الفصل 506 - وصلت الرحلة لنهايتها (2)
الفصل 506 – وصلت الرحلة لنهايتها (2)
“…….”
* * *
0
منذ ذلك اليوم، بدأت الحياة بيني وبين بارباتوس.
لكننا نجحنا بشكل معقول في الضحك أكثر مما بكينا.
كانت بارباتوس تزورني في قلعتي وتبقى أسبوعًا أو أسبوعين من فترة لأخرى. لكن البقاء معًا لفترة طويلة مثل هذه المرة كانت أمرًا نادرًا. كنا نعيش معًا… أو لنكن أكثر صراحة.
“نعم يا دانتاليان.”
“هيا دانتاليان، قمت بطهي شوربة الدجاج اليوم.”
“توقف عن هذيان المشؤم وتناول الطعام.”
“…..”.
لعنتني بارباتوس.
كانت تلك الحياة مثل الحياة الزوجية.
* * *
نعم، هذا كان الإحساس تمامًا.
0
“بالتأكيد ستجدها لذيذة للغاية، إنها تُعتبر من روائع الفن. لا تُسرع في تناولها، فلن أساعدك إن توفيت أثناء الأكل.”
0
فتحت بارباتوس صدرها الأملس بكل فخر. كانت تبدو في بعض الأحيان وكأنها تفتخر بعدم امتلاكها لصدر مثير. وهذا أمر لا يمكنني فهمه أنا الذي أحب الأجسام الجميلة المثيرة.
نظرت إلى شوربة الدجاج في الطبق.
“…لم أكن أعلم أنكِ تجيدين الطهي؟”
0
“حسنًا، كان الطهاة الخاصين بي يقولون إن الطهي يحتاج للمشاعر. فإذا طُهي الطعام بمشاعر صادقة، سيكون لذيذًا مهما كان نوعه. لقد وضعت مشاعري بالكامل في هذا الطبق، لذا لا بد أنه سيكون لذيذًا.”
وفي كل مرة كانت بارباتوس تحتضنني بقوة.
نظرت إلى شوربة الدجاج في الطبق.
“بالتأكيد ستجدها لذيذة للغاية، إنها تُعتبر من روائع الفن. لا تُسرع في تناولها، فلن أساعدك إن توفيت أثناء الأكل.”
لسبب ما، كان لونها بنفسجيًا. تصاعدت فقاعات غريبة من سطح الشوربة المغلية. وكانت تفوح منها رائحة غريبة قوية، لدرجة لا تستطيع فيها تخمين أي من الأعشاب والتوابل تم إستخدامها.
“آسف جدًا، لكننا لا نتعامل مع الأشخاص الأحياء هنا، سيدتي.”
بصراحة، شعرت بالخوف.
إنه مجرد تمديد وجيز.
لم يحدث من قبل أن خفتُ من طعام.
منذ ذلك اليوم، بدأت الحياة بيني وبين بارباتوس.
“…يبدو أنكِ وضعتِ روحِك فيه بدلاً من مشاعريك…”
“توقف عن هذيان المشؤم وتناول الطعام.”
“ماذا؟ هل تعني أن فمك المترف لا يستطيع تذوق طبقي الذي صنعته بيديّ؟”
“بالطبع يجب أن تأكله بفرح حيث أنني قدمته لك. دعني أسألك شيئًا واحدًا فقط. هل جربتِ ملحه؟”
للأسف، كانت هناك امرأة أكثر رعبًا من حساء الدجاج أمام أنفي. تغير وجه بارباتوس فجأة بعد أن كان مبتسمًا للتو. حتى المتخصصون في الاغتيالات لو رأوا بارباتوس الآن، لسال البراز منهم.
“ألا تقصدين أنني أنا من سيقوم بالتنظيف؟”
“بالطبع يجب أن تأكله بفرح حيث أنني قدمته لك. دعني أسألك شيئًا واحدًا فقط. هل جربتِ ملحه؟”
“نعم يا صاح.”
“ماذا تقصد؟ لقد قلت أنني طبخته بقلبي.”
0
يبدوا أنها لم تتذوقه حتي.
انزلق فستانها إلى أسفل.
أمسكت بالملعقة الفضية برعشة، وغمستها في الشوربة. لقد شعرت بقوامها اللزج تمامًا. فأقشعر جسدي.
“على الأقل نظف هذا المكان، أيها الأحمق المشوه. إنه متسخ للغاية. من المدهش أنك لا تزال تتنفس مع كل هذا الغبار في أنفك.”
بدلاً من أن تكون شوربة، كانت أقرب إلى الحلوى اللزجة. هل كانت بارباتوس تعتبر هذا طعامًا يمكن للبشر تناوله حقًا؟ لا شك أن بصري قد تضرر بشكل لا يمكن إصلاحه. أو ربما كان دماغها تالفًا. نعم، فرضية تلف الدماغ أقرب إلى الواقع.
شعرت وكأنني اكتشفت أحد أسرار العالم الغامضة.
“توقف عن هذيان المشؤم وتناول الطعام.”
“دانتاليان. كل شيء سيكون على ما يرام…”
“أه؟!”
“أنت أحمق. هل ستواصل رسم صور عاريات لنساء أخريات؟”
حركت بارباتوس ملعقتي عنوة. لم أجد أي مقاومة في نفسي ودفعتني لتناول الشوربة البنفسجية. أغمضت عيني بقوة وذقتها بلساني.
بعد فترة قصيرة، أدركت ما كان هدف بارباتوس.
شعرت بشيء دهني غريب على لساني لفترة وجيزة.
في الصيف، قمنا بالقفز في الجدول وممارسة مغامراتنا المائية. و كان من المضحك حقاً أن بارباتوس العظيمة، سيئة جداً في السباحة. عندما كنت أمسك بكاحليها وأجرها تحت الماء، كانت تنتابها حقاً حالة من الخوف. نادراً ما رأيت بارباتوس خائفة لدرجة أنني حاولت ذلك عدة مرات، حتى قامت بإعطائي ركلة أخيرة قوية.
“…إنها لذيذة على نحو غير متوقع؟”
“…يبدو أنكِ وضعتِ روحِك فيه بدلاً من مشاعريك…”
“أليس كذلك؟ لأنني طهيتها بمشاعر صادقة.”
شعرت وكأنني اكتشفت أحد أسرار العالم الغامضة.
“القوام مروع للغاية، لكن النكهة جيدة…”
“آسف جدًا، لكننا لا نتعامل مع الأشخاص الأحياء هنا، سيدتي.”
شعرت وكأنني اكتشفت أحد أسرار العالم الغامضة.
كنا ننهار ببطء.
كانت بارباتوس تطهو وجبة واحدة كل يوم. وأحيانًا كانت تضع فقط قطعة جبن على خبز محمص لأنها بدت تشعر بالملل. بما أنني لا أحتاج إلى تناول الطعام، حاولت تجاهلها ولكنها بدأت بالصراخ وإلقاء الألفاظ النابية متهمة إياي بازدراء مجهوداتها، لذا لم يكن لدي خيار سوى الرضوخ. حتى وضع قطعة الجبن على الطبق كان بمثابة مجهود بالنسبة لها.
“آسف جدًا، لكننا لا نتعامل مع الأشخاص الأحياء هنا، سيدتي.”
بعد فترة قصيرة، أدركت ما كان هدف بارباتوس.
لكن بارباتوس كانت هنا.
“اليوم صنعتٌ لحمًا مشويًا من لحم الضأن. كان من الصعب جدًا إعداده، لذا تناوله بامتنان.”
مع كل وجبة يومية، أصبح لديّ روتين منتظم. في السابق، كنت أفقد وعيي لمدة يوم أو يومين كحد أدنى. لم أكن بحاجة إلى النوم أو تناول الطعام، لذا كنت أجلس في الزاوية فقط دون حراك.
“أي سحر استخدمتِه ليصبح اللحم المشوي أخضر اللون؟”
نعم، هذا كان الإحساس تمامًا.
مع كل وجبة يومية، أصبح لديّ روتين منتظم. في السابق، كنت أفقد وعيي لمدة يوم أو يومين كحد أدنى. لم أكن بحاجة إلى النوم أو تناول الطعام، لذا كنت أجلس في الزاوية فقط دون حراك.
“……..”
“على الأقل نظف هذا المكان، أيها الأحمق المشوه. إنه متسخ للغاية. من المدهش أنك لا تزال تتنفس مع كل هذا الغبار في أنفك.”
لم يتحدث أي منا، لكننا كنا نعلم.
“ألا تقصدين أنني أنا من سيقوم بالتنظيف؟”
وفي كل مرة كانت بارباتوس تحتضنني بقوة.
“إذا كنت أنا من يطهو لكَ الطعام، فهل سأقوم بالتنظيف أيضًا؟ بعد قليل ستطلب مني أن أرضعك أيضًا، أليس كذلك؟”
لعنتني بارباتوس.
منذ أن جاءت بارباتوس، تغيرت الأمور.
“ماذا؟ هل تعني أن فمك المترف لا يستطيع تذوق طبقي الذي صنعته بيديّ؟”
حتى لو فقدت وعيي، كنت مضطرًا للاستيقاظ مرة واحدة على الأقل. بالإضافة إلى ذلك، أصبح علي القيام بغسل الأواني وتنظيف المنزل وغسل الملابس. أصبح لدي روتين يومي. حياتي التي كانت تمر بلا هدف أصبحت الآن تتراكم يومًا بعد يوم بشكل منتظم.
استطعنا بصعوبة الصمود لعامين.
مر الوقت.
0
لكن بارباتوس كانت هنا.
17 سنة،
حتى عندما كنت أرسم لوحاتي.
0
“دانتاليان. ألن ترسمني اليوم أيضًا؟”
“حسنًا، كان الطهاة الخاصين بي يقولون إن الطهي يحتاج للمشاعر. فإذا طُهي الطعام بمشاعر صادقة، سيكون لذيذًا مهما كان نوعه. لقد وضعت مشاعري بالكامل في هذا الطبق، لذا لا بد أنه سيكون لذيذًا.”
“…لا، لقد طلبتُ منكِ ألا تزعجيني أثناء الرسم.”
شعرت بشيء دهني غريب على لساني لفترة وجيزة.
“تقول ذلك لأنك ترسم لوحات لعاهرات أخريات. هذه المرة رسمت وزيرتك، والمرة الماضية رسمت لاورا. فمتى سيأتي دوري؟”
( غير مناسب للصائمين )
“آسف جدًا، لكننا لا نتعامل مع الأشخاص الأحياء هنا، سيدتي.”
مرت سنة في لمح البصر.
“أيها المتحرش بالجثث الشرير.”
كان كل يوم يمثل تحدياً حدودياً لبارباتوس وأنا. لم يكن هناك مكان لم يتسبب فيه عقلنا أو أجسادنا في إزعاج مقيت.
لعنتني بارباتوس.
شعرت وكأنني اكتشفت أحد أسرار العالم الغامضة.
( غير مناسب للصائمين )
“…يبدو أنكِ وضعتِ روحِك فيه بدلاً من مشاعريك…”
ثم ربما خطرت لها فكرة جيدة، فقد ابتسمت. وقفت بارباتوس قليلاً إلى اليسار من اللوحة، ورفعت بإصبعها حمالات فستانها. كان كتفاها ناعم ورقيق لدرجة أنهما قد ينكسران بأدنى ضغط.
* * *
“كيف هذا؟”
0
انزلق فستانها إلى أسفل.
مرت السنوات،
تعرى صدرها الأبيض.
“…لم أكن أعلم أنكِ تجيدين الطهي؟”
لم تكن بارباتوس ترتدي أي ملابس داخلية لأنها كانت تراها غير ضرورية وعبئًا. كانت أشعة الشمس تدخل من النافذة وتضيء نصف جسدها. في النصف الآخر المظلم، كانت بارباتوس تلمع بشكلٍ ساطع.
أمسكت بالملعقة الفضية برعشة، وغمستها في الشوربة. لقد شعرت بقوامها اللزج تمامًا. فأقشعر جسدي.
“…….”
“…إنها لذيذة على نحو غير متوقع؟”
لمحت خفقات قلبي في صدري. في البداية أردت أن أنتقدها على فعلتها لكنني لم أستطع تحريك شفتي. بغض النظر عن مدى سخفي، فقد نجحت بارباتوس في جذب انتباهي تمامًا. يمكنني أن أقول إنها سخرت مني.
نعم، هذا كان الإحساس تمامًا.
ابتسمت بارباتوس بشكل ساخر.
“حسنًا، كان الطهاة الخاصين بي يقولون إن الطهي يحتاج للمشاعر. فإذا طُهي الطعام بمشاعر صادقة، سيكون لذيذًا مهما كان نوعه. لقد وضعت مشاعري بالكامل في هذا الطبق، لذا لا بد أنه سيكون لذيذًا.”
“أنت أحمق. هل ستواصل رسم صور عاريات لنساء أخريات؟”
إنه مجرد تمديد وجيز.
في الواقع، لا يمكنني إلا أن أستجيب لهذه التكتيكات.
مع كل وجبة يومية، أصبح لديّ روتين منتظم. في السابق، كنت أفقد وعيي لمدة يوم أو يومين كحد أدنى. لم أكن بحاجة إلى النوم أو تناول الطعام، لذا كنت أجلس في الزاوية فقط دون حراك.
باستخدام وسائل لا يمكن رفضها، غيرت بارباتوس روتيني اليومي شيئًا فشيئًا. عندما استفقت، كنت أجد أن جدول أعمالي قد تم ترتيبه بالفعل من الصباح حتى الفجر.
حتى عندما كنت أرسم لوحاتي.
كنا نستيقظ في نفس الوقت المبكر من الصباح، ونجلس عند نفس الطاولة لتناول الطعام. أثناء رسمي، كانت بارباتوس تعزف على الكمان أو التشيلو. وبعد الانتهاء من الأعمال المنزلية المتفرقة، كنا ننام على نفس السرير. وكانت بارباتوس تجبرني بالقوة على النوم.
“أليس كذلك؟ لأنني طهيتها بمشاعر صادقة.”
“دانتاليان!”
خلال الشتاء، بقينا هادئين في المنزل بانتظار عودة أزهار الكرز. كانت تلك أيضاً الفترة التي خصصناها لممارسة هواياتنا المفضلة. كانت بارباتوس ترتدي النظارات بسبب ضعف بصرها، لكنها كانت لسبب ما لا تحب أن تظهر لي بهذا المظهر. لقد ظلت غريبة الأطوار كالمعتاد.
بالطبع، كان النوم شيئًا معاديًا بالنسبة لي.
ثم ربما خطرت لها فكرة جيدة، فقد ابتسمت. وقفت بارباتوس قليلاً إلى اليسار من اللوحة، ورفعت بإصبعها حمالات فستانها. كان كتفاها ناعم ورقيق لدرجة أنهما قد ينكسران بأدنى ضغط.
عندما كنت أفقد وعيي، كنت أؤذي نفسي بشكل شبه تلقائي. إذا كان هناك أي شيء حاد من حولي، سواء سكين أو قلم رصاص، كنت أحشره في راحة يدي. وإذا لم يكن هناك أي شيء حاد، كنت أمزق لحمي بأظافري.
إن هدفي في البقاء على قيد الحياة في هذا العالم ولو ليوم واحد آخر، كان يتم الحفاظ عليه بالكاد بفضل بارباتوس. لو غادرتني بارباتوس، لما استطعت البقاء لأكثر من ثلاثة أيام قبل أن أنتحر.
وفي كل مرة كانت بارباتوس تحتضنني بقوة.
مرت السنوات،
“كل شيء سيكون على ما يرام. أنا هنا معك. لن أختفي أبدًا. آه.”
0
“…….”
0
“دانتاليان. كل شيء سيكون على ما يرام…”
“…..”.
لم تتوقف نوباتي أبدًا حتى أصبح جسدي منهكًا ويسقط أرضًا.
0
كان البقاء مستيقظًا أكثر إرهاقًا من النوم. لم يكن هناك شيء أكثر مرارة من حقيقة أنني لم أعد إنسانًا كاملًا. كنت منهارًا تمامًا وبلا شك.
“إذا كنت أنا من يطهو لكَ الطعام، فهل سأقوم بالتنظيف أيضًا؟ بعد قليل ستطلب مني أن أرضعك أيضًا، أليس كذلك؟”
على الرغم من جهود بارباتوس المخلصة، كان الشفاء مستحيلاً.
في الخريف، استمتعنا بالاسترخاء مستلقين على فراش من الأوراق المتساقطة. حافظنا على درجة الحرارة المناسبة عن طريق لف البطانيات حولنا. كنا نستلقي جنباً إلى جنب، ننظر إلى السماء في صمت لا نهاية له. وعلى الرغم من قلة كلامنا وحديثنا المتقطع، إلا أننا نجحنا في الضحك.
لم أكن أنا وحدي في هذه الحالة، فقد كانت بارباتوس أيضًا على نفس الحال. رحلتها المريرة التي دامت مئتي عام تركت جروحًا عميقة فيها. كانت بارباتوس تعرق حتى عندما تكون هادئة، وأحيانًا كانت تفقد وعيها وتصاب بنوبات هلع. كانت بارباتوس تُصاب بنوبات من العرق البارد حتى عندما تكون هادئة، وأحياناً تفقد وعيها وتصاب بنوبات هلوسة. وإذا كنت أنا أعاني من نوبات تشنج عنيفة، فقد كانت بارباتوس تصرخ وتتأوه من الألم.
0
كان يتعذر علينا وقف تلك النوبات التشنجية التي لم تتوقف حتى من إرهاق أجسامنا وإغراقها في النوم. لقد كان النوم أشد إيلاماً من البقاء متيقظين، حيث واجهنا حقيقة زوال إنسانيتنا وانهيارنا الكامل. لم يكن هناك شيء أكثر مرارة من إدراك تحللنا حتى النخاع. فقد كنا منهارين بلا شك.
كان كل يوم يمثل تحدياً حدودياً لبارباتوس وأنا. لم يكن هناك مكان لم يتسبب فيه عقلنا أو أجسادنا في إزعاج مقيت.
وعلى الرغم من جهود بارباتوس الدؤوبة، لم يكن هناك أي أمل في الشفاء. ولم أكن أنا وحدي على هذه الحال، بل كانت بارباتوس أيضاً تعاني من نفس المصير. فقد خلفت رحلتنا المضنية التي استمرت مئتي عام آثاراً عميقة في نفسيها. كانت بارباتوس تُصاب بنوبات من العرق البارد حتى عندما تكون هادئة، وأحياناً تفقد وعيها وتصاب بنوبات هلوسة. وإذا كنت أنا أعاني من نوبات تشنج عنيفة، فقد كانت بارباتوس تصرخ وتتأوه من الألم.
كانت بارباتوس تطهو وجبة واحدة كل يوم. وأحيانًا كانت تضع فقط قطعة جبن على خبز محمص لأنها بدت تشعر بالملل. بما أنني لا أحتاج إلى تناول الطعام، حاولت تجاهلها ولكنها بدأت بالصراخ وإلقاء الألفاظ النابية متهمة إياي بازدراء مجهوداتها، لذا لم يكن لدي خيار سوى الرضوخ. حتى وضع قطعة الجبن على الطبق كان بمثابة مجهود بالنسبة لها.
“……..”
كان كل يوم يمثل تحدياً حدودياً لبارباتوس وأنا. لم يكن هناك مكان لم يتسبب فيه عقلنا أو أجسادنا في إزعاج مقيت.
في تلك اللحظات، كنت أضمها بقوة بين ذراعي.
كنا ننهار ببطء.
وكما همست لي بارباتوس، كنت أردد في أذنها أن كل شيء سيكون على ما يرام. وبعد ساعة تقريباً، تنهار قواها وتتعب. كنا نعانق بعضنا البعض كل ليلة لمدة ست أو سبع ساعات، حتى ننهار من الإرهاق…
وعلى الرغم من جهود بارباتوس الدؤوبة، لم يكن هناك أي أمل في الشفاء. ولم أكن أنا وحدي على هذه الحال، بل كانت بارباتوس أيضاً تعاني من نفس المصير. فقد خلفت رحلتنا المضنية التي استمرت مئتي عام آثاراً عميقة في نفسيها. كانت بارباتوس تُصاب بنوبات من العرق البارد حتى عندما تكون هادئة، وأحياناً تفقد وعيها وتصاب بنوبات هلوسة. وإذا كنت أنا أعاني من نوبات تشنج عنيفة، فقد كانت بارباتوس تصرخ وتتأوه من الألم.
لقد تحطمنا بشكل مفرط.
كان كل يوم يمثل تحدياً حدودياً لبارباتوس وأنا. لم يكن هناك مكان لم يتسبب فيه عقلنا أو أجسادنا في إزعاج مقيت.
منذ ذلك اليوم، بدأت الحياة بيني وبين بارباتوس.
“آه، كانت الزهور جميلة اليوم.”
كنا ننهار ببطء.
ومع ذلك، حاولنا بشكل يائس تمثيل أن الحياة طبيعية.
0
قمنا بإدارة حياتنا اليومية لكي نستمر في البقاء على قيد الحياة لمدة أطول. تناولنا الطعام وتنزهنا وضحكنا وتحدثنا كما لو كنا نعيش حياة عادية. تبادلنا الحديث ومارسنا الجنس. خجلنا، وألقينا الشتائم، وغثينا، وابتسمنا ابتسامة مريرة قائلين “ما باليد حيلة.”
تشابكت أصابعنا في صمت.
مرت سنة في لمح البصر.
خلال الشتاء، بقينا هادئين في المنزل بانتظار عودة أزهار الكرز. كانت تلك أيضاً الفترة التي خصصناها لممارسة هواياتنا المفضلة. كانت بارباتوس ترتدي النظارات بسبب ضعف بصرها، لكنها كانت لسبب ما لا تحب أن تظهر لي بهذا المظهر. لقد ظلت غريبة الأطوار كالمعتاد.
لم نتطرق لأي شيء. لقد تعاهدنا بصراحة على البقاء هنا لمدة عام واحد فقط ثم الرحيل. لكن الآن لم يعد لهذا الوعد أي معنى. فكلانا، بارباتوس وأنا، لم يكن من المستغرب أن نسقط ونموت في أي لحظة.
من الربيع إلى الصيف، ثم من الخريف إلي الشتاء.
كنت أشعر بالخديعة من بارباتوس إلى حد ما.
“…….”
إن هدفي في البقاء على قيد الحياة في هذا العالم ولو ليوم واحد آخر، كان يتم الحفاظ عليه بالكاد بفضل بارباتوس. لو غادرتني بارباتوس، لما استطعت البقاء لأكثر من ثلاثة أيام قبل أن أنتحر.
الفصل 506 – وصلت الرحلة لنهايتها (2)
كنا ننهار ببطء.
“آسف جدًا، لكننا لا نتعامل مع الأشخاص الأحياء هنا، سيدتي.”
لكننا كنا ننهار معتمدين على بعضنا البعض، مما سمح لنا بالاستمرار للحظة بالتكئ على جسد الآخر.
“اليوم صنعتٌ لحمًا مشويًا من لحم الضأن. كان من الصعب جدًا إعداده، لذا تناوله بامتنان.”
إنه مجرد تمديد وجيز.
“اليوم صنعتٌ لحمًا مشويًا من لحم الضأن. كان من الصعب جدًا إعداده، لذا تناوله بامتنان.”
“يا دانتاليان، لنذهب لمشاهدة أزهار الكرز عندما تزهر.”
“ألا تقصدين أنني أنا من سيقوم بالتنظيف؟”
“هل سنشرب الخمر و نحن نشاهد؟”
“على الأقل نظف هذا المكان، أيها الأحمق المشوه. إنه متسخ للغاية. من المدهش أنك لا تزال تتنفس مع كل هذا الغبار في أنفك.”
“نعم يا صاح.”
في الخريف، استمتعنا بالاسترخاء مستلقين على فراش من الأوراق المتساقطة. حافظنا على درجة الحرارة المناسبة عن طريق لف البطانيات حولنا. كنا نستلقي جنباً إلى جنب، ننظر إلى السماء في صمت لا نهاية له. وعلى الرغم من قلة كلامنا وحديثنا المتقطع، إلا أننا نجحنا في الضحك.
حاولنا في صمت ملء تلك الفجوة الممتدة.
“نعم يا دانتاليان.”
كنا نذهب دائماً لزيارة المنحدرات وسط تفتح الأزهار الوردية المبهرة لأشجار الكرز. وسرعان ما أصبح ذلك تقليداً سنوياً.
كانت بارباتوس تزورني في قلعتي وتبقى أسبوعًا أو أسبوعين من فترة لأخرى. لكن البقاء معًا لفترة طويلة مثل هذه المرة كانت أمرًا نادرًا. كنا نعيش معًا… أو لنكن أكثر صراحة.
كنا نحمل كمية هائلة من الخمر ونرتكب كل أنواع الحماقات. ضحكنا على كم كنا أغبياء منذ مئتي عام. نزعنا ملابسنا ورمينا بها بعيداً، وتدحرجنا تحت أشجار الكرز كالأطفال الصغار. كل شيء كانت محاولة يائسة للنجاة.
( غير مناسب للصائمين )
استطعنا بصعوبة الصمود لعامين.
“أه؟!”
في الصيف، قمنا بالقفز في الجدول وممارسة مغامراتنا المائية. و كان من المضحك حقاً أن بارباتوس العظيمة، سيئة جداً في السباحة. عندما كنت أمسك بكاحليها وأجرها تحت الماء، كانت تنتابها حقاً حالة من الخوف. نادراً ما رأيت بارباتوس خائفة لدرجة أنني حاولت ذلك عدة مرات، حتى قامت بإعطائي ركلة أخيرة قوية.
إنه مجرد تمديد وجيز.
في الخريف، استمتعنا بالاسترخاء مستلقين على فراش من الأوراق المتساقطة. حافظنا على درجة الحرارة المناسبة عن طريق لف البطانيات حولنا. كنا نستلقي جنباً إلى جنب، ننظر إلى السماء في صمت لا نهاية له. وعلى الرغم من قلة كلامنا وحديثنا المتقطع، إلا أننا نجحنا في الضحك.
لمحت خفقات قلبي في صدري. في البداية أردت أن أنتقدها على فعلتها لكنني لم أستطع تحريك شفتي. بغض النظر عن مدى سخفي، فقد نجحت بارباتوس في جذب انتباهي تمامًا. يمكنني أن أقول إنها سخرت مني.
خلال الشتاء، بقينا هادئين في المنزل بانتظار عودة أزهار الكرز. كانت تلك أيضاً الفترة التي خصصناها لممارسة هواياتنا المفضلة. كانت بارباتوس ترتدي النظارات بسبب ضعف بصرها، لكنها كانت لسبب ما لا تحب أن تظهر لي بهذا المظهر. لقد ظلت غريبة الأطوار كالمعتاد.
0
مرت السنوات،
لعنتني بارباتوس.
من الربيع إلى الصيف، ثم من الخريف إلي الشتاء.
“آه، كانت الزهور جميلة اليوم.”
على الرغم من اعتقادي أننا لن نصمد أكثر من خمس سنوات، إلا أننا تمكنا من البقاء لعشر سنوات.
0
وكلما زادت السنوات، إزدادت الذكريات.
كانت بارباتوس تطهو وجبة واحدة كل يوم. وأحيانًا كانت تضع فقط قطعة جبن على خبز محمص لأنها بدت تشعر بالملل. بما أنني لا أحتاج إلى تناول الطعام، حاولت تجاهلها ولكنها بدأت بالصراخ وإلقاء الألفاظ النابية متهمة إياي بازدراء مجهوداتها، لذا لم يكن لدي خيار سوى الرضوخ. حتى وضع قطعة الجبن على الطبق كان بمثابة مجهود بالنسبة لها.
واستندنا إلى تلك الذكريات لنستمر قليلاً أكثر.
0
لقد عانينا الكثير،
وكلما زادت السنوات، إزدادت الذكريات.
وبكينا غالباً دون أن ندري.
تشابكت أصابعنا في صمت.
لكننا نجحنا بشكل معقول في الضحك أكثر مما بكينا.
خلال الشتاء، بقينا هادئين في المنزل بانتظار عودة أزهار الكرز. كانت تلك أيضاً الفترة التي خصصناها لممارسة هواياتنا المفضلة. كانت بارباتوس ترتدي النظارات بسبب ضعف بصرها، لكنها كانت لسبب ما لا تحب أن تظهر لي بهذا المظهر. لقد ظلت غريبة الأطوار كالمعتاد.
17 سنة،
“دانتاليان. ألن ترسمني اليوم أيضًا؟”
هذه هي المدة التي تحملناها معاً بشكل معجزي.
وكلما زادت السنوات، إزدادت الذكريات.
“بارباتوس.”
على الرغم من اعتقادي أننا لن نصمد أكثر من خمس سنوات، إلا أننا تمكنا من البقاء لعشر سنوات.
“نعم يا دانتاليان.”
كانت بارباتوس تزورني في قلعتي وتبقى أسبوعًا أو أسبوعين من فترة لأخرى. لكن البقاء معًا لفترة طويلة مثل هذه المرة كانت أمرًا نادرًا. كنا نعيش معًا… أو لنكن أكثر صراحة.
تشابكت أصابعنا في صمت.
لعنتني بارباتوس.
لم يتحدث أي منا، لكننا كنا نعلم.
شعرت بشيء دهني غريب على لساني لفترة وجيزة.
أن النهاية الأخيرة قد اقتربت لتلامس ظهورنا.
كانت بارباتوس تطهو وجبة واحدة كل يوم. وأحيانًا كانت تضع فقط قطعة جبن على خبز محمص لأنها بدت تشعر بالملل. بما أنني لا أحتاج إلى تناول الطعام، حاولت تجاهلها ولكنها بدأت بالصراخ وإلقاء الألفاظ النابية متهمة إياي بازدراء مجهوداتها، لذا لم يكن لدي خيار سوى الرضوخ. حتى وضع قطعة الجبن على الطبق كان بمثابة مجهود بالنسبة لها.
0
“بالطبع يجب أن تأكله بفرح حيث أنني قدمته لك. دعني أسألك شيئًا واحدًا فقط. هل جربتِ ملحه؟”
0
حاولنا في صمت ملء تلك الفجوة الممتدة.
0
تشابكت أصابعنا في صمت.
0
حتى لو فقدت وعيي، كنت مضطرًا للاستيقاظ مرة واحدة على الأقل. بالإضافة إلى ذلك، أصبح علي القيام بغسل الأواني وتنظيف المنزل وغسل الملابس. أصبح لدي روتين يومي. حياتي التي كانت تمر بلا هدف أصبحت الآن تتراكم يومًا بعد يوم بشكل منتظم.
0
استطعنا بصعوبة الصمود لعامين.
0
على الرغم من اعتقادي أننا لن نصمد أكثر من خمس سنوات، إلا أننا تمكنا من البقاء لعشر سنوات.
0
“دانتاليان. كل شيء سيكون على ما يرام…”
0
“ماذا؟ هل تعني أن فمك المترف لا يستطيع تذوق طبقي الذي صنعته بيديّ؟”
0
حتى عندما كنت أرسم لوحاتي.
0
بدلاً من أن تكون شوربة، كانت أقرب إلى الحلوى اللزجة. هل كانت بارباتوس تعتبر هذا طعامًا يمكن للبشر تناوله حقًا؟ لا شك أن بصري قد تضرر بشكل لا يمكن إصلاحه. أو ربما كان دماغها تالفًا. نعم، فرضية تلف الدماغ أقرب إلى الواقع.
0
حركت بارباتوس ملعقتي عنوة. لم أجد أي مقاومة في نفسي ودفعتني لتناول الشوربة البنفسجية. أغمضت عيني بقوة وذقتها بلساني.
الفصل القادم أخر فصل و بعدهم مجرد فصول فلر.
مرت سنة في لمح البصر.
( غير مناسب للصائمين )
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
