وصول الباحث
استفاق رين على أرضية باردة، صلبة كأنها حجر، تتخللها تجاعيد صغيرة وملطخة ببقع داكنة تجمدت عليها الدماء.
رفع رأسه ببطء ليجد نفسه في غرفة ذات طابع فخم ولكنها غارقة في الدمار. الجدران العالية كانت مكسوة بورق جدران ممزق، باهت اللون، مغطى بتصاميم هندسية غريبة تبدو وكأنها تعويذات ملعونة أو شيئ من هذا القبيل
. السقف المزخرف كان يعلو برفعة، مع ثريات مهشمة، تتدلى منها بقايا من الكريستال المبعثر، والستائر الثقيلة الممزقة تملأ النوافذ العالية المهشمة. بدا كل شيء وكأنه جزء من عصر قديم ، مليء بأطلال العظمة الماضية.
نهض رين ببطء، ممسكًا برأسه في محاولة لتجميع أفكاره. عيناه كانت تتجولان في أنحاء الغرفة، متفحصة التفاصيل. أرضية خشبية صلبة تصدعت بفعل الزمن، وكانت مغطاة بأجزاء من أثاث محطم: كرسي فخم بقماش فاخر كان في يوم من الأيام رمزًا للرفاهية، لكنه الآن مقلوبٌ على جانبه، وسجادة كبيرة تآكلت حوافها وكأنها شهدت معارك غير مرئية.
ثم هناك الجثث. تناثرت الجثث هنا وهناك، في أوضاع غير طبيعية، وكأنها كانت تقاوم شيئًا أو شخصًا في لحظاتهم الأخيرة. أجساد مشوهة بشكل غريب، عيون زجاجية تحدق في العدم، والدماء التي تجمدت حولهم كأنها لون جديد أضيف لهذه اللوحة القاتمة.
الأرضية تبدو وكأنها منطقة إستحضار ارواح او طقس شرير مرسومة بمختلف الأشكال الغريبة والتعاويذ الغير مفهومة
“تبا تبا هل أنا أحلم هنا أو ماذا؟؟؟؟”
تقدم رين ليقف بجوار إحدى الجثث، يراقبها لبرهة وهو يفكر: “من هم هؤلاء؟ ولماذا أجد نفسي هنا بحق ؟”
لم يستطع أن يمنع نفسه من التساؤل إذا كان أحد هؤلاء الأشخاص قد عرف الحقيقة قبل موته. ربما كانوا مثله، محاصرين في هذا المكان الغريب بلا سبيل للخروج.
مجرد. التفكير بهاذا أصابه برعشة أسفل عموده الفقري
” ومجددا تم خداعي بسهولة تبا”
تقدم رين ببطء نحو إحدى الجثث، التي كانت ترقد على الأرض في وضعية ملتوية. بدا الأمر كما لو أن الحياة قد نُزعت منها بعنف غير مسبوق. عضلات جسده انكمشت لا إراديًا عندما توقف بالقرب منها، نظر إليها بعينين متسعتين، أشعة عينيه الصفراوتين لمعتا في الظلام الباهت الذي يلف المكان. فكر مليًا: “من هم هؤلاء؟ لماذا أجد نفسي هنا؟ ما الذي أتى بي إلى هذا الجحيم؟”
عجز عن مقاومة تلك الأفكار التي كانت تموج داخله كعاصفة، هل كانوا مثله؟ هل عاشوا نفس الكابوس، محاصرين دون مهرب؟ الموت الذي انتزع حياتهم، هل كان يعرف السر وراء هذا العالم الغريب؟ فكرة أنهم قد عرفوا الحقيقة قبل لحظة موتهم الأخيرة جعلت برودة مرعبة تسري في عموده الفقري. تلك الحقيقة التي تظل غامضة بالنسبة له، تراوغ عقله بلا رحمة.
هز رأسه بقسوة، وكأنه يريد طرد تلك الأفكار. همس لنفسه، بمرارة: “ومجدداً، خدعت. خدعت مثل طفل غافل.” أخذ نفسًا عميقًا، لكن رائحة العفن والدماء المتراكمة خنقت صدره. كان المكان بأكمله يبدو وكأنه خزانة لذكريات قديمة، ذكريات مشوهة.
واصل السير، أحذية قدميه تخطو على الأرضيات المتهالكة التي كانت تئن مع كل خطوة. حواف الجدران كانت مغطاة بأقمشة متسخة، ملطخة بالبقع وكأنها شهدت معركة طويلة. تمايلت ستائر الأقمشة مع الهواء، كأنها تهمس له بأسرار مظلمة. وعلى إحدى الزوايا، جذبت انتباهه مرآة مهترئة، إطارها الذهبي المتآكل بدا وكأنه قد عاش أيامًا أفضل. المرآة نفسها، على الرغم من أنها قديمة، إلا أن زجاجها كان لا يزال قادرًا على عكس صورة رين.
اقترب منها، ببطء. انعكاسه في المرآة كان شبحًا لنفسه السابقة. عيناه الواسعتان الصفراء كانتا تبرقان بنظرة غريبة، ووجهه الشاحب بدا وكأنه مسروق من عالم آخر. ملابسه كانت متسخة ومغطاة بالغبار والدماء. لم يكن متأكدًا إن كان هذا الدم يعود له أو لشخص آخر. وضع يده على صدره، يشعر بقلبه ينبض ببطء، تأكد أنه في جسده الحقيقي. “على الأقل، هذا ليس تناسخًا أو خدعة أخرى…”
لكن هذه الأفكار كانت تتركه في حالة من الشك. ماذا حدث؟ تذكر فقط الصوت الغريب الذي تحدث إليه، ثم فرقعة الأصابع، ومن بعدها، استيقظ في هذا الكابوس. “هل هذا نوع من اللعب المهووس؟”
حان الوقت للبحث عن مخرج. التحديق في الجثث المشوهة لم يكن أمرًا يمكن تحمله لفترة أطول. “صحيح، أنا معتاد على الجثث. لكن هذا؟ هذه الأجساد تبدو وكأنها تعرضت للتقطيع وأعيد تجميعها بشكل عشوائي.” الأطراف الملتوية، الجثث المقطعة، كانت تبدو وكأنها خرجت من مطحنة الجحيم.
تقدم بمحاذاة الجدران، يتحسس كل زاوية بحذر، بحثًا عن أي علامة تدل على وجود باب. لكن لم يكن هناك شيء. الحوائط كانت صلبة، ناعمة بشكل غير طبيعي، وكأن كل مخرج قد أغلق عمدًا. “لا أبواب؟ كيف أتيت إلى هنا إذًا؟” تساءل بدهشة تملؤها الرهبة. المشهد بأكمله بدا وكأنه جزء من فخ متقن، أو ربما لعبة شيطانية.
وقف في منتصف الغرفة، يراقب الخراب والفوضى التي تحيط به. كل شيء في المكان حمل شعورًا غريبًا، وكأن هناك سرًا دفينًا مخبأً في الزوايا المتآكلة، سرًا كان في انتظار من يكتشفه. لكنه لم يكن متأكدًا من أنه مستعد لمعرفة الحقيقة.
تنهد بعمق، وقال بسخرية مريرة: “لا أملك مهارة حل الألغاز، فحتى لو كان الصوت صادقًا، فإنه بالتأكيد لم يخبرني أنني سأسقط في هذا الكابوس.”
ثم رأى الكتاب.
في وسط الغرفة، المظلمة إلا من ضوء باهت يتسرب من شقوق الجدران الرطبة، كان هناك شيء يجذب الأنظار بقوة غامضة: كتاب أسود ضخم يطفو في الهواء بشكل غير طبيعي، كأنه يتحدى قوانين الكون. بدا الغلاف الجلدي المتشقق وكأنه نُحت من عصور غابرة، تغطيه آثار الزمن الذي مر عليه، تحمل خطوط التشققات قصصًا عن أزمنة مجهولة وحضارات اندثرت. كانت الهالة السوداء التي تحيط بالكتاب تلتف حوله مثل دخان ثقيل، تتنفس ببطء وكأنها كائن حي يعيش ويزحف في الفراغ، تلك الهالة لم تكن مجرد ظلام، بل كانت تجسيدًا للشؤم ذاته، كأنك تستطيع أن تشعر بأصابعها الباردة تمتد نحو قلبك، تحاول غمسه في بئر لا نهاية له.
كلما نظر رين إلى الكتاب، كان يشعر بأن المكان من حوله يذوب في خلفية ضبابية، لم يعد للجدران ولا للغرفة أي معنى؛ كان الكون كله يتقلص ليصبح هذا الكتاب مركزه. طاف الكتاب في الهواء بسكون مريب، كأن الجاذبية قد نسيت وجوده. لا سلاسل ولا حبال، لا شيء يفسر كيف يعلق في الفضاء بلا حراك. كائنات الظل التي تملأ الغرفة كانت تتحرك ببطء حوله، تتردد في الاقتراب كما لو أنها تخشى لمس هذا الكيان الملعون، ومع ذلك كانت تجول حوله كما تطوف النجوم حول ثقب أسود، تدور في فلكه دون أن تستطيع الانفصال.
خطا رين خطوة نحو الكتاب، وقد جمد الخوف أطرافه، لكن فضوله كان أقوى من أي رهبة شعر بها. “ما هذا الشيء؟” همس لنفسه، صدى كلماته ارتد داخل عقله وكأن المكان كله يحاول إسكات أي صوت غير صوت الكتاب. كان يجذبه إليه كمنوم مغناطيسي، ولم يكن بوسعه الفكاك من تلك القبضة التي لا تُرى. كان هناك شيء مظلم وعميق في هذا الكيان الغريب، شيء بدا وكأنه يمتلك أجوبة لأسئلة لم يطرحها بعد، أو ربما يحمل أسرارًا يجب أن تظل مجهولة. ورغم ذلك، لم يستطع رين مقاومة هذا النداء الغريب، كانت خطواته تتسارع بشكل لا إرادي.
عندما اقترب أكثر، لاحظ أن الكتاب ليس مغلقًا بالكامل؛ كانت الصفحات تتحرك برفق، وكأنها تتنفس بتناغم مع نبضات المكان نفسه. كان صوت الصفحات المتقلبة خافتًا، لكنه سمعه بوضوح كأنه جزء من عقله. تلك الحركة الرقيقة للورق كانت مثل إيقاع قلب قديم ينبض ببطء، وكأن الكتاب كان ينتظر أن يُفتح ليكشف عن أسراره المدفونة منذ قرون.
ومع كل خطوة يخطوها نحو الكتاب، لاحظ رين أن الأرض تحته لم تكن صلبة كما اعتقد في البداية. عندما نظر للأسفل، رآها مغطاة بجثث متحللة، بعضها مطموس الوجه، وبعضها الآخر مشوه بطريقة مرعبة. كانت الأجساد ملقاة بطرق عشوائية، كأنها ألقيت هنا بعد أن انتهى منها شيء مجهول. الوجوه التي لا تزال تحمل ملامح الرعب المجمد في لحظات موتهم الأخيرة جعلت دمه يتجمد في عروقه. كانت الجثث تبدو وكأنها تقدم قربانًا لهذا الكتاب الغريب، طائفة تحته كما لو أن الكتاب ذاته هو من امتص أرواحهم.
“مستحيل…” تمتم رين، وهو يتراجع قليلًا. كان المنظر أكثر مما يستطيع عقله استيعابه. “كيف يمكن لهذا الكتاب أن يطفو فوق هذه الجثث؟ هل هناك خدعة هنا؟ أو ربما… سحر قديم؟” تساءل، وهو يشعر بأن الهواء حوله يزداد ثقلاً.
لكن على الرغم من هذا المشهد المروع، شعر رين بشيء أكبر من الخوف. كان هناك شعور طاغٍ بالانجذاب، كان كيان الكتاب يتحدث إلى شيء أعمق داخله، شيء بدا وكأنه كان نائمًا لوقت طويل. وكأن الكتاب كان ينتمي له بطريقة غامضة، كأن وجوده لا يكتمل إلا بحصوله عليه. في تلك اللحظة، اختفى كل التردد. لم يعد يعنيه الرعب الذي يحيط بالمكان، ولا الأرواح التي قد تكون محبوسة داخل ذلك الغلاف المشقق.
“لا أستطيع المقاومة… يجب أن أحصل عليه… مهما كلفني الأمر.”
رن هذا الفكر في عقله بصوت أعلى من أي شعور آخر، ومع ذلك كان يعرف في أعماقه أن هذا القرار قد يقوده إلى مصير أسوأ من الموت.
.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
استفاق رين على أرضية باردة، صلبة كأنها حجر، تتخللها تجاعيد صغيرة وملطخة ببقع داكنة تجمدت عليها الدماء. رفع رأسه ببطء ليجد نفسه في غرفة ذات طابع فخم ولكنها غارقة في الدمار. الجدران العالية كانت مكسوة بورق جدران ممزق، باهت اللون، مغطى بتصاميم هندسية غريبة تبدو وكأنها تعويذات ملعونة أو شيئ من هذا القبيل . السقف المزخرف كان يعلو برفعة، مع ثريات مهشمة، تتدلى منها بقايا من الكريستال المبعثر، والستائر الثقيلة الممزقة تملأ النوافذ العالية المهشمة. بدا كل شيء وكأنه جزء من عصر قديم ، مليء بأطلال العظمة الماضية. نهض رين ببطء، ممسكًا برأسه في محاولة لتجميع أفكاره. عيناه كانت تتجولان في أنحاء الغرفة، متفحصة التفاصيل. أرضية خشبية صلبة تصدعت بفعل الزمن، وكانت مغطاة بأجزاء من أثاث محطم: كرسي فخم بقماش فاخر كان في يوم من الأيام رمزًا للرفاهية، لكنه الآن مقلوبٌ على جانبه، وسجادة كبيرة تآكلت حوافها وكأنها شهدت معارك غير مرئية. ثم هناك الجثث. تناثرت الجثث هنا وهناك، في أوضاع غير طبيعية، وكأنها كانت تقاوم شيئًا أو شخصًا في لحظاتهم الأخيرة. أجساد مشوهة بشكل غريب، عيون زجاجية تحدق في العدم، والدماء التي تجمدت حولهم كأنها لون جديد أضيف لهذه اللوحة القاتمة. الأرضية تبدو وكأنها منطقة إستحضار ارواح او طقس شرير مرسومة بمختلف الأشكال الغريبة والتعاويذ الغير مفهومة “تبا تبا هل أنا أحلم هنا أو ماذا؟؟؟؟” تقدم رين ليقف بجوار إحدى الجثث، يراقبها لبرهة وهو يفكر: “من هم هؤلاء؟ ولماذا أجد نفسي هنا بحق ؟” لم يستطع أن يمنع نفسه من التساؤل إذا كان أحد هؤلاء الأشخاص قد عرف الحقيقة قبل موته. ربما كانوا مثله، محاصرين في هذا المكان الغريب بلا سبيل للخروج. مجرد. التفكير بهاذا أصابه برعشة أسفل عموده الفقري ” ومجددا تم خداعي بسهولة تبا” تقدم رين ببطء نحو إحدى الجثث، التي كانت ترقد على الأرض في وضعية ملتوية. بدا الأمر كما لو أن الحياة قد نُزعت منها بعنف غير مسبوق. عضلات جسده انكمشت لا إراديًا عندما توقف بالقرب منها، نظر إليها بعينين متسعتين، أشعة عينيه الصفراوتين لمعتا في الظلام الباهت الذي يلف المكان. فكر مليًا: “من هم هؤلاء؟ لماذا أجد نفسي هنا؟ ما الذي أتى بي إلى هذا الجحيم؟” عجز عن مقاومة تلك الأفكار التي كانت تموج داخله كعاصفة، هل كانوا مثله؟ هل عاشوا نفس الكابوس، محاصرين دون مهرب؟ الموت الذي انتزع حياتهم، هل كان يعرف السر وراء هذا العالم الغريب؟ فكرة أنهم قد عرفوا الحقيقة قبل لحظة موتهم الأخيرة جعلت برودة مرعبة تسري في عموده الفقري. تلك الحقيقة التي تظل غامضة بالنسبة له، تراوغ عقله بلا رحمة. هز رأسه بقسوة، وكأنه يريد طرد تلك الأفكار. همس لنفسه، بمرارة: “ومجدداً، خدعت. خدعت مثل طفل غافل.” أخذ نفسًا عميقًا، لكن رائحة العفن والدماء المتراكمة خنقت صدره. كان المكان بأكمله يبدو وكأنه خزانة لذكريات قديمة، ذكريات مشوهة. واصل السير، أحذية قدميه تخطو على الأرضيات المتهالكة التي كانت تئن مع كل خطوة. حواف الجدران كانت مغطاة بأقمشة متسخة، ملطخة بالبقع وكأنها شهدت معركة طويلة. تمايلت ستائر الأقمشة مع الهواء، كأنها تهمس له بأسرار مظلمة. وعلى إحدى الزوايا، جذبت انتباهه مرآة مهترئة، إطارها الذهبي المتآكل بدا وكأنه قد عاش أيامًا أفضل. المرآة نفسها، على الرغم من أنها قديمة، إلا أن زجاجها كان لا يزال قادرًا على عكس صورة رين. اقترب منها، ببطء. انعكاسه في المرآة كان شبحًا لنفسه السابقة. عيناه الواسعتان الصفراء كانتا تبرقان بنظرة غريبة، ووجهه الشاحب بدا وكأنه مسروق من عالم آخر. ملابسه كانت متسخة ومغطاة بالغبار والدماء. لم يكن متأكدًا إن كان هذا الدم يعود له أو لشخص آخر. وضع يده على صدره، يشعر بقلبه ينبض ببطء، تأكد أنه في جسده الحقيقي. “على الأقل، هذا ليس تناسخًا أو خدعة أخرى…” لكن هذه الأفكار كانت تتركه في حالة من الشك. ماذا حدث؟ تذكر فقط الصوت الغريب الذي تحدث إليه، ثم فرقعة الأصابع، ومن بعدها، استيقظ في هذا الكابوس. “هل هذا نوع من اللعب المهووس؟” حان الوقت للبحث عن مخرج. التحديق في الجثث المشوهة لم يكن أمرًا يمكن تحمله لفترة أطول. “صحيح، أنا معتاد على الجثث. لكن هذا؟ هذه الأجساد تبدو وكأنها تعرضت للتقطيع وأعيد تجميعها بشكل عشوائي.” الأطراف الملتوية، الجثث المقطعة، كانت تبدو وكأنها خرجت من مطحنة الجحيم. تقدم بمحاذاة الجدران، يتحسس كل زاوية بحذر، بحثًا عن أي علامة تدل على وجود باب. لكن لم يكن هناك شيء. الحوائط كانت صلبة، ناعمة بشكل غير طبيعي، وكأن كل مخرج قد أغلق عمدًا. “لا أبواب؟ كيف أتيت إلى هنا إذًا؟” تساءل بدهشة تملؤها الرهبة. المشهد بأكمله بدا وكأنه جزء من فخ متقن، أو ربما لعبة شيطانية. وقف في منتصف الغرفة، يراقب الخراب والفوضى التي تحيط به. كل شيء في المكان حمل شعورًا غريبًا، وكأن هناك سرًا دفينًا مخبأً في الزوايا المتآكلة، سرًا كان في انتظار من يكتشفه. لكنه لم يكن متأكدًا من أنه مستعد لمعرفة الحقيقة. تنهد بعمق، وقال بسخرية مريرة: “لا أملك مهارة حل الألغاز، فحتى لو كان الصوت صادقًا، فإنه بالتأكيد لم يخبرني أنني سأسقط في هذا الكابوس.” ثم رأى الكتاب. في وسط الغرفة، المظلمة إلا من ضوء باهت يتسرب من شقوق الجدران الرطبة، كان هناك شيء يجذب الأنظار بقوة غامضة: كتاب أسود ضخم يطفو في الهواء بشكل غير طبيعي، كأنه يتحدى قوانين الكون. بدا الغلاف الجلدي المتشقق وكأنه نُحت من عصور غابرة، تغطيه آثار الزمن الذي مر عليه، تحمل خطوط التشققات قصصًا عن أزمنة مجهولة وحضارات اندثرت. كانت الهالة السوداء التي تحيط بالكتاب تلتف حوله مثل دخان ثقيل، تتنفس ببطء وكأنها كائن حي يعيش ويزحف في الفراغ، تلك الهالة لم تكن مجرد ظلام، بل كانت تجسيدًا للشؤم ذاته، كأنك تستطيع أن تشعر بأصابعها الباردة تمتد نحو قلبك، تحاول غمسه في بئر لا نهاية له. كلما نظر رين إلى الكتاب، كان يشعر بأن المكان من حوله يذوب في خلفية ضبابية، لم يعد للجدران ولا للغرفة أي معنى؛ كان الكون كله يتقلص ليصبح هذا الكتاب مركزه. طاف الكتاب في الهواء بسكون مريب، كأن الجاذبية قد نسيت وجوده. لا سلاسل ولا حبال، لا شيء يفسر كيف يعلق في الفضاء بلا حراك. كائنات الظل التي تملأ الغرفة كانت تتحرك ببطء حوله، تتردد في الاقتراب كما لو أنها تخشى لمس هذا الكيان الملعون، ومع ذلك كانت تجول حوله كما تطوف النجوم حول ثقب أسود، تدور في فلكه دون أن تستطيع الانفصال. خطا رين خطوة نحو الكتاب، وقد جمد الخوف أطرافه، لكن فضوله كان أقوى من أي رهبة شعر بها. “ما هذا الشيء؟” همس لنفسه، صدى كلماته ارتد داخل عقله وكأن المكان كله يحاول إسكات أي صوت غير صوت الكتاب. كان يجذبه إليه كمنوم مغناطيسي، ولم يكن بوسعه الفكاك من تلك القبضة التي لا تُرى. كان هناك شيء مظلم وعميق في هذا الكيان الغريب، شيء بدا وكأنه يمتلك أجوبة لأسئلة لم يطرحها بعد، أو ربما يحمل أسرارًا يجب أن تظل مجهولة. ورغم ذلك، لم يستطع رين مقاومة هذا النداء الغريب، كانت خطواته تتسارع بشكل لا إرادي. عندما اقترب أكثر، لاحظ أن الكتاب ليس مغلقًا بالكامل؛ كانت الصفحات تتحرك برفق، وكأنها تتنفس بتناغم مع نبضات المكان نفسه. كان صوت الصفحات المتقلبة خافتًا، لكنه سمعه بوضوح كأنه جزء من عقله. تلك الحركة الرقيقة للورق كانت مثل إيقاع قلب قديم ينبض ببطء، وكأن الكتاب كان ينتظر أن يُفتح ليكشف عن أسراره المدفونة منذ قرون. ومع كل خطوة يخطوها نحو الكتاب، لاحظ رين أن الأرض تحته لم تكن صلبة كما اعتقد في البداية. عندما نظر للأسفل، رآها مغطاة بجثث متحللة، بعضها مطموس الوجه، وبعضها الآخر مشوه بطريقة مرعبة. كانت الأجساد ملقاة بطرق عشوائية، كأنها ألقيت هنا بعد أن انتهى منها شيء مجهول. الوجوه التي لا تزال تحمل ملامح الرعب المجمد في لحظات موتهم الأخيرة جعلت دمه يتجمد في عروقه. كانت الجثث تبدو وكأنها تقدم قربانًا لهذا الكتاب الغريب، طائفة تحته كما لو أن الكتاب ذاته هو من امتص أرواحهم. “مستحيل…” تمتم رين، وهو يتراجع قليلًا. كان المنظر أكثر مما يستطيع عقله استيعابه. “كيف يمكن لهذا الكتاب أن يطفو فوق هذه الجثث؟ هل هناك خدعة هنا؟ أو ربما… سحر قديم؟” تساءل، وهو يشعر بأن الهواء حوله يزداد ثقلاً. لكن على الرغم من هذا المشهد المروع، شعر رين بشيء أكبر من الخوف. كان هناك شعور طاغٍ بالانجذاب، كان كيان الكتاب يتحدث إلى شيء أعمق داخله، شيء بدا وكأنه كان نائمًا لوقت طويل. وكأن الكتاب كان ينتمي له بطريقة غامضة، كأن وجوده لا يكتمل إلا بحصوله عليه. في تلك اللحظة، اختفى كل التردد. لم يعد يعنيه الرعب الذي يحيط بالمكان، ولا الأرواح التي قد تكون محبوسة داخل ذلك الغلاف المشقق. “لا أستطيع المقاومة… يجب أن أحصل عليه… مهما كلفني الأمر.” رن هذا الفكر في عقله بصوت أعلى من أي شعور آخر، ومع ذلك كان يعرف في أعماقه أن هذا القرار قد يقوده إلى مصير أسوأ من الموت. .
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
طبعا هذا هو البطل وأحداث الرواية تبدأ الآن وشكرا لقرائتكم
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات