نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

موشوكو تينساي 31

الفصل 8: نُزلُ المُغامرين

الفصل 8: نُزلُ المُغامرين

VOLUME THREE

“يُمكِنُنا فقط إصلاحُ رِدائِك! سَـأخيطُهُ لك، حسنًا؟ لذا إترُكي هذا الفتى! أنتِ تَتَجاوزينَ الحُدودَ كثيرًا الآن!”

الفصل 8: نُزلُ المُغامرين

آخِرُ شَيءٍ أُريدُهُ هو أنْ نَجِدَ أنفُسَنا غارقينَ في ظَلامٍ دامِسٍ تمامًا عِندَما نَصِلُ إلى القلعة.

 

“يُمكِنُنا فقط إصلاحُ رِدائِك! سَـأخيطُهُ لك، حسنًا؟ لذا إترُكي هذا الفتى! أنتِ تَتَجاوزينَ الحُدودَ كثيرًا الآن!”

بِـحِلولِ الوَقتِ الذي غادَرنا فيهِ النِقابة، وَجَدنا أنَّ الظلامَ قد حَلَّ بالفِعل. الشَمسُ في السَماءِ لا تَزالُ مُشرِقة، لكِنَ شَوارِعَ ريكاريسو بَدَتْ قاتِمةً بِـشَكلٍ غَريب. بعدَ قليل، أدرَكتُ أنَّ هذا هو أحدُ الآثارِ الجانِبيةِ لِـمَوقِعِها؛ حيثُ ألقَتْ الجُدرانُ العاليةُ المُحيطةُ بالحفرة الظِلال حتى قبلَ غُروبِ الشَمس. سَـيَحِلُّ الظلامُ الدامِسُ في أيِّ وقتٍ الآن على الأغلب.

مَهامُ الرُتبةِ F و E هي عادةً وَظائِفٌ عاديةٌ تُتَمُّ في داخِلِ المَدينة، ولكِن مِنَ الرُتبةِ D فَـما فوق تَبدَأ في الحُصولِ على المَزيدِ مِن الطَلَباتِ لِـجَمعِ الموارِدِ وما شابهَ ذلِك. في الأساس، تَمَّ إعدادُ النِظامِ بِـحيث يُمكِنُكَ تَوفيرُ بَعضِ المالِ مِن خِلالِ القيامِ بالأعمالِ السَهلةِ، ثُمَّ شِراءُ بَعضِ المُعِداتِ للتَعامُلِ معَ وظائفٍ أكثَرَ خطورة.

“أعتَقِدُ أنَّنا يَجِبُ أنْ نَجِدَ نُزُلًا على الفور.”

هذا الوَضعُ لا يُشبِهُ وَضعَ سيلفي. فَـهُناكَ سَبَب، لا يُهِمُّ كم يَبلُغُ يأسي، عليَّ أنْ أتَحَمَل. وعلى أيِّ حال، الحُثالةُ فقط مَن سَـيَستَغِلُ فتاةً تَشعُرُ بالقَلَقِ والضُعف.

“ألا يُمكِنُنا التَخييمُ خارِجَ المَدينةِ أو شيءٍ كهذا؟”

ليسَ هذا مرةً أُخرى.

نَظَرَت إليَّ إيريس بِـتَعبيرٍ حائِر.

ما هي الطَريقةُ الأكثَرُ فعاليةً لِـكَسبِ المال؟ هل يَجِبُ أنْ نُحاوِلَ إكمالَ أكبَرِ عَدَدٍ مُمكِنٍ مِنَ المهامِ يوميًا؟ بِـصَراحة، قد يكونُ الخروجُ إلى السُهولِ ومُطاردةُ الوحوش لِـجَمعِ الموادِ الخامِ أفضَل. لا يَجِبُ أنْ أحُدَّ مِن خياراتِنا في أمرِ المُغامرةِ هذا فقط.

“أوه، هيا الآن. لِمَ لا نَحصَلُ على ليلةِ نَومٍ جَيدةٍ على سَريرٍ حَقيقي؟”

لقد أمسَكتُ بِـإيريس مِنَ الخَلف، لكِنَها لا تَزالُ تُنازِعُ بينَ ذِراعَي، مُحاوِلةً إسقاطَ قَدَمِها على الصبي.

“هل تَعتَقِدُ ذلِك؟”

هل يُمكِنُكَ أنْ تَتَوقفَ عن الثَرثَرةِ وتَقولَ ما لَديك؟

لا يَبدو أنَّ رويجيرد لديهِ إعتِراضٌ على هذا أيضً. أثناءَ تَخييمِنا في البَرِّ القاحل، ظَلَّ يَتَعامَلُ معَ واجِباتِ المُراقبةِ اللَيليةِ بِـمُفرَدِه، ذلك لأنَّهُ يَستَطيعُ الشُعورَ بِـإقتِرابِ الأعداءِ حتى عِندَما يكونُ نِصفَ نائم. لقد إستَيقَظتُ عِدةَ مَراتٍ في مُنتَصَفِ اللَيلِ على صَوتِ شيءٍ يَنفَجِر، فقط لِـأُدرِكَ أنَّ رويجيرد قد قَطَعَ للتو بَعضَ الوحوشِ التَعيسة. لذا فَـهو لم يَحصَل على راحةٍ حقًا.

“نعم؟”

على أيِّ حال، النُزُلُ أمرٌ لا مَفَرَّ مِنهُ بالتأكيد. أحَدُ أسبابِ ذلِك، أنَّني أتضَوَرُ جوعًا. رُبَما يُمكِنُنا شِراءُ شَيءٍ ما مِن المَدينة، لكِن، لا يَزالُ لَدَينا الكَثيرُ مِنَ اللحومِ المُجَففَةِ المُتَبَقيةِ مِنَ اليوم السابِق. أعتَقِدُ أنَّهُ مِنَ الحِكمةِ تَجَنُبُ ذلِكَ الآنَ والحِفاظُ على تَقليلِ نَفَقاتِنا لأقصى حَدٍّ في الوَقتِ الحالي، لكِنَني الآنَ جائِعٌ بما فيهِ الكِفايةِ لِـدَرجةِ أنَّني على الأقَلِ أرَدتُ مَكانًا للجُلوسِ فيهِ وأكلُ كُلُّ ما أراهُ أمامي.

نَظَرَت إليَّ إيريس بِـتَعبيرٍ حائِر.

“أوي، روديوس! إنظر إلى هذا!”

بَدَأتُ أحلَم. في حُلمي، وَجَدتُ نَفسي في فَراغٍ أبيضٍ نَقي. ويُمكِنُني أنْ أشعُرَ أنَّني قد عُدتُ إلى شَكلي السابِقِ المُثيرِ للشَفَقةِ مِن حياتي الماضية.

بدا صَوتُ إيريس مَليئًا بالإثارة. فُضوليًا بِـشَأنِ ما رأته، نَظَرَتُ إلى الأعلى لِـأجِدَ أنَّ الجُدرانَ الداخِليةَ للحُفرةِ قد بَدَأتْ تَسطُعُ بِـخِفة؛ ويبدو أنَّ الضَوءَ يَزدادُ إشراقًا كُلَّ ثانية.

لِـحُسنِ الحَظ، نَجَحَتْ مُناشَداتي اليائِسةُ في إيقافِ إيريس في النهاية. تَوَقَفَتْ عن القِتالِ وذَهَبَتْ إلى جانبِ رويجيرد ووَجهُها لا يزالُ مليئًا بالغَضَب.

“هذا مُذهِل! لم أرَّ أبدًا أيَّ شَيءٍ كهذا مِن قَبل!”

“حسنًا، هي لا تُحِبُّ أنْ تُضايق، وأعتَقِدُ أنَّ تِلكَ القُلنسوةَ مُهِمةٌ جدًا بالنسبةِ لها.”

بِـحُلولِ الوَقتِ الذي غَرَبَتْ فيهِ الشَمسُ تَمامًا، أضاءَتْ جُدرانُ الحُفرةِ المَباني الحَجَريةَ والطينيةَ في المَدينة. أشعرني هذا وكأنَنا قد دَخَلنا إلى مُتَنَزَهٍ مُضاء.

لِـسوءِ الحَظ، حَدَثَ وأنْ وجِدَتْ قِطعةُ قِماشٍ رَخيصةٍ عالِقةٍ في مُنتَصَفِ هذا الصِراعِ على السُلطة. ومع صَوتِ تَمَزُق، إستسلمتْ قُلنسوةُ إيريس وتَمَزَقَت.

“واو….هذا حقًا شَيءٌ مُذهِل، أليسَ كَذلِك؟”

“نعم، بالتأكيد.”

بالطبع، قَضَيتُ حياتيَّ السابِقةَ في مَكانٍ لم يرَّ الظَلامَ قط، لذلك لم أُبهَر كثيرًا مِثلَ إيريس. ومعَ ذلِك، هذا بالتأكيدِ مَشهَدٌ سحريٌّ رائع. لماذا تُشرِقُ الجُدرانُ هكذا على أيِّ حال؟

 

“آه، تِلكَ هي الإضاءة.”

“إنَّهُم يَمتَصونَ الضَوءَ أثناءَ النَهار، ثُمُّ يُطلِقونَهُ هكذا بِـمُجَرَدِ حلولِ الظَلام. رُغمَ ذلِكَ فَـهذهِ الأحجارُ تَتَألَقُ لِـمُدةٍ تَقِلُّ عن نِصفِ طولِ النهار.”

“همم؟ أنتَ تَعرِفُ شَيئًا عن هذا، رايدن؟”

رَكَلَتْ إيريس الصَبيَّ على ظَهرِهِ وإنحنتْ لأسفل وأمسَكَتْ ساقَيه، وَجهُها مُلتَوٍ بسبب الغضب. “سَـتَندَمُ على هذا حتى يَومِ مَوتِك! سَـأضرِبُ ذلِكَ الشيءَ الخاصَ به إلى أنْ يَتَحولَ إلى هريسة!”

“رايدن؟ مَن هذا؟ هممم. هل كانَ هُناكَ إلهُ سَيفٍ بِـهذا الإسمِ قَبلَ بِضعةِ أجيال….؟”

“أعتَقِدُ أنَّنا يَجِبُ أنْ نَجِدَ نُزُلًا على الفور.”

بِـطَبيعةِ الحال، أحسَّ رويجيرد بالضياعِ تمامًا. رُبَما لا يوجَدُ ولا حتى شَخصٌ واحِدٌ في هذا العالَمِ بِـأسرِهِ يُمكِنُهُ فِهمُ هذا.

وهكذا، وَصَلَتْ لَيلَتُنا الأولى كَـمُغامرينَ إلى نِهايةٍ هادِئة — رُغمَ أنَّ جوًا مِن القَلَقِ لا يَزالُ يَملَئ غُرفَتَنا.

هذا مُحزِنٌ نوعًا ما.

“أوه، هيااا! نَحنُ سَـنُلقي نَظرةً فقط!”

“آسِف، لقد عَرَفتُ شَخصًا بِـهذا الإسمِ سابِقًا، وهو دائمًا ما كانَ يَعرِفُ كُلَّ أنواعِ الأشياءِ الغَريبة، لذا….هذهِ مُجَرَدُ زَلةِ لِسان.”

بِـحُلولِ الوَقتِ الذي غَرَبَتْ فيهِ الشَمسُ تَمامًا، أضاءَتْ جُدرانُ الحُفرةِ المَباني الحَجَريةَ والطينيةَ في المَدينة. أشعرني هذا وكأنَنا قد دَخَلنا إلى مُتَنَزَهٍ مُضاء.

“آه، فهمت.”

آخِرُ شَيءٍ أُريدُهُ هو أنْ نَجِدَ أنفُسَنا غارقينَ في ظَلامٍ دامِسٍ تمامًا عِندَما نَصِلُ إلى القلعة.

حينَها إقتربَ رويجيرد مني ورَبَتَّ على رأسيَّ بِـلُطف، وكأنَهُ رَجُلٌ يُحاوِلُ مواساةَ طفلٍ تَذَكَرَ أحدَ والِدَيهِ المُتَوفي.

عِندَما إستَيقَظت، رَأيتُ أنَّ الوَقتَ لا يَزالُ في مُنتَصَفِ اللَيل. بالحَديثِ عن الكَوابيس.

آه، فقط للمَعلومية، رايدن ليسَ إسمَ والدي أو أيِّ شيء. رَجُلي العَجوزُ إسمُهُ بات أو بابلو أو شيءٍ مِن هذا القَبيل. أبٌ عاديٌّ جدًا، سيءٌ جدًا كَـإنسان.

سَيطِر على نَفسِك، روديوس…..حتى نَعودَ إلى المَنزِل، يَجِبُ أنْ تَظَلَّ بَطَلَ روايةٍ غافِل.

“على أيِّ حال، ما هي هذهِ الأشياءُ المُنيرة؟”

اللعنة، أنا الآنَ أدورُ في دوائرٍ فقط…

“إنَّها مَجموعةٌ مُتَنَوِعةٌ مِنَ الأحجارِ السِحرية.”

 

“كيفَ تَعمَل؟”

سَقَطَ الطِفلُ فورًا إلى الخَلفِ وضُرِبَتْ مؤخرةُ رأسِهِ على الأرض. بعد هذا، فَقَدَ وعيهُ على الفور.

“إنَّهُم يَمتَصونَ الضَوءَ أثناءَ النَهار، ثُمُّ يُطلِقونَهُ هكذا بِـمُجَرَدِ حلولِ الظَلام. رُغمَ ذلِكَ فَـهذهِ الأحجارُ تَتَألَقُ لِـمُدةٍ تَقِلُّ عن نِصفِ طولِ النهار.”

نعم، أعتَقِد. لكِن، حَسَبَ مَعرِفَتي بِـرويجيرد، رُبَما كانَ سَـيُلاحِقُنا ويَحمينا مِن مَسافةٍ بَعيدةٍ حتى لو هَرَبنا مِنه.

لذلِكَ فَـهذهِ في الأساسِ أضواءٌ تَعمَلُ بالطاقةِ الشَمسية؟ لم أرَّ أيَّ شَيءٍ كَـهذا في آسورا. عِندَ التَفكيرِ في مدى فائدَةِ هذهِ الأحجار، أستَغرِبُ أنَّهُم لا يُستَعملونَ في نِطاقٍ أوسَع.

“آه، وااو. إنَّها لطيفة، لكِنَها مُخيفةٌ نوعًا ما، هاه….”

“إذن لماذا لا يَستَخدِمُ الناسُ هذهِ الأحجارَ في كُلِّ مَكان؟”

بالمُناسَبة، ظَلَّ رويجيرد جالِسًا على كُرسيٍّ عِندَ المِنضدةِ يُشاهِدُ كُلَّ هذا بِـإبتِسامةٍ صَغيرةٍ على وجهِه. “رويجيرد، هيا يا رجُل! لا تَجلِس هُناكَ في المَرةِ القادِمةِ التي يَحدُثُ فيها شيءٌ كهذا!”

“بِـشَكلٍ أساسي، لأنَّ هذهِ الأحجارَ نَفسُها نادِرةٌ إلى حَدٍّ ما.”

“لقد سَمِعتُ أنَّهُ أمرٌ مُحَرَم، لكِنَني لا أعرِفُ التَفاصيل.”

“هاه؟ لكِن يبدو أنَّهُم يَمتَلِكونَ طَنًا مِنها هُنا…..” هُناكَ حاجةٌ لِـكميةٍ هائِلةٍ مِن هذهِ الأشياءِ لإضاءةِ مَدينةِ بِـأكمَلِها هكذا، صحيح؟

“بِـشَكلٍ أساسي، لأنَّ هذهِ الأحجارَ نَفسُها نادِرةٌ إلى حَدٍّ ما.”

“يَبدو أنَّ إمبراطورةَ الشَياطينِ العَظيمةَ قد أحضَرَتهُم إلى هُنا في ذَروةِ قوَتِها. هل تَرى ذلِكَ هُناك؟” أشارَ رويجيرد إلى القَلعةِ المُتَضَرِرةِ في وَسَطِ المَدينة، مُشرِقةً بِـضَوءٍ هادئ نَتيجةً لِـإنعِكاسِ ضَوءِ الحِجارةِ عليها. “كُلُّ هذا مِن أجلِ أنْ تَتَوهَجَ القَلعةُ بِـضَوءٍ جَميلٍ في اللَيل.”

“هل أنتَ بخير؟”

“واو….هذا يبدو…..مُفرِطًا بَعضَ الشيء.” ظَهَرَتْ صورةٌ مِن نَسجِ خيالي للإمبراطورةِ في ذهني. لِـسَبَبٍ ما تَخَيلتُها إيريس في زيٍّ ساديٍّ تَصرُخ: “المَزيدُ مِنَ الضَوء! أحتاجُ لِـمَزيدٍ مِنَ الضَوء، حتى يرى العالَمُ كُلَّهُ جمالي!”

“ألا يُمكِنُنا التَخييمُ خارِجَ المَدينةِ أو شيءٍ كهذا؟”

“ألا يُحاوِلُ أحَدٌ سَرِقتَهُم؟”

سَيطِر على نَفسِك، روديوس…..حتى نَعودَ إلى المَنزِل، يَجِبُ أنْ تَظَلَّ بَطَلَ روايةٍ غافِل.

“لقد سَمِعتُ أنَّهُ أمرٌ مُحَرَم، لكِنَني لا أعرِفُ التَفاصيل.”

بعدَ تَردُدِ آخِرِ ما قالَهُ الإلهُ البَشريُّ في أُذُني، بَدَأتُ أفقِدُ وَعي مرةً أُخرى.

صحيح. هذهِ هي المَرةُ الأولى التي يأتي فيها رويجيرد إلى ريكاريسو أيضًا، بعدَ كُلِّ شَيء. يَبدو أنَّ الحِجارةَ مَوضوعةٌ في مَكان، مُرتَفِعٍ إلى حَدٍّ ما، من جُدرانِ الحُفرة، لذلِكَ رُبَما يَصعُبُ الوصولُ إليها ما لم يَتَمكَن المَرءُ مِنَ الطَيران.

حينَها إقتربَ رويجيرد مني ورَبَتَّ على رأسيَّ بِـلُطف، وكأنَهُ رَجُلٌ يُحاوِلُ مواساةَ طفلٍ تَذَكَرَ أحدَ والِدَيهِ المُتَوفي.

“في ذلِكَ الوَقت، إنتُقِدَ المَشروعُ بِـشَكلٍ كَبيرٍ بإعتِبارِهِ مَضيعةً وأنانية، لكِنَني أفتَرِضُ أنَّ حقيقةَ كَونِهِ مُفيدًا قد ثَبُتَتْ في النهاية.”

“روديوس…..أنتَ سَـتَجِدُ حَلًا، صحيح…..؟”

“همم….رُبَما فَعَلَتْ الإمبراطورةُ ذلِكَ مِن أجلِ راحةِ مواطنيها.”

حقيقةُ أنَّني لَستُ بأفضَلش حالٍ الآن ليستْ جيدة. هذا رُبَما ليس بالشيءِ الخَطير، ولكِن هُناكَ إحتماليةُ أنْ تُصابَ إيريس أو أنا بِـمَرَضٍ لا يُمكِنُ عِلاجُهُ بِـتعاويذِ الشِفاء.

“أشُكُّ في ذلِكَ بِـشِدة. فَـقد كانَتْ تِلكَ المرأةُ سَيئةَ السُمعةِ مَعروفةً بِـإنحِطاطِها وإنغِماسِها في ملذاتِها.”

“هل تَعتَقِدُ ذلِك؟”

أوه، مُثيرٌ للإهتِمام. لو إنَّ هذهِ السَيدةَ لا تَزالُ على قيدِ الحياةِ في مَكانٍ ما، فَـأوَدُّ مُقابَلَتَها. نَحنُ نَتَحدَثُ هنا عن شَيطانةٍ مُثيرةٍ بالتأكيد.

نَظَرَت إليَّ إيريس بِـتَعبيرٍ حائِر.

“هااه…الحَقيقةُ أحيانًا أغربُ مِنَ الخَيال، أليسَ كذلِك؟”

بالمُناسَبة، ظَلَّ رويجيرد جالِسًا على كُرسيٍّ عِندَ المِنضدةِ يُشاهِدُ كُلَّ هذا بِـإبتِسامةٍ صَغيرةٍ على وجهِه. “رويجيرد، هيا يا رجُل! لا تَجلِس هُناكَ في المَرةِ القادِمةِ التي يَحدُثُ فيها شيءٌ كهذا!”

“هل هذا مَثَلٌ بَشَريٌّ مِن نوعٍ ما؟”

تَنَهَدتُ بِـهدوء، ثُمَّ نَظَرتُ إلى يَساري.

“نعم، لكِنَ هذا غيرُ مُهِم، المُهِمُ هو ما يُشيرُ إليه. ليسَ لدى السبيرد سُمعةٌ طَيبةٌ أيضًا، لكِنَهُم في الواقِعِ أُناسٌ طَيبوا القَلب، أليسَ كذلِك؟”

نَظَرَتْ إيريس إلى المَدينةِ مِن خِلالَ النافِذة، التي بَدَأتْ تَزدادُ قَتامةً كُلَّ دَقيقة. تِلكَ القَلعةُ المُدَمَرةُ آسِرةٌ للغاية، هذا صحيح، لكِن عَندَ رؤيتِها هكذا، قد تَعتَقِدُ أنَّ الفَتاةَ هي سائِحةٌ أو شيءٌ مِن هذا القَبيل. لدينا كُلُّ أنواعِ الأشياءِ للقَلَقِ بِـشَأنِها الآن، صحيح؟ هل تَتَوقعُ مني أنْ أتعامَلَ معَ كُلِّ شيءٍ بِـنَفسي أم ماذا؟

رَبَّتَ رويجيرد على رأسي بِـمَوَدة. لم أعرِف يقينًا ما هو شعوري حيالَ مُداعَبَتي بِـهذهِ الطَريقةِ في عُمُري، لكِن….دَعونا نُفَكِرُ في الأمر….نعم فِعلًا، أنا في مُنتَصَفِ الأربعينات، وأنا أقصِدُ مِنَ الناحيةِ العقلية. لكِنَ هذا الرَجُلَ يَبلُغُ عُمرهُ 560 عامًا. لِـتَسهيلِ تَمثيلِ ذلِك، دعنا نَحذِفُ صِفرًا مِن عُمرَينا. الآنَ صارَ لدينا ما يُعادِلُ طِفلًا يَبلُغُ مِنَ العُمرِ أربعَ سَنواتٍ يُرَبِتُ على رأسِهِ شَخصٌ في عُمرِ السادسةِ والخمسين. هذا لطيفٌ ودافئ، صحيح؟

“أوي، روديوس! إنظر إلى هذا!”

“أوي، روديوس! لماذا لا نَذهَبُ للتَحَقُقِ مِن هذا المَكان؟!” قالَتْ إيريس، مُشيرةً نحوَ القَلعةِ المُدَمرةِ ذاتِ اللَونِ الأسوَدِ النفاثِ والتي تَلوحُ في الأُفقِ بِـشَكلٍ يُنذِرُ بالسوءِ في ظَلامِ سماءِ اللَيل.

بالحَديثِ عن باول….أتساءلُ هل هو قَلِقٌ بِـشأني؟ أنا حقًا يَجِبُ أنْ أُرسِلَ لهُ رِسالةً تُخبِرُهُ أنَّني على قَيدِ الحياةِ وبِـصِحةٍ جيدة. على الرُغمِ مِن أنَّني لا أعرِفُ هل سَـتَصِلُهُ رِسالَتي مِن هذا المكانِ البعيدِ الذي نَحنُ فيه.

“ليسَ الليلة يا إيريس، دَعينا نَعثُرُ على نُزُلٍ الآن.”

“مَن تَعتَقِدُ نَفسَكَ على أيِّ حال؟! لديكَ حقًا بَعضُ الجُرءةِ لكي تَلمِسَني!”

“أوه، هيااا! نَحنُ سَـنُلقي نَظرةً فقط!”

بعدَ تَردُدِ آخِرِ ما قالَهُ الإلهُ البَشريُّ في أُذُني، بَدَأتُ أفقِدُ وَعي مرةً أُخرى.

حسنًا، الآن بَدَأتْ تَعبُس. لقد بَدَتْ تِلكَ القلعةُ ساحِرةً بِـدَرجةٍ كافيةٍ لِـدَرجةِ أنَّني أُريدُ الذهابَ إليها الآنَ أيضًا، ولكِن بناءً على ما قالَهُ رويجيرد سابِقًا، لن يَستَمِرَّ هذا الضَوءُ إلى الأبد.

“واو….هذا حقًا شَيءٌ مُذهِل، أليسَ كَذلِك؟”

آخِرُ شَيءٍ أُريدُهُ هو أنْ نَجِدَ أنفُسَنا غارقينَ في ظَلامٍ دامِسٍ تمامًا عِندَما نَصِلُ إلى القلعة.

مَهامُ الرُتبةِ F و E هي عادةً وَظائِفٌ عاديةٌ تُتَمُّ في داخِلِ المَدينة، ولكِن مِنَ الرُتبةِ D فَـما فوق تَبدَأ في الحُصولِ على المَزيدِ مِن الطَلَباتِ لِـجَمعِ الموارِدِ وما شابهَ ذلِك. في الأساس، تَمَّ إعدادُ النِظامِ بِـحيث يُمكِنُكَ تَوفيرُ بَعضِ المالِ مِن خِلالِ القيامِ بالأعمالِ السَهلةِ، ثُمَّ شِراءُ بَعضِ المُعِداتِ للتَعامُلِ معَ وظائفٍ أكثَرَ خطورة.

“أنا أشعُرُ بالإرهاقِ نوعًا ما مؤخَرًا يا إيريس. أُفَضِلُ التَوَجُهَ إلى نُزُلٍ حاليًا.”

لقد أمسَكتُ بِـإيريس مِنَ الخَلف، لكِنَها لا تَزالُ تُنازِعُ بينَ ذِراعَي، مُحاوِلةً إسقاطَ قَدَمِها على الصبي.

“هاه؟ هل أنتَ بخير؟”

حينَها شَعَرتُ بالخَجَلِ مِن جَهلي. لقد إعتَقَدتُ أنَّ إيريس هي نَفسُها إيريس المُعتادة. مُعتَقِدًا أنَّها غيرُ مُتَوتِرةٍ حتى. لقد إعتَقَدتُ أنَّها مُستَمتِعةً بِـهذا الوضع…..مُغامَرَتُنا.

لم أكذِب عليها بِـقوليَّ هذا. رُبَما لِـهذا علاقةٌ بِـحَقيقةِ أنَّني لَستُ مُعتادًا على السَفر، لكِنَني بَدَأتُ أشعُرُ بالإرهاقِ نوعًا ما في الأيامِ القَليلةِ الماضية. لا يزالُ بإمكاني التَحَرُكُ بِـشَكلٍ جَيدٍ أثناءَ القِتال، لذلِكَ فَـهذهِ ليسَتْ مُشكِلةً كَبيرةً حتى الآن. ومعَ ذلِك، يبدو أنَّني أتعَبُ بِـسُرعةٍ أكبَرَ مِنَ المُعتاد. رُبَما هذا بسببِ التَوَتُرِ فقط.

حسنًا، ليسَ كما لو أنَّها تَستَطيعُ فِهمَ ما يقولُهُ حتى.

“أنا بخيرٍ يا إيريس. لا شيءَ خَطيرٌ جدًا.”

“أيضًا، لو شَعَرتَ يومًا بالرَغبةِ في الإنتِقامِ مِمَّا حَدَثَ اليوم، فَـإنَّني أنصَحُ بِـعَدمِ القيامِ بِـذلِك. لقد تَدَخَلتُ اليومَ لأنَّ الأمرَ بِـرُمَتِهِ هو مُجَرَدُ حادِث، لكِن، في المَرةِ القادِمةِ قد تَموتُ بالفِعل.” لن يَحدُثَ ذلِكَ حقًا، لكِنَني أرَدتُ التأكُدَ مِن أنَّهُ يَعرِفُ مُستَواه.

“حقًا؟ حسنًا، إذن….أعتَقِدُ أنَّني سَـأضطَرُّ للتَحَلي بالصَبر.”

على أيِّ حال، مِنَ المُفتَرَضِ الآنَ أنْ يأتيَّ أصدقاؤهُ مُندَفعين. رُبَما عليَّ أن أتدخَلَ…

الآنَ هذهِ عِبارةٌ لم أتَوَقَع سَماعَها مِنَ الآنِسةِ إيريس بورياس غرايرات. لقد تَطَوَرَتْ هذهِ الفَتاةُ حقًا خِلالَ السَنواتِ القَليلةِ الماضية.

هل هو جاد؟ حسنًا….لا شيء غريبٌ في مَجموعةٍ مِنَ الشَبابِ يَتَجِهونَ إلى المَدينةِ الكَبيرةِ ورؤوسُهُم مَليئةٌ بالأحلام، صحيح؟ رُبَما يُرَحِبُ أولئِكَ المُحارِبونَ القُدامى الذين رأيناهُم في نِقابةِ المُغامرينَ بِـأطفالٍ مِثلِ هؤلاء بإبتساماتٍ دافِئةٍ ومُتَساهِلة.

 

نَظَرَتْ إيريس إلى المَدينةِ مِن خِلالَ النافِذة، التي بَدَأتْ تَزدادُ قَتامةً كُلَّ دَقيقة. تِلكَ القَلعةُ المُدَمَرةُ آسِرةٌ للغاية، هذا صحيح، لكِن عَندَ رؤيتِها هكذا، قد تَعتَقِدُ أنَّ الفَتاةَ هي سائِحةٌ أو شيءٌ مِن هذا القَبيل. لدينا كُلُّ أنواعِ الأشياءِ للقَلَقِ بِـشَأنِها الآن، صحيح؟ هل تَتَوقعُ مني أنْ أتعامَلَ معَ كُلِّ شيءٍ بِـنَفسي أم ماذا؟

* * *

 

 

“هل هذا مَثَلٌ بَشَريٌّ مِن نوعٍ ما؟”

إستَقرَرنا في مَكانٍ يُسمى بِـنُزُلِ مِخلَبِ الذِئب. إنَّهُ نُزلٌ يَحتَوي على إثني عَشَرَ غُرفة، وسِعرُ اللَيلةِ هو خَمسُ عُملاتٍ حجرية. المَبنى ليسَ في أفضَلِ حالاتِه، لكِنَهُم يَستَقبِلونَ المُغامرينَ المُبتَدئين، والسِعرُ بدا عادِلًا بالتأكيد. بِـإضافةِ عُملةٍ حَجَريةٍ واحِدةٍ إلى السِعرِ الأصلي، يَحصَلُ المُقيمُ هُنا على وَجَباتِ الصَباحِ والمَساء، ولو أتَتْ مَجموعةُ مُغامرينَ فيها أكثَرُ مِن شَخصينِ، فَـلن يَتَوجَبَ عليهُم دَفعُ أُجورِ الطَعام. وكَـجُزءٍ مِن إستراتيجيةِ هذا المَكانِ في إبداءِ حُسنِ النيةِ للمُبتَدئين، ظَلَّ السِعرُ كما هو بِـغَضِّ النَظَرِ عن عَدَدِ الأسِرةِ التي تُستَخدَم.

بعدها، جاءَ الإثنانِ الآخران، اللذانِ عاقبَتهُما إيريس على أفعالِ صَديقِهُما السَيئة، لِـتَقديمِ أنفُسِهُم أيضًا. الفتى العَضَليُّ ذو الأربعةِ أذرُعٍ هو باتشيرو، وإسمُ الصَبيِّ ذو المِنقارِ هو غابورين.

بدا المَكتَبُ الأماميُّ كَـحانةٍ صَغيرة، مع مَجموعةٍ مِنَ الطاوِلاتِ وعَددٍ مِنَ المقاعِدِ أيضًا. عِندَما دَخَلنا، وجدنا إنَّ إحدى الطاوِلاتِ قد شُغِلَتْ بالفِعلِ مِن قِبَلِ مَجموعةٍ مِن ثلاثةِ مُغامرينَ شباب، الأمرُ الذي لم يُفاجِئني.

“أوي، روديوس….”

كَلِمةُ شَابٍ هي نِسبيةٌ هُنا بالطَبع. رُبَما هُم أكبَرُ مِني، قد يَكونونَ في نَفسِ عُمرِ إيريس، كُلُّهم فتيان. بَدَأوا يُحَدِقونَ بِنا بِـمُجَرَدِ دخولِنا دونَ أيِّ مُحاولةٍ لإخفاءِ ذلِكَ حتى.

تَنَهَدتُ بِـهدوء، ثُمَّ نَظَرتُ إلى يَساري.

“ماذا علينا أنْ نَفعَل؟” سألَ رويجيرد وهو يَنظُرُ إلي. أفتَرِضُ أنَّهُ يَسألُ عَن هل سَـنُقَدِمُ عَرضًا آخرًا هُنا أم لا.

“هاه؟ أوه، واااه. أنتَ مُحِق.” يبدو أنَّ كوروتو لم يُلاحِظ ذلِكَ حتى. أعتَقِدُ أنَّهُ مِنَ النَوعِ الذي يَرى الأشياءَ التي يُريدُ رؤيتَها فقط. “ولكِنَكَ أنتَ ساحِر، صحيح؟ أعني، يُمكِنُكَ إستِخدامُ تعاويذِ الشِفاءِ وكُلِّ شيء. هذا رائِعٌ جدًا.”

“دعنا لا نَفعل شيئًا.” أجَبتُهُ بعدَ لَحظةٍ مِنَ التَفكير. “هذا هو المَكانُ الذي سَـنَنامُ فيه، صحيح؟ أُفَضِلُ أنْ أكونَ قادِرًا على الإستِرخاءِ هُنا دونَ مَشاكِل.” لا أعرِفُ كم مِنَ الليالي سَـنَقضيها في هذا النُزُلِ بالذات، لكِنَ هؤلاء الأولاد لا يزالونَ أطفالًا وِفقًا لِـمَعاييرِ رويجيرد. ولو بَقينا تَحتَ سَقفٍ واحِدٍ لِـفَترةٍ طَويلة، فَـهو بِـطَبيعةِ الحالِ يُريدُ أنْ يَعرِفوا أنَّهُ رَجُلٌ طَيب.

 

“نَحنُ مَجموعةٌ مِن ثلاثة. سَـنبقى هُنا لِـثَلاثةِ أيامٍ على الأقَل.”

“هاه؟ أوه، واااه. أنتَ مُحِق.” يبدو أنَّ كوروتو لم يُلاحِظ ذلِكَ حتى. أعتَقِدُ أنَّهُ مِنَ النَوعِ الذي يَرى الأشياءَ التي يُريدُ رؤيتَها فقط. “ولكِنَكَ أنتَ ساحِر، صحيح؟ أعني، يُمكِنُكَ إستِخدامُ تعاويذِ الشِفاءِ وكُلِّ شيء. هذا رائِعٌ جدًا.”

“نعم نعم. هل تُريدونَ وَجَباتِ الطَعامِ أم لا؟”

“نعم، لكِنَ هذا غيرُ مُهِم، المُهِمُ هو ما يُشيرُ إليه. ليسَ لدى السبيرد سُمعةٌ طَيبةٌ أيضًا، لكِنَهُم في الواقِعِ أُناسٌ طَيبوا القَلب، أليسَ كذلِك؟”

لا يَبدو صاحِبُ الحانةِ هُنا وديًّا كثيرًا. “نعم. وجباتُ الطعام أيضًا، من فضلك.” ثُمَّ سَلَمتُهُ ما يكفي مِنَ العُملاتِ المَعدنيةِ لِـتَغطيةِ الأيامِ الثلاثةِ الأولى مُقَدَمًا. أمرُ الطعامِ المَجاني هو بالتأكيدِ مُكافأةٌ لطيفة. تَرَكَ هذا لنا عُملةً مَعدنيةً واحِدة، ثلاثُ عُملاتِ خُردةٍ مَعدنية وعُملَتَينِ حَجريتَين…أي ما يُعادِلُ 132 قِطعةً نَقديةً حجرية في المَجموع.

هل يُحاوِلُ هؤلاءُ الأطفالُ إثارةَ إعجابِنا أم ماذا؟ ياللجُرأة. وحتى أنَّكُم تَدعونَ أنفُسَكُم بالعصابة؟ حقًا؟ ما أنتُم؟ عِصابةُ راكِبي دراجةٍ ناريةٍ مِن زَمَنِ الخمسينات؟ مِنَ الأساس، هل هذا المَكانُ – توكورابو موجودٌ على أيِّ خريطةٍ حتى؟

“أ-أوي، هل أنتُم مُغامِرونَ مُبتَدِئون أيضًا؟”

“نعم؟”

بينما أنا أستَمِعُ إلى صاحِبِ الحانةِ وهو يَشرَحُ لي قواعِدَ المكانِ وما شابَهَ، إقتَرَبَ أحدُ المُبتَدئينَ وتَحَدَثَ إلى إيريس. إنَّهُ طِفلٌ بِـشَعرٍ أبيضٍ وقَرنٍ يَخرُجُ مِن جَبهَتِه; رُبَما يُمكِنُ تَصنيفُهُ على أنَّهُ فتًى جميل غالِبًا.

“أ-أوي، هل أنتُم مُغامِرونَ مُبتَدِئون أيضًا؟”

الإثنانِ الآخران….لم يَكونا سَيئَينِ أيضًا، على ما أعتَقِد. أحدُهُم بدا قويَّ المَظهَر، رَجُلٌ ذو عَضلاتٍ بِـأربعةِ أذرُع، والآخَرُ لديهِ مِنقارٌ كَـفَمٍ وريشٌ كَـشَعر. بدوا جميعًا وَسيمينَ نسبيًا، لكِن بِـطُرقٍ مُختَلِفة. لو تَمَّ إعتِبارُ ذو القَرنِ جَميلًا مِنَ النَوعِ العادي، فَـإنَّ ذو الأربعةِ أذرُعٍ هو جميلٌ مِنَ النَوعِ القِتالي، والفتى ذو المِنقارِ هو جَميلٌ مِنَ النَوعِ الطائِر.

* * *

“فـ-في الواقِع، نَحنُ جَديدونَ أيضًا على هذا. هل تُريدينَ أنْ تَأتي للأكلِ معَنا؟”

“همم؟ إنَّها مَعركةُ أطفالٍ فقط، أليسَ كذلِك؟”

أوه واو. إنَّهُ يُحاوِلُ التَقَرُبَ مِنها إذن. هذا الشريرُ الصَغيرُ مُتَسَرِعٌ جدًا، السيءُ هُنا أنَّ صَوتَهُ يَرتَجِف. هذا يبدو لطيفًا نوعًا ما.

بدا صَوتُ إيريس مَليئًا بالإثارة. فُضوليًا بِـشَأنِ ما رأته، نَظَرَتُ إلى الأعلى لِـأجِدَ أنَّ الجُدرانَ الداخِليةَ للحُفرةِ قد بَدَأتْ تَسطُعُ بِـخِفة؛ ويبدو أنَّ الضَوءَ يَزدادُ إشراقًا كُلَّ ثانية.

“رُبَما يُمكِنُنا أنْ نُقَدِمَ لكِ بعضَ النصائِح حولَ كيفيةِ إختيارِ الوظائِفِ وأشياءٍ كهذه، هل ترغبينَ في هذا؟”

“همم؟ أنتَ تَعرِفُ شَيئًا عن هذا، رايدن؟”

“….همف.” رَدُّ إيريس الوحيدُ على إقتراحِ الصَبيِّ هو الإعراضُ بِـوَجهِها عنه. هذا صحيحٌ يا فتاة! علمي هذا اللعوبَ الصَغيرَ شيئًا عن البرود!

“أوه، أيًا يَكُن! همف!”

حسنًا، ليسَ كما لو أنَّها تَستَطيعُ فِهمَ ما يقولُهُ حتى.

“رُبَما يُمكِنُنا أنْ نُقَدِمَ لكِ بعضَ النصائِح حولَ كيفيةِ إختيارِ الوظائِفِ وأشياءٍ كهذه، هل ترغبينَ في هذا؟”

“هيا الآن، فقط قليلًا. أخوكِ الصَغيرُ هُناكَ يُمكِنُ أنْ يأتيَّ أيضًا.”

سَـنَصيرُ مُفلسينَ في أقلِ مِن أسبوعين. هذا لا يبدو مُريحًا على الإطلاق. نَحنُ بحاجةٍ لإكمالِ ثَلاثِ وظائفٍ أو أكثَرَ يوميًا للبَقاءِ بَعيدينَ عن المَنطقةِ الحَمراء.

“…”

“همم؟ أنتَ تَعرِفُ شَيئًا عن هذا، رايدن؟”

تمامًا عندما شَعَرتُ أنَّني يَجِبُ أنْ أتدَخَل، إلتَفَتَتْ إيريس فَجأةً وبَدَأتْ في الإبتِعادِ عن الصَبي. أعرِفُ هذهِ التقنية، إنَّها شَيءٌ تَعلَمَتهُ في دُروسِ الأتكيت….طريقةٌ أساسيةٌ مِن فَنِّ تَجَنُبِ الأرستقراطيين المُزعجين! الآن إذن، كيفَ سَـيَتَفاعَلُ الطِفلُ مع هذا؟ عِندَ هذهِ النُقطة، يَتَوجَبُ على الرَجُلِ أنْ يَفهَمَ الرِسالةَ ويَنسَحِبَ بِـرشاقة…

أوه واو. إنَّهُ يُحاوِلُ التَقَرُبَ مِنها إذن. هذا الشريرُ الصَغيرُ مُتَسَرِعٌ جدًا، السيءُ هُنا أنَّ صَوتَهُ يَرتَجِف. هذا يبدو لطيفًا نوعًا ما.

“مهلًا، لا تَتَجاهليني.”

نَهَضتُ بِـهدوء، مَشَيتُ وجَلَستُ إلى جانِبِها، ونَظَرتُ معها مِنَ النافِذة. رأيتُ القَمَرَ في الخارِج. هذا العالَمُ لديهِ واحِدٌ فقط أيضًا.

مِنَ الواضِحِ أنَّ الطِفلَ ذو القرن هذا ليسَ رَجُلًا نَبيلًا. غَضِبَ بِـوضوح، مَدَّ يَدَهُ وأمسَكَ الجُزءَ السُفليَّ مِن قُلنسوةِ إيريس. ثُمَّ سَحَبَ الطِفلُ إيريس للخَلف، لكِنَها تَمتَلِكُ ما يكفي مِنَ القوةِ في الجُزءِ السُفليِّ مِن جسدِها للحِفاظِ على توازُنِها. وكما هو متوقَعٌ مِن مُغامِر، يبدو أنَّهُ هو نفسُهُ قوي.

“نعم، بالتأكيد.”

لِـسوءِ الحَظ، حَدَثَ وأنْ وجِدَتْ قِطعةُ قِماشٍ رَخيصةٍ عالِقةٍ في مُنتَصَفِ هذا الصِراعِ على السُلطة. ومع صَوتِ تَمَزُق، إستسلمتْ قُلنسوةُ إيريس وتَمَزَقَت.

“أنا روديوس غرايرات. أوه، وهي إسمُها إيريس.”

“….هاه؟”

صحيح. هذهِ هي المَرةُ الأولى التي يأتي فيها رويجيرد إلى ريكاريسو أيضًا، بعدَ كُلِّ شَيء. يَبدو أنَّ الحِجارةَ مَوضوعةٌ في مَكان، مُرتَفِعٍ إلى حَدٍّ ما، من جُدرانِ الحُفرة، لذلِكَ رُبَما يَصعُبُ الوصولُ إليها ما لم يَتَمكَن المَرءُ مِنَ الطَيران.

نَظَرَتْ إيريس إلى الضَرَر. لقد تَمزَقَ الجُزءُ السُفليُّ مِنَ القلنسوة، حَيثُ تَفَكَكتْ الخيوطُ التي تَمَّ رَبطُ أجزاء القُلنسوةِ منها.

بِـحُلولِ الوَقتِ الذي غَرَبَتْ فيهِ الشَمسُ تَمامًا، أضاءَتْ جُدرانُ الحُفرةِ المَباني الحَجَريةَ والطينيةَ في المَدينة. أشعرني هذا وكأنَنا قد دَخَلنا إلى مُتَنَزَهٍ مُضاء.

“ما الذي تَعتَقِدُ أنَّكَ تَفعَلُهُ بِـحَقِ الجَحيم؟!”

“إنَّهُ مُجَرَدُ إسم، صحيح؟ النقطةُ هي، إيريس وأنا قد تَمَّ أخذُنا بالفِعل، لذلِكَ لا يُمكِنُنا الإنضِمامُ لكُم يا رِفاق.”

صَرخةٌ شَديدة، بِـصَوتٍ عالٍ بِـما يَكفي لِـزَعزعةِ النُزلِ بِـأكمَلِه، صارَتْ بِـمَثابةِ جَرسِ البداية. مُلتَفةً في مكانِها، أطلَقَتْ إيريس لَكمةَ بورياس. هذهِ ضَربةٌ تَعَلَمَتها مِن ساوروس وأتقَنَتها أثناءَ تَدريبِها معَ غيلين; الطِفلُ المسكينُ لم يَرَّ هذا قادِمًا. قَبضَتُها ملأتْ وجهه، تَسَببَ هذا في تراجُعِ رأسِهِ إلى دَرجةِ أنَّني إعتقدتُ أنَّها قد كَسَرَتْ رَقَبَتَه.

رَبَّتَ رويجيرد على رأسي بِـمَوَدة. لم أعرِف يقينًا ما هو شعوري حيالَ مُداعَبَتي بِـهذهِ الطَريقةِ في عُمُري، لكِن….دَعونا نُفَكِرُ في الأمر….نعم فِعلًا، أنا في مُنتَصَفِ الأربعينات، وأنا أقصِدُ مِنَ الناحيةِ العقلية. لكِنَ هذا الرَجُلَ يَبلُغُ عُمرهُ 560 عامًا. لِـتَسهيلِ تَمثيلِ ذلِك، دعنا نَحذِفُ صِفرًا مِن عُمرَينا. الآنَ صارَ لدينا ما يُعادِلُ طِفلًا يَبلُغُ مِنَ العُمرِ أربعَ سَنواتٍ يُرَبِتُ على رأسِهِ شَخصٌ في عُمرِ السادسةِ والخمسين. هذا لطيفٌ ودافئ، صحيح؟

سَقَطَ الطِفلُ فورًا إلى الخَلفِ وضُرِبَتْ مؤخرةُ رأسِهِ على الأرض. بعد هذا، فَقَدَ وعيهُ على الفور.

“أنا أشعُرُ بالإرهاقِ نوعًا ما مؤخَرًا يا إيريس. أُفَضِلُ التَوَجُهَ إلى نُزُلٍ حاليًا.”

أنا مُجَرَدُ مُبتَدئ في هذا، ولكِن حتى أنا أستَطيعُ أنْ أعرِفَ أنَّ هذهِ الضَربةَ تَمتَلِكُ قوةً خطيرة. بَدَتْ هذهِ الضربةُ وكأنها حُكمُ إعدامٍ على أفعالِ هذا الطِفلِ السيئة. نأمَلُ أنْ يَكونَ قد تَعَلَمَ دَرسَهُ ولن يَفعَلَ مرةً أُخرى أيَّ شيءٍ مُتَهورٍ مِثلَ التَحَدُثِ إلى إيريس. حسنًا، في بعضِ الأحيانِ يُمكِنُ أنْ يَكونَ التَعليمُ عَمَليةً مؤلِمة.

لقد أمسَكتُ بِـإيريس مِنَ الخَلف، لكِنَها لا تَزالُ تُنازِعُ بينَ ذِراعَي، مُحاوِلةً إسقاطَ قَدَمِها على الصبي.

على أيِّ حال، مِنَ المُفتَرَضِ الآنَ أنْ يأتيَّ أصدقاؤهُ مُندَفعين. رُبَما عليَّ أن أتدخَلَ…

بعدها، جاءَ الإثنانِ الآخران، اللذانِ عاقبَتهُما إيريس على أفعالِ صَديقِهُما السَيئة، لِـتَقديمِ أنفُسِهُم أيضًا. الفتى العَضَليُّ ذو الأربعةِ أذرُعٍ هو باتشيرو، وإسمُ الصَبيِّ ذو المِنقارِ هو غابورين.

“مَن تَعتَقِدُ نَفسَكَ على أيِّ حال؟! لديكَ حقًا بَعضُ الجُرءةِ لكي تَلمِسَني!”

“ألا يُحاوِلُ أحَدٌ سَرِقتَهُم؟”

لكِن لِـدَهشَتي، لم تَنتَهِ إيريس بعد. هذهِ المَرة، أطلَقَتْ العِنانَ لِـرَكلةِ بورياس….تِقنيةٌ أُخرى مُتَطوِرةٌ للغايةِ تَعَلَمَتها مِن ساوروس وأتقَنَتها تَحتَ قيادةِ غيلين. ضَرَبَتْ قَدَمَها مَعِدةَ ضَحيتِها الثانية.

خاصةً عِندَما يَكونُ هُناكَ عَدَمُ تَطابُقٍ تامٍ في القوةِ كما الآن…

“غااه!”

“هاه؟ لكِن يبدو أنَّهُم يَمتَلِكونَ طَنًا مِنها هُنا…..” هُناكَ حاجةٌ لِـكميةٍ هائِلةٍ مِن هذهِ الأشياءِ لإضاءةِ مَدينةِ بِـأكمَلِها هكذا، صحيح؟

صاحَ ذو الأربعةِ أذرُعٍ بِـعذابٍ وسَقطَ على رُكبَتَيه. لكِنَ إيريس لم تَتَوقف، حيثُ ضَرَبَتْ بِـرُكبَتِها على الفورِ ذَقنَه، مِمَّا جَعَلَهُ يَطيرُ للخَلف.

“رُبَما يُمكِنُنا أنْ نُقَدِمَ لكِ بعضَ النصائِح حولَ كيفيةِ إختيارِ الوظائِفِ وأشياءٍ كهذه، هل ترغبينَ في هذا؟”

“هاه؟ ماذ—هاه؟!”

“هااه…الحَقيقةُ أحيانًا أغربُ مِنَ الخَيال، أليسَ كذلِك؟”

لا يبدو أنَّ الصَبيَّ ذو المِنقارِ قد فَهِمَ ما حَدَثَ حتى الآن، ولكِن عِندَما إندَفعَتْ إيريس نَحوَه، وضعَ يَدَهُ بِـسُرعةٍ على السَيفِ عِندَ وَركِه. بدا لي أنَّ هذا قد بدأ يَتَجاوزُ الحدَّ قليلًا، لذلِكَ حاوَلتُ بِـسُرعةٍ التَدَخُلَ بإستِعمالِ سحري.

سَـنَصيرُ مُفلسينَ في أقلِ مِن أسبوعين. هذا لا يبدو مُريحًا على الإطلاق. نَحنُ بحاجةٍ لإكمالِ ثَلاثِ وظائفٍ أو أكثَرَ يوميًا للبَقاءِ بَعيدينَ عن المَنطقةِ الحَمراء.

لكِن….إتضَحَ في النهايةِ أنَّ إيريس هي الوَحيدةُ التي تجاوزتْ الحدود. فَـقَبلَ أنْ يَتَمكنَ الصَبيُّ ذو المِنقارِ مِن سَحبِ سيفِه، صَفَعَتْ قَبضَتُها بِـشَراسةٍ ذقنه. لم يَسبِق لي أنْ رأيتُ عيونَ طائِرٍ تَتَدحرَجُ إلى الخلفِ مِن قبل، ولكِن على ما يبدو، هُناكَ مَرةٌ أولى لِـكُلِّ شَيء.

هذا الوَضعُ لا يُشبِهُ وَضعَ سيلفي. فَـهُناكَ سَبَب، لا يُهِمُّ كم يَبلُغُ يأسي، عليَّ أنْ أتَحَمَل. وعلى أيِّ حال، الحُثالةُ فقط مَن سَـيَستَغِلُ فتاةً تَشعُرُ بالقَلَقِ والضُعف.

في ثوانٍ مَعدودات، قامَتْ إيريس بإفقادِ خُصومِها الثلاثة وعيَهُم تمامًا.

بِما في ذلِكَ تَكلُفةُ الغَداءِ والسِلَعِ اليَومية، رُبَما سَـنَحتاجُ إلى عشرينَ قطعةٍ نَقديةٍ حجريةٍ يوميًا كَـمُعَدَل. لو تَعامَلنا معَ مُهِمةٍ واحِدةٍ في اليَوم، فَـمِنَ المُحتَمَلِ أنَّنا سَـنَحصَلُ على صافِ خسارةٍ مِقدارُهُ عَشرةٌ إلى خَمسةَ عَشرَ قِطعةٍ نَقديةٍ حَجَرية. وما نَمتَلِكُهُ الآن هو 132…

ثُمَّ بعدَ ذلِكَ عادَتْ إلى حَيثُ سَقَطَ ذو القرنِ فاقِدًا لِـوَعيهِ ورَكَلَتْ رأسَهُ مِثلَ كُرةِ القَدَم. جَعَلَتْ هذهِ الضربةُ الصَبيَّ يَستَيقِظ، لكِنَهُ لم يَستَطِع فِعلَ أيِّ شَيءٍ سِوى التَكَورِ وإتخاذِ وضعيةِ الجَنين. وشَرَعَتْ إيريس في رَكلِهِ مِرارًا وتِكرارًا. 

“هل هذا مَثَلٌ بَشَريٌّ مِن نوعٍ ما؟”

“هذهِ…كانَتْ…أولَ…قِطعةِ…ملابِسٍ…يَشتَريها…روديوس…لي…في حياتي…!”

“مَن تَعتَقِدُ نَفسَكَ على أيِّ حال؟! لديكَ حقًا بَعضُ الجُرءةِ لكي تَلمِسَني!”

أوه يا إلهي! آنِسة إيريس! هل أنا عَزيزٌ عليكِ إلى هذهِ الدَرَجةِ حقًا؟! إنَّها مُجَرَدُ شَيءٍ صَغيرٍ رَخيصٍ إشتريتُهُ للتَسَتُرِ على شَعرِك، كما تَعلَمين….يا إلهي، سَـتَجعَلينَ هذا الرَجُلَ العَجوزَ يَحمَرُّ خَجَلًا بِـقولِكِ هذا!

“هل تَعتَقِدُ ذلِك؟”

رَكَلَتْ إيريس الصَبيَّ على ظَهرِهِ وإنحنتْ لأسفل وأمسَكَتْ ساقَيه، وَجهُها مُلتَوٍ بسبب الغضب. “سَـتَندَمُ على هذا حتى يَومِ مَوتِك! سَـأضرِبُ ذلِكَ الشيءَ الخاصَ به إلى أنْ يَتَحولَ إلى هريسة!”

“آسِف، لقد عَرَفتُ شَخصًا بِـهذا الإسمِ سابِقًا، وهو دائمًا ما كانَ يَعرِفُ كُلَّ أنواعِ الأشياءِ الغَريبة، لذا….هذهِ مُجَرَدُ زَلةِ لِسان.”

قد تَتَسائلون، ما هو هذا الشَيء الذي تَقصِدُه؟ حسنًا، أنا خائِفٌ جدًا حتى مِنَ السؤالِ عَمَّا تَقصِدُه.

“أ-أوي، هل أنتُم مُغامِرونَ مُبتَدِئون أيضًا؟”

لم يَفهَم الفتى ذو القَرنِ شيئًا مِن كلامِها كما لم تَفهَم هي، بالطبع، لكِنَ يبدو أنَّهُ وبِـطَريقةٍ ما يَفهَمُ ما تَنوي القيامَ به. حينَها، بَدَأ يصرُخُ بِـشَتى أنواعِ الإعتذارات، مُتَوَسِلًا للحصولِ على مُساعدة، مع مُحاولاتٍ يائسةٍ للهَرَبِ بعيدًا. لكِنَ صَرخاتَهُ بَدَتْ بِـلا مَعنًى بالنِسبةِ لإيريس، وأعتَقِدُ أنَّها لن تُحدِثَ فَرقًا في كِلتا الحالَتَين. لأنَّ إيريس مِن النوعِ الذي يُنهي دائمًا ما بدأه. هذه الفتاةُ ليسَتْ رحيمةً أبدًا، والآن، هذا الطِفلُ على وَشَكِ أنْ يواجِهَ نَفسَ المَصيرِ الذي رُبَما كُنتُ سَـأُعاني مِنهُ قبلَ ثلاثِ سنوات، لو فَشِلتُ في الهروبِ مِن غَضَبِها.

“لا تقلقي. سَـنَعودُ إلى الوَطن، مهما كَلَفَ الأمر.”

“أوقفي هذا، إيريس!”

حسنًا، حسنًا. هلا قُلتَ ما تُريدُهُ بِـسُرعة؟ أنا أكرَهُ وَقعَ صَوتِك، وأكرَهُ أنْ أكونَ هُنا أيضًا. أكرَهُ الشُعورَ بِـأنَّ الوَقتَ الذي قَضَيتُهُ كَـروديوس هو مُجَرَدُ حُلم. أكرَهُ شُعورَ العَودةِ إلى كوني عديمَ الفائِدة، خاسِرٌ ومُثيرٌ للشَفَقة. وبِـما أنَّكَ سَـتُجبِرُني على سماعِ ما تَقولُه، أتمنى أنْ تَقولَهُ بِـسُرعة.

في هذهِ المَرحلة، تَمَكنتُ أخيرًا مِنَ التَدَخُلِ وإيقافِها. لقد حَدَثَ كُلُّ شَيءٍ بِـسُرعةٍ كَبيرةٍ لِـدَرجةِ أنَّني دُهِشتُ كثيرًا ولم أتَمَكَن مِنَ الرَدِّ على الفور. “إهدئي يا فتاة! إهدئي! إسترخي قليلًا!”

نعم، أعلَمُ أنَّها قد تَبدو كَـمُزحة، لكِنَني في الواقِعِ أقولُ الحَقيقةَ حرفيًا هُنا…

“ما مُشكِلَتُك، روديوس؟! لماذا توقِفُني؟!”

لا يَبدو صاحِبُ الحانةِ هُنا وديًّا كثيرًا. “نعم. وجباتُ الطعام أيضًا، من فضلك.” ثُمَّ سَلَمتُهُ ما يكفي مِنَ العُملاتِ المَعدنيةِ لِـتَغطيةِ الأيامِ الثلاثةِ الأولى مُقَدَمًا. أمرُ الطعامِ المَجاني هو بالتأكيدِ مُكافأةٌ لطيفة. تَرَكَ هذا لنا عُملةً مَعدنيةً واحِدة، ثلاثُ عُملاتِ خُردةٍ مَعدنية وعُملَتَينِ حَجريتَين…أي ما يُعادِلُ 132 قِطعةً نَقديةً حجرية في المَجموع.

لقد أمسَكتُ بِـإيريس مِنَ الخَلف، لكِنَها لا تَزالُ تُنازِعُ بينَ ذِراعَي، مُحاوِلةً إسقاطَ قَدَمِها على الصبي.

“نعم، إلقاءُ التَعاويذِ هي في الأساسِ ما أُجيدُ فِعلَه.”

قد يَسألُ المَرء، أيُّ جُزءٍ مِنَ الصَبي على وجهِ التَحديد؟ الجوابُ فَظيعٌ جدًا.

اللعنة، أنا الآنَ أدورُ في دوائرٍ فقط…

“يُمكِنُنا فقط إصلاحُ رِدائِك! سَـأخيطُهُ لك، حسنًا؟ لذا إترُكي هذا الفتى! أنتِ تَتَجاوزينَ الحُدودَ كثيرًا الآن!”

“يَبدو أنَّ إمبراطورةَ الشَياطينِ العَظيمةَ قد أحضَرَتهُم إلى هُنا في ذَروةِ قوَتِها. هل تَرى ذلِكَ هُناك؟” أشارَ رويجيرد إلى القَلعةِ المُتَضَرِرةِ في وَسَطِ المَدينة، مُشرِقةً بِـضَوءٍ هادئ نَتيجةً لِـإنعِكاسِ ضَوءِ الحِجارةِ عليها. “كُلُّ هذا مِن أجلِ أنْ تَتَوهَجَ القَلعةُ بِـضَوءٍ جَميلٍ في اللَيل.”

“أوه، أيًا يَكُن! همف!”

“فقط لِـمَعلوماتِك….لو إنضَمَمنا إليكُم، فَـإنَّ ذلك الرَجُلَ هُناكَ سَـيأتي أيضًا.” أشَرتُ إلى رويجيرد، الذي بَدا مَشغولًا في إلقاءِ مُحاضرةٍ على إيريس حولَ شيءٍ ما؛ وبَدَتْ عابِسةً بعضَ الشيء، لكِنَها ظَلَّتْ تومِئ بِـرَأسِها ردًا على كَلِماتِه.

لِـحُسنِ الحَظ، نَجَحَتْ مُناشَداتي اليائِسةُ في إيقافِ إيريس في النهاية. تَوَقَفَتْ عن القِتالِ وذَهَبَتْ إلى جانبِ رويجيرد ووَجهُها لا يزالُ مليئًا بالغَضَب.

“أوقفي هذا، إيريس!”

بالمُناسَبة، ظَلَّ رويجيرد جالِسًا على كُرسيٍّ عِندَ المِنضدةِ يُشاهِدُ كُلَّ هذا بِـإبتِسامةٍ صَغيرةٍ على وجهِه. “رويجيرد، هيا يا رجُل! لا تَجلِس هُناكَ في المَرةِ القادِمةِ التي يَحدُثُ فيها شيءٌ كهذا!”

 

“همم؟ إنَّها مَعركةُ أطفالٍ فقط، أليسَ كذلِك؟”

بَدَأتُ أحلَم. في حُلمي، وَجَدتُ نَفسي في فَراغٍ أبيضٍ نَقي. ويُمكِنُني أنْ أشعُرَ أنَّني قد عُدتُ إلى شَكلي السابِقِ المُثيرِ للشَفَقةِ مِن حياتي الماضية.

“نعم، لكِن مِنَ المُفتَرَضِ أنْ يوقِفَ الكِبارُ الأطفال!”

“واو….هذا يبدو…..مُفرِطًا بَعضَ الشيء.” ظَهَرَتْ صورةٌ مِن نَسجِ خيالي للإمبراطورةِ في ذهني. لِـسَبَبٍ ما تَخَيلتُها إيريس في زيٍّ ساديٍّ تَصرُخ: “المَزيدُ مِنَ الضَوء! أحتاجُ لِـمَزيدٍ مِنَ الضَوء، حتى يرى العالَمُ كُلَّهُ جمالي!”

خاصةً عِندَما يَكونُ هُناكَ عَدَمُ تَطابُقٍ تامٍ في القوةِ كما الآن…

“فـ-فَهِمت. بالتأكيد….”

 

“…”

* * *

لو إستَطَعنا الإنقِسام، فَـمِنَ المُحتَمَلِ أنْ نَتَمكَنَ مِن رِبحِ ما لا يَقِلُّ عن عشرينَ قِطعةً نَقديةً حَجَريةً مِن خِلالِ القيامِ بِـوظائِفَ بَسيطة. ولكِن، لو تُرِكَ رويجيرد بِـمُفرَدِه، فَـهُناكَ خَطَرُ أنْ يَكشِفَ عن هويتِهِ الحَقيقية. ولم تَستَطِع إيريس التَحَدُثَ باللُغةِ المَحَليةِ حتى، لذلِكَ سَـتُواجِهُ وَقتًا عَصيبًا بِـمُفرَدِها. ومع مِزاجِها هذا…..سَـيَنتَهي الأمرُ بها غالِبًا بالدُخولِ في عِراكٍ مع زَبائِنِها.

 

لا يبدو أنَّ الصَبيَّ ذو المِنقارِ قد فَهِمَ ما حَدَثَ حتى الآن، ولكِن عِندَما إندَفعَتْ إيريس نَحوَه، وضعَ يَدَهُ بِـسُرعةٍ على السَيفِ عِندَ وَركِه. بدا لي أنَّ هذا قد بدأ يَتَجاوزُ الحدَّ قليلًا، لذلِكَ حاوَلتُ بِـسُرعةٍ التَدَخُلَ بإستِعمالِ سحري.

“هل أنتَ بخير؟”

ظَهَرَ ذلِكَ الشَكلُ المَحجوبُ أمامي.

“نعم، أنا بـ-بِـخير….”

وغالِبًا هُناكَ الكثيرُ مِنَ الأشياءِ الأساسيةِ الأُخرى التي سَـنَحتاجُ إليها ولم أتذَكَرها الآن. المالُ سَـيَكونُ قَضيتَنا في الفترةِ الحالية.

شَعرتُ بالتَعاطُفِ قليلًا مع الطِفل، ألقَيتُ سِحرَ الشِفاءِ على الصَبيِّ الذي تَعَرَضَ للضَربِ وساعدتُهُ على الوقوف. “آسِفٌ على ذلِك، إنَّها لا تَستَطيعُ أن تَتَكلمَ بِـلُغةِ إلهِ الشياطين.”

سَـنَصيرُ مُفلسينَ في أقلِ مِن أسبوعين. هذا لا يبدو مُريحًا على الإطلاق. نَحنُ بحاجةٍ لإكمالِ ثَلاثِ وظائفٍ أو أكثَرَ يوميًا للبَقاءِ بَعيدينَ عن المَنطقةِ الحَمراء.

“ذ-ذلِكَ أخافَني حتى الموت…..لـ-لِماذا غَضِبَتْ إلى هذا الحَدِّ على أي حال؟”

في ثوانٍ مَعدودات، قامَتْ إيريس بإفقادِ خُصومِها الثلاثة وعيَهُم تمامًا.

“حسنًا، هي لا تُحِبُّ أنْ تُضايق، وأعتَقِدُ أنَّ تِلكَ القُلنسوةَ مُهِمةٌ جدًا بالنسبةِ لها.”

ثُمَّ بعدَ ذلِكَ عادَتْ إلى حَيثُ سَقَطَ ذو القرنِ فاقِدًا لِـوَعيهِ ورَكَلَتْ رأسَهُ مِثلَ كُرةِ القَدَم. جَعَلَتْ هذهِ الضربةُ الصَبيَّ يَستَيقِظ، لكِنَهُ لم يَستَطِع فِعلَ أيِّ شَيءٍ سِوى التَكَورِ وإتخاذِ وضعيةِ الجَنين. وشَرَعَتْ إيريس في رَكلِهِ مِرارًا وتِكرارًا. 

“فـ-فهمت….آه، هل تُمانِعُ في إخبارِها أنَّني آسِف؟”

نَظَرتُ إلى إيريس. ورأيتُها قد خَلَعتْ القُلنسوة، ثُمَّ حَدَقَتْ في التَمزُقِ الذي حصل فيها وبَدَأتْ تطحَنُ أسنانَها بِـشَراسة. إنَّها بالتأكيدِ في وَضعِ لا تُسامِح أبدًا، لا تَنسى أبدًا الآن. لم أرَها هكذا مُنذُ اليَومِ الأوَلِ الذي إلتَقَينا فيه. لقد تَوقَعتُ حتى أن أرى دُخانًا يَخرُجُ مِن أُذُنيها مِثل أفلامِ الكرتون.

نَظَرتُ إلى إيريس. ورأيتُها قد خَلَعتْ القُلنسوة، ثُمَّ حَدَقَتْ في التَمزُقِ الذي حصل فيها وبَدَأتْ تطحَنُ أسنانَها بِـشَراسة. إنَّها بالتأكيدِ في وَضعِ لا تُسامِح أبدًا، لا تَنسى أبدًا الآن. لم أرَها هكذا مُنذُ اليَومِ الأوَلِ الذي إلتَقَينا فيه. لقد تَوقَعتُ حتى أن أرى دُخانًا يَخرُجُ مِن أُذُنيها مِثل أفلامِ الكرتون.

حسنًا، الآن بَدَأتْ تَعبُس. لقد بَدَتْ تِلكَ القلعةُ ساحِرةً بِـدَرجةٍ كافيةٍ لِـدَرجةِ أنَّني أُريدُ الذهابَ إليها الآنَ أيضًا، ولكِن بناءً على ما قالَهُ رويجيرد سابِقًا، لن يَستَمِرَّ هذا الضَوءُ إلى الأبد.

“آسِف، لكِن لو تَحدَثتُ معها الآن، أعتَقِدُ أنَّها سَـتَضرِبُني أيضًا.”

“آه، وااو. إنَّها لطيفة، لكِنَها مُخيفةٌ نوعًا ما، هاه….”

“هل تَعتَقِدُ أنَّنا سَـنَنجَحُ في العَودةِ إلى المَنزِل….؟”

بِـصَراحة، لقد إعتَقَدتُ أنَّ الفتاةَ قد أصبَحَتْ أكثَرَ تَحضُرًا مؤخرًا، ولكِن رُبَما كانَ ذلِكَ مُجَرَدَ تَمثيل. أنا مُحبَطٌ نوعًا ما، لأنَّني بَدَأتُ أتسائلُ قبلَ قليلٍ عن مدى التَطَورِ الذي يُمكِنُ أنْ تَصِلَ إليه. “حسنًا، نعم، إنَّها لطيفةٌ بالتأكيد. ولهذا السَبَبِ رُبَما لا يَجِبُ عليكَ أنْ تَتَحدثَ معها إلا إذا إمتَلَكتَ سَببًا وجيهًا لذلِك، حسنًا؟”

لا. لن يرغَبَ أحدٌ في أنْ يُصبِحَ مَديونًا طالَما يَستَطيع. ليسَ حتى تَكونَ لَدينا طَريقةٌ مَضمونةٌ للتَسديدِ على الأقَل. أعتَقِدُ أنَّني يُمكِنُ أنْ أبيعَ آكوا هيرتيا، ولكِن….هذا سَـيَكونُ المَلاذَ الأخير. لا أُريدُ أنْ أفقِدَ أوَلَّ هَديةِ عيدِ ميلادٍ تُقَدِمُها لي إيريس.

“فـ-فَهِمت. بالتأكيد….”

صاحَ ذو الأربعةِ أذرُعٍ بِـعذابٍ وسَقطَ على رُكبَتَيه. لكِنَ إيريس لم تَتَوقف، حيثُ ضَرَبَتْ بِـرُكبَتِها على الفورِ ذَقنَه، مِمَّا جَعَلَهُ يَطيرُ للخَلف.

“أيضًا، لو شَعَرتَ يومًا بالرَغبةِ في الإنتِقامِ مِمَّا حَدَثَ اليوم، فَـإنَّني أنصَحُ بِـعَدمِ القيامِ بِـذلِك. لقد تَدَخَلتُ اليومَ لأنَّ الأمرَ بِـرُمَتِهِ هو مُجَرَدُ حادِث، لكِن، في المَرةِ القادِمةِ قد تَموتُ بالفِعل.” لن يَحدُثَ ذلِكَ حقًا، لكِنَني أرَدتُ التأكُدَ مِن أنَّهُ يَعرِفُ مُستَواه.

“فـ-فهمت….آه، هل تُمانِعُ في إخبارِها أنَّني آسِف؟”

إتَسَعَتْ عيونُ الصَبي، فَرَكَ أنفَهُ ثُمَّ أمسَكَ مؤخِرةَ رأسِهِ حيثُ إنتَشَرَتْ هُناكَ الأورامُ بسببِ كُلِّ الضربِ الذي تلقاه. بعدَ لَحَظاتٍ قَليلة، بدا أنَّهُ قد هَدَأ.

 

“إسمي هو كوروتو. ما هو إسمُك؟”

“لا تقلقي. سَـنَعودُ إلى الوَطن، مهما كَلَفَ الأمر.”

“أنا روديوس غرايرات. أوه، وهي إسمُها إيريس.”

“آه، وااو. إنَّها لطيفة، لكِنَها مُخيفةٌ نوعًا ما، هاه….”

بعدها، جاءَ الإثنانِ الآخران، اللذانِ عاقبَتهُما إيريس على أفعالِ صَديقِهُما السَيئة، لِـتَقديمِ أنفُسِهُم أيضًا. الفتى العَضَليُّ ذو الأربعةِ أذرُعٍ هو باتشيرو، وإسمُ الصَبيِّ ذو المِنقارِ هو غابورين.

“آسِف، لقد عَرَفتُ شَخصًا بِـهذا الإسمِ سابِقًا، وهو دائمًا ما كانَ يَعرِفُ كُلَّ أنواعِ الأشياءِ الغَريبة، لذا….هذهِ مُجَرَدُ زَلةِ لِسان.”

بِـمُجَرَدِ أنْ إنتَهينا مِن التعرُفِ على بعضِنا، وَقَفَ هذانِ الإثنانِ على جانِبَيِّ كوروتو، وأقامَتْ المَجموعةُ الصَغيرةُ وَقفةً دراماتيكية.

لدَيَّ ما يَكفي مِن هذهِ الرَسائِلِ الإلهية، لِـكَي أكونَ صادِقًا. تَوقيتُ هذا يبدو مُريبًا بِـشَكلٍ لا يُصَدَق. ذو الوَجهِ المَحجوبِ ذاك قد إختارَ اللَحظةَ المِثاليةَ للإستِفادةِ مِن إرتِباكي. هذه هي أفعالُ الآلِهةِ الشريرةِ حقًا. اللعنة، لديَّ مُتَلاعِبٌ يُلاحِقُني الآن.

“معًا، نحن….عِصابةُ قرية توكورابو!”

بِـصَراحة، لقد إعتَقَدتُ أنَّ الفتاةَ قد أصبَحَتْ أكثَرَ تَحضُرًا مؤخرًا، ولكِن رُبَما كانَ ذلِكَ مُجَرَدَ تَمثيل. أنا مُحبَطٌ نوعًا ما، لأنَّني بَدَأتُ أتسائلُ قبلَ قليلٍ عن مدى التَطَورِ الذي يُمكِنُ أنْ تَصِلَ إليه. “حسنًا، نعم، إنَّها لطيفةٌ بالتأكيد. ولهذا السَبَبِ رُبَما لا يَجِبُ عليكَ أنْ تَتَحدثَ معها إلا إذا إمتَلَكتَ سَببًا وجيهًا لذلِك، حسنًا؟”

“…”

نعم، أعتَقِد. لكِن، حَسَبَ مَعرِفَتي بِـرويجيرد، رُبَما كانَ سَـيُلاحِقُنا ويَحمينا مِن مَسافةٍ بَعيدةٍ حتى لو هَرَبنا مِنه.

هل يُحاوِلُ هؤلاءُ الأطفالُ إثارةَ إعجابِنا أم ماذا؟ ياللجُرأة. وحتى أنَّكُم تَدعونَ أنفُسَكُم بالعصابة؟ حقًا؟ ما أنتُم؟ عِصابةُ راكِبي دراجةٍ ناريةٍ مِن زَمَنِ الخمسينات؟ مِنَ الأساس، هل هذا المَكانُ – توكورابو موجودٌ على أيِّ خريطةٍ حتى؟

بعدها، جاءَ الإثنانِ الآخران، اللذانِ عاقبَتهُما إيريس على أفعالِ صَديقِهُما السَيئة، لِـتَقديمِ أنفُسِهُم أيضًا. الفتى العَضَليُّ ذو الأربعةِ أذرُعٍ هو باتشيرو، وإسمُ الصَبيِّ ذو المِنقارِ هو غابورين.

“سَـنَصيرُ مَجموعةً مِنَ المَرتبةِ D قريبًا! ونَحنُ نُفَكِرُ في أنَّ الوَقتَ قد حانَ للعُثورِ على فتاةٍ ساحِرةٍ لإكمالِ مَجموعَتِنا. لهذا السَبَبِ تَحدَثتُ معها.”

في ثوانٍ مَعدودات، قامَتْ إيريس بإفقادِ خُصومِها الثلاثة وعيَهُم تمامًا.

“فتاةٌ ساحِرة….؟” هذا غيرُ مَنطقي، فَـأنا الساحِرُ الوَحيدُ في مَجموعَتِنا. وليسَ كأن إيريس تَرتَدي رِداءَ ساحِرٍ أو أي شيءٍ كهذا….أوه، إنتَظِر لحظة…

مِنَ الصَعبِ تَخيلُ أنَّنا سَـنَحصَلُ على أيِّ شَيءٍ مِنَ التَعاونِ معَ هؤلاءِ الأطفالِ على أيِّ حال. لسنا هُنا للرَكِضِ في الأرجاءِ واللَعِب.

“هل إعتَقَدتُم أنَّ إيريس هي ساحِرةٌ بِسَبَبِ القلنسوةِ التي تَرتَديها؟”

“أنتَ عِدائيٌّ أكثَرَ مِنَ السابِق، كما أرى. لقد نَجَحَتْ نَصيحتي حولَ الإعتِمادِ على رويجيرد، أليسَ كذلِك؟ لقد أوصَلَكَ إلى أقرَبِ مَدينةٍ آمِنًا وسَليمًا.”

“حسنًا، نعم. لأنَّهُ فقط مُلقوا التعاويذِ قد يَرتَدونَ أشياءً كهذه، أليسَ كذلِك؟”

ولكِن لو ذَهَبنا إلى هذا الطَريق، فَـلن نَحصَلَ على الكَثيرِ مِنَ الفُرَصِ لِـتَحسينِ سُمعةِ ديد إيند في جَميعِ أنحاءِ المَدينة. إنَّ صُعودَ السُلَمِ كَـمُغامرينَ سَـيَكونُ أفضَلَ طَريقةٍ للقيامِ بِـذلِك. الوصولُ إلى مَرتبةٍ عاليةٍ سَـيَجعَلُ الأُمورَ أسهلَ في المُستَقبَل….ورُبَما سَـنَحصَلُ على سِعرٍ أفضل للموادِ الخامِ في النِقابة.

“إنَّها تَحمِلُ سَيفًا، كما تَعلَم….”

وَجَدتُ نَفسي أيضًا أتَذَكَرُ النَظرةَ على وَجهِ باول عِندَما طَلَبتُ مِنهُ أنْ يَدفَعَ لي وسيلفي للذَهابِ إلى جامِعةِ السِحرِ معًا. هذا أيضًا شيءٌ مُحرِجٌ لِـتَذَكُرِه. لقد كُنتُ حقًا أتعامَلُ مع مَوضوعِ المالِ بِـتَساهُل.

“هاه؟ أوه، واااه. أنتَ مُحِق.” يبدو أنَّ كوروتو لم يُلاحِظ ذلِكَ حتى. أعتَقِدُ أنَّهُ مِنَ النَوعِ الذي يَرى الأشياءَ التي يُريدُ رؤيتَها فقط. “ولكِنَكَ أنتَ ساحِر، صحيح؟ أعني، يُمكِنُكَ إستِخدامُ تعاويذِ الشِفاءِ وكُلِّ شيء. هذا رائِعٌ جدًا.”

ما هي الطَريقةُ الأكثَرُ فعاليةً لِـكَسبِ المال؟ هل يَجِبُ أنْ نُحاوِلَ إكمالَ أكبَرِ عَدَدٍ مُمكِنٍ مِنَ المهامِ يوميًا؟ بِـصَراحة، قد يكونُ الخروجُ إلى السُهولِ ومُطاردةُ الوحوش لِـجَمعِ الموادِ الخامِ أفضَل. لا يَجِبُ أنْ أحُدَّ مِن خياراتِنا في أمرِ المُغامرةِ هذا فقط.

“نعم، إلقاءُ التَعاويذِ هي في الأساسِ ما أُجيدُ فِعلَه.”

“آسِف، لقد عَرَفتُ شَخصًا بِـهذا الإسمِ سابِقًا، وهو دائمًا ما كانَ يَعرِفُ كُلَّ أنواعِ الأشياءِ الغَريبة، لذا….هذهِ مُجَرَدُ زَلةِ لِسان.”

“أوه، إذن لماذا لا تَنضَمانِ معَنا أنتُما الإثنان؟”

تمامًا عندما شَعَرتُ أنَّني يَجِبُ أنْ أتدَخَل، إلتَفَتَتْ إيريس فَجأةً وبَدَأتْ في الإبتِعادِ عن الصَبي. أعرِفُ هذهِ التقنية، إنَّها شَيءٌ تَعلَمَتهُ في دُروسِ الأتكيت….طريقةٌ أساسيةٌ مِن فَنِّ تَجَنُبِ الأرستقراطيين المُزعجين! الآن إذن، كيفَ سَـيَتَفاعَلُ الطِفلُ مع هذا؟ عِندَ هذهِ النُقطة، يَتَوجَبُ على الرَجُلِ أنْ يَفهَمَ الرِسالةَ ويَنسَحِبَ بِـرشاقة…

إنتَظِر، هل تَعتَقِدُ أنَّنا سَـنَنضَمُّ إلى عِصابَتِك؟ حقًا؟ ألم تَتَعلم أيَّ شيءٍ مِمَّا حَدَثَ لكَ في وَقتٍ سابِق؟

“أ-أوي، هل أنتُم مُغامِرونَ مُبتَدِئون أيضًا؟”

“فقط لِـمَعلوماتِك….لو إنضَمَمنا إليكُم، فَـإنَّ ذلك الرَجُلَ هُناكَ سَـيأتي أيضًا.” أشَرتُ إلى رويجيرد، الذي بَدا مَشغولًا في إلقاءِ مُحاضرةٍ على إيريس حولَ شيءٍ ما؛ وبَدَتْ عابِسةً بعضَ الشيء، لكِنَها ظَلَّتْ تومِئ بِـرَأسِها ردًا على كَلِماتِه.

“هل هذا مَثَلٌ بَشَريٌّ مِن نوعٍ ما؟”

“هاه؟ ذلِكَ الرَجُلُ في مَجموعَتِكَ أيضًا؟”

“هاه؟ هل أنتَ بخير؟”

“أوه، بالتأكيد. إسمُهُ هو رويجيرد.”

“لا تقلقي. سَـنَعودُ إلى الوَطن، مهما كَلَفَ الأمر.”

“رويجيرد….؟ ما إسمُ مجموعَتِكُم على أيِّ حال؟”

“نَحنُ مَجموعةٌ مِن ثلاثة. سَـنبقى هُنا لِـثَلاثةِ أيامٍ على الأقَل.”

“ديد إيند.”

نَظَرَت إليَّ إيريس بِـتَعبيرٍ حائِر.

حَدَقَ الأولادُ في وَجهي بِـحَيرةٍ واضِحة. يبدو أنَّهُم يَتَساءلونَ بِـماذا كُنا نُفَكِرُ بِـحَقِّ الجَحيمِ عِندَما إخترنا هذا الإسم.

نَظَرَتْ إيريس إلى المَدينةِ مِن خِلالَ النافِذة، التي بَدَأتْ تَزدادُ قَتامةً كُلَّ دَقيقة. تِلكَ القَلعةُ المُدَمَرةُ آسِرةٌ للغاية، هذا صحيح، لكِن عَندَ رؤيتِها هكذا، قد تَعتَقِدُ أنَّ الفَتاةَ هي سائِحةٌ أو شيءٌ مِن هذا القَبيل. لدينا كُلُّ أنواعِ الأشياءِ للقَلَقِ بِـشَأنِها الآن، صحيح؟ هل تَتَوقعُ مني أنْ أتعامَلَ معَ كُلِّ شيءٍ بِـنَفسي أم ماذا؟

“آه، هل هي حقًا فِكرةٌ جَيدةٌ إستخدامُ إسمٍ كهذا؟”

لكِنَ هذا ليسَ صَحيحًا على الإطلاق. إنَّها خائِفةٌ أيضًا. إنَّها فقط تُخفي ذلِكَ عني. يَجِبُ أنْ يَكونَ التَوَتُرُ قد تَراكَمَ بِـداخِلِها لِـعِدةِ أيام. لا عَجَبَ أنَّها دَخَلَتْ في ذلِكَ العِراكِ الغَبيِّ في وَقتٍ سابِق. كانَ يَجِبُ أنْ أنتَبِهَ لذلِكَ على الفور، يا لي مِن معتوه.

“حسنًا، لقد حَصَلنا على موافقةِ صاحِبِ اللَقَبِ نفسِه.”

قُمتُ بِـلَفِّ ذِراعي بِـرِفقٍ حولَ كَتِفَي إيريس، ووَضَعتُ رأسها على كَتِفي.

“نعم صحيييييح….”

“هل هذا مَثَلٌ بَشَريٌّ مِن نوعٍ ما؟”

نعم، أعلَمُ أنَّها قد تَبدو كَـمُزحة، لكِنَني في الواقِعِ أقولُ الحَقيقةَ حرفيًا هُنا…

“نعم؟”

“إنَّهُ مُجَرَدُ إسم، صحيح؟ النقطةُ هي، إيريس وأنا قد تَمَّ أخذُنا بالفِعل، لذلِكَ لا يُمكِنُنا الإنضِمامُ لكُم يا رِفاق.”

إنتَظِر، هل تَعتَقِدُ أنَّنا سَـنَنضَمُّ إلى عِصابَتِك؟ حقًا؟ ألم تَتَعلم أيَّ شيءٍ مِمَّا حَدَثَ لكَ في وَقتٍ سابِق؟

مِنَ الصَعبِ تَخيلُ أنَّنا سَـنَحصَلُ على أيِّ شَيءٍ مِنَ التَعاونِ معَ هؤلاءِ الأطفالِ على أيِّ حال. لسنا هُنا للرَكِضِ في الأرجاءِ واللَعِب.

 

“أوه حقًا؟ أنتَ تَخسَرُ إذن. نَحنُ سَـنُثيرُ ضَجةً كَبيرةً في هذهِ المَدينة، هل تَعلَم؟ لذا، لا تَأتي وتَتَوسَلَ لنا مِن أجلِ السَماحِ لك بالإنضِمامِ إلينا حينَما نُصبِحُ مشهورين.”

“هااه…الحَقيقةُ أحيانًا أغربُ مِنَ الخَيال، أليسَ كذلِك؟”

هل هو جاد؟ حسنًا….لا شيء غريبٌ في مَجموعةٍ مِنَ الشَبابِ يَتَجِهونَ إلى المَدينةِ الكَبيرةِ ورؤوسُهُم مَليئةٌ بالأحلام، صحيح؟ رُبَما يُرَحِبُ أولئِكَ المُحارِبونَ القُدامى الذين رأيناهُم في نِقابةِ المُغامرينَ بِـأطفالٍ مِثلِ هؤلاء بإبتساماتٍ دافِئةٍ ومُتَساهِلة.

في ثوانٍ مَعدودات، قامَتْ إيريس بإفقادِ خُصومِها الثلاثة وعيَهُم تمامًا.

“أنتَ تَتَبجحُ كثيرًا بالنِسبةِ لِـشَخصٍ قد تَمَّ ضَربُ مؤخِرَتِهِ مِن قِبلِ طفلةٍ قبلَ قليلٍ فقط….”

سَـيَنتهي بيَّ الأمرُ ألعَبُ في راحةِ يدِكَ على كُلِّ حال، فَـلِماذا المُقاومة؟

“أوي! الأمرُ فقط، آه، إنَّها قد باغَتَتني، يا رَجُل.”

الفصل 8: نُزلُ المُغامرين

“هل سَـتَتَحجَجُ بِـعُذرٍ كهذا عِندَما تَقَعُ في كَمينِ وَحشٍ في البَريةِ أيضًا؟”

هل أنتَ حقًا لا تَعرِفُ إجابةَ هذا السؤال؟ هل نَسيتَ الجُزءَ الذي أطلَقتَ فيهِ على نَفسِكَ مُسمى الإله؟

“غاه….”

* * *

نعم، أعتَقِدُ أنَّني قد فُزتُ في هذا. شُعورٌ جَيدٌ يا رَجُل. مِنَ الصَعبِ التَحجُجُ هكذا بعد أنْ يَتِمَّ شَقُّ عنُقِكَ مِن قِبل الذئابِ البَربريةِ، أليسَ كذلِك؟

“يَبدو أنَّ إمبراطورةَ الشَياطينِ العَظيمةَ قد أحضَرَتهُم إلى هُنا في ذَروةِ قوَتِها. هل تَرى ذلِكَ هُناك؟” أشارَ رويجيرد إلى القَلعةِ المُتَضَرِرةِ في وَسَطِ المَدينة، مُشرِقةً بِـضَوءٍ هادئ نَتيجةً لِـإنعِكاسِ ضَوءِ الحِجارةِ عليها. “كُلُّ هذا مِن أجلِ أنْ تَتَوهَجَ القَلعةُ بِـضَوءٍ جَميلٍ في اللَيل.”

وهكذا، تَرَكنا عِصابة قريةِ توكورابو.

فجأة، بدا صَوتُها قَلِقًا بِـشَكلٍ مؤلِم.

 

حسنًا، حسنًا. هلا قُلتَ ما تُريدُهُ بِـسُرعة؟ أنا أكرَهُ وَقعَ صَوتِك، وأكرَهُ أنْ أكونَ هُنا أيضًا. أكرَهُ الشُعورَ بِـأنَّ الوَقتَ الذي قَضَيتُهُ كَـروديوس هو مُجَرَدُ حُلم. أكرَهُ شُعورَ العَودةِ إلى كوني عديمَ الفائِدة، خاسِرٌ ومُثيرٌ للشَفَقة. وبِـما أنَّكَ سَـتُجبِرُني على سماعِ ما تَقولُه، أتمنى أنْ تَقولَهُ بِـسُرعة.

* * *

بِـمُجَرَدِ أنْ تَرتَفِعَ رُتبَتُنا، سَـيَكونُ المالُ أمرًا قليلَ الأهمية. فَـمَهامُ قَتلِ الوحوشِ هي أُمورٌ يُجيدُها كُلٌّ مِن رويجيرد وإيريس. بِـمُجَرَدِ أنْ نَتَمكنَ مِن أخذِ مهامٍ كهذه، سَـنَكونُ في وضعٍ جيد.

 

 

بَعدَ العَشاء، تَوَجَهنا إلى غُرفَتِنا، حيثُ تَنتَظِرُنا ثَلاثةُ أسِرةٍ مِنَ الفَرو.

بِـصَراحة، لقد إعتَقَدتُ أنَّ الفتاةَ قد أصبَحَتْ أكثَرَ تَحضُرًا مؤخرًا، ولكِن رُبَما كانَ ذلِكَ مُجَرَدَ تَمثيل. أنا مُحبَطٌ نوعًا ما، لأنَّني بَدَأتُ أتسائلُ قبلَ قليلٍ عن مدى التَطَورِ الذي يُمكِنُ أنْ تَصِلَ إليه. “حسنًا، نعم، إنَّها لطيفةٌ بالتأكيد. ولهذا السَبَبِ رُبَما لا يَجِبُ عليكَ أنْ تَتَحدثَ معها إلا إذا إمتَلَكتَ سَببًا وجيهًا لذلِك، حسنًا؟”

“فيوو….” تَنَهَدتُ بِـهُدوء، ثُمَّ جَلَستُ على سريري. إنَّهُ يومٍ مُرهِقٌ حقًا. لم نَكُن في أفضَلِ حال، إلتَقَينا بالكَثيرِ مِنَ الناس، سَمِعنا الكَثيرَ مِنَ الضَحِكِ وتَحَمَلنا الكَثيرَ مِنَ السُخرية. حتى عِندَما تُمَثِلُ بِـإرادَتِك، فَـإنَّ مِثلَ هذهِ الأشياءِ سَـتُؤثِرُ عليك.

“…”

نَظَرَتْ إيريس إلى المَدينةِ مِن خِلالَ النافِذة، التي بَدَأتْ تَزدادُ قَتامةً كُلَّ دَقيقة. تِلكَ القَلعةُ المُدَمَرةُ آسِرةٌ للغاية، هذا صحيح، لكِن عَندَ رؤيتِها هكذا، قد تَعتَقِدُ أنَّ الفَتاةَ هي سائِحةٌ أو شيءٌ مِن هذا القَبيل. لدينا كُلُّ أنواعِ الأشياءِ للقَلَقِ بِـشَأنِها الآن، صحيح؟ هل تَتَوقعُ مني أنْ أتعامَلَ معَ كُلِّ شيءٍ بِـنَفسي أم ماذا؟

شَعرتُ بالتَعاطُفِ قليلًا مع الطِفل، ألقَيتُ سِحرَ الشِفاءِ على الصَبيِّ الذي تَعَرَضَ للضَربِ وساعدتُهُ على الوقوف. “آسِفٌ على ذلِك، إنَّها لا تَستَطيعُ أن تَتَكلمَ بِـلُغةِ إلهِ الشياطين.”

حسنًا، لا. عليَّ أنْ أتَوَقَفَ عن كَوني سلبيًا جِدًا. إيريس تَثِقُ بي; لِـهذا السَبَبِ أعتَقِدُ أنَّها لم تُفَكِر في الأمور الآن. ليسَ الأمرُ كما لو إنَّها شَقيةٌ مُدَللةٌ أو شيءٍ كهذا. لو فقط إنَّها تَتَوقَفُ عن الدخولِ في مَعارِكَ لا طائِلَ مِن ورائِها…

“أوه حقًا؟ أنتَ تَخسَرُ إذن. نَحنُ سَـنُثيرُ ضَجةً كَبيرةً في هذهِ المَدينة، هل تَعلَم؟ لذا، لا تَأتي وتَتَوسَلَ لنا مِن أجلِ السَماحِ لك بالإنضِمامِ إلينا حينَما نُصبِحُ مشهورين.”

إستَلقَيتُ على سَريري، نَظَرتُ إلى السَقفِ وبَدَأتُ أُفَكِرُ في المُستَقبَل.

هذا الوَضعُ لا يُشبِهُ وَضعَ سيلفي. فَـهُناكَ سَبَب، لا يُهِمُّ كم يَبلُغُ يأسي، عليَّ أنْ أتَحَمَل. وعلى أيِّ حال، الحُثالةُ فقط مَن سَـيَستَغِلُ فتاةً تَشعُرُ بالقَلَقِ والضُعف.

أولًا وقَبلَ كُلِّ شَيء، نَحنُ بِـحاجةٍ إلى المال. تُكَلِفُنا هذه الغُرفةُ خَمسةَ عَشَرَ قِطعةٍ نَقديةٍ حَجَريةٍ في الليلةِ لِـثَلاثَتِنا. ونَحنُ بِـحاجةٍ لِـكَسبِ ما لا يَقِلُّ عن هذا القدر في اليومِ كَـحَدٍّ أدنى. ولكِن بِناءً على ما رأيتُهُ سابِقًا، يُمكِنُ الحصولُ على خَمسِ عُملاتٍ حَجَريةٍ تَقريبًا مِن إنجازِ مَهامِ الرُتبةِ F، وحتى وظائِفُ الرُتبةِ E تُساوي عُملةَ خُردةِ حديدٍ واحِدةٍ أو نَحوَ ذلِك. كَـمُغامِرٍ مُنفَرِد، رُبَما يُمكِنُكَ فقط إتمامُ وَظيفةٍ واحِدةٍ مِنَ الرُتبةِ F في اليَومِ لِـتَغطيةِ تَكلُفةِ السَكَن، ثُمَّ البَدءُ في تَوفيرِ بَعضِ النُقودِ بِـمُجَرَدِ حُصولِكَ على عَمَلٍ أكثَرِ رِبحًا.

ومع ذلِك، الوظائِفُ مِن هذا النَوعِ كُلُها مِن الرُتبةِ C أو أعلى. في الأساس، لو تَمَكَنا مِنَ الوصولِ إلى المَرتبةِ D في غُضونِ الأُسبوعينِ المُقبِلَينِ أو نَحوَ ذلِك، فَـمِنَ المُحتَمَلِ أنْ يَكونَ كُلُّ شيءٍ على ما يُرام. لكِنَ هذا غيرُ مُمكِنٍ إذا أخذنا مُهِمةً واحِدةً فقط في اليَوم. لقد نَسيتُ أنْ أسألَ كم مُهِمةً مُكتَمِلةً يَتَطلبُ الأمرُ حتى يرتَفِعَ مُستوانا، لِكن….على أقَلِّ تَقدير، لن تَسمَحَ لكَ النِقابةُ بالقَفزِ إلى أعلى السُلَمِّ لِـمُجَرَدِ أنَّكَ مُقاتِلٌ قوي. إنَّهُم يَتَوقعون أنْ يَشُقَّ الجَميعُ طَريقَهُم إلى الأمامِ خُطوةً بِـخُطوة.

مَهامُ الرُتبةِ F و E هي عادةً وَظائِفٌ عاديةٌ تُتَمُّ في داخِلِ المَدينة، ولكِن مِنَ الرُتبةِ D فَـما فوق تَبدَأ في الحُصولِ على المَزيدِ مِن الطَلَباتِ لِـجَمعِ الموارِدِ وما شابهَ ذلِك. في الأساس، تَمَّ إعدادُ النِظامِ بِـحيث يُمكِنُكَ تَوفيرُ بَعضِ المالِ مِن خِلالِ القيامِ بالأعمالِ السَهلةِ، ثُمَّ شِراءُ بَعضِ المُعِداتِ للتَعامُلِ معَ وظائفٍ أكثَرَ خطورة.

“أوي، روديوس! لماذا لا نَذهَبُ للتَحَقُقِ مِن هذا المَكان؟!” قالَتْ إيريس، مُشيرةً نحوَ القَلعةِ المُدَمرةِ ذاتِ اللَونِ الأسوَدِ النفاثِ والتي تَلوحُ في الأُفقِ بِـشَكلٍ يُنذِرُ بالسوءِ في ظَلامِ سماءِ اللَيل.

يبدو أنَّ هذا النِظامَ مَدروسٌ جيدًا، لكِن….هُناكَ ثلاثةٌ مِنا.

عِندَما إستَيقَظت، رَأيتُ أنَّ الوَقتَ لا يَزالُ في مُنتَصَفِ اللَيل. بالحَديثِ عن الكَوابيس.

بِما في ذلِكَ تَكلُفةُ الغَداءِ والسِلَعِ اليَومية، رُبَما سَـنَحتاجُ إلى عشرينَ قطعةٍ نَقديةٍ حجريةٍ يوميًا كَـمُعَدَل. لو تَعامَلنا معَ مُهِمةٍ واحِدةٍ في اليَوم، فَـمِنَ المُحتَمَلِ أنَّنا سَـنَحصَلُ على صافِ خسارةٍ مِقدارُهُ عَشرةٌ إلى خَمسةَ عَشرَ قِطعةٍ نَقديةٍ حَجَرية. وما نَمتَلِكُهُ الآن هو 132…

 

سَـنَصيرُ مُفلسينَ في أقلِ مِن أسبوعين. هذا لا يبدو مُريحًا على الإطلاق. نَحنُ بحاجةٍ لإكمالِ ثَلاثِ وظائفٍ أو أكثَرَ يوميًا للبَقاءِ بَعيدينَ عن المَنطقةِ الحَمراء.

 

لو إستَطَعنا الإنقِسام، فَـمِنَ المُحتَمَلِ أنْ نَتَمكَنَ مِن رِبحِ ما لا يَقِلُّ عن عشرينَ قِطعةً نَقديةً حَجَريةً مِن خِلالِ القيامِ بِـوظائِفَ بَسيطة. ولكِن، لو تُرِكَ رويجيرد بِـمُفرَدِه، فَـهُناكَ خَطَرُ أنْ يَكشِفَ عن هويتِهِ الحَقيقية. ولم تَستَطِع إيريس التَحَدُثَ باللُغةِ المَحَليةِ حتى، لذلِكَ سَـتُواجِهُ وَقتًا عَصيبًا بِـمُفرَدِها. ومع مِزاجِها هذا…..سَـيَنتَهي الأمرُ بها غالِبًا بالدُخولِ في عِراكٍ مع زَبائِنِها.

لذلِكَ فَـهذهِ في الأساسِ أضواءٌ تَعمَلُ بالطاقةِ الشَمسية؟ لم أرَّ أيَّ شَيءٍ كَـهذا في آسورا. عِندَ التَفكيرِ في مدى فائدَةِ هذهِ الأحجار، أستَغرِبُ أنَّهُم لا يُستَعملونَ في نِطاقٍ أوسَع.

والأهَمُ مِن ذلِك، لن نَتَمكنَ مِن نَشرِ أيِّ شيءٍ عن رويجيرد ما لم نَعمَل كَـمَجموعة.

لم أتَمَكَن مِنَ العُثورِ على إجابةٍ واضِحةٍ هُنا. كَسبُ المالِ وتَحسينُ سُمعةِ رويجيرد في نَفسِ الوَقتِ لن يَكونَ سهلًا.

بِـمُجَرَدِ أنْ تَرتَفِعَ رُتبَتُنا، سَـيَكونُ المالُ أمرًا قليلَ الأهمية. فَـمَهامُ قَتلِ الوحوشِ هي أُمورٌ يُجيدُها كُلٌّ مِن رويجيرد وإيريس. بِـمُجَرَدِ أنْ نَتَمكنَ مِن أخذِ مهامٍ كهذه، سَـنَكونُ في وضعٍ جيد.

لكِنَ هذا ليسَ صَحيحًا على الإطلاق. إنَّها خائِفةٌ أيضًا. إنَّها فقط تُخفي ذلِكَ عني. يَجِبُ أنْ يَكونَ التَوَتُرُ قد تَراكَمَ بِـداخِلِها لِـعِدةِ أيام. لا عَجَبَ أنَّها دَخَلَتْ في ذلِكَ العِراكِ الغَبيِّ في وَقتٍ سابِق. كانَ يَجِبُ أنْ أنتَبِهَ لذلِكَ على الفور، يا لي مِن معتوه.

ومع ذلِك، الوظائِفُ مِن هذا النَوعِ كُلُها مِن الرُتبةِ C أو أعلى. في الأساس، لو تَمَكَنا مِنَ الوصولِ إلى المَرتبةِ D في غُضونِ الأُسبوعينِ المُقبِلَينِ أو نَحوَ ذلِك، فَـمِنَ المُحتَمَلِ أنْ يَكونَ كُلُّ شيءٍ على ما يُرام. لكِنَ هذا غيرُ مُمكِنٍ إذا أخذنا مُهِمةً واحِدةً فقط في اليَوم. لقد نَسيتُ أنْ أسألَ كم مُهِمةً مُكتَمِلةً يَتَطلبُ الأمرُ حتى يرتَفِعَ مُستوانا، لِكن….على أقَلِّ تَقدير، لن تَسمَحَ لكَ النِقابةُ بالقَفزِ إلى أعلى السُلَمِّ لِـمُجَرَدِ أنَّكَ مُقاتِلٌ قوي. إنَّهُم يَتَوقعون أنْ يَشُقَّ الجَميعُ طَريقَهُم إلى الأمامِ خُطوةً بِـخُطوة.

نَظَرَت إليَّ إيريس بِـتَعبيرٍ حائِر.

حقيقةُ أنَّني لَستُ بأفضَلش حالٍ الآن ليستْ جيدة. هذا رُبَما ليس بالشيءِ الخَطير، ولكِن هُناكَ إحتماليةُ أنْ تُصابَ إيريس أو أنا بِـمَرَضٍ لا يُمكِنُ عِلاجُهُ بِـتعاويذِ الشِفاء.

 

أيضًا، يَصعُبُ مَعرِفةُ المَبلَغِ الذي سَـنَحتاجُ لإنفاقِهِ على المُشتَرياتِ غيرِ المُنتَظِمة. سَـيَتَعينُ علينا الإستِمرارُ في شِراءِ صُبغِ الشَعرِ لِـرويجيرد بِـشَكلٍ دَوريٍّ أيضًا.

إستَلقَيتُ على سَريري، نَظَرتُ إلى السَقفِ وبَدَأتُ أُفَكِرُ في المُستَقبَل.

ثُمَّ هُناكَ مَلابِسُنا. لا يُمكِنُ أنْ نَستَمِرَّ في إرتِداءِ نَفسِ المَلابِسِ إلى الأبد. مَلابِسُنا مَصنوعةٌ مِن مَوادٍ مَتينةٍ وعاليةِ الجَودة، ولا تَستَغرِقُ وَقتًا طَويلًا لِـتَنظيفِها عِندَ إستِخدامِ السِحرِ لِـتَجفيفِها. ولكِنَ القيامَ بِـذَلكَ بِـهذهِ الطَريقةِ هو أمرٌ ضارٌ بالنَسيج، وسَـيؤدي في نِهايةِ المَطافِ إلى تَمَزُقِها. في وَقتٍ سابِقٍ الحُصولُ على ملابِسٍ إضافيةٍ في أسرَعِ وقتٍ هو أمرٌ جيد. الصابونُ سَـيَكونُ لَطيفًا جدًا. ما زِلنا أنا وإيريس نَمسَحُ أنفُسَنا بِـقِطعةِ قِماشٍ مُبَللةٍ بالماءِ الساخِنِ مُنذُ فترة.

“مَن تَعتَقِدُ نَفسَكَ على أيِّ حال؟! لديكَ حقًا بَعضُ الجُرءةِ لكي تَلمِسَني!”

وغالِبًا هُناكَ الكثيرُ مِنَ الأشياءِ الأساسيةِ الأُخرى التي سَـنَحتاجُ إليها ولم أتذَكَرها الآن. المالُ سَـيَكونُ قَضيتَنا في الفترةِ الحالية.

“لا تَكُن سَخيفًا يا روديوس. كُلُّ ما تَتَخِذُهُ مِن خياراتٍ سَـتَتَخِذُهُ أنتَ بِـنَفسِك.”

أوه، صحيح. رُبَما يُمكِنُنا الحُصولُ على قَرضٍ أو شَيءٍ كهذا؟ يَجِبُ أنْ يَكونَ هُناكَ القليلُ مِنَ المُرابينَ في مَكانٍ ما في هذهِ المَدينة، صحيح؟

“مهلًا، لا تَتَجاهليني.”

لا. لن يرغَبَ أحدٌ في أنْ يُصبِحَ مَديونًا طالَما يَستَطيع. ليسَ حتى تَكونَ لَدينا طَريقةٌ مَضمونةٌ للتَسديدِ على الأقَل. أعتَقِدُ أنَّني يُمكِنُ أنْ أبيعَ آكوا هيرتيا، ولكِن….هذا سَـيَكونُ المَلاذَ الأخير. لا أُريدُ أنْ أفقِدَ أوَلَّ هَديةِ عيدِ ميلادٍ تُقَدِمُها لي إيريس.

حينَها شَعَرتُ بالخَجَلِ مِن جَهلي. لقد إعتَقَدتُ أنَّ إيريس هي نَفسُها إيريس المُعتادة. مُعتَقِدًا أنَّها غيرُ مُتَوتِرةٍ حتى. لقد إعتَقَدتُ أنَّها مُستَمتِعةً بِـهذا الوضع…..مُغامَرَتُنا.

واو، إنظُر إلى وجهي المُتَئلم بسببِ ميزانية الأُسرة. لم أُفَكِر أبدًا أنْ هذا اليَومَ سَـيأتي…

آملُ أنْ أتَمَكَنَ مِن مَعرِفةِ شيءٍ ما…

بِـذِكرِ هذا…..في حياتي السابِقة، كُنتُ مَعروفًا بِـدَرءِ مُحاولاتِ والديَّ لِـمُناقشةِ الأُمورِ الماليةِ عن طريقِ ضربِ الأرضِ بقبضتي مِثلَ طِفلٍ صَغيرٍ غيرِ ناضج. يا لها مِن ذكرياتٍ مُقَزِزة. يَجِبُ أنْ أبذُلَ جُهدًا لِـنِسيانِ ذلِك.

أوه، مُثيرٌ للإهتِمام. لو إنَّ هذهِ السَيدةَ لا تَزالُ على قيدِ الحياةِ في مَكانٍ ما، فَـأوَدُّ مُقابَلَتَها. نَحنُ نَتَحدَثُ هنا عن شَيطانةٍ مُثيرةٍ بالتأكيد.

وَجَدتُ نَفسي أيضًا أتَذَكَرُ النَظرةَ على وَجهِ باول عِندَما طَلَبتُ مِنهُ أنْ يَدفَعَ لي وسيلفي للذَهابِ إلى جامِعةِ السِحرِ معًا. هذا أيضًا شيءٌ مُحرِجٌ لِـتَذَكُرِه. لقد كُنتُ حقًا أتعامَلُ مع مَوضوعِ المالِ بِـتَساهُل.

بِـطَبيعةِ الحال، أحسَّ رويجيرد بالضياعِ تمامًا. رُبَما لا يوجَدُ ولا حتى شَخصٌ واحِدٌ في هذا العالَمِ بِـأسرِهِ يُمكِنُهُ فِهمُ هذا.

حسنًا. هذا ليسَ الوَقتَ المُناسِبَ لِـتَعَلُمِ دُروسِ الحياةِ القَيمة. دَعنا نُرَكِز، مِن فَضلِك.

“هاه؟ أوه، واااه. أنتَ مُحِق.” يبدو أنَّ كوروتو لم يُلاحِظ ذلِكَ حتى. أعتَقِدُ أنَّهُ مِنَ النَوعِ الذي يَرى الأشياءَ التي يُريدُ رؤيتَها فقط. “ولكِنَكَ أنتَ ساحِر، صحيح؟ أعني، يُمكِنُكَ إستِخدامُ تعاويذِ الشِفاءِ وكُلِّ شيء. هذا رائِعٌ جدًا.”

ما هي الطَريقةُ الأكثَرُ فعاليةً لِـكَسبِ المال؟ هل يَجِبُ أنْ نُحاوِلَ إكمالَ أكبَرِ عَدَدٍ مُمكِنٍ مِنَ المهامِ يوميًا؟ بِـصَراحة، قد يكونُ الخروجُ إلى السُهولِ ومُطاردةُ الوحوش لِـجَمعِ الموادِ الخامِ أفضَل. لا يَجِبُ أنْ أحُدَّ مِن خياراتِنا في أمرِ المُغامرةِ هذا فقط.

مِنَ الصَعبِ تَخيلُ أنَّنا سَـنَحصَلُ على أيِّ شَيءٍ مِنَ التَعاونِ معَ هؤلاءِ الأطفالِ على أيِّ حال. لسنا هُنا للرَكِضِ في الأرجاءِ واللَعِب.

ولكِن لو ذَهَبنا إلى هذا الطَريق، فَـلن نَحصَلَ على الكَثيرِ مِنَ الفُرَصِ لِـتَحسينِ سُمعةِ ديد إيند في جَميعِ أنحاءِ المَدينة. إنَّ صُعودَ السُلَمِ كَـمُغامرينَ سَـيَكونُ أفضَلَ طَريقةٍ للقيامِ بِـذلِك. الوصولُ إلى مَرتبةٍ عاليةٍ سَـيَجعَلُ الأُمورَ أسهلَ في المُستَقبَل….ورُبَما سَـنَحصَلُ على سِعرٍ أفضل للموادِ الخامِ في النِقابة.

لم يَخطُر بِـبالي شَيءٌ قبلَ أنْ أنام.

هل يُمكِنُنا أنْ نُصبِحَ مَشهورينَ قبلَ نفادِ أموالِنا رُغمَ ذلك؟ رُبَما سَـيَكونُ مِنَ الأفضَلِ تَعليقُ مُساعدةِ رويجيرد حتى يُصبِحَ وَضعُنا مُستَقِرًا نسبيًا؟

“في ذلِكَ الوَقت، إنتُقِدَ المَشروعُ بِـشَكلٍ كَبيرٍ بإعتِبارِهِ مَضيعةً وأنانية، لكِنَني أفتَرِضُ أنَّ حقيقةَ كَونِهِ مُفيدًا قد ثَبُتَتْ في النهاية.”

اللعنة، أنا الآنَ أدورُ في دوائرٍ فقط…

“واااه. يبدو أنَّكَ تَثِقُ بهِ حقًا. إذن، لماذا لا تَزالُ تَشُكُّ بي؟”

لم أتَمَكَن مِنَ العُثورِ على إجابةٍ واضِحةٍ هُنا. كَسبُ المالِ وتَحسينُ سُمعةِ رويجيرد في نَفسِ الوَقتِ لن يَكونَ سهلًا.

رَكَلَتْ إيريس الصَبيَّ على ظَهرِهِ وإنحنتْ لأسفل وأمسَكَتْ ساقَيه، وَجهُها مُلتَوٍ بسبب الغضب. “سَـتَندَمُ على هذا حتى يَومِ مَوتِك! سَـأضرِبُ ذلِكَ الشيءَ الخاصَ به إلى أنْ يَتَحولَ إلى هريسة!”

آملُ أنْ أتَمَكَنَ مِن مَعرِفةِ شيءٍ ما…

“في ذلِكَ الوَقت، إنتُقِدَ المَشروعُ بِـشَكلٍ كَبيرٍ بإعتِبارِهِ مَضيعةً وأنانية، لكِنَني أفتَرِضُ أنَّ حقيقةَ كَونِهِ مُفيدًا قد ثَبُتَتْ في النهاية.”

لم يَخطُر بِـبالي شَيءٌ قبلَ أنْ أنام.

“أنا روديوس غرايرات. أوه، وهي إسمُها إيريس.”

 

بِـحِلولِ الوَقتِ الذي غادَرنا فيهِ النِقابة، وَجَدنا أنَّ الظلامَ قد حَلَّ بالفِعل. الشَمسُ في السَماءِ لا تَزالُ مُشرِقة، لكِنَ شَوارِعَ ريكاريسو بَدَتْ قاتِمةً بِـشَكلٍ غَريب. بعدَ قليل، أدرَكتُ أنَّ هذا هو أحدُ الآثارِ الجانِبيةِ لِـمَوقِعِها؛ حيثُ ألقَتْ الجُدرانُ العاليةُ المُحيطةُ بالحفرة الظِلال حتى قبلَ غُروبِ الشَمس. سَـيَحِلُّ الظلامُ الدامِسُ في أيِّ وقتٍ الآن على الأغلب.

* * *

ليسَ هذا مرةً أُخرى.

 

هذا مُحزِنٌ نوعًا ما.

بَدَأتُ أحلَم. في حُلمي، وَجَدتُ نَفسي في فَراغٍ أبيضٍ نَقي. ويُمكِنُني أنْ أشعُرَ أنَّني قد عُدتُ إلى شَكلي السابِقِ المُثيرِ للشَفَقةِ مِن حياتي الماضية.

* * *

“هااه…”

آه، فقط للمَعلومية، رايدن ليسَ إسمَ والدي أو أيِّ شيء. رَجُلي العَجوزُ إسمُهُ بات أو بابلو أو شيءٍ مِن هذا القَبيل. أبٌ عاديٌّ جدًا، سيءٌ جدًا كَـإنسان.

ليسَ هذا مرةً أُخرى.

هل يُمكِنُنا أنْ نُصبِحَ مَشهورينَ قبلَ نفادِ أموالِنا رُغمَ ذلك؟ رُبَما سَـيَكونُ مِنَ الأفضَلِ تَعليقُ مُساعدةِ رويجيرد حتى يُصبِحَ وَضعُنا مُستَقِرًا نسبيًا؟

ظَهَرَ ذلِكَ الشَكلُ المَحجوبُ أمامي.

بِـمُجَرَدِ أنْ إنتَهينا مِن التعرُفِ على بعضِنا، وَقَفَ هذانِ الإثنانِ على جانِبَيِّ كوروتو، وأقامَتْ المَجموعةُ الصَغيرةُ وَقفةً دراماتيكية.

ما الأمرُ هذهِ المرة؟ هل يُمكِنُنا إنهاءُ هذا في أسرَعِ وَقتٍ مُمكِن، رجاءً؟

أيضًا، يَصعُبُ مَعرِفةُ المَبلَغِ الذي سَـنَحتاجُ لإنفاقِهِ على المُشتَرياتِ غيرِ المُنتَظِمة. سَـيَتَعينُ علينا الإستِمرارُ في شِراءِ صُبغِ الشَعرِ لِـرويجيرد بِـشَكلٍ دَوريٍّ أيضًا.

“أنتَ عِدائيٌّ أكثَرَ مِنَ السابِق، كما أرى. لقد نَجَحَتْ نَصيحتي حولَ الإعتِمادِ على رويجيرد، أليسَ كذلِك؟ لقد أوصَلَكَ إلى أقرَبِ مَدينةٍ آمِنًا وسَليمًا.”

“أشُكُّ في ذلِكَ بِـشِدة. فَـقد كانَتْ تِلكَ المرأةُ سَيئةَ السُمعةِ مَعروفةً بِـإنحِطاطِها وإنغِماسِها في ملذاتِها.”

نعم، أعتَقِد. لكِن، حَسَبَ مَعرِفَتي بِـرويجيرد، رُبَما كانَ سَـيُلاحِقُنا ويَحمينا مِن مَسافةٍ بَعيدةٍ حتى لو هَرَبنا مِنه.

“أوه، هيااا! نَحنُ سَـنُلقي نَظرةً فقط!”

“واااه. يبدو أنَّكَ تَثِقُ بهِ حقًا. إذن، لماذا لا تَزالُ تَشُكُّ بي؟”

 

هل أنتَ حقًا لا تَعرِفُ إجابةَ هذا السؤال؟ هل نَسيتَ الجُزءَ الذي أطلَقتَ فيهِ على نَفسِكَ مُسمى الإله؟

“غااه!”

“حسنًا، أعتَقِدُ أنَّ هذا غيرُ مُهمٍ حقًا. الآن بتركِ هذا جانِبًا، لديَّ المَزيدُ مِنَ النَصائحِ لكَ يا روديوس.”

“همم؟ أنتَ تَعرِفُ شَيئًا عن هذا، رايدن؟”

حسنًا، حسنًا. هلا قُلتَ ما تُريدُهُ بِـسُرعة؟ أنا أكرَهُ وَقعَ صَوتِك، وأكرَهُ أنْ أكونَ هُنا أيضًا. أكرَهُ الشُعورَ بِـأنَّ الوَقتَ الذي قَضَيتُهُ كَـروديوس هو مُجَرَدُ حُلم. أكرَهُ شُعورَ العَودةِ إلى كوني عديمَ الفائِدة، خاسِرٌ ومُثيرٌ للشَفَقة. وبِـما أنَّكَ سَـتُجبِرُني على سماعِ ما تَقولُه، أتمنى أنْ تَقولَهُ بِـسُرعة.

نَظَرَت إليَّ إيريس بِـتَعبيرٍ حائِر.

“شَخصٌ ما خاضِعٌ جدًا اليوم.”

سَـنَصيرُ مُفلسينَ في أقلِ مِن أسبوعين. هذا لا يبدو مُريحًا على الإطلاق. نَحنُ بحاجةٍ لإكمالِ ثَلاثِ وظائفٍ أو أكثَرَ يوميًا للبَقاءِ بَعيدينَ عن المَنطقةِ الحَمراء.

سَـيَنتهي بيَّ الأمرُ ألعَبُ في راحةِ يدِكَ على كُلِّ حال، فَـلِماذا المُقاومة؟

“لقد سَمِعتُ أنَّهُ أمرٌ مُحَرَم، لكِنَني لا أعرِفُ التَفاصيل.”

“لا تَكُن سَخيفًا يا روديوس. كُلُّ ما تَتَخِذُهُ مِن خياراتٍ سَـتَتَخِذُهُ أنتَ بِـنَفسِك.”

“أوه، هيا الآن. لِمَ لا نَحصَلُ على ليلةِ نَومٍ جَيدةٍ على سَريرٍ حَقيقي؟”

هل يُمكِنُكَ أنْ تَتَوقفَ عن الثَرثَرةِ وتَقولَ ما لَديك؟

إتَسَعَتْ عيونُ الصَبي، فَرَكَ أنفَهُ ثُمَّ أمسَكَ مؤخِرةَ رأسِهِ حيثُ إنتَشَرَتْ هُناكَ الأورامُ بسببِ كُلِّ الضربِ الذي تلقاه. بعدَ لَحَظاتٍ قَليلة، بدا أنَّهُ قد هَدَأ.

“أوه، بالطبع….إستَمِع بِـعناية يا روديوس الشاب. خُذ مُهِمةَ العثورِ على الحيوانِ الأليفِ المفقودة، وسَـتَجِدُ نَفسَكَ قريبًا مع مَشاكِلَ أقل….”

“أوي، روديوس! إنظر إلى هذا!”

بعدَ تَردُدِ آخِرِ ما قالَهُ الإلهُ البَشريُّ في أُذُني، بَدَأتُ أفقِدُ وَعي مرةً أُخرى.

“هل تَعتَقِدُ ذلِك؟”

 

أوه، مُثيرٌ للإهتِمام. لو إنَّ هذهِ السَيدةَ لا تَزالُ على قيدِ الحياةِ في مَكانٍ ما، فَـأوَدُّ مُقابَلَتَها. نَحنُ نَتَحدَثُ هنا عن شَيطانةٍ مُثيرةٍ بالتأكيد.

* * *

سَـيَنتهي بيَّ الأمرُ ألعَبُ في راحةِ يدِكَ على كُلِّ حال، فَـلِماذا المُقاومة؟

 

* * *

عِندَما إستَيقَظت، رَأيتُ أنَّ الوَقتَ لا يَزالُ في مُنتَصَفِ اللَيل. بالحَديثِ عن الكَوابيس.

بَدَأتُ أحلَم. في حُلمي، وَجَدتُ نَفسي في فَراغٍ أبيضٍ نَقي. ويُمكِنُني أنْ أشعُرَ أنَّني قد عُدتُ إلى شَكلي السابِقِ المُثيرِ للشَفَقةِ مِن حياتي الماضية.

لدَيَّ ما يَكفي مِن هذهِ الرَسائِلِ الإلهية، لِـكَي أكونَ صادِقًا. تَوقيتُ هذا يبدو مُريبًا بِـشَكلٍ لا يُصَدَق. ذو الوَجهِ المَحجوبِ ذاك قد إختارَ اللَحظةَ المِثاليةَ للإستِفادةِ مِن إرتِباكي. هذه هي أفعالُ الآلِهةِ الشريرةِ حقًا. اللعنة، لديَّ مُتَلاعِبٌ يُلاحِقُني الآن.

“في ذلِكَ الوَقت، إنتُقِدَ المَشروعُ بِـشَكلٍ كَبيرٍ بإعتِبارِهِ مَضيعةً وأنانية، لكِنَني أفتَرِضُ أنَّ حقيقةَ كَونِهِ مُفيدًا قد ثَبُتَتْ في النهاية.”

تَنَهَدتُ بِـهدوء، ثُمَّ نَظَرتُ إلى يَساري.

أوه، مُثيرٌ للإهتِمام. لو إنَّ هذهِ السَيدةَ لا تَزالُ على قيدِ الحياةِ في مَكانٍ ما، فَـأوَدُّ مُقابَلَتَها. نَحنُ نَتَحدَثُ هنا عن شَيطانةٍ مُثيرةٍ بالتأكيد.

رويجيرد نائم. لِـسَبَبٍ ما، إختارَ أنْ يَتَكِئ على الجِدارِ البَعيدِ وذِراعيهِ حولَ رُمحِه، بدلًا مِنَ النومِ في سَريرِه.

“سَـنَصيرُ مَجموعةً مِنَ المَرتبةِ D قريبًا! ونَحنُ نُفَكِرُ في أنَّ الوَقتَ قد حانَ للعُثورِ على فتاةٍ ساحِرةٍ لإكمالِ مَجموعَتِنا. لهذا السَبَبِ تَحدَثتُ معها.”

نَظَرتُ إلى يَميني….وأدرَكتُ أنَّ إيريس مُستَيقِظة. جالِسةً على سَريرِها، تُعانِقُ رُكبَتَيها وتُحَدِقُ في الظَلام.

على أيِّ حال، النُزُلُ أمرٌ لا مَفَرَّ مِنهُ بالتأكيد. أحَدُ أسبابِ ذلِك، أنَّني أتضَوَرُ جوعًا. رُبَما يُمكِنُنا شِراءُ شَيءٍ ما مِن المَدينة، لكِن، لا يَزالُ لَدَينا الكَثيرُ مِنَ اللحومِ المُجَففَةِ المُتَبَقيةِ مِنَ اليوم السابِق. أعتَقِدُ أنَّهُ مِنَ الحِكمةِ تَجَنُبُ ذلِكَ الآنَ والحِفاظُ على تَقليلِ نَفَقاتِنا لأقصى حَدٍّ في الوَقتِ الحالي، لكِنَني الآنَ جائِعٌ بما فيهِ الكِفايةِ لِـدَرجةِ أنَّني على الأقَلِ أرَدتُ مَكانًا للجُلوسِ فيهِ وأكلُ كُلُّ ما أراهُ أمامي.

نَهَضتُ بِـهدوء، مَشَيتُ وجَلَستُ إلى جانِبِها، ونَظَرتُ معها مِنَ النافِذة. رأيتُ القَمَرَ في الخارِج. هذا العالَمُ لديهِ واحِدٌ فقط أيضًا.

لذلِكَ فَـهذهِ في الأساسِ أضواءٌ تَعمَلُ بالطاقةِ الشَمسية؟ لم أرَّ أيَّ شَيءٍ كَـهذا في آسورا. عِندَ التَفكيرِ في مدى فائدَةِ هذهِ الأحجار، أستَغرِبُ أنَّهُم لا يُستَعملونَ في نِطاقٍ أوسَع.

“لا تَستَطيعينَ النَوم، صحيح؟”

“غااه!”

“….أجل.” أجابَتْ إيريس بعد لَحَظات. ولم تَرفَع عَينَيها عن النافِذة.

“آسِف، لقد عَرَفتُ شَخصًا بِـهذا الإسمِ سابِقًا، وهو دائمًا ما كانَ يَعرِفُ كُلَّ أنواعِ الأشياءِ الغَريبة، لذا….هذهِ مُجَرَدُ زَلةِ لِسان.”

“أوي، روديوس….”

حينَها شَعَرتُ بالخَجَلِ مِن جَهلي. لقد إعتَقَدتُ أنَّ إيريس هي نَفسُها إيريس المُعتادة. مُعتَقِدًا أنَّها غيرُ مُتَوتِرةٍ حتى. لقد إعتَقَدتُ أنَّها مُستَمتِعةً بِـهذا الوضع…..مُغامَرَتُنا.

“نعم؟”

لا يَبدو صاحِبُ الحانةِ هُنا وديًّا كثيرًا. “نعم. وجباتُ الطعام أيضًا، من فضلك.” ثُمَّ سَلَمتُهُ ما يكفي مِنَ العُملاتِ المَعدنيةِ لِـتَغطيةِ الأيامِ الثلاثةِ الأولى مُقَدَمًا. أمرُ الطعامِ المَجاني هو بالتأكيدِ مُكافأةٌ لطيفة. تَرَكَ هذا لنا عُملةً مَعدنيةً واحِدة، ثلاثُ عُملاتِ خُردةٍ مَعدنية وعُملَتَينِ حَجريتَين…أي ما يُعادِلُ 132 قِطعةً نَقديةً حجرية في المَجموع.

“هل تَعتَقِدُ أنَّنا سَـنَنجَحُ في العَودةِ إلى المَنزِل….؟”

“أوه، هيا الآن. لِمَ لا نَحصَلُ على ليلةِ نَومٍ جَيدةٍ على سَريرٍ حَقيقي؟”

فجأة، بدا صَوتُها قَلِقًا بِـشَكلٍ مؤلِم.

هذا الوَضعُ لا يُشبِهُ وَضعَ سيلفي. فَـهُناكَ سَبَب، لا يُهِمُّ كم يَبلُغُ يأسي، عليَّ أنْ أتَحَمَل. وعلى أيِّ حال، الحُثالةُ فقط مَن سَـيَستَغِلُ فتاةً تَشعُرُ بالقَلَقِ والضُعف.

“أوه….”

الآنَ هذهِ عِبارةٌ لم أتَوَقَع سَماعَها مِنَ الآنِسةِ إيريس بورياس غرايرات. لقد تَطَوَرَتْ هذهِ الفَتاةُ حقًا خِلالَ السَنواتِ القَليلةِ الماضية.

حينَها شَعَرتُ بالخَجَلِ مِن جَهلي. لقد إعتَقَدتُ أنَّ إيريس هي نَفسُها إيريس المُعتادة. مُعتَقِدًا أنَّها غيرُ مُتَوتِرةٍ حتى. لقد إعتَقَدتُ أنَّها مُستَمتِعةً بِـهذا الوضع…..مُغامَرَتُنا.

 

لكِنَ هذا ليسَ صَحيحًا على الإطلاق. إنَّها خائِفةٌ أيضًا. إنَّها فقط تُخفي ذلِكَ عني. يَجِبُ أنْ يَكونَ التَوَتُرُ قد تَراكَمَ بِـداخِلِها لِـعِدةِ أيام. لا عَجَبَ أنَّها دَخَلَتْ في ذلِكَ العِراكِ الغَبيِّ في وَقتٍ سابِق. كانَ يَجِبُ أنْ أنتَبِهَ لذلِكَ على الفور، يا لي مِن معتوه.

بِـحُلولِ الوَقتِ الذي غَرَبَتْ فيهِ الشَمسُ تَمامًا، أضاءَتْ جُدرانُ الحُفرةِ المَباني الحَجَريةَ والطينيةَ في المَدينة. أشعرني هذا وكأنَنا قد دَخَلنا إلى مُتَنَزَهٍ مُضاء.

“نعم، بالتأكيد.”

بعدَ تَردُدِ آخِرِ ما قالَهُ الإلهُ البَشريُّ في أُذُني، بَدَأتُ أفقِدُ وَعي مرةً أُخرى.

قُمتُ بِـلَفِّ ذِراعي بِـرِفقٍ حولَ كَتِفَي إيريس، ووَضَعتُ رأسها على كَتِفي.

“حسنًا، أعتَقِدُ أنَّ هذا غيرُ مُهمٍ حقًا. الآن بتركِ هذا جانِبًا، لديَّ المَزيدُ مِنَ النَصائحِ لكَ يا روديوس.”

 

“هل أنتَ بخير؟”

بعدها، جاءَ الإثنانِ الآخران، اللذانِ عاقبَتهُما إيريس على أفعالِ صَديقِهُما السَيئة، لِـتَقديمِ أنفُسِهُم أيضًا. الفتى العَضَليُّ ذو الأربعةِ أذرُعٍ هو باتشيرو، وإسمُ الصَبيِّ ذو المِنقارِ هو غابورين.

 

وَجَدتُ نَفسي أيضًا أتَذَكَرُ النَظرةَ على وَجهِ باول عِندَما طَلَبتُ مِنهُ أنْ يَدفَعَ لي وسيلفي للذَهابِ إلى جامِعةِ السِحرِ معًا. هذا أيضًا شيءٌ مُحرِجٌ لِـتَذَكُرِه. لقد كُنتُ حقًا أتعامَلُ مع مَوضوعِ المالِ بِـتَساهُل.

لم تَستَحِم مُنذُ أيام، لذا فالرائِحةُ الباهِتةُ المُنبَعِثةُ مِن شَعرِها بَدَتْ جَديدةً بالنسبةِ لي. لكِنَها ليسَتْ رائِحةً سيئةً رُغمَ ذلِك. لا على الإطلاق. هذا ما سَبَبَ مُشكِلة، بما أنَّ صَديقيَّ الصَغيرَ الهائِجَ بدأ يُهَدِدُ بالتَحَرُكِ مرةً أُخرى.

بعدها، جاءَ الإثنانِ الآخران، اللذانِ عاقبَتهُما إيريس على أفعالِ صَديقِهُما السَيئة، لِـتَقديمِ أنفُسِهُم أيضًا. الفتى العَضَليُّ ذو الأربعةِ أذرُعٍ هو باتشيرو، وإسمُ الصَبيِّ ذو المِنقارِ هو غابورين.

سَيطِر على نَفسِك، روديوس…..حتى نَعودَ إلى المَنزِل، يَجِبُ أنْ تَظَلَّ بَطَلَ روايةٍ غافِل.

“أوي، روديوس! إنظر إلى هذا!”

هذا الوَضعُ لا يُشبِهُ وَضعَ سيلفي. فَـهُناكَ سَبَب، لا يُهِمُّ كم يَبلُغُ يأسي، عليَّ أنْ أتَحَمَل. وعلى أيِّ حال، الحُثالةُ فقط مَن سَـيَستَغِلُ فتاةً تَشعُرُ بالقَلَقِ والضُعف.

إستَقرَرنا في مَكانٍ يُسمى بِـنُزُلِ مِخلَبِ الذِئب. إنَّهُ نُزلٌ يَحتَوي على إثني عَشَرَ غُرفة، وسِعرُ اللَيلةِ هو خَمسُ عُملاتٍ حجرية. المَبنى ليسَ في أفضَلِ حالاتِه، لكِنَهُم يَستَقبِلونَ المُغامرينَ المُبتَدئين، والسِعرُ بدا عادِلًا بالتأكيد. بِـإضافةِ عُملةٍ حَجَريةٍ واحِدةٍ إلى السِعرِ الأصلي، يَحصَلُ المُقيمُ هُنا على وَجَباتِ الصَباحِ والمَساء، ولو أتَتْ مَجموعةُ مُغامرينَ فيها أكثَرُ مِن شَخصينِ، فَـلن يَتَوجَبَ عليهُم دَفعُ أُجورِ الطَعام. وكَـجُزءٍ مِن إستراتيجيةِ هذا المَكانِ في إبداءِ حُسنِ النيةِ للمُبتَدئين، ظَلَّ السِعرُ كما هو بِـغَضِّ النَظَرِ عن عَدَدِ الأسِرةِ التي تُستَخدَم.

“روديوس…..أنتَ سَـتَجِدُ حَلًا، صحيح…..؟”

“سَـنَصيرُ مَجموعةً مِنَ المَرتبةِ D قريبًا! ونَحنُ نُفَكِرُ في أنَّ الوَقتَ قد حانَ للعُثورِ على فتاةٍ ساحِرةٍ لإكمالِ مَجموعَتِنا. لهذا السَبَبِ تَحدَثتُ معها.”

“لا تقلقي. سَـنَعودُ إلى الوَطن، مهما كَلَفَ الأمر.”

* * *

يا رَجُل، هذهِ السَيدةُ الصَغيرةُ لَطيفةٌ جدًا عِندَما تَكونُ وَديعةً هكذا. لا عَجَبَ أنَّ ساوروس قد دَلَلها هكذا. أتساءَلُ ماذا حَدَثَ للرَجُلِ العَجوزِ على أيِّ حال؟ ذلِكَ الضَوءُ قد غَطى مَنطقةَ فيدوا بِـأكمَلِها، لذلِكَ أعتَقِد…

نعم، أعتَقِد. لكِن، حَسَبَ مَعرِفَتي بِـرويجيرد، رُبَما كانَ سَـيُلاحِقُنا ويَحمينا مِن مَسافةٍ بَعيدةٍ حتى لو هَرَبنا مِنه.

لاا، دَعنا لا نُفَكِرُ في ذلِكَ الآن. لديَّ الكَثيرُ مِنَ المَشاكِلِ للإعتِناءِ بها هُنا.

الإثنانِ الآخران….لم يَكونا سَيئَينِ أيضًا، على ما أعتَقِد. أحدُهُم بدا قويَّ المَظهَر، رَجُلٌ ذو عَضلاتٍ بِـأربعةِ أذرُع، والآخَرُ لديهِ مِنقارٌ كَـفَمٍ وريشٌ كَـشَعر. بدوا جميعًا وَسيمينَ نسبيًا، لكِن بِـطُرقٍ مُختَلِفة. لو تَمَّ إعتِبارُ ذو القَرنِ جَميلًا مِنَ النَوعِ العادي، فَـإنَّ ذو الأربعةِ أذرُعٍ هو جميلٌ مِنَ النَوعِ القِتالي، والفتى ذو المِنقارِ هو جَميلٌ مِنَ النَوعِ الطائِر.

“دعينا نُرَكِزُ فقط على فِعلِ ما بِـوِسعِنا في الوَقتِ الراهِن، حسنًا؟ يَجِبُ أنْ تَحصَلي على بَعضِ النومِ أيضًا يا إيريس. غدًا سَـيَكونُ يَومًا حافِلًا آخر.”

“همم؟ إنَّها مَعركةُ أطفالٍ فقط، أليسَ كذلِك؟”

رَبَتُ على رأسِ إيريس ونَهَضت للعودةِ إلى سريري. عِندَما وَصَلتُ إليه، قابَلَتني عينا رويجيرد، لقد سَمِعَ مُحادَثَتَنا على ما يبدو. هذا مُحرِجٌ إلى حَدٍّ ما.

وهكذا، تَرَكنا عِصابة قريةِ توكورابو.

بعدَ لحظة، على أيِّ حال، أغلَقَ عينيهِ دونَ أنْ يَقولَ أيَّ شيء.

هل يُمكِنُكَ أنْ تَتَوقفَ عن الثَرثَرةِ وتَقولَ ما لَديك؟

هااه، يا له مِن رَجُلٍ جيد! رُبَما كانَ باول سَـيَبدَأ في السُخريةِ مني بلا رَحمةٍ وإغاظتي على الفَور. رويجيرد طيبُ القلبِ حقًا. سَـيَكونُ فِعلًا سيئًا أنْ أُؤجِلَ أمرَ تَحسينِ سُمعَتِهِ إلى وقتٍ لاحِق.

إستَلقَيتُ على سَريري، نَظَرتُ إلى السَقفِ وبَدَأتُ أُفَكِرُ في المُستَقبَل.

بالحَديثِ عن باول….أتساءلُ هل هو قَلِقٌ بِـشأني؟ أنا حقًا يَجِبُ أنْ أُرسِلَ لهُ رِسالةً تُخبِرُهُ أنَّني على قَيدِ الحياةِ وبِـصِحةٍ جيدة. على الرُغمِ مِن أنَّني لا أعرِفُ هل سَـتَصِلُهُ رِسالَتي مِن هذا المكانِ البعيدِ الذي نَحنُ فيه.

حسنًا. هذا ليسَ الوَقتَ المُناسِبَ لِـتَعَلُمِ دُروسِ الحياةِ القَيمة. دَعنا نُرَكِز، مِن فَضلِك.

على أيِّ حال. غدًا نَحنُ سَـنَصيدُ الحَيوانَ الأليفَ الخاصَ بِـشَخصٍ ما، على ما أعتَقِد…

“نعم؟”

دوافِعُ الإلهِ البَشَري لا تَزالُ غيرَ واضِحةٍ بالنسبةِ لي. لكِن، هذهِ المَرة، أنا على إستِعدادٍ لإتِّباعِ نَصيحتِهِ دونَ تَفكيرٍ كَثير.

حسنًا، لا. عليَّ أنْ أتَوَقَفَ عن كَوني سلبيًا جِدًا. إيريس تَثِقُ بي; لِـهذا السَبَبِ أعتَقِدُ أنَّها لم تُفَكِر في الأمور الآن. ليسَ الأمرُ كما لو إنَّها شَقيةٌ مُدَللةٌ أو شيءٍ كهذا. لو فقط إنَّها تَتَوقَفُ عن الدخولِ في مَعارِكَ لا طائِلَ مِن ورائِها…

وهكذا، وَصَلَتْ لَيلَتُنا الأولى كَـمُغامرينَ إلى نِهايةٍ هادِئة — رُغمَ أنَّ جوًا مِن القَلَقِ لا يَزالُ يَملَئ غُرفَتَنا.

بَدَأتُ أحلَم. في حُلمي، وَجَدتُ نَفسي في فَراغٍ أبيضٍ نَقي. ويُمكِنُني أنْ أشعُرَ أنَّني قد عُدتُ إلى شَكلي السابِقِ المُثيرِ للشَفَقةِ مِن حياتي الماضية.

“هااه…الحَقيقةُ أحيانًا أغربُ مِنَ الخَيال، أليسَ كذلِك؟”

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط