخطاء نحوية، إملائية، لغوية، فأخبروني في التعليقات. لا تبخلوا بتعليق جميل تحت.

تخلل صدى هذا الجرس وأصوات صفارات البخار المماثلة الهواء من السفن الحربية الرئيسية الأخرى لأسطول الضباب. اختلط قرع أجراس الكنيسة المحمولة على متن السفن بالضباب، مما خلق رنينًا غريبًا بدا وكأنه ينبض عبر الحجاب الضبابي. كانت سيمفونية الأصوات هذه قوية جدًا لدرجة أنها بدت وكأنها تعطل الواقع، وكان الضباب الكثيف فوق البحر يتفرق قليلًا ردًا على ذلك.

سيكون تيريان مستعدًا ليقسم على قبر والده أنه لم يشهد مثل هذه السفينة الكبيرة السريعة بجنون طوال حياته!

على مسافة ليست بعيدة جدًا، انطلقت بحرية فروست، التي كانت تقوم بدورية يقظة، إلى العمل عند رؤية وأصوات أسطول الضباب. رُفعت الأعلام، وومضت الأضواء في اتصالات مشفرة، وترددت أصوات صفارات البخار وأجراس الكنائس ذهابًا وإيابًا عبر الستار الضبابي الذي غطى البحر.

كانت صواري “الشبح” منتصبة وطويلة بشكل مهيب. يشبه هيكل المدخنة العتيق المرجان المزدهر على ظهر مخلوق بحري ضخم. كانت تناور ببطء، وتخطط لمسار نحو جناح أسطول الضباب.

يبدو أن تحولًا عميقًا قد حدث في هذه اللحظة. بدا أن التنافس والعداء الذي دام عقودًا من الزمن بين الأسطولين قد تلاشى للحظات، وحل محله الشذوذ المقلق الذي طغى عليهم جميعًا. في مواجهة هذا الحصار الضبابي الغريب والمحفوف بالمخاطر، وجدت بحرية فروست، التي يديرها الأحياء، وأسطول الضباب، الذي يقوده اللاموتى، نفسيهما كحليفين غير متوقعين.

لقد كانت كتلة صلبة من الضباب الأسود، ظل جسدي، كيان أثيري يأخذ شكل سفينة! بدا الأمر وكأنه ظل غريب ينعكس بشكل عكسي من المرآة، يمزق الضباب الكثيف، يعوي وهو يتجه مباشرة نحوهم. ومع ذلك، فإن ما جعل طاقم ضباب البحر عاجزًا عن الكلام لم يكن الشكل الشبحي لـ “للسفينة الظلية”، بل “ظل” الصورة الظلية لتلك السفينة المنعكسة على سطح البحر.

ظل عدم اليقين قائمًا بشكل كبير في الهواء. لم يعرف أحد متى أو كيف سيضرب العدو، إلا أن أي سفينة غير مألوفة تجرؤ على المغامرة في هذه المياه تشكل تهديدًا محتملًا. وحتى تلك السفن التي تعتبر “سفن صديقة” تم التعامل معها بعين الريبة إذا فشلت في الرد على أي شكل من أشكال الاتصال. وبالفعل أصبح البحر هو العدو.

“المدفعان الرئيسيان الأول والثاني، ركزا على “الفارس”. المدفع الرئيسي الثالث والمدافع المساعدة بعيدة المدى، تعاملوا مع التهديدات الأخرى داخل النطاق،” تردد صوت تيريان، ثابتًا كالصخرة، عبر مكبر الصوت. وواصل مراقبة الصورة الظلية لسفينة العدو بهدوء داخل الضباب الكثيف، وهي سفينة كانت تتقدم بلا هوادة وتطلق النار تحت حجاب الجليد العائم. “لا تقلقوا بشأن الأرقام – كل كيان غير مألوف يظهر في البحر هو عدو. هذه مجرد البداية.”

كان الهواء مليئًا بالتوتر مع كل التحولات المنتظرة في الضباب، أو معلومات استخباراتية جديدة من ميناء فروست، أو أي أوامر محتملة. بدا أن الوقت يزحف في هذا الانتظار القمعي. فجأة، وسط هذا التوتر، شعر تيريان، قائد ضباب البحر، بإحساس غريب.

