نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

ري زيرو: بدء الحياة في عالم أخر من الصفر 6.3

الفصل 3 - عويل الحوت الأبيض

الفصل 3 - عويل الحوت الأبيض

الفصل الثالث
عويل الحوت الأبيض


أدّت التوصية التي قدمتها أناستازيا إلى حصول سوبارو على أكبر عربة تنين قد رآها حتى الآن.
كان يجر هذه العربة تنين الأرض المعروف بقوة أرجله الخلفية كبيرة الحجم. مما يجعل الأرض ترجف أثناء جريه عبر السهول العشبية.
“العربة سريعة بمثل ضخامتها … مدهش، ولكن هل يمكنك التقليل من ركل كل هذا الغبار أثناء الركض؟”
كان الغبار المتطاير يغطي مجال رؤيته بالكامل، مما جعل سوبارو يطيل يضغط بعينيه
“يبدو أن هذا التنين يجر عادة عربات شحن لذلك لا يهتم براحة الركاب أو هدوء خطواته بما أنه معتاد على السفر السريع … “
“آخر تنين متوفر، ويركض بسرعة لذلك لا مجال للتذمر، لا يمكن للمتسولين أن يكونوا انتقائيين، لكن … هذا لا تزال رحلة قاسية نوعًا ما “.
لحسن الحظ، بفضل نعمة تنين الأرض – قوة خاصة تنتمي إلى أفراد أو أنواع معينة في هذا العالم – لم يؤثر الغبار عليهم بشكل مباشر، على الرغم من ذلك فلقد انزعج سوبارو من صعوبة الرؤية.
انتهى الأمر بسوبارو وهو ينظر إلى السماء، على أمل حدوث أي تغيير.
تدفقت الغيوم في السماء حيث غيرت الشمس زاويتها تدريجيًا. كانت هذه التغيرات تعني مرور الوقت ومعه احترق قلب سوبارو شيئًا فشيئًا.
-بالتأكيد تحركاتهم وخطواتهم أسرع مما حدث خلال التكرارات السابقة لهذه الدورة (حلقة التكرار).
هذه المرة، لم يتمكنوا من اكتساب أي تعزيزات، لكن المغادرة بعربة تنين في اليوم الثاني فقط، كان أفضلية عن المرات السابقة.
سيكونون قادرين على عبور الطريق السريع خلال نصف يوم، والوصول إلى القصر في فجر اليوم الثالث.
كانوا سيكسبون أكثر من نصف يوم مقارنة بالمرة الأولى – بالتأكيد سيملكون ما يكفي من الوقت لإخراج إيميليا والآخرين من القصر والهروب من طائفة الساحرة.
“المشكلة هي … إمكانية مواجهة طائفة الساحرة خلال المرور بالطريق مثل المرة السابقة.”
وفقًا لذكرياته المبهمة عن المرة الثانية، كان داخل كهف عندما استعاد وعيه.
إذا كان في طريق عودته إلى القصر مثل المرة السابقة، فمن الممكن أن يحدث نفس الشيء هذه المرة أيضًا.
عندما فكر في كيفية مقتل ريم، وكيف أمضى تقريبا يومًا كاملا في جرها قبل مغادرتهم للكهف: “هذا يعني أنهم تسللوا إلى المنطقة خارج القصر قبل أيام.”
لكنه لم يكن يعرف بالضبط في أي يوم كان ذلك.
ستقع المأساة في صباح اليوم الخامس.
في المرة الثانية بعد استنتاج سوبارو أنه استغرق يومًا بكامله للخروج من الكهف أدرك أن مواجهته مع طائفة الساحرة حدثت بين اليوم الثالث والرابع.
“بعبارة أخرى، حتى لو وصلنا صباح الغد، فإن هذا لا يعني أننا لن نصطدم بهم …!”
عدم معرفته بما يمكن توقعه نظرًا لقلة المعلومات جعله يطحن أسنانه بقوة بما يكفي لتسرب الدم إلى فمه.
نظر سوبارو إلى الجانب تجاه ريم، والتي كانت تركز على قيادة العربة.
مرة أخرى، إذا واجهوا طائفة الساحرة، فلن يكون أمامه خيار سوى الاعتماد على ريم.
كان سوبارو قد فكر في أن يوضح لها مسبقًا أنهم قد يواجهون طائفة الساحرة، ولكن عندما حاول نطق الكلمات، أدرك أن صوته ببساطة لم يخرج.
لم يكن الخوف من العقوبة التي ستلحق به بسبب إفشائه للمعلومات التي اكتسبها عن طريق العودة للحياة بعد الموت.
طبعًا كان خائفًا من ذلك الألم. لا يمكن لأي شخص عاقل أن يتحمل معاناة هذا الضغط على القلب. لم يكن يريد حتى التفكير في تذوق هذا العذاب مرة أخرى.
لكن هذا الألم لم يكن السبب وراء تردد سوبارو في الحديث عن طائفة الساحرة. كان لديه سبب آخر، سبب لم يستطع الهروب منه.
– هل ستصدق ريم حقًا ما يقوله لها سوبارو؟
“-!”
مجرد التفكير في هذا الأمر سبب قشعريرة خللا عموده الفقري. كان غير قادر على تحمل ذلك، قام فقط بعناق كتفيه بصمت.
تسارعت ضربات قلبه إلى درجة غبية. والرغبة في التقيؤ استولت على أحشائه.
لقد منعه التوتر الناجم عن وضعه المتأزم من الحصول على أي راحة أو نوم.
كان التعب الجسدي ينهش عقله وجسده على حد سواء.
في تلك اللحظة، كانت ريم هي أشد من يمكن أن يثق به في العالم بأسره.
حتى إيميليا قد ألقته جانبا.
بعد أن رفضته كلٌ من كروش وبريسكيلا وأناستازيا واحدةً تلو الأخرى، سقط سوبارو في الريبة، وملأه الشك في أي شيء وكل شيء.
في تلك اللحظة، كانت ريم هي كل ما يملكه سوبارو.
كانت ريم هي الشخص الوحيد الذي يمكن أن يقول عنه ’ حليف غير قابل للشك’، لقد كانت شخصًا يمكنه أن يضع كل ثقته فيه بلا تردد.
إذا كشف لها أشياء عن طائفة الساحرة، وأصبح بعدها وجهها مليئًا بالريبة، فماذا ستفعل به؟ لقد أخاف ذلك سوبارو حتى من التفكير في الأمر.
“هذا ليس وقت التردد …!”
كان التنهد والتنفس بقوة هو الشيء الوحيد الذي يمكنه فعله للتخلص من مشاعره الجبانة.
غرق صوت تنفسه وسط الضوضاء التي سببها تنين الأرض الراكض فلم يُسمع تنهده إلا من طرفه.
تملكه الخوف، الآن وبعد أن تذكر احتمالية مواجهة طائفة الساحرة، لم يكن صمته إلا خيانة لريم.
بعد كل شيء، قد فقد حياته سلفًا والآن هاد لتحقيق النهاية السعيدة المنشودة.
“-ريم… أريد أن أتحدث إليك بشأن -”
“سوبارو – هناك مجموعة من الناس على الطريق أمامنا.”
“إيه؟”
بينما كانت ريم تنظر للطريق أمامهم، فقد تابع سوبارو نظرتها ليرى عددًا من الصور الظلية تحوم في سحابة من الغبار.
لقد فوجئ بشدة، هل كانت طائفة الساحرة تعد لهم كمينًا؟
على الرغم من أن سوبارو قد فقد صوته بسبب المفاجأة من الأحداث، إلا أن ملامح إحدى الصور الظلية الغامضة أصبحت أكثر وضوحًا تدريجيًا، وأصبحت في النهاية شخصية واضحة المعالم.
وقف هذا خيال في منتصف الطريق، يلوح بذراعيه وينادي بصوت عالٍ لـ يوقف عربة التنين.
“هاااااااااي! هل يمكنك إيقاف عربتك حتى نتمكن من تبادل المعلومات؟! “
كان هذا الرجل ذو الوجه الرقيق والشعر الرمادي أوتو سوين، تاجر متجول.

في البداية، نظر التجار إلى بعضهم البعض وضحكوا على “عرض العمل” الذي قدمه سوبارو. ولكن عندما شعرت ريم بما كان يدور في خلد سوبارو، رفعت محفظتها وأظهرت للجميع مقدار العملات بداخلها، تغيرت تعابير جميع الرجال الذين ظنوا أنها مزحة في لحظة. بعد ذلك، عمل أوتو كزعيم عصابة وجند أولئك الراغبين في المشاركة. نتيجة لذلك، قرر عشرة من التجار المسافرين الأربعة عشر في الذهاب معهم. كانت بداية المحادثة صعبة، لكن تقسيم الأرباح الذي اقترحه أوتو حل المشكلة بدقة. “سوف يعهد الجميع بحمولتهم إلى الأربعة الذين لديهم أكبر عربات تنين. وسيتم توزيع صافي عائدات المبيعات المشتركة في العاصمة الملكية في وقت لاحق. ستعوض أرباح المبيعات تكلفة الشحن لمرافقة السيد ناتسكي “. كل ذلك كان بفضل مهارة أوتو في إرساء التوافق بين الجميع – لا شك أن ذلك كان تأثير يأسه عندما واجه فرصة العمر – تم التصويت له بالإجماع لتمثيل المجموعة. عندما رأى أن سوبارو كان قلقًا بشأن وقت مغادرتهم بينما كان يشاهد الباعة المتجولين وهم ينقلون حمولتهم، سأله أوتو، “يسعدني أنك تشتري الزيت الخاص بي، ولكن ما الذي تنوي فعله بكل عربات التنين هذه؟ “ لمس سوبارو ذقنه وهو يفكر في السؤال. “نحن في طريقنا إلى اقليم مايزرس. تصادف أنني خادم يعمل لصالح ماركيز ميزرس ، كما ترى “. “أنا على علم به. ماركيز روزوال إل.مايزرس، إنه معروف “بميله” إلى أنصاف البشر. يقولون إنه غريب الأطوار، حتى بمعايير نبلاء لوغونيكا “. لو سمعت “رام” هذا التقييم، لكانت بلا شك غاضبة. غرقت أكتاف سوبارو عندما سمع وصف أوتو. “حسنًا، لا أحد ينكر ذلك. إنها الحقيقة أنه أشبه ما يكون بـ منحرف “. “لكنه صاحب عملك؟ حسنًا، لقد قلت ذلك لأنني توقعت ردًا من هذا النوع. على الرغم من أنني يجب أن أعترف أنك لا تبدو كخادم لسيد نبيل، سيد ناتسكي “. “ما زلت في فترة التدريب. أنا فقط نجحت في الخياطة وترتيب الأسرة حتى الآن “. “في كلتا الحالتين، سأثق في قصتك حول خدمة الماركيز … لكن لماذا ستستأجر كل عربات التنين هذه؟ بالتأكيد الماركيز يستطيع تحمل كلفة عرباته الخاصة؟ “ كان التحقيق الذي طرحه أوتو دليلًا على أنه يشك في نية سوبارو الحقيقية. “كما قلت، نحن بحاجة إلى مجموعة من عربات التنين. لدينا الكثير لنحمله لذلك من الأفضل أن تكون معنا عربات فارغة قدر الإمكان. في حالتك، هذا يعني الاضطرار إلى شراء كل الزيت خاصتك “. “وأنا ممتن جدا لذلك. ما هي البضاعة التي تنوي نقلها إذن؟ “ من أسئلة أوتو المتكررة، يبدو أنه لا يشك في أهداف سوبارو. وبدا أنه يضغط عليه بدافع القلق البسيط من أن الشحنة التي سيتم نقلها قد تكون خطيرة. “-” لم تكن هناك حاجة لإخفاء الأمر بالكذب. لم يستطع أن يدع هذا الحديث يثير الشك داخله ويؤدي إلى إلغاء الصفقة. “نحن سننقل … الناس.” “لا تقل لي أننا سنشارك في تجارة العبيد ؟!” “لن نفعل شيء مشبوها من هذا القبيل. توجد قرية بالقرب من قصر الماركيز. إنها مستوطنة صغيرة، والقرويون مجتمعون لا يبلغ عددهم حتى المائة. أريد أن أحمل هؤلاء الأشخاص على متن العربات وأخرجهم منها “. – وميض الإلهام هذا هو السبب في أن سوبارو استأجر أوتو والآخرين. يمكن أن تجري عربة التنين الكبيرة للشحن التجاري التي كان سوبارو وريم يستخدمونها مع أكثر من عشرة أشخاص على متنها. بعد جمع جميع العربات من مثيلتها، اعتقد سوبارو أنه يمكنهم إخلاء كل قروي حتى آخرهم. “لا تخبرني أن الحمولة هي جثث!!، إذا كان الأمر كذلك، سأضطر إلى إلغاء الصفقة مع أسفي الشديد… “ “… أريدك أن تخرجهم من هناك حتى لا يتحقق مثل ذلك الافتراض.” بسبب توقه إلى لم شمله مع إيميليا، نسي سوبارو القرويين. لقد كان منزعجًا من عدم اهتمامه بهم، لكن مصادفة أوتو والآخرين كان بمثابة ضربة كبيرة جدًا من الحظ الجيد. سواء كان ذلك من قبيل الصدفة أو القدر، فقد كان سوبارو محظوظا لأن يكون في الجانب المحظوظ لمرة واحدة. “في الواقع، نحن نخطط للقيام بحملة صيد على نطاق واسع في الجبال في المنطقة المحيطة بقصر الماركيز في المستقبل القريب.” “حملة صيد؟” “كانت هناك مجموعة من الوحوش الشيطانية تتكاثر في البرية حول القصر في طريق العودة. عزلت الحواجز الناس عن الوحوش الشيطانية حتى الآن، لكن … منذ وقت ليس ببعيد، أصابت تلك الوحوش بعض الناس في القرية “. “و “حملة الصيد” هذه هي نتيجة لذلك؟ لكن…” لم يستطع أوتو أن يتفهم الأمر تمامًا. يبدو أنه كان يواجه مشكلة في تصديق شيء ما في تفسير سوبارو. ظل سوبارو صامتًا وهو يرفع كم ذراعه الأيمن، ويظهر له الندوب القاسية التي تركتها الوحوش عليه. أخذ أوتو نفساً صغيراً وحاداً عندما رأى الجروح العميقة للمخالب والأنياب. تم نحت الكثير منها في جسم سوبارو والتي لن تتلاشى أبدًا. “بحسن نيته، أرسلني الماركيز إلى العاصمة الملكية لكي أتعافى. الآن بعد أن تعافيت جزئيًا ولم أعد على مقربة من الموت، أنا في طريق عودتي “. “أنا – أرى … إيه، ولكن لماذا تشتري عربات تنين على طول الطريق السريع دون أن يكون الماركيز هو البادئ في هذه المبادرة …؟” “قرر الماركيز بدء الحملة على الفور قبل أن يبدأ نقل السكان. لهذا السبب أريد التأكد من أن كل شيء على ما يرام ودون أخطاء. ليس الأمر كما لو أنني لا أثق في حكم سيدي، لكن لدي خبرة سابقة في هذا الأمر “. عندما قدم سوبارو هذا البيان المتواضع أصدر أوتو صوتًا صغيرًا من التنهد وغرق في التفكير. “فهمت. آسف للتنقيب في الأشياء التي لم ترغب في التحدث عنها. سأشرح هذا الأمر للآخرين دون أن أذكر الندوب “. ظهر تعبير مؤلم على وجه أوتو اللطيف بينما أظهر احترامًا لسوبارو. لا شك أنه ندم عن غير قصد على ذكر صدمة سوبارو السابقة. اعتقد سوبارو أن هذا التغيير المفاجئ في سلوك أوتو، والتحول من الأفكار المتعلقة بالتجارة إلى مجرد القلق بشأن شريكه في العمل، أظهر أن أوتو كان رقيق القلب. “لا تقلق بشأني. من فضلك اشرح ذلك الأمر للجميع بشكل مباشر حتى لا يفكر أحد بأي شكوك غريبة “. “حسنًا، سأفعل ذلك إذا أصررت، على الرغم من أنني لست مقتنعًا بذلك حقًا.” ابتسم أوتو معتذرًا بسبب استخفافه سابقًا بأسباب سوبارو. اعتقد سوبارو أنه كان شريرًا لأنه استمر في صنع الأعذار داخله. – إنه لم يكن كذبا حقًا؛ فقط لم أقل الحقيقة كاملة.

2

“آه، أنا سعيد جدًا. في هذه الأيام، يتجه معظم الناس إلى العاصمة الملكية، ولا يخرج منها سوى عدد قليل ثمين. لذلك اعتقد أنني سأسألك بضعة أمور إن أمكن “.
مع توقف عربة التنين، جاء أوتو لتحية ريم وسوبارو بمصافحة وابتسامة أثناء حديثه.
لم يبدو مخمورا لا من نبيذ ولا من أحزان العالم. (يقصد أنه شخص مبتهج لا يبدو أنه واجه حزنًا من قبل) أوتو البائع المتجول بدى مفعما بالحياة.
عادت الذكرى التي نسيها لـ أوتو وهو يحاول يائسًا لإيقافه في المرة الأولى. حاول سوبارو التخلص من الطعم المر لها أثناء إلقاء نظرة على الأشخاص الذين يقفون وراء أوتو.
“هل كل فرد في هذه المجموعة بأكملها تاجر متجول؟”
“في الواقع هم كذلك، نحن متجهون إلى العاصمة وفي قلوبنا التوق إلى تحقيق الأرباح “.
رد أوتو على سؤال سوبارو بابتسامة لطيفة ودودة.
كانت هناك عربات تنانين مختلفة متوقفة على جانب الطريق، وكان الرجال، والذي من المفترض أنهم أصحاب العربات، قد اجتمعوا معًا. كان هناك أكثر من عشرة منهم، من الشباب إلى الرجال في الأربعينيات من العمر.
بالحكم على أن أوتو وسوبارو وريم قد اختتموا مجاملاتهم، اجتمعوا حول الأخيرين، وقدموا أنفسهم عندها بدأوا في تحديد موضوع المحادثة.
كان محتوى المحادثات في الغالب عن الوضع الحالي في العاصمة الملكية والتغيرات التي طرأت عليها. علاوة على ذلك، تحدث التجار بشكل أساسي عن أشياء مثل الاتجاهات في أسعار العملات المعدنية والجو في السوق.
بصراحة، كل دقيقة تضيع في هذا الهراء كانت ثمينة.
الآن بعد أن تأكد أن أوتو آمن، كان سوبارو ليسر لو تغاضى عن هذه المحادثة (الغير مفيدة) وغادر، لكن…
“ستغادر الآن …؟ أليس هذا خطيرا؟ لقد حل الليل بالفعل. نحن نخطط للتخييم هنا الليلة. يمكنك البقاء معنا إذا أردت “.
تمامًا كما قال أوتو، كانت الشمس تغرق بالفعل في الغرب، مع تسلل الليل على الطريق السريع. قريباً سيغرق طريق ليفاس السريع في الظلام. سيكون لديهم فقط ضوء المصباح البلوري السحري والنجوم للاعتماد عليها.
كان التجار قد بدأوا بالفعل في الاستعداد للتخييم، حيث أشعلوا نيرانًا باهرة في وسط المخيم، مع هذا العدد الكبير من الناس، حتى الوحوش البرية وقطاع الطرق لا يمكنهم فعل الكثير.
ولكن حتى الوقت الذي يمكن قضاؤه في أمان كان وقتًا لا يستطيع سوبارو تضييعه.
“أوتو. أنت تحاول فقط بيع بعض هذا الزيت الذي اشتريته في الوقت الخطأ، أليس كذلك؟ لا ترسم هذا الوجه اللطيف أمامي! “
رفض سوبارو الدعوة، وبدأت مجموعة من الأصوات تمازح أوتو، وانتشر الضحك الصاخب عبر المجموعة.
أوتو، بعد هذه النكتة، قام بملامسة شفتيه وجعل وجهه حزينًا.
“هذا ليس دافعي على الإطلاق. إنني أتكلم من منطلق النية الحسنة البحتة. حسنًا … ستحتاج بالتأكيد إلى طعام وفوانيس. على الرغم من أنني أستطيع منحك ذلك… أمم، إذا كان بإمكاني دفعكم لشراء القليل من الزيت، فإنني أرغب في ذلك كثيرًا “.
عندها أخفض أوتو كتفيه وأعرب عن حزنه الواضح، سألت ريم، “ما أمر هذا الزيت؟”
“أوه، لقد انتهى بي الأمر متحصلا على بضاعة من صفقة ظننتها رابحة. في الوقت الحاضر، البضائع التي أحملها هي كمية كبيرة إلى حد ما من الزيت. كنت أريد تداوله في سوق العاصمة مقابل مبلغ كبير من المال، ولكن الآن، حياتي تعتمد على هذا الزيت (يقصد أنه أنفق كل ما يملك لشراء الزيت)، ويجب أن أخفف من الخسارة قدر الإمكان … “
كان واضحًا من تعبيره أنه كان يبحث عن التعاطف مع محنته … ومشتري لـزيته. لا شك أن ريم فهمت هذا جيدًا.
ورغم تعاطفها معه، فإنها لن تقدم له شيئًا غير التعازي الروتيني.
“لا أعرف ما إذا كنت سأتمكن من بيع كل هذا الزيت حتى لو ذهبت إلى العاصمة الملكية. إذا بعته بسعر التراب، فسأفلس – سأصير مفلسا! “
كرر كلماته للتأكيد على فداحة مصيبته، لقد فتح الباب على مصراعيه لأي شخص كريم يرغب في أخذ وإزالة كل هذه الحمولة من بين يديه.
على الرغم من أن هذا الرجل قد ساعده خلال المرة الأولى، إلا أنه كان على وجه التحديد سبب سعي سوبارو لتجنب التورط بعمق معه الآن.
يمكنه أن يتمنى من أجل نجاح مساعي أوتو، ولكن عند هذه النقطة الحاسمة، كانت تحقيق أهدافهم هو الأولوية الآن.
للوصول إلى اقليم مايزرس في أقرب وقت ممكن، لم يتمكنوا من تجنب السير في الطريق السريع في الليل.
ولكن بمجرد أن كان سوبارو على وشك أن يقول وداعًا له، أدرك فجأة شيئًا ما.
إذا لم تكن الثقة بالنفس كافية لتنفيذ خططه، فربما يجب عليه تحقيقها بالمال…
“أوتو، هناك شيء ما … لا، لدي عرض عمل.”
انفتحت عينا أوتو عند رؤيته التعبير على وجه سوبارو وتغير الهواء من حوله.
ربما شعر من صوت سوبارو أنه لم يكن يمزح، لذلك فقد اتخذ على الفور موقف التاجر.
“إذا كان الأمر يتعلق بالأعمال التجارية، فسأستمع إلى أي شيء تريد قوله. عزيزي الزبون كيف يمكنني أن أكون في خدمتك؟ “
“سأشتري كل قطرة زيت توجد في عربة التنين الخاصة بك. في مقابل ذلك ، ساعدني “.
أشار سوبارو إلى تنين أوتو البري، الذي يتذكره، ثم فتح ذراعيه على مصراعيه، صارخًا بصوت عالٍ بما يكفي لجميع التجار لسماعه.
“كل تاجر لديه تنين أرض هنا … إذا كانت خدماتك معروضة للبيع، إذا دعني أشتري كل ما لديك!”
3

غرق سوبارو في عاصفة من الرياح القوية، وشعر وكأنه قد صُعق. “-!” ضربت العاصفة جسد سوبارو، لقد كان معرضًا لخطر الانقلاب من مقعد السائق تمامًا. مد يده على الفور، لكن أصابعه لم تجد شيئًا ليمسك به؛ طار جسد سوبارو مباشرة للأمام، مندفعًا نحو الظلام – أو كان من الممكن أن يحدث ذلك لو أنها تأخرت لحظة واحدة فقط! “سوبارو !!” أمسكت ياقته من الخلف وسحبته بقوة إلى العربة. جعله الألم المتصاعد من ارتطامه بالمقعد يرى النجوم؛ وسطهم، رأى ريم، وهي تمسكه بيد وتمسك باللجام بيدها الأخرى. كان فم ريم مفتوحًا وتخلت عن تعبيرها المحايد المعتاد، كانت تعوي بشدة. أصبحت صيحاتها ترنيمة. تجمعت المانا وفقًا لإرادتها وكذلك السحر محولة العالم من حولهم لصناعة رماح جليدية فاقت سوبارو طولا. في غمضة عين، تشكلت ثلاثة رماح جليدية في الجو، وانطلقت مثل الأسهم بقوة لا تصدق، اندفعت الرماح الجليدية في السماء، وحلت مصدرة صوت يشبه تحطيم الفولاذ للصخر وهكذا الظلام أمامهم تحطم. “أوه، واه ؟!” في اللحظة التالية، تم الإمساك بسوبارو من رقبته مرة أخرى وتم رفعه عاليا على الفور. وبينما كان يطفو لأعلى بعيدًا عن مقعد السائق، رأى عربة التنين تحته. استمر تنين الأرض، الذي لم يدرك أن ركابه قد اختفوا في الركض مسرعا على طول الطريق السريع بكل قوته. في اللحظة التالية، أدت ضربة من الجانب إلى تحويل عربة التنين إلى شظايا، كذلك التنين لم يسلم من ذلك المصير. كانت العربة غير المزخرفة لنقل البضائع التجارية ممزقة مثل الورق؛ انفجر الحيوان الضخم، الذي ارتطم بالأرض، وتحول إلى لطخة من الدم والأمعاء وشظايا من اللحم على الطريق السريع. كان عقل سوبارو فارغًا من المشهد غير الواقعي أمامه. “اليسار-!!” ظن أنه سمع صراخًا بجانبه. بعد ثانية، سقط جسده على أرضية صلبة. الألم الخالص الذي كان يمر عبر كتفه ووركه أعاد عقله إلى الواقع. ومع ذلك، فإن الضربات التي تعرض لها واحدة تلو الأخرى لم تعطه فرصة لرفع رأسه. انعطفت عربة التنين التي كان يركبها انعطافا حادًا بشكل مفاجئ، وقذفت قوة الطرد المركزي سوبارو إلى الجانب. الآن كان الحبل الملفوف حول أصابعه هو الشيء الوحيد الذي يمنعه من أن يقذف بعيدا. التفت سوبارو من حوله، ثم أدرك أنه قفز على عربة تنين أوتو. قام سوبارو بلف الحبل حول معصمه، وحاول النهوض وسط الاهتزازات. “لا، سوبارو، لا يجب عليك الوقوف! التزم بمكانك. بدون نعمة تنين الأرض، من الخطر عليك وعلى ريم الوقوف! “ عندما نظر حوله، كانت ريم قد اخترقت الأرض بذراعها الأيمن لدعم نفسها. كان من الصعب عليها أن تحافظ على ثباتها أثناء تأرجح العربة حتى مع قدراتها الجسدية. بدون نعمة تنين الأرض وعزلها للرياح، تعرض جسد سوبارو بلا رحمة للرياح العاتية. لقد شعر بالدوار. لم يستطع حتى محاولة النهوض. كانت ريم قد أمسكت سوبارو وقفزت من عربة التنين الخاصة بهم إلى عربة أوتو. إذا اتخذت هذا القرار بعد ثانية واحدة، لتشاركت هي وسوبارو نفس مصير العربة المسحوقة. “ماذا حدث؟! ماذا يحدث هنا بحق الجحيم؟! “ حدث التغيير الهائل المدمر في عدة ثوان. لم يستطع سوبارو حتى استيعاب تسلسل الأحداث. “ألا تفهم ما يحدث ؟!” رد أوتو على سؤال سوبارو في صرخة مرتعبة. عندما نظر أوتو إلى الوراء، كان وجهه أبيض كالشبح، وأسنانه تصطك وهو يشير إلى السماء. “ظهر الضباب! والشيء العملاق الذي يسبح في السماء يمكن أن يكون شيئًا واحدًا فقط! “ كان الأمر كما لو أن أوتو كان يقنع نفسه لأنه رفض قبول الواقع. لقد هز رأسه على مضض، ومتشنجًا من الخوف وهو يزفر الهواء من رئتيه وصاح بكل قوته: “- انه الحوت الأبيض !!” كما لو كان يستجيب لصرخة أوتو، هز زئير الحوت الأبيض الهواء، وصدى صوته عبر السهول. – الحوت الأبيض. عرف سوبارو أنه سمع الاسم خلال دورته الأولى، كان اسم الوحش الذي يكتنفه الضباب والذي أغلق الطريق السريع. مع إغلاق الطريق السريع بسبب هذا المخلوق، كان عليهم أن يسلكوا منعطفًا كبيرًا للعودة إلى القصر. كان من المناسب القول إنه كان السبب الرئيسي في عدم عودته قبل هجوم طائفة الساحرة. ولكن حتى تلك اللحظة، لم يضع سوبارو عينه على الوحش نفسه. علاوة على ذلك، نسي سوبارو وجوده. لم يستطع إنكار أنه كان ساذجًا للغاية. أي أن… “كيف يمكن لهذا المخلوق أن يظهر فجأة الآن ؟!” عرف سوبارو أن الطريق السريع سيكون مغلقًا كلما ظهر الحوت الأبيض. في المرة الأولى، حدث الحظر في اليوم الثالث من رحلة سوبارو وريم للعودة بسبب ظهور ضباب الحوت الأبيض على الطريق. كانوا الآن في ليلة اليوم الثاني – ولا شك أن العاصمة الملكية سيتم إبلاغها بظهور الضباب في الصباح، والطريق السريع سيكون مغلقًا خلال ذلك اليوم. كانت تلك هي الليلة الوحيدة التي لم يدركوا وجود الحوت الأبيض فيها، لقد قتحموا حدود الخطر. “لتعتقد أننا … سنصادف الحوت الأبيض … أيها التنين، أيها التنين، من فضلك أوصلنا بأمان…!” بعيون جوفاء، تذمر أوتو تمتم طلبا إلى التنين بحثًا عن الخلاص. بينما أوتو فقد إرادة القتال وبالأحرى روحه، رأى سوبارو بأم عينيه كيف أن وجود الحوت الأبيض مرادف للرعب المطلق بين التجار المتجولين. في المرة السابقة، أشار أوتو إلى أن الحوت الأبيض كان فألًا شريرًا بين جميع التجار. ارتجفت شفتي أوتو، وعقله في مكان آخر بينما كان يدير زمام العربة. تنين الأرض الذي شعر بوجود الحوت الأبيض في حالة من الرعب، واستنفد قوته المتبقية لركل الأرض ودفعهم إلى الأمام بسرعة لا يمكن تخيلها. غرق الحوت الأبيض في ظلام الليل، وجثته الضخمة اختفت عن العيان. “سحقًا … فقط عندما يطاردنا يظهر الضباب …!” عبس سوبارو وهو يشعر بقطرات من العرق الباردة على جبينه، مسحها براحة يده. مع وجود القليل من مصادر الضوء للرؤية، جعل ظهور الضباب الرؤية أمرًا مستحيلًا. نظر سوبارو جهة الخلف، الجانب، وما فوق، بحثًا عن أي أثر لشيء يشبه السمكة. “ريم! هل ترين الحوت الأبيض؟! “ “لا أستطيع؛ إن الأجواء مظلمة جدا! لكن…!” ردت ريم بمرارة على سؤال سوبارو، لكن لسبب ما، تراجعت ولم تكمل. كانت أنفاس ريم تصطدم في سوبارو، ولكن عندما حاول النظر إليها، كان كل ما يمكن أن يراه في الضباب العميق عبارة عن صورة ظلية؛ لم يستطع رؤية ما على وجهها. نما الضباب أكثر، لدرجة أنه لم يكن متأكدا من مكان وجود يديه. “-” عندما التقت نظرة سوبارو بنظرة الحوت الأبيض لأول مرة، كان محيط العين أكبر مما يمكن أن تصل إليه ذراعي سوبارو. إذا كانت العين العملاقة شيئًا بهذا الحجم، فيجب أن يكون الحوت الأبيض كبيرًا حقًا كما يوحي اسمه. لقد صدمه أن مثل هذا الوحش كان مختبئًا دون أي صوت أو علامة على وجوده، وكان قادرًا على السباحة بحرية في سماء الليل. لقد فقدوا الحوت الأبيض في الضباب العميق، وهي حقيقة أثارت رعبًا أكبر. “لكنني أعتقد أن هجومي قد أصابه … من الممكن أن يكون المخلوق قد تراجع.” كان هذا بالتأكيد خبرًا متفائلا للغاية. كانت قوة رمح الجليد التي اصطدم بالحوت من فعل ريم وتعويذها والتي كانت على قدم المساواة مع أقوى سحر قد رآه سوبارو حتى الآن. إذا كان هدفًا لذلك السحر في أي وقت، فسيكون ذلك كافيًا لقتله ثلاث مرات. ربما حتى مخلوق عملاق مثل هذا قد يتردد في ملاحقتهم بعد إصابته. “ماذا حدث لعربات التنين الأخرى ؟!” “يبدو أنهم تشتتوا وركضوا من أجل النجاة. إذا انفصلت وهربت فور وصول الضباب، فقد تتمكن من الهروب دون أن يطاردك الحوت الأبيض – إذا كنت محظوظًا “. لا شك أنه كان إجراءً نموذجيا (أساسيا) عند مواجهة الحوت الأبيض، كان ذلك منطقيًا. عربة التنين التي كانت تركض موازية لهم لم يتم العثور عليها في أي مكان. وبدا أن المركبات الأخرى التي كانت تتبعهم حتى تلك النقطة قد أطاعت تلك القاعدة غير المكتوبة وتناثرت في مهب الريح. – ضغط سوبارو على أسنانه لأنه فقد العربات التي كان يعمل بجد للحصول عليها. كان التوقيت كارثيًا. وقد تحطمت خطته لإجلاء جميع سكان القرية مرة أخرى. “لا جدوى من البكاء على الحليب المسكوب (أي لا جدوى من التحسر على الماضي). على أي حال، يجب أن أركز الآن على طريقة للخروج من هذا الضباب … “ ريثما ارتجت أعضائه الداخلية، دفع سوبارو جانبا جميع المخاوف الأخرى (حتى تمكنهم من الهروب). كان لديهم القليل من الأوراق للعبها للتعامل مع الأزمة الحالية. الآن بعد أن كانت عربة التنين الخاصة به غير متوفرة، كان بحاجة على الأقل لعربة أوتو للعودة إلى القصر. لهذا السبب، وفي الوقت الحالي، كان عليهم تجاوز ذلك الضباب الخطير – “- !!” فجوة الفم المبطنة بأسنان عملاقة طاحنة انفتحت على مصرعيها فجأة أمام أعينهم. أدى الصوت الشديد والرياح العاصفة من هديره المدوي إلى ترنح تنين الأرض. انشقت الأرض تحت أقدامه، وتعثرت أقدامه، رُفعت عجلات عربة التنين بينما مالت العربة إلى الجانب. تحطمت الرفوف المملوءة بجرار الزيت، وقذفت الحمولة خارجا؛ كان سوبارو يتمسك بحبله الخاص، لكنه لازال معرضا للسقوط. تشبث سوبارو بالعربة بشدة وهو يرى الفم الضخم المبطن بأسنان قذرة يتجه نحو الأسفل، في محاولة لابتلاع كل منهم. في تلك اللحظة، أدرك سوبارو حقًا مدى ضآلته. في تلك اللحظة بالذات، انغمسوا في ذلك اللقاء مع الحوت الأبيض في ضباب الليل العميق، كانوا في نهاية منضدة القمار والتي كانوا يراهنون عليها ببقائهم على قيد الحياة. “—روااااااه!” في اللحظة التي سمعوا فيها زئير الحوت القادم لابتلاع عربة التنين، سُمع هدير مدوّ تزامنا مع انطلاق شيء من على سطح العربة، لقد كانت ريم، قفزت كالرصاصة للأمام مباشرة محطمة الأرض خلال انطلاقها بينما تموج شعرها مع الرياح العاصفة انبثق قرن حاد من جبينها ريثما دخلت ريم طور الشيطاني (هيئة الأوني)، أرجحت ريم سلاحها الخاص، كرة ذات أشواك معلقة على طرف سلسلة حديدية (مورنينغ ستار-نجم الصباح). “- تجاوزها (هجمة الحوت) إلى اليسار!” “يسار، يسار، يسار، يسار، يسار!” ارتطمت الكرة الحديدية مباشرة مع الفك العلوي للحوت الأبيض، مرسلة سحابة من الدم شديد السواد مغلقة الفم الهائل المتثائب. ارتطم الفك السفلي بالأرض، ولكن مع ذلك، استمر الزخم في دفع الرأس العملاق إلى الأمام. سخّر أوتو كيانه بالكامل للسيطرة على تنين الأرض. ومع ذلك، فإن العربة التي كانت تقف خلف الحيوان الراكض لم تستطع الهروب تمامًا من الجسم العملاق؛ احتك الاثنان، وأطلقا صوتًا مثل صوت الاحتكاك بالصخور الصلبة. مع صرير ثقيل صاخب، فقدت العربة عجلة، وكذلك توازنها، وانقلبت على الفور. بطبيعة الحال، كان سوبارو، الذي كان فوقها، عاجزًا عن تجنب السقوط نحو الأرض في هذه العملية. – هل سأموت؟ قبل أن يؤدي عدم قدرته على الاستجابة إلى وفاته، التف ثعبان فضي حول صدر سوبارو (سلسلة حديدية). تم جر سوبارو بقوة من قبل هبوطه الحاد وسقط رأسه على مقعد السائق. “خذ هذا -!” بعد سحب سوبارو، حاملة سلاحها في يدها اليمنى، حطمت ريم المفصل الذي يربط مقصورة الأمتعة بمقعد السائق بيدها اليسرى الفارغة، ممسكة بحافة القسم المنفصل. وعلى الفور، قام التنين الأرضي الذي يسحب العربة بإخراج زئير مؤلم من الإجهاد حيث تمزقت أجزاء مركبة الشحن التجارية الكبيرة. حتى لو تدمر نصفها، فقد كانت العربة كبيرة الحجم تقريبًا مثل المقصورة الخشبية. أصابت العربة مباشرة بطن الحوت الأبيض. تراجع الحوت الأبيض وذيله يكسر الأرض والأشجار، ويركل سحبًا من الغبار. “تقدم للأمام- هل فهمت ذلك ؟!” حتى لو لم يكن أوتو يعرف ما حدث للتو، فقد لاحظ بالتأكيد حقيقة أن معظم العربة كان مفقودًا. كان صوته تشوبه المرارة وهو يبحث عن الأمل الذي يبرر هذه التضحية. جعله هدير الحوت يرتجف بينما حجب الضباب أشد كثافة الضوء. من الضغط الواقع عليهم من الخلف، شعر أوتو باليأس المطلق، وعرف أن الأمل قد تحطم. “ولماذا يأتي ورائنا فقط …؟ ألا توجد عربات أخرى؟! “ أطلق أوتو رثاءً وهو يلعن المحنة التي حلت به. وألقى باللوم على اللاعقلانية المطلقة التي جعلت العربات الثمانية الأخرى تُتجاهل أثناء مهاجمته. شعر سوبارو بنفس الطريقة، لكنه ابتلع شكواه عندما أطلق أوتو سلسلة من الشتائم. لقد شعر وكأنه كان يلقي نظرة فاحصة على حقيقة قبيحة – ضد طائفة الساحرة، كان هو والآخرون الذين أحضرهم سوبارو بمثابة بيادق أو قرابين، أو ربما دروع لحوم. “علاوة على ذلك، فإن لعن قدري لن يغير شيئًا …” استمر تهديد الحوت الأبيض في الضغط عليهم من الخلف، محلقا في السماء أسرع من تنين الأرض. على الرغم من أن تنين الأرض كان يجري بحمل خفيف الآن بعد أن تخلوا عن حمولتهم، إلا أنها كانت مجرد مسألة وقت قبل أن يطاردهم الحوت. “فكر، فكر، فكر. لا بد أن تكون هناك طريقة، شيء ما، شيء ما…! “ وضع سوبارو رأسه في العمل بشكل يائس، لكن لم تتبادر إلى ذهنه أي خطة لهجوم مضاد. مع الشعور بالإلحاح الذي يثقله وضباب الليل الكثيف لدرجة أنه لم يستطع رؤية قدميه، لم يستطع سوبارو العثور حتى على تلميح واحد قد يدلهم على مخرج من ورطتهم. ومع إهدار الوقت في الانتظار والتردد، أجبر القدر سوبارو على خيار صعب آخر. تم هز العربة بشدة. عندما تشبث سوبارو بالأرض، اقتربت منه ريم. كان يجب أن تتعرض للاهتزاز أيضًا، لكنها لم تبد منزعجة من ذلك لأنها كانت تقترب منه بثبات. “سوبارو. من فضلك أمسك هذا.” “ماذا أو ما؟! هل فكرتِ بشيء؟! الآن يمكننا أن نفعل شيئًا أب – “ اعتقادًا منه أن ريم ربما توصلت إلى خطة خارج الصندوق للهروب من الأزمة، رفع سوبارو رأسه ورآها وهي تدفع كيسًا إليه. من الوزن الثقيل، أدرك على الفور أنها كانت نقود السفر. ما فائدة المال في مثل هذا الوقت…؟ شعر بقشعريرة عميقة من عرض ريم، امتدت خدود سوبارو لتشكل ابتسامة بليدة . “-ريم…؟ أعلم أن هناك مهارة في رمي العملات لإفقاد الشخص توازنه، ولكن هذا فقط في الألعاب … “ “سوف أنزل من عربة التنين وأقوم بالهجوم المضاد. خلال ذلك الوقت، أرجوك اخرج من الضباب، سوبارو “. على الرغم من أن سوبارو حاول إنكار الواقع أمامه بالمزاح، إلا أن صلابة صوت ريم حطمت محاولاته. استدارت ريم، في مواجهة أوتو بدلا من سوبارو. “سيد أوتو. رجاءً اعتنِ بـ سوبارو. إنه قادر على دفع المؤلف الموعود- تخطى الضباب وأبلغ إقطاعية مايزرس عن ظهور الحوت الأبيض “. أجاب أوتو، بعد أن تعذر عليه سماع كلمات ريم. “مـ- مبلغ…؟ “ليس هناك وقت لذلك! في الوقت الحالي، حياتنا على المحك! “ على الرغم من احتجاجه، شعرت ريم بالارتياح لرؤيته يجعل تنين الأرض يركض مستميتا للعيش. ضمت شفتيها مشكلة ابتسامة لطيفة عندما نظرت إلى الخلف نحو سوبارو. “سوبارو من فضلك سامحني، أنا لست ذكية جدًا، لذا فهذه هي الخطة الوحيدة التي يمكنني التفكير فيها … “ “انتـ- انتظري ريم! قلتِ إننا يجب أن نبلغ عن ظهور الحوت الأبيض، أليس كذلك؟ لا تخبريني … أنك لا تخططين للعودة على قيد الحياة؟ “ حاول سوبارو بشدة أن يجعل ريم تعيد النظر في هذا القرار المأساوي الذي اتخذته. على الرغم من أن الظلمة التي حلت بهم استمرت في محو بقية العالم، لسبب ما، فإن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يراه بوضوح هو وجه ريم أمام عينيه. “لن أدعكِ تذهبين! لن أدعك! إذا كنتِ ستفعلين … إذا متِ أيضًا، فسوف …! “ بينما كانت ريم تقف أمامه، أسقط سوبارو كيس النقود بجانب قدميه، ووضع يديه على خصر ريم وجذبها إليه. لف ذراعيه حول جسدها الضئيل حتى لا تتمكن من الرحيل. إن أفلتها الآن كأنه يترك حياتها تنسل من بين يديه. كان عليه أن يوقف هذا المصير. هذا على الأقل – “آه …” مع احتدام العواطف داخلها، مما يكفي لجعل الدموع تنحصر في عينيها أطلقت ريم نفسًا دافئ وتقبلت عناقه. عندما نظرت إلى نفسها، مضمومة بين ذراعيّ سوبارو، أخفضت نظرها بابتسامة ساحرة على شفتيها، على ما يبدو كانت مفتونةً بصوته. “لقد ولدت بالتأكيد من أجل هذه اللحظة بالذات …” “ماذا تقولـ …؟” كان فمه مفتوحًا لكن لم يكن يستطيع تشكيل الكلمة ضرب شيء ما مؤخرة رقبة سوبارو، وبدا وكأن العالم كله قد انقلب رأسًا على عقب. مدت ريم يدها وكأنها تحتضن سوبارو لكن سددت ضربة خاطفة بكف يدها موجهة نحو خلفية رأسه، استنزفت قوة الضربة القوة من جسد سوبارو، وانهار جسده مستندا على ريم. “… م … ماذا فعلت …؟” لم يؤثر تأرجح عربة التنين على رؤيته فحسب، بل كان يبتلع وعيه المتلاشي أيضًا. تشبث سوبارو باستماتة بريم حيث أصبح من الصعب عليه حتى رفع رأسه عالياً. حدقت ريم بمودة في وجه سوبارو وهو يكافح. ثم أحضرت شفتيها بلطف إلى أذن سوبارو، لعلها تصل إلى آخر شظية من وعي سوبارو المتلاشي.

في البداية، نظر التجار إلى بعضهم البعض وضحكوا على “عرض العمل” الذي قدمه سوبارو. ولكن عندما شعرت ريم بما كان يدور في خلد سوبارو، رفعت محفظتها وأظهرت للجميع مقدار العملات بداخلها، تغيرت تعابير جميع الرجال الذين ظنوا أنها مزحة في لحظة.
بعد ذلك، عمل أوتو كزعيم عصابة وجند أولئك الراغبين في المشاركة.
نتيجة لذلك، قرر عشرة من التجار المسافرين الأربعة عشر في الذهاب معهم.
كانت بداية المحادثة صعبة، لكن تقسيم الأرباح الذي اقترحه أوتو حل المشكلة بدقة.
“سوف يعهد الجميع بحمولتهم إلى الأربعة الذين لديهم أكبر عربات تنين. وسيتم توزيع صافي عائدات المبيعات المشتركة في العاصمة الملكية في وقت لاحق. ستعوض أرباح المبيعات تكلفة الشحن لمرافقة السيد ناتسكي “.
كل ذلك كان بفضل مهارة أوتو في إرساء التوافق بين الجميع – لا شك أن ذلك كان تأثير يأسه عندما واجه فرصة العمر – تم التصويت له بالإجماع لتمثيل المجموعة.
عندما رأى أن سوبارو كان قلقًا بشأن وقت مغادرتهم بينما كان يشاهد الباعة المتجولين وهم ينقلون حمولتهم، سأله أوتو، “يسعدني أنك تشتري الزيت الخاص بي، ولكن ما الذي تنوي فعله بكل عربات التنين هذه؟ “
لمس سوبارو ذقنه وهو يفكر في السؤال.
“نحن في طريقنا إلى اقليم مايزرس. تصادف أنني خادم يعمل لصالح ماركيز ميزرس ، كما ترى “.
“أنا على علم به. ماركيز روزوال إل.مايزرس، إنه معروف “بميله” إلى أنصاف البشر. يقولون إنه غريب الأطوار، حتى بمعايير نبلاء لوغونيكا “.
لو سمعت “رام” هذا التقييم، لكانت بلا شك غاضبة. غرقت أكتاف سوبارو عندما سمع وصف أوتو.
“حسنًا، لا أحد ينكر ذلك. إنها الحقيقة أنه أشبه ما يكون بـ منحرف “.
“لكنه صاحب عملك؟ حسنًا، لقد قلت ذلك لأنني توقعت ردًا من هذا النوع. على الرغم من أنني يجب أن أعترف أنك لا تبدو كخادم لسيد نبيل، سيد ناتسكي “.
“ما زلت في فترة التدريب. أنا فقط نجحت في الخياطة وترتيب الأسرة حتى الآن “.
“في كلتا الحالتين، سأثق في قصتك حول خدمة الماركيز … لكن لماذا ستستأجر كل عربات التنين هذه؟ بالتأكيد الماركيز يستطيع تحمل كلفة عرباته الخاصة؟ “
كان التحقيق الذي طرحه أوتو دليلًا على أنه يشك في نية سوبارو الحقيقية.
“كما قلت، نحن بحاجة إلى مجموعة من عربات التنين. لدينا الكثير لنحمله لذلك من الأفضل أن تكون معنا عربات فارغة قدر الإمكان. في حالتك، هذا يعني الاضطرار إلى شراء كل الزيت خاصتك “.
“وأنا ممتن جدا لذلك. ما هي البضاعة التي تنوي نقلها إذن؟ “
من أسئلة أوتو المتكررة، يبدو أنه لا يشك في أهداف سوبارو. وبدا أنه يضغط عليه بدافع القلق البسيط من أن الشحنة التي سيتم نقلها قد تكون خطيرة.
“-”
لم تكن هناك حاجة لإخفاء الأمر بالكذب. لم يستطع أن يدع هذا الحديث يثير الشك داخله ويؤدي إلى إلغاء الصفقة.
“نحن سننقل … الناس.”
“لا تقل لي أننا سنشارك في تجارة العبيد ؟!”
“لن نفعل شيء مشبوها من هذا القبيل. توجد قرية بالقرب من قصر الماركيز. إنها مستوطنة صغيرة، والقرويون مجتمعون لا يبلغ عددهم حتى المائة. أريد أن أحمل هؤلاء الأشخاص على متن العربات وأخرجهم منها “.
– وميض الإلهام هذا هو السبب في أن سوبارو استأجر أوتو والآخرين.
يمكن أن تجري عربة التنين الكبيرة للشحن التجاري التي كان سوبارو وريم يستخدمونها مع أكثر من عشرة أشخاص على متنها. بعد جمع جميع العربات من مثيلتها، اعتقد سوبارو أنه يمكنهم إخلاء كل قروي حتى آخرهم.
“لا تخبرني أن الحمولة هي جثث!!، إذا كان الأمر كذلك، سأضطر إلى إلغاء الصفقة مع أسفي الشديد… “
“… أريدك أن تخرجهم من هناك حتى لا يتحقق مثل ذلك الافتراض.”
بسبب توقه إلى لم شمله مع إيميليا، نسي سوبارو القرويين.
لقد كان منزعجًا من عدم اهتمامه بهم، لكن مصادفة أوتو والآخرين كان بمثابة ضربة كبيرة جدًا من الحظ الجيد. سواء كان ذلك من قبيل الصدفة أو القدر، فقد كان سوبارو محظوظا لأن يكون في الجانب المحظوظ لمرة واحدة.
“في الواقع، نحن نخطط للقيام بحملة صيد على نطاق واسع في الجبال في المنطقة المحيطة بقصر الماركيز في المستقبل القريب.”
“حملة صيد؟”
“كانت هناك مجموعة من الوحوش الشيطانية تتكاثر في البرية حول القصر في طريق العودة. عزلت الحواجز الناس عن الوحوش الشيطانية حتى الآن، لكن … منذ وقت ليس ببعيد، أصابت تلك الوحوش بعض الناس في القرية “.
“و “حملة الصيد” هذه هي نتيجة لذلك؟ لكن…”
لم يستطع أوتو أن يتفهم الأمر تمامًا. يبدو أنه كان يواجه مشكلة في تصديق شيء ما في تفسير سوبارو. ظل سوبارو صامتًا وهو يرفع كم ذراعه الأيمن، ويظهر له الندوب القاسية التي تركتها الوحوش عليه.
أخذ أوتو نفساً صغيراً وحاداً عندما رأى الجروح العميقة للمخالب والأنياب. تم نحت الكثير منها في جسم سوبارو والتي لن تتلاشى أبدًا.
“بحسن نيته، أرسلني الماركيز إلى العاصمة الملكية لكي أتعافى. الآن بعد أن تعافيت جزئيًا ولم أعد على مقربة من الموت، أنا في طريق عودتي “.
“أنا – أرى … إيه، ولكن لماذا تشتري عربات تنين على طول الطريق السريع دون أن يكون الماركيز هو البادئ في هذه المبادرة …؟”
“قرر الماركيز بدء الحملة على الفور قبل أن يبدأ نقل السكان. لهذا السبب أريد التأكد من أن كل شيء على ما يرام ودون أخطاء. ليس الأمر كما لو أنني لا أثق في حكم سيدي، لكن لدي خبرة سابقة في هذا الأمر “.
عندما قدم سوبارو هذا البيان المتواضع أصدر أوتو صوتًا صغيرًا من التنهد وغرق في التفكير.
“فهمت. آسف للتنقيب في الأشياء التي لم ترغب في التحدث عنها. سأشرح هذا الأمر للآخرين دون أن أذكر الندوب “.
ظهر تعبير مؤلم على وجه أوتو اللطيف بينما أظهر احترامًا لسوبارو.
لا شك أنه ندم عن غير قصد على ذكر صدمة سوبارو السابقة.
اعتقد سوبارو أن هذا التغيير المفاجئ في سلوك أوتو، والتحول من الأفكار المتعلقة بالتجارة إلى مجرد القلق بشأن شريكه في العمل، أظهر أن أوتو كان رقيق القلب.
“لا تقلق بشأني. من فضلك اشرح ذلك الأمر للجميع بشكل مباشر حتى لا يفكر أحد بأي شكوك غريبة “.
“حسنًا، سأفعل ذلك إذا أصررت، على الرغم من أنني لست مقتنعًا بذلك حقًا.”
ابتسم أوتو معتذرًا بسبب استخفافه سابقًا بأسباب سوبارو.
اعتقد سوبارو أنه كان شريرًا لأنه استمر في صنع الأعذار داخله.
– إنه لم يكن كذبا حقًا؛ فقط لم أقل الحقيقة كاملة.

2

4

“—. أنا آسفة سوبارو. من فضلك استيقظ. “ شعر سوبارو بشخص ما يناديه ويهزه ليستيقظ. انتشلته اللمسة على كتفه من هاوية اللاوعي. عندها فرك جفنيه شاردًا بيده وفتح عينيه، وجد وجه فتاة مألوفة أمامه مباشرة. “… ريم، هاه. ما هو الخطأ؟” في اللحظة التي كان متأكدًا من أنها ريم، تذكر سوبارو محادثتهم قبل أن ينام. شعر بألم خفيف في صدره. لم تلاحظ ريم مدى صعوبة الأمر على سوبارو لتحمل هذا الألم. فخفضت رأسها باعتذار، بعد اعتذار قصير آخر عن إيقاظه، قالت: “نحن على وشك الوصول إلى مفترق الطرق. نظرًا لكونه معلمًا لا يمكن أن يخطئ المرء في تمييزه حتى في جوف الليل، لذلك يجب أن يكون الأمر على ما يرام … لكنني أريد أن أتأكد من الاتجاه قبل أن نصل “. امتلأت المنطقة المحيطة بهم بظلمة عميقة. حتى مع جلوس ريم بجانبه، بدت معالم وجهها غير واضحة، المصباح البلوري المتدلي من رقبة التنين البري والضوء البسيط المتصل بعربة التنين نفسها كانا الإنارة الوحيدة، كانت الإنارة قليلة جدًا للاستمرار في الرحلة –حتى مع تمتع تنانين الأرض برؤية ليلية جيدة ناهيك عن البشر. “أرى وجهة نظرك، ماذا تريدين مني أن أفعل؟ “ “أريد أن أتحقق من الخريطة، لكن لا يمكنني رفع يدي عن اللجام … إن الخريطة في الكيس عند قدميك. هل يمكنك إخراجها من أجلي؟ “ “عند قدمي. هذه، هاه؟ “ في الظلام، سحب كيسًا ثقيلًا إلى حد ما. وضعه في حضنه وفتحه ليتحقق مما بداخله بيده، لكن العثور على ما كان يريده (الخريطة) كان صعبًا إلى حد ما. “لا يمكنني حتى معرفة ما هي الخريطة وما ليس كذلك. أليس الجو مظلمًا حتى لقراءتها؟ “ “هذا … مم، قد يكون ذلك مشكلة. ماذا عسانا نفعل…؟” “نعم، ماذا يمكننا …؟ لا، انتظري لحظة “. اندهشت ريم عندما سطع ضوءٌ فجأةً، في رأس سوبارو مرة أخرى، فتش عند قدميه، منتقيًا شيئًا من كيس مختلف – ذلك الذي به متعلقات سوبارو الشخصية. “أوه، لقد وجدتها!” لقد أخرج جسمًا باردًا قاسي الملمس، ووضعه أمام ريم. أمام عينيها الواسعتين، ضغط سوبارو على زر الطاقة لشيء لم يحمله منذ زمن طويل. “لم يتم شحنه منذ فترة، لذلك آمل ألا تكون البطارية فارغة … أوه!” بعد لحظة توتر واحدة، ظهر تسلسل التمهيد على الشاشة. بعد بضع ثوان، أشرق ضوء مبهر من يد سوبارو. نظرت ريم إلى سوبارو بدهشة من المنظر الرائع. “سوبارو، ما هذا؟” “التكنولوجيا المفقودة … أي تكنولوجيا المستقبل. هاتف خلوي. لحسن حظنا يبدو أنه لا يزال لديه القليل من الطاقة “. كان الهاتف الخلوي مغلقا منذ استخدام سوبارو السخي له في اليوم الذي تم استدعاؤه إلى هذا العالم. لقد كان واحدًا من ممتلكات سوبارو القليلة من الوطن. كان لديه عدد قليل من المتعلقات الشخصية الأخرى، ولكن هذا كان إلى حد بعيد الأغلى والأكثر فائدة – على الأقل، طالما أن بطاريته ظلت صامدة. “لم أتخيل مطلقًا أن المرة القادمة التي سأستخدمه فيها ستكون كمصباح يدوي.” باستخدام الهاتف بطريقة تتعارض مع غرضه الأصلي، سلط سوبارو ضوء الحضارة على محتويات الكيس في يده. بعد أن عثر بسهولة على الخريطة التي كان يبحث عنها في الكيس، نشرها سوبارو حضن ريم. “سأقوم بتسليط الضوء على الخريطة، لذا ألق نظرة.” “نعم شكرا جزيلا لك.” في تلك اللحظة، دس أوتو رأسه من الجانب، وكان مهتمًا بشدة. “السيد. ناتسكي، ما هذا؟ لم أر مثل هذا الشيء من قبل “. مطلًا من عربة التنين الخاصة به، إلى اليسار مباشرة، أمال رأسه في ارتباك. “مصباح بلوري لم أره من قبل – لا، هذا ليس بلورًا. يبدو أنه مصنوع من بعض المواد غير المألوفة بالنسبة لي “. مع ملاحظة رد فعل أوتو، قام رجل في بداية عهده مع منديل ملفوف حول رأسه بسحب عربة تنينه على الجانب الأيمن أيضًا. لمعت عينا السائق بينما ظلت نظرته معلقة على هاتف سوبارو الخلوي. في العادة، كانت ردود أفعالهم ستؤدي بلا شك إلى تحسين مزاج سوبارو، وإلهامه للتباهي والتفاخر. ومع ذلك، لم يكن سوبارو الحالي في حالة مزاجية لمثل هذه المجاملات. “آسف، إنه عنصر سري أعطاني إياه الماركيز. إذا أخبرتك عنه، فقد تختفي دون أي أثر. من الأفضل أن تنسى أنك رأيته على الإطلاق “. “يا للعجب، هذا التفسير وحده تفوح منه رائحة المال …” يبدو أن اهتمام أوتو قد تعمق فقط. ولكن قبل أن يصبح من الضروري إجراء محادثة طويلة للتستر، رفعت ريم رأسها عن الخريطة وأومأت برأسها. “أدركت أين نحن الآن. فقط قليلًا وسنكون قادرين على رؤية شجرة فلوجل العظيمة. من هناك، سنسلك الطريق باتجاه الشمال الشرقي سندخل اقليم مايزرس بعد فترة وجيزة “. “شجرة فلوجل العظيمة؟” أمال سوبارو رأسه في حيرة حين سمع المصطلح غير المألوف. رفع حينها أوتو إصبعه شارحًا. “إن شجرة فلوجل العظيمة هي شجرة ضخمة توجد على طول طريق ليفاس السريع ويبدو أنها تخترق الغيوم ذاتها. الشجرة ضخمة حقًا بشكل لا يصدق. وفقا للأسطورة، زرعها حكيم يدعى فلوجل “. “ولهذا السبب تسمى شجرة فلوجل العظيمة. لماذا قد يفعل الحكيم ذلك على أي حال؟ “ “إيه، حسنًا، كان هذا قبل مئات السنين، كما ترى. بصرف النظر عن قصة كيفية زراعة الشجرة، لا يُعرف شيئًا عن فلوجل، ولا حتى سبب معاملته كحكيم “. “ماذا؟ لماذا إذا تعاملونه بمثل هذا التوقير إذا كنت لا تعلم حتى القليل من الخير الذي فعله؟” كان سوبارو متلهفًا لسماع الباقي بعد رواية أوتو غير المكتملة، ولكن عندما رأى أن ريم والتجار الآخرين لا يضيفون شيئًا إلى القصة، كان من الواضح أن مآثره لم تُعرف حقًا. فكر سوبارو في هذا الأمر مطولًا، وبعد حوالي نصف ساعة، رأى الشجرة العظيمة نفسها، ولقد صدمه المشهد. “ياه! … نعم، مدهش هي الكلمة الوحيدة التي يمكنني استخدامها لوصفها.” الشجرة المهيبة بفروعها المرتفعة في سماء الليل، كانت تقف شاهقة فوق سوبارو والآخرين بحضور ساحق. كانت الأشجار في عالم سوبارو القديم والتي قيل إن أعمارها فاق الألف عام عبارة عن أقزام مقارنة بهذه الشجرة العظيمة. وفقًا لأوتو، كان عمر هذه الشجرة مجرد قرون، مما جعل سوبارو يتساءل عما إذا كانت النباتات تنمو بوتيرة أسرع في عالمه الحالي. وقبل أن يدرك ذلك، استولى عليه شعور كبير بالرهبة. لم ترسخ الشجرة الضخمة جذورها في غابة كبيرة، ولكن كانت تقف وحدها في حقل مفتوح. وعلى طول طريق ليفاس السريع، لم يكن هناك معلم بارز أكثر منها. مروراً بالشجرة العظيمة الشاهقة بهدوء، اتجهت عربات التنين إلى الشمال الشرقي وفقًا للخريطة. مع تقليل المسافة إلى إقطاعية اقليم مايزرس شعر سوبارو بالأسف قليلا لترك الشجرة العظيمة وراءه. “حسنا، هذا ليس الوقت المناسب لجعل كل شيء عاطفي. آه، آه؟ “ لو لم يكن قلقا لربما التقط صورة لها بهاتفه الخلوي، شعر سوبارو الذي كان جالسًا على مقعد السائق بالانزعاج عندما حلت عليه هذه الفكرة ثم أعاد توجيه انتباهه بعيدًا عن الشجرة العظيمة. “أين ذهب رجل ذو المنديل على يميننا؟” لم يستطع سوبارو رؤية أي علامة على صاحب عربة التنين الذي أبدى اهتمامًا بهاتفه الخلوي أثناء الركض على يمينه. فحص سوبارو خلفه لمعرفة ما إذا كان قد تباطأ فجأة، لكنه رأى فقط عربة التنين التي كانت تجري خلف رجل المنديل؛ لقد اختفى من القافلة، تاركًا مساحة فارغة. “لا تخبرني أنه فتن بالشجرة الكبيرة لدرجة أنه حام بعيدًا؟” “ما الأمر سيد ناتسكي؟ هل تبحث عن شيء ما؟” “ليس شيئًا ما – بل أحد رفاقك، الشخص الذي كان يركض في هذا الجانب، رجل ذو مظهر رجولي مع منديل ملفوف حوله. هذا ليس الوقت المناسب للذهاب لتسلق الأشجار مثل طفل صغير “. رد سوبارو بسخرية على كلمات أوتو، كانت كلماته في داخلها تحمل سخرية تجاه أوتو لسوء إدارته. لكن أوتو، في الطرف المتلقي لهذه السخرية، حدق بهدوء وأمال رأسه، كما لو لم يكن لديه أي فكرة عما يعنيه سوبارو. “عن ماذا تتحدث؟ لا أحد كان على الجانب الأيمن لك. “ “-هاه؟” كان فم سوبارو مفتوحًا وفشل في الرد “ماذا تقول؟ كان ذلك الشخص فضوليًا وبقي يحدق في هاتفي الخلوي في وقت سابق، مثلك تمامًا “. “آه، هل يطلق على ذلك الاختراع الهاتف الخلوي؟ انتظر، آه، هل يمكنك ضمان سلامتي لسماع ذلك السر؟ لا أريد أن أختفي … “ “لا تعبث معي!” مال سوبارو في اتجاه أوتو، الذي كان يتجاهل عرضا سؤال سوبارو كما لو كان يعتقد أنها كلها مزحة كبيرة. نظر سوبارو إلى اليمين مرة أخرى، لكن الفجوة كانت واسعة كما كانت من قبل، ولم يتم العثور على العربة التي كان ينبغي أن تكون موجودة في أي مكان. “-؟” ثم، عندما حدق سوبارو في الفجوة، أصبح مجال رؤيته فجأة غير واضح. شعر كما لو كان هناك ضباب أمام عينيه. نظر سوبارو عدة مرات في هذا الاتجاه ولم ير شيئًا، لكن ذلك لم يمحو قلقه. استمرت هذه المساحة الفارغة المظلمة تسير بالتوازي مع عربة تنين سوبارو وريم. كان الظلام مشؤوما بشكل فضيع، لم يستطع كبح التوتر المتفاقم بداخله. اتخذ سوبارو من ذلك سببا لفتح هاتفه المطوي وتسليط الضوء على الفجوة طاردا الظلام. كان مقصده البحث عن أثر للشخص الذي كان ينبغي أن يكون هناك، وكذلك للتأكد من مصدر ذلك الشعور الغريب الذي لم يختف. وداخل الضوء الساطع – “… آه؟” هناك، عائمة في الفضاء، قابلت رؤية سوبارو عينًا عملاقة. في اللحظة التالية، هدر شيء ما، وغطى الضباب سهول ليفاس. -ضبااب.

مرت ساعتين حتى اكتملت جميع الاستعدادات للرحيل من المخيم.
بعد نقل الشحنة إلى عربات التنين الأربعة الكبيرة، غادر سوبارو والآخرون على طول الطريق السريع ليلاً.
كانت هناك 11 عربة تنين متجهة نحو اقليم مايزرس قد تكون المساحة ضيقة إلى حد ما، لكن يجب أن تكون أكثر من كافية لإخراج جميع القرويين.
نادى أوتو بينما كانت عربة تنينه تسير بالتوازي مع عربة سوبارو.
“بالركض خلال الليل، سنصل على الأرجح إلى اقليم مايزرس قرابة الصباح …”
كانت نعم تنانين الأرض في صد الرياح هي التي مكنتهم من إجراء محادثة عادية بينما كانت عربتا التنين تجريان جنبًا إلى جنب.
لقد فعلوا أكثر من مجرد إبطال آثار الرياح والاهتزازات، على ما يبدو!
“آسف لجعلك تستمر في الركض هكذا دون توقف.”
“لا على الإطلاق! ليس لدي أي شكاوى. الآن بعد أن أصبح بإمكاني التخلص من مخزوني وتعويض تكاليف الشحن، فأنا أشعر أنني لا أقهر. يمكنني المحافظة على هذه الحالة لمدة ثلاثة أيام وليالٍ! “
“وبعد ذلك يمكنك النوم مباشرة بعد إتمام الصفقة؟”
“هاه؟! هل قرأت أفكاري؟! “
تمت سرقة النكتة الكلاسيكية مباشرة من فم أوتو.
حول سوبارو نظرته نحو ريم الممسكة بزمام التنين بجانبه.
لم يستطع قراءة أي عاطفة من وجهها وهي تحدق إلى الأمام مباشرة. بالنسبة لسوبارو، لم يكن الوضع سارا للغاية.
“—سوبارو.”
“… نعم. ما الأمر ريم؟ هل هناك شيء ما؟ “
“لا شيء. الجو الآن هادئ، لذا كنت أتساءل عما إذا كنت متعبًا. قد يتسبب الغبار في ضعف الرؤية، ولكن مع وجود تنانين أخرى معنا، فإن المسار مؤكد. إذا كنت تشعر بالنعاس، فلا بأس أن ترتاح قليلًا “.
“يسعدني أن أسمعك تقولين ذلك، ولكن ليس من الجيد أن أجعلك تقومين بكل العمل.”
“لكن سوبارو، أنت ما زلت في فترة التعافي، لذا …”
موقف ريم المراعي تجاه سوبارو جعله يغلق فمه. كانت طريقتها في الكلام لطيفة، ولكن كانت وراءها إرادة صلبة فولادية وعنيدة.
لقد فهم جيدًا أنها ترغب في تخفيف العبء عليه قدر الإمكان. لكن جهودها الدؤوبة جعلته يخشى أنه ربما لا يعرف نواياها الحقيقية.
الأشواك (أشواك الشك) التي لم يستطع طردها من صدره كانت نتيجة رغبته في المعرفة وعدم رغبته في المعرفة (عن تساؤله السابق).
“ريم، هل …؟”
“نعم؟”
اشتعلت أنفاس سوبارو بينما كانت عيون ريم الزرقاء الشاحبة تحدق به، كما لو كانت ترى من خلاله. لقد أراد طريقة ما لإعادة توجيه انتباهها بعيدًا عن صمته المتشكك والمتردد، لكن سوبارو هز رأسه، متجاهلاً هذه الأفكار جانبًا.
إذا كان شكه في نوايا ريم يؤذيه، فمن الأفضل بكثير إخراجها إلى العلن.
“ريم، هل لديك أي شكوك حول ما أفعله؟ لم أشرح لك أي شيء. لم أذكر لك شيئًا عن طائفة الساحرة، ولا عن التجار المسافرين … “
كان يدرك بشكل مؤلم كيف أن ريم قد تجاهلت سؤاله عن قصد.
هذا بالضبط هو سبب قلقه بشأن شعور ريم، وهي تتابع ما يفعله دون سؤال أو نقاش.
أغمضت ريم عينيها ولكن ردت على سؤال سوبارو.
“أمرني السيد روزوال أن أحترم أفعالك في العاصمة الملكية.”
“-”
تشدد تعبير سوبارو، وتركه ردها فاقدًا للكلمات.
“روزوال… قال لك ماذا …؟ “
“لم يأمرني بفعل أي شيء محدد، بل فقط أن أجاري خططك في العاصمة الملكية مهما كانت. كما أنني خططت للقيام بذلك بقدر ما أستطيع “.
“أوامر روزوال …”
كلمات ريم بطريقة ما لم تستقر في جمجمته. وبدلا من ذلك، فإن حقيقة أن روزوال قد أمر ريم بذلك الطلب قد كررت نفسها في رأسه مرارًا وتكرارًا.
كان عدم معارضة ريم تجاه تصرفات سوبارو لأن سيدها أمرها بالصمت والطاعة.
هل يعني ذلك، بعبارة أخرى، أن تصرفات ريم حتى تلك اللحظة لم تكن بالفعل إرادتها؟
اللعنة، حتى بقائها بجانبه في تلك اللحظة بالذات ربما لم يكن …
“سوبارو؟”
بينما صمت سوبارو، نظرت ريم إليه، وحاجبيها الرشيقان يتقاربان. في تلك اللحظة، لم يكن سوبارو قادرا على استيعاب هذا التعبير المعبر عن القلق.
“أنا – أنا بخير. إنه لا شيء.”
هز رأسه للفرار من نظرة ريم، وأعطى سوبارو إجابة روتينية للحفاظ على السلام.
اهتمامها اللطيف، دعمها عندما كان على وشك الانهيار، كونها بجانب سوبارو المنعزل، كلها كانت بسبب أوامر روزوال …؟
الأدهى من ذلك، في أعماقها، هل وافقت ريم على ما كان يفعله سوبارو …؟
“-!”
ابتلع سوبارو السائل الحمضي الذي يملأ فمه، عندما أدى فرط الارتياب إلى خروج العصارة الصفراوية من معدته.
مع عدم وجود مكان آخر يذهب إليه الغثيان، استعر الخوف واليأس داخل جسده. شعرت أطرافه بالخدر، وضاق بصره، وكانت هناك حكة لا تطاق في دماغه. كانت أنفاسه متقطعة وهو يقاوم الرغبة الملحة في فتح جمجمته وغرز أصابعه فيها
لم يكن يريد أن يفكر حول أي شيء.
كلما حاول عدم التفكير في الأشياء، كلما فكر فيها أكثر، كلما سعى للحصول على إجابات أكثر – كلما ابتعدت رغباته عن تحقيقها، كلما تحولت أفكاره إلى تخيلات وأحلامه إلى أوهام ويأس.
“سوبارو، هل نمت؟”
لقد كره ذلك. لم يكن يريد المزيد من ذلك (المزيد من القلق والشك).
لم يرد التفكير. لم يرد أن يشك. لم يكن يريد أن يثق، لم يكن يريد أن يتعرض للخيانة.
كان يمسك برأسه، وأغلق على نفسه وقطع جميع حواسه عن العالم الخارجي.
نادت ريم اسمه عدة مرات. وبعد أن رأت أنه لم يكن هناك رد، استسلمت وأعادت نظرها إلى الطريق السريع.
بحلول ذلك الوقت، كان سوبارو قد أصبح أخيرًا، وبإرادته، وحيدًا حقًا في هذا العالم.

5

“—. أنا آسفة سوبارو. من فضلك استيقظ. “
شعر سوبارو بشخص ما يناديه ويهزه ليستيقظ.
انتشلته اللمسة على كتفه من هاوية اللاوعي. عندها فرك جفنيه شاردًا بيده وفتح عينيه، وجد وجه فتاة مألوفة أمامه مباشرة.
“… ريم، هاه. ما هو الخطأ؟”
في اللحظة التي كان متأكدًا من أنها ريم، تذكر سوبارو محادثتهم قبل أن ينام. شعر بألم خفيف في صدره.
لم تلاحظ ريم مدى صعوبة الأمر على سوبارو لتحمل هذا الألم. فخفضت رأسها باعتذار، بعد اعتذار قصير آخر عن إيقاظه، قالت: “نحن على وشك الوصول إلى مفترق الطرق. نظرًا لكونه معلمًا لا يمكن أن يخطئ المرء في تمييزه حتى في جوف الليل، لذلك يجب أن يكون الأمر على ما يرام … لكنني أريد أن أتأكد من الاتجاه قبل أن نصل “.
امتلأت المنطقة المحيطة بهم بظلمة عميقة. حتى مع جلوس ريم بجانبه، بدت معالم وجهها غير واضحة، المصباح البلوري المتدلي من رقبة التنين البري والضوء البسيط المتصل بعربة التنين نفسها كانا الإنارة الوحيدة، كانت الإنارة قليلة جدًا للاستمرار في الرحلة –حتى مع تمتع تنانين الأرض برؤية ليلية جيدة ناهيك عن البشر.
“أرى وجهة نظرك، ماذا تريدين مني أن أفعل؟ “
“أريد أن أتحقق من الخريطة، لكن لا يمكنني رفع يدي عن اللجام … إن الخريطة في الكيس عند قدميك. هل يمكنك إخراجها من أجلي؟ “
“عند قدمي. هذه، هاه؟ “
في الظلام، سحب كيسًا ثقيلًا إلى حد ما. وضعه في حضنه وفتحه ليتحقق مما بداخله بيده، لكن العثور على ما كان يريده (الخريطة) كان صعبًا إلى حد ما.
“لا يمكنني حتى معرفة ما هي الخريطة وما ليس كذلك. أليس الجو مظلمًا حتى لقراءتها؟ “
“هذا … مم، قد يكون ذلك مشكلة. ماذا عسانا نفعل…؟”
“نعم، ماذا يمكننا …؟ لا، انتظري لحظة “.
اندهشت ريم عندما سطع ضوءٌ فجأةً، في رأس سوبارو مرة أخرى، فتش عند قدميه، منتقيًا شيئًا من كيس مختلف – ذلك الذي به متعلقات سوبارو الشخصية.
“أوه، لقد وجدتها!”
لقد أخرج جسمًا باردًا قاسي الملمس، ووضعه أمام ريم.
أمام عينيها الواسعتين، ضغط سوبارو على زر الطاقة لشيء لم يحمله منذ زمن طويل.
“لم يتم شحنه منذ فترة، لذلك آمل ألا تكون البطارية فارغة … أوه!”
بعد لحظة توتر واحدة، ظهر تسلسل التمهيد على الشاشة. بعد بضع ثوان، أشرق ضوء مبهر من يد سوبارو.
نظرت ريم إلى سوبارو بدهشة من المنظر الرائع. “سوبارو، ما هذا؟”
“التكنولوجيا المفقودة … أي تكنولوجيا المستقبل. هاتف خلوي. لحسن حظنا يبدو أنه لا يزال لديه القليل من الطاقة “.
كان الهاتف الخلوي مغلقا منذ استخدام سوبارو السخي له في اليوم الذي تم استدعاؤه إلى هذا العالم.
لقد كان واحدًا من ممتلكات سوبارو القليلة من الوطن.
كان لديه عدد قليل من المتعلقات الشخصية الأخرى، ولكن هذا كان إلى حد بعيد الأغلى والأكثر فائدة – على الأقل، طالما أن بطاريته ظلت صامدة.
“لم أتخيل مطلقًا أن المرة القادمة التي سأستخدمه فيها ستكون كمصباح يدوي.”
باستخدام الهاتف بطريقة تتعارض مع غرضه الأصلي، سلط سوبارو ضوء الحضارة على محتويات الكيس في يده. بعد أن عثر بسهولة على الخريطة التي كان يبحث عنها في الكيس، نشرها سوبارو حضن ريم.
“سأقوم بتسليط الضوء على الخريطة، لذا ألق نظرة.”
“نعم شكرا جزيلا لك.”
في تلك اللحظة، دس أوتو رأسه من الجانب، وكان مهتمًا بشدة.
“السيد. ناتسكي، ما هذا؟ لم أر مثل هذا الشيء من قبل “.
مطلًا من عربة التنين الخاصة به، إلى اليسار مباشرة، أمال رأسه في ارتباك. “مصباح بلوري لم أره من قبل – لا، هذا ليس بلورًا. يبدو أنه مصنوع من بعض المواد غير المألوفة بالنسبة لي “.
مع ملاحظة رد فعل أوتو، قام رجل في بداية عهده مع منديل ملفوف حول رأسه بسحب عربة تنينه على الجانب الأيمن أيضًا. لمعت عينا السائق بينما ظلت نظرته معلقة على هاتف سوبارو الخلوي.
في العادة، كانت ردود أفعالهم ستؤدي بلا شك إلى تحسين مزاج سوبارو، وإلهامه للتباهي والتفاخر. ومع ذلك، لم يكن سوبارو الحالي في حالة مزاجية لمثل هذه المجاملات.
“آسف، إنه عنصر سري أعطاني إياه الماركيز. إذا أخبرتك عنه، فقد تختفي دون أي أثر. من الأفضل أن تنسى أنك رأيته على الإطلاق “.
“يا للعجب، هذا التفسير وحده تفوح منه رائحة المال …”
يبدو أن اهتمام أوتو قد تعمق فقط.
ولكن قبل أن يصبح من الضروري إجراء محادثة طويلة للتستر، رفعت ريم رأسها عن الخريطة وأومأت برأسها.
“أدركت أين نحن الآن. فقط قليلًا وسنكون قادرين على رؤية شجرة فلوجل العظيمة. من هناك، سنسلك الطريق باتجاه الشمال الشرقي سندخل اقليم مايزرس بعد فترة وجيزة “.
“شجرة فلوجل العظيمة؟”
أمال سوبارو رأسه في حيرة حين سمع المصطلح غير المألوف.
رفع حينها أوتو إصبعه شارحًا.
“إن شجرة فلوجل العظيمة هي شجرة ضخمة توجد على طول طريق ليفاس السريع ويبدو أنها تخترق الغيوم ذاتها. الشجرة ضخمة حقًا بشكل لا يصدق. وفقا للأسطورة، زرعها حكيم يدعى فلوجل “.
“ولهذا السبب تسمى شجرة فلوجل العظيمة. لماذا قد يفعل الحكيم ذلك على أي حال؟ “
“إيه، حسنًا، كان هذا قبل مئات السنين، كما ترى. بصرف النظر عن قصة كيفية زراعة الشجرة، لا يُعرف شيئًا عن فلوجل، ولا حتى سبب معاملته كحكيم “.
“ماذا؟ لماذا إذا تعاملونه بمثل هذا التوقير إذا كنت لا تعلم حتى القليل من الخير الذي فعله؟”
كان سوبارو متلهفًا لسماع الباقي بعد رواية أوتو غير المكتملة، ولكن عندما رأى أن ريم والتجار الآخرين لا يضيفون شيئًا إلى القصة، كان من الواضح أن مآثره لم تُعرف حقًا.
فكر سوبارو في هذا الأمر مطولًا، وبعد حوالي نصف ساعة، رأى الشجرة العظيمة نفسها، ولقد صدمه المشهد.
“ياه! … نعم، مدهش هي الكلمة الوحيدة التي يمكنني استخدامها لوصفها.”
الشجرة المهيبة بفروعها المرتفعة في سماء الليل، كانت تقف شاهقة فوق سوبارو والآخرين بحضور ساحق.
كانت الأشجار في عالم سوبارو القديم والتي قيل إن أعمارها فاق الألف عام عبارة عن أقزام مقارنة بهذه الشجرة العظيمة.
وفقًا لأوتو، كان عمر هذه الشجرة مجرد قرون، مما جعل سوبارو يتساءل عما إذا كانت النباتات تنمو بوتيرة أسرع في عالمه الحالي. وقبل أن يدرك ذلك، استولى عليه شعور كبير بالرهبة.
لم ترسخ الشجرة الضخمة جذورها في غابة كبيرة، ولكن كانت تقف وحدها في حقل مفتوح. وعلى طول طريق ليفاس السريع، لم يكن هناك معلم بارز أكثر منها.
مروراً بالشجرة العظيمة الشاهقة بهدوء، اتجهت عربات التنين إلى الشمال الشرقي وفقًا للخريطة. مع تقليل المسافة إلى إقطاعية اقليم مايزرس شعر سوبارو بالأسف قليلا لترك الشجرة العظيمة وراءه.
“حسنا، هذا ليس الوقت المناسب لجعل كل شيء عاطفي. آه، آه؟ “
لو لم يكن قلقا لربما التقط صورة لها بهاتفه الخلوي، شعر سوبارو الذي كان جالسًا على مقعد السائق بالانزعاج عندما حلت عليه هذه الفكرة ثم أعاد توجيه انتباهه بعيدًا عن الشجرة العظيمة.
“أين ذهب رجل ذو المنديل على يميننا؟”
لم يستطع سوبارو رؤية أي علامة على صاحب عربة التنين الذي أبدى اهتمامًا بهاتفه الخلوي أثناء الركض على يمينه.
فحص سوبارو خلفه لمعرفة ما إذا كان قد تباطأ فجأة، لكنه رأى فقط عربة التنين التي كانت تجري خلف رجل المنديل؛ لقد اختفى من القافلة، تاركًا مساحة فارغة.
“لا تخبرني أنه فتن بالشجرة الكبيرة لدرجة أنه حام بعيدًا؟”
“ما الأمر سيد ناتسكي؟ هل تبحث عن شيء ما؟”
“ليس شيئًا ما – بل أحد رفاقك، الشخص الذي كان يركض في هذا الجانب، رجل ذو مظهر رجولي مع منديل ملفوف حوله. هذا ليس الوقت المناسب للذهاب لتسلق الأشجار مثل طفل صغير “.
رد سوبارو بسخرية على كلمات أوتو، كانت كلماته في داخلها تحمل سخرية تجاه أوتو لسوء إدارته.
لكن أوتو، في الطرف المتلقي لهذه السخرية، حدق بهدوء وأمال رأسه، كما لو لم يكن لديه أي فكرة عما يعنيه سوبارو.
“عن ماذا تتحدث؟ لا أحد كان على الجانب الأيمن لك. “
“-هاه؟”
كان فم سوبارو مفتوحًا وفشل في الرد “ماذا تقول؟ كان ذلك الشخص فضوليًا وبقي يحدق في هاتفي الخلوي في وقت سابق، مثلك تمامًا “.
“آه، هل يطلق على ذلك الاختراع الهاتف الخلوي؟ انتظر، آه، هل يمكنك ضمان سلامتي لسماع ذلك السر؟ لا أريد أن أختفي … “
“لا تعبث معي!”
مال سوبارو في اتجاه أوتو، الذي كان يتجاهل عرضا سؤال سوبارو كما لو كان يعتقد أنها كلها مزحة كبيرة.
نظر سوبارو إلى اليمين مرة أخرى، لكن الفجوة كانت واسعة كما كانت من قبل، ولم يتم العثور على العربة التي كان ينبغي أن تكون موجودة في أي مكان.
“-؟”
ثم، عندما حدق سوبارو في الفجوة، أصبح مجال رؤيته فجأة غير واضح. شعر كما لو كان هناك ضباب أمام عينيه. نظر سوبارو عدة مرات في هذا الاتجاه ولم ير شيئًا، لكن ذلك لم يمحو قلقه.
استمرت هذه المساحة الفارغة المظلمة تسير بالتوازي مع عربة تنين سوبارو وريم.
كان الظلام مشؤوما بشكل فضيع، لم يستطع كبح التوتر المتفاقم بداخله.
اتخذ سوبارو من ذلك سببا لفتح هاتفه المطوي وتسليط الضوء على الفجوة طاردا الظلام.
كان مقصده البحث عن أثر للشخص الذي كان ينبغي أن يكون هناك، وكذلك للتأكد من مصدر ذلك الشعور الغريب الذي لم يختف.
وداخل الضوء الساطع – “… آه؟”
هناك، عائمة في الفضاء، قابلت رؤية سوبارو عينًا عملاقة.
في اللحظة التالية، هدر شيء ما، وغطى الضباب سهول ليفاس.
-ضبااب.

“سيكون كل شيء على ما يرام، سوبارو. سأراقبك دائمًا من الخلف “. لا داعي لفعل أي شيء. فقط كوني دائما ورائي. كانت تلك كلمات سوبارو لريم في صباح يوم مغادرتهم. ومن ثم، كما قال، وقفت الآن خلفه – كحارسه الشخصي. “لا … لم أقصد أبدًا …” “سوبارو. أنا….” فقد سوبارو وعيه. للحظة، شعر وكأن شخصًا ما كان يعانقه بقوة. شعر بشيء ناعم يلمس جبهته ثم غادر هذا الشعور على الفور. وكان هذا آخر شيء يعيه. 7

6

غرق سوبارو في عاصفة من الرياح القوية، وشعر وكأنه قد صُعق.
“-!”
ضربت العاصفة جسد سوبارو، لقد كان معرضًا لخطر الانقلاب من مقعد السائق تمامًا.
مد يده على الفور، لكن أصابعه لم تجد شيئًا ليمسك به؛ طار جسد سوبارو مباشرة للأمام، مندفعًا نحو الظلام – أو كان من الممكن أن يحدث ذلك لو أنها تأخرت لحظة واحدة فقط!
“سوبارو !!”
أمسكت ياقته من الخلف وسحبته بقوة إلى العربة.
جعله الألم المتصاعد من ارتطامه بالمقعد يرى النجوم؛ وسطهم، رأى ريم، وهي تمسكه بيد وتمسك باللجام بيدها الأخرى.
كان فم ريم مفتوحًا وتخلت عن تعبيرها المحايد المعتاد، كانت تعوي بشدة. أصبحت صيحاتها ترنيمة. تجمعت المانا وفقًا لإرادتها وكذلك السحر محولة العالم من حولهم لصناعة رماح جليدية فاقت سوبارو طولا.
في غمضة عين، تشكلت ثلاثة رماح جليدية في الجو، وانطلقت مثل الأسهم بقوة لا تصدق، اندفعت الرماح الجليدية في السماء، وحلت مصدرة صوت يشبه تحطيم الفولاذ للصخر وهكذا الظلام أمامهم تحطم.
“أوه، واه ؟!”
في اللحظة التالية، تم الإمساك بسوبارو من رقبته مرة أخرى وتم رفعه عاليا على الفور.
وبينما كان يطفو لأعلى بعيدًا عن مقعد السائق، رأى عربة التنين تحته.
استمر تنين الأرض، الذي لم يدرك أن ركابه قد اختفوا في الركض مسرعا على طول الطريق السريع بكل قوته.
في اللحظة التالية، أدت ضربة من الجانب إلى تحويل عربة التنين إلى شظايا، كذلك التنين لم يسلم من ذلك المصير.
كانت العربة غير المزخرفة لنقل البضائع التجارية ممزقة مثل الورق؛ انفجر الحيوان الضخم، الذي ارتطم بالأرض، وتحول إلى لطخة من الدم والأمعاء وشظايا من اللحم على الطريق السريع.
كان عقل سوبارو فارغًا من المشهد غير الواقعي أمامه.
“اليسار-!!”
ظن أنه سمع صراخًا بجانبه. بعد ثانية، سقط جسده على أرضية صلبة. الألم الخالص الذي كان يمر عبر كتفه ووركه أعاد عقله إلى الواقع.
ومع ذلك، فإن الضربات التي تعرض لها واحدة تلو الأخرى لم تعطه فرصة لرفع رأسه.
انعطفت عربة التنين التي كان يركبها انعطافا حادًا بشكل مفاجئ، وقذفت قوة الطرد المركزي سوبارو إلى الجانب.
الآن كان الحبل الملفوف حول أصابعه هو الشيء الوحيد الذي يمنعه من أن يقذف بعيدا.
التفت سوبارو من حوله، ثم أدرك أنه قفز على عربة تنين أوتو.
قام سوبارو بلف الحبل حول معصمه، وحاول النهوض وسط الاهتزازات.
“لا، سوبارو، لا يجب عليك الوقوف! التزم بمكانك. بدون نعمة تنين الأرض، من الخطر عليك وعلى ريم الوقوف! “
عندما نظر حوله، كانت ريم قد اخترقت الأرض بذراعها الأيمن لدعم نفسها. كان من الصعب عليها أن تحافظ على ثباتها أثناء تأرجح العربة حتى مع قدراتها الجسدية.
بدون نعمة تنين الأرض وعزلها للرياح، تعرض جسد سوبارو بلا رحمة للرياح العاتية. لقد شعر بالدوار. لم يستطع حتى محاولة النهوض.
كانت ريم قد أمسكت سوبارو وقفزت من عربة التنين الخاصة بهم إلى عربة أوتو.
إذا اتخذت هذا القرار بعد ثانية واحدة، لتشاركت هي وسوبارو نفس مصير العربة المسحوقة.
“ماذا حدث؟! ماذا يحدث هنا بحق الجحيم؟! “
حدث التغيير الهائل المدمر في عدة ثوان. لم يستطع سوبارو حتى استيعاب تسلسل الأحداث.
“ألا تفهم ما يحدث ؟!”
رد أوتو على سؤال سوبارو في صرخة مرتعبة. عندما نظر أوتو إلى الوراء، كان وجهه أبيض كالشبح، وأسنانه تصطك وهو يشير إلى السماء.
“ظهر الضباب! والشيء العملاق الذي يسبح في السماء يمكن أن يكون شيئًا واحدًا فقط! “
كان الأمر كما لو أن أوتو كان يقنع نفسه لأنه رفض قبول الواقع.
لقد هز رأسه على مضض، ومتشنجًا من الخوف وهو يزفر الهواء من رئتيه وصاح بكل قوته:
“- انه الحوت الأبيض !!”
كما لو كان يستجيب لصرخة أوتو، هز زئير الحوت الأبيض الهواء، وصدى صوته عبر السهول.
– الحوت الأبيض.
عرف سوبارو أنه سمع الاسم خلال دورته الأولى، كان اسم الوحش الذي يكتنفه الضباب والذي أغلق الطريق السريع.
مع إغلاق الطريق السريع بسبب هذا المخلوق، كان عليهم أن يسلكوا منعطفًا كبيرًا للعودة إلى القصر. كان من المناسب القول إنه كان السبب الرئيسي في عدم عودته قبل هجوم طائفة الساحرة.
ولكن حتى تلك اللحظة، لم يضع سوبارو عينه على الوحش نفسه. علاوة على ذلك، نسي سوبارو وجوده.
لم يستطع إنكار أنه كان ساذجًا للغاية. أي أن…
“كيف يمكن لهذا المخلوق أن يظهر فجأة الآن ؟!”
عرف سوبارو أن الطريق السريع سيكون مغلقًا كلما ظهر الحوت الأبيض.
في المرة الأولى، حدث الحظر في اليوم الثالث من رحلة سوبارو وريم للعودة بسبب ظهور ضباب الحوت الأبيض على الطريق.
كانوا الآن في ليلة اليوم الثاني – ولا شك أن العاصمة الملكية سيتم إبلاغها بظهور الضباب في الصباح، والطريق السريع سيكون مغلقًا خلال ذلك اليوم.
كانت تلك هي الليلة الوحيدة التي لم يدركوا وجود الحوت الأبيض فيها، لقد قتحموا حدود الخطر.
“لتعتقد أننا … سنصادف الحوت الأبيض … أيها التنين، أيها التنين، من فضلك أوصلنا بأمان…!”
بعيون جوفاء، تذمر أوتو تمتم طلبا إلى التنين بحثًا عن الخلاص.
بينما أوتو فقد إرادة القتال وبالأحرى روحه، رأى سوبارو بأم عينيه كيف أن وجود الحوت الأبيض مرادف للرعب المطلق بين التجار المتجولين.
في المرة السابقة، أشار أوتو إلى أن الحوت الأبيض كان فألًا شريرًا بين جميع التجار.
ارتجفت شفتي أوتو، وعقله في مكان آخر بينما كان يدير زمام العربة.
تنين الأرض الذي شعر بوجود الحوت الأبيض في حالة من الرعب، واستنفد قوته المتبقية لركل الأرض ودفعهم إلى الأمام بسرعة لا يمكن تخيلها.
غرق الحوت الأبيض في ظلام الليل، وجثته الضخمة اختفت عن العيان.
“سحقًا … فقط عندما يطاردنا يظهر الضباب …!”
عبس سوبارو وهو يشعر بقطرات من العرق الباردة على جبينه، مسحها براحة يده.
مع وجود القليل من مصادر الضوء للرؤية، جعل ظهور الضباب الرؤية أمرًا مستحيلًا.
نظر سوبارو جهة الخلف، الجانب، وما فوق، بحثًا عن أي أثر لشيء يشبه السمكة.
“ريم! هل ترين الحوت الأبيض؟! “
“لا أستطيع؛ إن الأجواء مظلمة جدا! لكن…!”
ردت ريم بمرارة على سؤال سوبارو، لكن لسبب ما، تراجعت ولم تكمل.
كانت أنفاس ريم تصطدم في سوبارو، ولكن عندما حاول النظر إليها، كان كل ما يمكن أن يراه في الضباب العميق عبارة عن صورة ظلية؛ لم يستطع رؤية ما على وجهها.
نما الضباب أكثر، لدرجة أنه لم يكن متأكدا من مكان وجود يديه.
“-”
عندما التقت نظرة سوبارو بنظرة الحوت الأبيض لأول مرة، كان محيط العين أكبر مما يمكن أن تصل إليه ذراعي سوبارو.
إذا كانت العين العملاقة شيئًا بهذا الحجم، فيجب أن يكون الحوت الأبيض كبيرًا حقًا كما يوحي اسمه.
لقد صدمه أن مثل هذا الوحش كان مختبئًا دون أي صوت أو علامة على وجوده، وكان قادرًا على السباحة بحرية في سماء الليل. لقد فقدوا الحوت الأبيض في الضباب العميق، وهي حقيقة أثارت رعبًا أكبر.
“لكنني أعتقد أن هجومي قد أصابه … من الممكن أن يكون المخلوق قد تراجع.”
كان هذا بالتأكيد خبرًا متفائلا للغاية.
كانت قوة رمح الجليد التي اصطدم بالحوت من فعل ريم وتعويذها والتي كانت على قدم المساواة مع أقوى سحر قد رآه سوبارو حتى الآن.
إذا كان هدفًا لذلك السحر في أي وقت، فسيكون ذلك كافيًا لقتله ثلاث مرات.
ربما حتى مخلوق عملاق مثل هذا قد يتردد في ملاحقتهم بعد إصابته.
“ماذا حدث لعربات التنين الأخرى ؟!”
“يبدو أنهم تشتتوا وركضوا من أجل النجاة. إذا انفصلت وهربت فور وصول الضباب، فقد تتمكن من الهروب دون أن يطاردك الحوت الأبيض – إذا كنت محظوظًا “.
لا شك أنه كان إجراءً نموذجيا (أساسيا) عند مواجهة الحوت الأبيض، كان ذلك منطقيًا.
عربة التنين التي كانت تركض موازية لهم لم يتم العثور عليها في أي مكان. وبدا أن المركبات الأخرى التي كانت تتبعهم حتى تلك النقطة قد أطاعت تلك القاعدة غير المكتوبة وتناثرت في مهب الريح.
– ضغط سوبارو على أسنانه لأنه فقد العربات التي كان يعمل بجد للحصول عليها.
كان التوقيت كارثيًا. وقد تحطمت خطته لإجلاء جميع سكان القرية مرة أخرى.
“لا جدوى من البكاء على الحليب المسكوب (أي لا جدوى من التحسر على الماضي). على أي حال، يجب أن أركز الآن على طريقة للخروج من هذا الضباب … “
ريثما ارتجت أعضائه الداخلية، دفع سوبارو جانبا جميع المخاوف الأخرى (حتى تمكنهم من الهروب). كان لديهم القليل من الأوراق للعبها للتعامل مع الأزمة الحالية.
الآن بعد أن كانت عربة التنين الخاصة به غير متوفرة، كان بحاجة على الأقل لعربة أوتو للعودة إلى القصر. لهذا السبب، وفي الوقت الحالي، كان عليهم تجاوز ذلك الضباب الخطير –
“- !!”
فجوة الفم المبطنة بأسنان عملاقة طاحنة انفتحت على مصرعيها فجأة أمام أعينهم.
أدى الصوت الشديد والرياح العاصفة من هديره المدوي إلى ترنح تنين الأرض.
انشقت الأرض تحت أقدامه، وتعثرت أقدامه، رُفعت عجلات عربة التنين بينما مالت العربة إلى الجانب.
تحطمت الرفوف المملوءة بجرار الزيت، وقذفت الحمولة خارجا؛ كان سوبارو يتمسك بحبله الخاص، لكنه لازال معرضا للسقوط.
تشبث سوبارو بالعربة بشدة وهو يرى الفم الضخم المبطن بأسنان قذرة يتجه نحو الأسفل، في محاولة لابتلاع كل منهم.
في تلك اللحظة، أدرك سوبارو حقًا مدى ضآلته.
في تلك اللحظة بالذات، انغمسوا في ذلك اللقاء مع الحوت الأبيض في ضباب الليل العميق، كانوا في نهاية منضدة القمار والتي كانوا يراهنون عليها ببقائهم على قيد الحياة.
“—روااااااه!”
في اللحظة التي سمعوا فيها زئير الحوت القادم لابتلاع عربة التنين، سُمع هدير مدوّ تزامنا مع انطلاق شيء من على سطح العربة، لقد كانت ريم، قفزت كالرصاصة للأمام مباشرة محطمة الأرض خلال انطلاقها بينما تموج شعرها مع الرياح العاصفة انبثق قرن حاد من جبينها ريثما دخلت ريم طور الشيطاني (هيئة الأوني)، أرجحت ريم سلاحها الخاص، كرة ذات أشواك معلقة على طرف سلسلة حديدية (مورنينغ ستار-نجم الصباح).
“- تجاوزها (هجمة الحوت) إلى اليسار!”
“يسار، يسار، يسار، يسار، يسار!”
ارتطمت الكرة الحديدية مباشرة مع الفك العلوي للحوت الأبيض، مرسلة سحابة من الدم شديد السواد مغلقة الفم الهائل المتثائب.
ارتطم الفك السفلي بالأرض، ولكن مع ذلك، استمر الزخم في دفع الرأس العملاق إلى الأمام.
سخّر أوتو كيانه بالكامل للسيطرة على تنين الأرض. ومع ذلك، فإن العربة التي كانت تقف خلف الحيوان الراكض لم تستطع الهروب تمامًا من الجسم العملاق؛ احتك الاثنان، وأطلقا صوتًا مثل صوت الاحتكاك بالصخور الصلبة.
مع صرير ثقيل صاخب، فقدت العربة عجلة، وكذلك توازنها، وانقلبت على الفور.
بطبيعة الحال، كان سوبارو، الذي كان فوقها، عاجزًا عن تجنب السقوط نحو الأرض في هذه العملية.
– هل سأموت؟
قبل أن يؤدي عدم قدرته على الاستجابة إلى وفاته، التف ثعبان فضي حول صدر سوبارو (سلسلة حديدية). تم جر سوبارو بقوة من قبل هبوطه الحاد وسقط رأسه على مقعد السائق.
“خذ هذا -!”
بعد سحب سوبارو، حاملة سلاحها في يدها اليمنى، حطمت ريم المفصل الذي يربط مقصورة الأمتعة بمقعد السائق بيدها اليسرى الفارغة، ممسكة بحافة القسم المنفصل. وعلى الفور، قام التنين الأرضي الذي يسحب العربة بإخراج زئير مؤلم من الإجهاد حيث تمزقت أجزاء مركبة الشحن التجارية الكبيرة.
حتى لو تدمر نصفها، فقد كانت العربة كبيرة الحجم تقريبًا مثل المقصورة الخشبية.
أصابت العربة مباشرة بطن الحوت الأبيض. تراجع الحوت الأبيض وذيله يكسر الأرض والأشجار، ويركل سحبًا من الغبار.
“تقدم للأمام- هل فهمت ذلك ؟!”
حتى لو لم يكن أوتو يعرف ما حدث للتو، فقد لاحظ بالتأكيد حقيقة أن معظم العربة كان مفقودًا. كان صوته تشوبه المرارة وهو يبحث عن الأمل الذي يبرر هذه التضحية.
جعله هدير الحوت يرتجف بينما حجب الضباب أشد كثافة الضوء. من الضغط الواقع عليهم من الخلف، شعر أوتو باليأس المطلق، وعرف أن الأمل قد تحطم.
“ولماذا يأتي ورائنا فقط …؟ ألا توجد عربات أخرى؟! “
أطلق أوتو رثاءً وهو يلعن المحنة التي حلت به. وألقى باللوم على اللاعقلانية المطلقة التي جعلت العربات الثمانية الأخرى تُتجاهل أثناء مهاجمته.
شعر سوبارو بنفس الطريقة، لكنه ابتلع شكواه عندما أطلق أوتو سلسلة من الشتائم. لقد شعر وكأنه كان يلقي نظرة فاحصة على حقيقة قبيحة – ضد طائفة الساحرة، كان هو والآخرون الذين أحضرهم سوبارو بمثابة بيادق أو قرابين، أو ربما دروع لحوم.
“علاوة على ذلك، فإن لعن قدري لن يغير شيئًا …”
استمر تهديد الحوت الأبيض في الضغط عليهم من الخلف، محلقا في السماء أسرع من تنين الأرض. على الرغم من أن تنين الأرض كان يجري بحمل خفيف الآن بعد أن تخلوا عن حمولتهم، إلا أنها كانت مجرد مسألة وقت قبل أن يطاردهم الحوت.
“فكر، فكر، فكر. لا بد أن تكون هناك طريقة، شيء ما، شيء ما…! “
وضع سوبارو رأسه في العمل بشكل يائس، لكن لم تتبادر إلى ذهنه أي خطة لهجوم مضاد.
مع الشعور بالإلحاح الذي يثقله وضباب الليل الكثيف لدرجة أنه لم يستطع رؤية قدميه، لم يستطع سوبارو العثور حتى على تلميح واحد قد يدلهم على مخرج من ورطتهم.
ومع إهدار الوقت في الانتظار والتردد، أجبر القدر سوبارو على خيار صعب آخر.
تم هز العربة بشدة. عندما تشبث سوبارو بالأرض، اقتربت منه ريم. كان يجب أن تتعرض للاهتزاز أيضًا، لكنها لم تبد منزعجة من ذلك لأنها كانت تقترب منه بثبات.
“سوبارو. من فضلك أمسك هذا.”
“ماذا أو ما؟! هل فكرتِ بشيء؟! الآن يمكننا أن نفعل شيئًا أب – “
اعتقادًا منه أن ريم ربما توصلت إلى خطة خارج الصندوق للهروب من الأزمة، رفع سوبارو رأسه ورآها وهي تدفع كيسًا إليه. من الوزن الثقيل، أدرك على الفور أنها كانت نقود السفر.
ما فائدة المال في مثل هذا الوقت…؟
شعر بقشعريرة عميقة من عرض ريم، امتدت خدود سوبارو لتشكل ابتسامة بليدة .
“-ريم…؟ أعلم أن هناك مهارة في رمي العملات لإفقاد الشخص توازنه، ولكن هذا فقط في الألعاب … “
“سوف أنزل من عربة التنين وأقوم بالهجوم المضاد. خلال ذلك الوقت، أرجوك اخرج من الضباب، سوبارو “.
على الرغم من أن سوبارو حاول إنكار الواقع أمامه بالمزاح، إلا أن صلابة صوت ريم حطمت محاولاته.
استدارت ريم، في مواجهة أوتو بدلا من سوبارو.
“سيد أوتو. رجاءً اعتنِ بـ سوبارو. إنه قادر على دفع المؤلف الموعود- تخطى الضباب وأبلغ إقطاعية مايزرس عن ظهور الحوت الأبيض “.
أجاب أوتو، بعد أن تعذر عليه سماع كلمات ريم.
“مـ- مبلغ…؟
“ليس هناك وقت لذلك! في الوقت الحالي، حياتنا على المحك! “
على الرغم من احتجاجه، شعرت ريم بالارتياح لرؤيته يجعل تنين الأرض يركض مستميتا للعيش.
ضمت شفتيها مشكلة ابتسامة لطيفة عندما نظرت إلى الخلف نحو سوبارو.
“سوبارو من فضلك سامحني، أنا لست ذكية جدًا، لذا فهذه هي الخطة الوحيدة التي يمكنني التفكير فيها … “
“انتـ- انتظري ريم! قلتِ إننا يجب أن نبلغ عن ظهور الحوت الأبيض، أليس كذلك؟ لا تخبريني … أنك لا تخططين للعودة على قيد الحياة؟ “
حاول سوبارو بشدة أن يجعل ريم تعيد النظر في هذا القرار المأساوي الذي اتخذته.
على الرغم من أن الظلمة التي حلت بهم استمرت في محو بقية العالم، لسبب ما، فإن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يراه بوضوح هو وجه ريم أمام عينيه.
“لن أدعكِ تذهبين! لن أدعك! إذا كنتِ ستفعلين … إذا متِ أيضًا، فسوف …! “
بينما كانت ريم تقف أمامه، أسقط سوبارو كيس النقود بجانب قدميه، ووضع يديه على خصر ريم وجذبها إليه. لف ذراعيه حول جسدها الضئيل حتى لا تتمكن من الرحيل.
إن أفلتها الآن كأنه يترك حياتها تنسل من بين يديه.
كان عليه أن يوقف هذا المصير. هذا على الأقل –
“آه …”
مع احتدام العواطف داخلها، مما يكفي لجعل الدموع تنحصر في عينيها أطلقت ريم نفسًا دافئ وتقبلت عناقه.
عندما نظرت إلى نفسها، مضمومة بين ذراعيّ سوبارو، أخفضت نظرها بابتسامة ساحرة على شفتيها، على ما يبدو كانت مفتونةً بصوته.
“لقد ولدت بالتأكيد من أجل هذه اللحظة بالذات …”
“ماذا تقولـ …؟”
كان فمه مفتوحًا لكن لم يكن يستطيع تشكيل الكلمة
ضرب شيء ما مؤخرة رقبة سوبارو، وبدا وكأن العالم كله قد انقلب رأسًا على عقب. مدت ريم يدها وكأنها تحتضن سوبارو لكن سددت ضربة خاطفة بكف يدها موجهة نحو خلفية رأسه، استنزفت قوة الضربة القوة من جسد سوبارو، وانهار جسده مستندا على ريم.
“… م … ماذا فعلت …؟”
لم يؤثر تأرجح عربة التنين على رؤيته فحسب، بل كان يبتلع وعيه المتلاشي أيضًا.
تشبث سوبارو باستماتة بريم حيث أصبح من الصعب عليه حتى رفع رأسه عالياً.
حدقت ريم بمودة في وجه سوبارو وهو يكافح. ثم أحضرت شفتيها بلطف إلى أذن سوبارو، لعلها تصل إلى آخر شظية من وعي سوبارو المتلاشي.

8

في البداية، نظر التجار إلى بعضهم البعض وضحكوا على “عرض العمل” الذي قدمه سوبارو. ولكن عندما شعرت ريم بما كان يدور في خلد سوبارو، رفعت محفظتها وأظهرت للجميع مقدار العملات بداخلها، تغيرت تعابير جميع الرجال الذين ظنوا أنها مزحة في لحظة. بعد ذلك، عمل أوتو كزعيم عصابة وجند أولئك الراغبين في المشاركة. نتيجة لذلك، قرر عشرة من التجار المسافرين الأربعة عشر في الذهاب معهم. كانت بداية المحادثة صعبة، لكن تقسيم الأرباح الذي اقترحه أوتو حل المشكلة بدقة. “سوف يعهد الجميع بحمولتهم إلى الأربعة الذين لديهم أكبر عربات تنين. وسيتم توزيع صافي عائدات المبيعات المشتركة في العاصمة الملكية في وقت لاحق. ستعوض أرباح المبيعات تكلفة الشحن لمرافقة السيد ناتسكي “. كل ذلك كان بفضل مهارة أوتو في إرساء التوافق بين الجميع – لا شك أن ذلك كان تأثير يأسه عندما واجه فرصة العمر – تم التصويت له بالإجماع لتمثيل المجموعة. عندما رأى أن سوبارو كان قلقًا بشأن وقت مغادرتهم بينما كان يشاهد الباعة المتجولين وهم ينقلون حمولتهم، سأله أوتو، “يسعدني أنك تشتري الزيت الخاص بي، ولكن ما الذي تنوي فعله بكل عربات التنين هذه؟ “ لمس سوبارو ذقنه وهو يفكر في السؤال. “نحن في طريقنا إلى اقليم مايزرس. تصادف أنني خادم يعمل لصالح ماركيز ميزرس ، كما ترى “. “أنا على علم به. ماركيز روزوال إل.مايزرس، إنه معروف “بميله” إلى أنصاف البشر. يقولون إنه غريب الأطوار، حتى بمعايير نبلاء لوغونيكا “. لو سمعت “رام” هذا التقييم، لكانت بلا شك غاضبة. غرقت أكتاف سوبارو عندما سمع وصف أوتو. “حسنًا، لا أحد ينكر ذلك. إنها الحقيقة أنه أشبه ما يكون بـ منحرف “. “لكنه صاحب عملك؟ حسنًا، لقد قلت ذلك لأنني توقعت ردًا من هذا النوع. على الرغم من أنني يجب أن أعترف أنك لا تبدو كخادم لسيد نبيل، سيد ناتسكي “. “ما زلت في فترة التدريب. أنا فقط نجحت في الخياطة وترتيب الأسرة حتى الآن “. “في كلتا الحالتين، سأثق في قصتك حول خدمة الماركيز … لكن لماذا ستستأجر كل عربات التنين هذه؟ بالتأكيد الماركيز يستطيع تحمل كلفة عرباته الخاصة؟ “ كان التحقيق الذي طرحه أوتو دليلًا على أنه يشك في نية سوبارو الحقيقية. “كما قلت، نحن بحاجة إلى مجموعة من عربات التنين. لدينا الكثير لنحمله لذلك من الأفضل أن تكون معنا عربات فارغة قدر الإمكان. في حالتك، هذا يعني الاضطرار إلى شراء كل الزيت خاصتك “. “وأنا ممتن جدا لذلك. ما هي البضاعة التي تنوي نقلها إذن؟ “ من أسئلة أوتو المتكررة، يبدو أنه لا يشك في أهداف سوبارو. وبدا أنه يضغط عليه بدافع القلق البسيط من أن الشحنة التي سيتم نقلها قد تكون خطيرة. “-” لم تكن هناك حاجة لإخفاء الأمر بالكذب. لم يستطع أن يدع هذا الحديث يثير الشك داخله ويؤدي إلى إلغاء الصفقة. “نحن سننقل … الناس.” “لا تقل لي أننا سنشارك في تجارة العبيد ؟!” “لن نفعل شيء مشبوها من هذا القبيل. توجد قرية بالقرب من قصر الماركيز. إنها مستوطنة صغيرة، والقرويون مجتمعون لا يبلغ عددهم حتى المائة. أريد أن أحمل هؤلاء الأشخاص على متن العربات وأخرجهم منها “. – وميض الإلهام هذا هو السبب في أن سوبارو استأجر أوتو والآخرين. يمكن أن تجري عربة التنين الكبيرة للشحن التجاري التي كان سوبارو وريم يستخدمونها مع أكثر من عشرة أشخاص على متنها. بعد جمع جميع العربات من مثيلتها، اعتقد سوبارو أنه يمكنهم إخلاء كل قروي حتى آخرهم. “لا تخبرني أن الحمولة هي جثث!!، إذا كان الأمر كذلك، سأضطر إلى إلغاء الصفقة مع أسفي الشديد… “ “… أريدك أن تخرجهم من هناك حتى لا يتحقق مثل ذلك الافتراض.” بسبب توقه إلى لم شمله مع إيميليا، نسي سوبارو القرويين. لقد كان منزعجًا من عدم اهتمامه بهم، لكن مصادفة أوتو والآخرين كان بمثابة ضربة كبيرة جدًا من الحظ الجيد. سواء كان ذلك من قبيل الصدفة أو القدر، فقد كان سوبارو محظوظا لأن يكون في الجانب المحظوظ لمرة واحدة. “في الواقع، نحن نخطط للقيام بحملة صيد على نطاق واسع في الجبال في المنطقة المحيطة بقصر الماركيز في المستقبل القريب.” “حملة صيد؟” “كانت هناك مجموعة من الوحوش الشيطانية تتكاثر في البرية حول القصر في طريق العودة. عزلت الحواجز الناس عن الوحوش الشيطانية حتى الآن، لكن … منذ وقت ليس ببعيد، أصابت تلك الوحوش بعض الناس في القرية “. “و “حملة الصيد” هذه هي نتيجة لذلك؟ لكن…” لم يستطع أوتو أن يتفهم الأمر تمامًا. يبدو أنه كان يواجه مشكلة في تصديق شيء ما في تفسير سوبارو. ظل سوبارو صامتًا وهو يرفع كم ذراعه الأيمن، ويظهر له الندوب القاسية التي تركتها الوحوش عليه. أخذ أوتو نفساً صغيراً وحاداً عندما رأى الجروح العميقة للمخالب والأنياب. تم نحت الكثير منها في جسم سوبارو والتي لن تتلاشى أبدًا. “بحسن نيته، أرسلني الماركيز إلى العاصمة الملكية لكي أتعافى. الآن بعد أن تعافيت جزئيًا ولم أعد على مقربة من الموت، أنا في طريق عودتي “. “أنا – أرى … إيه، ولكن لماذا تشتري عربات تنين على طول الطريق السريع دون أن يكون الماركيز هو البادئ في هذه المبادرة …؟” “قرر الماركيز بدء الحملة على الفور قبل أن يبدأ نقل السكان. لهذا السبب أريد التأكد من أن كل شيء على ما يرام ودون أخطاء. ليس الأمر كما لو أنني لا أثق في حكم سيدي، لكن لدي خبرة سابقة في هذا الأمر “. عندما قدم سوبارو هذا البيان المتواضع أصدر أوتو صوتًا صغيرًا من التنهد وغرق في التفكير. “فهمت. آسف للتنقيب في الأشياء التي لم ترغب في التحدث عنها. سأشرح هذا الأمر للآخرين دون أن أذكر الندوب “. ظهر تعبير مؤلم على وجه أوتو اللطيف بينما أظهر احترامًا لسوبارو. لا شك أنه ندم عن غير قصد على ذكر صدمة سوبارو السابقة. اعتقد سوبارو أن هذا التغيير المفاجئ في سلوك أوتو، والتحول من الأفكار المتعلقة بالتجارة إلى مجرد القلق بشأن شريكه في العمل، أظهر أن أوتو كان رقيق القلب. “لا تقلق بشأني. من فضلك اشرح ذلك الأمر للجميع بشكل مباشر حتى لا يفكر أحد بأي شكوك غريبة “. “حسنًا، سأفعل ذلك إذا أصررت، على الرغم من أنني لست مقتنعًا بذلك حقًا.” ابتسم أوتو معتذرًا بسبب استخفافه سابقًا بأسباب سوبارو. اعتقد سوبارو أنه كان شريرًا لأنه استمر في صنع الأعذار داخله. – إنه لم يكن كذبا حقًا؛ فقط لم أقل الحقيقة كاملة.

“سيكون كل شيء على ما يرام، سوبارو. سأراقبك دائمًا من الخلف “.
لا داعي لفعل أي شيء. فقط كوني دائما ورائي.
كانت تلك كلمات سوبارو لريم في صباح يوم مغادرتهم. ومن ثم، كما قال، وقفت الآن خلفه – كحارسه الشخصي.
“لا … لم أقصد أبدًا …”
“سوبارو. أنا….”
فقد سوبارو وعيه.
للحظة، شعر وكأن شخصًا ما كان يعانقه بقوة.
شعر بشيء ناعم يلمس جبهته ثم غادر هذا الشعور على الفور. وكان هذا آخر شيء يعيه.
7

الفصل الثالث عويل الحوت الأبيض أدّت التوصية التي قدمتها أناستازيا إلى حصول سوبارو على أكبر عربة تنين قد رآها حتى الآن. كان يجر هذه العربة تنين الأرض المعروف بقوة أرجله الخلفية كبيرة الحجم. مما يجعل الأرض ترجف أثناء جريه عبر السهول العشبية. “العربة سريعة بمثل ضخامتها … مدهش، ولكن هل يمكنك التقليل من ركل كل هذا الغبار أثناء الركض؟” كان الغبار المتطاير يغطي مجال رؤيته بالكامل، مما جعل سوبارو يطيل يضغط بعينيه “يبدو أن هذا التنين يجر عادة عربات شحن لذلك لا يهتم براحة الركاب أو هدوء خطواته بما أنه معتاد على السفر السريع … “ “آخر تنين متوفر، ويركض بسرعة لذلك لا مجال للتذمر، لا يمكن للمتسولين أن يكونوا انتقائيين، لكن … هذا لا تزال رحلة قاسية نوعًا ما “. لحسن الحظ، بفضل نعمة تنين الأرض – قوة خاصة تنتمي إلى أفراد أو أنواع معينة في هذا العالم – لم يؤثر الغبار عليهم بشكل مباشر، على الرغم من ذلك فلقد انزعج سوبارو من صعوبة الرؤية. انتهى الأمر بسوبارو وهو ينظر إلى السماء، على أمل حدوث أي تغيير. تدفقت الغيوم في السماء حيث غيرت الشمس زاويتها تدريجيًا. كانت هذه التغيرات تعني مرور الوقت ومعه احترق قلب سوبارو شيئًا فشيئًا. -بالتأكيد تحركاتهم وخطواتهم أسرع مما حدث خلال التكرارات السابقة لهذه الدورة (حلقة التكرار). هذه المرة، لم يتمكنوا من اكتساب أي تعزيزات، لكن المغادرة بعربة تنين في اليوم الثاني فقط، كان أفضلية عن المرات السابقة. سيكونون قادرين على عبور الطريق السريع خلال نصف يوم، والوصول إلى القصر في فجر اليوم الثالث. كانوا سيكسبون أكثر من نصف يوم مقارنة بالمرة الأولى – بالتأكيد سيملكون ما يكفي من الوقت لإخراج إيميليا والآخرين من القصر والهروب من طائفة الساحرة. “المشكلة هي … إمكانية مواجهة طائفة الساحرة خلال المرور بالطريق مثل المرة السابقة.” وفقًا لذكرياته المبهمة عن المرة الثانية، كان داخل كهف عندما استعاد وعيه. إذا كان في طريق عودته إلى القصر مثل المرة السابقة، فمن الممكن أن يحدث نفس الشيء هذه المرة أيضًا. عندما فكر في كيفية مقتل ريم، وكيف أمضى تقريبا يومًا كاملا في جرها قبل مغادرتهم للكهف: “هذا يعني أنهم تسللوا إلى المنطقة خارج القصر قبل أيام.” لكنه لم يكن يعرف بالضبط في أي يوم كان ذلك. ستقع المأساة في صباح اليوم الخامس. في المرة الثانية بعد استنتاج سوبارو أنه استغرق يومًا بكامله للخروج من الكهف أدرك أن مواجهته مع طائفة الساحرة حدثت بين اليوم الثالث والرابع. “بعبارة أخرى، حتى لو وصلنا صباح الغد، فإن هذا لا يعني أننا لن نصطدم بهم …!” عدم معرفته بما يمكن توقعه نظرًا لقلة المعلومات جعله يطحن أسنانه بقوة بما يكفي لتسرب الدم إلى فمه. نظر سوبارو إلى الجانب تجاه ريم، والتي كانت تركز على قيادة العربة. مرة أخرى، إذا واجهوا طائفة الساحرة، فلن يكون أمامه خيار سوى الاعتماد على ريم. كان سوبارو قد فكر في أن يوضح لها مسبقًا أنهم قد يواجهون طائفة الساحرة، ولكن عندما حاول نطق الكلمات، أدرك أن صوته ببساطة لم يخرج. لم يكن الخوف من العقوبة التي ستلحق به بسبب إفشائه للمعلومات التي اكتسبها عن طريق العودة للحياة بعد الموت. طبعًا كان خائفًا من ذلك الألم. لا يمكن لأي شخص عاقل أن يتحمل معاناة هذا الضغط على القلب. لم يكن يريد حتى التفكير في تذوق هذا العذاب مرة أخرى. لكن هذا الألم لم يكن السبب وراء تردد سوبارو في الحديث عن طائفة الساحرة. كان لديه سبب آخر، سبب لم يستطع الهروب منه. – هل ستصدق ريم حقًا ما يقوله لها سوبارو؟ “-!” مجرد التفكير في هذا الأمر سبب قشعريرة خللا عموده الفقري. كان غير قادر على تحمل ذلك، قام فقط بعناق كتفيه بصمت. تسارعت ضربات قلبه إلى درجة غبية. والرغبة في التقيؤ استولت على أحشائه. لقد منعه التوتر الناجم عن وضعه المتأزم من الحصول على أي راحة أو نوم. كان التعب الجسدي ينهش عقله وجسده على حد سواء. في تلك اللحظة، كانت ريم هي أشد من يمكن أن يثق به في العالم بأسره. حتى إيميليا قد ألقته جانبا. بعد أن رفضته كلٌ من كروش وبريسكيلا وأناستازيا واحدةً تلو الأخرى، سقط سوبارو في الريبة، وملأه الشك في أي شيء وكل شيء. في تلك اللحظة، كانت ريم هي كل ما يملكه سوبارو. كانت ريم هي الشخص الوحيد الذي يمكن أن يقول عنه ’ حليف غير قابل للشك’، لقد كانت شخصًا يمكنه أن يضع كل ثقته فيه بلا تردد. إذا كشف لها أشياء عن طائفة الساحرة، وأصبح بعدها وجهها مليئًا بالريبة، فماذا ستفعل به؟ لقد أخاف ذلك سوبارو حتى من التفكير في الأمر. “هذا ليس وقت التردد …!” كان التنهد والتنفس بقوة هو الشيء الوحيد الذي يمكنه فعله للتخلص من مشاعره الجبانة. غرق صوت تنفسه وسط الضوضاء التي سببها تنين الأرض الراكض فلم يُسمع تنهده إلا من طرفه. تملكه الخوف، الآن وبعد أن تذكر احتمالية مواجهة طائفة الساحرة، لم يكن صمته إلا خيانة لريم. بعد كل شيء، قد فقد حياته سلفًا والآن هاد لتحقيق النهاية السعيدة المنشودة. “-ريم… أريد أن أتحدث إليك بشأن -” “سوبارو – هناك مجموعة من الناس على الطريق أمامنا.” “إيه؟” بينما كانت ريم تنظر للطريق أمامهم، فقد تابع سوبارو نظرتها ليرى عددًا من الصور الظلية تحوم في سحابة من الغبار. لقد فوجئ بشدة، هل كانت طائفة الساحرة تعد لهم كمينًا؟ على الرغم من أن سوبارو قد فقد صوته بسبب المفاجأة من الأحداث، إلا أن ملامح إحدى الصور الظلية الغامضة أصبحت أكثر وضوحًا تدريجيًا، وأصبحت في النهاية شخصية واضحة المعالم. وقف هذا خيال في منتصف الطريق، يلوح بذراعيه وينادي بصوت عالٍ لـ يوقف عربة التنين. “هاااااااااي! هل يمكنك إيقاف عربتك حتى نتمكن من تبادل المعلومات؟! “ كان هذا الرجل ذو الوجه الرقيق والشعر الرمادي أوتو سوين، تاجر متجول.

“…آااه.”
تمكن سوبارو من الشعور بالاهتزازات والارتجاف المتكرر للعربة، بالإضافة إلى شيء يصطدم برأسه مرارًا وتكرارًا. تدريجيًا، اعاد هذا الأمر عقل سوبارو الفارغ، وجلبه إلى الواقع.
حاول رفع رأسه والجلوس، لكن الهزات استمرت في محاربته.
كانت يده زلقة، وكان على وشك أن يسقط على الأرض مرة أخرى، ولكن تم تجنب ذلك لأن شيئًا ثقيلًا كان يضغط على بطنه.
جاء الضغط على أحشائه من شيء قاسي. عندما لمسته يده، عرف من الملمس أنها كانت نقودًا من نوع ما وعادت إليه الذكريات القاسية لما عاشه قبل أن يفقد وعيه.
“— ريم ؟!”
“السيد. ناتسكي؟! هل أنت مستيقظ؟!”
ألقى سوبارو جانباً حقيبة النقود الملقاة على بطنه، وظل جالسًا متكئًا على يديه بينما كان ينظر حوله. كان العالم لا يزال غارقًا في الظلام، لكن صوت الاهتزاز العنيف أخبره أنه لا يزال على متن عربة التنين.
عندما لاحظ أوتو أن سوبارو كان مستيقظًا، أدار رأسه للاطمئنان عليه. كان سوبارو يحاول النهوض عندما سمع صوت أوتو، كان ينظر إليه من مقعد السائق.
“من فضلك لا تتحرك! لقد ضربت رأسك بقوة، كذلك نعمة تنين الأرض فارقتنا منذ مدة الآن، تنين الأرض يركض بكل قوته؛ لذلك ليس لدي وقت لأهتم بك. سيد ناتسكي! “
“لا تهتم بأي من ذلك! ماذا عن ريم، ماذا حدث لريم؟! “
نظر سوبارو في كل ركن من أركان مقعد السائق بحثًا عن الفتاة.
بدون المقطورة، كانت عربة التنين ضيقة للغاية.
يمكن لأي شخص أن يفهم في لحظة أنه ليست هناك حاجة للبحث.
ومع ذلك، حتى يتأكد من ذلك بنفسه، لن يستطيع قبول أنها لم تكن هنا.
“أجبني، أوتو. ماذا حدث لريم …؟! “
“تلك الشابة …”
أدرك أوتو أن صوت سوبارو كان خشنًا ومضطربًا بدرجة كافية لدرجة أنه قد يجن في أي لحظة، ولا شك في أن أوتو تردد في الرد لأنه كان يعرف مدى خطورة هذا الأمر.
“… نزلت من عربة التنين للاشتباك مع الحوت الأبيض … حتى نحصل على فرصة للهروب.”
أخبره هذا الرد أن الحديث بينهما قبل أن يفقد وعيه لم يكن حلمًا أو وهمًا بل كان حقيقة.
“—–”
بعد أن حصل على إجابته من الرجل، امتص سوبارو أنفاسه مرة واحدة. ثم قال
“ارجع إلى الوراء”.
“…هاه؟”
“قلت لك أن تعود. علينا إنقاذ ريم! ارجع الآن! “
قفز سوبارو إلى مقعد السائق الضيق وأمسك أوتو من ياقة ملابسه.
بسبب ارتباكه وانشغاله بالسيطرة على تنين الأرض، لم يتمكن أوتو من الرد على رد فعل سوبارو العنيف. أصبح وجهه شاحبًا حياتنا تم الإمساك بياقته.
“أ- هل أنت جاد؟! نرجع الى الوراء … نرجع الى الوراء ونفعل ماذا؟! ألم تر كم هو مرعب هذا الوحش؟! إن هذا انتحار! “
“أنا أخبرك، عد إلى حيث رأينا الوحش حتى نتمكن من إنقاذ ريم، سحقا!!”
عندما رفض أوتو إطاعة أمره، انتفخ وريد في جبين سوبارو وصرخ بغضب.
الخطر الذي يشكله الحوت الأبيض قد طبعا على عيون سوبارو. لقد سبح المخلوق العملاق في الهواء أسرع مما يمكن لتنين الأرض أن يركض، كانت صفعة واحدة عرضية من ذيله قادرة على تمزيق العربة. حتى داخل الضباب المسبب للعمى، كان يمكنه تحديد موقع فريسته دون خطأ؛ حتى سحر ريم لم يلحق به أي ضرر.
كان بلا شك أكبر وأقوى الأعداء الذين رآهم سوبارو منذ وصوله إلى هذا العالم. مقارنة بالتهديد الذي يمثله هذا الحوت، كان التعامل مع إيلسا، التي بالكاد يمكن اعتبارها كإنسان، وقطيع الوحوش الشيطانية (اوروغاروم) أسهل بكثير.
لكنه لم يستطع حتى أن يحلم بطريقة لهزيمة وحش بهذا الحجم.
“حتى ريم لا تستطيع هزيمته، أيضًا … لا يمكننا تركها فقط. إذا فعلنا ذلك …! “
كان سوبارو يدرك جيدًا مدى قوة ريم في حالة الشيطان. لكن إلمامه بقدراتها كان يعني أنه يستطيع القول بوضوح أن قوتها كانت لا تعني شيئًا أمام جبروت الحوت الأبيض.
إذا ترك ريم وراءه، فسيخسرها بالتأكيد. عندها سيكون كل شيء بلا معنى.
ثم لن يكون هناك معنى في بقاء سوبارو.
كانت ريم جزءًا لا يمكن الاستغناء عنه من مستقبل سوبارو المنشود!
إذا لم تكن موجودة، فإن سوبارو سيغفل حتى عن وجود ذاته.
لن يكون لديه من يقبله كما هو. احتاج سوبارو منها منحه هذا القبول.
“لن أسمح لها بالتضحية بنفسها لكسب الوقت! عد الآن، أوتو! لو لم تفعل … “
“هل فقدت عقلك؟!”
ومع ذلك، صراخ أوتو الغاضب قاطع مناشدة سوبارو. كان لا يزال سوبارو ممسكًا بياقة أوتو، لقد شعر بضغط على ظهر معصمه؛ في اللحظة التالية، تم ضربه على ظهر مقعد السائق.
“آجاه!”
“هل تظن أنك يمكنك إرغام تاجر متجول يقود عربة تنين على طريق سريع دون نعمة التنين (أي دون حماية في مواجهة الرياح)، أنت تقلل من شأني كثيرًا!”
مع إسقاط سوبارو لأسفل، قام أوتو بلف معصم يده ضاغطا على كتف سوبارو إلى أقصى حد، بينما لا يزال يمسك باللجام بيده الأخرى طوال الوقت.
“على أية حال، اهدأ! انظر الى نفسك. ماذا يمكنك أن تفعل في مثل هذه الحالة؟ هل تخطط لإهدار المشاعر التي تركتها الفتاة وراءها؟ “
“لا تتحدث عن ريم! لقد تركتها … تركت ريم لتموت! ليس لديك الحق في التحدث عنها! ارجع! سننقذ ريم الآن …! “
“آه، يا إلهي! أنت لا تستمع! أرجوك استعد رباطة جأشك! “
تجادل سوبارو مع أوتو وهو يكافح ويتلوى من أجل فك ذراعه. في هذه الأثناء، حدق أوتو في الطريق أمامه بينما ركض تنين الأرض على منتصف الطريق.
“ما زلت لا تفهم مدى رعب الحوت الأبيض؟! هناك حكايات كثيرة لمن حاول قتله منذ أن نزل على العالم منذ قرون! ألا تفهم معنى ذلك؟! “
خيم البؤس على وجه أوتو وهو يصرخ في وجه سوبارو العنيد.
“لم يتمكنوا من قتله مهما حاولوا، حتى مع تحدي المئات له دفعة واحدة! ليس لدينا حتى أسلحة أو القوة للقتال، فماذا يمكننا أن نفعل؟! نقف أمامه وننقذ الفتاة؟! لا يمكننا فعل ذلك! ليس هناك طريقة!”
“اخرس بالفعل! لقد سمعت كل هذا قبل – “
“إذن يجب أن يكون الأمر واضحا! حتى عندما جمعت مملكة لوغونيكا قوة استكشافية كبيرة لقمعه، قتل الوحش قديس السيف السابق! لا يمكننا التغلب عليه! “
ارتجف وجه أوتو بأسف مرير وهو يعترف بالحقيقة، حمل أوتو أيضًا غضبا اتجاه الحوت الأبيض، غضب لن يتلاشى أبدًا.
ولكن مع ذلك، فإن خطر الحوت الأبيض الذي أثار حنقه لا يمكن لإنسان المساس به.
لتعليم الجاهل سوبارو خطأ فكره، كان على أوتو أن يجبر نفسه على الاعتراف بضخامة خطر الحوت الأبيض
مما سبب ألما حادا في صدره.
“قتل … قديس السيف …؟”
عندما كشف أوتو عما في داخله، كان هذا الجزء من القصة لم يسمع به سوبارو من قبل. قديس السيف – كان هذا هو اللقب الممنوح لأقوى إنسان كان سوبارو قد سمع عنه منذ استدعائه إلى هذا العالم. بالنسبة إلى سوبارو، كان رمزًا للقوة التي لا تقهر.
لم يكن من المؤكد أن قديس السيف السابق يمكنه أن يتباهى بنفس القوة التي يتمتع بها راينهارد الملقب بـ “الأعظم على الإطلاق”. ولكن إذا كان الشخص الذي يحمل لقبًا مساويًا لرينهارد شخصًا يتمتع بقوة مماثلة، وقد قتل الحوت الأبيض مثل ذلك الشخص …
“إنه أقوى من راينهارد …؟”
لا يمكن وصف الوحش الذي يتجاوز أعظم الكائنات إلا بأسوأ الكوارث.
فقد سوبارو الشعور بما حوله، فقد ذلك الذعر الذي دفعه للأمام بدونه لا يملك ما يكفي من القوة ليجلس بشكل سليم حتى.
“ماذا افعل…؟ هذا ليس الوقت المناسب للاستلقاء….. “
أراد أن ينقذ ريم. أراد أن ينقذها حقًا.
إذا لم يرجع الآن، فلن تتحقق هذه الأمنية. ومع ذلك، على الرغم من أن قلبه يفهم ذلك، لم تصل إرادة القتال إلى أطرافه. كانت روحه ضعيفة للغاية.
أطلق أوتو سراح سوبارو، وقال بشفقة بادية على صوته، “أنا ضعيف، وأنت كذلك. هذا هو السبب في أننا لا نستطيع إنقاذها – نحن لا نقارن بقوتها وإرادتها لا نحمل حتى شمعة أمام لهيب عزمها وقوتها“.
—لكن في أعماقها لم تكن ريم قويةً أيضًا.
على الرغم من أن سوبارو يعلم ذلك، لطالما علم ذلك، إلا أنه لم يستطع البوح بأي شيء.
تمسك برأسه بينما كانت عربة التنين تهزه، استمر تنين الأرض في التقدم مباشرة واختراق ضباب الليل.
بقيت ريم خلفهم، مهجورةً، وعربة التنين تسحب سوبارو أبعد وأبعد عنها.
“——”
ظل منحنيًا يائسًا مع مرور الوقت – لربما خمس دقائق أو عشر.
“السيد. ناتسكي، هذا … “
بعد أن جعل أوتو تنين الأرض يركض في صمت حتى ذلك الحين، بدا وكأنه يشك في عينيه وهو ينادي سوبارو.
رفع سوبارو رأسه وشق طريقه بيأس للجلوس بجانب أوتو على مقعد السائق، ونظر في نفس الاتجاه – ووجد ضوءًا يتلألأ وسط الظلام.
“هناك ضباب في الطريق، لكن … ذلك ضوء مصباح بلوري!”
“هل فعلناها … هربنا من الضباب …؟”
“حتى لو نجحنا، فما زلنا على الطريق السريع في الليل، لذا فإن أي ضوء نراه سيكون غير طبيعي. من المحتمل أنه شخص وقع في الضباب مثلنا …! “
كما لو كانت الأحداث تدعم استنتاج أوتو، تبدى أن الطرف الآخر قد لاحظهم أيضًا. بعد حوالي نصف دقيقة، ظهرت عربة تنين والرجل الذي يقودها من الضباب.
“اللعنة- أخيرًا شخص ما…! مهلا، هذا مجرد ضباب، أليس كذلك؟! لا تقل لي أن هذا هو الحوت الأبيض؟! “
كان الرجل في بداية سيل شتائمه بينما كان يصرخ بشدة، وسقط في حالة من الرعب.
عندما رأى سوبارو وأوتو في ضباب الليل، لا بد أنه تمسك بالأمل في أنهم كانوا منقذين من نوع ما. حاول بشدة إنكار ما هو واضح، لكن أوتو هز رأسه.
“أخشى أن يكون الأمر كذلك. لقد واجهنا بالفعل الحوت بأنفسنا. لحسن الحظ، من المفترض أننا تخلصنا منه الآن، ولكن حتى يهرب أحدهم من هذا الضباب، فلا أحد يعرف أين سيظهر مرة أخرى”.
“جديًا …؟! آه، هذا فظيع. لماذا، لماذا يحدث هذا لي …؟ “
بعد نظرة جانبية على الرجل الذي يمسك برأسه مفقودًا في رثائه الشخصي، حدق سوبارو في أوتو، الجالس بجانبه – كأن استخدامه لكلمة “حسن الحظ” قد دل على أن أوتو قد نسي ذنبه بالفعل بتركه ريم وراءه.
“أوتو، كن مراعيًا لما تقوله، حاذر مما تتفوه به.”
“ما الأمر، سيد ناتسكي؟”
“أنا أقول لك ألا تستهزئ بالأشياء. ‘لحسن الحظ’…؟ هذا ليس مضحكا. برأيك، ما الذي مرت به ريم عندما …؟ “
بقدر ما يتعلق الأمر بمغادرة ريم، فقد كانت جريمة سوبارو وأوتو متساوية.
على الرغم من ذلك، كان سوبارو غاضبًا عندما فكر في ريم –كان ذلك محاولة لتهدئة مشاعره بالذنب.
فهم سوبارو. لقد فهم طوال الوقت.
فكرة أن ريم، التي تُركت وراءهم، ستقف أمام الحوت الأبيض، ستقاتل، وتعيش – لم يكن ذلك سوى خيال، لم يكن حتى تمنيًا.
هناك، داخل ذلك الضباب للمرة الثالثة، ماتت ريم – مرة أخرى – لإنقاذه …
“ريم؟ من ذاك؟”
تم تقويض أفكاره حول العزيمة المأساوية لريم بسهولة مروعة.
“-هاه؟”
“إيه يعني من هذه ريم؟ لم يكن هناك أحد بهذا الاسم بين التجار الرحالة الذين تفرقوا … عمن تتحدث؟ “
أمال أوتو رأسه، ولم يفهم ما يعنيه سوبارو.
بالنسبة إلى سوبارو، كانت تلك المعاملة العرضية تجاه وجودها بمثابة إلقاء الطين على روحها النبيلة.
– لوّح قبضته على جانب وجه أوتو بكامل قوته.
على الفور انفلت اللجام من يد أوتو واضطرب تنين الأرض، مما أدى إلى انحراف عربة التنين بعنف إلى اليمين.
بعد أن فقد موطأ قدمه، سقط سوبارو للخلف من مقعد السائق حيث ارتطم الرجل الذي ضربه للتو بالمقعد الموجود بجانبه.
“ماذا كان ذلك؟! لأجل ماذا فعلت ذلك؟”.
“لا تعبث معي!”
بمنظر من لا يصدق، كانت عيون أوتو مفتوحة على مصراعيها ردًا على فعل سوبارو العنيف، لكن كلمات أوتو وأفعاله كانت غير معقولة بالنسبة لسوبارو.
“ماذا تقول بحق الجحيم …؟! أتسأل من هي ريم؟ إنها الفتاة التي بقيت في الخلف حتى نتمكن من الهرب! لا تعبث معي! هل عندك رغبة في الموت…؟! “
“أنا أقول لك، أنا لا أفهم ما تقوله!! أنت فقط تقول أشياء غريبة فجأة … هل قادتك رؤيتك للحوت الأبيض إلى الجنون؟! “
حتى في مواجهة اتهام سوبارو، أعلن أوتو براءته.
كانت رؤية سوبارو مصبوغةً باللون القرمزي كان قلبه يغلي بمشاعر شرسة لا يمكن كبتها.
شعر بغليان دمائه وحاجته إلى إراقة الدماء كلما مرت الثواني بشكل بطيء مؤلم، كل ما فكر فيه هو كسر الرقبة النحيلة للرجل أمامه، امتدت يداه لينزع الحياة من جسده الناكر للجميل –
صرخ الرجل من عربة التنين إلى جانبهم، في حالة صدمة عندما رأى الشجار العنيف على وشك التطور إلى القتل، لمحاولة إيقافهم.
“ما الذي تفعلانه؟! هذا ليس وقت الجدال! علينا الخروج من. الضبا…(الضباب)”
لكن صوته لم يصل إلى الاثنين وضاع في خضم اللحظة.
كان الإجراء التالي للرجل بعد أن تحدث هو ما فض هذا النزاع القبيح. “الخروج من الضباب والهرب من الحوت الأبيض يأتي أولاً، أليس كذلك -؟ “
كان الرجل يواصل التحدث بمنطقه الواقعي. لكن خلفه، تم ابتلاع عربة التنين في الفم العملاق لـ الحوت الأبيض، واختفت من مجال رؤية سوبارو وأوتو في غضون ثانية واحدة.
استدار رأس الحوت لأعلى، وابتلع العربة والتنين في لقمة واحدة هائلة.
سحق الخشب والمعدن معًا، أطلق تنين الأرض صرخة الموت بينما لحمه يطحن بين طواحن الحوت(أسنانه). الصرخة العظيمة وصوت زفيره أغرق صوت الرجل بلا شك وبالمثل لقد تحول إلى لحم مفروم.
“لماذا-؟”
صدم التسلل الصامت للمخلوق الهائل سوبارو وأوتو بما يتجاوز الكلمات.
ارتجفت ركبتي أوتو عندما شاهد المشهد المروع للحوت الأبيض مرة أخرى؛ كانت عيون سوبارو واسعة غير قادر عل الرمش.
“لماذا … أنت هنا…؟”
لم يعرف الحوت الأبيض، الذي كان لا يزال على قيد الحياة وبصحة جيدة، أدنى اهتمام بالشخصين الصغيرين المجاورين له تمامًا حيث كان يلعق شفتيه، ومذاق العشاء ينتشر من خلال فمه.
“وجودك هنا … يعني …”
ماذا حدث للفتاة التي بقيت في الخلف لإلهاء الوحش؟ مع تواجد هذا المخلوق الرهيب أمامه، لم يستطع إلا أن يطلب إجابة لسؤاله.
وبطبيعة الحال، لم يقدم الحوت الأبيض أي شيء. بعد انتهائه من المضغ، تحركت عينه العملاقة لأسفل لإلقاء نظرة على عربة التنين بجانبه – وسوبارو – أثناء تقييمه لفريسته التالية.
“اوااااااااه – !!”
صرخ أوتو، متصدعًا تحت الضغط قبل حتى أن يتحرك المخلوق.
تنين الأرض، الذي كان مذعورًا أيضًا بسبب وجود الحوت الأبيض، زاد من وتيرة الركض دون انتظار أمر سيده. اتسعت المسافة بينهم وبين الوحش في غضون لحظة، ولكن الحوت الأبيض بدوره سبح بشكل أسرع.
“لماذا لماذا لماذا لماذا…؟ كان يجب أن نتخلص منه. لماذا هو…؟!”
على مقعد السائق في عربة التنين المتسارعة، ظل سوبارو غارقًا في اليأس والجزع. وكان أوتو مدفوعًا إلى إبداء آخر ما في جعلته من حنكة وذكاء، عندها تنقلوا من يمين الرأس إلى اليسار.
“لماذا يتبعنا بعناد…؟! في كل هذا الظلام.. لماذا…؟! هل لدي علامة هدف مرسومة على ظهري …؟! “
صرخ أوتو عندما أخذ المصباح البلوري المتصل بعربة التنين وألقى به بعيدًا. حتى لو كان ذلك بلا جدوى، فقد أراد الاختباء من أعين الحوت الأبيض حتى ولو للحظة قصيرة. لكن صراخ أوتو عاد فجأة بفكرة إلى عقل سوبارو.
أثناء رثائه وصراخه، تساءل أوتو بصوت عالٍ عما إذا كانت هناك هدف معين من اتباع الحوت الأبيض لهم لكي يتبعهم بإصرار. إذا كان هناك أي سبب للتركيز عليهم بشدة، إذن –
“لا يمكن أن يكون ذلك …”
سحب سوبارو نفسه إلى مقعد السائق، متشككًا في عينيه وهو يحدق في الحوت الأبيض السابح خلفهم.
في ضباب الليل، حجب الظلام في كل مكان الهيكل العملاق للمخلوق. ومع ذلك، عندما قام سوبارو بتضييق عينيه، كان بإمكانه رؤية شيء ما على رأس الحوت الأبيض الذي يواجههم.
رأى قرنًا ملتويًا متصاعدًا يبرز من رأسه.
– رأى بأم عينيه أيضًا قرونًا على الكلاب الشيطانية، الوحوش الشيطانية البرية التي تعيش في الغابة حول القصر والتي تشبه الكلاب كبيرة الحجم. وقد تعلم من التجربة أن تلك الوحوش الشيطانية، التي قيل إنها ولدت من قوة الساحرة، انجذبت إلى رائحتها التي يطلقها سوبارو. بعبارة أخرى…
“… ذلك الوحش … الحوت الأبيض هو وحش شيطاني أيضًا …؟”
عندما أعرب عن الاحتمال الذي يصعب تصديقه، هز رأسه مواجها الواقع غير المقبول. ولكن عندما فكر في الأمر، كان كل شيء مناسبًا (كل شيء أصبح منطقيا)، أدرك أن هذا يفسر سبب إيجاد الحوت الأبيض عربة تنينه أولا من بين كل تلك العربات التي تفرقت. وأوضح ذلك سبب مطاردته لعربة أوتو بعناد منذ لحظة صعود سوبارو على متنها.
وأوضح ذلك سبب سعي المخلوق لعربة التنين هذه حتى بعد أن سلمت ريم نفسها للموت في رهان لكسب الوقت.
وتذكر كيف ترددت ريم في إخباره بشيء عن الحوت الأبيض وهو يلاحقهم في الظلام.
كان ذلك لأن ريم أدركت ذلك.
“الحوت الأبيض … ينجذب إلى رائحتي(جسدي) …؟”
هاجمهم الحوت الأبيض لـ مطاردة سوبارو – سعياً وراء رائحة الساحرة. أدركت ريم هذه الحقيقة قبل أي شخص آخر؛ ولحماية سوبارو، نزلت من عربة التنين في محاولة لكسب المزيد من الوقت.
لحماية سوبارو. من أجل سوبارو وحده.
“لا، ريم … بسببي … بسببي …!”
أخفض سوبارو رأسه وغرق أرضًا، محاربًا الحزن الفائض بداخله.
إن معرفة أن ريم قد ماتت، وأنه يتحمل كل المسؤولية عن موتها، كان له تأثير كبير على عقل سوبارو وجسده.
“السيد. ناتسكي … “
بسبب اليأس، شعر سوبارو أن أوتو يربت على كتفه من الخلف.
كانت أصابعه ترتجف وصوته جاف. ارتجف وهو ينظر في اتجاه أوتو.
“أوتو، أنا …”
“من فضلك مت.”
في اللحظة التالية، دفعه أوتو للسقوط من عربة التنين.
“-هاه؟”
انقلب مجال رؤيته عندما هبط بعنف، وفقد إحساسه بالاتجاهات.
وسط فوضى رؤيته، رأى أوتو يضحك بصوت عالٍ. كان فمه مفتوحًا على نطاق واسع لدرجة أن سوبارو كان بإمكانه رؤية أضراسه البيضاء ، والبصاق يقطر من زوايا فمه وهو يتحدث.
“هذا خطأك! I- إذا كنت السبب وراء اتباعه ذلك ، فقم بتحمل المسؤولية! آه ها ها! موت! مت وأنقذني! “
عند سماع ضحك أوتو المهووس، أدرك سوبارو أن عقله قد جن تمامًا. تم دفع أوتو إلى الحافة.
سمع أوتو تمتمة سوبارو الضعيف، تشبث بأصغر الآمال، ولم يكلف نفسه عناء التأكد قبل دفع سوبارو إلى الهلاك.
وفي الوقت الذي أدرك فيه سوبارو ذلك، وصل جسده إلى الأرض.
ضرب ظهره الأرض بلا رحمة. بدون مبالغة، كان الألم وكأنه كسر كل عظمة في جسده. بكى من الألم بينما كانت أعضائه الداخلية محطمة، بصق الدم واستمر في التدحرج.
كان التأثير صعبًا بما يكفي لإضعاف قدرته على إدراك الألم.
تقيأ سوبارو الدم مرارًا وتكرارًا، ورفع رأسه المتذبذب. كان يسمع صوت عربة تنين وهي تجري بعيدًا عنه.
الغريب أنه لم تخطر بباله أي كلمات عتاب.
من المؤكد أنه كان يعاني من الكثير من الألم والمعاناة للتعبير عن أي شكوى، ولكن حتى بتجاهل ذلك، لم يكن لديه القلب لعتاب أوتو.
كان التاجر في المكان الخطأ في الوقت الخطأ ودفع سوبارو في صراع يائس من أجل البقاء. ربما غفر له سوبارو لأنه لم يكن من المتوقع أن يفعل خلاف ذلك.
“إيه! وجهي! “
بمثل هذه المشاعر، وطعم الدم يملأ فمه، والألم الشديد الذي كان جسده يحاول تذكره …
“-”
… كل هذه الأشياء تم نسيانها عندما رأى أمامه هذا المخلوق الضخم للغاية.
– بنظرة واحدة، أدرك سوبارو كم كان من الحماقة أن يتحدى هذا الخطر الرهيب والمذهل.
بينما كان سوبارو يصارع للنهوض كان الحوت الأبيض قريبًا بما يكفي ليلمسه، كان يزفر أنفاسه الفاسدة من فمه الضخم أثناء فحصه لذلك الكائن الصغير أمامه.
بالنسبة لجسد الرجل الصغير، كان مجرد زفير من الحوت الأبيض عاصفة شرسة. تم إرسال سوبارو، غير القادر على دعم جسده متدحرجا على الأرض مع تلك الدفعة من الهواء.
“-”
ثم، بينما كان سوبارو يتلوى ويعتصر من الألم، ظل الحوت الأبيض صامتًا وهو ينظر إليه، كما لو كان يلعب معه.
كلمة ’ غير مبالي’ لا تنطبق على المخلوق الساكن في مكانه. كان الاختلاف بينهما بهذه البساطة.
مثل نملة تتحدى فيلًا أو رجلًا يتحدى حوتًا تحت أمواج المحيط.
داخل رأس سوبارو، الذي يغمره الألم والغثيان، كان يعلم أنه يشعر بالموت يقترب، إنه شعور باليأس قد مر عليه كثيرا من قبل.
ببطء ولكن بثبات، كان يدرك تمامًا اليأس من فقدانه لأهم ما يملك ويدرك عجزه، وأنه مرة أخرى ترك الأشياء التي كان عليه القيام بها غير مكتملة.
جاءت مشاعر العجز إليه مثل الأصدقاء القدامى، وهم يلفون أذرعهم حول كتفيه مثل أفضل الرفاق وهم يضحكون على متاعبه المحرجة وصراعاته المضحكة.
لم يعد لديه أي فكرة عما حدث عن تدهور الأحوال. ولكن الآن بعد أن ضاعت ريم أمامه، لم يتبق أي شيء لسوبارو.
لضحك على نفسه لمحاولاته السخيفة للمقاومة والبقاء على قيد الحياة حتى في هذه الظروف.
حتى في حالته المثيرة للشفقة، كان. غبيًا، عديم القيمة، مجرد روح فقيرة، لم يتبق له شيء لفعله على الإطلاق، أدنى أشكال الحياة.
لقد شعر بالحوت الأبيض، أمامه مباشرة، وأنفه يقترب منه.
كان فمه المفتوح مبطناً بالأسنان التي لا تتزعزع والتي مضغت حتى تنانين الأرض القاسية بسهولة.
كانت هذه الأسنان لتقضمه وتطحن وتمضغ لحمه وعظامه وروحه.
ارتجفت شفتاه، محاولًا أن يقول شيئًا شجاعًا مثل “اقتلني بالفعل” أو “أسرع وافعلها”.
“أنا لا … لا أريد أن أموت …”
هذه المرة، يأس سوبارو حقًا من حقيقة أنه أضعف من أن يطالب بذلك.
شعور بالعجز خالج صدره لم يسبق له مثيل، طعنه كأنه شفرة باردة.
تجمد الدم في جميع أنحاء جسده.
لقد يئس بينما تحول العالم من حوله إلى اللون الأسود.
“لا … لا أريد أن أموت! أنقذ – لا أريد أن أموت … لا أريد أن أموت، لا أريد أن أموت … لا، لا، لا … أنقذيني، ريم، أنقذيني …! “
انسكبت الكلمات اليائسة والواهية من فمه مع اقتراب النهاية الحتمية لحياته البائسة.
كان ذلك مثيرا للشفقة بشكل منفر.
لا يمكن أن يطلق عليه سوى ‘مشهد مخزي’ حقًا. كان أي شخص سيبعد نظره عن هذا المشهد ويسخر منه.
لا شك أن حتى المشاهدة مؤلمة. لم يستطع التمسك بالحياة ولا التمسك بكرامته كإنسان أيضًا.
كان بائسا. حتى الحشرات كانت أكثر روعة وتعيش بفخر أكبر منه.
هذا الولد الذي يشفق على نفسه، كان قذرا جدًا بحيث لا يمكن اعتباره شكل حياة جديرًا بالاحترام، كان حقًا “خنزيرًا جشعًا” (كان حقا يمثل جشع الخنزير).
“لا لا … لا أريد أن أموت … أنقذوني …”
ومع ذلك، فقد زحف في محاولة للهرب، مستغلًا أي احتمال قد يسمح له بالاحتفاظ بحياته.
جسده، قوته المنهكة، لم يسمحا له بالذهاب أبعد من ذلك. كانت أطراف أصابعه تخدش العشب فقط، وتفتقر إلى القوة لخدش التربة. حتى إرادته للبكاء ضاعت الآن.
كان التدحرج على جانبه هو آخر أفعاله في المقاومة.
“لا أريد أن أموت …!”
ثم تدحرج على ظهره، كان التوسل من أجل حياته ينسكب من فمه. كان هذا هو كفاحه الأخير للعيش، متمسكا بأي شيء قد ينقذه.
لم يستطع فعل أي شيء لم يستطع التفكير في أي شيء أكثر من ذلك، كان ينتظر المحتوم فقط.
ومع ذلك، بغض النظر عن المدة التي انتظرتها سوبارو، فإن الضربة التي ستنهيه لم تصل أبدًا.
على الرغم من أن صديقه القديم، هالة الموت، سبقت اللدغة التي ستكون نهايته العنيفة … إلا أنها لم تأت أبدًا.
كان الرعب من معرفة أن النهاية قريبة، ولكن متى ؟!، كان شيئًا يحطم قلب الإنسان بسهولة.
سيطر عليه الرعب الذي لا يطاق.

أجبر جسده المرتعش على التحرك. نظر حوله وسعى إلى إنهاء يأسه، عندما …
“… إيه؟”
… أدرك أن الحوت الأبيض، الذي من المفترض أنه يقترب منه مع كل لحظة، لم يكن موجودًا في أي مكان.

2

8

“آه، أنا سعيد جدًا. في هذه الأيام، يتجه معظم الناس إلى العاصمة الملكية، ولا يخرج منها سوى عدد قليل ثمين. لذلك اعتقد أنني سأسألك بضعة أمور إن أمكن “. مع توقف عربة التنين، جاء أوتو لتحية ريم وسوبارو بمصافحة وابتسامة أثناء حديثه. لم يبدو مخمورا لا من نبيذ ولا من أحزان العالم. (يقصد أنه شخص مبتهج لا يبدو أنه واجه حزنًا من قبل) أوتو البائع المتجول بدى مفعما بالحياة. عادت الذكرى التي نسيها لـ أوتو وهو يحاول يائسًا لإيقافه في المرة الأولى. حاول سوبارو التخلص من الطعم المر لها أثناء إلقاء نظرة على الأشخاص الذين يقفون وراء أوتو. “هل كل فرد في هذه المجموعة بأكملها تاجر متجول؟” “في الواقع هم كذلك، نحن متجهون إلى العاصمة وفي قلوبنا التوق إلى تحقيق الأرباح “. رد أوتو على سؤال سوبارو بابتسامة لطيفة ودودة. كانت هناك عربات تنانين مختلفة متوقفة على جانب الطريق، وكان الرجال، والذي من المفترض أنهم أصحاب العربات، قد اجتمعوا معًا. كان هناك أكثر من عشرة منهم، من الشباب إلى الرجال في الأربعينيات من العمر. بالحكم على أن أوتو وسوبارو وريم قد اختتموا مجاملاتهم، اجتمعوا حول الأخيرين، وقدموا أنفسهم عندها بدأوا في تحديد موضوع المحادثة. كان محتوى المحادثات في الغالب عن الوضع الحالي في العاصمة الملكية والتغيرات التي طرأت عليها. علاوة على ذلك، تحدث التجار بشكل أساسي عن أشياء مثل الاتجاهات في أسعار العملات المعدنية والجو في السوق. بصراحة، كل دقيقة تضيع في هذا الهراء كانت ثمينة. الآن بعد أن تأكد أن أوتو آمن، كان سوبارو ليسر لو تغاضى عن هذه المحادثة (الغير مفيدة) وغادر، لكن… “ستغادر الآن …؟ أليس هذا خطيرا؟ لقد حل الليل بالفعل. نحن نخطط للتخييم هنا الليلة. يمكنك البقاء معنا إذا أردت “. تمامًا كما قال أوتو، كانت الشمس تغرق بالفعل في الغرب، مع تسلل الليل على الطريق السريع. قريباً سيغرق طريق ليفاس السريع في الظلام. سيكون لديهم فقط ضوء المصباح البلوري السحري والنجوم للاعتماد عليها. كان التجار قد بدأوا بالفعل في الاستعداد للتخييم، حيث أشعلوا نيرانًا باهرة في وسط المخيم، مع هذا العدد الكبير من الناس، حتى الوحوش البرية وقطاع الطرق لا يمكنهم فعل الكثير. ولكن حتى الوقت الذي يمكن قضاؤه في أمان كان وقتًا لا يستطيع سوبارو تضييعه. “أوتو. أنت تحاول فقط بيع بعض هذا الزيت الذي اشتريته في الوقت الخطأ، أليس كذلك؟ لا ترسم هذا الوجه اللطيف أمامي! “ رفض سوبارو الدعوة، وبدأت مجموعة من الأصوات تمازح أوتو، وانتشر الضحك الصاخب عبر المجموعة. أوتو، بعد هذه النكتة، قام بملامسة شفتيه وجعل وجهه حزينًا. “هذا ليس دافعي على الإطلاق. إنني أتكلم من منطلق النية الحسنة البحتة. حسنًا … ستحتاج بالتأكيد إلى طعام وفوانيس. على الرغم من أنني أستطيع منحك ذلك… أمم، إذا كان بإمكاني دفعكم لشراء القليل من الزيت، فإنني أرغب في ذلك كثيرًا “. عندها أخفض أوتو كتفيه وأعرب عن حزنه الواضح، سألت ريم، “ما أمر هذا الزيت؟” “أوه، لقد انتهى بي الأمر متحصلا على بضاعة من صفقة ظننتها رابحة. في الوقت الحاضر، البضائع التي أحملها هي كمية كبيرة إلى حد ما من الزيت. كنت أريد تداوله في سوق العاصمة مقابل مبلغ كبير من المال، ولكن الآن، حياتي تعتمد على هذا الزيت (يقصد أنه أنفق كل ما يملك لشراء الزيت)، ويجب أن أخفف من الخسارة قدر الإمكان … “ كان واضحًا من تعبيره أنه كان يبحث عن التعاطف مع محنته … ومشتري لـزيته. لا شك أن ريم فهمت هذا جيدًا. ورغم تعاطفها معه، فإنها لن تقدم له شيئًا غير التعازي الروتيني. “لا أعرف ما إذا كنت سأتمكن من بيع كل هذا الزيت حتى لو ذهبت إلى العاصمة الملكية. إذا بعته بسعر التراب، فسأفلس – سأصير مفلسا! “ كرر كلماته للتأكيد على فداحة مصيبته، لقد فتح الباب على مصراعيه لأي شخص كريم يرغب في أخذ وإزالة كل هذه الحمولة من بين يديه. على الرغم من أن هذا الرجل قد ساعده خلال المرة الأولى، إلا أنه كان على وجه التحديد سبب سعي سوبارو لتجنب التورط بعمق معه الآن. يمكنه أن يتمنى من أجل نجاح مساعي أوتو، ولكن عند هذه النقطة الحاسمة، كانت تحقيق أهدافهم هو الأولوية الآن. للوصول إلى اقليم مايزرس في أقرب وقت ممكن، لم يتمكنوا من تجنب السير في الطريق السريع في الليل. ولكن بمجرد أن كان سوبارو على وشك أن يقول وداعًا له، أدرك فجأة شيئًا ما. إذا لم تكن الثقة بالنفس كافية لتنفيذ خططه، فربما يجب عليه تحقيقها بالمال… “أوتو، هناك شيء ما … لا، لدي عرض عمل.” انفتحت عينا أوتو عند رؤيته التعبير على وجه سوبارو وتغير الهواء من حوله. ربما شعر من صوت سوبارو أنه لم يكن يمزح، لذلك فقد اتخذ على الفور موقف التاجر. “إذا كان الأمر يتعلق بالأعمال التجارية، فسأستمع إلى أي شيء تريد قوله. عزيزي الزبون كيف يمكنني أن أكون في خدمتك؟ “ “سأشتري كل قطرة زيت توجد في عربة التنين الخاصة بك. في مقابل ذلك ، ساعدني “. أشار سوبارو إلى تنين أوتو البري، الذي يتذكره، ثم فتح ذراعيه على مصراعيه، صارخًا بصوت عالٍ بما يكفي لجميع التجار لسماعه. “كل تاجر لديه تنين أرض هنا … إذا كانت خدماتك معروضة للبيع، إذا دعني أشتري كل ما لديك!” 3

من هذه اللحظة فصاعدًا، كان تشبثه الشديد بالحياة هو الشيء الوحيد الذي أبقى سوبارو يستمر في الحركة.
“لا أريد أن أموت … لا أريد أن أموت، لا أريد أن أموت …”
كان يلهث، يترنح على قدميه، مع قطرات من الدم في عينيه تغيم على بصره.
لكن سوبارو لم ينتبه لكل ذلك وهو يركض.
لم يغير ذلك شيئا.
لقد ضاع في الظلام والضباب منذ البداية.
في أحضان الليل الخالي من القمر والنجوم، لم يستطع سوبارو حتى رؤية قدميه. أو ربما كان الحوت الأبيض قد ابتلعه منذ فترة طويلة لكنه لم يدرك ذلك ببساطة.
ربما، حتى في تلك اللحظة بالذات، كان في بطن الوحش الشيطاني، يركض فقط نحو هلاكه …
“هيك.”
وسط الظلام، واصل سوبارو الركض والجري بمفرده.
لقد فقد ريم، وقد تخلى عنه أوتو، حتى أن الحوت الأبيض تركه وراءه.
لم يعرف لماذا فكرة ‘ لا أريد أن أموت ‘ هي كل ما جال في خاطره.
ما الذي بقي في هذه الحياة؟
ما المعنى من عدم الموت؟
لربما برزت الأفكار غير المتماسكة والمشتتة كوسيلة بسيطة وغريزة لحماية روحه من الخوف والألم.
لقد كان من المقرف كيف وأنه في مثل هذا الموقف لا يزال يشفق على نفسه.
“-آه؟”
وبينما كان يوبخ نفسه بلا نهاية، سقط الضباب حوله فجأة وبدون ضجة (أو وداع).
انهار سوبارو على الأرض ومحياه يعلوه الارتباك وعدم التصديق أن هذا الظلام الأبدي قد انقشع.
انسكب بعدها عليه ضوء القمر الناعم حتى أحس انه يغرق فيه … لقد نجا.
بعد أن شعر سوبارو بالدم يتدفق عبر أطرافه مرة أخرى، مد يديه نحو سماء الليل.
لم يكن ما شعر به هو الفرحة الجامحة للنجاة.
“لقد فعلتها مرة أخرى…”
لقد يأس من نفسه بعد أن خدع الموت مرة أخرى بعد صراع بائس آخر.
بعد أن حصل على الحياة التي كان يتوق إليها، لم يستطع سوبارو الاستمتاع بها.
إحساسه بالذنب الذي لا يهدأ في صدره، وخزيه من أنه كاد ينساها، قربه إلى التوق للموت مرة أخرى.
“ريم … ريم …!”
مغطيا وجهه دعا اسمها والدموع الساخنة التي لا يمكن كبتها تتدفق.
سعى سوبارو إلى صفح ريم عنه ومسامحته لعل روحه تجد السكينة والطمأنينة.
مرغ رأسه في التراب باكيا ناحبا
لم يدرك كم من الوقت مر على هذا النحو حتى سمع صوت صرير بطيء يقترب منه.
“هااي، أنت …”
لقد كان تنين أرض، كان يسحب البقايا الملطخة بالدماء مما كان ذات يوم عربة.
لقد تعرف على هذه العربة.
لم يكن هناك خطأ – لقد كان تنين الأرض الخاص بـ أوتو. لكن لم يكن هناك ما يشير إلى الشاب الذي دفع سوبارو بعيدًا.
“لماذا أنت هنا…؟ أين هو؟ أين أوتو؟ “
على الرغم من أنه طرح السؤال، إلا أنه لم يتلق أي رد بالطبع.
اقترب منه تنين الأرض.
سوبارو بدوره نهض وسار نحوه. عندما نظر سوبارو إلى الحيوان المتضرر بشدة، أدرك ذلك.
– مقعد السائق ملطخ بالدماء ومليء بخناجر تشبه الصلبان.
هاجمهم شخص ما عندما تركوا الضباب.
لم يستطع سوبارو حتى تخيل اليأس الذي شعر به أوتو، بعد أن أصيب بالجنون وترك سوبارو ليموت في آخر محاولة له للهروب بحياته، ينصب له كمين يودي بحياته بعد أن تنفس الصعداء
لكن حقيقة أن تنين أرضه كان بمفرده أوضحت النتيجة.
“…لنذهب.”
مع تنهد صامت، جر سوبارو جسده المليء بالآلام إلى مقعد السائق. أمسك اللجام بيده اليمنى، والتي كانت لا تزال تعمل بطريقة ما، فعل ما رأى الآخرين يفعلونه وأمر تنين الأرض للتحرك بنقرة واحدة.
استشعر الوحش أنه ليس سيده من يعطي الأوامر، نظر إلى سوبارو بعيونه المستديرة، على ما يبدو في حيرة من أمره.
ولكن عندما حرك سوبارو اللجام مرة أخرى، بدأ التنين يتحرك برفق على الطريق السريع.
– تحت بريق القمر الفضي، ركض تنين الأرض بسلاسة.
الرجل والتنين البري، بعد أن فقد كلاهما شخصًا ثمينًا، كانا يلعقان جروح بعضهما البعض مستحمين في ضحكات القمر والنجوم
بلطف وبهدوء، استمر تنين الأرض في الجري.
واستمر في الجري.

الفصل الثالث عويل الحوت الأبيض أدّت التوصية التي قدمتها أناستازيا إلى حصول سوبارو على أكبر عربة تنين قد رآها حتى الآن. كان يجر هذه العربة تنين الأرض المعروف بقوة أرجله الخلفية كبيرة الحجم. مما يجعل الأرض ترجف أثناء جريه عبر السهول العشبية. “العربة سريعة بمثل ضخامتها … مدهش، ولكن هل يمكنك التقليل من ركل كل هذا الغبار أثناء الركض؟” كان الغبار المتطاير يغطي مجال رؤيته بالكامل، مما جعل سوبارو يطيل يضغط بعينيه “يبدو أن هذا التنين يجر عادة عربات شحن لذلك لا يهتم براحة الركاب أو هدوء خطواته بما أنه معتاد على السفر السريع … “ “آخر تنين متوفر، ويركض بسرعة لذلك لا مجال للتذمر، لا يمكن للمتسولين أن يكونوا انتقائيين، لكن … هذا لا تزال رحلة قاسية نوعًا ما “. لحسن الحظ، بفضل نعمة تنين الأرض – قوة خاصة تنتمي إلى أفراد أو أنواع معينة في هذا العالم – لم يؤثر الغبار عليهم بشكل مباشر، على الرغم من ذلك فلقد انزعج سوبارو من صعوبة الرؤية. انتهى الأمر بسوبارو وهو ينظر إلى السماء، على أمل حدوث أي تغيير. تدفقت الغيوم في السماء حيث غيرت الشمس زاويتها تدريجيًا. كانت هذه التغيرات تعني مرور الوقت ومعه احترق قلب سوبارو شيئًا فشيئًا. -بالتأكيد تحركاتهم وخطواتهم أسرع مما حدث خلال التكرارات السابقة لهذه الدورة (حلقة التكرار). هذه المرة، لم يتمكنوا من اكتساب أي تعزيزات، لكن المغادرة بعربة تنين في اليوم الثاني فقط، كان أفضلية عن المرات السابقة. سيكونون قادرين على عبور الطريق السريع خلال نصف يوم، والوصول إلى القصر في فجر اليوم الثالث. كانوا سيكسبون أكثر من نصف يوم مقارنة بالمرة الأولى – بالتأكيد سيملكون ما يكفي من الوقت لإخراج إيميليا والآخرين من القصر والهروب من طائفة الساحرة. “المشكلة هي … إمكانية مواجهة طائفة الساحرة خلال المرور بالطريق مثل المرة السابقة.” وفقًا لذكرياته المبهمة عن المرة الثانية، كان داخل كهف عندما استعاد وعيه. إذا كان في طريق عودته إلى القصر مثل المرة السابقة، فمن الممكن أن يحدث نفس الشيء هذه المرة أيضًا. عندما فكر في كيفية مقتل ريم، وكيف أمضى تقريبا يومًا كاملا في جرها قبل مغادرتهم للكهف: “هذا يعني أنهم تسللوا إلى المنطقة خارج القصر قبل أيام.” لكنه لم يكن يعرف بالضبط في أي يوم كان ذلك. ستقع المأساة في صباح اليوم الخامس. في المرة الثانية بعد استنتاج سوبارو أنه استغرق يومًا بكامله للخروج من الكهف أدرك أن مواجهته مع طائفة الساحرة حدثت بين اليوم الثالث والرابع. “بعبارة أخرى، حتى لو وصلنا صباح الغد، فإن هذا لا يعني أننا لن نصطدم بهم …!” عدم معرفته بما يمكن توقعه نظرًا لقلة المعلومات جعله يطحن أسنانه بقوة بما يكفي لتسرب الدم إلى فمه. نظر سوبارو إلى الجانب تجاه ريم، والتي كانت تركز على قيادة العربة. مرة أخرى، إذا واجهوا طائفة الساحرة، فلن يكون أمامه خيار سوى الاعتماد على ريم. كان سوبارو قد فكر في أن يوضح لها مسبقًا أنهم قد يواجهون طائفة الساحرة، ولكن عندما حاول نطق الكلمات، أدرك أن صوته ببساطة لم يخرج. لم يكن الخوف من العقوبة التي ستلحق به بسبب إفشائه للمعلومات التي اكتسبها عن طريق العودة للحياة بعد الموت. طبعًا كان خائفًا من ذلك الألم. لا يمكن لأي شخص عاقل أن يتحمل معاناة هذا الضغط على القلب. لم يكن يريد حتى التفكير في تذوق هذا العذاب مرة أخرى. لكن هذا الألم لم يكن السبب وراء تردد سوبارو في الحديث عن طائفة الساحرة. كان لديه سبب آخر، سبب لم يستطع الهروب منه. – هل ستصدق ريم حقًا ما يقوله لها سوبارو؟ “-!” مجرد التفكير في هذا الأمر سبب قشعريرة خللا عموده الفقري. كان غير قادر على تحمل ذلك، قام فقط بعناق كتفيه بصمت. تسارعت ضربات قلبه إلى درجة غبية. والرغبة في التقيؤ استولت على أحشائه. لقد منعه التوتر الناجم عن وضعه المتأزم من الحصول على أي راحة أو نوم. كان التعب الجسدي ينهش عقله وجسده على حد سواء. في تلك اللحظة، كانت ريم هي أشد من يمكن أن يثق به في العالم بأسره. حتى إيميليا قد ألقته جانبا. بعد أن رفضته كلٌ من كروش وبريسكيلا وأناستازيا واحدةً تلو الأخرى، سقط سوبارو في الريبة، وملأه الشك في أي شيء وكل شيء. في تلك اللحظة، كانت ريم هي كل ما يملكه سوبارو. كانت ريم هي الشخص الوحيد الذي يمكن أن يقول عنه ’ حليف غير قابل للشك’، لقد كانت شخصًا يمكنه أن يضع كل ثقته فيه بلا تردد. إذا كشف لها أشياء عن طائفة الساحرة، وأصبح بعدها وجهها مليئًا بالريبة، فماذا ستفعل به؟ لقد أخاف ذلك سوبارو حتى من التفكير في الأمر. “هذا ليس وقت التردد …!” كان التنهد والتنفس بقوة هو الشيء الوحيد الذي يمكنه فعله للتخلص من مشاعره الجبانة. غرق صوت تنفسه وسط الضوضاء التي سببها تنين الأرض الراكض فلم يُسمع تنهده إلا من طرفه. تملكه الخوف، الآن وبعد أن تذكر احتمالية مواجهة طائفة الساحرة، لم يكن صمته إلا خيانة لريم. بعد كل شيء، قد فقد حياته سلفًا والآن هاد لتحقيق النهاية السعيدة المنشودة. “-ريم… أريد أن أتحدث إليك بشأن -” “سوبارو – هناك مجموعة من الناس على الطريق أمامنا.” “إيه؟” بينما كانت ريم تنظر للطريق أمامهم، فقد تابع سوبارو نظرتها ليرى عددًا من الصور الظلية تحوم في سحابة من الغبار. لقد فوجئ بشدة، هل كانت طائفة الساحرة تعد لهم كمينًا؟ على الرغم من أن سوبارو قد فقد صوته بسبب المفاجأة من الأحداث، إلا أن ملامح إحدى الصور الظلية الغامضة أصبحت أكثر وضوحًا تدريجيًا، وأصبحت في النهاية شخصية واضحة المعالم. وقف هذا خيال في منتصف الطريق، يلوح بذراعيه وينادي بصوت عالٍ لـ يوقف عربة التنين. “هاااااااااي! هل يمكنك إيقاف عربتك حتى نتمكن من تبادل المعلومات؟! “ كان هذا الرجل ذو الوجه الرقيق والشعر الرمادي أوتو سوين، تاجر متجول.

2

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط