الفصل 426 - سقوط الذهب (10)
الفصل 426 – سقوط الذهب (10)
“ألم تكن محباً لحزب السهول أكثر من أي شخص؟”
“لو اعتذرت بصدق لمرة واحدة فقط”
سالت دمعة واحدة من عيني بارباتوس.
واصل مارباس حديثه. كان التعب بادياً على صوته.
“قبل انعقاد هذا الاجتماع الليلة، كانت سيتري تعرف بالفعل كل شيء”.
“على الرغم من استحالة ذلك تقريباً إلا أنه كان من الممكن يا بارباتوس. لو أنك جثوت أمام فراش بايمون واعتذرت، لما اضطررنا نحن الحزب المحايد أن نتدخل. ولما اشتبك طرفا حزب السهول وحزب الجبال أصلاً لولا استفزازك”.
“ألم تكن حبيب قائدة الجيش وصاحبة السمو بارباتوس؟ أجب يا دانتاليان! أجب….!”
“……”
“لو اعتذرت بصدق لمرة واحدة فقط”
“ألم تدركِ بعد؟ أم أنك لم تحاول حتى أن تدركِ…؟”
“……”
تنهد مارباس.
هكذا كانت بارباتوس تقول.
“استدعينا مباشرة أمراء الجحيم للتحقق مما حدث. وشهدوا على تورطك العميق بمحاولة الاغتيال. ولم يستغرق التأكد من صحة ذلك وقتاً طويلاً يا بارباتوس”.
“تدخلتم بطريقة محرجة، يا قائد. شعرتُ بالإحراج أيضًا”.
تمتم مارباس بصوت خافت.
“ألم تكن حبيب قائدة الجيش وصاحبة السمو بارباتوس؟ أجب يا دانتاليان! أجب….!”
“قبل انعقاد هذا الاجتماع الليلة، كانت سيتري تعرف بالفعل كل شيء”.
“أبعد يدك النجسة! مستحيل أن تفعل صاحبة السمو مثل هذه الاغتيالات!”
“……”
“تدخلتم بطريقة محرجة، يا قائد. شعرتُ بالإحراج أيضًا”.
“لكن بدل أن تشهر بك، طلبت سيتري منك ببساطة الاعتذار. أعطتك فرصة أخيرة. رغم أنها أرادت طعن قلبك بالسكين وأنها قمعت مشاعر الغضب والدموع، إلا أنها منحتك أنت وحزب السهول فرصة واحدة”.
تجمدت ملامح جيفار.
قال مارباس بحسرة لكن كلماته لم تصل. كانت بارباتوس تحدق فيّ فقط. نظرت إليّ وهي تتوسل، عيناها مرتعشتان.
“تدخلتم بطريقة محرجة، يا قائد. شعرتُ بالإحراج أيضًا”.
ما زال هناك وقت. أي شيء… أي شيء من شأنه أن ينفي فقط…
طبعاً، من الطبيعي عدم تصديق الخائن مثلي. لكن جيفار كان يعلم أن مارباس ليس من طبيعة الشخصيات النبيلة التي تقوم بهذه الخطط الدنيئة من أجل التلفيقات فحسب….
من فضلك، أنفِ أنك خنتني.
كانت تلك أكاذيب واضحة.
هكذا كانت بارباتوس تقول.
لكن إن كان من المستحيل إثبات كذبها، فإنها سياسيًا تُعدّ حقيقة بالفعل.
نظرت إلى بارباتوس دون أن أحيد عن نظري وقلت:
ما زال هناك وقت. أي شيء… أي شيء من شأنه أن ينفي فقط…
“مارباس، أشكركم على قيادة الجلسة نيابةً عني لبعض الوقت. أود استئناف مهامي كرئيس، فأرجو إعادة الصلاحيات لي لأتولى أمر الليلة”.
“أوه، هل تعتقد أن هذه مجرد تلفيقات؟”
“…… أقرّ بأحقيتك في قيادة الاجتماع. وبحقك في إعطاء الكلمة ومنعها. وبحقك في طرح البنود للتصويت. وبحقك في تأجيل الاجتماع أو حلّه. جميع الصلاحيات مقرّة لك بالكامل”.
“…….”
“شكراً لكم”.
فجأة، شعرتُ بشيء يبلّل ظهر يدي. لم ألتفت لكنني عرفتُ أنها كانت دموع بارباتوس.
وبعد ذلك، سيتقرر كل شيء تبعاً لما سأقوله.
الفصل 426 – سقوط الذهب (10)
كانت بارباتوس امرأة حكيمة، فهي تدرك تماما ما يحدث. ومع ذلك، وبالتحديد لذلك، أعطتني فرصة لتبرير الوضع، فرصة لإنكار ما هو جارٍ الآن.
طبعاً، من الطبيعي عدم تصديق الخائن مثلي. لكن جيفار كان يعلم أن مارباس ليس من طبيعة الشخصيات النبيلة التي تقوم بهذه الخطط الدنيئة من أجل التلفيقات فحسب….
كل ما مررنا به طوال هذه الفترة كان مكدساً ومتراكماً في هذه اللحظة.
رفعتُ يدي اليمنى ببطء ووضعتها على عنق بارباتوس. اقتربت يدي من عنقها الأبيض كأنها ستخنقه لكن بارباتوس لم تتحرك قيد أنملة. ليس بسبب تهديد سيف مارباس لها فحسب.
“صبيّ جافّ، عندما تزور بيت امرأة يجب أن….”
“وافق على ذلك الأمراء الأربعة بالإجماع. لا مجال هنا للاعتراض. ونظراً لكون المتهمة زعيمة حزب السهول، سيتم سجن جميع أعضاء حزب السهول أيضاً. وبالتالي، جميع مناصبهم غير معترف بها اعتباراً من هذا اليوم”.
“لقد كنتُ في سنِّك….”
تجمدت ملامح جيفار.
الصداقة.
من فضلك، أنفِ أنك خنتني.
“حسناً، دعنا نتعاون…. الحرب هي ما كنتُ أتمناه. التضحية…. لو كنتُ….”
من فضلك، أنفِ أنك خنتني.
“هل أنا الأفضل حقاً؟”
“أنا أيضًا لم أصدّق يا قائد جيفار. لقد وثقتُ ببارباتوس حتى النهاية. حتى في اللحظة التي كانت فيها بايمون تنزف حتى الموت بين ذراعيّ، لم أشكّ في بارباتوس قط….”
الثقة.
إنها قلادة بارباتوس التي كانت ترتديها دوماً. القلادة التي ضفرتُ بها أصابعي وقدمتها لبارباتوس إثباتاً لحبي الأبدي لها. انقطع خيط القلادة بخفة، وهوي إصبعاي على الأرض بمجرد أن خسرتا ما كان يسندهما.
“رفاقي، كما ترون اخترتُ هذا الشخص. إذا أراد أحدكم….”
“ااااه…. اللعنه عليك….!”
“من فضلك، كن بجانبي….”
القرون هي مصدر فخر سيد شياطين. فقدانها أسوأ من الموت نفسه. لقد تعرّض هؤلاء الذين اعتبروني حتى منذ لحظات رفيقاً مخلصاً، لأقسى العقوبات على يديّ.
الولاء.
“أفهم. آمل أن تعتبروها تلفيقات. اعتبروا أنني كذبتُ على بارباتوس وأهنتُها، وأن سيادة مارباس بمن فيهم جميع المحايدين وافقوا على الكذب معي، اعتبروا ذلك كذلك من فضلكم”.
ضغط ثقل لا يطاق على العلاقة بيننا. كل شيء معلّق على لحظة واحدة. تحملتُ ذلك الثقل وفتحتُ شفتيّ. وفي اللحظة التي تحركت فيها لساني، انقطع شيء ما كان يربطنا كخيط ممزق بيد قاسية –
“ألم تدركِ بعد؟ أم أنك لم تحاول حتى أن تدركِ…؟”
“بتهمة التخطيط والقيام بمحاولة اغتيال صاحبة السمو بايمون، أعفي بارباتوس، دوقة لوكسمبورغ العظيمة، من منصبها كملكة بوهيميا”.
“بالطبع، لم تختفِ فرصة بارباتوس للاعتذار بسبب خطوتكم. ولكن كما رأيتم، بدلًا من أن تقدم الاعتذار اليوم، حاولت بارباتوس القضاء على حزب الجبال”.
(ياااااااااااااااس ييحا الكاتب)
جثا جيفار الأخ على الأرض مكبلاً وهو ينظر إليّ وعيناه ممتلئتان ذهولاً وإهانة.
“……”
“كلا، أيها القائد جيفار. على الإطلاق”.
“وافق على ذلك الأمراء الأربعة بالإجماع. لا مجال هنا للاعتراض. ونظراً لكون المتهمة زعيمة حزب السهول، سيتم سجن جميع أعضاء حزب السهول أيضاً. وبالتالي، جميع مناصبهم غير معترف بها اعتباراً من هذا اليوم”.
كانت بارباتوس امرأة حكيمة، فهي تدرك تماما ما يحدث. ومع ذلك، وبالتحديد لذلك، أعطتني فرصة لتبرير الوضع، فرصة لإنكار ما هو جارٍ الآن.
خيط.
الصداقة.
سالت دمعة واحدة من عيني بارباتوس.
الثقة.
“كنت أثق بك…….”
“مارباس، أشكركم على قيادة الجلسة نيابةً عني لبعض الوقت. أود استئناف مهامي كرئيس، فأرجو إعادة الصلاحيات لي لأتولى أمر الليلة”.
“…….”
واصل مارباس حديثه. كان التعب بادياً على صوته.
“وقد قلتُ إنني الأفضل….”
ما زال هناك وقت. أي شيء… أي شيء من شأنه أن ينفي فقط…
رفعتُ يدي اليمنى ببطء ووضعتها على عنق بارباتوس. اقتربت يدي من عنقها الأبيض كأنها ستخنقه لكن بارباتوس لم تتحرك قيد أنملة. ليس بسبب تهديد سيف مارباس لها فحسب.
واصل مارباس حديثه. كان التعب بادياً على صوته.
صرير!
“…….”
مزقتُ بسرعة القلادة المعلقة على عنقها.
“الجميع، اقطعوا قرون الأسرى”.
إنها قلادة بارباتوس التي كانت ترتديها دوماً. القلادة التي ضفرتُ بها أصابعي وقدمتها لبارباتوس إثباتاً لحبي الأبدي لها. انقطع خيط القلادة بخفة، وهوي إصبعاي على الأرض بمجرد أن خسرتا ما كان يسندهما.
“……”
أمرت:
“الشيء الوحيد الذي يشغل بالكم هو كيفية إشعال الحرب، أليس كذلك؟ من اللحظة التي عادلتم فيها مستقبل جيش الأسياد شياطين بمستقبل بارباتوس، سئمتُ منكم تماماً”.
“الجميع، اقطعوا قرون الأسرى”.
جثا جيفار الأخ على الأرض مكبلاً وهو ينظر إليّ وعيناه ممتلئتان ذهولاً وإهانة.
اندفع أسياد شياطين الحزب المحايد للعمل على الفور.
رغم فقدان ذراعه اليمنى وتعرضه للضرب المبرح، إلا أن صرخة جيفار كانت مخيفة.
تُعدّ القرون بالنسبة لسيد الشياطين مصدر الحياة والقوى السحرية بجانب القلب. لذلك، كلما كانت القرون أصغر اعتُبر سيد شياطين ملك حقيراً. والسبب في تسميتي ذات مرة بـ “نصف سيد شياطين” هو امتلاكي قرناً واحداً غير لائق بسيد شياطينٍ، بجانب أسباب أخرى.
“……”
“ااااه…. اللعنه عليك….!”
“هل تعتقد أنك ستنجو بعد ذلك يا دانتاليان؟ ألعنك! أقسم بدمي أنني سألعنك إلى الأبد!”
صرير!
ارتجف أسياد شياطين حزب السهول وصرخوا متوسلين.
قال جيفار معقّباً وهو يصرّ أسنانه:
القرون هي مصدر فخر سيد شياطين. فقدانها أسوأ من الموت نفسه. لقد تعرّض هؤلاء الذين اعتبروني حتى منذ لحظات رفيقاً مخلصاً، لأقسى العقوبات على يديّ.
“تدخلتم بطريقة محرجة، يا قائد. شعرتُ بالإحراج أيضًا”.
استمر أسياد شياطين حزب السهول في مقاومة الأمر حتى النهاية رغم إصاباتهم القاتلة تقريباً. سقط رؤوسهم بقسوة على الأرض الصلبة والباردة. قمعهم أسياد شياطين الحياد وقطعوا قرونهم بسهولة. ارتطمت القرون الضخمة بالأرض في كل مكان إحداها تلو الأخرى.
“بالطبع، لم تختفِ فرصة بارباتوس للاعتذار بسبب خطوتكم. ولكن كما رأيتم، بدلًا من أن تقدم الاعتذار اليوم، حاولت بارباتوس القضاء على حزب الجبال”.
“لماذا….يا دانتاليان، لماذا خنتنا…!”
― كان كل شيء على ما يرام.
جثا جيفار الأخ على الأرض مكبلاً وهو ينظر إليّ وعيناه ممتلئتان ذهولاً وإهانة.
كانت بارباتوس امرأة حكيمة، فهي تدرك تماما ما يحدث. ومع ذلك، وبالتحديد لذلك، أعطتني فرصة لتبرير الوضع، فرصة لإنكار ما هو جارٍ الآن.
“ألم تكن محباً لحزب السهول أكثر من أي شخص؟”
تُعدّ القرون بالنسبة لسيد الشياطين مصدر الحياة والقوى السحرية بجانب القلب. لذلك، كلما كانت القرون أصغر اعتُبر سيد شياطين ملك حقيراً. والسبب في تسميتي ذات مرة بـ “نصف سيد شياطين” هو امتلاكي قرناً واحداً غير لائق بسيد شياطينٍ، بجانب أسباب أخرى.
رغم فقدان ذراعه اليمنى وتعرضه للضرب المبرح، إلا أن صرخة جيفار كانت مخيفة.
“رفاقي، كما ترون اخترتُ هذا الشخص. إذا أراد أحدكم….”
“ألم تكن حبيب قائدة الجيش وصاحبة السمو بارباتوس؟ أجب يا دانتاليان! أجب….!”
تُعدّ القرون بالنسبة لسيد الشياطين مصدر الحياة والقوى السحرية بجانب القلب. لذلك، كلما كانت القرون أصغر اعتُبر سيد شياطين ملك حقيراً. والسبب في تسميتي ذات مرة بـ “نصف سيد شياطين” هو امتلاكي قرناً واحداً غير لائق بسيد شياطينٍ، بجانب أسباب أخرى.
“كلا، أيها القائد جيفار. على الإطلاق”.
“ألم تكن حبيب قائدة الجيش وصاحبة السمو بارباتوس؟ أجب يا دانتاليان! أجب….!”
وضعتُ يدي على كتف بارباتوس. ونظرتُ إلى جيفار وقلت ببرود:
“أنا أيضًا لم أصدّق يا قائد جيفار. لقد وثقتُ ببارباتوس حتى النهاية. حتى في اللحظة التي كانت فيها بايمون تنزف حتى الموت بين ذراعيّ، لم أشكّ في بارباتوس قط….”
“لم أحب حزب السهول يوماً. ولا أحببتُ بارباتوس أيضاً. يبدو أنكَ مثالي يا قائد خلافاً لميلادك. الحب؟ ما هذا الهراء؟ أليس عمري قد تجاوز مرحلة الوقوع في مثل هذه الأوهام؟”
استمر أسياد شياطين حزب السهول في مقاومة الأمر حتى النهاية رغم إصاباتهم القاتلة تقريباً. سقط رؤوسهم بقسوة على الأرض الصلبة والباردة. قمعهم أسياد شياطين الحياد وقطعوا قرونهم بسهولة. ارتطمت القرون الضخمة بالأرض في كل مكان إحداها تلو الأخرى.
اندفع الضحك من فمي. كان ضحكاً لا إرادياً. لكنه كان مناسباً. وصل مستوى مهارتي التمثيلية التي راكمتها طيلة هذه السنين من الدم والعرق، إلى مرحلة تختار فيها غرائزي الطريق الصحيح بصورة لا إرادية.
ارتجف أسياد شياطين حزب السهول وصرخوا متوسلين.
“أنا صراحة مللت منكم. لا تفتحون أفواهكم إلا وتقولون بارباتوس، بارباتوس، بارباتوس…. هل أنتم عاجزون عن التفكير المستقل واتخاذ القرارات؟ لا أستطيع فهم طريقة تفكيركم على الإطلاق”.
“أبعد يدك النجسة! مستحيل أن تفعل صاحبة السمو مثل هذه الاغتيالات!”
“ماذا….؟”
“…… أقرّ بأحقيتك في قيادة الاجتماع. وبحقك في إعطاء الكلمة ومنعها. وبحقك في طرح البنود للتصويت. وبحقك في تأجيل الاجتماع أو حلّه. جميع الصلاحيات مقرّة لك بالكامل”.
“الشيء الوحيد الذي يشغل بالكم هو كيفية إشعال الحرب، أليس كذلك؟ من اللحظة التي عادلتم فيها مستقبل جيش الأسياد شياطين بمستقبل بارباتوس، سئمتُ منكم تماماً”.
“تدخلتم بطريقة محرجة، يا قائد. شعرتُ بالإحراج أيضًا”.
مررتُ يدي اليمنى على خد بارباتوس. تركت بقع الدموع التي تركتها علامة باهتة على راحة يدي.
“بعد أن علمتُ الحقيقة، قلتُ لبارباتوس: اعتذري لسيتري. علّكِ لا تستطيعين الاعتذار رسميًا، لكن على الأقل اعتذري بطريقة غير مباشرة.”
“انظروا. ها هي بارباتوس التي كنتم تعبدونها. لقد تفاخرت بشرف المحاربين والفخر، لكن عندما حان وقت قتل خصمها اللدود بايمون، استخدمت أقذر طريقة وهي الاغتيال…. لم تستطع حتى الوفاء بالمبادئ التي رفعتها”.
ما زال هناك وقت. أي شيء… أي شيء من شأنه أن ينفي فقط…
فجأة، شعرتُ بشيء يبلّل ظهر يدي. لم ألتفت لكنني عرفتُ أنها كانت دموع بارباتوس.
“أبعد يدك النجسة! مستحيل أن تفعل صاحبة السمو مثل هذه الاغتيالات!”
― كان كل شيء على ما يرام.
سالت دمعة واحدة من عيني بارباتوس.
كنتُ قادراً على القيام بأي شيء، بكل شيء، حتى النهاية.
الصداقة.
“ومع ذلك تتحدثون لا زلتم عن الشرف؟ مدهش حقاً. أنا أجد نفسي مبهوراً دون قصد عند رؤية قاتل يتظاهر بتحويل جرائمه إلى فن”.
“ومع ذلك تتحدثون لا زلتم عن الشرف؟ مدهش حقاً. أنا أجد نفسي مبهوراً دون قصد عند رؤية قاتل يتظاهر بتحويل جرائمه إلى فن”.
“أبعد يدك النجسة! مستحيل أن تفعل صاحبة السمو مثل هذه الاغتيالات!”
“تدخلتم بطريقة محرجة، يا قائد. شعرتُ بالإحراج أيضًا”.
“أوه، هل تعتقد أن هذه مجرد تلفيقات؟”
“ماذا….؟”
هززتُ رأسي بازدراء.
“ألم تكن محباً لحزب السهول أكثر من أي شخص؟”
“فهذا مزعج بالتأكيد. من الأفضل لكم أن تؤمنوا بأنها مجرد تلفيقات، حتى تشعروا براحة أكثر”.
جثا جيفار الأخ على الأرض مكبلاً وهو ينظر إليّ وعيناه ممتلئتان ذهولاً وإهانة.
“أيها الوغد، متى ستتوقف عن استهزائك بنا…؟”
“أفهم. آمل أن تعتبروها تلفيقات. اعتبروا أنني كذبتُ على بارباتوس وأهنتُها، وأن سيادة مارباس بمن فيهم جميع المحايدين وافقوا على الكذب معي، اعتبروا ذلك كذلك من فضلكم”.
“أفهم. آمل أن تعتبروها تلفيقات. اعتبروا أنني كذبتُ على بارباتوس وأهنتُها، وأن سيادة مارباس بمن فيهم جميع المحايدين وافقوا على الكذب معي، اعتبروا ذلك كذلك من فضلكم”.
تجمدت ملامح جيفار.
“الشيء الوحيد الذي يشغل بالكم هو كيفية إشعال الحرب، أليس كذلك؟ من اللحظة التي عادلتم فيها مستقبل جيش الأسياد شياطين بمستقبل بارباتوس، سئمتُ منكم تماماً”.
طبعاً، من الطبيعي عدم تصديق الخائن مثلي. لكن جيفار كان يعلم أن مارباس ليس من طبيعة الشخصيات النبيلة التي تقوم بهذه الخطط الدنيئة من أجل التلفيقات فحسب….
تنهد مارباس.
سيد النزاهة الكاملة والعدالة المطلقة، سيد أسياد الشياطين الفاضل مارباس. لم يفعل الأمير النبيل هذا في مدى الألفي عام الماضية ما يبرر اتهاماً كيدياً من أي قبيل. حقيقة أن مارباس يدعم اتهامي كانت بحد ذاتها ختمًا لصحّته….
ضحكتُ بجفاف. رنّ ضحكي المرعب داخل القبة المستديرة. لقد اصطدم البرق منذ وقت طويل، والآن الرعد سيدوي فحسب.
قال جيفار معقّباً وهو يصرّ أسنانه:
كانت بارباتوس امرأة حكيمة، فهي تدرك تماما ما يحدث. ومع ذلك، وبالتحديد لذلك، أعطتني فرصة لتبرير الوضع، فرصة لإنكار ما هو جارٍ الآن.
“هذا مستحيل…لا يمكن أبدًا!”
“لماذا….يا دانتاليان، لماذا خنتنا…!”
اضطرب الجوّ. انتشر سمُّ الشك. الإيمان بأن بارباتوس لا يمكن أن تقوم بمثل هذه الأفعال الدنيئة. لكن في الوقت نفسه، ثقة مارباس التي أثبتها طوال آلاف السنين تصطدم مع تلك الفكرة مباشرةً.
“أفهم. آمل أن تعتبروها تلفيقات. اعتبروا أنني كذبتُ على بارباتوس وأهنتُها، وأن سيادة مارباس بمن فيهم جميع المحايدين وافقوا على الكذب معي، اعتبروا ذلك كذلك من فضلكم”.
“أنا أيضًا لم أصدّق يا قائد جيفار. لقد وثقتُ ببارباتوس حتى النهاية. حتى في اللحظة التي كانت فيها بايمون تنزف حتى الموت بين ذراعيّ، لم أشكّ في بارباتوس قط….”
“كنت أثق بك…….”
“…….”
“……”
“بعد أن علمتُ الحقيقة، قلتُ لبارباتوس: اعتذري لسيتري. علّكِ لا تستطيعين الاعتذار رسميًا، لكن على الأقل اعتذري بطريقة غير مباشرة.”
“لقد كنتُ في سنِّك….”
كانت تلك أكاذيب واضحة.
ارتجف أسياد شياطين حزب السهول وصرخوا متوسلين.
لكن إن كان من المستحيل إثبات كذبها، فإنها سياسيًا تُعدّ حقيقة بالفعل.
“انظروا. ها هي بارباتوس التي كنتم تعبدونها. لقد تفاخرت بشرف المحاربين والفخر، لكن عندما حان وقت قتل خصمها اللدود بايمون، استخدمت أقذر طريقة وهي الاغتيال…. لم تستطع حتى الوفاء بالمبادئ التي رفعتها”.
“بطريقة غير مباشرة…لا بد أن….”
“بالطبع، لم تختفِ فرصة بارباتوس للاعتذار بسبب خطوتكم. ولكن كما رأيتم، بدلًا من أن تقدم الاعتذار اليوم، حاولت بارباتوس القضاء على حزب الجبال”.
“نعم. كان هذا الاجتماع اليوم هو المكان غير المباشر لتقديم الاعتذار. وكما تعلم، يا قائد جيفار، عندما عرضتم أنتم الاعتذار، فإن هذا لا معنى له على الإطلاق. في النهاية، كان يجب على بارباتوس نفسها تقديم هذا الاعتذار”.
“هذا مستحيل…لا يمكن أبدًا!”
عادت ملامح الصدمة مجددًا إلى وجه جيفار. ربما تكون الأحداث والمحادثات في الأيام القليلة الماضية قد أعيد بناؤها وتفسيرها بطريقة مختلفة تمامًا داخل ذهن قائد جيفار الآن.
“هل أنا الأفضل حقاً؟”
“تدخلتم بطريقة محرجة، يا قائد. شعرتُ بالإحراج أيضًا”.
إنها قلادة بارباتوس التي كانت ترتديها دوماً. القلادة التي ضفرتُ بها أصابعي وقدمتها لبارباتوس إثباتاً لحبي الأبدي لها. انقطع خيط القلادة بخفة، وهوي إصبعاي على الأرض بمجرد أن خسرتا ما كان يسندهما.
“…….”
“……”
“بالطبع، لم تختفِ فرصة بارباتوس للاعتذار بسبب خطوتكم. ولكن كما رأيتم، بدلًا من أن تقدم الاعتذار اليوم، حاولت بارباتوس القضاء على حزب الجبال”.
مررتُ يدي اليمنى على خد بارباتوس. تركت بقع الدموع التي تركتها علامة باهتة على راحة يدي.
ضحكتُ بجفاف. رنّ ضحكي المرعب داخل القبة المستديرة. لقد اصطدم البرق منذ وقت طويل، والآن الرعد سيدوي فحسب.
“…… أقرّ بأحقيتك في قيادة الاجتماع. وبحقك في إعطاء الكلمة ومنعها. وبحقك في طرح البنود للتصويت. وبحقك في تأجيل الاجتماع أو حلّه. جميع الصلاحيات مقرّة لك بالكامل”.
“لا غفران لمثل هذا الجرم. لا ينبغي التسامح معها…. سيتم إعدام بارباتوس وبقية الجميع أمام مرأى كافة مواطني العالم السفلي”.
“بالطبع، لم تختفِ فرصة بارباتوس للاعتذار بسبب خطوتكم. ولكن كما رأيتم، بدلًا من أن تقدم الاعتذار اليوم، حاولت بارباتوس القضاء على حزب الجبال”.
شوّهت ملامح أسياد شياطين حزب السهول بشكل لا يطاق.
طبعاً، من الطبيعي عدم تصديق الخائن مثلي. لكن جيفار كان يعلم أن مارباس ليس من طبيعة الشخصيات النبيلة التي تقوم بهذه الخطط الدنيئة من أجل التلفيقات فحسب….
واصل مارباس حديثه. كان التعب بادياً على صوته.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