“رسالة من الغراب، إنهم بالفعل في قتال مع أعداء متعددين!”

كان الأمر كما لو أن وجودًا غير مرئي يراقبه، نظرة لا يبدو أنها تنبثق من أي اتجاه معين. لقد شعر كما لو أن عيون الماضي الساهرة قد استقرت عليه، هادئة ولكن مثيرة للقلق.

“رسالة من الغراب، إنهم بالفعل في قتال مع أعداء متعددين!”

بعد أن ذهوله على حين غرة، رفع تيريان نظرته بشكل غريزي، وفحص جسر ضباب البحر بحثًا عن أصل هذا الشعور المقلق.

وفي ضجيج الإنذار، ألقى نظرة خاطفة على البحر البعيد. ومن خلال الضباب الذي يحوم ككائن حي، بدأت الصورة الظلية الضخمة للسفينة تتجسد، كما لو أن البحر يلد شبحًا من أعماق الماضي.

انخرط المساعد الأول آيدن في نقاش جاد مع ربان القارب، وكانت أصواتهما تعلو فوق ضجيج السفينة. في هذه الأثناء، كان مشغل الراديو منخرطًا بشكل مكثف في اشتباكات ذهابًا وإيابًا مع البحرية فروست، حيث ينقل الإحداثيات الدقيقة والتفاصيل التشغيلية. كان الكاهن المسن، الذي يرتدي ثوبًا أسودًا فضفاضًا، قد غادر بسرعة حدود الكنيسة الصغيرة، وكان الآن يتلو بحرارة بجوار مقعد قائد المدفعية. كانت عيناه مغمضتين بشدة، وشفتاه تتحركان بسرعة خلال التلاوات الصامتة. وفي الضباب الكثيف الذي يحجب البحر، كان توجيهه الروحي بمثابة المنارة الأساسية للسفينة الحربية، استعدادًا لمواجهة عدو غير مرئي داخل المتاهة الضبابية.

في هنا والآن، أدار شبح الماضي رأسه ببطء في تذكره، وأرسل أمرًا في ذهنه يختلف عن الماضي.

في ظل هذه الظروف، وجد تيريان نفسه ينزلق إلى نشوة الذاكرة منذ نصف قرن مضى. لقد كان الوقت الذي شرفت فيه صاحبة الجلالة الملكة هذه السفينة الحربية بحضورها. لم يكتسب ضباب البحر جلالته القديمة وكان مجرد سفينة قديمة تعرضت للضربات الجوية. وتذكر كيف وقفت ملكة فروست في هذا المكان بالذات بالقرب من الكوة، وكانت عيناها مملوءتين بنظرة شوق بينما تجتاحان البحر الممتد.

تردد صدى صوت صافرة البخار، العميق، والرنان، عبر مساحة البحر الشاسعة. كان الأمر كما لو أن سحابة مقدسة من البخار قد طُردت من قلب السفينة، مما تسبب في ارتعاش مدخنة ضباب البحر الضخمة. امتدت هذه القوة غير المرئية أيضًا عبر كل خط أنابيب معقد يلتف داخل الوحش الفولاذي، مما أدى إلى إطلاق سيمفونية من الحركة. كان عويل صافرة البخار يشبه بوق الحرب الذي يحشد القوات للمعركة، وقد أثار بالفعل استجابة مماثلة من طاقم السفينة.

ومن هذا الموقع، أمرت بمغادرة أسطول الضباب من فروست قبل حدوث التمرد.

في هنا والآن، أدار شبح الماضي رأسه ببطء في تذكره، وأرسل أمرًا في ذهنه يختلف عن الماضي.

ومن هذا الموقع، أمرت بمغادرة أسطول الضباب من فروست قبل حدوث التمرد.

“تيريان، دافع عن فروست.”

اللهم أنت الله الواحد الأحد، نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا، اللهم إنا مغلوبون فانتصر. اللهم انصر اخواننا في فلسطين وارحم شهداءهم.

وبعد نصف قرن، وصل التوجيه الثاني أخيرًا.

يبدو أن تحولًا عميقًا قد حدث في هذه اللحظة. بدا أن التنافس والعداء الذي دام عقودًا من الزمن بين الأسطولين قد تلاشى للحظات، وحل محله الشذوذ المقلق الذي طغى عليهم جميعًا. في مواجهة هذا الحصار الضبابي الغريب والمحفوف بالمخاطر، وجدت بحرية فروست، التي يديرها الأحياء، وأسطول الضباب، الذي يقوده اللاموتى، نفسيهما كحليفين غير متوقعين.

أذهل قلب تيريان من ذاكرته، وقصف بقوة مثيرة للقلق. لمعت عيناه كما لو أن بعض الحقيقة الخام قد أحرقتهما. كان عقله مليئا بالضوضاء المدوية. بالكاد حاز الوقت للتفكير فيما إذا كان ما شهده هو مجرد وهم عقلي عندما اخترق صوت الإنذار الشديد أفكاره على الجسر.

وكما تنبأ تيريان، كانت هذه مجرد البداية.

وفي ضجيج الإنذار، ألقى نظرة خاطفة على البحر البعيد. ومن خلال الضباب الذي يحوم ككائن حي، بدأت الصورة الظلية الضخمة للسفينة تتجسد، كما لو أن البحر يلد شبحًا من أعماق الماضي.

غالبا كدا البلوطين؟

كانت صواري “الشبح” منتصبة وطويلة بشكل مهيب. يشبه هيكل المدخنة العتيق المرجان المزدهر على ظهر مخلوق بحري ضخم. كانت تناور ببطء، وتخطط لمسار نحو جناح أسطول الضباب.

قبل أن يتمكن آيدن من إنهاء جملته، تردد صوت هدير عميق آخر من بعيد.

لقد كان قريبًا جدًا لدرجة أنه لم يتطلب حتى التوجيه الروحي من الكاهن.

“لنخلق فوضى!” تردد صدى صوت آيدن المزدهر داخل الجسر. كان لهذا الرجل الأصلع ذو العضلات ابتسامة شبه وحشية تزين وجهه. من الواضح أنه قد مر وقت طويل منذ أن شارك في مثل هذه المعركة المثيرة. “لنطلق العنان لكل الإحباطات المكبوتة من الخمسين عامًا الماضية، أيها الإخوة. لنظهر نقاط الضعف تلك في البحرية…”

“مرئية على وحدة غير معروفة! تحديد هوية الصورة الظلية، سفينة طرف ثالث!” قطع صوت المراقب من خلال الضجة.

بالتزامن تقريبًا مع الهجوم الذي بدأه ضباب البحر، ردد الضباب صدى هدير المدافع المتتالية. كان الصوت الرنان أقرب إلى تذمر الرعد البعيد. في أعقاب هذه الصرخة المدوية، اخترقت خطوط نارية من خلال الستار الضبابي، واندفعت نحو المنطقة المجاورة حيث يكمن ضباب البحر.

“أطلقوا!” كان أمر تيريان باردًا ومسيطرًا مثل جبل جليدي عندما تراجع إلى مقعد قائده. “كل ما يظهر في هذا البحر، باستثناء السفن التي حُددت بالفعل، هو عدو.”

يبدو أن تحولًا عميقًا قد حدث في هذه اللحظة. بدا أن التنافس والعداء الذي دام عقودًا من الزمن بين الأسطولين قد تلاشى للحظات، وحل محله الشذوذ المقلق الذي طغى عليهم جميعًا. في مواجهة هذا الحصار الضبابي الغريب والمحفوف بالمخاطر، وجدت بحرية فروست، التي يديرها الأحياء، وأسطول الضباب، الذي يقوده اللاموتى، نفسيهما كحليفين غير متوقعين.

وفجأة، امتلأ الهواء بهدير المدافع وصوت الرعد المتفجر. على ضباب البحر، أطلقت الأبراج الثلاثة الرئيسية، المتمركزة بشكل مثالي لإطلاق النار، حمولتها القاتلة. أطلقت القذائف الثقيلة الخارقة للدروع من براميلها مع صدى مدوٍ. تحولوا إلى نيازك ملتهبة في الضباب الكثيف، مشتعلة في السماء قبل أن تصطدم بوحشية بالصورة الظلية الناشئة للسفينة في الضباب البعيد.

عندما بدأت سفينتهم بالمناورة، لاحظ تيريان وميضًا مفاجئًا من الضوء خارج نافذة الهيكل على الجانب الآخر، مصحوبًا بصورة ظلية بعيدة.

بالتزامن تقريبًا مع الهجوم الذي بدأه ضباب البحر، ردد الضباب صدى هدير المدافع المتتالية. كان الصوت الرنان أقرب إلى تذمر الرعد البعيد. في أعقاب هذه الصرخة المدوية، اخترقت خطوط نارية من خلال الستار الضبابي، واندفعت نحو المنطقة المجاورة حيث يكمن ضباب البحر.

“أطلقوا!” كان أمر تيريان باردًا ومسيطرًا مثل جبل جليدي عندما تراجع إلى مقعد قائده. “كل ما يظهر في هذا البحر، باستثناء السفن التي حُددت بالفعل، هو عدو.”

جلس تيريان على مقعد القبطان، في جزيرة من الهدوء وسط الفوضى. ضاقت عيناه تركيزًا بينما يطن عقله بالحسابات، ويحلل مسار القذائف القادمة.

جلس تيريان على مقعد القبطان، في جزيرة من الهدوء وسط الفوضى. ضاقت عيناه تركيزًا بينما يطن عقله بالحسابات، ويحلل مسار القذائف القادمة.

مدافع رئيسية قديمة عيار 356 ملم وأربعة حوامل ثلاثية… من هو الصديق العجوز الذي يمكن أن يشن هذا الهجوم؟ هل يمكن أن يكون “دوق رون” الذي كان يحرس الملكة ذات يوم؟ أو “الفارس” الذي أظهر شجاعة مثالية في المواجهة العاصفة ضد أبناء البحر العميق، ليلتقي بقبره المائي؟ أو ربما يكون… “المحارب”؟

كان صوت صفير القذائف القادمة مثل عويل مخيف، حيث حطم الاصطدام المدوي هدوء سطح البحر. وتسببت الانفجارات الهائلة في تصاعد أعمدة ضخمة من المياه، بارتفاع المباني المكونة من عدة طوابق. تمزق الضباب الكثيف الملتصق بسطح البحر بسبب موجة الصدمة، وتحول إلى دوامات شبحية لا تعد ولا تحصى.

ما رأوه كان بلا شك سفينة أخرى، سفينة غارقة في لهب أخضر مضيء وغريب – “سفينة شبحية” أكثر رعبًا ورهبة من الشبح في عيون أسطول الضباب بأكمله. تتجسد هذه “السفينة التوأم”، التي تنعكس في البحر كما لو كانت مرآة، فجأة، وتصرخ أثناء مرورها عبر سطح المحيط – ينبعث أحدهما من الدخان الأسود الكثيف فوق البحر، بينما يشع الآخر نارًا خضراء أثيرية تحت المياه. لقد تجاوزا ضباب البحر، وفي دقات قلب، كانا قد اجتازا بالفعل إلى الطرف الآخر من ساحة المعركة.

ومن اللافت للنظر أنه لم تسقط قذيفة واحدة من العدو بالقرب من ضباب البحر، وقد واجهت الجولة الأولى من إطلاق النار من ضباب البحر مصيرًا مماثلًا.

تخلل صدى هذا الجرس وأصوات صفارات البخار المماثلة الهواء من السفن الحربية الرئيسية الأخرى لأسطول الضباب. اختلط قرع أجراس الكنيسة المحمولة على متن السفن بالضباب، مما خلق رنينًا غريبًا بدا وكأنه ينبض عبر الحجاب الضبابي. كانت سيمفونية الأصوات هذه قوية جدًا لدرجة أنها بدت وكأنها تعطل الواقع، وكان الضباب الكثيف فوق البحر يتفرق قليلًا ردًا على ذلك.

“إنه الفارس. احذروا من مدافعه الجانبية سريعة النيران،” كان صوت تيريان هادئًا، لكنه وصل إلى آذان كل بحار بوضوح. “في هذا النطاق، يمكن أن تكون هذه المدافع سريعة الإطلاق قاتلة – زيدوا من الضغط الأساسي للبخار، ومددوا المسافة.”

وفي ضجيج الإنذار، ألقى نظرة خاطفة على البحر البعيد. ومن خلال الضباب الذي يحوم ككائن حي، بدأت الصورة الظلية الضخمة للسفينة تتجسد، كما لو أن البحر يلد شبحًا من أعماق الماضي.

“نعم! زيادة الضغط الأساسي للبخار! تمديد المسافة!” جاء الرد مرددًا.

جلس تيريان على مقعد القبطان، في جزيرة من الهدوء وسط الفوضى. ضاقت عيناه تركيزًا بينما يطن عقله بالحسابات، ويحلل مسار القذائف القادمة.

استجاب “قلب” ضباب البحر، المتوضع عميقًا داخل بطنه الحديدي، بصوت منخفض، وبدأت السفينة بأكملها في زيادة سرعتها، وقام إطارها الضخم بتنفيذ دوران بطيء. بدأ سطح البحر القريب، المليء بقطع كبيرة من الجليد العائم، في التحرك، وانتشر بسرعة في كل الاتجاهات مثل كائن حي. يبدو أن موجة النشاط هذه شكلت ساحة معركة لصالح ضباب البحر.

ظهرت صورة ظلية لسفينة أخرى فجأة من الضباب الكثيف القريب، واندفعت إلى ساحة المعركة بسرعة تعكس سرعة الرياح العاصفة ووميض البرق. كانت هذه الصورة الظلية مختلفة عن أي من الأعداء الذين ظهروا حتى الآن، وعلى عكس أي سفينة مشهورة في ذاكرة تيريان.

عندما بدأت سفينتهم بالمناورة، لاحظ تيريان وميضًا مفاجئًا من الضوء خارج نافذة الهيكل على الجانب الآخر، مصحوبًا بصورة ظلية بعيدة.

في هنا والآن، أدار شبح الماضي رأسه ببطء في تذكره، وأرسل أمرًا في ذهنه يختلف عن الماضي.

سارع المساعد الأول آيدن إلى الإعلان، “رصدت السفينة الثانية، ولا يستجيب الراديو، وليست مدرجة في قائمة التعريف!”

سيكون تيريان مستعدًا ليقسم على قبر والده أنه لم يشهد مثل هذه السفينة الكبيرة السريعة بجنون طوال حياته!

قبل أن يتمكن آيدن من إنهاء جملته، تردد صوت هدير عميق آخر من بعيد.

“نعم! زيادة الضغط الأساسي للبخار! تمديد المسافة!” جاء الرد مرددًا.

“رصدت السفينة الثالثة! ليس على قائمة الهوية!”

وفجأة، انقطع إعلان آيدن المتحمس فجأة، كما لو أن يدًا غير مرئية قد أمسكت بحنجرته. اتسعت عيناه عندما ركزا على شيء ما من مسافة بعيدة، وبعد لحظة، فهم تيريان السبب وراء رد فعل آيدن المذهل.

“رسالة من الغراب، إنهم بالفعل في قتال مع أعداء متعددين!”

مدافع رئيسية قديمة عيار 356 ملم وأربعة حوامل ثلاثية… من هو الصديق العجوز الذي يمكن أن يشن هذا الهجوم؟ هل يمكن أن يكون “دوق رون” الذي كان يحرس الملكة ذات يوم؟ أو “الفارس” الذي أظهر شجاعة مثالية في المواجهة العاصفة ضد أبناء البحر العميق، ليلتقي بقبره المائي؟ أو ربما يكون… “المحارب”؟

“اتصالات من بحرية فروست، اندلعت مناوشات بالقرب من ساحل الدولة المدينة!”

“رسالة من الغراب، إنهم بالفعل في قتال مع أعداء متعددين!”

“المدفعان الرئيسيان الأول والثاني، ركزا على “الفارس”. المدفع الرئيسي الثالث والمدافع المساعدة بعيدة المدى، تعاملوا مع التهديدات الأخرى داخل النطاق،” تردد صوت تيريان، ثابتًا كالصخرة، عبر مكبر الصوت. وواصل مراقبة الصورة الظلية لسفينة العدو بهدوء داخل الضباب الكثيف، وهي سفينة كانت تتقدم بلا هوادة وتطلق النار تحت حجاب الجليد العائم. “لا تقلقوا بشأن الأرقام – كل كيان غير مألوف يظهر في البحر هو عدو. هذه مجرد البداية.”

على مسافة ليست بعيدة جدًا، انطلقت بحرية فروست، التي كانت تقوم بدورية يقظة، إلى العمل عند رؤية وأصوات أسطول الضباب. رُفعت الأعلام، وومضت الأضواء في اتصالات مشفرة، وترددت أصوات صفارات البخار وأجراس الكنائس ذهابًا وإيابًا عبر الستار الضبابي الذي غطى البحر.

تولى المساعد الأول آيدن زمام الأمور وصرخ قائلًا، “اتبعوا أوامر القبطان! أطلقوا النار على كل ما يخرج من البحر. حتى لو تم إحيائهم، فهذه السفن القديمة لا تتبارى مع أسطول الضباب. استمروا في إطلاق النار!”

“رسالة من الغراب، إنهم بالفعل في قتال مع أعداء متعددين!”

مع تردد صدى هذه الأوامر من الجسر، بدأت المدافع الرئيسية والمساعدة لضباب البحر في إطلاق طلقات لا هوادة فيها، جولة تلو الأخرى. أضاء غضبهم المشتعل الضباب الفوضوي مرارًا وتكرارًا.

في هنا والآن، أدار شبح الماضي رأسه ببطء في تذكره، وأرسل أمرًا في ذهنه يختلف عن الماضي.

وسط تنافر المدافع المدوية، بدأت المزيد من السفن المجهولة في الظهور في ساحة المعركة الشاسعة هذه في البحر!

سارع المساعد الأول آيدن إلى الإعلان، “رصدت السفينة الثانية، ولا يستجيب الراديو، وليست مدرجة في قائمة التعريف!”

وكما تنبأ تيريان، كانت هذه مجرد البداية.

وكما تنبأ تيريان، كانت هذه مجرد البداية.

كانت صورة فروست المرآة تصعد، والضباب يحجب حدود الواقع، والكيانات الغارقة في هذا البحر تتطفل على الواقع على شكل نسخ طبق الأصل على نطاق هائل! كل كيان ناشئ في البحر من هذه النقطة فصاعدًا هو عدو!

بالتزامن تقريبًا مع الهجوم الذي بدأه ضباب البحر، ردد الضباب صدى هدير المدافع المتتالية. كان الصوت الرنان أقرب إلى تذمر الرعد البعيد. في أعقاب هذه الصرخة المدوية، اخترقت خطوط نارية من خلال الستار الضبابي، واندفعت نحو المنطقة المجاورة حيث يكمن ضباب البحر.

“لنخلق فوضى!” تردد صدى صوت آيدن المزدهر داخل الجسر. كان لهذا الرجل الأصلع ذو العضلات ابتسامة شبه وحشية تزين وجهه. من الواضح أنه قد مر وقت طويل منذ أن شارك في مثل هذه المعركة المثيرة. “لنطلق العنان لكل الإحباطات المكبوتة من الخمسين عامًا الماضية، أيها الإخوة. لنظهر نقاط الضعف تلك في البحرية…”

انخرط المساعد الأول آيدن في نقاش جاد مع ربان القارب، وكانت أصواتهما تعلو فوق ضجيج السفينة. في هذه الأثناء، كان مشغل الراديو منخرطًا بشكل مكثف في اشتباكات ذهابًا وإيابًا مع البحرية فروست، حيث ينقل الإحداثيات الدقيقة والتفاصيل التشغيلية. كان الكاهن المسن، الذي يرتدي ثوبًا أسودًا فضفاضًا، قد غادر بسرعة حدود الكنيسة الصغيرة، وكان الآن يتلو بحرارة بجوار مقعد قائد المدفعية. كانت عيناه مغمضتين بشدة، وشفتاه تتحركان بسرعة خلال التلاوات الصامتة. وفي الضباب الكثيف الذي يحجب البحر، كان توجيهه الروحي بمثابة المنارة الأساسية للسفينة الحربية، استعدادًا لمواجهة عدو غير مرئي داخل المتاهة الضبابية.

وفجأة، انقطع إعلان آيدن المتحمس فجأة، كما لو أن يدًا غير مرئية قد أمسكت بحنجرته. اتسعت عيناه عندما ركزا على شيء ما من مسافة بعيدة، وبعد لحظة، فهم تيريان السبب وراء رد فعل آيدن المذهل.

تردد صدى صوت صافرة البخار، العميق، والرنان، عبر مساحة البحر الشاسعة. كان الأمر كما لو أن سحابة مقدسة من البخار قد طُردت من قلب السفينة، مما تسبب في ارتعاش مدخنة ضباب البحر الضخمة. امتدت هذه القوة غير المرئية أيضًا عبر كل خط أنابيب معقد يلتف داخل الوحش الفولاذي، مما أدى إلى إطلاق سيمفونية من الحركة. كان عويل صافرة البخار يشبه بوق الحرب الذي يحشد القوات للمعركة، وقد أثار بالفعل استجابة مماثلة من طاقم السفينة.

ظهرت صورة ظلية لسفينة أخرى فجأة من الضباب الكثيف القريب، واندفعت إلى ساحة المعركة بسرعة تعكس سرعة الرياح العاصفة ووميض البرق. كانت هذه الصورة الظلية مختلفة عن أي من الأعداء الذين ظهروا حتى الآن، وعلى عكس أي سفينة مشهورة في ذاكرة تيريان.

ما رأوه كان بلا شك سفينة أخرى، سفينة غارقة في لهب أخضر مضيء وغريب – “سفينة شبحية” أكثر رعبًا ورهبة من الشبح في عيون أسطول الضباب بأكمله. تتجسد هذه “السفينة التوأم”، التي تنعكس في البحر كما لو كانت مرآة، فجأة، وتصرخ أثناء مرورها عبر سطح المحيط – ينبعث أحدهما من الدخان الأسود الكثيف فوق البحر، بينما يشع الآخر نارًا خضراء أثيرية تحت المياه. لقد تجاوزا ضباب البحر، وفي دقات قلب، كانا قد اجتازا بالفعل إلى الطرف الآخر من ساحة المعركة.

لقد كانت كتلة صلبة من الضباب الأسود، ظل جسدي، كيان أثيري يأخذ شكل سفينة! بدا الأمر وكأنه ظل غريب ينعكس بشكل عكسي من المرآة، يمزق الضباب الكثيف، يعوي وهو يتجه مباشرة نحوهم. ومع ذلك، فإن ما جعل طاقم ضباب البحر عاجزًا عن الكلام لم يكن الشكل الشبحي لـ “للسفينة الظلية”، بل “ظل” الصورة الظلية لتلك السفينة المنعكسة على سطح البحر.

عندما انطلقت صافرة البخار مرة أخرى، انطلقت كنيسة صغيرة تقع في مؤخرة سفينة ضباب البحر مع جلجلة واضحة لجرس برونزي. كان هذا رمزًا لبركة سماوية العاصفة، جومونا، التي ألقت حمايتها السماوية على السفينة الحربية المرعبة، والتي وصفها الكثيرون بالخرافات بأنها “ملعونة”.

ما رأوه كان بلا شك سفينة أخرى، سفينة غارقة في لهب أخضر مضيء وغريب – “سفينة شبحية” أكثر رعبًا ورهبة من الشبح في عيون أسطول الضباب بأكمله. تتجسد هذه “السفينة التوأم”، التي تنعكس في البحر كما لو كانت مرآة، فجأة، وتصرخ أثناء مرورها عبر سطح المحيط – ينبعث أحدهما من الدخان الأسود الكثيف فوق البحر، بينما يشع الآخر نارًا خضراء أثيرية تحت المياه. لقد تجاوزا ضباب البحر، وفي دقات قلب، كانا قد اجتازا بالفعل إلى الطرف الآخر من ساحة المعركة.

أنّت الآلاتُ وطنّت أثناء استخدام الرافعات، وتحميل الشحنات الدافعة والقذائف الثقيلة في مخزن الذخيرة المخفي تحت أبراج المدافع المهيبة. أطلقت أنابيب البخار هديرًا لا هوادة فيه، ووجهت البخار المبجل إلى الآليات الأساسية وأجزاء السفينة التي قُدّست. في جميع أنحاء السفينة، تحرك البحارة، وتندفع الظلال السريعة عبر الأسطح ومن خلال الممرات الضيقة، ويجد كل رجل محطة معركته.

سيكون تيريان مستعدًا ليقسم على قبر والده أنه لم يشهد مثل هذه السفينة الكبيرة السريعة بجنون طوال حياته!

وكما تنبأ تيريان، كانت هذه مجرد البداية.


غالبا كدا البلوطين؟

أنّت الآلاتُ وطنّت أثناء استخدام الرافعات، وتحميل الشحنات الدافعة والقذائف الثقيلة في مخزن الذخيرة المخفي تحت أبراج المدافع المهيبة. أطلقت أنابيب البخار هديرًا لا هوادة فيه، ووجهت البخار المبجل إلى الآليات الأساسية وأجزاء السفينة التي قُدّست. في جميع أنحاء السفينة، تحرك البحارة، وتندفع الظلال السريعة عبر الأسطح ومن خلال الممرات الضيقة، ويجد كل رجل محطة معركته.

اللهم أنت الله الواحد الأحد، نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا، اللهم إنا مغلوبون فانتصر. اللهم انصر اخواننا في فلسطين وارحم شهداءهم.

عندما بدأت سفينتهم بالمناورة، لاحظ تيريان وميضًا مفاجئًا من الضوء خارج نافذة الهيكل على الجانب الآخر، مصحوبًا بصورة ظلية بعيدة.

إن وُجدت أخطاء نحوية، إملائية، لغوية، فأخبروني في التعليقات. لا تبخلوا بتعليق جميل تحت.

ما رأوه كان بلا شك سفينة أخرى، سفينة غارقة في لهب أخضر مضيء وغريب – “سفينة شبحية” أكثر رعبًا ورهبة من الشبح في عيون أسطول الضباب بأكمله. تتجسد هذه “السفينة التوأم”، التي تنعكس في البحر كما لو كانت مرآة، فجأة، وتصرخ أثناء مرورها عبر سطح المحيط – ينبعث أحدهما من الدخان الأسود الكثيف فوق البحر، بينما يشع الآخر نارًا خضراء أثيرية تحت المياه. لقد تجاوزا ضباب البحر، وفي دقات قلب، كانا قد اجتازا بالفعل إلى الطرف الآخر من ساحة المعركة.

بالتزامن تقريبًا مع الهجوم الذي بدأه ضباب البحر، ردد الضباب صدى هدير المدافع المتتالية. كان الصوت الرنان أقرب إلى تذمر الرعد البعيد. في أعقاب هذه الصرخة المدوية، اخترقت خطوط نارية من خلال الستار الضبابي، واندفعت نحو المنطقة المجاورة حيث يكمن ضباب البحر.

ظل عدم اليقين قائمًا بشكل كبير في الهواء. لم يعرف أحد متى أو كيف سيضرب العدو، إلا أن أي سفينة غير مألوفة تجرؤ على المغامرة في هذه المياه تشكل تهديدًا محتملًا. وحتى تلك السفن التي تعتبر “سفن صديقة” تم التعامل معها بعين الريبة إذا فشلت في الرد على أي شكل من أشكال الاتصال. وبالفعل أصبح البحر هو العدو.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط