الطين والدم
لم يكن أمام الجنرالات اليابانيين خيار سوى الاعتراف بما حدث في هذا اليوم. أما برونو، فقد اقترب منهم بهدوء، دون أن يظهر أي علامة على الاستياء تجاههم. وقف أمامهم وأدى التحية، وأعلن انتصاره بكل ثقة.
كيف وجد برونو نفسه في هذا الموقف، رغم أنه يحمل رتبة جنرال ماجور ؟ لو تأمل في أفعاله التي قادته إلى هذه النقطة، لربما قال إنه أخطأ في تقدير طبيعة البشر، محاولاً الموازنة بين التأثير الاجتماعي والتكيف النفسي.
“أنت محق يا هاينريش. اليوم يمثل بداية نهاية الحرب. لا شك أن الروس سيسمعون قريبًا عن هزيمتهم هنا، وسيكون رد فعلهم سحب قواتهم المتجهة إلينا والعودة إلى موكدن، وهناك سنتبعهم، نحاصرهم، ونخوض معهم معركة حاسمة واحدة لننهي كل شيء.
لقد كان هذا انتصارًا عظيمًا لليابانيين، وإذا تمت إدارته بشكل سليم، فقد يسرّع من انتهاء الحرب بأكملها. والأهم من ذلك، لم يكن لأي من القادة اليابانيين الحق في المطالبة بهذا النصر؛ فقد عهدوا إلى برونو بقيادة الجيش الثالث، آملين في فشله المذل وربما هلاكه في العملية، ليصبح هو كبش الفداء لإخفاقاتهم المتكررة.
في حياته السابقة، تعلم أن الإمبراطورية اليابانية وجنودها كانوا يمتازون بولاء لا يتزعزع لإمبراطورهم، لدرجة استعدادهم للاندفاع نحو نيران الرشاشات بأيديهم العارية والسيوف لتحقيق النصر. لكن، رغم أن هذا كان صحيحًا بالنسبة للجنود، اكتشف أن الحماسة والشجاعة ذاتها لم تكن متجذرة في نفوس القادة اليابانيين، الذين لم يستجيبوا لتحديه بقوة، بل رأوا فيه فرصة لتنصل من المسؤولية وتحميل برونو عبء إخفاقاتهم المتكررة.
“أنت محق يا هاينريش. اليوم يمثل بداية نهاية الحرب. لا شك أن الروس سيسمعون قريبًا عن هزيمتهم هنا، وسيكون رد فعلهم سحب قواتهم المتجهة إلينا والعودة إلى موكدن، وهناك سنتبعهم، نحاصرهم، ونخوض معهم معركة حاسمة واحدة لننهي كل شيء.
بحلول هذه اللحظة، كان ضباط الإتصال تحت قيادة الجنرالات اليابانيين قد أرسلوا بالفعل تقاريرهم عن هذا النصر إلى القيادة ، ليعلم بما حققه برونو وبما انكشف من إخفاقاتهم .
إلا أن هناك مشكلة واحدة في هذا المخطط… إذ خرج برونو منتصرًا من هجومه على تلة 203 متر، دون أن يصيبه أي أذى. كان يقف الآن في وسط الخندق، مسيطرًا على التلة بأكملها، مغطى بالدماء والطين، مثل نصل حربته الحاد.
“أنت محق يا هاينريش. اليوم يمثل بداية نهاية الحرب. لا شك أن الروس سيسمعون قريبًا عن هزيمتهم هنا، وسيكون رد فعلهم سحب قواتهم المتجهة إلينا والعودة إلى موكدن، وهناك سنتبعهم، نحاصرهم، ونخوض معهم معركة حاسمة واحدة لننهي كل شيء.
لكن الدماء لم تكن دماءه، بل دماء العشرات من الروس الذين قتلهم؛ منهم من أطلق عليهم النار من مسافة قريبة، وآخرين طعنهم في مواضع قاتلة بحربته. لقد خرج من المعركة ليس فقط منتصرًا، بل كذلك غارقًا في رموز التضحية التي جعلته أكثر من مجرد قائد عسكري، بل أسطورة تتردد في ساحات القتال.
كانت الحرب في الخنادق شديدة القسوة والقذارة، حيث وجد برونو نفسه ينزلق ويغوص في خليط من الطين والدماء خلال اشتباكاته المباشرة. لم يكن متأكدًا من كيفية نجاته من هذا الجحيم؛ ربما كان محظوظًا، أو ربما، كما همس لنفسه، “ثمة ملاك يرعاني في هذه اللحظة.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com إذا هزمنا الروس في موكدن، سيتعين على القيصر الاستسلام، وستنتهي الحرب رسميًا. لذا، أود أن أسألكم، أيها السادة، هل ترغبون في قيادة قواتكم إلى هناك بأنفسكم هذه المرة، أم ستفضلون أن أقوم بذلك مجددًا بصفتي مستشاركم الأجنبي؟”
كانت الحرب في الخنادق شديدة القسوة والقذارة، حيث وجد برونو نفسه ينزلق ويغوص في خليط من الطين والدماء خلال اشتباكاته المباشرة. لم يكن متأكدًا من كيفية نجاته من هذا الجحيم؛ ربما كان محظوظًا، أو ربما، كما همس لنفسه، “ثمة ملاك يرعاني في هذه اللحظة.”
كيف وجد برونو نفسه في هذا الموقف، رغم أنه يحمل رتبة جنرال ماجور ؟ لو تأمل في أفعاله التي قادته إلى هذه النقطة، لربما قال إنه أخطأ في تقدير طبيعة البشر، محاولاً الموازنة بين التأثير الاجتماعي والتكيف النفسي.
لم يكن هاينريش مخطئًا في تقييمه للوضع. بدون ميناء بورت آرثر، ومع تدمير الأسطول الروسي، سيضطر الجيش الروسي إلى الانسحاب، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فسيتم تطويقهم والقضاء عليهم في موكدن.
أما رفيقاه، هاينريش وإريك، فقد تبعاه إلى ساحة المعركة بشجاعة. وعلى الرغم من استيائهما من تهوره الاندفاعي، إلا أنهما لم يتخليا عنه، ونجوا بأعجوبة من هذا الاختبار الصعب. لكن حظهما لم يكن بقدر حظ برونو؛ فقد أصيب هاينريش بجرح سطحي في ساعده إثر طعنة حربة، بينما تلقى إريك رصاصة في ساقه من مسدس “ناجانت.” ورغم أن إصاباتهما كانت سطحية، إلا أن المسعفين اليابانيين قدموا لهما الرعاية السريعة، ليعودا إلى جانبه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com إذا هزمنا الروس في موكدن، سيتعين على القيصر الاستسلام، وستنتهي الحرب رسميًا. لذا، أود أن أسألكم، أيها السادة، هل ترغبون في قيادة قواتكم إلى هناك بأنفسكم هذه المرة، أم ستفضلون أن أقوم بذلك مجددًا بصفتي مستشاركم الأجنبي؟”
بالنسبة لهم، ستظل هذه المعركة محفورة في الذاكرة كواحدة من أكثر لحظاتهم قوة وخطورة، ولحظة حقيقية من الولاء والصداقة
في هذه الأثناء، كان الرجلان يتحدثان إلى برونو، ولكن برونو لم يكن مدركًا تمامًا لكلامهما، فقد كان مشتت الذهن، مركّزًا على بحر الجثث الملقى في الخنادق، ثم عاد ليركز على زملائه، وتمكن أخيرًا من سماع ما كانوا يقولونه.
كانت الحرب في الخنادق شديدة القسوة والقذارة، حيث وجد برونو نفسه ينزلق ويغوص في خليط من الطين والدماء خلال اشتباكاته المباشرة. لم يكن متأكدًا من كيفية نجاته من هذا الجحيم؛ ربما كان محظوظًا، أو ربما، كما همس لنفسه، “ثمة ملاك يرعاني في هذه اللحظة.”
“بينما نتحدث، يتم نقل مدافع أرمسترونغ إلى أعلى التل لقصف الأسطول الروسي. رغم خسارتهم في هذه المعركة، لم يحاول الروس تحريك سفنهم، ربما خوفًا من محاولة اختراق الحصار الياباني. خلال ساعة، يمكننا أن نتوقع أن الأسطول الروسي سيستقر في قاع الميناء. لقد كان هذا اليوم مجنونًا، وأعتقد أننا قد كسبنا الحرب…”
لم يكن هاينريش مخطئًا في تقييمه للوضع. بدون ميناء بورت آرثر، ومع تدمير الأسطول الروسي، سيضطر الجيش الروسي إلى الانسحاب، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فسيتم تطويقهم والقضاء عليهم في موكدن.
لقد كان هذا انتصارًا عظيمًا لليابانيين، وإذا تمت إدارته بشكل سليم، فقد يسرّع من انتهاء الحرب بأكملها. والأهم من ذلك، لم يكن لأي من القادة اليابانيين الحق في المطالبة بهذا النصر؛ فقد عهدوا إلى برونو بقيادة الجيش الثالث، آملين في فشله المذل وربما هلاكه في العملية، ليصبح هو كبش الفداء لإخفاقاتهم المتكررة.
في حياته السابقة، كانت هذه المعركة الأكثر دموية في الحرب، وكانت أكبر معركة برية في أوائل القرن العشرين قبل اندلاع الحرب العظمى في عام 1914. لكن برونو خطط لتقليل الخسائر في صفوف اليابانيين، بينما يضمن القضاء على القوة الروسية البالغ عددها 292,000 جندي بالكامل، مما سيدفع القيصر إلى الاستسلام مبكرًا.
في حياته السابقة، تعلم أن الإمبراطورية اليابانية وجنودها كانوا يمتازون بولاء لا يتزعزع لإمبراطورهم، لدرجة استعدادهم للاندفاع نحو نيران الرشاشات بأيديهم العارية والسيوف لتحقيق النصر. لكن، رغم أن هذا كان صحيحًا بالنسبة للجنود، اكتشف أن الحماسة والشجاعة ذاتها لم تكن متجذرة في نفوس القادة اليابانيين، الذين لم يستجيبوا لتحديه بقوة، بل رأوا فيه فرصة لتنصل من المسؤولية وتحميل برونو عبء إخفاقاتهم المتكررة.
لم يعد برونو إلى الواقع تمامًا إلا عندما وصلت المدافع إلى مواقعها وأطلقت نيرانها على السفن الروسية في الميناء. ورغم إرهاقه بعد فعل شيء انتحاري كهذا، ارتسمت ابتسامة شريرة على شفتيه، والتفت إلى مرؤوسيه معلنًا بجرأة:
لكن الآن، دعونا نعود إلى أولئك الذين أرسلونا هنا لنواجه هذا المصير. أنا متأكد تمامًا من أنهم سيفكرون مليًا في كيفية التعامل معنا بعد النصر الذي حققناه اليوم…”
“أنت محق يا هاينريش. اليوم يمثل بداية نهاية الحرب. لا شك أن الروس سيسمعون قريبًا عن هزيمتهم هنا، وسيكون رد فعلهم سحب قواتهم المتجهة إلينا والعودة إلى موكدن، وهناك سنتبعهم، نحاصرهم، ونخوض معهم معركة حاسمة واحدة لننهي كل شيء.
“أنت محق يا هاينريش. اليوم يمثل بداية نهاية الحرب. لا شك أن الروس سيسمعون قريبًا عن هزيمتهم هنا، وسيكون رد فعلهم سحب قواتهم المتجهة إلينا والعودة إلى موكدن، وهناك سنتبعهم، نحاصرهم، ونخوض معهم معركة حاسمة واحدة لننهي كل شيء.
لكن الآن، دعونا نعود إلى أولئك الذين أرسلونا هنا لنواجه هذا المصير. أنا متأكد تمامًا من أنهم سيفكرون مليًا في كيفية التعامل معنا بعد النصر الذي حققناه اليوم…”
أما رفيقاه، هاينريش وإريك، فقد تبعاه إلى ساحة المعركة بشجاعة. وعلى الرغم من استيائهما من تهوره الاندفاعي، إلا أنهما لم يتخليا عنه، ونجوا بأعجوبة من هذا الاختبار الصعب. لكن حظهما لم يكن بقدر حظ برونو؛ فقد أصيب هاينريش بجرح سطحي في ساعده إثر طعنة حربة، بينما تلقى إريك رصاصة في ساقه من مسدس “ناجانت.” ورغم أن إصاباتهما كانت سطحية، إلا أن المسعفين اليابانيين قدموا لهما الرعاية السريعة، ليعودا إلى جانبه.
لم ينتظر برونو أحدًا من رفاقه ليلحق به؛ بل بدأ بالنزول من التلة بمفرده، يقود جيشًا منتصرًا صاعدًا نحو الجنرالات اليابانيين الذين كانوا ينتظرون في معسكر الحصار.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كان الجنرالات اليابانيون مذهولين. لقد نجح برونو في قيادة الجيش الثالث للهجوم على تلة 203 متر، وسيطر على أعلى نقطة تطل على بورت آرثر واستخدمها لإغراق الأسطول الروسي.
—
لكن الدماء لم تكن دماءه، بل دماء العشرات من الروس الذين قتلهم؛ منهم من أطلق عليهم النار من مسافة قريبة، وآخرين طعنهم في مواضع قاتلة بحربته. لقد خرج من المعركة ليس فقط منتصرًا، بل كذلك غارقًا في رموز التضحية التي جعلته أكثر من مجرد قائد عسكري، بل أسطورة تتردد في ساحات القتال.
كان الجنرالات اليابانيون مذهولين. لقد نجح برونو في قيادة الجيش الثالث للهجوم على تلة 203 متر، وسيطر على أعلى نقطة تطل على بورت آرثر واستخدمها لإغراق الأسطول الروسي.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
لقد كان هذا انتصارًا عظيمًا لليابانيين، وإذا تمت إدارته بشكل سليم، فقد يسرّع من انتهاء الحرب بأكملها. والأهم من ذلك، لم يكن لأي من القادة اليابانيين الحق في المطالبة بهذا النصر؛ فقد عهدوا إلى برونو بقيادة الجيش الثالث، آملين في فشله المذل وربما هلاكه في العملية، ليصبح هو كبش الفداء لإخفاقاتهم المتكررة.
لقد كان هذا انتصارًا عظيمًا لليابانيين، وإذا تمت إدارته بشكل سليم، فقد يسرّع من انتهاء الحرب بأكملها. والأهم من ذلك، لم يكن لأي من القادة اليابانيين الحق في المطالبة بهذا النصر؛ فقد عهدوا إلى برونو بقيادة الجيش الثالث، آملين في فشله المذل وربما هلاكه في العملية، ليصبح هو كبش الفداء لإخفاقاتهم المتكررة.
لم يعد برونو إلى الواقع تمامًا إلا عندما وصلت المدافع إلى مواقعها وأطلقت نيرانها على السفن الروسية في الميناء. ورغم إرهاقه بعد فعل شيء انتحاري كهذا، ارتسمت ابتسامة شريرة على شفتيه، والتفت إلى مرؤوسيه معلنًا بجرأة:
لكن هذا النصر كشف كل ما حاولوا إخفاءه، وأدى إلى قلب الطاولة عليهم. فبرونو، على الرغم من كونه أجنبيًا، سيكافأ على جهوده من قبل الإمبراطور، بينما سيواجه الجنرالات المسؤولون عن الحصار حتى الآن توبيخًا شديدًا وربما العزل بسبب فشلهم.
بحلول هذه اللحظة، كان ضباط الإتصال تحت قيادة الجنرالات اليابانيين قد أرسلوا بالفعل تقاريرهم عن هذا النصر إلى القيادة ، ليعلم بما حققه برونو وبما انكشف من إخفاقاتهم .
لقد كان هذا انتصارًا عظيمًا لليابانيين، وإذا تمت إدارته بشكل سليم، فقد يسرّع من انتهاء الحرب بأكملها. والأهم من ذلك، لم يكن لأي من القادة اليابانيين الحق في المطالبة بهذا النصر؛ فقد عهدوا إلى برونو بقيادة الجيش الثالث، آملين في فشله المذل وربما هلاكه في العملية، ليصبح هو كبش الفداء لإخفاقاتهم المتكررة.
كان المشهد غير معقول تقريبًا، وزاد من هذا الشعور بالدهشة عند وصول برونو إلى المعسكر العسكري مغطى بالدماء والطين، بينما الجنود اليابانيون يؤدون له التحية احترامًا وإجلالًا.
وفي لحظات الهدوء هذه، أتيحت له فرصة طويلة للتفكير في أحداث اليوم وكيف يمكنه تجنب مثل هذه المواقف الخطرة مستقبلًا. وعلى الرغم من أن معركة الخنادق كانت تجربة قاسية، إلا أن برونو أدرك أن الحرب الكبرى قد تحمل مواجهات أشد قسوة منها
لكن الدماء لم تكن دماءه، بل دماء العشرات من الروس الذين قتلهم؛ منهم من أطلق عليهم النار من مسافة قريبة، وآخرين طعنهم في مواضع قاتلة بحربته. لقد خرج من المعركة ليس فقط منتصرًا، بل كذلك غارقًا في رموز التضحية التي جعلته أكثر من مجرد قائد عسكري، بل أسطورة تتردد في ساحات القتال.
لقد كسب برونو احترام الجنود الذين قادهم؛ إذ لم يكن من المعتاد أن يقود جنرال بنفسه قواته في المعركة، خاصة إذا كان هذا الجنرال أجنبيًا. وما زاد من احترامهم له هو العدد الكبير من الجنود الروس الذين قتلهم بيده، متجاوزًا العشرين. بهذا، لم يحترمه الجنود كقائد فقط، بل كمحارب شجاع أيضًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
بحلول هذه اللحظة، كان ضباط الإتصال تحت قيادة الجنرالات اليابانيين قد أرسلوا بالفعل تقاريرهم عن هذا النصر إلى القيادة ، ليعلم بما حققه برونو وبما انكشف من إخفاقاتهم .
لم يكن هاينريش مخطئًا في تقييمه للوضع. بدون ميناء بورت آرثر، ومع تدمير الأسطول الروسي، سيضطر الجيش الروسي إلى الانسحاب، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فسيتم تطويقهم والقضاء عليهم في موكدن.
لم يكن هاينريش مخطئًا في تقييمه للوضع. بدون ميناء بورت آرثر، ومع تدمير الأسطول الروسي، سيضطر الجيش الروسي إلى الانسحاب، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فسيتم تطويقهم والقضاء عليهم في موكدن.
لم يكن أمام الجنرالات اليابانيين خيار سوى الاعتراف بما حدث في هذا اليوم. أما برونو، فقد اقترب منهم بهدوء، دون أن يظهر أي علامة على الاستياء تجاههم. وقف أمامهم وأدى التحية، وأعلن انتصاره بكل ثقة.
بحلول هذه اللحظة، كان ضباط الإتصال تحت قيادة الجنرالات اليابانيين قد أرسلوا بالفعل تقاريرهم عن هذا النصر إلى القيادة ، ليعلم بما حققه برونو وبما انكشف من إخفاقاتهم .
ة
“لقد انتصرنا. اليوم، الأول من سبتمبر 1904، سقطت بورت آرثر. ورغم أن الوقت ليس للاحتفال بعد، فإنني أرى أن علينا أن نجمع كل قواتنا في المنطقة ونتوجه نحو موكدن، حيث تتراجع قوات الإغاثة الروسية على الأرجح الآن.
إذا هزمنا الروس في موكدن، سيتعين على القيصر الاستسلام، وستنتهي الحرب رسميًا. لذا، أود أن أسألكم، أيها السادة، هل ترغبون في قيادة قواتكم إلى هناك بأنفسكم هذه المرة، أم ستفضلون أن أقوم بذلك مجددًا بصفتي مستشاركم الأجنبي؟”
“أنت محق يا هاينريش. اليوم يمثل بداية نهاية الحرب. لا شك أن الروس سيسمعون قريبًا عن هزيمتهم هنا، وسيكون رد فعلهم سحب قواتهم المتجهة إلينا والعودة إلى موكدن، وهناك سنتبعهم، نحاصرهم، ونخوض معهم معركة حاسمة واحدة لننهي كل شيء.
نظر الجنرالات اليابانيون إلى بعضهم البعض، وبدأوا على الفور يتنافسون للحصول على حق قيادة القوات في موكدن. أما برونو، فباشر التحضيرات اللازمة دون الاهتمام بمن سيكون القائد، مركزًا على ضمان جاهزية القوات.
ة
لم يكن يعلم في تلك اللحظة أن الإمبراطور الياباني سيأمر بإجراء تحقيق حول معركة تلة 203 متر. وعند تأكيد الشائعات بأن المستشار العسكري الألماني قد قاد الجيش الثالث إلى النصر في بورت آرثر، سيحصل برونو على تكريم عظيم؛ حيث سيمنح واحدة من أرفع الأوسمة التي يقدمها الإمبراطور الياباني لضباط عسكريين، سواء من اليابانيين أو الأجانب.
لم يكن هاينريش مخطئًا في تقييمه للوضع. بدون ميناء بورت آرثر، ومع تدمير الأسطول الروسي، سيضطر الجيش الروسي إلى الانسحاب، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فسيتم تطويقهم والقضاء عليهم في موكدن.
لكن تلك قصة أخرى لوقت آخر. أما بقية المساء، فقد قضاه برونو في تنظيف نفسه، حيث كان من غير اللائق أن يكون جنرال ألماني مغطى بالطين والدماء.
لكن الدماء لم تكن دماءه، بل دماء العشرات من الروس الذين قتلهم؛ منهم من أطلق عليهم النار من مسافة قريبة، وآخرين طعنهم في مواضع قاتلة بحربته. لقد خرج من المعركة ليس فقط منتصرًا، بل كذلك غارقًا في رموز التضحية التي جعلته أكثر من مجرد قائد عسكري، بل أسطورة تتردد في ساحات القتال.
وفي لحظات الهدوء هذه، أتيحت له فرصة طويلة للتفكير في أحداث اليوم وكيف يمكنه تجنب مثل هذه المواقف الخطرة مستقبلًا. وعلى الرغم من أن معركة الخنادق كانت تجربة قاسية، إلا أن برونو أدرك أن الحرب الكبرى قد تحمل مواجهات أشد قسوة منها
لقد كسب برونو احترام الجنود الذين قادهم؛ إذ لم يكن من المعتاد أن يقود جنرال بنفسه قواته في المعركة، خاصة إذا كان هذا الجنرال أجنبيًا. وما زاد من احترامهم له هو العدد الكبير من الجنود الروس الذين قتلهم بيده، متجاوزًا العشرين. بهذا، لم يحترمه الجنود كقائد فقط، بل كمحارب شجاع أيضًا.
ستظل تجربته في تلة 203 متر عالقة في ذهنه طوال حياته. وبلا شك، سيجد الجيل القادم صعوبة بالغة في خوض مثل هذه المعارك على الجبهة الغربية.
لكن هذا الأمر لم يكن يشغل باله كثيرًا؛ فقد كان يأمل أنه بحلول ذلك الوقت سيكون قد ارتقى إلى أعلى رتبة في الجيش الألماني، ولن يكون مضطرًا للنزول بنفسه إلى الخنادق. بل وربما يستطيع تجنب سيناريو حرب الخنادق بالكامل عن طريق تحقيق نصر سريع وساحق على الجبهة الفرنسية قبل وصول دعم الحلفاء… أو هكذا كان يأمل.
كانت الحرب في الخنادق شديدة القسوة والقذارة، حيث وجد برونو نفسه ينزلق ويغوص في خليط من الطين والدماء خلال اشتباكاته المباشرة. لم يكن متأكدًا من كيفية نجاته من هذا الجحيم؛ ربما كان محظوظًا، أو ربما، كما همس لنفسه، “ثمة ملاك يرعاني في هذه اللحظة.”
“أنت محق يا هاينريش. اليوم يمثل بداية نهاية الحرب. لا شك أن الروس سيسمعون قريبًا عن هزيمتهم هنا، وسيكون رد فعلهم سحب قواتهم المتجهة إلينا والعودة إلى موكدن، وهناك سنتبعهم، نحاصرهم، ونخوض معهم معركة حاسمة واحدة لننهي كل شيء.
ة
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات