نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

موشوكو تينساي 53

الفصل 4: لم الشمل

الفصل 4: لم الشمل

VOLUME FIVE

لستُ نفس الشخص الذي كنت عليه في ذلك الوقت. أقسمت لنفسي أنني سأتغير، ألم أفعل؟ لقد نسيت ذلك مؤخرا، لكنني لا أستطيع السماح لنفسي بتكرار نفس الأخطاء الغبية مرارا وتكرارا.

الفصل 4: لم الشمل

على الأقل نورن آمنة وسعيدة. هذا بالتأكيد الجانب المشرق الوحيد في هذه الفوضى القبيحة بأكملها. إنه شيء يستحق الاحتفال به، بالتأكيد.

 

“همم….؟”

باول

“لكن في النهاية، هو لا يزال مجرد طفل.”

 

 

ما زلت لم أغادر الحانة.

 

 

 

الشمس على وشك الغروب، لذلك بدأ المكان في الحصول على المزيد من العملاء الذين هم ليسوا أعضاءً في فريقي. من ناحية أخرى، العديد من رفاقي قد غادروا بالفعل. لا يعني ذلك أنني أهتم حقا. جلست على طاولة بمفردي، أشرب مثل السمكة.

 

 

“باول، ماذا كنت تفعل في عمر الحادية عشر؟”

على ما يبدو، سوء حالتي المزاجية بدا واضحًا جدًا. الجميع في المكان يبتعدون عني.

 

 

“أولا وقبل كل شيء، لا توجد طرق معبدة ومناسبة. لديهم طرق بين المدن، بالطبع، لكنك لن تجد أي شيء مثل تلك الآمنة والسلسة والخالية من الوحوش التي هي موجودة في ميليس والقارة الوسطى. ولو ذهبت في حالة سفر هناك، فمن الأفضل أن تتوقع أن تتعرض للهجوم من قبل الوحوش ذات الرتبة C. أو ما هو أسوأ.”

“مرحبا! لقد كنت أبحث عنك يا صديقي.”

“….صحيح.”

الجميع باستثناء آخر واصل، على الأقل.

“لماذا؟ لأنه لا يريد أن يقلقك، هذا واضح.”

 

“أي شخص أصغر من ذلك لا يزال مجرد شقي مخاطه يسيل. أليس هذا ما تقوله دائما؟”

نظرت لأعلى ووجدت نفسي وجها لوجه مع رجل لديه وجه قرد. هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها وجهه القبيح منذ عام. “غيز….؟ أين كنت بحق الجحيم، هاه؟”

حسنا، عظيم. الآن هو يجرني معه أيضًا.

“أوه، ياللعِداء! تبدو أكثر غرابة من المعتاد يا صديقي.”

شيء ما في هذه الكلمات — أو ربما لهجته — أراحتني قليلًا. ذكرني هذا بالطريقة التي إعتاد فيها على ممازحتي في الماضي. تلك ذكريات جميلة.

“ماذا تتوقع؟”

 

نقرت على لساني بغضب، مددت يدي لأعلى ولمست خدي. لا يزال ينبض حيث لكمني روديوس في وقت سابق. ربما كان يجب أن ابتلع كبريائي وأسمح لأحد المعالجين لدينا بعلاجي.

أعتقد أن باول فهم ذلك أيضا. إنتقلَ إلى موضوعنا الرئيسي النهائي.

 

لم يبدُ أنه كان يعتقد ذلك بالأمس، لكن….ربما لن يكون من المفيد جدا الإشارة إلى ذلك.

ذلك الفتى اللعين. أنا أقسم. قد تكون القارة الشيطانية صعبة، ولكن سحري أكثر من كافٍ للتعامل معها. هاه؟ حسنا، جيد لك. بما أنها مكان نزهة هكذا، لماذا لم تأخذ القليل من الوقت للبحث عن أمك؟

 

أوه، ولكن على الأقل حصلت على الفرصة لسماع محاضرتك عن أفضل الطرق لطهي لحم السلحفاة العظيمة. إذا لم أتطرق إلى فكرة إنشاء وعاء باستخدام سحر الأرض، لكنا عالقين في تناول قطع متفحمة ورائحة كريهة من تلك الأشياء لمدة عام كامل! ألم يكن هناك أي شيء آخر لتفعله في الوقت الذي قضيته لمطاردة مكونات الطعام لطهي حساء وحش ما؟

بعبارة أخرى، لا بد أنه واجه شيئًا ما في اللحظة التي وصل فيها إلى هناك — شيء فعله أزعج قبيلة دوروديا إلى هذا الحد. لا يهم كيف، لا بد أنه كان حادثا كبيرا. يجب أن يعود بعض رفاقنا في ميناء زانت خلال يومين أو ثلاثة أيام لتقديم تقريرهم المنتظم، ولكن ربما حدث شيء كبير في الشمال.

اررغ. اللعنة.

أوه، ولكن على الأقل حصلت على الفرصة لسماع محاضرتك عن أفضل الطرق لطهي لحم السلحفاة العظيمة. إذا لم أتطرق إلى فكرة إنشاء وعاء باستخدام سحر الأرض، لكنا عالقين في تناول قطع متفحمة ورائحة كريهة من تلك الأشياء لمدة عام كامل! ألم يكن هناك أي شيء آخر لتفعله في الوقت الذي قضيته لمطاردة مكونات الطعام لطهي حساء وحش ما؟

 

“حسنا، إنه المكان الذي ولدت وترعرعت فيه، أتذكر؟ وفي رأيي الحكيم، فإن تلك القارة بأكملها هي شيء كالأخبار السيئة.”

وبعد ذلك، فقط لكي تنهي كل شيء بصورة رائع، حصلت على الجرأة لإتهامي بالخيانة! لم أفكر حتى في لمس امرأة في العام والنصف الماضي، أيها المعتوه الصغير المتعجرف! أنت لم تفعل شيئًا للمساعدة، وتعتقد أن لديك الحق في الحكم على حالتي؟

“نعم….”

أوه، أنت لم تعرف، هاه؟ عذر عظيم. لو أزعجت نفسك بالنظر إلى العالم من حولك، فقد تكون زينيث أو ليليا معنا هنا الآن!

“عاري؟ في سجن عرق الوحوش؟ هل أنت جاد….؟”

بجدية. كم هذا سخيف…

“انتظر لحظة. لماذا قد تذهب إلى الزنزانة معه؟”

“هيهيهي. مما يبدو، أعتقد أنكما لم تصطدما ببعضكما البعض بعد.” مبتسما لنفسه لسبب غير واضح، طلب غيز شيئًا ما. أفترض أنه خمر. هذا الرجل يشرب بثقل حتى أكثر من تالهاند، وتالهاند قزم.

 

 

“على أي حال، إفترضت أنني سأجد الطفل ملتفا حول نفسه ينتحب، هل تعلم؟ ها ها ها!”

“مرحبا، باول. تأكد من التوقف عند نقابة المغامرين غدا، حسنا؟”

غير عادل؟ كيف كنت غير عادل؟ ولِـمَن؟ “هل تعتقد أنني توقعت الكثير؟ من رودي؟”

“لماذا؟”

“لأنني أعتقد أنك ستواجه شخصًا مثيرا للاهتمام.”

“لأنني أعتقد أنك ستواجه شخصًا مثيرا للاهتمام.”

“على أي حال!” قال غيز بسرعة، وهو يقف من مقعده. “أنا متأكد من أنه سيكون هناك القليل من الإحراج العائلي هنا، ولكن أسدِ لصديق القديم غيز معروفًا وإذهب للتصالح مع الصبي، حسنا؟”

شخص مثير للاهتمام؟ يبدو أن غيز يعتقد أن هذا الاجتماع سيحسن مزاجي. نظرا لتوقيت وصوله، ومن واجهت اليوم….ليس من الصعب تخمين من يقصد. “أنت تتحدث عن رودي؟”

 

عابسًا قليلا، خدش القرد القديم رأسه. “هاه؟ كيف عرفت ذلك؟”

 

“لقد قابلته بالفعل اليوم.”

 

“أنت لا تبدو سعيدا بشكل خاص، رغم ذلك. هل حدثت بينكما معركة أو شيء ما؟”

 

معركة….؟ حسنا، أعتقد أنك يمكن أن تسميها هكذا. على الرغم من أنها بالكاد يمكن أن تكون معركة.

“مم….بابا….”

 

 

اللعنة. مجرد التفكير في الأمر جعل وجهي يؤلمني مرة أخرى…

 

“ماذا حدث، باول؟ قل لي كل شيء عن ذلك.” نهض غيز وسحب كرسيه بجانبي. مع هذا الوجه الودود خاصتها، لدى الرجل دائما موهبة الاستماع إلى مشاكل الناس. هذه ليست المرة الأولى التي يحشر أنفه في عملي ويشجعني على قول ما بداخلي.

“حسنا، حسنا. لا حاجة للصراخ.” صفع غيز كوبه الخشبي على الطاولة ونظر في عيني، وفجأة صار تعبيره أكثر خطورة. “إسمع، باول. أنت لم تذهب قط إلى القارة الشيطانية، صحيح؟”

 

 

“حسنًا إذن، إستمع….”

تحركت نورن في السرير قليلا. لا يبدو أنني أيقظتها؛ ربما هي تتحدث في نومها فقط.

إنطلقت وأخبرت غيز بما حدث في وقت سابق.

“لم يكن خطأك. هل تفهمين؟”

 

صارت منطقة فيدوا بأكملها مشردة، وتناثرت عائلتنا في الرياح. عندما فكرت في ما شعر به باول في الأيام والأسابيع التي تلت ذلك، لم أستطع أن أجبر نفسي على إلقاء اللوم عليه بسبب موقفه القاسي. كنت أسافر في فقاعة من الجهل، وأجهل بسعادة المأساة المستمرة من حولي.

كنت سعيدا لرؤية روديوس، بالطبع. ولكن شعرت أننا لسنا حقا على نفس الصفحة حول الوضع، لذلك سألته عما فعله حتى الآن. عند هذه النقطة بدأ يتحدث بمرح عن رحلته عبر القارة الشيطانية.

 

 

 

كانت كل كلمة أخرى تخرج من فمه عبارة عن تفاخر لا طائل من ورائه، لذلك أشرت إلى أن بإمكانه استخدام وقته بشكل أكثر إنتاجية. ثم بدأ ينزعج مني. وبدأ يثرثر عن كوني أمارس الجنس في الأنحاء. حينها فقدت أعصابي تماما. ثم تقاتلنا، وركل مؤخرتي. النهاية.

 

 

شيء ما في هذه الكلمات — أو ربما لهجته — أراحتني قليلًا. ذكرني هذا بالطريقة التي إعتاد فيها على ممازحتي في الماضي. تلك ذكريات جميلة.

“آه….نعم. فهمتك…”

لقد تناولت بعض الكحول هذا الصباح. حتى مع أخذ ذلك في الاعتبار، من الواضح أن الطفل قد تحسن بشكل كبير. ربما أنا سكران، لكنني أيضا ذهبت إلى أقصى حد؛ لقد خفضت نفسي إلى درجة إستخدام الموقف رباعي الأرجل لأسلوب إله الشمال، وحتى أنني إستعملت السيف الصامت لأسلوب إله السيف. لكن سيفي قطع فقط تلك الملابس الداخلية التي يرتديها من وجهه. لم يأخذ رودي القتال على محمل الجد أيضا. حقيقة أن رفاقي قد واجهوا على الأكثر إصابات طفيفة هو دليل كافٍ على ذلك.

استمع غيز بصبر إلى القصة بأكملها، وأومأ برأسه وقذف بعض التعليقات الموجزة هنا وهناك. شعرت أنه يتعاطف معي. لكن بعد ذلك، بمجرد أن اختتمت الأمور، نظر في عيني وقال، “حسنا، يبدو أن توقعاتك قد تكون غير عادلة بعض الشيء هناك، رئيس.”

“لدي اقتراح يا أبي.”

“هاه؟” أصدر صوت تفاجئ مثل أبله معتوه.

 

 

 

غير عادل؟ كيف كنت غير عادل؟ ولِـمَن؟ “هل تعتقد أنني توقعت الكثير؟ من رودي؟”

“بذكر هذا، الآن بعد أن فكرت في الأمر، أنت لم تتحدث أبدًا عن ذلك المكان. ما هو الفظيع جدا حول هذا الموضوع؟”

“أعني، فكر في الأمر، يا رجل.” تابع غيز وأنا رمشت بإرتباك. “بالتأكيد، الطفل مذهل. أنا لم أر أي شخص يمكن أن يلقي تعاويذ دون قول كلمة هكذا. وعندما رأيته يواجه قديس الشمال غالوس وجهًا لوجه، إنتشرت قشعريرة أسفل عمودي الفقري. روديوس هو من نوع المعجزات التي تراها مرة كل قرن.”

كما تذكرت، قضيت معظم ذلك العام في المنزل أتدرب بالسيف وتحمل رجلي العجوز. وجد أسبابًا للشكوى من كل شيء صغير فعلته، واغتنم كل فرصة ممكنة لصفعي.

صحيح. روديوس معجزة. عبقري. يمكنه دائما فعل أي شيء يفكر فيه، حتى عندما كان طفلا صغيرا. لفترة من الوقت، حصلت على انطباع أن لديه بعض العيوب الخطيرة نسبيا أيضا، ولكن….أعني، بحلول نهاية إقامته في روا، كان فيليب على استعداد لتزويج ابنته له. فيليب! نفس الرجل الذي تحدث بالهراء عني وراء ظهري! “نعم، هذا صحيح. إنه لا يصدق. في عمر الخمس سنوات فقط، كان—”

كان علي الهدوء والتفكير في ذلك بعناية. رودي طفل ذكي، لكنه فشل بطريقة ما في رؤية رسالتي، أو حتى معرفة ما يحدث. لو أمضى أي وقت في ميناء زانت، لَـعَثَرَ على هذا النوع من المعلومات دون أن يحاول.

“لكن في النهاية، هو لا يزال مجرد طفل.”

 

أُذهِلتُ من مقاطعته الحازمة لي، لهذا سكت.

“روديوس لا يزال طفلا يبلغ من العمر أحد عشر عاما.” قال ببطء. “حتى أنت لم تهرب من المنزل حتى بلغت الثانية عشرة من عمرك، أليس كذلك؟”

 

“لست متأكدا من أن هذا يحدث فرقا حقا.” قال باول وهو يجلس على الطاولة أمامي: “إذن، هل ذلك هو الرجل الشيطاني الذي كنت تخبرني عنه بالأمس….؟”

“روديوس لا يزال طفلا يبلغ من العمر أحد عشر عاما.” قال ببطء. “حتى أنت لم تهرب من المنزل حتى بلغت الثانية عشرة من عمرك، أليس كذلك؟”

 

“نعم….”

بعد تحديث ذاكرتي. سألت نفسي: من هو الذي أساء لذلك الطفل بشدة لدرجة أن يظهر تلك النظرة على وجهه؟

“أي شخص أصغر من ذلك لا يزال مجرد شقي مخاطه يسيل. أليس هذا ما تقوله دائما؟”

عندما نظرت إلى باول مرة أخرى، والدموع تنهمر على خديه. ليست بالضبط صورة جميلة. الرجل يبكي مثل الطفل. “أنا آسف….أنا آسف جدا، رودي….”

“نعم، حسنا، بالتأكيد. لكن ماذا لو قلت هذا؟” هيا الآن. رودي أقوى مني بالفعل.

 

 

 

لقد تناولت بعض الكحول هذا الصباح. حتى مع أخذ ذلك في الاعتبار، من الواضح أن الطفل قد تحسن بشكل كبير. ربما أنا سكران، لكنني أيضا ذهبت إلى أقصى حد؛ لقد خفضت نفسي إلى درجة إستخدام الموقف رباعي الأرجل لأسلوب إله الشمال، وحتى أنني إستعملت السيف الصامت لأسلوب إله السيف. لكن سيفي قطع فقط تلك الملابس الداخلية التي يرتديها من وجهه. لم يأخذ رودي القتال على محمل الجد أيضا. حقيقة أن رفاقي قد واجهوا على الأكثر إصابات طفيفة هو دليل كافٍ على ذلك.

فتح غيز فمه كما لو إنه يحاول قول شيء، ثم تجهم قليلا وأغلق فمه. أنا أعرف هذا. هذا يعني أنه يخفي شيئا.

 

“حسنا، إنه المكان الذي ولدت وترعرعت فيه، أتذكر؟ وفي رأيي الحكيم، فإن تلك القارة بأكملها هي شيء كالأخبار السيئة.”

من الصعب أن أعرف كيف نما كمقاتل منذ آخر مرة رأيته فيها. ولكن حتى في سن السابعة، كان أذكى مني. الآن هو أكثر ذكاء وأقوى مني. ما الذي هو غير معقول للغاية بشأن التوقع منه أن ينجز أكثر مما أستطيع، إذن؟ عمره لا علاقة له بقدراته.

 

 

“حسنا، نعم….” بإيماءة غامضة، جلست فييرا في المقعد الذي كان غيز قد أخلاه للتو قبل دقيقة واحدة. لسبب ما، لم ترتدي البكيني الاستفزازي المعتاد الليلة. لقد غيرت إلى ملابس غير ملحوظة تماما جعلتها تبدو وكأنها فتاة مدينة عادية.

“باول، ماذا كنت تفعل في عمر الحادية عشر؟”

نقرت على لساني بغضب، مددت يدي لأعلى ولمست خدي. لا يزال ينبض حيث لكمني روديوس في وقت سابق. ربما كان يجب أن ابتلع كبريائي وأسمح لأحد المعالجين لدينا بعلاجي.

“همم….؟”

VOLUME FIVE

كما تذكرت، قضيت معظم ذلك العام في المنزل أتدرب بالسيف وتحمل رجلي العجوز. وجد أسبابًا للشكوى من كل شيء صغير فعلته، واغتنم كل فرصة ممكنة لصفعي.

 

 

بينما لم آكل أي شيء ليلة أمس، يبدو أن العشاء هنا يأتي مع حلوى. نوع معين من الهلام الحلو الذي هو شائع جدا بين المغامرين الشباب مؤخرا، بعد أن ذُكِرَ هذا الهلام في أغنية شهيرة حديثة عن مغامرات ساحرٍ شاب.

“هل تعتقد أنك يمكن أن تخرج على قيد الحياة وحدك في القارة الشيطانية في ذلك الوقت؟”

“إذا تمكن أيضا من تمشيط القارة بحثا عن أشخاص آخرين تم نقلهم آنيًا، فهذا سيجعله سوبرمان. بجدية، سأكون على استعداد لإعطاء الطفل مكانًا بين القوى العظمى السبع.”

“هيه. لقد نسيت تفصيلًا صغيرًا واحدًا هنا، غيز. وجد رودي لنفسه حارسا شخصيا من الشياطين، أتذكر؟ ذلك الرجل يتحدث اللغة البشرية، لغة إله الشياطين ولغة إله الوحوش، وهو قوي بما فيه الكفاية لإسقاط وحش في المرتبة A بيدٍ واحدة. أي شخص يمكن أن ينجو من هناك مع وصي كهذا.”

“لأنني أعتقد أنك ستواجه شخصًا مثيرا للاهتمام.”

“.NOPE” أعلن غيز بثقة. “أنت لن تنجح. لا فرصة. حتى لو ذهبت إلى هناك الآن، ما زلت لن تنجو بمفردك.”

 

لا أستطيع أن أقول إن سماع ذلك وضعني في أفضل الحالات المزاجية. ولم يساعد أن غيز لا يزال يبتسم وهو يتحدث معي. يملك هذا الرجل ابتسامة مزعجة للغاية. “هاها! حسنًا! ألا يثبت هذا وجهة نظري فقط، إذن؟ رودي فعل شيئًا لا أستطيع فعله. إبني معجزة! إنه يقف بالفعل على قدميه! لم يتبقَ لي شيء لأعلمه إياه. هل من الخطأ مني أن أتوقع منه أن يستخدم تلك المواهب، هاه؟! هل أنا مخطئ حقا هنا؟!”

“هيه. ماذا معك، يا فتاة؟ هل أتتك الرغبة في إرتداء شيء متواضع لمرة على الأقل؟”

“نعم، أنت كذلك. لكن هذا ليس شيئا جديدا، أليس كذلك؟” لا يزال غيز يبتسم، توقف مؤقتا للحظة ليشرب الجعة التي تم تسليمها له للتو. “آه! هذه هي الأشياء الجيدة. لا يمكنك الحصول على خمر مثل هذا في الغابة العظيمة، هل تعلم؟”

كما تذكرت، قضيت معظم ذلك العام في المنزل أتدرب بالسيف وتحمل رجلي العجوز. وجد أسبابًا للشكوى من كل شيء صغير فعلته، واغتنم كل فرصة ممكنة لصفعي.

“غيز!”

بالطبع هو كذلك. وكنت سعيدا في البداية.

“حسنا، حسنا. لا حاجة للصراخ.” صفع غيز كوبه الخشبي على الطاولة ونظر في عيني، وفجأة صار تعبيره أكثر خطورة. “إسمع، باول. أنت لم تذهب قط إلى القارة الشيطانية، صحيح؟”

 

“وماذا في ذلك؟”

 

هذا صحيح. لن يكون من دواعي سروري أبدا زيارة ذلك المكان. أعني، لقد سمعت الشائعات، بطبيعة الحال. جعله الجميع يبدو كَـمكان خطير حيث تواجه فيه الوحوش مع كل خطوة تخطوها، وعلى المرء تناول هذه الوحوش كَـطعام من أجل البقاء. لكن الكثير من الوحوش بدت وكأنها شيء يمكنني التعامل معه، بكل صراحه.

جسده تفوح منه رائحة كحول ضعيفة. يبدو رصينًا الآن، لكنني لن أتفاجأ لو إتضح أنه لا يزال يواجه آثار ما بعد الشرب. متى بدأ يشرب بكثرة، على أي حال؟ شعرت أنه بالكاد يلمس الخمر في الماضي.

 

“اه….نعم….”

“حسنا، إنه المكان الذي ولدت وترعرعت فيه، أتذكر؟ وفي رأيي الحكيم، فإن تلك القارة بأكملها هي شيء كالأخبار السيئة.”

 

“بذكر هذا، الآن بعد أن فكرت في الأمر، أنت لم تتحدث أبدًا عن ذلك المكان. ما هو الفظيع جدا حول هذا الموضوع؟”

أتذكر الآن. كان ذلك بالضبط عندما رأيت ذلك الوجه في المرآة.

“أولا وقبل كل شيء، لا توجد طرق معبدة ومناسبة. لديهم طرق بين المدن، بالطبع، لكنك لن تجد أي شيء مثل تلك الآمنة والسلسة والخالية من الوحوش التي هي موجودة في ميليس والقارة الوسطى. ولو ذهبت في حالة سفر هناك، فمن الأفضل أن تتوقع أن تتعرض للهجوم من قبل الوحوش ذات الرتبة C. أو ما هو أسوأ.”

“نعم، حسنا، بالتأكيد. لكن ماذا لو قلت هذا؟” هيا الآن. رودي أقوى مني بالفعل.

حسنا، أعرف أن المكان به الكثير من الوحوش، لكن مرتبة C أو أسوأ؟ في القارة الوسطى، سيكون عليك التعمق في الغابة للعثور على أي شيء خطير. يسافر العديد من الوحوش في تلك الرتبة في مجموعات كبيرة، أو لديهم بعض القدرات الخاصة القاتلة. “أشعر أنك تبالغ قليلًا هنا، غيز.”

 

“كلا. أنا لا أقول لك أي حكايات مزخرفة الآن، يا رجل. هكذا هي القارة الشيطانية. مكان يعج بالوحوش السيئة.”

لقد إختبرت شيئًا كهذا في السابق. بعد وقت ليس بطويل بعد أن بدأت حياتي كخاسر، شخص ما أعرفه من الإعدادية توقف لزيارتي وبدأ يخبرني بما يجري في المدرسة. كنت مكتئبة بشدة وأتألم كثيرًا، لكنه تحدث عن حياته وكأنه لا يملك شيئًا واحدًا يزعجه. جعل ذلك معدتي تؤلمني. انتهى بي الأمر بالصراخ عليه والقاء الشتائم القاسية في وجهه.

بدا غيز جادًا تماما، لكن هكذا كيف يبدو هو عادة عندما يكذب عليك. لن أسقط في فخه هذه المرة.

“أعني، فكر في الأمر، يا رجل.” تابع غيز وأنا رمشت بإرتباك. “بالتأكيد، الطفل مذهل. أنا لم أر أي شخص يمكن أن يلقي تعاويذ دون قول كلمة هكذا. وعندما رأيته يواجه قديس الشمال غالوس وجهًا لوجه، إنتشرت قشعريرة أسفل عمودي الفقري. روديوس هو من نوع المعجزات التي تراها مرة كل قرن.”

 

“.NOPE” أعلن غيز بثقة. “أنت لن تنجح. لا فرصة. حتى لو ذهبت إلى هناك الآن، ما زلت لن تنجو بمفردك.”

“الآن، دعنا نقول أننا سنتخلى عن طفل في منتصف مكان كهذا. هذا طفل موهوب حقيقي، ضع في اعتبارك، لكنه لا يملك خبرة قتالية في العالم الحقيقي.”

 

“….صحيح.”

“لقد بدا تماما مثل شكلك في الماضي، يا رجل.” تابع غيز. “مغرور يبعث على السخرية! على استعداد لإصدار الأوامر على شخص غريب تماما عنه! في إحدى المرات، حاول مغازلة هذه الفتاة من الوحوش. وهي قالت له بغضب أستطيع أن أشم رائحة الإثارة منك لكنه ظل يتحرش بها على أي حال! هذا الصبي هو إبنك، إبنك بلا أي شك!”

لا خبرة في العالم الحقيقي، هاه؟ يبدو أننا نتحدث عن رودي مرة أخرى. تعال للتفكير في الأمر، لم أسمع أبدا عن دخوله في أي معارك فعلية من قبل. لكنه تمكن على ما يبدو من محاربة بعض الخاطفين في روا، وتعتقد غيلين أنه قد يكون قادرا على ضربها إذا حصل على مسافة كافية في البداية. لا أعرف مقاتلًا بِـسيف واحد أفضل من غيلين. إذا لم تستطع الاقتراب منه بأمان، فربما لا يستطيع ألف شخص من هذا الكوكب ضربه في نطاقه المثالي.

“نعم، نعم! أعلم!” مع تنهد مرتبك، وضعت كوب البيرة الخاص بي جانبًا.

 

“عاري؟ في سجن عرق الوحوش؟ هل أنت جاد….؟”

الكل في الكل، افتقاره للخبرة لا يبدو مثل صفقة كبيرة بالنسبة لي. ألم يقطع أليكس ر. كالمان، إله الشمال الثاني، إمبراطور سيفٍ في المعركة الأولى التي يخوضها على الإطلاق؟

“غيز!”

“في هذه المرحلة، يظهر شخص بالغ ويعرض المساعدة على الطفل. هذا الرجل هو شيطان، واحد قوي حقًا، أيضًا. في الواقع، إنه سبيرد. لقد سمعت عنهم، أنا متأكد.”

“نعم، بالتأكيد.” بدا صوت باول قاسيًا مثل صوتي وهو يرتجف قليلا في كل مرة يتحدث فيها. هل هو على حافة الهاوية أيضا؟

“بالطبع.” لأكون صريحا، لست متأكدًا من أنني أصدق هذا الجزء من القصة. مما سمعته، لم يتبق سوى حفنة من السبيرد، حتى في القارة الشيطانية.

“كان الأمر مضحكا، رغم ذلك! لقد إستطعت أن أعرف على الفور أنه يجب أن يكون ابنك، يا باول!”

 

“لم يتبق الكثير من فيدوا، هل تعلم؟”

“لذا، فإن الطفل قد حصل على شخص يقدم له المساعدة عندما وجد نفسه في حالة يرثى لها. هذا الرجل مستعد لمساعدته على التنقل في مكان لا يعرف عنه شيئا. والسبيرد مرعبون، بطبيعة الحال! ليس لديه فكرة عن رد فعل هذا الرجل إذا رفض طلبه. سيكون عليك في الأساس قبول هذا العرض، صحيح؟”

 

“نعم، ربما.”

فجأة، خطرت لي فكرة غريبة: لو إن رودي هو طفل عاديا أيضًا، ألن يكون ينام في هذه الغرفة مع نورن الآن؟ كان سيبقى في المنزل معنا بدلا من الذهاب ليكون معلمًا. وفي لحظة وقوع الكارثة، ربما كان سيسحب كمي، يسأل عن هل يمكنه معانقة نورن، أيضًا.

“ولكن مع مرور الأيام، يبدأ روديوس الصغير الذكي في طرح سؤال على نفسه: لماذا يساعدني هذا الرجل بالضبط، على أي حال؟”

وصف باول كيف قام بتجنيد متطوعين لفرقة البحث والإنقاذ وشكلَّهم كَـمنظمة وظيفية. لقد اختار أن يكون مقر عملياتهم في ميليشيون لأنها موطنٌ لمقر نقابة المغامرين وبقعة مركزية جيدة يمكن من خلالها جمع المعلومات.

بالتأكيد. هذا يبدو مثل روديوس. ربما لن يخطر ببالي سؤال كهذا أبدًا، لكن الطفل كان دائما نبيهًا بشأن هذا النوع من الأشياء. أعرف كم هو واعٍ بشكل غريب منذ ذلك اليوم الذي تدخل لإنقاذ ليليا من غضب زينيث.

“ماذا؟ لماذا تعتقدين ذلك؟”

 

 

“المشكلة هي أنه لا يستطيع معرفة ذلك. إنه لا يعرف ما الذي يسعى إليه هذا الرجل حقا.”

 

حسنا، كيف سيعرف؟ لا يمكنك أبدا معرفة ما يفكر فيه شخص غريب حقا. هذا هو السبب في أن الرجال مثل غيز تمكنوا من كسب لقمة العيش.

“كلا. أنا لا أقول لك أي حكايات مزخرفة الآن، يا رجل. هكذا هي القارة الشيطانية. مكان يعج بالوحوش السيئة.”

 

 

“هذا السبيرد يساعد في الوقت الحالي، لكنه يمكن أن يتخلى عنهم بسهولة أو يخونهم يوما ما….أو هكذا إعتقد روديوس. وهذا هو السبب في أنه قرر محاولة الحصول على الجانب الجيد للرجل.”

“حسنا، حسنا. لا حاجة للصراخ.” صفع غيز كوبه الخشبي على الطاولة ونظر في عيني، وفجأة صار تعبيره أكثر خطورة. “إسمع، باول. أنت لم تذهب قط إلى القارة الشيطانية، صحيح؟”

“أنا لا أعرف عن هذه الخطة، غيز. هل يمتلك السبيرد حتى جانبًا جيدًا؟”

 

“حسنا، لا تتحول إلى ذكي أمامي الآن. أنت تعرف ما أعنيه، صحيح؟ يقرر روديوس أن يسترعي مشاعر هذا الرجل. يريد أن يجعله يشعر وكأنهم جميعا رفاق.”

بعد ذلك، يمكنني التوجه للبحث في الجزء الشمالي من القارة الوسطى….أو ربما أطلب من رويجيرد مساعدتي في العودة إلى القارة الشيطانية. الجحيم، يمكنني حتى محاولة التوجه إلى قارة بيغاريتو. أعرف اللغة، أكثر أو أقل. “بعد ذلك، سأبدأ البحث في أجزاء أخرى من العالم.”

همم. هذا من شأنه أن يفسر سبب قضاء رودي الكثير من الوقت في مساعدة هذا الرجل الشيطاني. وهو أمر منطقي، في الواقع. لم يقتصر الأمر على تسجيل نقاط أُلفة مع من يحميه، بل أتيحت له أيضا فرصة لتطوير مهاراته الخاصة كمغامر في حال احتاج للإعتماد عليها لاحقا. علي أن أعترف، هذا يبدو عقلانيًا. ربما هذا هو الطريق الأكثر أمانًا الذي أمكنه إختياره.

 

 

 

همف….الصبي لديه رأس جيد على كتفيه، أليس كذلك؟ “تسك. يمكن لطفل ذكي هكذا العثور على بعض الوقت للنظر حوله قليلا أيضا.”

 

رفع غيز إحدى يديه ونشر أصابعه. “إنه في أرض غير مألوفة.” قال وهو يطوي إصبعًا لأسفل. “إنه في مغامرته الأولى على الإطلاق. بغض النظر عن مدى ذكائه، هذا جديد تماما بالنسبة له. يحتاج لتعلم الأساسيات بسرعة، قبل أن يستغله شخص ما. يحاول إبقاء الشيطان، الذي قد يخونه في أي لحظة، سعيدًا. أوه، ولديه صديقة صغيرة تلحقه ويحتاج لحمايتها.”

 

بحلول الوقت الذي انتهى فيه من خطبته، سقطت كل أصابع غيز. مع القليل من هز كتفيه، انتقل إلى حجته الختامية.

 

 

شيء ما في هذه الكلمات — أو ربما لهجته — أراحتني قليلًا. ذكرني هذا بالطريقة التي إعتاد فيها على ممازحتي في الماضي. تلك ذكريات جميلة.

“إذا تمكن أيضا من تمشيط القارة بحثا عن أشخاص آخرين تم نقلهم آنيًا، فهذا سيجعله سوبرمان. بجدية، سأكون على استعداد لإعطاء الطفل مكانًا بين القوى العظمى السبع.”

“وماذا في ذلك؟”

القوى العظمى السبع، هاه؟ الآن هذا يعيد بعض الذكريات. قديمًا، كنت أحلم بكسب هذا النوع من الشهرة لنفسي. رغم ذلك، شعرت أن رودي يمتلك بالفعل الموهبة الخام لجعله في تلك القائمة يوما ما. ولا أعتقد أن هذا مجرد حديث يأتي من فخر الوالدين.

 

 

“ماذا تتوقع؟”

“ذلك الطفل قد أجهد نفسه حتى الموت وهو يحاول. أعلم أن روديوس معجزة، لكن للبشر حدودهم يا رجل. خاصة عندما لا يزالون أطفالًا.”

“نحن الاثنان لم نتشاجر أمس. الآن، في هذه اللحظة، نحن نرى بعضنا البعض مرة أخرى لأول مرة منذ سنوات. أتفهم؟”

“حسنا، انظر.” قاطعته. “بما أنه قد عانى هكذا، إذن لماذا جعل الأمر برمته يبدو وكأنه كان مغامرة كبيرة ممتعة؟ بدا وكأنه واحد من هؤلاء الأوغاد الأغنياء المدللين الذين يتجولون في الطابق الأول من متاهة لمجرد الحصول على شيء يمكنهم التباهي به.” لو كانت الرحلة صعبة بالنسبة لرودي، لما وصفها بمرح هكذا. بل سيخبرني عن الأجزاء الصعبة والمؤلمة بدلا من ذلك. لكنه لم يذكر حتى أي مطبات في الطريق.

“…”

 

“آه، نعم، أعتقد أنني لم أكن ناضجة جدا بالأمس….لست متأكدا مما تحاول قوله، رغم ذلك.”

“لماذا؟ لأنه لا يريد أن يقلقك، هذا واضح.”

 

“هاه؟” شخرت، وبدوتُ بطريقة ما أغبى من ذي قبل. “لماذا بحق الجحيم سيقلق بشأني؟ هل أنا فاشل كأب هكذا حقًا؟”

“هيه. ماذا معك، يا فتاة؟ هل أتتك الرغبة في إرتداء شيء متواضع لمرة على الأقل؟”

“نعم، إلى حد كبير.”

في اليوم التالي، قلت لنفسي إنني سأعتذر له في المرة القادمة التي يمر فيها. لكنه لم يأتِ مرة أخرى. ولم أتواصل معه أيضًا. لقد تركت كبريائي العنيد يمنعني عن فعل ذلك.

“تسك. بالتأكيد، أعتقد أنك على حق. أنا رجل ضئيل ضعيف يغرق نفسه في الخمر لأسباب غبية. أفترض أن معجزتنا الصغيرة ستشعر بشفقة كبيرة تجاهي عندما تراني.”

“أوه حقًا؟ قطعة من الكعكة، هاه….؟” لم أعرف ما يفكر فيه باول في الوقت الحالي، بالطبع. لكن لسبب ما، بدا صوته يرتجف قليلا.

“أكره قول هذا لك يا باول، لكن الأمر لا يتطلب معجزة للشفقة عليك الآن.” قال غيز، وهو يتنهد: “أعلم أنك لا تستطيع رؤية وجهك، لذا دعني أخبرك بشيء. تبدو فظيعًا يا رجل.”

القوى العظمى السبع، هاه؟ الآن هذا يعيد بعض الذكريات. قديمًا، كنت أحلم بكسب هذا النوع من الشهرة لنفسي. رغم ذلك، شعرت أن رودي يمتلك بالفعل الموهبة الخام لجعله في تلك القائمة يوما ما. ولا أعتقد أن هذا مجرد حديث يأتي من فخر الوالدين.

“أوه حقًا؟ رهيب بما يكفي لكسب بعض التعاطف من ابني؟”

 

“نعم. إذا دخل الآن، لا أعتقد أنكم ستنتهون بالقتال. ربما هو يشعر بالسوء الشديد تجاه ما فعله لك لكي لا يقول أي شيء على الإطلاق.”

 

مددت يدي لأعلى ولمست وجهي. اللحية الخفيفة التي لم أزعج نفسي بحلاقتها لعدة أيام بدت واضحة عندما لمستها بأصابعي.

“…”

 

 

“انظر، باول. إسمح لي بأن أكرر ما قلته لك سابقًا.” قال غيز، لهجته صارت جادة فجأة. “لقد توقعت الكثير من ابنك.”

“أي شخص أصغر من ذلك لا يزال مجرد شقي مخاطه يسيل. أليس هذا ما تقوله دائما؟”

هل من غير المعقول حقا أن أتوقع المزيد؟ رودي يمكن أن يفعل أي شيء إذا أراد حقًا، وهذا كان الأمر منذ طفولته. كل ما فعلته هو محاولات خرقاء لممارسة دور الأبوة عليه. هو ليس بحاجة لي حقا.

“انظر، باول. إسمح لي بأن أكرر ما قلته لك سابقًا.” قال غيز، لهجته صارت جادة فجأة. “لقد توقعت الكثير من ابنك.”

 

“أعني، فكر في الأمر، يا رجل.” تابع غيز وأنا رمشت بإرتباك. “بالتأكيد، الطفل مذهل. أنا لم أر أي شخص يمكن أن يلقي تعاويذ دون قول كلمة هكذا. وعندما رأيته يواجه قديس الشمال غالوس وجهًا لوجه، إنتشرت قشعريرة أسفل عمودي الفقري. روديوس هو من نوع المعجزات التي تراها مرة كل قرن.”

“قل لي شيئا. لماذا لا يمكنك أن تكون سعيدا لأنه وصل إلى هنا؟ هل يهم حقا نوع الرحلة التي قام بها الطفل؟ لنفترض أنها حقا رحلة بحرية خالية من الهموم، وقضى كل دقيقة منها في الخروج مع صديقته الصغيرة. وماذا في ذلك؟ إنه هنا الآن، وهو بأمان. أليس هذا شيء يستحق الاحتفال؟”

 

بالطبع هو كذلك. وكنت سعيدا في البداية.

“لكن في النهاية، هو لا يزال مجرد طفل.”

 

 

“هل كنت تفضل عودة ابنك مع عين مفقودة وطرف أو طرفين من أطرافه مقطوعة؟ الجحيم، كانت هناك فرصة جيدة لعينة لكي يُلَمَّ شملك مع جثة. أوه إنتظر، هذا خطأي….لو مات في القارة الشيطانية، لن يكون هناك حتى جثة متروكة لك للعثور عليها.”

عندما نظرت إلى باول مرة أخرى، والدموع تنهمر على خديه. ليست بالضبط صورة جميلة. الرجل يبكي مثل الطفل. “أنا آسف….أنا آسف جدا، رودي….”

رودي؟ جثة؟ لقد رأيته بصحة جيدة ومليء بالحياة بعد ظهر هذا اليوم، لذلك من المستحيل حتى تخيله الآن. لكن، فقط قبل بضعة أيام….ألم أكن قد تخيلت هذا السيناريو بالضبط وأنا أتدحرج في اليأس؟

شخص مثير للاهتمام؟ يبدو أن غيز يعتقد أن هذا الاجتماع سيحسن مزاجي. نظرا لتوقيت وصوله، ومن واجهت اليوم….ليس من الصعب تخمين من يقصد. “أنت تتحدث عن رودي؟”

“يا إلهي، ذلك الفتى المسكيييين! بعد تلك الرحلة الطويلة والشاقة، وجد أخيرًا والده العجوز العزيز مرة أخرى، لكن تبين أن الرجل صار حثالة مخمورًا طوال الوقت! لو كنت مكانه، لَـقطعت علاقاتي معك على الفور.”

ألقيت نظرة على رويجيرد. يبدو أنه شعر بما أردت، أمسك إيريس من مؤخرة رقبتها ورفعها عن الأرض.

أوه جيد. الآن بدأ يلعب يؤدي مسرحيته. “فهمت الأمر، غيز. أنت لست مخطئا، حسنا؟ ولكن هناك شيء واحد ما زلت لا أفهمه.”

حسنا، عظيم. الآن هو يجرني معه أيضًا.

“حقًا؟ ما هو؟”

في هذه المرحلة، توقف الرجل غارقًا في نوبة ضحك أخرى. تحركت بشكل غير مرتاح في مقعدي، متذكرًا بعض الطيش الذي كنت أفعله في شبابي.

“لماذا لم يعرف رودي ما حدث لقرية بوينا؟ أنا متأكد من أنني وضعت رسالة تنتظره في ميناء زانت.”

“….حسنا.”

 

فتح غيز فمه كما لو إنه يحاول قول شيء، ثم تجهم قليلا وأغلق فمه. أنا أعرف هذا. هذا يعني أنه يخفي شيئا.

“مهلا، انتظر. لا يزال لدي المزيد لـ—”

 

رودي؟ جثة؟ لقد رأيته بصحة جيدة ومليء بالحياة بعد ظهر هذا اليوم، لذلك من المستحيل حتى تخيله الآن. لكن، فقط قبل بضعة أيام….ألم أكن قد تخيلت هذا السيناريو بالضبط وأنا أتدحرج في اليأس؟

“اه، أنا لاااا أعرررف. ربما واجه بعض سوء الحظ ولم يلاحظ ذلك.”

لم تحصل بيننا أي علاقة جنسية بالطبع. تلك الفكرة سخيفة.

“إنتظر….أين بالضبط وجدت رودي، على أي حال؟ لقد إفترضت أنك صادفته في ميناء زانت.”

ما الفرق لو إن رودي طفل عادي أم لا؟ كيف يكون ذلك مهما حتى؟ ماذا لو كانت نورن عبقرية؟ هل سأتحدث معها هكذا؟ لو عادت نورن إلي بعد الذهاب في مغامرة، لا تعرف شيئا عمَّا حدث….هل سأخبرها أنني توقعت المزيد منها؟

لم أعرف أين كان غيز في العام الماضي، لكن روديوس جاء إلى ميليس من الشمال. وميناء زانت هو المدينة الكبيرة الوحيدة التي قد تسع شخصًا مثل غيز المخادع.

 

 

أوه، صحيح. لم أسأله أبدا.

بالتأكيد تركت رسالة لرودي في تلك المدينة. علاوة على ذلك، لدينا أعضاء من فريقنا متمركزين هناك. مهمتهم جمع المعلومات عن أي مسافرين يعبرون من القارة الشيطانية. بما أن الطفل مغامر الآن، من الواضح أنه كان سيتوقف عند النقابة، صحيح؟

 

“قابلت روديوس في قرية عشيرة دوروديا، في الواقع. كان ذلك صدمة حقيقية، دعني أخبرك. لقد تمكن من حبس نفسه عاريا في زنزانة بتهمة الاعتداء على وحشهم المقدس.”

 

“عاري؟ في سجن عرق الوحوش؟ هل أنت جاد….؟”

“أولا وقبل كل شيء، لا توجد طرق معبدة ومناسبة. لديهم طرق بين المدن، بالطبع، لكنك لن تجد أي شيء مثل تلك الآمنة والسلسة والخالية من الوحوش التي هي موجودة في ميليس والقارة الوسطى. ولو ذهبت في حالة سفر هناك، فمن الأفضل أن تتوقع أن تتعرض للهجوم من قبل الوحوش ذات الرتبة C. أو ما هو أسوأ.”

سمعت عن هذا من غيلين. بالنسبة لأفراد قبيلة دوروديا، فإن تجريدهم من ملابسهم، تقييدهم بالسلاسل في زنزانة وغمرهم بالماء المثلج هو أعظم الإهانات. هم لا يخضعون الغرباء أبدًا لمثل هذه المعاملة، ولكن عندما يفعلون ذلك،ينتهى الأمر عادة بموت السجين. رميتُ بعض الماء على غيلين على سبيل المزاح مرة واحدة سابقًا، ونظرت إلى وجهي بطريقة بدت وكأنني قتلت والديها.

 

 

ما الفرق لو إن رودي طفل عادي أم لا؟ كيف يكون ذلك مهما حتى؟ ماذا لو كانت نورن عبقرية؟ هل سأتحدث معها هكذا؟ لو عادت نورن إلي بعد الذهاب في مغامرة، لا تعرف شيئا عمَّا حدث….هل سأخبرها أنني توقعت المزيد منها؟

“لذا، اه….ماذا حدث هناك؟”

“أي الوجه؟” قال باول، مبتسمًا بضعف.

“ماذا؟ ألم يخبرك روديوس عن كل ذلك؟”

 

“كل ما سمعته هو الجزء الذي سافر فيه خلال القارة الشيطانية.” لِـمَ لم يخبرني لماذا لم يرَّ الرسالة التي تركتها له في ميناء زانت، على أي حال؟ هذا أمر مهم حقا.

فجأة، خطرت لي فكرة غريبة: لو إن رودي هو طفل عاديا أيضًا، ألن يكون ينام في هذه الغرفة مع نورن الآن؟ كان سيبقى في المنزل معنا بدلا من الذهاب ليكون معلمًا. وفي لحظة وقوع الكارثة، ربما كان سيسحب كمي، يسأل عن هل يمكنه معانقة نورن، أيضًا.

 

 

أوه، صحيح. لم أسأله أبدا.

 

 

“اممم.…الكابتن باول؟ هل انتهيت من التحدث مع صديقك؟”

اللعنة. لماذا يجب أن أكون قصير المزاج؟

“أوه حقًا؟ قطعة من الكعكة، هاه….؟” لم أعرف ما يفكر فيه باول في الوقت الحالي، بالطبع. لكن لسبب ما، بدا صوته يرتجف قليلا.

كان علي الهدوء والتفكير في ذلك بعناية. رودي طفل ذكي، لكنه فشل بطريقة ما في رؤية رسالتي، أو حتى معرفة ما يحدث. لو أمضى أي وقت في ميناء زانت، لَـعَثَرَ على هذا النوع من المعلومات دون أن يحاول.

أعتقد أن باول فهم ذلك أيضا. إنتقلَ إلى موضوعنا الرئيسي النهائي.

 

“الآن، دعنا نقول أننا سنتخلى عن طفل في منتصف مكان كهذا. هذا طفل موهوب حقيقي، ضع في اعتبارك، لكنه لا يملك خبرة قتالية في العالم الحقيقي.”

بعبارة أخرى، لا بد أنه واجه شيئًا ما في اللحظة التي وصل فيها إلى هناك — شيء فعله أزعج قبيلة دوروديا إلى هذا الحد. لا يهم كيف، لا بد أنه كان حادثا كبيرا. يجب أن يعود بعض رفاقنا في ميناء زانت خلال يومين أو ثلاثة أيام لتقديم تقريرهم المنتظم، ولكن ربما حدث شيء كبير في الشمال.

اللعنة. لماذا يجب أن أكون قصير المزاج؟

 

“لذا، اه….ماذا حدث هناك؟”

“حسنا، لا أعرف كل التفاصيل بنفسي.” قال غيز: “لكنني كنت أتسكع مع الميلديت في الغابة العظيمة عندما شعرت بإشاعة مفادها أن دوروديا قد حبست طفلًا بشريًا.”

“نحن الاثنان لم نتشاجر أمس. الآن، في هذه اللحظة، نحن نرى بعضنا البعض مرة أخرى لأول مرة منذ سنوات. أتفهم؟”

“همم؟ انتظر لحظة. أين كنت؟” ميلديت؟ أليست تلك قبيلة من قبائل الوحوش؟ هم يمتلكون آذان الأرانب، صحيح؟

“لم يكن خطأك. هل تفهمين؟”

“في قرية ميلديت. إنه المكان الذي يعيش فيه رئيسهم، لذا فهو في الواقع كبير جدا، لكن—”

 

بدا تفسير غيز مؤلما ومزعجا. بكل صراحه، أردت مقاطعته حقًا. ولكن لقد غابت عني المعلومات الهامة عن طريق فقدان الصبر مع رودي في وقت سابق. وعلى الرغم من أنني نادرا ما أتعلم من أخطائي، إلا أنني لست غبيا بما يكفي لأخفق بنفس الطريقة مرتين في يوم واحد.

 

 

وهكذا، لأول مرة منذ خمس سنوات، تم لم شملي أخيرًا مع والدي.

في النهاية، انتهت حكاية غيز المتجولة. حاولت تلخيص ما قاله لي. “لذلك فالخلاصة هي أنك كنت تتجول بين القبائل في الغابة العظيمة….وإقناعهم بإرسال أي البشر مفقودين يجدونهم إلى ميليشيون؟”

 

“هذا صحيح. هيهيهي. لا تتردد في إغراقي بالشكر والإمتنان!”

“كلا. أنا لا أقول لك أي حكايات مزخرفة الآن، يا رجل. هكذا هي القارة الشيطانية. مكان يعج بالوحوش السيئة.”

“نعم، أنا مدين لك كثيرًا….” ربما يفسر ذلك التدفق المستمر للاجئين من منطقة الغابة العظيمة الذين يأتون إلي طلبا للمساعدة.

اللعنة. مجرد التفكير في الأمر جعل وجهي يؤلمني مرة أخرى…

 

“كل ما سمعته هو الجزء الذي سافر فيه خلال القارة الشيطانية.” لِـمَ لم يخبرني لماذا لم يرَّ الرسالة التي تركتها له في ميناء زانت، على أي حال؟ هذا أمر مهم حقا.

“حسنا، على أي حال! عندما سمعت عن هذا الطفل البشري، شيء أشعل المصباح في ذهني، لذلك ركضت مباشرة إلى هناك. لا أتباها أو أي شيء، ولكن أنا رجل مع العديد من الاتصالات، تعرف ذلك صحيح؟ وحدث أنني أعرف بعض الأشخاص من قرية دوروديا. لذا جعلت أحد محاربيهم، الذي هو صديق جيد لي، يرميني في نفس الزنزانة مع هذا الطفل.”

“من يفترض بك أن تكون؟”

“انتظر لحظة. لماذا قد تذهب إلى الزنزانة معه؟”

هذا سخيف بعض الشيء، نعم. لكن مع ذلك، عانقت جسد باول القوي بكل قوتي. ليس وجهه فقط هو الذي صار أنحف. بدا جسده وكأنه أصغر مما كان عليه من قبل أيضًا. بالتأكيد، لقد نَمَوتُ قليلًا في السنوات القليلة الماضية، لذلك ربما هذا ما يحدث؛ لكن من الواضح أن والدي مر ببعض الأوقات الصعبة للغاية.

“حتى أتمكن من مساعدته على الهرب، إذا حدث أسوأ سيناريو بين أسوأ السيناريوهات المحتملة. الهرب من سجن عرق الوحوش أسهل بكثير من دخوله.”

 

أعرف جيدًا موهبة غيز في الهروب من السجون. كلما يتم القبض عليه بسبب فضيحة ما، يخرج بعد فترة قصيرة مرة أخرى وكأن شيئا لم يحدث.

صوته لا يزال متوترا، أعطاني باول ملخصا شاملا لما حدث في فيدوا أثناء رحيلي. اختفى كل مبنى في المنطقة، وتم نقل كل ساكن إلى ركن عشوائي من الكوكب. وقد تم بالفعل تأكيد العديد من الوفيات، ولا يزال العديد من الأشخاص في عداد المفقودين.

 

“ماذا حدث، باول؟ قل لي كل شيء عن ذلك.” نهض غيز وسحب كرسيه بجانبي. مع هذا الوجه الودود خاصتها، لدى الرجل دائما موهبة الاستماع إلى مشاكل الناس. هذه ليست المرة الأولى التي يحشر أنفه في عملي ويشجعني على قول ما بداخلي.

“على أي حال، إفترضت أنني سأجد الطفل ملتفا حول نفسه ينتحب، هل تعلم؟ ها ها ها!”

 

“ماذا حدث؟ هل كان بخير؟”

بدأت الكآبة داخل قلبي تذوب بسرعة. فهمت أخيرا كيف يشعر باول الآن. بمجرد أن فهمت هذه القطعة الأخيرة من اللغز، صار الباقي بسيطا بما فيه الكفاية، حقا.

“كان يستلقي بشكل عرضي عاريًا، يا رجل! والكلمات الأولى التي خرجت من فمه هي مرحبا بكم في الوجهة النهائية للحياة! كيف من المفترض بي أن أرد على ذلك؟!” توقف غيز للحظة بسبب الضحك على قصته الخاصة.

 

 

بدت كلمات رويجيرد تحمل بعض الوزن الحقيقي. يبدو أنه يعتبر نفسه أعظم فشل في العالم كأب. ربما شعر ببعض التعاطف مع زميل فاشل آخر.

“هذا لا يبدو وكأنه أمر مُضحِك، يا رجل….”

أعتقد أن باول فهم ذلك أيضا. إنتقلَ إلى موضوعنا الرئيسي النهائي.

“كان الأمر مضحكا، رغم ذلك! لقد إستطعت أن أعرف على الفور أنه يجب أن يكون ابنك، يا باول!”

بعبارة أخرى، لا بد أنه واجه شيئًا ما في اللحظة التي وصل فيها إلى هناك — شيء فعله أزعج قبيلة دوروديا إلى هذا الحد. لا يهم كيف، لا بد أنه كان حادثا كبيرا. يجب أن يعود بعض رفاقنا في ميناء زانت خلال يومين أو ثلاثة أيام لتقديم تقريرهم المنتظم، ولكن ربما حدث شيء كبير في الشمال.

لم أفهم ما هو المضحك في ذلك. أو كيف اكتشف ذلك بسرعة.

مع تعبيره الفاتر وخدوده المجوفة، بدا وكأنه شخص مختلف تماما عن الرجل الذي عرفته من قبل. لكن لسبب ما، شعرت وكأنني رأيت وجها مشابها جدا في مكان ما من قبل. أين ذلك؟ لدي شعور أنني رأيت شيئًا كهذا منذ وقت طويل…

 

 

“لقد بدا تماما مثل شكلك في الماضي، يا رجل.” تابع غيز. “مغرور يبعث على السخرية! على استعداد لإصدار الأوامر على شخص غريب تماما عنه! في إحدى المرات، حاول مغازلة هذه الفتاة من الوحوش. وهي قالت له بغضب أستطيع أن أشم رائحة الإثارة منك لكنه ظل يتحرش بها على أي حال! هذا الصبي هو إبنك، إبنك بلا أي شك!”

 

في هذه المرحلة، توقف الرجل غارقًا في نوبة ضحك أخرى. تحركت بشكل غير مرتاح في مقعدي، متذكرًا بعض الطيش الذي كنت أفعله في شبابي.

همم. هذا من شأنه أن يفسر سبب قضاء رودي الكثير من الوقت في مساعدة هذا الرجل الشيطاني. وهو أمر منطقي، في الواقع. لم يقتصر الأمر على تسجيل نقاط أُلفة مع من يحميه، بل أتيحت له أيضا فرصة لتطوير مهاراته الخاصة كمغامر في حال احتاج للإعتماد عليها لاحقا. علي أن أعترف، هذا يبدو عقلانيًا. ربما هذا هو الطريق الأكثر أمانًا الذي أمكنه إختياره.

 

سكبت لنفسي كوبا من الماء من الإبريق على طاولتنا وشربت كل شيء بسرعة. السائل الفاتر نزل إلى أسفل نحو معدتي المتقلبة.

“استغرق الأمر وقتًا أطول قليلا لكي أكون متأكدا تماما، على الرغم من ذلك.” قال غيز، وأكمل بعد شرب كوب آخر من البيرة. “لكن نعم، هذا هو الأمر. بالكاد يمكنك إلقاء اللوم على الطفل لعدم رؤية رسالتك. مما بدا عليه الأمر، هو لم يقضِ أي وقت في ميناء زانت.”

لو كنت مكان الطفل، لَـقطعت كل العلاقات دون التفكير لِـثانية.

“همم؟ إنتظر قليلًا، غيز. لقد كنت محبوسا في نفس الزنزانة معه، أليس كذلك؟ إذن—”

نظر حول المكان للحظة، ثم وجدني.

ألا يمكنه فقط شرح كل شيء حدث هناك؟

“هذا لا يبدو وكأنه أمر مُضحِك، يا رجل….”

“على أي حال!” قال غيز بسرعة، وهو يقف من مقعده. “أنا متأكد من أنه سيكون هناك القليل من الإحراج العائلي هنا، ولكن أسدِ لصديق القديم غيز معروفًا وإذهب للتصالح مع الصبي، حسنا؟”

“….أهلًا بك.”

“مهلا، انتظر. لا يزال لدي المزيد لـ—”

وصف باول كيف قام بتجنيد متطوعين لفرقة البحث والإنقاذ وشكلَّهم كَـمنظمة وظيفية. لقد اختار أن يكون مقر عملياتهم في ميليشيون لأنها موطنٌ لمقر نقابة المغامرين وبقعة مركزية جيدة يمكن من خلالها جمع المعلومات.

“أوه صحيح. انزلق ذهني من قبل، ولكن يبدو أن إيلاينا لايز ورفاق آخرون معها قد توجهوا إلى القارة الشيطانية من أجلك. الناس يقولون إن سيدةً من الإلف قد حلبت نصف الرجال في ميناء زانت حتى الجفاف، وكلانا يعرف ماذا يعني ذلك.”

“ذلك الطفل قد أجهد نفسه حتى الموت وهو يحاول. أعلم أن روديوس معجزة، لكن للبشر حدودهم يا رجل. خاصة عندما لا يزالون أطفالًا.”

“ماذا؟ بجدية؟” اعتقدتُ أن إيلاينا لايز كرهتني أكثر من الآخرين، بصراحة.

 

 

 

“هيهيهي. بعد كل شيء حدث ويحدث، إنهم لا يكرهونك بقدر ما يُظهِرون.”

“….صحيح.”

مع ذلك، خرج غيز من البار. لم يدفع ثمن مشروباته بالطبع. لم يفعل. لكن هذه المرة، لم أمانع في الدفع عنه.

 

 

“هيهيهي. بعد كل شيء حدث ويحدث، إنهم لا يكرهونك بقدر ما يُظهِرون.”

على أي حال، لقد فعلت أكثر مما يكفي من الشرب بالنسبة ليوم واحد. لقد حان الوقت للمغادرة.

 

 

وبعد ذلك، بعد طول انتظار، ظهرت….مع إبتسامة مبتهجة على وجهي. وظهر الأمر مختلفا تماما عما تخيله باول لدرجة أنه غضب على الرغم من أفكاره تلك.

يجب أن أذهب لأتحدث مع رودي قريبا. ربما حتى غدا…

كما تذكرت، قضيت معظم ذلك العام في المنزل أتدرب بالسيف وتحمل رجلي العجوز. وجد أسبابًا للشكوى من كل شيء صغير فعلته، واغتنم كل فرصة ممكنة لصفعي.

“لا مزيد من الخمر الليلة، يا صديقي.” قال غيز، الذي ظهر رأسه من الباب. “أنت ستنطلق غدًا إلى نزل ضوء الفجر غدًا، أفهمت؟”

 

“نعم، نعم! أعلم!” مع تنهد مرتبك، وضعت كوب البيرة الخاص بي جانبًا.

على الأقل نورن آمنة وسعيدة. هذا بالتأكيد الجانب المشرق الوحيد في هذه الفوضى القبيحة بأكملها. إنه شيء يستحق الاحتفال به، بالتأكيد.

 

 

الآن بعد أن فكرت في الأمر، لقد أفرطت في هذا مؤخرا. لماذا أظل أغرق نفسي في هذا الهراء؟ لا يزال لدي الكثير من الأشياء الأخرى التي أنا بحاجة للقيام بها.

 

 

ألا يمكنه فقط شرح كل شيء حدث هناك؟

“اممم.…الكابتن باول؟ هل انتهيت من التحدث مع صديقك؟”

“لماذا؟ لأنه لا يريد أن يقلقك، هذا واضح.”

بينما أنا أُقَلِبُ الأمور في رأسي، اقتربت امرأة بتردد من طاولتي. وهناك تعبير اعتذاري على وجهها. بسبب صداع رأسي لم أتمكن من التعرف عليها في البداية، ولكن بعد دراسة وجهها لبضع ثوان، أدركت أنها فييرا—أحد أعضاء فريقي.

عندما عدت إلى غرفتي في النزل، وجدت نورن نائمة بالفعل.

 

“نحن الاثنان لم نتشاجر أمس. الآن، في هذه اللحظة، نحن نرى بعضنا البعض مرة أخرى لأول مرة منذ سنوات. أتفهم؟”

“هيه. ماذا معك، يا فتاة؟ هل أتتك الرغبة في إرتداء شيء متواضع لمرة على الأقل؟”

 

“حسنا، نعم….” بإيماءة غامضة، جلست فييرا في المقعد الذي كان غيز قد أخلاه للتو قبل دقيقة واحدة. لسبب ما، لم ترتدي البكيني الاستفزازي المعتاد الليلة. لقد غيرت إلى ملابس غير ملحوظة تماما جعلتها تبدو وكأنها فتاة مدينة عادية.

“في ظل هذه الظروف، أعتقد أننا بحاجة إلى محاولة التصرف مثل البالغين.”

 

من الصعب أن أعرف كيف نما كمقاتل منذ آخر مرة رأيته فيها. ولكن حتى في سن السابعة، كان أذكى مني. الآن هو أكثر ذكاء وأقوى مني. ما الذي هو غير معقول للغاية بشأن التوقع منه أن ينجز أكثر مما أستطيع، إذن؟ عمره لا علاقة له بقدراته.

“أنا قلقة من أن ما حدث مع ابنك في وقت سابق قد يكون خطأي، يا سيدي.”

“لماذا؟ لأنه لا يريد أن يقلقك، هذا واضح.”

“ماذا؟ لماذا تعتقدين ذلك؟”

لقد بحث باول يائسا عن عائلته دون نجاح. على الرغم من كل جهوده، لم يعثر على خردة واحدة من الأخبار رغم مرور كل هذا الوقت. ظل قلقا علينا باستمرار. وفي النهاية، بدأ يسأل نفسه:ماذا لو أصيبوا؟ ماذا لو مرضوا؟ ماذا لو إنهم قد ماتوا بالفعل؟ كلما فكر في الأمر، زاد قلقه.

“امم، حسنًا، يبدو أن….ردائي ربما جعله يسيء فهم طبيعة علاقتنا…”

فتح غيز فمه كما لو إنه يحاول قول شيء، ثم تجهم قليلا وأغلق فمه. أنا أعرف هذا. هذا يعني أنه يخفي شيئا.

“هذا لا علاقة له بأي شيء. لقد ألقى ذلك الشرير الصغير نظرة واحدة على حجم صدرك وقفز إلى استنتاجاته الخاصة.”

“هيهيهي. مما يبدو، أعتقد أنكما لم تصطدما ببعضكما البعض بعد.” مبتسما لنفسه لسبب غير واضح، طلب غيز شيئًا ما. أفترض أنه خمر. هذا الرجل يشرب بثقل حتى أكثر من تالهاند، وتالهاند قزم.

هناك سبب لارتداء فييرا مثل هذه الملابس. كانت المرأة مغامرة عادية في فيدوا، لكن حادثة النزوح تركتها عالقة في قارة ميليس دون أي معدات معها. تم القبض عليها بسرعة من قبل عصابة من قطاع الطرق الذين عاملوها على أنها لعبتهم الخاصة. هذا النوع من الكابوس الذي من شأنه أن يترك معظم الناس محطمين، لكنها تمكنت من وضعه خلفها من خلال قوة الإرادة المطلقة.

“يجب أن نترك الاثنين وشأنهما.”

 

 

ومع ذلك، فقد وجدنا أيضا فتاة لم تتعافَ بسرعة من الصدمة: أختها شيرا. حتى الآن، لا تزال شيرا ترتجف لا إراديًا في كل مرة ينظر إليها فيها رجل. ولدينا عدد من الحالات المماثلة في فريقنا.

باول

 

 

من أجل حمايتهم من الاهتمام غير المرغوب فيه، بدأت فييرا في ارتداء بدلة مدرعة فاضحة متعمدة لجذب عيون الذكور تجاهها. هي أيضا العضو الأكثر مهارة في إراحة ورعاية النساء اللواتي تعرضن لهذا النوع من الصدمات. كرجل ليس لديه طريقة لفهم هذا النوع من الألم، اعتبرتها جزءًا لا غنى عنه في الفريق.

“آه، القرف. سيكون هذا صعبا…”

 

“أي شخص أصغر من ذلك لا يزال مجرد شقي مخاطه يسيل. أليس هذا ما تقوله دائما؟”

لم تحصل بيننا أي علاقة جنسية بالطبع. تلك الفكرة سخيفة.

“أنت رأيت روديوس في الليلة الماضية، أليس كذلك؟! هذا الرجل ليس له الحق في أن يطلق على نفسه أبًا!”

 

ربتُّ على مؤخرة رأس باول عدة مرات. لفترة من الوقت، بكينا نحن الاثنين معا.

“لم يكن خطأك. هل تفهمين؟”

“….أهلًا بك.”

“….نعم يا سيدي.”

 

لا تزال تبدو مكتئبة بعض الشيء، نهضت فييرا وعادت إلى الطاولة حيث الفتيات الأخريات جالسات. بالنظر حول الغرفة بعناية أكبر قليلا من ذي قبل، لاحظت أن أكثر من عدد قليل من الناس يراقبونني بقلق واضح في أعينهم.

“لست متأكدا من أن هذا يحدث فرقا حقا.” قال باول وهو يجلس على الطاولة أمامي: “إذن، هل ذلك هو الرجل الشيطاني الذي كنت تخبرني عنه بالأمس….؟”

 

مع ذلك، توقفت المحادثة مرة أخرى. ليس لدي أي فكرة عن ماذا يجب أن أقول.

“أوه، اللعنة….لا تنظروا إلي هكذا، أيها الحمقى! سأتصالح معه غدًا، حسنا؟!”

“بوضع ذلك جانبا في الوقت الحالي، هل يمكنك الخوض في مزيد من التفاصيل حول الوضع الحالي في منطقة فيدوا؟”

دفعت مقعدي إلى الوراء، وقفت وخرجت من البار.

أوه، ولكن على الأقل حصلت على الفرصة لسماع محاضرتك عن أفضل الطرق لطهي لحم السلحفاة العظيمة. إذا لم أتطرق إلى فكرة إنشاء وعاء باستخدام سحر الأرض، لكنا عالقين في تناول قطع متفحمة ورائحة كريهة من تلك الأشياء لمدة عام كامل! ألم يكن هناك أي شيء آخر لتفعله في الوقت الذي قضيته لمطاردة مكونات الطعام لطهي حساء وحش ما؟

 

“قل لي شيئا. لماذا لا يمكنك أن تكون سعيدا لأنه وصل إلى هنا؟ هل يهم حقا نوع الرحلة التي قام بها الطفل؟ لنفترض أنها حقا رحلة بحرية خالية من الهموم، وقضى كل دقيقة منها في الخروج مع صديقته الصغيرة. وماذا في ذلك؟ إنه هنا الآن، وهو بأمان. أليس هذا شيء يستحق الاحتفال؟”

 

 

عندما عدت إلى غرفتي في النزل، وجدت نورن نائمة بالفعل.

“اممم.…الكابتن باول؟ هل انتهيت من التحدث مع صديقك؟”

 

“أنت لست خائفا منه أو أي شيء؟”

سكبت لنفسي كوبا من الماء من الإبريق على طاولتنا وشربت كل شيء بسرعة. السائل الفاتر نزل إلى أسفل نحو معدتي المتقلبة.

“مرحبا! دعني أذهب، رويجيرد!”

 

بدت الأمور مشبوه قليلا في بداية، صحيح. ولكن بالنسبة للجزء الأكبر، رحلتنا قد مرَّت بسلاسة، وقد وجدت الكثير من الوقت لأنغمِسَ في مختلف الأشياء المنحرفة. حقيقة أنني لم أتمكن أبدا من جمع المعلومات عن منطقة فيدوا هي بلا شك فشل من جانبي. لم تتح لي فرصة للتجول في ميناء زانت، لكننا قضينا وقتا مناسبا في ميناء الرياح. كان بإمكاني العثور على نوع من وسيط المعلومات هناك وتعلم المزيد عن الكارثة.

شعرت بنفسي أستيقظ تدريجيا. لطالما إمتلكت تحملًا كبيرًا للكحول؛ أحس بالصداع عندما أشرب كثيرا، لكن الآثار لم تستمر أبدا لفترة طويلة. عندما بدأ الضباب في رأسي يتلاشى ببطء، نظرت إلى ابنتي، الملتفة في السرير ممسكة ببطانيتها، ولمستها برفق على رأسها.

 

 

 

شعرت بالأسف على نورن. أنا حقا أشعر بالأسف. مع أب مثلي، يجب أن يكون لديها الكثير من الشكاوي تجاهي، لكنها احتفظت بها دائما لنفسها وحاولت أن تبتسم. لو حدث وفقدتها، فلن أمتلك القوة للإستمرار في العيش.

“آه….نعم. فهمتك…”

 

لقد تناولت بعض الكحول هذا الصباح. حتى مع أخذ ذلك في الاعتبار، من الواضح أن الطفل قد تحسن بشكل كبير. ربما أنا سكران، لكنني أيضا ذهبت إلى أقصى حد؛ لقد خفضت نفسي إلى درجة إستخدام الموقف رباعي الأرجل لأسلوب إله الشمال، وحتى أنني إستعملت السيف الصامت لأسلوب إله السيف. لكن سيفي قطع فقط تلك الملابس الداخلية التي يرتديها من وجهه. لم يأخذ رودي القتال على محمل الجد أيضا. حقيقة أن رفاقي قد واجهوا على الأكثر إصابات طفيفة هو دليل كافٍ على ذلك.

“مم….بابا….”

فكرت مرة أخرى في الماضي — إلى اليوم الذي اجبرني باول على قتاله، حينها قلت بعض الكلمات القاسية أيضًا. في ذلك الوقت، كنت أقل من معجب بمهارات الأبوة خاصته. لكنه كان في الرابعة والعشرين من عمره فقط، وهو عمر صغير جدا بالنسبة للأب، لذلك قررت ألا أحكم عليه بقسوة شديدة.

تحركت نورن في السرير قليلا. لا يبدو أنني أيقظتها؛ ربما هي تتحدث في نومها فقط.

 

 

“من يفترض بك أن تكون؟”

نورن ليست مثل رودي. إنها طفلة عادية. علي أن أبقيها آمنة.

بعد تحديث ذاكرتي. سألت نفسي: من هو الذي أساء لذلك الطفل بشدة لدرجة أن يظهر تلك النظرة على وجهه؟

 

اررغ. اللعنة.

فجأة، خطرت لي فكرة غريبة: لو إن رودي هو طفل عاديا أيضًا، ألن يكون ينام في هذه الغرفة مع نورن الآن؟ كان سيبقى في المنزل معنا بدلا من الذهاب ليكون معلمًا. وفي لحظة وقوع الكارثة، ربما كان سيسحب كمي، يسأل عن هل يمكنه معانقة نورن، أيضًا.

“لم يتبق الكثير من فيدوا، هل تعلم؟”

 

 

لو إن رودي هو طفل عادي — يبلغ من العمر أحد عشر عاما — ألن أنظر إليه بنفس الطريقة التي أنظر بها إلى نورن؟ كشخص أحتاج لحماية؟

من أجل حمايتهم من الاهتمام غير المرغوب فيه، بدأت فييرا في ارتداء بدلة مدرعة فاضحة متعمدة لجذب عيون الذكور تجاهها. هي أيضا العضو الأكثر مهارة في إراحة ورعاية النساء اللواتي تعرضن لهذا النوع من الصدمات. كرجل ليس لديه طريقة لفهم هذا النوع من الألم، اعتبرتها جزءًا لا غنى عنه في الفريق.

ارتجفت ساقاي. فهمت أخيرًا لماذا قال لي غيز “إنه لا يزال طفلا.”

رفع غيز إحدى يديه ونشر أصابعه. “إنه في أرض غير مألوفة.” قال وهو يطوي إصبعًا لأسفل. “إنه في مغامرته الأولى على الإطلاق. بغض النظر عن مدى ذكائه، هذا جديد تماما بالنسبة له. يحتاج لتعلم الأساسيات بسرعة، قبل أن يستغله شخص ما. يحاول إبقاء الشيطان، الذي قد يخونه في أي لحظة، سعيدًا. أوه، ولديه صديقة صغيرة تلحقه ويحتاج لحمايتها.”

ما الفرق لو إن رودي طفل عادي أم لا؟ كيف يكون ذلك مهما حتى؟ ماذا لو كانت نورن عبقرية؟ هل سأتحدث معها هكذا؟ لو عادت نورن إلي بعد الذهاب في مغامرة، لا تعرف شيئا عمَّا حدث….هل سأخبرها أنني توقعت المزيد منها؟

نظر حول المكان للحظة، ثم وجدني.

بمجرد أن بدأت أفكر في ذلك، لم أستطع النوم. لم أرغب حتى في الاستلقاء في السرير. تركت النزل الذي نقيم فيه، وجدت دلوًا مليئًا بالماء في الخارج، ألقيت كل الماء على رأسي.

في النهاية، انتهت حكاية غيز المتجولة. حاولت تلخيص ما قاله لي. “لذلك فالخلاصة هي أنك كنت تتجول بين القبائل في الغابة العظيمة….وإقناعهم بإرسال أي البشر مفقودين يجدونهم إلى ميليشيون؟”

 

“همم؟ انتظر لحظة. أين كنت؟” ميلديت؟ أليست تلك قبيلة من قبائل الوحوش؟ هم يمتلكون آذان الأرانب، صحيح؟

وبعد ذلك، تذكرت النظرة على وجه رودي وهو يغادر الحانة، انحنيت وتقيأت.

استمع غيز بصبر إلى القصة بأكملها، وأومأ برأسه وقذف بعض التعليقات الموجزة هنا وهناك. شعرت أنه يتعاطف معي. لكن بعد ذلك، بمجرد أن اختتمت الأمور، نظر في عيني وقال، “حسنا، يبدو أن توقعاتك قد تكون غير عادلة بعض الشيء هناك، رئيس.”

 

“مرحبا! دعني أذهب، رويجيرد!”

بعد تحديث ذاكرتي. سألت نفسي: من هو الذي أساء لذلك الطفل بشدة لدرجة أن يظهر تلك النظرة على وجهه؟

 

بالنظر إلى الدلو، رأيت إنعكاس وجه أحمق كامل. لا يهم من هو هذا الغبي، فمن الواضح أنه آخر رجل في العالم لديه أي حق ليطلق على نفسه اسم الأب.

“هل هي على ما يرام؟”

 

 

“آه، القرف. سيكون هذا صعبا…”

“لا مزيد من الخمر الليلة، يا صديقي.” قال غيز، الذي ظهر رأسه من الباب. “أنت ستنطلق غدًا إلى نزل ضوء الفجر غدًا، أفهمت؟”

لو كنت مكان الطفل، لَـقطعت كل العلاقات دون التفكير لِـثانية.

“حتى أتمكن من مساعدته على الهرب، إذا حدث أسوأ سيناريو بين أسوأ السيناريوهات المحتملة. الهرب من سجن عرق الوحوش أسهل بكثير من دخوله.”

 

بدا تفسير غيز مؤلما ومزعجا. بكل صراحه، أردت مقاطعته حقًا. ولكن لقد غابت عني المعلومات الهامة عن طريق فقدان الصبر مع رودي في وقت سابق. وعلى الرغم من أنني نادرا ما أتعلم من أخطائي، إلا أنني لست غبيا بما يكفي لأخفق بنفس الطريقة مرتين في يوم واحد.

 

 

روديوس

“إنتظر….أين بالضبط وجدت رودي، على أي حال؟ لقد إفترضت أنك صادفته في ميناء زانت.”

 

“حسنا، حسنا. لا حاجة للصراخ.” صفع غيز كوبه الخشبي على الطاولة ونظر في عيني، وفجأة صار تعبيره أكثر خطورة. “إسمع، باول. أنت لم تذهب قط إلى القارة الشيطانية، صحيح؟”

في صباح اليوم التالي، جلست لتناول الإفطار في مزاج لائق نسبيا.

 

 

“أوه حقًا؟ رهيب بما يكفي لكسب بعض التعاطف من ابني؟”

لقد ذهبنا إلى البار بجانب النزل. الطعام في ميليشيون لذيذ بالتأكيد. بدأت وجباتنا تتحسن بشكل أفضل كلما تقدمنا أكثر نحو ميليشيون من الغابة العظيمة. هذا الصباح، أكلنا خبزًا طازجًا، نوع من الحساء الصافي ذو النكهة الخفيفة، سلطة خضار بسيطة وشرائح سميكة من لحم الخنزير المقدد. ليس سيئا على الإطلاق.

“.NOPE” أعلن غيز بثقة. “أنت لن تنجح. لا فرصة. حتى لو ذهبت إلى هناك الآن، ما زلت لن تنجو بمفردك.”

 

“…”

بينما لم آكل أي شيء ليلة أمس، يبدو أن العشاء هنا يأتي مع حلوى. نوع معين من الهلام الحلو الذي هو شائع جدا بين المغامرين الشباب مؤخرا، بعد أن ذُكِرَ هذا الهلام في أغنية شهيرة حديثة عن مغامرات ساحرٍ شاب.

“إنتظر….أين بالضبط وجدت رودي، على أي حال؟ لقد إفترضت أنك صادفته في ميناء زانت.”

 

يجب أن أذهب لأتحدث مع رودي قريبا. ربما حتى غدا…

هذا شيء نستطيع التطلع إليه، على الأقل. من الجيد دائما الحصول على بعض الطعام اللائق في بطنك. الشعور بالجوع يجعلك غاضبًا. المزاج السيء يدمر شهيتك. وشهية منزعجة تجعلك تجوع فقط. هذه حلقة مفرغة كلاسيكية هنا. حتى روبوت يمكن أن ينزعج من هذا.

بجدية. كم هذا سخيف…

 

“لا تتحدث هكذا، رودي. أعلم أنك يجب أن تكون قد قاسيت وقتا عصيبا هناك، أيضًا.”

“….أهلًا بك.”

بحلول الوقت الذي انتهى فيه من خطبته، سقطت كل أصابع غيز. مع القليل من هز كتفيه، انتقل إلى حجته الختامية.

كما تأملت في هذه الأمور أثناء احتساء مشروب يشبه القهوة بعد الوجبة، حولت هذا الترحيب إنتباهي إلى المدخل. وقف رجل متعب شاحب الوجه في المدخل. عندما رأيت وجهه، تفاجأت بشكل غريزي.

إنه اقتراح بسيط بما فيه الكفاية. لقد تأذيت بشدة مما قاله لي باول في تلك الحانة. كان الألم لا يطاق تقريبا. صديقي، الذي توقف عن الإهتمام بي، يجب أن يكون قد شعر بشيء مماثل عندما دفعته بعيدا. وهكذا انتهت الأمور. لم نر بعضنا البعض مرة أخرى.

 

 

نظر حول المكان للحظة، ثم وجدني.

لكن لسبب أجهله، لا أزال أشعر بالكآبة نوعًا ما.

 

حسنا، كيف سيعرف؟ لا يمكنك أبدا معرفة ما يفكر فيه شخص غريب حقا. هذا هو السبب في أن الرجال مثل غيز تمكنوا من كسب لقمة العيش.

في تلك اللحظة، عادت كل المشاعر التي مررت بها بالأمس للظهور. على الرغم من أنه لم يقل لي كلمة واحدة، وجدت نفسي أتجنب عينيه موجهًا وجهي إلى الأرض.

أوه، أنت لم تعرف، هاه؟ عذر عظيم. لو أزعجت نفسك بالنظر إلى العالم من حولك، فقد تكون زينيث أو ليليا معنا هنا الآن!

 

 

من رد فعلي وحدها، بدا أن الشخصين اللذان أجلسُ معهما يدركان من يجب أن يكون الرجل في المدخل. قام رويجيرد بتجعيد جبينه؛ ركلت إيريس كرسيها للخلف ووقفت على قدميها.

لا، لا. يجب أن أحاول إصلاح سلوكي الخاص أولا. هناك حقا شيء غريب حول هذا….أنا لا أستطيع أن أتصرف بالطريقة التي أكون عليها عادة.

 

“ماذا؟ لماذا تعتقدين ذلك؟”

“من يفترض بك أن تكون؟”

غير عادل؟ كيف كنت غير عادل؟ ولِـمَن؟ “هل تعتقد أنني توقعت الكثير؟ من رودي؟”

بدأ الرجل يمشي نحونا، لكن إيريس زرعت نفسها بشكل مباشر في طريقه. مع طي ذراعيها، قدماها متباعدتان وذقنها في الهواء، حدقت في الرجل بصرامة — على الرغم من حقيقة أنه أطول منها بقدر رأسَين.

“حسنا، إنه المكان الذي ولدت وترعرعت فيه، أتذكر؟ وفي رأيي الحكيم، فإن تلك القارة بأكملها هي شيء كالأخبار السيئة.”

 

VOLUME FIVE

“أنا باول غرايرات….والده.”

“استغرق الأمر وقتًا أطول قليلا لكي أكون متأكدا تماما، على الرغم من ذلك.” قال غيز، وأكمل بعد شرب كوب آخر من البيرة. “لكن نعم، هذا هو الأمر. بالكاد يمكنك إلقاء اللوم على الطفل لعدم رؤية رسالتك. مما بدا عليه الأمر، هو لم يقضِ أي وقت في ميناء زانت.”

“أنا أعرف ذلك!”

 

بينما أحدق في ظهر إيريس، تحدث باول من فوق رأسها بصوت مسلي. “ماذا يحدث، رودي؟ هل تختبئ خلف الفتيات الآن؟ يا لك من مستهتر صغير.”

لو كنت مكان الطفل، لَـقطعت كل العلاقات دون التفكير لِـثانية.

شيء ما في هذه الكلمات — أو ربما لهجته — أراحتني قليلًا. ذكرني هذا بالطريقة التي إعتاد فيها على ممازحتي في الماضي. تلك ذكريات جميلة.

 

 

مع تعبيره الفاتر وخدوده المجوفة، بدا وكأنه شخص مختلف تماما عن الرجل الذي عرفته من قبل. لكن لسبب ما، شعرت وكأنني رأيت وجها مشابها جدا في مكان ما من قبل. أين ذلك؟ لدي شعور أنني رأيت شيئًا كهذا منذ وقت طويل…

فهمت أن باول يحاول سد الفجوة التي فُتِحَتْ بيننا. لقد خرج عن طريقه ليجدني هنا كأول شيء يفعله في الصباح، بعد كل شيء. بقيت هادئا بما يكفي لمحاولة إجراء محادثة على الأقل.

بعد ذلك، يمكنني التوجه للبحث في الجزء الشمالي من القارة الوسطى….أو ربما أطلب من رويجيرد مساعدتي في العودة إلى القارة الشيطانية. الجحيم، يمكنني حتى محاولة التوجه إلى قارة بيغاريتو. أعرف اللغة، أكثر أو أقل. “بعد ذلك، سأبدأ البحث في أجزاء أخرى من العالم.”

 

كان علي الهدوء والتفكير في ذلك بعناية. رودي طفل ذكي، لكنه فشل بطريقة ما في رؤية رسالتي، أو حتى معرفة ما يحدث. لو أمضى أي وقت في ميناء زانت، لَـعَثَرَ على هذا النوع من المعلومات دون أن يحاول.

“روديوس لا يختبئ ورائي! أنا أخفيه! من والده الفاشل!” ارتجفت قبضتا إيريس بغضب. بدا الأمر وكأنها على وشك القفز ونطح ذقن باول.

كيف تحدثت مع باول قبل هذا؟ اعتدنا أن نكون غير رسميين مع بعضنا البعض، أليس كذلك؟

 

كنت سعيدا لرؤية روديوس، بالطبع. ولكن شعرت أننا لسنا حقا على نفس الصفحة حول الوضع، لذلك سألته عما فعله حتى الآن. عند هذه النقطة بدأ يتحدث بمرح عن رحلته عبر القارة الشيطانية.

ألقيت نظرة على رويجيرد. يبدو أنه شعر بما أردت، أمسك إيريس من مؤخرة رقبتها ورفعها عن الأرض.

كما تذكرت، قضيت معظم ذلك العام في المنزل أتدرب بالسيف وتحمل رجلي العجوز. وجد أسبابًا للشكوى من كل شيء صغير فعلته، واغتنم كل فرصة ممكنة لصفعي.

 

“ماذا؟ ألم يخبرك روديوس عن كل ذلك؟”

“مرحبا! دعني أذهب، رويجيرد!”

هذا صحيح. لن يكون من دواعي سروري أبدا زيارة ذلك المكان. أعني، لقد سمعت الشائعات، بطبيعة الحال. جعله الجميع يبدو كَـمكان خطير حيث تواجه فيه الوحوش مع كل خطوة تخطوها، وعلى المرء تناول هذه الوحوش كَـطعام من أجل البقاء. لكن الكثير من الوحوش بدت وكأنها شيء يمكنني التعامل معه، بكل صراحه.

“يجب أن نترك الاثنين وشأنهما.”

 

“أنت رأيت روديوس في الليلة الماضية، أليس كذلك؟! هذا الرجل ليس له الحق في أن يطلق على نفسه أبًا!”

نظرت لأعلى ووجدت نفسي وجها لوجه مع رجل لديه وجه قرد. هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها وجهه القبيح منذ عام. “غيز….؟ أين كنت بحق الجحيم، هاه؟”

“لا تكوني قاسيةً عليه. معظم الآباء بعيدون عن الكمال.”

“هل تعتقد أنك يمكن أن تخرج على قيد الحياة وحدك في القارة الشيطانية في ذلك الوقت؟”

توجه رويجيرد إلى المخرج حاملا معه إيريس المتعثرة. ولكن كما مر بجانب باول، توقف للحظة. “لديك كل الحق في قول ما تريده له. لكن السبب الوحيد الذي يُمَكِنُكَ من فعل هذا هو أن ابنك لا يزال على قيد الحياة.”

“امم، حسنًا، يبدو أن….ردائي ربما جعله يسيء فهم طبيعة علاقتنا…”

“اه….نعم….”

 

بدت كلمات رويجيرد تحمل بعض الوزن الحقيقي. يبدو أنه يعتبر نفسه أعظم فشل في العالم كأب. ربما شعر ببعض التعاطف مع زميل فاشل آخر.

ارتجفت ساقاي. فهمت أخيرًا لماذا قال لي غيز “إنه لا يزال طفلا.”

 

 

“أنت حقا لا يجب أن تأمر الناس بِـذقنك هكذا، رودي.”

حسنا، أعرف أن المكان به الكثير من الوحوش، لكن مرتبة C أو أسوأ؟ في القارة الوسطى، سيكون عليك التعمق في الغابة للعثور على أي شيء خطير. يسافر العديد من الوحوش في تلك الرتبة في مجموعات كبيرة، أو لديهم بعض القدرات الخاصة القاتلة. “أشعر أنك تبالغ قليلًا هنا، غيز.”

“لقد فهمت كل شيء بشكل خاطئ يا أبي.” بدأت أحتج. “ذلك مجرد اتصال بالعين. ذقني ليس متورطًا حتى.”

بينما أحدق في ظهر إيريس، تحدث باول من فوق رأسها بصوت مسلي. “ماذا يحدث، رودي؟ هل تختبئ خلف الفتيات الآن؟ يا لك من مستهتر صغير.”

“لست متأكدا من أن هذا يحدث فرقا حقا.” قال باول وهو يجلس على الطاولة أمامي: “إذن، هل ذلك هو الرجل الشيطاني الذي كنت تخبرني عنه بالأمس….؟”

“لماذا لم يعرف رودي ما حدث لقرية بوينا؟ أنا متأكد من أنني وضعت رسالة تنتظره في ميناء زانت.”

“نعم. هذا هو رويجيرد من قبيلة السبيرد.”

الفصل 4: لم الشمل

“السبيرد، هاه؟ يبدو وكأنه رجل ودود بما فيه الكفاية. أعتقد أن الشائعات مبالغ فيها بعض الشيء.”

“لكن في النهاية، هو لا يزال مجرد طفل.”

“أنت لست خائفا منه أو أي شيء؟”

اررغ. اللعنة.

“لا تكن غبيا. إنه الرجل الذي أنقذ ابني.”

 

لم يبدُ أنه كان يعتقد ذلك بالأمس، لكن….ربما لن يكون من المفيد جدا الإشارة إلى ذلك.

“…”

 

مددت يدي لأعلى ولمست وجهي. اللحية الخفيفة التي لم أزعج نفسي بحلاقتها لعدة أيام بدت واضحة عندما لمستها بأصابعي.

الآن إذن…

“لماذا لم يعرف رودي ما حدث لقرية بوينا؟ أنا متأكد من أنني وضعت رسالة تنتظره في ميناء زانت.”

“إذن على أي حال. هل يمكنني أن أسأل لماذا أنتَ هنا؟”

 

خرج صوتي أكثر صلابة مما خططت، وجفل باول في مقعده. “حسنا، أردت أن أقول إنني آسف.”

 

“لماذا؟”

تمتلك الفرقة قاعدة عمليات أخرى في عاصمة مملكة آسورا، والخادم الشخصي السابق ألفونس يدير الأمور هناك. ألفونس أيضًا هو القائد العام للمنظمة، وظل يقدم بنشاط المساعدة للاجئين الذين عادوا إلى منطقة فيدوا.

“كل ما حدث بالأمس.”

ذلك الفتى اللعين. أنا أقسم. قد تكون القارة الشيطانية صعبة، ولكن سحري أكثر من كافٍ للتعامل معها. هاه؟ حسنا، جيد لك. بما أنها مكان نزهة هكذا، لماذا لم تأخذ القليل من الوقت للبحث عن أمك؟

“لا حاجة للإعتذار.” من المفيد أنه على استعداد للقيام بذلك، ولكن بعد ليلة نوم جيدة على صدر إيريس، أنا مستعد لتحمل الأخطاء التي ارتكبتها. “لأكون صادقا، كنت ألعب حقا حتى الآن.”

“قلت فقط إنني بخير، وطلبت منك البحث في الجزء الشمالي من القارة الوسطى.”

بدت الأمور مشبوه قليلا في بداية، صحيح. ولكن بالنسبة للجزء الأكبر، رحلتنا قد مرَّت بسلاسة، وقد وجدت الكثير من الوقت لأنغمِسَ في مختلف الأشياء المنحرفة. حقيقة أنني لم أتمكن أبدا من جمع المعلومات عن منطقة فيدوا هي بلا شك فشل من جانبي. لم تتح لي فرصة للتجول في ميناء زانت، لكننا قضينا وقتا مناسبا في ميناء الرياح. كان بإمكاني العثور على نوع من وسيط المعلومات هناك وتعلم المزيد عن الكارثة.

“حسنا، على أي حال! عندما سمعت عن هذا الطفل البشري، شيء أشعل المصباح في ذهني، لذلك ركضت مباشرة إلى هناك. لا أتباها أو أي شيء، ولكن أنا رجل مع العديد من الاتصالات، تعرف ذلك صحيح؟ وحدث أنني أعرف بعض الأشخاص من قرية دوروديا. لذا جعلت أحد محاربيهم، الذي هو صديق جيد لي، يرميني في نفس الزنزانة مع هذا الطفل.”

 

“اممم.…الكابتن باول؟ هل انتهيت من التحدث مع صديقك؟”

لم أبحث عن شيء كان يجب أن أبحث عنه حقًا. ذلك قذر وغير مدروس مني.

 

 

“ر-رودي؟” لا يبدو أن باول يعرف كيف يتفاعل.

“أنا أتفهم غاضبك مني يا أبي. أنا آسف كذلك….لا أستطيع أن أتخيل كيف يجب أن تكون الأمور صعبة بالنسبة لك.”

 

صارت منطقة فيدوا بأكملها مشردة، وتناثرت عائلتنا في الرياح. عندما فكرت في ما شعر به باول في الأيام والأسابيع التي تلت ذلك، لم أستطع أن أجبر نفسي على إلقاء اللوم عليه بسبب موقفه القاسي. كنت أسافر في فقاعة من الجهل، وأجهل بسعادة المأساة المستمرة من حولي.

“ر-رودي؟” لا يبدو أن باول يعرف كيف يتفاعل.

 

“همم؟ إنتظر قليلًا، غيز. لقد كنت محبوسا في نفس الزنزانة معه، أليس كذلك؟ إذن—”

“لا تتحدث هكذا، رودي. أعلم أنك يجب أن تكون قد قاسيت وقتا عصيبا هناك، أيضًا.”

“إذن على أي حال. هل يمكنني أن أسأل لماذا أنتَ هنا؟”

“لا، هذا ليس صحيحا على الإطلاق. كان ذلك بكل صراحة قطعة من الكعك.” ظل رويجيرد دائمًا موجودًا من أجلي، بعد كل شيء. بعد بدايتنا الوعرة في ريكاريسو، سارت الأمور بسلاسة نسبيا. حارسنا الشخصي كفل أن الوحوش لم تنصب لنا كمينا. وظل يصطاد عشاءنا دون أن يُطلَبَ منه ذلك، وحتى يتدخل عندما أدخل أنا وإيريس في شجار. بالنسبة لي، على الأقل، تلك الرحلة خالية من الإجهاد تقريبا. كلمة نزهة بدت وصفًا عادلًا.

نقرت على لساني بغضب، مددت يدي لأعلى ولمست خدي. لا يزال ينبض حيث لكمني روديوس في وقت سابق. ربما كان يجب أن ابتلع كبريائي وأسمح لأحد المعالجين لدينا بعلاجي.

 

 

“أوه حقًا؟ قطعة من الكعكة، هاه….؟” لم أعرف ما يفكر فيه باول في الوقت الحالي، بالطبع. لكن لسبب ما، بدا صوته يرتجف قليلا.

“أنا قلقة من أن ما حدث مع ابنك في وقت سابق قد يكون خطأي، يا سيدي.”

 

 

“أشعر بالسوء لأنني لم أر رسالتك أبدا، بالمناسبة. ما هو محتواها؟”

فتح غيز فمه كما لو إنه يحاول قول شيء، ثم تجهم قليلا وأغلق فمه. أنا أعرف هذا. هذا يعني أنه يخفي شيئا.

“قلت فقط إنني بخير، وطلبت منك البحث في الجزء الشمالي من القارة الوسطى.”

لن يتحول الأمر إلى شيء كَـذاك هذه المرة. لن أسمح بكسر علاقتي مع باول.

“فهمت. حسنا، يمكنني أن أتوجه إلى هناك للبحث بمجرد أن أوَّصِلَ إيريس مرة أخرى إلى منطقة فيدوا.”

حدث هذا بعد أن مر عام أو عامين منذ صرتُ منعزلًا تماما. في تلك المرحلة، كنت ما زلت أعتقد أن لدي الوقت لتغيير الأمور. لكنني أدركت أيضا أن هناك فجوة متنامية بيني وبين كل شخص أعرفه — فجوة قد لا أتمكن أبدا من سدها.

لماذا أتحدث مثل الروبوت؟ كل ما قلته الآن خرج بصوت بدا لي غريبًا. شعرت تقريبا وكأنني متوتر. ولكن لماذا سأكون؟ لقد غفرت لباول، وقد غفر لي. بالتأكيد الأمور ليست كما كانت من قبل، لكن هذه حالة طارئة، صحيح؟ يتوتر الجميع في حالات الطوارئ. بالتأكيد. هذا منطقي.

بعد لحظة من التردد، تمكن باول من الغمغمة “لقد اشتقت إليك أيضًا.”

 

“همم؟ انتظر لحظة. أين كنت؟” ميلديت؟ أليست تلك قبيلة من قبائل الوحوش؟ هم يمتلكون آذان الأرانب، صحيح؟

“بوضع ذلك جانبا في الوقت الحالي، هل يمكنك الخوض في مزيد من التفاصيل حول الوضع الحالي في منطقة فيدوا؟”

“آه….نعم. فهمتك…”

“نعم، بالتأكيد.” بدا صوت باول قاسيًا مثل صوتي وهو يرتجف قليلا في كل مرة يتحدث فيها. هل هو على حافة الهاوية أيضا؟

بالتأكيد. هذا يبدو مثل روديوس. ربما لن يخطر ببالي سؤال كهذا أبدًا، لكن الطفل كان دائما نبيهًا بشأن هذا النوع من الأشياء. أعرف كم هو واعٍ بشكل غريب منذ ذلك اليوم الذي تدخل لإنقاذ ليليا من غضب زينيث.

لا، لا. يجب أن أحاول إصلاح سلوكي الخاص أولا. هناك حقا شيء غريب حول هذا….أنا لا أستطيع أن أتصرف بالطريقة التي أكون عليها عادة.

 

 

“ر-رودي؟” لا يبدو أن باول يعرف كيف يتفاعل.

كيف تحدثت مع باول قبل هذا؟ اعتدنا أن نكون غير رسميين مع بعضنا البعض، أليس كذلك؟

لو كنت مكان الطفل، لَـقطعت كل العلاقات دون التفكير لِـثانية.

“دعونا نرى. أين أبدأ حتى…..؟”

“حسنا، على أي حال! عندما سمعت عن هذا الطفل البشري، شيء أشعل المصباح في ذهني، لذلك ركضت مباشرة إلى هناك. لا أتباها أو أي شيء، ولكن أنا رجل مع العديد من الاتصالات، تعرف ذلك صحيح؟ وحدث أنني أعرف بعض الأشخاص من قرية دوروديا. لذا جعلت أحد محاربيهم، الذي هو صديق جيد لي، يرميني في نفس الزنزانة مع هذا الطفل.”

صوته لا يزال متوترا، أعطاني باول ملخصا شاملا لما حدث في فيدوا أثناء رحيلي. اختفى كل مبنى في المنطقة، وتم نقل كل ساكن إلى ركن عشوائي من الكوكب. وقد تم بالفعل تأكيد العديد من الوفيات، ولا يزال العديد من الأشخاص في عداد المفقودين.

 

 

 

وصف باول كيف قام بتجنيد متطوعين لفرقة البحث والإنقاذ وشكلَّهم كَـمنظمة وظيفية. لقد اختار أن يكون مقر عملياتهم في ميليشيون لأنها موطنٌ لمقر نقابة المغامرين وبقعة مركزية جيدة يمكن من خلالها جمع المعلومات.

 

 

 

تمتلك الفرقة قاعدة عمليات أخرى في عاصمة مملكة آسورا، والخادم الشخصي السابق ألفونس يدير الأمور هناك. ألفونس أيضًا هو القائد العام للمنظمة، وظل يقدم بنشاط المساعدة للاجئين الذين عادوا إلى منطقة فيدوا.

 

 

“لقد بدا تماما مثل شكلك في الماضي، يا رجل.” تابع غيز. “مغرور يبعث على السخرية! على استعداد لإصدار الأوامر على شخص غريب تماما عنه! في إحدى المرات، حاول مغازلة هذه الفتاة من الوحوش. وهي قالت له بغضب أستطيع أن أشم رائحة الإثارة منك لكنه ظل يتحرش بها على أي حال! هذا الصبي هو إبنك، إبنك بلا أي شك!”

أوضح باول أيضا أنه ترك لي رسائل في مدن في جميع أنحاء العالم. لقد آمَلَ أن نتمكن من الانفصال والبحث عن أفراد عائلتنا المفقودين بشكل منفصل.

أوضح باول أيضا أنه ترك لي رسائل في مدن في جميع أنحاء العالم. لقد آمَلَ أن نتمكن من الانفصال والبحث عن أفراد عائلتنا المفقودين بشكل منفصل.

 

 

كَـأكبر أبنائه وأكثرهم موثوقية، ربما من مسؤوليتي المساعدة. لا أزال طفلا، نعم، لكن لدي عقل شخص بالغ. لو رأيت فعلا رسالة باول، لبدأت في التحرك فورًا تجاه البحث والتحقق.

“أي الوجه؟” قال باول، مبتسمًا بضعف.

 

 

زينيث، ليليا وآيشا في عداد المفقودين. وكان من الممكن تمامًا أن أواجه أحدهم في مكان ما في القارة الشيطانية. هذه فقط الحقيقة، وهي كافية لجعلي أندم على كل ما فعلته هناك. كنت في عجلة من أمري لدرجة أننا نادرًا ما بقينا في بلدة واحدة لأكثر من بضعة أيام.

في هذه المرحلة، توقف الرجل غارقًا في نوبة ضحك أخرى. تحركت بشكل غير مرتاح في مقعدي، متذكرًا بعض الطيش الذي كنت أفعله في شبابي.

 

بحسب باول، هذه هي الطريقة التي يعمل بها سحر النقل الآني بشكل عام — إذا كنت على اتصال جسدي مع شخص ما عندما يصيبك، سيتم إرسالك إلى وجهتك معه.

“نورن على ما يرام، صحيح؟”

 

“نعم، لقد حالفنا الحظ هناك. كانت تلمسني عندما حدث ذلك.”

 

بحسب باول، هذه هي الطريقة التي يعمل بها سحر النقل الآني بشكل عام — إذا كنت على اتصال جسدي مع شخص ما عندما يصيبك، سيتم إرسالك إلى وجهتك معه.

خرج صوتي أكثر صلابة مما خططت، وجفل باول في مقعده. “حسنا، أردت أن أقول إنني آسف.”

 

دفعت مقعدي إلى الوراء، وقفت وخرجت من البار.

“هل هي على ما يرام؟”

بجدية. كم هذا سخيف…

“نعم. بدت غير مرتاحة بعض الشيء بشأن الانتقال إلى مثل هذا المكان غير المألوف في البداية، لكنها الآن في الأساس تميمة حظ الفريق.”

من الصعب أن أعرف كيف نما كمقاتل منذ آخر مرة رأيته فيها. ولكن حتى في سن السابعة، كان أذكى مني. الآن هو أكثر ذكاء وأقوى مني. ما الذي هو غير معقول للغاية بشأن التوقع منه أن ينجز أكثر مما أستطيع، إذن؟ عمره لا علاقة له بقدراته.

“حقا؟ من الجيد سماع ذلك.”

 

على الأقل نورن آمنة وسعيدة. هذا بالتأكيد الجانب المشرق الوحيد في هذه الفوضى القبيحة بأكملها. إنه شيء يستحق الاحتفال به، بالتأكيد.

 

 

تحركت نورن في السرير قليلا. لا يبدو أنني أيقظتها؛ ربما هي تتحدث في نومها فقط.

لكن لسبب أجهله، لا أزال أشعر بالكآبة نوعًا ما.

بعد لحظة من التردد، تمكن باول من الغمغمة “لقد اشتقت إليك أيضًا.”

 

 

“…”

“لست متأكدا من أن هذا يحدث فرقا حقا.” قال باول وهو يجلس على الطاولة أمامي: “إذن، هل ذلك هو الرجل الشيطاني الذي كنت تخبرني عنه بالأمس….؟”

“…”

 

حديثنا توقف. هذا يبدو بغرابة….محرجًا. لم نكن أنا وباول هكذا من قبل، أليس كذلك؟ ماذا حدث للطريقة التي اعتدنا بها على إلقاء النكات والمزاح مع بعضنا البعض؟ غريب جدا.

 

 

 

بعد فترة، قال باول شيئا أو غيره، لكنني لم أستطع إظهار الكثير من الاستجابة.

لم أبحث عن شيء كان يجب أن أبحث عنه حقًا. ذلك قذر وغير مدروس مني.

 

بالطبع هو كذلك. وكنت سعيدا في البداية.

صارت ردودي موجزة وفاترة بشكل متزايد.

“أوه. شكرًا لك.” الآن بعد أن فكرت في الأمر، حلقي جاف بشكل مؤلم.

 

“لقد قابلته بالفعل اليوم.”

في مرحلة ما، تمت خرج جميع العملاء الآخرين من البار. وبعد فترة، ربما سيطلب منا المغادرة حتى يتمكنوا من الاستعداد لوقت الغداء.

ربتُّ على مؤخرة رأس باول عدة مرات. لفترة من الوقت، بكينا نحن الاثنين معا.

 

“مرحبا! دعني أذهب، رويجيرد!”

أعتقد أن باول فهم ذلك أيضا. إنتقلَ إلى موضوعنا الرئيسي النهائي.

والأهم من ذلك، اضطررت إلى اتخاذ خطوة حقيقية إلى الأمام.

 

“أي الوجه؟” قال باول، مبتسمًا بضعف.

“ما الذي تخطط للقيام به قادمًا، رودي؟”

لستُ نفس الشخص الذي كنت عليه في ذلك الوقت. أقسمت لنفسي أنني سأتغير، ألم أفعل؟ لقد نسيت ذلك مؤخرا، لكنني لا أستطيع السماح لنفسي بتكرار نفس الأخطاء الغبية مرارا وتكرارا.

“أولا وقبل كل شيء، سأعيد إيريس إلى منطقة فيدوا.”

خرج صوتي أكثر صلابة مما خططت، وجفل باول في مقعده. “حسنا، أردت أن أقول إنني آسف.”

“لم يتبق الكثير من فيدوا، هل تعلم؟”

 

“أنا أعلم. لكننا ما زلنا سنذهب.”

هذا سخيف بعض الشيء، نعم. لكن مع ذلك، عانقت جسد باول القوي بكل قوتي. ليس وجهه فقط هو الذي صار أنحف. بدا جسده وكأنه أصغر مما كان عليه من قبل أيضًا. بالتأكيد، لقد نَمَوتُ قليلًا في السنوات القليلة الماضية، لذلك ربما هذا ما يحدث؛ لكن من الواضح أن والدي مر ببعض الأوقات الصعبة للغاية.

على الرغم من أن فيليب، سوروس وغيلين ما زالوا مفقودين، وربما لن نجد أي وجوه مألوفة تنتظرنا، لكن علينا الذهاب. العودة إلى هناك ظلت دائما هدفنا، بعد كل شيء. سنتَّبِعُ هدفنا الأولي. وبمجرد وصولنا إلى فيدوا، يمكننا أن نشهد حالتها بأعيننا.

“….صحيح.”

 

“أي الوجه؟” قال باول، مبتسمًا بضعف.

بعد ذلك، يمكنني التوجه للبحث في الجزء الشمالي من القارة الوسطى….أو ربما أطلب من رويجيرد مساعدتي في العودة إلى القارة الشيطانية. الجحيم، يمكنني حتى محاولة التوجه إلى قارة بيغاريتو. أعرف اللغة، أكثر أو أقل. “بعد ذلك، سأبدأ البحث في أجزاء أخرى من العالم.”

تحركت نورن في السرير قليلا. لا يبدو أنني أيقظتها؛ ربما هي تتحدث في نومها فقط.

“….حسنا.”

مع تعبيره الفاتر وخدوده المجوفة، بدا وكأنه شخص مختلف تماما عن الرجل الذي عرفته من قبل. لكن لسبب ما، شعرت وكأنني رأيت وجها مشابها جدا في مكان ما من قبل. أين ذلك؟ لدي شعور أنني رأيت شيئًا كهذا منذ وقت طويل…

مع ذلك، توقفت المحادثة مرة أخرى. ليس لدي أي فكرة عن ماذا يجب أن أقول.

“باول، ماذا كنت تفعل في عمر الحادية عشر؟”

 

بدأت الكآبة داخل قلبي تذوب بسرعة. فهمت أخيرا كيف يشعر باول الآن. بمجرد أن فهمت هذه القطعة الأخيرة من اللغز، صار الباقي بسيطا بما فيه الكفاية، حقا.

“هنا.” في هذه المرحلة، وضع نادل البار فجأة كوبين خشبيين أمامنا. إرتفع البخار بلطف من السائل داخلهما. “هذا على حساب البار.”

 

“أوه. شكرًا لك.” الآن بعد أن فكرت في الأمر، حلقي جاف بشكل مؤلم.

“في قرية ميلديت. إنه المكان الذي يعيش فيه رئيسهم، لذا فهو في الواقع كبير جدا، لكن—”

 

عندما نظرت إلى باول مرة أخرى، والدموع تنهمر على خديه. ليست بالضبط صورة جميلة. الرجل يبكي مثل الطفل. “أنا آسف….أنا آسف جدا، رودي….”

بمجرد أن أدركت ذلك، لاحظت أيضا بعض الأشياء الأخرى. أنا أقلص يدي بإحكام؛ راحتا يداي رطبتان بالعرق. شعرت بأن ظهري وأُبطي أيضًا باردَينِ بشكل غريب. وخصل من شعري ملتصقة على جبهتي.

“نعم….”

 

 

“مرحبا يا فتى. لن أدعي أنني أعرف ما يجري هنا، ولكن…..”

بجدية. كم هذا سخيف…

“هممم….؟”

“همم؟ انتظر لحظة. أين كنت؟” ميلديت؟ أليست تلك قبيلة من قبائل الوحوش؟ هم يمتلكون آذان الأرانب، صحيح؟

“على الأقل انظر إلى وجه الرجل.”

لقد تناولت بعض الكحول هذا الصباح. حتى مع أخذ ذلك في الاعتبار، من الواضح أن الطفل قد تحسن بشكل كبير. ربما أنا سكران، لكنني أيضا ذهبت إلى أقصى حد؛ لقد خفضت نفسي إلى درجة إستخدام الموقف رباعي الأرجل لأسلوب إله الشمال، وحتى أنني إستعملت السيف الصامت لأسلوب إله السيف. لكن سيفي قطع فقط تلك الملابس الداخلية التي يرتديها من وجهه. لم يأخذ رودي القتال على محمل الجد أيضا. حقيقة أن رفاقي قد واجهوا على الأكثر إصابات طفيفة هو دليل كافٍ على ذلك.

فقط عندما سمعت هذه الكلمات أدركت ذلك. لقد كنت أتجنب نظرة باول طوال هذا الوقت. بعد تجنب عينيه عندما دخل، لم أنظر إليه في وجهه مرة أخرى. ولا حتى مرة واحدة.

 

 

مع ذلك، توقفت المحادثة مرة أخرى. ليس لدي أي فكرة عن ماذا يجب أن أقول.

إبتلعت لعابي بفارغ الصبر، نظرت إلى والدي. وجهه مليء بعدم اليقين والقلق. بدا وكأنه رجل على وشك الانهيار والبكاء.

 

 

معركة….؟ حسنا، أعتقد أنك يمكن أن تسميها هكذا. على الرغم من أنها بالكاد يمكن أن تكون معركة.

“لماذا تظهر هذا الوجه؟”

سكبت لنفسي كوبا من الماء من الإبريق على طاولتنا وشربت كل شيء بسرعة. السائل الفاتر نزل إلى أسفل نحو معدتي المتقلبة.

“أي الوجه؟” قال باول، مبتسمًا بضعف.

 

 

لقد مرت ست سنوات منذ ذلك الحين. باول الآن في الثلاثين من عمره. لا يزال أصغر سنا مما كنت عليه في حياتي السابقة، وقد أنجز بالفعل أكثر مما أنجزته أبدًا. عندما تشاجرت مع صديقي، لم أحاول حتى تصحيح الأمور. بل وجدت فقط طرقا لإقناع نفسي بأن كل ذلك خطأه. بالمقارنة معي، باول يبذل جهدا أفضل بكثير.

مع تعبيره الفاتر وخدوده المجوفة، بدا وكأنه شخص مختلف تماما عن الرجل الذي عرفته من قبل. لكن لسبب ما، شعرت وكأنني رأيت وجها مشابها جدا في مكان ما من قبل. أين ذلك؟ لدي شعور أنني رأيت شيئًا كهذا منذ وقت طويل…

“ماذا؟ ألم يخبرك روديوس عن كل ذلك؟”

….الآن تذكرت.

مع تعبيره الفاتر وخدوده المجوفة، بدا وكأنه شخص مختلف تماما عن الرجل الذي عرفته من قبل. لكن لسبب ما، شعرت وكأنني رأيت وجها مشابها جدا في مكان ما من قبل. أين ذلك؟ لدي شعور أنني رأيت شيئًا كهذا منذ وقت طويل…

 

بدأت الكآبة داخل قلبي تذوب بسرعة. فهمت أخيرا كيف يشعر باول الآن. بمجرد أن فهمت هذه القطعة الأخيرة من اللغز، صار الباقي بسيطا بما فيه الكفاية، حقا.

لقد رأيت ذلك في مرآة الحمام، سابقًا في بيتي القديم.

لقد مرت ست سنوات منذ ذلك الحين. باول الآن في الثلاثين من عمره. لا يزال أصغر سنا مما كنت عليه في حياتي السابقة، وقد أنجز بالفعل أكثر مما أنجزته أبدًا. عندما تشاجرت مع صديقي، لم أحاول حتى تصحيح الأمور. بل وجدت فقط طرقا لإقناع نفسي بأن كل ذلك خطأه. بالمقارنة معي، باول يبذل جهدا أفضل بكثير.

 

 

حدث هذا بعد أن مر عام أو عامين منذ صرتُ منعزلًا تماما. في تلك المرحلة، كنت ما زلت أعتقد أن لدي الوقت لتغيير الأمور. لكنني أدركت أيضا أن هناك فجوة متنامية بيني وبين كل شخص أعرفه — فجوة قد لا أتمكن أبدا من سدها.

 

 

“استغرق الأمر وقتًا أطول قليلا لكي أكون متأكدا تماما، على الرغم من ذلك.” قال غيز، وأكمل بعد شرب كوب آخر من البيرة. “لكن نعم، هذا هو الأمر. بالكاد يمكنك إلقاء اللوم على الطفل لعدم رؤية رسالتك. مما بدا عليه الأمر، هو لم يقضِ أي وقت في ميناء زانت.”

ومع ذلك، كنت ببساطة خائفا جدا من الخروج مرة أخرى. و حينئذ، مشاعر القلق والإحباط تراكمت بإطِّراد داخلي. ربما هذه هي الفترة الأكثر تقلبا بشكل عاطفي في حياتي.

“باول، ماذا كنت تفعل في عمر الحادية عشر؟”

 

“أنت حقا لا يجب أن تأمر الناس بِـذقنك هكذا، رودي.”

فهمت الآن. إذن هذا ما يحدث…

نورن ليست مثل رودي. إنها طفلة عادية. علي أن أبقيها آمنة.

لقد بحث باول يائسا عن عائلته دون نجاح. على الرغم من كل جهوده، لم يعثر على خردة واحدة من الأخبار رغم مرور كل هذا الوقت. ظل قلقا علينا باستمرار. وفي النهاية، بدأ يسأل نفسه:ماذا لو أصيبوا؟ ماذا لو مرضوا؟ ماذا لو إنهم قد ماتوا بالفعل؟ كلما فكر في الأمر، زاد قلقه.

“حسنا، انظر.” قاطعته. “بما أنه قد عانى هكذا، إذن لماذا جعل الأمر برمته يبدو وكأنه كان مغامرة كبيرة ممتعة؟ بدا وكأنه واحد من هؤلاء الأوغاد الأغنياء المدللين الذين يتجولون في الطابق الأول من متاهة لمجرد الحصول على شيء يمكنهم التباهي به.” لو كانت الرحلة صعبة بالنسبة لرودي، لما وصفها بمرح هكذا. بل سيخبرني عن الأجزاء الصعبة والمؤلمة بدلا من ذلك. لكنه لم يذكر حتى أي مطبات في الطريق.

 

“أكره قول هذا لك يا باول، لكن الأمر لا يتطلب معجزة للشفقة عليك الآن.” قال غيز، وهو يتنهد: “أعلم أنك لا تستطيع رؤية وجهك، لذا دعني أخبرك بشيء. تبدو فظيعًا يا رجل.”

وبعد ذلك، بعد طول انتظار، ظهرت….مع إبتسامة مبتهجة على وجهي. وظهر الأمر مختلفا تماما عما تخيله باول لدرجة أنه غضب على الرغم من أفكاره تلك.

“مرحبا! لقد كنت أبحث عنك يا صديقي.”

 

نظر حول المكان للحظة، ثم وجدني.

لقد إختبرت شيئًا كهذا في السابق. بعد وقت ليس بطويل بعد أن بدأت حياتي كخاسر، شخص ما أعرفه من الإعدادية توقف لزيارتي وبدأ يخبرني بما يجري في المدرسة. كنت مكتئبة بشدة وأتألم كثيرًا، لكنه تحدث عن حياته وكأنه لا يملك شيئًا واحدًا يزعجه. جعل ذلك معدتي تؤلمني. انتهى بي الأمر بالصراخ عليه والقاء الشتائم القاسية في وجهه.

“اه، أنا لاااا أعرررف. ربما واجه بعض سوء الحظ ولم يلاحظ ذلك.”

 

 

في اليوم التالي، قلت لنفسي إنني سأعتذر له في المرة القادمة التي يمر فيها. لكنه لم يأتِ مرة أخرى. ولم أتواصل معه أيضًا. لقد تركت كبريائي العنيد يمنعني عن فعل ذلك.

 

 

“لا تتحدث هكذا، رودي. أعلم أنك يجب أن تكون قد قاسيت وقتا عصيبا هناك، أيضًا.”

أتذكر الآن. كان ذلك بالضبط عندما رأيت ذلك الوجه في المرآة.

 

 

“آه، نعم، أعتقد أنني لم أكن ناضجة جدا بالأمس….لست متأكدا مما تحاول قوله، رغم ذلك.”

“لدي اقتراح يا أبي.”

 

“ماذا….؟”

صارت منطقة فيدوا بأكملها مشردة، وتناثرت عائلتنا في الرياح. عندما فكرت في ما شعر به باول في الأيام والأسابيع التي تلت ذلك، لم أستطع أن أجبر نفسي على إلقاء اللوم عليه بسبب موقفه القاسي. كنت أسافر في فقاعة من الجهل، وأجهل بسعادة المأساة المستمرة من حولي.

“في ظل هذه الظروف، أعتقد أننا بحاجة إلى محاولة التصرف مثل البالغين.”

 

“آه، نعم، أعتقد أنني لم أكن ناضجة جدا بالأمس….لست متأكدا مما تحاول قوله، رغم ذلك.”

 

بدأت الكآبة داخل قلبي تذوب بسرعة. فهمت أخيرا كيف يشعر باول الآن. بمجرد أن فهمت هذه القطعة الأخيرة من اللغز، صار الباقي بسيطا بما فيه الكفاية، حقا.

 

 

 

فكرت مرة أخرى في الماضي — إلى اليوم الذي اجبرني باول على قتاله، حينها قلت بعض الكلمات القاسية أيضًا. في ذلك الوقت، كنت أقل من معجب بمهارات الأبوة خاصته. لكنه كان في الرابعة والعشرين من عمره فقط، وهو عمر صغير جدا بالنسبة للأب، لذلك قررت ألا أحكم عليه بقسوة شديدة.

“أنا أعلم. لكننا ما زلنا سنذهب.”

 

“هل كنت تفضل عودة ابنك مع عين مفقودة وطرف أو طرفين من أطرافه مقطوعة؟ الجحيم، كانت هناك فرصة جيدة لعينة لكي يُلَمَّ شملك مع جثة. أوه إنتظر، هذا خطأي….لو مات في القارة الشيطانية، لن يكون هناك حتى جثة متروكة لك للعثور عليها.”

لقد مرت ست سنوات منذ ذلك الحين. باول الآن في الثلاثين من عمره. لا يزال أصغر سنا مما كنت عليه في حياتي السابقة، وقد أنجز بالفعل أكثر مما أنجزته أبدًا. عندما تشاجرت مع صديقي، لم أحاول حتى تصحيح الأمور. بل وجدت فقط طرقا لإقناع نفسي بأن كل ذلك خطأه. بالمقارنة معي، باول يبذل جهدا أفضل بكثير.

بعد ذلك، يمكنني التوجه للبحث في الجزء الشمالي من القارة الوسطى….أو ربما أطلب من رويجيرد مساعدتي في العودة إلى القارة الشيطانية. الجحيم، يمكنني حتى محاولة التوجه إلى قارة بيغاريتو. أعرف اللغة، أكثر أو أقل. “بعد ذلك، سأبدأ البحث في أجزاء أخرى من العالم.”

 

“وماذا في ذلك؟”

لستُ نفس الشخص الذي كنت عليه في ذلك الوقت. أقسمت لنفسي أنني سأتغير، ألم أفعل؟ لقد نسيت ذلك مؤخرا، لكنني لا أستطيع السماح لنفسي بتكرار نفس الأخطاء الغبية مرارا وتكرارا.

“أنت رأيت روديوس في الليلة الماضية، أليس كذلك؟! هذا الرجل ليس له الحق في أن يطلق على نفسه أبًا!”

 

 

هذه معركة أكبر بكثير من قتالنا الأخير، نعم. لكنني أتصرف بنفس الطريقة التي كنت أتصرف بها في ذلك اليوم قبل ست سنوات. نحن نرتكب نفس الأخطاء الغبية من جديد. اعتقدت أنني قد قطعت شوطا طويلا منذ ذلك الحين، ولكن بدلا من ذلك، يبدو وكأنني لم أتحرك من مكاني حتى. علي أن أعترف بذلك.

 

 

أعرف جيدًا موهبة غيز في الهروب من السجون. كلما يتم القبض عليه بسبب فضيحة ما، يخرج بعد فترة قصيرة مرة أخرى وكأن شيئا لم يحدث.

والأهم من ذلك، اضطررت إلى اتخاذ خطوة حقيقية إلى الأمام.

“في قرية ميلديت. إنه المكان الذي يعيش فيه رئيسهم، لذا فهو في الواقع كبير جدا، لكن—”

 

 

“دعنا نتظاهر بأن الأمس لم يحدث أبدا.”

 

إنه اقتراح بسيط بما فيه الكفاية. لقد تأذيت بشدة مما قاله لي باول في تلك الحانة. كان الألم لا يطاق تقريبا. صديقي، الذي توقف عن الإهتمام بي، يجب أن يكون قد شعر بشيء مماثل عندما دفعته بعيدا. وهكذا انتهت الأمور. لم نر بعضنا البعض مرة أخرى.

“لم يتبق الكثير من فيدوا، هل تعلم؟”

 

غير عادل؟ كيف كنت غير عادل؟ ولِـمَن؟ “هل تعتقد أنني توقعت الكثير؟ من رودي؟”

لن يتحول الأمر إلى شيء كَـذاك هذه المرة. لن أسمح بكسر علاقتي مع باول.

 

 

بعد ذلك، يمكنني التوجه للبحث في الجزء الشمالي من القارة الوسطى….أو ربما أطلب من رويجيرد مساعدتي في العودة إلى القارة الشيطانية. الجحيم، يمكنني حتى محاولة التوجه إلى قارة بيغاريتو. أعرف اللغة، أكثر أو أقل. “بعد ذلك، سأبدأ البحث في أجزاء أخرى من العالم.”

“نحن الاثنان لم نتشاجر أمس. الآن، في هذه اللحظة، نحن نرى بعضنا البعض مرة أخرى لأول مرة منذ سنوات. أتفهم؟”

“السبيرد، هاه؟ يبدو وكأنه رجل ودود بما فيه الكفاية. أعتقد أن الشائعات مبالغ فيها بعض الشيء.”

“ما الذي تتحدث عنه، رودي؟”

“مرحبا، باول. تأكد من التوقف عند نقابة المغامرين غدا، حسنا؟”

“لا تفرط في التفكير في هذا، من فضلك. فقط إنشر ذراعيك على مصراعيها. هيا!”

 

“اه….حسنا….” باول نشر ذراعيه، مرتبكًا قليلًا.

“أي الوجه؟” قال باول، مبتسمًا بضعف.

 

بدا تفسير غيز مؤلما ومزعجا. بكل صراحه، أردت مقاطعته حقًا. ولكن لقد غابت عني المعلومات الهامة عن طريق فقدان الصبر مع رودي في وقت سابق. وعلى الرغم من أنني نادرا ما أتعلم من أخطائي، إلا أنني لست غبيا بما يكفي لأخفق بنفس الطريقة مرتين في يوم واحد.

رميت نفسي على الفور في حضنه. “أبي! لقد اشتقت لك كثيرا!”

 

جسده تفوح منه رائحة كحول ضعيفة. يبدو رصينًا الآن، لكنني لن أتفاجأ لو إتضح أنه لا يزال يواجه آثار ما بعد الشرب. متى بدأ يشرب بكثرة، على أي حال؟ شعرت أنه بالكاد يلمس الخمر في الماضي.

 

 

“اه، أنا لاااا أعرررف. ربما واجه بعض سوء الحظ ولم يلاحظ ذلك.”

“ر-رودي؟” لا يبدو أن باول يعرف كيف يتفاعل.

 

 

كنت سعيدا لرؤية روديوس، بالطبع. ولكن شعرت أننا لسنا حقا على نفس الصفحة حول الوضع، لذلك سألته عما فعله حتى الآن. عند هذه النقطة بدأ يتحدث بمرح عن رحلته عبر القارة الشيطانية.

أرحت ذقني على كتفه، وغمغمتُ ببطء نصيحة صغيرة. “هيا. لقد تم لم شملك للتو مع ابنك. أليس هناك أي شيء تريد أن تقوله؟”

“آه، القرف. سيكون هذا صعبا…”

هذا سخيف بعض الشيء، نعم. لكن مع ذلك، عانقت جسد باول القوي بكل قوتي. ليس وجهه فقط هو الذي صار أنحف. بدا جسده وكأنه أصغر مما كان عليه من قبل أيضًا. بالتأكيد، لقد نَمَوتُ قليلًا في السنوات القليلة الماضية، لذلك ربما هذا ما يحدث؛ لكن من الواضح أن والدي مر ببعض الأوقات الصعبة للغاية.

“أوه حقًا؟ رهيب بما يكفي لكسب بعض التعاطف من ابني؟”

 

“أكره قول هذا لك يا باول، لكن الأمر لا يتطلب معجزة للشفقة عليك الآن.” قال غيز، وهو يتنهد: “أعلم أنك لا تستطيع رؤية وجهك، لذا دعني أخبرك بشيء. تبدو فظيعًا يا رجل.”

بعد لحظة من التردد، تمكن باول من الغمغمة “لقد اشتقت إليك أيضًا.”

لا أستطيع أن أقول إن سماع ذلك وضعني في أفضل الحالات المزاجية. ولم يساعد أن غيز لا يزال يبتسم وهو يتحدث معي. يملك هذا الرجل ابتسامة مزعجة للغاية. “هاها! حسنًا! ألا يثبت هذا وجهة نظري فقط، إذن؟ رودي فعل شيئًا لا أستطيع فعله. إبني معجزة! إنه يقف بالفعل على قدميه! لم يتبقَ لي شيء لأعلمه إياه. هل من الخطأ مني أن أتوقع منه أن يستخدم تلك المواهب، هاه؟! هل أنا مخطئ حقا هنا؟!”

وبمجرد أن نجح في قول هذه الكلمات الأولى، بدا الأمر كما لو أن البوابات قد فتحت. “اشتقت لك أيضًا، رودي…..اشتقت لك كثيرًا، اللعنة! لقد بحثت وبحثت، لكنني لم أتمكن من العثور على أي شخص….بدأت أفكر أنك قد تكون ميتا….بدأت….في تخيلك…..”

 

عندما نظرت إلى باول مرة أخرى، والدموع تنهمر على خديه. ليست بالضبط صورة جميلة. الرجل يبكي مثل الطفل. “أنا آسف….أنا آسف جدا، رودي….”

“مرحبا يا فتى. لن أدعي أنني أعرف ما يجري هنا، ولكن…..”

حسنا، عظيم. الآن هو يجرني معه أيضًا.

 

 

دفعت مقعدي إلى الوراء، وقفت وخرجت من البار.

ربتُّ على مؤخرة رأس باول عدة مرات. لفترة من الوقت، بكينا نحن الاثنين معا.

“.NOPE” أعلن غيز بثقة. “أنت لن تنجح. لا فرصة. حتى لو ذهبت إلى هناك الآن، ما زلت لن تنجو بمفردك.”

 

 

وهكذا، لأول مرة منذ خمس سنوات، تم لم شملي أخيرًا مع والدي.

 

لماذا أتحدث مثل الروبوت؟ كل ما قلته الآن خرج بصوت بدا لي غريبًا. شعرت تقريبا وكأنني متوتر. ولكن لماذا سأكون؟ لقد غفرت لباول، وقد غفر لي. بالتأكيد الأمور ليست كما كانت من قبل، لكن هذه حالة طارئة، صحيح؟ يتوتر الجميع في حالات الطوارئ. بالتأكيد. هذا منطقي.

لقد مرت ست سنوات منذ ذلك الحين. باول الآن في الثلاثين من عمره. لا يزال أصغر سنا مما كنت عليه في حياتي السابقة، وقد أنجز بالفعل أكثر مما أنجزته أبدًا. عندما تشاجرت مع صديقي، لم أحاول حتى تصحيح الأمور. بل وجدت فقط طرقا لإقناع نفسي بأن كل ذلك خطأه. بالمقارنة معي، باول يبذل جهدا أفضل بكثير.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط