نيكولاس 2
شعر نيكولاس ببعض الندم عندما ضحى برفيقه من أجل إسقاط رامي السهام. لم يكن الندم نابعًا من موت حليفه السابق، بل لأنه لم ينجح في قتل العدو. وبعد أن منح رامي السهام الجريح جرعة شفاء، قرر نيكولاس أن يختبئ في شجرة تبعد نحو عشرين مترًا، بحيث يبقي عينه على العدو المصاب.
وبعبارة أخرى، جعل من حليفه طعمًا.
بدا أن رامي السهام العدو يمتلك مهارة إدراك أو شيئًا من هذا القبيل يمنحه القدرة على تحديد موقع الأفراد القريبين منه. في البداية، اعتقد نيكولاس أنها قد تكون مهارة التتبع الأساسية، لكنه لاحظ أيضًا أن العدو يستخدم التخفي الأساسي، مما يعني إما أن رامي السهام قد اكتسب مهارتين، وبالتالي كان فوق المستوى 10، أو أنه يمتلك وسائل أخرى غير معروفة.
لكن في النهاية، لم يكن هذا الأمر مهمًا. الأهم كان قتل العدو، وقد كان الفخ الذي نصبه نيكولاس يعمل بشكل مثالي حتى اللحظة الأخيرة.
وعندما كان يحدد توقيت تسديدته مع تحركات رامي السهام العدو، لاحظ أن الرجل كان يتفاعل وكأنه يملك عينين في ظهره، حيث تمكن من الانحراف قليلاً إلى الجانب، مما قلل من الضرر الناتج عن السهم بشكل كبير. لعن نيكولاس نفسه عندما أطلق سهمًا آخر، لكن العدو تجنب الإصابة مرة أخرى دون أن يستدير. وقبل أن يتمكن نيكولاس من إطلاق سهم آخر، كان العدو قد فر بالفعل إلى بر الأمان خلف شجرة.
قفز نيكولاس من الشجرة التي كان فيها وبدأ بالركض إلى الجانب، محافظًا على مسافة جيدة. اكتشف رامي السهام العدو مجددًا وسرعان ما أطلق سهمًا آخر، لكنه تمكن مرة أخرى من الاختباء خلف شجرة.
ما تبع ذلك كان لعبة القط والفأر، حيث استمر نيكولاس في إطلاق السهام كلما رأى رامي السهام الآخر يقترب ببطء. بناءً على تحركات العدو، لابد أنه تناول جرعة صحية، ما وضع نيكولاس في سباق مع الزمن قبل أن يستعيد العدو كامل صحته.
كان الأمر برمته محبطًا، وازداد سوءًا عندما بدأ رامي السهام الآخر في الرد بإطلاق النار. لم يكن أي منهما يرغب في الاشتباك عن قرب، ومع وجود عشرين مترًا بينهما، وجدا نفسيهما في طريق مسدود.
شعر جيك ببعض التحسن بعد أن تجنب المزيد من السهام، بل وبدأ في الرد. كانت حياته في خطر في كل لحظة، وكان قد تعرض لبعض المواقف الخطرة، لكنه كان يستمتع بكل لحظة من هذا التحدي.
كلاهما تهرب وتجنب السهام بينما كانا يتنقلان بين الأشجار، ولم يتمكن أي منهما من إصابة الآخر. كان جيك مرتاحًا لهذا الجمود، حيث بدأ يشعر بالتحسن مع مرور الوقت، مدعومًا بحيويته العالية التي ساعدته في شفاء إصاباته الداخلية.
وعلى الرغم من التأثير المتسامي للجرعة العلاجية في استعادة النقاط الصحية، إلا أنها لم تصلح الجسم على الفور. كان كل شيء يعتمد على حيوية الشخص، وهي إحصائية لم يكن جيك يفتقر إليها بفضل لقبه [بطريرك الدم].
ومع تبادل إطلاق النار، اقترب الاثنان ببطء من بعضهما البعض. العشرون مترًا الأولية أصبحت خمسة عشر ثم عشرة فقط. وعندما انخفض عدد السهام لدى نيكولاس إلى أقل من عشرين سهمًا، دخل رامي السهام الآخر أخيرًا في نطاق إدراك جيك، ما جعل الحواجز المادية بينهما أقل أهمية بكثير.
كانت الغابة في هذه اللحظة مشهدًا رائعًا، حيث علقت عشرات السهام في الأشجار. بعضها كان منخفضًا على الجذوع، والبعض الآخر كان أقرب إلى قممها، حيث كان الرماة يتسلقونها دوريًا للحصول على أي ميزة.
كان جيك يشعر بازدياد إحباط نيكولاس مع استمرار القتال، وعندما دخل في نطاق إدراكه، رأى العبوس الكبير على وجه الرجل.
ابتسم جيك وقال: “هذا ممتع، أليس كذلك؟”
صرخ نيكولاس بغضب: “ماذا تريد بحق الجحيم؟”
رد جيك بابتسامة: “الاسم. اسمي جيك!”
“ولماذا يجب أن أهتم بذلك؟” صاح نيكولاس بوضوح، غير مستمتع بتبادل الكلمات.
رأى جيك أن نيكولاس كان يقضي وقته في استحضار المزيد من السهام. جيك أيضًا كان يفعل الشيء نفسه، لكنه كان يمتلك تسعة عشر سهمًا، بينما كان لدى نيكولاس أحد عشر فقط. بناءً على مستوى مهارة نيكولاس، من المحتمل أنه كان يدرك أن هذا الوضع يضعه في موقف غير مؤات، لذا كان يتحمل المحادثة لكسب الوقت.
قال جيك ببساطة: “سيكون من العار أن تنتهي كإخطار عشوائي آخر بتجربة نقاط البرنامج التعليمي المكتسبة، أليس كذلك؟”
ظل نيكولاس هادئًا رغم إحباطه الواضح من الموقف. لم يفقد السيطرة على أعصابه بما يكفي لعرقلة أدائه، وكان جيك يحترم مهارته العالية. رغم أنه كان يعلم أن هذا لن يكون آخر قتال له من أجل الحياة، أراد أن يعرف اسم خصمه الأول على الأقل. ندم قليلاً على عدم الحصول على أسماء المهاجمين الثلاثة الذين قتلهم أول مرة، لكن الوضع لم يكن مناسبًا لتبادل الأسماء.
سخر نيكولاس قائلاً: “ما زلت تحاول التصرف وكأنك رائع؟ انتظر حتى أضع قبضتي عليك؛ أنت تجعلني أشعر بالحرج هنا.”
ضحك جيك وقال: “لكن إذا كنت تهتم بهذا القدر، اسمي نيكولاس.”
أجاب جيك مبتسمًا: “سررت بلقائك، على ما أعتقد. هل كانت تهكمتي بهذا السوء حقًا؟” لقد حاول أن يبدو رائعًا تمامًا، لكنه أدرك أن الأمر بدا أشبه بتصرف طفل في فئة.
“محرج بما يكفي ليجعلني أرغب في التخلص منك حتى دون أن يأمرني ريتشارد بذلك. حقًا، ما الذي كنت تفكر فيه؟” سأل نيكولاس وهو يعد مخزونه من السهام. ثمانية عشر.
أجاب جيك بتردد، محاولاً إخفاء إحراجه: “حقًا، هل كان بهذا السوء؟ أعتقد أنه يجب أن أعتذر؟ لن أفعل شيئًا كهذا مرة أخرى، أبدًا.”
ابتسم نيكولاس بمرارة وقال: “ما زلت سأقتلك.” كان قد جمع عشرين سهمًا الآن. “لقد أفسدت الأمر بشكل كبير. صنع عدو منا. هل تعتقد حقًا أن أصدقائك سيكونون بأمان بعد أن أقتلك وأعود لأخبرهم كم كنت مزعجًا؟”
قال جيك بابتسامة طفيفة: “حسنًا، أعتقد أن الحديث قد انتهى.” تمتم لنفسه بنفس القدر الذي تمتم به نيكولاس.
لم يعد هناك شيء مفيد يمكن تحقيقه من المحادثة، لكن جيك كان سعيدًا بما يكفي لأنه حصل على اسم ينادي به خصمه. خرج من خلف الشجرة وأطلق سهمًا آخر على نيكولاس، الذي تمكن من مراوغته بسهولة.
كان هدف هذه الطلقة مجرد مقاطعة استحضار السهام.
استمر نيكولاس وجيك في إطلاق السهام، لكن نيكولاس لاحظ بسرعة عيبه من مسافة أقرب. بدا أن جيك يعرف دائمًا ما كان يخطط له، على الرغم من عدم وجود خط رؤية واضح. كانا قريبين بما يكفي ليتراشقوا ببعض الضربات بين الحين والآخر، لكن لم تكن أي منها قاتلة.
فكر نيكولاس في الهروب لفترة وجيزة، لكنه قرر عدم القيام بذلك. سيكون أكثر عرضة للخطر إذا حاول الهروب، وحتى لو تمكن من الفرار، فلن يحقق ذلك سوى القليل. سيظل رامي السهام العدو ذو المهارة الكبيرة على قيد الحياة، وفي المرة القادمة يمكنه بسهولة إسقاطه أو إسقاط أحد حلفائه. تمامًا كما حدث في الكمين اليوم.
وكان يتجاهل أيضًا رد فعل ريتشارد عندما اكتشف أن فرقته بأكملها قتلت على يد رجل واحد. افترض نيكولاس أنهم جميعًا قد ماتوا في هذه المرحلة، حيث لم يظهر أي منهم على الرغم من القتال الطويل.
بدلاً من الهروب أو الحصول على مسافة أكبر، قرر نيكولاس سد الفجوة بينه وبين جيك. كجزء من وظيفته قبل البدء، تلقى تدريبًا بالأيدي، ولم يكن من الممكن الاستخفاف بمهاراته في استخدام السكين. رغم أنه كان يتمتع بخبرة محدودة في استخدام القوس قبل البرنامج التدريبي، إلا أن النظام منحه ترقية في مهارته في استخدام السلاح بيد واحدة. لقد اختار رامي السهام لأنه اعتقد أن السلاح بعيد المدى سيكون أفضل من السلاح القريب، على الرغم من أن المحارب الخفيف ربما يناسبه بشكل أفضل في وقت لاحق.
من ناحية أخرى، كان جيك على ما يرام عندما قرر رامي السهام الآخر الاقتراب منه. وعلى الرغم من أنه كان يفضل بالتأكيد القتال بعيد المدى، إلا أنه لم يكن خائفًا من مواجهة العدو في اشتباك مباشر. لم يكن ذلك لأنه كان واثقًا من قدراته في القتال القريب، بل لأنه أصبح يثق في غرائزه بشكل مطلق في هذه المرحلة. لم تكن هذه الغرائز مثالية، وقد أصيب بعدة جروح خلال القتال، لكنه كان يعتمد عليها بشدة.
فجأة خطرت له فكرة عندما ظهر شيء ما في مجال رؤيته أثناء تهربه من سهم آخر. استمر في التحرك بحذر باتجاه شجرة معينة بينما يرد بإطلاق السهام في اللحظات المناسبة.
أخيرًا، وصل إلى الشجرة التي كان يهدف إليها، بعد أن زاد المسافة بينه وبين خصمه إلى حوالي ثمانية إلى عشرة أمتار. تهرب خلف الشجرة التي كان يركض نحوها، بينما تبعه نيكولاس عن قرب. كان في هذه الشجرة قد قتل جيك رامي السهام الجريح في بداية المعركة.
أثناء القتال، تنقلوا بشكل مستمر لدرجة أنهم انتهوا بتبديل مواقعهم، حيث قام كلاهما بالدوران حول الغابة من شجرة إلى أخرى. وهذا جعل نيكولاس غير قادر على رؤية جثة رامي السهام الميت من مكان اختبائه الجديد. أما جيك، فقد كان يقف خلف الشجرة، بجوار الجثة الطازجة.
ابتسم جيك مرة أخرى وهو يرفع الجثة ويضعها مائلة على الشجرة استعدادًا. ثم خرج من خلف الشجرة وأطلق سهمًا آخر. بقي حول الشجرة عمدًا، حتى وصل نيكولاس إلى مسافة بضعة أمتار منه.
اندفع نيكولاس باتجاه جيك، ودور حول الشجرة التي كان يختبئ خلفها رامي السهام. وعندما التفت حولها، رأى شخصًا يتقدم نحوه، فطعن على الفور في حلقه دون تردد. ابتسم وهو يشعر بسكينه تخترق اللحم، متوقعًا أن يرى الرعب على وجه خصمه.
لكن ما قابله بدلاً من ذلك كان العيون الميتة لرفيقه الذي ضحى به في وقت سابق. وقبل أن يدرك ما حدث، اخترقت سكين من خلف الجثة، غارسةً نفسها بعمق في صدره.
مع سعال مملوء بالدم، تراجع نيكولاس إلى الخلف، ممزقًا السكين المغروسة في صدره أثناء سقوطه. شعر بالدفء يتدفق من صدره مع تدفق الدم. كان يعلم أن قلبه قد أصيب وأن نهايته قد اقتربت، بينما ملأ الدم فمه.
نظر جيك إلى رامي السهام الذي انهار على الشجيرات الناعمة في الغابة. لا تزال عيناه مفتوحتين وهو يكافح بلا جدوى، بينما تنحسر نقاط حياته بسرعة أمام النظام.
“لقد كان قتالًا جيدًا”، قال جيك بصوت رسمي.
“اللعنة علـ…” حاول نيكولاس أن يقول وهو يسعل المزيد من الدم. لكن حتى محاولته الأخيرة للتحدث فشلت، وغادرته آخر بقايا الحياة.
تنهد جيك عندما تلقى الإخطار الذي يؤكد مقتله. تقدم وأغلق عيني نيكولاس. كان في مرحلة ما قد فكر في قطع رأس هذا القائد لإرسال رسالة إلى ريتشارد مفادها أن تهديده كان جديًا، لكنه لم يستطع أن يلوث جسد شخص قدم له أفضل قتال في حياته. سيكون ذلك أيضًا كليشيه مملًا بعض الشيء.
بدلاً من ذلك، قرر جيك دفن جثة خصمه الذي سقط، ولكن كان لديه أولاً بعض الأعمال غير المكتملة مع آخر عضو في مجموعة الصيد. توجه نحو المكان الذي تجمد فيه رامي السهام خوفًا، ووجده لا يزال في نفس المكان، يحاول الاختباء بشكل واضح.
لم يكن جيك يشعر بأي احترام لهذا الشاب، بل فقط الشفقة. فقد كان بالكاد شخصًا بالغًا، إن كان بالغًا على الإطلاق، وتم دفعه إلى هذا البرنامج التدريبي الفاسد، الذي يعج بالوحوش والمخاطر، والأشخاص الذين يسعون لقتله، مثل جيك.
كانت محاولة الشاب للاختباء عديمة الجدوى بسبب ارتعاشه المستمر، مما جعل من السهل العثور عليه حتى بدون الاعتماد على مجاله. كان يحمل خنجرًا في يده، مختبئًا تحت عباءته، لكنه إما فقد قوسه أو ألقاه بعيدًا في مرحلة ما.
كلما اقترب جيك، اهتز رامي السهام أكثر، لكنه استجمع أخيرًا شجاعته ليرفع رأسه، ليجد جيك يقف أمامه، مرتديًا عباءة كانت ذات يوم بنية اللون، لكنها الآن ملطخة بالدماء. وقبل أن يتمكن الفتى من الصراخ، اندفع جيك للأمام وانتزع سلاحه بسهولة بلكمة قوية في أمعائه، مما أجبره على الركوع، ليسقط سكينه على الأرض.
“أصدقاؤك قد ماتوا، يا فتى. عد إلى ريتشارد وأخبره أن نيكولاس كان مقاتلًا جيدًا. وذكره بأنني جاد عندما أخبرته أنني سأقتله إذا أقدم على إيذاء أصدقائي. أوه، وأخبره أنه حر في إرسال المزيد من الناس بعدي، لقد استمتعت بذلك”، قال جيك وهو ينظر إلى الشاب، الذي كان من الواضح أنه يعتقد أن نهايته وشيكة.
رفع الفتى رأسه برعب واضح، وتردد في استيعاب كلمات جيك. كان الرجل الذي يقف أمامه يبدو له وحشًا في هيئة بشر. من العدم، قُتل اثنان من أصدقائه، وبينما كان يحاول الفرار، سمع صرخات تملأ الغابة من حوله بينما أصيب الجميع بالذعر.
تجمد في مكانه، ولم يجرؤ على التحرك خشية أن يسقط سهم آخر من العدم وينهي حياته دون أن يدرك كيف حدث ذلك. بدلًا من ذلك، ظل يأمل، بل يتوسل، أن ينتصر الآخرون ويأتوا لإنقاذه. لكن الآن، مات الجميع، بما في ذلك نيكولاس الذي كان يبدو لا يُقهر، حتى بالنسبة لريتشارد المهيب. والآن، كان الوحش يقف أمامه مباشرة.
“مرحبًا؟” تساءل جيك بصوت عالٍ عندما لاحظ أن الفتى ما زال واقفًا هناك، يرتجف. ألم يسمعه؟
تشنج الفتى سريعًا قبل أن يبدأ في الركض بشكل عشوائي، وكاد أن يتعثر خلال أول خطواته، لكنه استعاد توازنه وأخذ يركض بأقصى سرعة.
ظل جيك يراقب الشاب وهو يهرب في البداية، وقد بدت عليه الحيرة، لكنه هز رأسه أخيرًا وهو يلاحظ كم كان المشهد سخيفًا عندما اصطدم الفتى بعدة أشجار أثناء ركضه وكأن الشيطان يلاحقه.
عندما اختفى رامي السهام عن بصره، جلس جيك على الأرض، مرهقًا للغاية. لقد تبين أن قتال شخص حتى الموت لمدة تجاوزت الساعة كان مرهقًا للغاية.
χ_χ
شعر نيكولاس ببعض الندم عندما ضحى برفيقه من أجل إسقاط رامي السهام. لم يكن الندم نابعًا من موت حليفه السابق، بل لأنه لم ينجح في قتل العدو. وبعد أن منح رامي السهام الجريح جرعة شفاء، قرر نيكولاس أن يختبئ في شجرة تبعد نحو عشرين مترًا، بحيث يبقي عينه على العدو المصاب. وبعبارة أخرى، جعل من حليفه طعمًا. بدا أن رامي السهام العدو يمتلك مهارة إدراك أو شيئًا من هذا القبيل يمنحه القدرة على تحديد موقع الأفراد القريبين منه. في البداية، اعتقد نيكولاس أنها قد تكون مهارة التتبع الأساسية، لكنه لاحظ أيضًا أن العدو يستخدم التخفي الأساسي، مما يعني إما أن رامي السهام قد اكتسب مهارتين، وبالتالي كان فوق المستوى 10، أو أنه يمتلك وسائل أخرى غير معروفة. لكن في النهاية، لم يكن هذا الأمر مهمًا. الأهم كان قتل العدو، وقد كان الفخ الذي نصبه نيكولاس يعمل بشكل مثالي حتى اللحظة الأخيرة. وعندما كان يحدد توقيت تسديدته مع تحركات رامي السهام العدو، لاحظ أن الرجل كان يتفاعل وكأنه يملك عينين في ظهره، حيث تمكن من الانحراف قليلاً إلى الجانب، مما قلل من الضرر الناتج عن السهم بشكل كبير. لعن نيكولاس نفسه عندما أطلق سهمًا آخر، لكن العدو تجنب الإصابة مرة أخرى دون أن يستدير. وقبل أن يتمكن نيكولاس من إطلاق سهم آخر، كان العدو قد فر بالفعل إلى بر الأمان خلف شجرة. قفز نيكولاس من الشجرة التي كان فيها وبدأ بالركض إلى الجانب، محافظًا على مسافة جيدة. اكتشف رامي السهام العدو مجددًا وسرعان ما أطلق سهمًا آخر، لكنه تمكن مرة أخرى من الاختباء خلف شجرة. ما تبع ذلك كان لعبة القط والفأر، حيث استمر نيكولاس في إطلاق السهام كلما رأى رامي السهام الآخر يقترب ببطء. بناءً على تحركات العدو، لابد أنه تناول جرعة صحية، ما وضع نيكولاس في سباق مع الزمن قبل أن يستعيد العدو كامل صحته. كان الأمر برمته محبطًا، وازداد سوءًا عندما بدأ رامي السهام الآخر في الرد بإطلاق النار. لم يكن أي منهما يرغب في الاشتباك عن قرب، ومع وجود عشرين مترًا بينهما، وجدا نفسيهما في طريق مسدود. شعر جيك ببعض التحسن بعد أن تجنب المزيد من السهام، بل وبدأ في الرد. كانت حياته في خطر في كل لحظة، وكان قد تعرض لبعض المواقف الخطرة، لكنه كان يستمتع بكل لحظة من هذا التحدي. كلاهما تهرب وتجنب السهام بينما كانا يتنقلان بين الأشجار، ولم يتمكن أي منهما من إصابة الآخر. كان جيك مرتاحًا لهذا الجمود، حيث بدأ يشعر بالتحسن مع مرور الوقت، مدعومًا بحيويته العالية التي ساعدته في شفاء إصاباته الداخلية. وعلى الرغم من التأثير المتسامي للجرعة العلاجية في استعادة النقاط الصحية، إلا أنها لم تصلح الجسم على الفور. كان كل شيء يعتمد على حيوية الشخص، وهي إحصائية لم يكن جيك يفتقر إليها بفضل لقبه [بطريرك الدم]. ومع تبادل إطلاق النار، اقترب الاثنان ببطء من بعضهما البعض. العشرون مترًا الأولية أصبحت خمسة عشر ثم عشرة فقط. وعندما انخفض عدد السهام لدى نيكولاس إلى أقل من عشرين سهمًا، دخل رامي السهام الآخر أخيرًا في نطاق إدراك جيك، ما جعل الحواجز المادية بينهما أقل أهمية بكثير. كانت الغابة في هذه اللحظة مشهدًا رائعًا، حيث علقت عشرات السهام في الأشجار. بعضها كان منخفضًا على الجذوع، والبعض الآخر كان أقرب إلى قممها، حيث كان الرماة يتسلقونها دوريًا للحصول على أي ميزة. كان جيك يشعر بازدياد إحباط نيكولاس مع استمرار القتال، وعندما دخل في نطاق إدراكه، رأى العبوس الكبير على وجه الرجل. ابتسم جيك وقال: “هذا ممتع، أليس كذلك؟” صرخ نيكولاس بغضب: “ماذا تريد بحق الجحيم؟” رد جيك بابتسامة: “الاسم. اسمي جيك!” “ولماذا يجب أن أهتم بذلك؟” صاح نيكولاس بوضوح، غير مستمتع بتبادل الكلمات. رأى جيك أن نيكولاس كان يقضي وقته في استحضار المزيد من السهام. جيك أيضًا كان يفعل الشيء نفسه، لكنه كان يمتلك تسعة عشر سهمًا، بينما كان لدى نيكولاس أحد عشر فقط. بناءً على مستوى مهارة نيكولاس، من المحتمل أنه كان يدرك أن هذا الوضع يضعه في موقف غير مؤات، لذا كان يتحمل المحادثة لكسب الوقت. قال جيك ببساطة: “سيكون من العار أن تنتهي كإخطار عشوائي آخر بتجربة نقاط البرنامج التعليمي المكتسبة، أليس كذلك؟” ظل نيكولاس هادئًا رغم إحباطه الواضح من الموقف. لم يفقد السيطرة على أعصابه بما يكفي لعرقلة أدائه، وكان جيك يحترم مهارته العالية. رغم أنه كان يعلم أن هذا لن يكون آخر قتال له من أجل الحياة، أراد أن يعرف اسم خصمه الأول على الأقل. ندم قليلاً على عدم الحصول على أسماء المهاجمين الثلاثة الذين قتلهم أول مرة، لكن الوضع لم يكن مناسبًا لتبادل الأسماء. سخر نيكولاس قائلاً: “ما زلت تحاول التصرف وكأنك رائع؟ انتظر حتى أضع قبضتي عليك؛ أنت تجعلني أشعر بالحرج هنا.” ضحك جيك وقال: “لكن إذا كنت تهتم بهذا القدر، اسمي نيكولاس.” أجاب جيك مبتسمًا: “سررت بلقائك، على ما أعتقد. هل كانت تهكمتي بهذا السوء حقًا؟” لقد حاول أن يبدو رائعًا تمامًا، لكنه أدرك أن الأمر بدا أشبه بتصرف طفل في فئة. “محرج بما يكفي ليجعلني أرغب في التخلص منك حتى دون أن يأمرني ريتشارد بذلك. حقًا، ما الذي كنت تفكر فيه؟” سأل نيكولاس وهو يعد مخزونه من السهام. ثمانية عشر. أجاب جيك بتردد، محاولاً إخفاء إحراجه: “حقًا، هل كان بهذا السوء؟ أعتقد أنه يجب أن أعتذر؟ لن أفعل شيئًا كهذا مرة أخرى، أبدًا.” ابتسم نيكولاس بمرارة وقال: “ما زلت سأقتلك.” كان قد جمع عشرين سهمًا الآن. “لقد أفسدت الأمر بشكل كبير. صنع عدو منا. هل تعتقد حقًا أن أصدقائك سيكونون بأمان بعد أن أقتلك وأعود لأخبرهم كم كنت مزعجًا؟” قال جيك بابتسامة طفيفة: “حسنًا، أعتقد أن الحديث قد انتهى.” تمتم لنفسه بنفس القدر الذي تمتم به نيكولاس. لم يعد هناك شيء مفيد يمكن تحقيقه من المحادثة، لكن جيك كان سعيدًا بما يكفي لأنه حصل على اسم ينادي به خصمه. خرج من خلف الشجرة وأطلق سهمًا آخر على نيكولاس، الذي تمكن من مراوغته بسهولة. كان هدف هذه الطلقة مجرد مقاطعة استحضار السهام. استمر نيكولاس وجيك في إطلاق السهام، لكن نيكولاس لاحظ بسرعة عيبه من مسافة أقرب. بدا أن جيك يعرف دائمًا ما كان يخطط له، على الرغم من عدم وجود خط رؤية واضح. كانا قريبين بما يكفي ليتراشقوا ببعض الضربات بين الحين والآخر، لكن لم تكن أي منها قاتلة. فكر نيكولاس في الهروب لفترة وجيزة، لكنه قرر عدم القيام بذلك. سيكون أكثر عرضة للخطر إذا حاول الهروب، وحتى لو تمكن من الفرار، فلن يحقق ذلك سوى القليل. سيظل رامي السهام العدو ذو المهارة الكبيرة على قيد الحياة، وفي المرة القادمة يمكنه بسهولة إسقاطه أو إسقاط أحد حلفائه. تمامًا كما حدث في الكمين اليوم. وكان يتجاهل أيضًا رد فعل ريتشارد عندما اكتشف أن فرقته بأكملها قتلت على يد رجل واحد. افترض نيكولاس أنهم جميعًا قد ماتوا في هذه المرحلة، حيث لم يظهر أي منهم على الرغم من القتال الطويل. بدلاً من الهروب أو الحصول على مسافة أكبر، قرر نيكولاس سد الفجوة بينه وبين جيك. كجزء من وظيفته قبل البدء، تلقى تدريبًا بالأيدي، ولم يكن من الممكن الاستخفاف بمهاراته في استخدام السكين. رغم أنه كان يتمتع بخبرة محدودة في استخدام القوس قبل البرنامج التدريبي، إلا أن النظام منحه ترقية في مهارته في استخدام السلاح بيد واحدة. لقد اختار رامي السهام لأنه اعتقد أن السلاح بعيد المدى سيكون أفضل من السلاح القريب، على الرغم من أن المحارب الخفيف ربما يناسبه بشكل أفضل في وقت لاحق. من ناحية أخرى، كان جيك على ما يرام عندما قرر رامي السهام الآخر الاقتراب منه. وعلى الرغم من أنه كان يفضل بالتأكيد القتال بعيد المدى، إلا أنه لم يكن خائفًا من مواجهة العدو في اشتباك مباشر. لم يكن ذلك لأنه كان واثقًا من قدراته في القتال القريب، بل لأنه أصبح يثق في غرائزه بشكل مطلق في هذه المرحلة. لم تكن هذه الغرائز مثالية، وقد أصيب بعدة جروح خلال القتال، لكنه كان يعتمد عليها بشدة. فجأة خطرت له فكرة عندما ظهر شيء ما في مجال رؤيته أثناء تهربه من سهم آخر. استمر في التحرك بحذر باتجاه شجرة معينة بينما يرد بإطلاق السهام في اللحظات المناسبة. أخيرًا، وصل إلى الشجرة التي كان يهدف إليها، بعد أن زاد المسافة بينه وبين خصمه إلى حوالي ثمانية إلى عشرة أمتار. تهرب خلف الشجرة التي كان يركض نحوها، بينما تبعه نيكولاس عن قرب. كان في هذه الشجرة قد قتل جيك رامي السهام الجريح في بداية المعركة. أثناء القتال، تنقلوا بشكل مستمر لدرجة أنهم انتهوا بتبديل مواقعهم، حيث قام كلاهما بالدوران حول الغابة من شجرة إلى أخرى. وهذا جعل نيكولاس غير قادر على رؤية جثة رامي السهام الميت من مكان اختبائه الجديد. أما جيك، فقد كان يقف خلف الشجرة، بجوار الجثة الطازجة. ابتسم جيك مرة أخرى وهو يرفع الجثة ويضعها مائلة على الشجرة استعدادًا. ثم خرج من خلف الشجرة وأطلق سهمًا آخر. بقي حول الشجرة عمدًا، حتى وصل نيكولاس إلى مسافة بضعة أمتار منه. اندفع نيكولاس باتجاه جيك، ودور حول الشجرة التي كان يختبئ خلفها رامي السهام. وعندما التفت حولها، رأى شخصًا يتقدم نحوه، فطعن على الفور في حلقه دون تردد. ابتسم وهو يشعر بسكينه تخترق اللحم، متوقعًا أن يرى الرعب على وجه خصمه. لكن ما قابله بدلاً من ذلك كان العيون الميتة لرفيقه الذي ضحى به في وقت سابق. وقبل أن يدرك ما حدث، اخترقت سكين من خلف الجثة، غارسةً نفسها بعمق في صدره. مع سعال مملوء بالدم، تراجع نيكولاس إلى الخلف، ممزقًا السكين المغروسة في صدره أثناء سقوطه. شعر بالدفء يتدفق من صدره مع تدفق الدم. كان يعلم أن قلبه قد أصيب وأن نهايته قد اقتربت، بينما ملأ الدم فمه. نظر جيك إلى رامي السهام الذي انهار على الشجيرات الناعمة في الغابة. لا تزال عيناه مفتوحتين وهو يكافح بلا جدوى، بينما تنحسر نقاط حياته بسرعة أمام النظام. “لقد كان قتالًا جيدًا”، قال جيك بصوت رسمي. “اللعنة علـ…” حاول نيكولاس أن يقول وهو يسعل المزيد من الدم. لكن حتى محاولته الأخيرة للتحدث فشلت، وغادرته آخر بقايا الحياة. تنهد جيك عندما تلقى الإخطار الذي يؤكد مقتله. تقدم وأغلق عيني نيكولاس. كان في مرحلة ما قد فكر في قطع رأس هذا القائد لإرسال رسالة إلى ريتشارد مفادها أن تهديده كان جديًا، لكنه لم يستطع أن يلوث جسد شخص قدم له أفضل قتال في حياته. سيكون ذلك أيضًا كليشيه مملًا بعض الشيء. بدلاً من ذلك، قرر جيك دفن جثة خصمه الذي سقط، ولكن كان لديه أولاً بعض الأعمال غير المكتملة مع آخر عضو في مجموعة الصيد. توجه نحو المكان الذي تجمد فيه رامي السهام خوفًا، ووجده لا يزال في نفس المكان، يحاول الاختباء بشكل واضح. لم يكن جيك يشعر بأي احترام لهذا الشاب، بل فقط الشفقة. فقد كان بالكاد شخصًا بالغًا، إن كان بالغًا على الإطلاق، وتم دفعه إلى هذا البرنامج التدريبي الفاسد، الذي يعج بالوحوش والمخاطر، والأشخاص الذين يسعون لقتله، مثل جيك. كانت محاولة الشاب للاختباء عديمة الجدوى بسبب ارتعاشه المستمر، مما جعل من السهل العثور عليه حتى بدون الاعتماد على مجاله. كان يحمل خنجرًا في يده، مختبئًا تحت عباءته، لكنه إما فقد قوسه أو ألقاه بعيدًا في مرحلة ما. كلما اقترب جيك، اهتز رامي السهام أكثر، لكنه استجمع أخيرًا شجاعته ليرفع رأسه، ليجد جيك يقف أمامه، مرتديًا عباءة كانت ذات يوم بنية اللون، لكنها الآن ملطخة بالدماء. وقبل أن يتمكن الفتى من الصراخ، اندفع جيك للأمام وانتزع سلاحه بسهولة بلكمة قوية في أمعائه، مما أجبره على الركوع، ليسقط سكينه على الأرض. “أصدقاؤك قد ماتوا، يا فتى. عد إلى ريتشارد وأخبره أن نيكولاس كان مقاتلًا جيدًا. وذكره بأنني جاد عندما أخبرته أنني سأقتله إذا أقدم على إيذاء أصدقائي. أوه، وأخبره أنه حر في إرسال المزيد من الناس بعدي، لقد استمتعت بذلك”، قال جيك وهو ينظر إلى الشاب، الذي كان من الواضح أنه يعتقد أن نهايته وشيكة. رفع الفتى رأسه برعب واضح، وتردد في استيعاب كلمات جيك. كان الرجل الذي يقف أمامه يبدو له وحشًا في هيئة بشر. من العدم، قُتل اثنان من أصدقائه، وبينما كان يحاول الفرار، سمع صرخات تملأ الغابة من حوله بينما أصيب الجميع بالذعر. تجمد في مكانه، ولم يجرؤ على التحرك خشية أن يسقط سهم آخر من العدم وينهي حياته دون أن يدرك كيف حدث ذلك. بدلًا من ذلك، ظل يأمل، بل يتوسل، أن ينتصر الآخرون ويأتوا لإنقاذه. لكن الآن، مات الجميع، بما في ذلك نيكولاس الذي كان يبدو لا يُقهر، حتى بالنسبة لريتشارد المهيب. والآن، كان الوحش يقف أمامه مباشرة. “مرحبًا؟” تساءل جيك بصوت عالٍ عندما لاحظ أن الفتى ما زال واقفًا هناك، يرتجف. ألم يسمعه؟ تشنج الفتى سريعًا قبل أن يبدأ في الركض بشكل عشوائي، وكاد أن يتعثر خلال أول خطواته، لكنه استعاد توازنه وأخذ يركض بأقصى سرعة. ظل جيك يراقب الشاب وهو يهرب في البداية، وقد بدت عليه الحيرة، لكنه هز رأسه أخيرًا وهو يلاحظ كم كان المشهد سخيفًا عندما اصطدم الفتى بعدة أشجار أثناء ركضه وكأن الشيطان يلاحقه. عندما اختفى رامي السهام عن بصره، جلس جيك على الأرض، مرهقًا للغاية. لقد تبين أن قتال شخص حتى الموت لمدة تجاوزت الساعة كان مرهقًا للغاية. χ_χ
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات