نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

روشيدير | الفصل 13

أيمكنني الحصول على المزيد؟

أيمكنني الحصول على المزيد؟

” معذرة. لـم أتعرف على صوتك فظننت أن لاعبي فريقي البيسبول وكرة القدم قد عادوا. إنه خطئي.” أظهرت الـمتحدثة ابتسامة خجولة، إذ كانت هي الـمفضلة لدى الطلاب جميعاً في الـمدرسة… والتي اشتهرت باسـم نائبة رئيس مجلس الطلاب، شيساكي ساراشينا. اختفت هيبتها الـمُخيفة عندما رفعت يدها أمامها اعتذارًا، وغمزت. ماساتشيكا، الذي كان يجلس مقابلها، هدأ قليلاً.
“… ما معنى كل هذا؟”
“مممم؟ أنت أعلم مني.”
“مـــــاذا؟”
بينـما كان ماساتشيكا يـميل رأسه بفضول، نظرت شيساكي إلى أليسا الجالسة بجانبه.
“سـمـعت أن صديقتنا الصغيرة الودودة هنا حاولت إنهاء خصامهما وإيجاد حل مرضٍ للطرفين، لكنهما استـمرا في الاشتباك مثل الـمتوحشين وتجاهلا ما قالته. باختصار شديد، كانوا يحاولون إثارة الـمشاكل مع مجلس الطلاب بالكامل، لذلك قمت بضربهم حتى يعرفوا حدودهم! نعــــــــــــــم!”
(لماذا أظن أنها لم تكن ستقول هذا؟)
طوى ماساتشيكا تلك الفكرة جانبًا الآن، وحول نظره إلى السيف الخشبي الـمائل إلى جانب شيساكي.
“أمر منطقي… لكن، آه.. أليس السيف مبالغًا فيه؟”
“هاه؟ اوه.. هاهاهاها…”
نظرت شيساكي إلى جانبها بتوجس، ثـم قالت بنبرة فرح مصطنعة:
“لا تخف! قد تكون قبضتاي قاتلة، لكن السيف الخيزراني لـم يقتل أحدًا قط!”
“…اه هه.”
” سيُكسر سيف الخيزران قبل أن يُكسر الإنسان بسهولة!”
“هههه…” ضحك ماساتشيكا ضحكة جافة.
“هاها…! نعم!”
أحاطت شيساكي بعينيها نظرات حائرة وابتسـمـت بتوتر، وهي تدرك أن نكتها لـم تلقَ استحساناً. لو كان الأمر متعلقًا بـيوكي، لكان ماساتشيكا قد انساق مع الأمر، لكن هذه كانت شيساكي. لـم يكن الأمر يدعو إلى الضحك. كانت شيساكي ساراشينا، طالبة في السنة الثانية من الـمدرسة الثانوية، واحدة من الجميلتين الـمزعومتين في فصلها. كانت بعض الفتيان يخافون منها، بينـما كانت بعض الفتيات تعشقها لجمالها الذي جمع بين الرجولة والأنوثة. كانت تُلقَّب <> في الـمدرسة تعبيرًا عن إعجابهم بها. كان الناس ينادونها بالأم الظافرة أو الرئيسة، وهما لقبان يوحيان بالـمعنى نفسه، ولكنهم قرروا التـمسك بلقب دونا بشكل دائـم بعد أن انتقلت ماريا إلى الـمدرسة وأصبحت مادونا الـمدرسة. كانت تشرف على انضباط الطلاب في الـمرحلة الإعدادية، مثل الـمشرف على الـممرات، وهي الآن نائبة رئيس مجلس الطلاب، حيث تشرف على تنظيـم اجـتـماعات النوادي، التي كانت تضم في الغالب قادة النوادي ونائبيهم.
(إنها جديرة بالاحترام، وهذا واضح من احترام الجميع لها.) تذكر كيف تصرف فريق البيسبول وفريق كرة القدم بعد مغادرتهما الغرفة، ناهيك عن هالة التهديد التي كانت تحيط بها. وكانت تُروى عنها في الـمدرسة قصصٌ كثيرةٌ، منها كيف عملت بجدٍ حتى حلت مشكلة التنـمر في الفصل، وكيف تصدت بـمفردها إلى اثني عشر من الـمشاغبين الذين تسللوا إلى الـمدرسة، وكيف ردعت بجرأةٍ ثورًا هائجًا كان يهاجم طالبًا آخر في رحلة مدرسية إلى هوكايدو. ولكن كانت أشهر أعمالها البطولية عندما نجحت في إنقاذ طالبة من أكاديـمية سيرن من محاولة اختطاف على طريقها إلى الـمنـزل. من الـممكن أن تكون بعض القصص الأخرى مختلقة، لكن هذه القصة حقيقية، وقد ثبت ذلك بشكل لا يقبل الجدل، حيث مُنحت خطاب شكر من الشرطة بعد الحادث. فضلًا عن ذلك، كانت في الصحيفة أيضًا. ماساتشيكا كان يعتقد دائـمًا أنّها من النوع الذي قد يلجأ إلى العنف إذا لزم الأمر، مثل مُقرض الـمال، ولكن بعد أن رأى كيف كانت تتصرف بتوتر وقلق فقط لأنّهم كانوا ينظرون إليها بشكل غير لائق، أدرك أنّها لـم تكن كذلك على الأرجح.
“تـــ~تــــويا…!”
استغاثت بحبيبها بصوت حزين، وكأنها على وشك الانهيار. جلس تويا في كرسي الرئيس بجانب النافذة في مؤخرة الغرفة، ضحك ساخراً لـمناشدة حبيبته، ورد:
” اهدأ يا كوزي. لـم تلجأ شيساكي إلى العنف. اكتفت بالتلميح إليهم لتخويفهم.”
“تـــ~تـــــويا؟!”
اتسعت عينا شيساكي دهشةً.
“أنــــا أمزح.” قال تويا بابتسامة ماكرة. عبست شيساكي ووقفت، وراحت تدور حول الـمكتب لتضرب تويا على كتفه.
” أيها الأحمق! أيها البليد!”
“هاهاها! إنه خطئي.”
كان ماساتشيكا عاجزًا عن منع نفسه من الضحك على مشاجرتهـم التي تبعث على الدفء في القلب.
” أنت لئيـم للغاية!”
“هههه. شيساكي؟ كتفي سيُخلع من مكانه. حسنًا؟ كتفي.”
حسنًا.. ربـما لـم يكن الوصف الـمـناسب هو يبعث على الدفء في القلب. الأصوات كانت مصدر قلق. تحول صوت الضرب إلى صوت التصدع. بدأت تركز ضرباتها بقوة، وبعد كل ضربة، اهتز جسد تويا الرشيق. ولكنه استـمر في الابتسام رغم توبيخ حبيبته له. كان رجلاً حقيقياً في نظر ماساتشيكا.
” اعتذر عن التأخير ♪ ”
فجأة، فتحت ماريا الباب على مصراعيه، ووقفت مكانها لا تتحرك كأنها جماد، وهي تنظر إلى ما أمامها بدهشة، ثـم علت شفتيها ابتسامة خفيفة.
” يا إلهي. شيساكي؟ رئيس؟ لنقلل من الـمـغازلة في غرفة مجلس الطلاب.”
كان من العجيب أن ترى ماريا شيئًا عنيفًا إلى حد ما وتعتقد أنه تعبير عن الود. كانت في نظر ماساتشيكا عبقرية حقيقية. ومع ذلك، بدا أن الأمر نجح مع شيساكي.
“لـم نكن نتغازل!”
ما كان إلا بعد ابتعادها عن تويا ورؤيته يربت على كتفه، حتى عادت إلى رشدها. أظهرت تعبيرات وجهها أنها نادمة.
“آ~آســـــــفة. هل آذيتك؟”
“همم؟ آه، أنا بخير. كانت كتفي تحتاج إلى تدليك على أي حال.”
ابتسـم تويا وأدار كتفه، لكن ابتسامته بدت مصحوبة بألـم. تعامله مع الـموقف كان شديدًا الرجولة لدرجة أن ماساتشيكا أدرك كم أنه شخص رائع.
” أعتذر عن ذلك بشدة… يبدو أنني بحاجة إلى بذل جهد أكبر للتحكم في قوتي…”
“هل هي نوع من الأبطال الخارقين الجدد؟” همس ماساتشيكا في أذن أليسا.
“لا تقلقي بشأن ذلك.” طمأنها تويا. ” هذه هي الغاية من ممارستي للرياضة. واجهيني بكل ما أوتيت من قوة.”
“إنه يـمارس الرياضة ليبدو جذاباً في نظر صديقته” واصل ماساتشيكا حديثه همسًا.
“تــــــــويا…” همست شيساكي بصوتٍ خافتٍ
“عجباً! ما هذا البريق في أعينهما؟ هل حدث شيء رومانسي؟” سأل ماساتشيكا.
في مقابل همسات ماساتشيكا، سحبت أليسا كمه، وهزت رأسها توبيخاً، وحاولت ألا تبتسـم. بعد أن ضحك في سره من نظرتها الـمـعاتبة، التفت إلى شيساكي وهمس:
“أتظنين أن شيساكي تلف جسدها بأربطة بيضاء من القطن كالـمجرمين في الأنـمي؟”
“لـماذا تكترث أصلاً؟” همست أليسا بدورها.
” لأنه عندئذ يـمكننا أن نبدأ في مناداتها بـ ساراشي ساراشينا. أفهـمـتِ؟”
“بففف!”
لـم تستطع أليسا منع نفسها من الضحك على النكتة السيئة، ثـم احمرت خجلًا وضربَت ماساتشيكا على كتفه.
” يا إلهي. أنتـم قريبان جدًا.”
“…! ما الذي تقولينه؟”
” هيه! هكذا إذن! يبدو أننا لن نستطيع إخفاء الأمر عن أختك بعد الآن ☆” مازح ماساتشيكا وغمغم بعينيه بطريقة لـم يفعلها من قبل.
“اخرس.” ردت أليسا على عجل. ثـم سـمعا طرقًا على الباب، ودخلت يوكي.
“يا مرحبا. اعتذر عن تأخري.”
“همم؟ أوه. لا بأس.” قال تويا وهو يقف ويجلس معهم على الطاولة. كان تويا جالسًا في مكانه الـمخصص، أي في رأس الطاولة. ثـم جلست ماريا وأليسا ثـم ماساتشيكا عن يـمينه. على يساره جلست شيساكي ثـم يوكي. بعد أن جلس الجميع واسترخوا، سأل تويا:
” هل استعد الجميع؟”
” ” “مستعدون” ” ”
” إذن فلنبدأ. أولاً، فلنطلب من كوزي أن يعرّفنا بنفسه قليلاً.”
“حسنًا.”
نهض ماساتشيكا.
“أنا ماساتشيكا كوزي. سأبدأ العمل كعضو عام في مجلس الطلاب اعتبارًا من اليوم. اهتـماماتي تتنوع بين الثقافة الشعبية، وأنا على دراية بأغلب أعـمال الأنـمي والكوميكس الشهيرة. بالإضافة إلى ذلك…”
ألقى نظرة على أليسا، التي كانت جالسة بجانبه.
“أتطلع للمشاركة في الانتخابات القادمة العام الـمقبل مع أليسا كوجو هنا. في كل الأحوال، أنا سعيد لأنني أصبحت جزءًا من الفريق الآن.”
“مرحبًا بك على متن الرحلة.”
” نحن سعداء أيضًا بوجودك.”
” محظوظون بوجودك”
أقبل عليه الجميع بالتصفيق الحار والابتسامات. ابتسامة يوكي العتيقة وهي تصفق جعلت من الـمستحيل معرفة ما تشعر به حقًا، رغم أن أليسا راقبتها بهدوء.
“حسنًا، إذاً.. ما رأيكم أن نتحدث كلنا قليلًا عن أنفسنا أيضًا؟”
اقترح تويا، وهو يتبادل النظرات مع بقية الأعضاء، لـمعرفة ما إذا كان الجميع موافقًا على الفكرة. ونظر إلى ماساتشيكا مرة أخرى.
” أنا رئيس مجلس الطلاب، تويا كانزاكي. لقد كنت حريصًا جدًا على ممارسة الرياضة مؤخرًا. أهلًا بك في الفريق.”
” أنا نائبة الرئيس، شيساكي ساراشينا. هوايتي… هي ممارسة الكِندو على ما أظن؟ من دواعي سروري أن تكون معنا في الفريق.”
” أنا ماريا كوجو، السكرتيرة. أحب اقتناء الأشياء الجميلة. أوه، وأقرأ الكثير من الكوميكس، على الأقل الكوميكس الـموجهة للـمُراهقات.”
” أنا يوكي سوو، إعلامية الـمجلس، وأنا سعيدة للغاية بقرارك للانضـمام إلينا، ماساتشيكا.”
“…أليسا كوجو. أُحب القراءة.”
أومأ ماساتشيكا برأسه تقديرًا بعد أن تبادل الجميع التحيات الرسـمية.
(عجبًا، إنه أمر مذهل حقًا أن ترى هؤلاء الأشخاص مجتمعين في نفس الـمكان.)
كان مندهشًا. فبعد كل شيء، كانت الفتيات الـمجـتـمعات هنا أجمل من أي شيء يـمكن تخيله، حتى في تاريخ أكاديمية سيرن الطويل والغني. فضلًا عن ذلك، كان لكل منهم طابعه الخاص. لو التقطتَ صورة وأرسلتَها إلى إحدى شبكات التلفزيون، فمن الـمحتـمل أن يرسلوا شخصًا لإجراء مقابلة مع “مجلس الطلاب الأكثر جمالًا في العالـم”.
“حسنًا يا كوزي، هل ترى نفسك قادرًا على مساعدة السيدة كوجو في عملها اليوم؟”
“طبعًا.”
” شكرًا لك. أنا متأكد من أنك ستتقن مهامك في أسرع وقت ممكن، لأنك كنت نائب الرئيس في الـمدرسة الإعدادية، ولكنني أعتقد أنه من الأفضل أن تعمل مع أحدنا في الوقت الحالي حتى تتعلم الأساسيات.”
” أظن أن ذلك أيضًا بسبب قلة عددنا، صحيح؟”
” نعم. بعبارة أخرى، نحن غير كافيين، لذلك لا يستطيع أحد أن يتفرغ لعمله فقط.”
“حسنًا، أنا على استعدادٍ للمساعدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن أعمال المحاسبة والسكرتارية غالبًا ما يتـم تنفيذها بواسطة عدة أشخاص، وأعضاء العموم مثلي هم في الواقع عمالٌ متعددو الـمهام. كنتُ عضوًا عامًا في عامي الأول من الـمدرسة الإعدادية، لذلك فأنا مُلمٌ بأمورٍ مثل هذه.”
” أوه؟ هذا أمر مشجع حقًا.” ابتسـم تويا ابتسامة مرحة.
” أعتذر عن مقاطعتك يا رئيس، ولكن عليّ أن أذهب. لدي اجتـماع مع نادي الفنون بخصوص الـمعرض القادم.” قالت يوكي ذلك فجأة.
“همم؟ بالطبع. شكرًا.”
” وسنناقش الـميزانية أيضًا، لذا أود أن تأتي معي آليا.”
“هاه؟” قالت أليسا بدهشة.
حركت جفنيها، مندهشة من إدراجها المفاجئ في النقاش، لكنها هززت رأسها على الفور تقريبًا عندما استنتجت بعض الرسائل غير الـمنطوقة من تعبير يوكي.
” حسنًا. سأعود قريبًا.”
نهضوا من مقاعدهم وتوجهوا نحو الباب.
(أشعر أن هناك سرًا خفيًا وراء هذا الأمر…)
شعر ماساتشيكا بالقلق وهو يشاهدهم يغادرون، ولكن سرعان ما تلاشى ذلك القلق بصوت ماريا غير الـمبال والـمرح.
” هنا يا كوزي. ♪ لنبدأ. ♪”
صوتها كان له طابعٌ ساحرٌ. ماريا ضربت على الـمقعد الذي كانت أليسا تجلس عليه بابتسامةٍ مطمئنةٍ، فتحرك ماساتشيكا إلى جانبه بابتسامةٍ موافقةٍ.

______________________________________________________________

___________________________________________________________

أكملوا العمل لـمدة أربعين دقيقة أخرى، أو حتى وصلوا إلى نقطة يـمكنهم التوقف عندها، ثـم أخذوا استراحة. وأيضًا.. شيساكي لـم تعد أبدًا. “من يريد بعض الــــشاي؟” اقترحت ماريا. “أوه، دعيني أساعدك.” نهض ماساتشيكا للـمـساعدة. “لا بأس. اجلس رجاءً. أنا أحب صنع الشاي.” إن محاولة مساعدتها ستكون مجرد مصدر إزعاج لها. فضلاً عن ذلك، فإن مشاهدتها وهي تقوم بتسخين الإبريق والأكواب تُوحي أكثر بـمدى جديتها عندما يتعلق الأمر بالشاي. لـم يكن الهواة ليستطيعوا فعل ما كانت تفعله. “هل تفضل الحليب في الشاي يا كوزي؟ أم السكر؟ آه، لدينا حتى بعض الـمـربى.” “مربى…؟ هل تعدين الشاي الروسي؟” “يُطلق عليه هذا الاسـم في اليابان، ولكنه لا يشبه شاي الليـمون في شيء، للأسف.” “نعم، لـما لا؟ لعل الـمربى يجعله ألذ.” “حسنًا. ♪ أوه.. يا رئيس، أتريد أيضًا بودرة البروتين في مشروبك؟” “بالطبع لا.” “ههههه!” انفجر ماساتشيكا ضاحكاً على نكتة ماريا الـمفاجئة بشكل طبيعي. لـم يُجدِ جواب تويا بوجه جاد نفعًا أيضًا. (بجدية؟ لم أكن أعلم أن ماشا لديها حس دعابة بهذه الدرجة. مهلا … لم تكن تقصد ما تقوله، أليس كذلك؟ على أي حال، كان ذلك طريفاً للغاية. هههههه…!) حاول ماساتشيكا جاهدًا كتـمان ضحكته. “اهدأ يا كوزي.” “إنه خطئي.. خطأي…! كان الأمر مجرد― هاهاهاهاها!” أدار تويا عينيه، وقهقه ماساتشيكا حتى لـم يعد يستطيع التنفس، ثـم بكى من شدة الضحك. “آه، هذا كان جيدًا… همم؟ الآن بعد أن تذكرت، اعتقدت أن الناس يشربون الشاي في روسيا فقط في فصل الشتاء.” نطق بذلك، كأنـما يحاول إخفاء شعوره بالحرج من ضحكه. صبت ماريا الـماء الساخن في أكواب الشاي بسرعة، وهي تـميل رأسها إلى الجانب باستغراب. “همم؟ أعتقد أن الأمر يختلف من شخص لآخر. على الأقل.. في عائلتي، كنا نشرب الشاي حتى في أشد أيام الصيف حرارة. ربـما كان حب أمنا للشاي هو السبب وراء ذلك.” “أوه، أمك يابانية، أليس كذلك؟ هذا يفسر الكثير…” كان من الطبيعي أن تندمج بعض من الثقافة اليابانية مع ثقافتهم، حتى وإن كانوا قد ولدوا في روسيا. “ما مدى معرفتك بروسيا يا كوزي؟” سألت ماريا بلامبالاة، وظهرها ما زال مُتَّجهًا إليه. “ليس الأمر كما يبدو… فقد شاهدت بعض الأفلام الروسية فقط. هذا كل شيء.” “أوه، هكذا إذن؟” (لم يكن الأمر مجرد “بعض” للأمانة، وإن كان كذلك. شاهدتُ مع جدي لأبي ما لا يقل عن عشرين فيلمًا روسيًا، وذلك لأنّه كان يحب روسيا كثيرًا، وقد أفادتْني هذه الأفلام كثيرًا في مهاراتي في فهم اللغة الروسية. وبفضل ذلك، تمكنت من فهم ما كانت زميلتي المحبوبة تهمس به دائمًا! مرحى!) “هل أنت بخير يا كوزي؟ لقد كنت شارد الذهن منذ قليل.” “اه.. أنا بخير…” تساءل ما إذا كانت بعض الهبات نعـمة أم نقمة، حتى وإن كانت مخبأة في شكل آخر. وضعت ماريا طبقًا يحتوي على فنجانٍ وبعض الـمربى أمام ماساتشيكا. “عذرُا عن التأخير.” “عجبًا! شكرًا جزيلًا.” “وإليك القليل من هذا يا رئيس.” “شكرًا.” بدا أن تويا يضع السكر في الشاي الخاص به، بينـما اختارت ماريا الـمربى أيضًا. (من أين أبدأ؟) بعد تفكير قصير، قرر ماساتشيكا أن يتذوق الشاي أولاً. “…! كم هذا لذيذ…” “حـــــــــقًا؟ شكرًا.” حتى عبير الشاي لـم يكن مألوفًا له. عبيرٌ نابض بالحياة امتد من فمه إلى أنفه، ونكهةٌ غنية و… تحمل في طياتها الحنين. (الآن بعد أن فكرت في الأمر…) أحبت أمها الشاي أيضًا. كان ماساتشيكا يشرب الشاي وهو يشيح بنظره إلى ماريا، فوجدها تضع ملعقة من الـمربى في فمها قبل أن تشرب الشاي. “…؟ ما الخطب؟” “أوه.. إذن لا تضعين الـمربى في الشاي، أليس كذلك؟” “يختلف الأمر حسب الشخص. كان أبــي― احمم.. جدي يـمزج الـمربى في الشاي، أما أنا فأفضل تناوله وحده.” “مثير للاهتـمـام…” فكان الأمر شبيهًا بتناول الفاصوليا الحلوة مع الشاي الأخضر، حسبـما ظن ماساتشيكا، فقرر أن يحذو حذو ماريا ويأخذ قضـمة. “إنه لذيذ جدًا…” تأوهت شفتاه.. متفاجئًا من كم كان حلوًا بالفعل، فشرب الشاي على عجل. حلاوة الـمـربى قد ذابت تـمامًا، فغيرت من طعم الشاي قليلاً. “مثير للاهتـمـام…” تداخل مرارة الـمربى مع عطر أوراق الشاي أنتج نكهة فريدة. (امممم… إنه يذوب تمامًا في فمك مع الشاي، لذلك يكاد يكون الأمر مثل شرب مشروب جديد تمامًا…) كان ذا مذاق جيد، ولكن الشاي كان بالفعل ممتازًا، لذلك قد يكون من الأفضل شرب الشاي بدون إضافات. من غير اللائق ترك الـمربى بعد أن بذلت ماريا كل هذا الجهد في إعداده. (لعلي سأضع قليلًا من السكر في المرة القادمة أيضًا.) بعد أن صـمّم على ذلك في سرّه، بدأ ماساتشيكا في تبديل ملاعق صغيرة من الـمربى بجرعات من الشاي. (الأهم من ذلك، وبعد أن فكرت فيه حقًا…) ماريا كانت فائقة الجمال، وجسدها كان رائعاً للغاية. علاوة على ذلك، كانت طيبة القلب، واجـتـماعية، ومحبوبة من معظم أقرانها. كانت من الـمتفوقين في فصلها، وكانت دائـمًا من بين أفضل ثلاثين طالبًا في ترتيب درجات لوحة الإعلانات. لا بد أنها ذكية أيضًا. كانت لياقتها البدنية محل شك، ولكن حتى لو كانت خرقاء بعض الشيء، فإن ذلك لن يؤثر على طابعها اللطيف. كانت تعمل بجد، وكانت أيضًا تجيد إعداد الشاي. (مهلاً. هل هي مثالية؟) (لم يخطر ببالي أبدًا أن تكون ماريا على هذه الشاكلة، وذلك لسببين: طبيعتها المرحة دائمًا، ووجود البطلة الخارقة الكاملة الشهيرة أليسا دائمًا إلى جانبي. ولكن بعد التفكير في الأمر، أدركت أن ماريا كانت بطلة خارقة مثالية أيضًا.) شعر بالضيق فجأة بعد إدراك ذلك. رفعت ماريا فنجان الشاي ببطء، وهي تبتسـم ابتسامة رقيقة، فبدت له أكثر جاذبية من أي وقت مضى. (فهمت الآن… لهذا السبب ينادونها مادونا. لها القدرة على تحويل أي رجل إلى فتى مفتون بالحب دون قيد أو شرط…) وبيـنـما كان عقله الأوتاكو يكاد يجن جنونه بسبب الأخت الكبرى لأليسا، لاحظت ماريا أنه كان يحدق بها، فابتسـمت باستفسار، جاذبة إياه إلى الواقع، “أكل شيء على ما يرام؟” ولكنَّه شعر باضطراب في معدته. كانت تجربة غريبة. حاول أن يتـمالك نفسه، لكنه لـم يقدر على ذلك. إذا لـم يكن متيقظًا، فقد يفقد حذره ويظهر كيف يتصرف مع عائلته. كان عليه أن يبقى على حذر. لـم يستطع… ولكن عندما رأى ابتسامة ماريا الـملائكية، بدأ حذره وضبط نفسه في الانهيار. رغب في أن يسلم نفسه لطبيعتها الـمُطمئنة الـمُحبة و― “لقد عدنــــــــــــــــــــا.” “…عذرًا على التأخير الطويل.” “أوه! يوكي، آليا، أهلاً بعودتكما. ♪” دون سابق إنذار، عادتا يوكي وأليسا من اجتـماعهما، وضحكت ماريا ضحكة فرح. تبددت مشاعر الحب الأموي الساحرة التي كانت تشع بها، ولـم يبق منها سوى فتاة رقيقة تحب أختها. (كيف يمكن لإنسان أن يتحول إلى شخص آخر بهذه السرعة؟) كاد التغير الـمفاجئ أن يقلب ماساتشيكا من مقعده، لكن ماريا لـم تبدِ أي قلق وهي تبتسـم في طريقها إلى الرف حيث كانت الأطباق والشاي. “أترغبون في بعض الشاي؟” “أوه.. نعـم رجاءً.” “…أجل.” “عظيـم. ♪” غنّت بصوتٍ مرحٍ وهي تعدّ الشاي من أجلهـمـا. وبيـنـما كان ماساتشيكا ينظر إليها بفضول، جلست أليسا إلى جواره واقتربت منه. فلما نظر إليها ورأى كـم هي قريبة، نظرت إليه وكأنها تقول: “أهناك مشكلة؟” “…ماذا؟” سألتْ بفظاظةٍ. “أوه، آه… ألا تظنين أنكِ جالسة قريبًا مني قليلًا؟” أجاب ماساتشيكا ببساطة ودون تردد. ” يُعدّ الجلوس في زاوية الـمائدة للفتيات الـمراهقات في روسيا نذير شؤم.” “حــ~حــــقًا؟” “أجل.” ارتج الكرسي مرة أخرى حتى كاد مرفقها يلمسه، وأرسلت إلى يوكي نظرة حادة. (لا يزال عليها أن تبقى على مسافة! وما هذا الغضب في عينيها؟! هل سيحدث قتال؟ هل سيتقاتلون بالفعل؟) حدقت ألِيسا في يوكي بتوجس، لكن ابتسامة يوكي القديـمة جعلت من الصعب معرفة ما كانت تفكر فيه. أحسّ بالانزعاج، فعزم على النهوض والرحيل، ولكن أليسا أمسكت بكمّه تحت الطاولة بسرعة قبل أن يبرح مكانه. لـم تتركه وكأنها تستجديه بالبقاء… وكان ذلك أمرًا لطيفًا… إذا ما اعتبرناه حدثًا منفصلًا. ولكن في قرارة نفسه، لـم يشعر ماساتشيكا بذلك. ( لااااااا! اتركينييييي! لا أستطيع تحمل هذا الصـمت المحرج! هذا غير مريح للغاية! آآآآه!!) شعر كأنه رجلٌ خائن، فحاول الفرار بكل ما أوتي من قوة. ( لماذا أنا؟ ما الذي فعلته حتى يحدث لي هذا؟ مـــــاشــــــــا، أنقذيني!) التفت إلى الوراء، غير قادر على تحمل الأمر أكثر من ذلك، وسأل ماريا: “هل هناك بالفعل خرافة في روسيا عن الجلوس على زاوية الطاولة؟” ” بالتأكيد. صحيح أن الجلوس في الزاوية لا يسبب النحس تقنيًا، ولكن قد يؤدي إلى تأخر الزواج أو عدمه.” أدارت ماريا وجهها ثـم رمقت أليسا بنظرة فرح، وكانت عيناها تلمعان. “لـم أظن أبدًا أن آليا ستهتـم بأمر كهذا، ومع ذلك… هل هذا يعني أنكِ وجدتِ من ترغبين في الزواج منه؟!” “…لا، لقد أردت ذلك فقط.” “أوه. حقًا؟” “انسي الأمر الآن.” “اييييو. آليــــــــــــا، لا تتصرفي هكذا.” تأففت ماريا وهي تتجه للأمام مرة أخرى، وكأنها تشعر بالضيق. بعد أن رمقت أختها بطرف عينها، ركزت أليسا نظرها على يدها التي كانت تـمسك بكُمّ ماساتشيكا، ثـم همست بصوت خافتٍ: 】لـم يحن بعد وقت الزواج. 【 كان همسها خافتًا جدًا جدًا، لكن ماساتشيكا استطاع سـماعها جليًا لأنه كان قريبًا منها. (صحيح، أنتِ لا تزالين في الخامسة عشرة من عمرك. ♪ أشعر بالقلق من تعبيرك هذا، ولكن الجميع يعرف أنكِ غير مؤهلة للزواج. ♪ …أتفعلين هذا بجدية أمام أختك؟!) ارتجف ماساتشيكا… لأن أخت أليسا الناطقة بالروسية كانت خلفهم مباشرة، لكنها كانت تفرض هيـمنتها الـتـملكية وكأنها ستركبه. إذ فجأة سـمعت أليسا صوت ماريا وهي تضع فنجان الشاي على صينية، فتفاجأت وتركت ذراع ماساتشيكا. بعد فترة وجيزة، عادت ماريا إلى الطاولة بصحن الشاي لأليسا ويوكي.

كانت أليسا تـمشي خلف يوكي مباشرة وهي تسير في الـممـر. لـم تكن ساذجة إلى حد أن تصدق حقاً أن يوكي تريد مساعدتها فقط. كان لـيوكي دافع خفي، وكان لدى أليسا فكرة عما كان. ولكن لـم تبدِ يوكي أي نية في بدء الـمحادثة أبدًا.
(نعم… هذا حوار سأبدأه.)
أغمضت أليسا عينيها، وأخذت نفسًا عميقًا، ثـم قالت:
“هوي، يوكي؟ ألا يجب أن نتحدث؟”
التفتت يوكي دون أن تُظهر أي تعبير عن الدهشة، وكأنها كانت تعلم أن هذا سيحدث. بقيت صامته تبتسـم وتومئ برأسها، ثـم نظرت إلى فصلٍ دراسيٍ فارغ.
“نعم. ما رأيك أن ندخل إلى هنا؟”
“حسنًا.”
دخلت يوكي الفصل، ودخلت أليسا خلفها، ثـم أغلقت الباب. أضاءت أشعة الشـمس الـمسائية وجهي الفتاتين وهما واقفتان أمام بعضهما البعض.
” قرّرتُ أن أترشح لرئاسة مجلس الطلاب العام الـمقبل مع كوزي.” قالت أليسا ذلك بلهجة استفزازية قليلاً، وظلت يوكي مع ذلك محافظةً على ابتسامتها وهزت رأسها.
” أجل، أعلم. أخبرني بالأمس.”
“…أوه.”
وعلى الرغم من أن أحد حاجبي أليسا ارتعش برهة عندما سـمعت ذلك، إلا أنها لـم تنطق بكلمة أخرى، فما كان من يوكي إلا أن مالت رأسها في حيرة.
“اممم.. أهذا كل شيء؟”
“أجل. ولـم أفعل شيئًا يستحق الندم، فلا حاجة إلى الاعتذار. فقط أردت أن أطلعك على الأمر.”
“هههه. حسنًا، شكرًا لكِ على إخباري.”
رُبـما ظنّ البعض أنّ أليسا كانت تقصد استفزازها، ولكنّ يوكي ابتسـمت ابتسامةً خفيفةً كما لو كانت تجد الأمر طريفًا.
” نعم، ليس عليك الاعتذار عن أي شيء. ففي النهاية، ماساتشيكا هو من اتخذ القرار بنفسه، فلا يـمكنني أن أشتكي. وأنا أيضًا لا أنوي إلقاء اللوم عليك في أي شيء.” قالت يوكي بوضوح.
“ومع ذلك، كان من الـمؤسف أنه لـم يذهب معي.” وأضافت ضاحكًة، لكن أليسا شعرت أنها كانت متحفظة إلى حد ما.
“يوكي… بخصوص كوزي… هل أنتـمـا…؟”
“…؟”
“…إنسي الأمر.”
كبحَت أليسا جماحَها بعد أن أدركت أنها كانت تتجاوز الحدود. ولكن…
” أحبه. أحبه أكثر من أي شخص آخر في العالـم كله.” قالت يوكي بثقة.
“…؟!”
تراءت لأليسا دهشة كبيرة، وقد فوجئت بتعبير يوكي الجدي وردها الثابت.
” أكثر من أي شخص آخر في العالـم كله؟”
” نعم، أحب ماساتشيكا أكثر من أمي، أكثر من أبي، أكثر من أي شخص في العالـم.”
صرحت بحبها لـماساتشيكا دون استحياء أو تردد، فتراجعت أليسا خطوة إلى الوراء دون قصد. لـم تترك يوكي الفرصة تـمر دون أن تستغل صدمتها وردّت.
“ماذا عنكِ آليا؟”
“هـــاه؟”
” ما شعورك تجاه ماساتشيكا؟”
“أنــــــا… أنــــــا…”
ارتجفت شفتها وهي تحاول أن تقول إنه مجرد صديق، لكن نظرة يوكي الحادة جعلتها تشعر بالارتباك وتنظر بعيدًا. أحست بالحيرة من أمرها، هل كان من الـمناسب أن تعطي إجابة غير حاسـمة بعد أن صرحت يوكي بـمشاعرها الصادقة له؟
“كوزي… صديقي. صديقٌ عزيز جدًا.. ويعني لي الكثير.”
على الرغم من أنَّ أليسا كانت لا تزال تنظر بعيدًا، وكانت الآن تحمر خجلًا، إلا أنها تـمكنت أخيرًا من إخراج تلك الكلمات… ثـم شعرت على الفور بحمرة خجل تسري في جميع أنحاء جسدها، وبدأت في التـململ. إلا أن ذلك لـم يرضِ يوكي.
“أتُحبينه؟”
“ماذا؟!”
جعلها السؤال الصريح تشعر بالحرج، فزمجرَت ونظرت إليها في عينيها. أمعنت يوكي النظر في عينيها وبدأت تقترب، لكن أليسا تراجعت تلقائيًا. ولكن يوكي لـم تتوقف، بل اسـتـمرت في الـتقدم إلى الأمام حتى أصبحت آليسا محشورة في الزاوية. كان الفارق في الطول بين ألِيسا الطويلة ويوكي القصيرة لا يقل عن عشرين سنتـيـمترًا، فكان على يوكي أن ترفع رأسها وتنظر لأعلى لتقابلها. ولكن مع ذلك، شعرت أليسا بأنها هي القصيرة.
“إذًا؟ ما الأمر؟ أتحبينه؟”
” قول إنني أحبه… سيكون… الأمر أشبه بـ…”
” أخبرتكِ أنني أحبه، لذا عليك أن تخبريني أيضًا كيف تشعرين تجاهه بالضبط!”
” امممممممم…”
كانت أسئلة يوكي الـمتواصلة ثقيلة على أليسا التي لـم تكن معتادة على الحديث عن مثل هذه الـمواضيع، مما أدى إلى ارتفاع درجة حرارة دماغها. فقدت القدرة على التفكير الـمنطقي، ولـم يُسمع من شفتيها سوى كلمات عنادها ومشاعر غيرتها من يوكي.
” لست متأكدة… إن كنت أحبه… ولكن…! لن أترككِ تأخذيه مني!”
أغمضت يوكي جفنيها ببطء، ثـم تراجعت للخلف.
“…هكذا إذن. أعتقد أن هذا كافٍ في الوقت الحالي.” ضحكت يوكي بضحكة خفيفة مصاحبة بابتسامة أنثوية مميزة. “هل نذهب الآن إلى نادي الفنون؟ لا ينبغي أن نطيل انتظارهم.”
“أوه، حسنًا…”
رغم أنّ أليسا كانت في حيرة من أمرها لسرعة تغير سلوك يوكي، إلا أنها تبعتها خارج الغرفة وبدأت في السير نحو غرفة نادي الفنون.
(ماذا قلت من قليل؟ أشعر أنني قلت شيئًا مهمًا. لحظة… “حب”؟ هل قلت حقًا “حب”؟)
كانت أليس تـمشي وهي تحاول أن تسترجع في ذاكرتها ما حدث منذ قليل، ولكن عينيها دارتا في دوائر من شدة الاضطراب وعدم القدرة على التركيز. يوكي، التي كانت تراقبها من زاوية عينها، أدارت رأسها بعيدًا بلامبالاة، عابسة الوجه.
(هو يعني لها الكثير، أليس كذلك؟ وهي لن تدعني أحصل عليه أبدًا؟ هه … هذا هو أخي دائمًا.)
على عكس أليسا، كانت يوكي تشعر بالسعادة الشديدة. كانت خطواتها رشيقة كالفراشة، وكأنها ستطير في أي لحظة.

“ماشا، بخصوص هذا الجزء هنا…” “همم؟ آه، لعلنـي أخطأت.” “أوه، حسنًا. سأصلحه إذن.” “شكرًا.” في تلك الأثناء، كان ماساتشيكا يساعد ماشا في عملها، وكان متأثرًا بـما تعلّمه… (ماشا سكرتيرة على درجة عالية من الكفاءة! يا للهول!) كانت دهشته فظة إلى حد ما، ولكنها كانت بالفعل تفوق كل توقعاته. كانت هادئة الطبع، لكنها أنجزت عملها، وأنجزته بسرعة فائقة أيضًا. كان يحسب أنها دُعيت للانضـمام إلى مجلس الطلاب بسبب شهرتها، لذلك فوجئ بـمدى كفاءتها ومثابرتها. (هذه الفتاة، على النقيض من ذلك…) حدق ماساتشيكا بنظرة خافية في الفتاة الجالسة أمامه. “هاه…؟ كنت أنظر إليه قبل ثوانٍ قليلة. أين ذهب؟” “شيساكي، أظننـي رأيتكِ تضعينه في الـملف الأزرق الـموجود هناك.” أوردت ماريا. “هاه؟ أوووه. طبعًا.. شكرًا.” توجهت شيساكي إلى الرف على الحائط لتأخذ الـمجلد الأزرق، لكنها لـم تكن متأكدة من أي الـمجلدات الزرقاء هو، فأخذت أي مجلد ونظرت فيه بفضول. (إنها سيئة في عملها! لا تجيد فعل أي شيء بمفردها! أعلم وقاحة ما أقوله، لكن يظل…) لـم تكن شيساكي وبيئة العمل الـمكتبية متلائـميـن. كانت تفتقر تـمامًا إلى الـمهارات التنظيـمية، حسـبـما لاحظ ماساتشيكا. “همم…؟ ممم…” ولـم تستطع أن تجلس ساكنة هي الأخرى. ما إن مضت عشرين دقيقة على بدئهم في إنجاز الأعمال الورقية حتى بدأت في التقلب بتـململ. (ما هي؟ طفلة في المدرسة الابتدائية تملؤها الطاقة المكبوتة؟) كانت تنظر حولها بنظراتها اللامبالية، وكأنها تنتظر أن ينتهي الجميع من عـمـلهم، وماساتشيكا رغم أنه تجاهلها، إلا أن الضجر الذي بدا على وجهه كان واضحًا جليًا. فتاة عذبة الـمنظر، طيبة القلب، تبدو حادة الذهن أول وهلة، وفتاة حسناء الـمنظر، تبدو قادرة على إدارة شركة كاملة بنفسها. ولكن اتضح أن العكس هو الأمر الواقع بالنسبة لهما. (لا يجب الحكم على الكتاب من غلافه…) كان ماساتشيكا متفاعلًا للغاية مع ما يحدث، عندما فجأة تحدث تويا وكأنه لـم يعد قادرًا على تحمل الـمشاهدة. “أوه. بالـمناسبة، شيساكي… سـمعت أنهم يجددون الكثير من الكتب في الـمكتبة بكتب جديدة.” “ماذا؟! أيحتاجون إلى مَنْ يُعينهم؟!” “ربـما. فالـمكتبيون الطلاب معظمهم من الفتيات، وتغيير الكتب الثقيلة قد يكون أمرًا متعبًا. هل بـمقدوركِ الذهاب والاطمئنان عليهم من أجلي؟” “أنـــــا لها!” فرحت شيساكي فرحاً شديداً كفرحة طفل في احتفال عيد الـميلاد، ثـم انطلقت من الباب بسرعة البرق. كانت الأعمال الورقية تثقل كاهلها. كانت عودتها في أي وقت قريب أمراً مستبعداً تـماماً. “عذرًا، كوزي. شيساكي دائـمًا على هذه الحال. ومع ذلك.. فهي مفيدة للغاية عندما نعقد اجتـماعات اللجنة والنادي، لذا كن لطيفًا معها، حسنًا؟” ابتسـم تويا ابتسامة مريرة. ” أوه، حسنًا… أقصد، كل شخص لديه أشياء يجيد القيام بها وأشياء لا يجيد القيام بها، أليس كذلك؟ هههه.” رد ماساتشيكا بابتسامة باهتة. بالفعل.. شيساكي كانت شخصًا جيدًا يـمكن الاعـتـماد عليه. أدرك ذلك بعد أن رأى شدة غضبها بسبب ما تعرضت له أليسا من أولئك الرياضيين في اليوم السابق. ولهذا السبب بالذات كان من الصعب على ماساتشيكا أن يرى جانبها الطفولي، لأنه لـم يكن يعرف كيف يتصرف حياله. “وذلك على الرغم من أنه مجرد واحد من العديد من الأشياء التي تجعلها جميلة، أليس كذلك؟” “<> كف عن التفاخر بحبيبتك.” “هــــــــيه! أنظر إلى نفسك يا كوزي. إن رجلاً مثلك، واضح الأفكار، هو ما يحتاجه مجلس الطلاب.” “مجلس الطلاب كان في حاجة ماسة إلى الـمساعدة في الأساس.” “هههههه! كُنتُ أعلـم أن دعوتك للانضـمام كانت خطوة صحيحة.” “ما الذي جعلك تدرك ذلك؟” ماريا نظرت إليهم بابتسامة، وكأنها تقول: ” يبدو أنهم يقضون وقتًا ممتعًا.” وفي الوقت نفسه، سحبت أوراق عمل شيساكي إليها بهدوء لإنهائها وكأنه أمر طبيعي. (ما طبيعة قوتها الخارقة؟) تغيرت نظرته إليها من تلك اللحظة فصاعداً.

____________________________________________________

” معذرة. لـم أتعرف على صوتك فظننت أن لاعبي فريقي البيسبول وكرة القدم قد عادوا. إنه خطئي.” أظهرت الـمتحدثة ابتسامة خجولة، إذ كانت هي الـمفضلة لدى الطلاب جميعاً في الـمدرسة… والتي اشتهرت باسـم نائبة رئيس مجلس الطلاب، شيساكي ساراشينا. اختفت هيبتها الـمُخيفة عندما رفعت يدها أمامها اعتذارًا، وغمزت. ماساتشيكا، الذي كان يجلس مقابلها، هدأ قليلاً. “… ما معنى كل هذا؟” “مممم؟ أنت أعلم مني.” “مـــــاذا؟” بينـما كان ماساتشيكا يـميل رأسه بفضول، نظرت شيساكي إلى أليسا الجالسة بجانبه. “سـمـعت أن صديقتنا الصغيرة الودودة هنا حاولت إنهاء خصامهما وإيجاد حل مرضٍ للطرفين، لكنهما استـمرا في الاشتباك مثل الـمتوحشين وتجاهلا ما قالته. باختصار شديد، كانوا يحاولون إثارة الـمشاكل مع مجلس الطلاب بالكامل، لذلك قمت بضربهم حتى يعرفوا حدودهم! نعــــــــــــــم!” (لماذا أظن أنها لم تكن ستقول هذا؟) طوى ماساتشيكا تلك الفكرة جانبًا الآن، وحول نظره إلى السيف الخشبي الـمائل إلى جانب شيساكي. “أمر منطقي… لكن، آه.. أليس السيف مبالغًا فيه؟” “هاه؟ اوه.. هاهاهاها…” نظرت شيساكي إلى جانبها بتوجس، ثـم قالت بنبرة فرح مصطنعة: “لا تخف! قد تكون قبضتاي قاتلة، لكن السيف الخيزراني لـم يقتل أحدًا قط!” “…اه هه.” ” سيُكسر سيف الخيزران قبل أن يُكسر الإنسان بسهولة!” “هههه…” ضحك ماساتشيكا ضحكة جافة. “هاها…! نعم!” أحاطت شيساكي بعينيها نظرات حائرة وابتسـمـت بتوتر، وهي تدرك أن نكتها لـم تلقَ استحساناً. لو كان الأمر متعلقًا بـيوكي، لكان ماساتشيكا قد انساق مع الأمر، لكن هذه كانت شيساكي. لـم يكن الأمر يدعو إلى الضحك. كانت شيساكي ساراشينا، طالبة في السنة الثانية من الـمدرسة الثانوية، واحدة من الجميلتين الـمزعومتين في فصلها. كانت بعض الفتيان يخافون منها، بينـما كانت بعض الفتيات تعشقها لجمالها الذي جمع بين الرجولة والأنوثة. كانت تُلقَّب <> في الـمدرسة تعبيرًا عن إعجابهم بها. كان الناس ينادونها بالأم الظافرة أو الرئيسة، وهما لقبان يوحيان بالـمعنى نفسه، ولكنهم قرروا التـمسك بلقب دونا بشكل دائـم بعد أن انتقلت ماريا إلى الـمدرسة وأصبحت مادونا الـمدرسة. كانت تشرف على انضباط الطلاب في الـمرحلة الإعدادية، مثل الـمشرف على الـممرات، وهي الآن نائبة رئيس مجلس الطلاب، حيث تشرف على تنظيـم اجـتـماعات النوادي، التي كانت تضم في الغالب قادة النوادي ونائبيهم. (إنها جديرة بالاحترام، وهذا واضح من احترام الجميع لها.) تذكر كيف تصرف فريق البيسبول وفريق كرة القدم بعد مغادرتهما الغرفة، ناهيك عن هالة التهديد التي كانت تحيط بها. وكانت تُروى عنها في الـمدرسة قصصٌ كثيرةٌ، منها كيف عملت بجدٍ حتى حلت مشكلة التنـمر في الفصل، وكيف تصدت بـمفردها إلى اثني عشر من الـمشاغبين الذين تسللوا إلى الـمدرسة، وكيف ردعت بجرأةٍ ثورًا هائجًا كان يهاجم طالبًا آخر في رحلة مدرسية إلى هوكايدو. ولكن كانت أشهر أعمالها البطولية عندما نجحت في إنقاذ طالبة من أكاديـمية سيرن من محاولة اختطاف على طريقها إلى الـمنـزل. من الـممكن أن تكون بعض القصص الأخرى مختلقة، لكن هذه القصة حقيقية، وقد ثبت ذلك بشكل لا يقبل الجدل، حيث مُنحت خطاب شكر من الشرطة بعد الحادث. فضلًا عن ذلك، كانت في الصحيفة أيضًا. ماساتشيكا كان يعتقد دائـمًا أنّها من النوع الذي قد يلجأ إلى العنف إذا لزم الأمر، مثل مُقرض الـمال، ولكن بعد أن رأى كيف كانت تتصرف بتوتر وقلق فقط لأنّهم كانوا ينظرون إليها بشكل غير لائق، أدرك أنّها لـم تكن كذلك على الأرجح. “تـــ~تــــويا…!” استغاثت بحبيبها بصوت حزين، وكأنها على وشك الانهيار. جلس تويا في كرسي الرئيس بجانب النافذة في مؤخرة الغرفة، ضحك ساخراً لـمناشدة حبيبته، ورد: ” اهدأ يا كوزي. لـم تلجأ شيساكي إلى العنف. اكتفت بالتلميح إليهم لتخويفهم.” “تـــ~تـــــويا؟!” اتسعت عينا شيساكي دهشةً. “أنــــا أمزح.” قال تويا بابتسامة ماكرة. عبست شيساكي ووقفت، وراحت تدور حول الـمكتب لتضرب تويا على كتفه. ” أيها الأحمق! أيها البليد!” “هاهاها! إنه خطئي.” كان ماساتشيكا عاجزًا عن منع نفسه من الضحك على مشاجرتهـم التي تبعث على الدفء في القلب. ” أنت لئيـم للغاية!” “هههه. شيساكي؟ كتفي سيُخلع من مكانه. حسنًا؟ كتفي.” حسنًا.. ربـما لـم يكن الوصف الـمـناسب هو يبعث على الدفء في القلب. الأصوات كانت مصدر قلق. تحول صوت الضرب إلى صوت التصدع. بدأت تركز ضرباتها بقوة، وبعد كل ضربة، اهتز جسد تويا الرشيق. ولكنه استـمر في الابتسام رغم توبيخ حبيبته له. كان رجلاً حقيقياً في نظر ماساتشيكا. ” اعتذر عن التأخير ♪ ” فجأة، فتحت ماريا الباب على مصراعيه، ووقفت مكانها لا تتحرك كأنها جماد، وهي تنظر إلى ما أمامها بدهشة، ثـم علت شفتيها ابتسامة خفيفة. ” يا إلهي. شيساكي؟ رئيس؟ لنقلل من الـمـغازلة في غرفة مجلس الطلاب.” كان من العجيب أن ترى ماريا شيئًا عنيفًا إلى حد ما وتعتقد أنه تعبير عن الود. كانت في نظر ماساتشيكا عبقرية حقيقية. ومع ذلك، بدا أن الأمر نجح مع شيساكي. “لـم نكن نتغازل!” ما كان إلا بعد ابتعادها عن تويا ورؤيته يربت على كتفه، حتى عادت إلى رشدها. أظهرت تعبيرات وجهها أنها نادمة. “آ~آســـــــفة. هل آذيتك؟” “همم؟ آه، أنا بخير. كانت كتفي تحتاج إلى تدليك على أي حال.” ابتسـم تويا وأدار كتفه، لكن ابتسامته بدت مصحوبة بألـم. تعامله مع الـموقف كان شديدًا الرجولة لدرجة أن ماساتشيكا أدرك كم أنه شخص رائع. ” أعتذر عن ذلك بشدة… يبدو أنني بحاجة إلى بذل جهد أكبر للتحكم في قوتي…” “هل هي نوع من الأبطال الخارقين الجدد؟” همس ماساتشيكا في أذن أليسا. “لا تقلقي بشأن ذلك.” طمأنها تويا. ” هذه هي الغاية من ممارستي للرياضة. واجهيني بكل ما أوتيت من قوة.” “إنه يـمارس الرياضة ليبدو جذاباً في نظر صديقته” واصل ماساتشيكا حديثه همسًا. “تــــــــويا…” همست شيساكي بصوتٍ خافتٍ “عجباً! ما هذا البريق في أعينهما؟ هل حدث شيء رومانسي؟” سأل ماساتشيكا. في مقابل همسات ماساتشيكا، سحبت أليسا كمه، وهزت رأسها توبيخاً، وحاولت ألا تبتسـم. بعد أن ضحك في سره من نظرتها الـمـعاتبة، التفت إلى شيساكي وهمس: “أتظنين أن شيساكي تلف جسدها بأربطة بيضاء من القطن كالـمجرمين في الأنـمي؟” “لـماذا تكترث أصلاً؟” همست أليسا بدورها. ” لأنه عندئذ يـمكننا أن نبدأ في مناداتها بـ ساراشي ساراشينا. أفهـمـتِ؟” “بففف!” لـم تستطع أليسا منع نفسها من الضحك على النكتة السيئة، ثـم احمرت خجلًا وضربَت ماساتشيكا على كتفه. ” يا إلهي. أنتـم قريبان جدًا.” “…! ما الذي تقولينه؟” ” هيه! هكذا إذن! يبدو أننا لن نستطيع إخفاء الأمر عن أختك بعد الآن ☆” مازح ماساتشيكا وغمغم بعينيه بطريقة لـم يفعلها من قبل. “اخرس.” ردت أليسا على عجل. ثـم سـمعا طرقًا على الباب، ودخلت يوكي. “يا مرحبا. اعتذر عن تأخري.” “همم؟ أوه. لا بأس.” قال تويا وهو يقف ويجلس معهم على الطاولة. كان تويا جالسًا في مكانه الـمخصص، أي في رأس الطاولة. ثـم جلست ماريا وأليسا ثـم ماساتشيكا عن يـمينه. على يساره جلست شيساكي ثـم يوكي. بعد أن جلس الجميع واسترخوا، سأل تويا: ” هل استعد الجميع؟” ” ” “مستعدون” ” ” ” إذن فلنبدأ. أولاً، فلنطلب من كوزي أن يعرّفنا بنفسه قليلاً.” “حسنًا.” نهض ماساتشيكا. “أنا ماساتشيكا كوزي. سأبدأ العمل كعضو عام في مجلس الطلاب اعتبارًا من اليوم. اهتـماماتي تتنوع بين الثقافة الشعبية، وأنا على دراية بأغلب أعـمال الأنـمي والكوميكس الشهيرة. بالإضافة إلى ذلك…” ألقى نظرة على أليسا، التي كانت جالسة بجانبه. “أتطلع للمشاركة في الانتخابات القادمة العام الـمقبل مع أليسا كوجو هنا. في كل الأحوال، أنا سعيد لأنني أصبحت جزءًا من الفريق الآن.” “مرحبًا بك على متن الرحلة.” ” نحن سعداء أيضًا بوجودك.” ” محظوظون بوجودك” أقبل عليه الجميع بالتصفيق الحار والابتسامات. ابتسامة يوكي العتيقة وهي تصفق جعلت من الـمستحيل معرفة ما تشعر به حقًا، رغم أن أليسا راقبتها بهدوء. “حسنًا، إذاً.. ما رأيكم أن نتحدث كلنا قليلًا عن أنفسنا أيضًا؟” اقترح تويا، وهو يتبادل النظرات مع بقية الأعضاء، لـمعرفة ما إذا كان الجميع موافقًا على الفكرة. ونظر إلى ماساتشيكا مرة أخرى. ” أنا رئيس مجلس الطلاب، تويا كانزاكي. لقد كنت حريصًا جدًا على ممارسة الرياضة مؤخرًا. أهلًا بك في الفريق.” ” أنا نائبة الرئيس، شيساكي ساراشينا. هوايتي… هي ممارسة الكِندو على ما أظن؟ من دواعي سروري أن تكون معنا في الفريق.” ” أنا ماريا كوجو، السكرتيرة. أحب اقتناء الأشياء الجميلة. أوه، وأقرأ الكثير من الكوميكس، على الأقل الكوميكس الـموجهة للـمُراهقات.” ” أنا يوكي سوو، إعلامية الـمجلس، وأنا سعيدة للغاية بقرارك للانضـمام إلينا، ماساتشيكا.” “…أليسا كوجو. أُحب القراءة.” أومأ ماساتشيكا برأسه تقديرًا بعد أن تبادل الجميع التحيات الرسـمية. (عجبًا، إنه أمر مذهل حقًا أن ترى هؤلاء الأشخاص مجتمعين في نفس الـمكان.) كان مندهشًا. فبعد كل شيء، كانت الفتيات الـمجـتـمعات هنا أجمل من أي شيء يـمكن تخيله، حتى في تاريخ أكاديمية سيرن الطويل والغني. فضلًا عن ذلك، كان لكل منهم طابعه الخاص. لو التقطتَ صورة وأرسلتَها إلى إحدى شبكات التلفزيون، فمن الـمحتـمل أن يرسلوا شخصًا لإجراء مقابلة مع “مجلس الطلاب الأكثر جمالًا في العالـم”. “حسنًا يا كوزي، هل ترى نفسك قادرًا على مساعدة السيدة كوجو في عملها اليوم؟” “طبعًا.” ” شكرًا لك. أنا متأكد من أنك ستتقن مهامك في أسرع وقت ممكن، لأنك كنت نائب الرئيس في الـمدرسة الإعدادية، ولكنني أعتقد أنه من الأفضل أن تعمل مع أحدنا في الوقت الحالي حتى تتعلم الأساسيات.” ” أظن أن ذلك أيضًا بسبب قلة عددنا، صحيح؟” ” نعم. بعبارة أخرى، نحن غير كافيين، لذلك لا يستطيع أحد أن يتفرغ لعمله فقط.” “حسنًا، أنا على استعدادٍ للمساعدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن أعمال المحاسبة والسكرتارية غالبًا ما يتـم تنفيذها بواسطة عدة أشخاص، وأعضاء العموم مثلي هم في الواقع عمالٌ متعددو الـمهام. كنتُ عضوًا عامًا في عامي الأول من الـمدرسة الإعدادية، لذلك فأنا مُلمٌ بأمورٍ مثل هذه.” ” أوه؟ هذا أمر مشجع حقًا.” ابتسـم تويا ابتسامة مرحة. ” أعتذر عن مقاطعتك يا رئيس، ولكن عليّ أن أذهب. لدي اجتـماع مع نادي الفنون بخصوص الـمعرض القادم.” قالت يوكي ذلك فجأة. “همم؟ بالطبع. شكرًا.” ” وسنناقش الـميزانية أيضًا، لذا أود أن تأتي معي آليا.” “هاه؟” قالت أليسا بدهشة. حركت جفنيها، مندهشة من إدراجها المفاجئ في النقاش، لكنها هززت رأسها على الفور تقريبًا عندما استنتجت بعض الرسائل غير الـمنطوقة من تعبير يوكي. ” حسنًا. سأعود قريبًا.” نهضوا من مقاعدهم وتوجهوا نحو الباب. (أشعر أن هناك سرًا خفيًا وراء هذا الأمر…) شعر ماساتشيكا بالقلق وهو يشاهدهم يغادرون، ولكن سرعان ما تلاشى ذلك القلق بصوت ماريا غير الـمبال والـمرح. ” هنا يا كوزي. ♪ لنبدأ. ♪” صوتها كان له طابعٌ ساحرٌ. ماريا ضربت على الـمقعد الذي كانت أليسا تجلس عليه بابتسامةٍ مطمئنةٍ، فتحرك ماساتشيكا إلى جانبه بابتسامةٍ موافقةٍ.

“ماشا، بخصوص هذا الجزء هنا…”
“همم؟ آه، لعلنـي أخطأت.”
“أوه، حسنًا. سأصلحه إذن.”
“شكرًا.”
في تلك الأثناء، كان ماساتشيكا يساعد ماشا في عملها، وكان متأثرًا بـما تعلّمه…
(ماشا سكرتيرة على درجة عالية من الكفاءة! يا للهول!)
كانت دهشته فظة إلى حد ما، ولكنها كانت بالفعل تفوق كل توقعاته. كانت هادئة الطبع، لكنها أنجزت عملها، وأنجزته بسرعة فائقة أيضًا. كان يحسب أنها دُعيت للانضـمام إلى مجلس الطلاب بسبب شهرتها، لذلك فوجئ بـمدى كفاءتها ومثابرتها.
(هذه الفتاة، على النقيض من ذلك…)
حدق ماساتشيكا بنظرة خافية في الفتاة الجالسة أمامه.
“هاه…؟ كنت أنظر إليه قبل ثوانٍ قليلة. أين ذهب؟”
“شيساكي، أظننـي رأيتكِ تضعينه في الـملف الأزرق الـموجود هناك.” أوردت ماريا.
“هاه؟ أوووه. طبعًا.. شكرًا.”
توجهت شيساكي إلى الرف على الحائط لتأخذ الـمجلد الأزرق، لكنها لـم تكن متأكدة من أي الـمجلدات الزرقاء هو، فأخذت أي مجلد ونظرت فيه بفضول.
(إنها سيئة في عملها! لا تجيد فعل أي شيء بمفردها! أعلم وقاحة ما أقوله، لكن يظل…)
لـم تكن شيساكي وبيئة العمل الـمكتبية متلائـميـن. كانت تفتقر تـمامًا إلى الـمهارات التنظيـمية، حسـبـما لاحظ ماساتشيكا.
“همم…؟ ممم…”
ولـم تستطع أن تجلس ساكنة هي الأخرى. ما إن مضت عشرين دقيقة على بدئهم في إنجاز الأعمال الورقية حتى بدأت في التقلب بتـململ.
(ما هي؟ طفلة في المدرسة الابتدائية تملؤها الطاقة المكبوتة؟)
كانت تنظر حولها بنظراتها اللامبالية، وكأنها تنتظر أن ينتهي الجميع من عـمـلهم، وماساتشيكا رغم أنه تجاهلها، إلا أن الضجر الذي بدا على وجهه كان واضحًا جليًا. فتاة عذبة الـمنظر، طيبة القلب، تبدو حادة الذهن أول وهلة، وفتاة حسناء الـمنظر، تبدو قادرة على إدارة شركة كاملة بنفسها. ولكن اتضح أن العكس هو الأمر الواقع بالنسبة لهما.
(لا يجب الحكم على الكتاب من غلافه…)
كان ماساتشيكا متفاعلًا للغاية مع ما يحدث، عندما فجأة تحدث تويا وكأنه لـم يعد قادرًا على تحمل الـمشاهدة.
“أوه. بالـمناسبة، شيساكي… سـمعت أنهم يجددون الكثير من الكتب في الـمكتبة بكتب جديدة.”
“ماذا؟! أيحتاجون إلى مَنْ يُعينهم؟!”
“ربـما. فالـمكتبيون الطلاب معظمهم من الفتيات، وتغيير الكتب الثقيلة قد يكون أمرًا متعبًا. هل بـمقدوركِ الذهاب والاطمئنان عليهم من أجلي؟”
“أنـــــا لها!”
فرحت شيساكي فرحاً شديداً كفرحة طفل في احتفال عيد الـميلاد، ثـم انطلقت من الباب بسرعة البرق. كانت الأعمال الورقية تثقل كاهلها. كانت عودتها في أي وقت قريب أمراً مستبعداً تـماماً.
“عذرًا، كوزي. شيساكي دائـمًا على هذه الحال. ومع ذلك.. فهي مفيدة للغاية عندما نعقد اجتـماعات اللجنة والنادي، لذا كن لطيفًا معها، حسنًا؟” ابتسـم تويا ابتسامة مريرة.
” أوه، حسنًا… أقصد، كل شخص لديه أشياء يجيد القيام بها وأشياء لا يجيد القيام بها، أليس كذلك؟ هههه.” رد ماساتشيكا بابتسامة باهتة.
بالفعل.. شيساكي كانت شخصًا جيدًا يـمكن الاعـتـماد عليه. أدرك ذلك بعد أن رأى شدة غضبها بسبب ما تعرضت له أليسا من أولئك الرياضيين في اليوم السابق. ولهذا السبب بالذات كان من الصعب على ماساتشيكا أن يرى جانبها الطفولي، لأنه لـم يكن يعرف كيف يتصرف حياله.
“وذلك على الرغم من أنه مجرد واحد من العديد من الأشياء التي تجعلها جميلة، أليس كذلك؟”
“<> كف عن التفاخر بحبيبتك.”
“هــــــــيه! أنظر إلى نفسك يا كوزي. إن رجلاً مثلك، واضح الأفكار، هو ما يحتاجه مجلس الطلاب.”
“مجلس الطلاب كان في حاجة ماسة إلى الـمساعدة في الأساس.”
“هههههه! كُنتُ أعلـم أن دعوتك للانضـمام كانت خطوة صحيحة.”
“ما الذي جعلك تدرك ذلك؟”
ماريا نظرت إليهم بابتسامة، وكأنها تقول: ” يبدو أنهم يقضون وقتًا ممتعًا.” وفي الوقت نفسه، سحبت أوراق عمل شيساكي إليها بهدوء لإنهائها وكأنه أمر طبيعي.
(ما طبيعة قوتها الخارقة؟)
تغيرت نظرته إليها من تلك اللحظة فصاعداً.

______________________________________________________________

“ماشا، بخصوص هذا الجزء هنا…” “همم؟ آه، لعلنـي أخطأت.” “أوه، حسنًا. سأصلحه إذن.” “شكرًا.” في تلك الأثناء، كان ماساتشيكا يساعد ماشا في عملها، وكان متأثرًا بـما تعلّمه… (ماشا سكرتيرة على درجة عالية من الكفاءة! يا للهول!) كانت دهشته فظة إلى حد ما، ولكنها كانت بالفعل تفوق كل توقعاته. كانت هادئة الطبع، لكنها أنجزت عملها، وأنجزته بسرعة فائقة أيضًا. كان يحسب أنها دُعيت للانضـمام إلى مجلس الطلاب بسبب شهرتها، لذلك فوجئ بـمدى كفاءتها ومثابرتها. (هذه الفتاة، على النقيض من ذلك…) حدق ماساتشيكا بنظرة خافية في الفتاة الجالسة أمامه. “هاه…؟ كنت أنظر إليه قبل ثوانٍ قليلة. أين ذهب؟” “شيساكي، أظننـي رأيتكِ تضعينه في الـملف الأزرق الـموجود هناك.” أوردت ماريا. “هاه؟ أوووه. طبعًا.. شكرًا.” توجهت شيساكي إلى الرف على الحائط لتأخذ الـمجلد الأزرق، لكنها لـم تكن متأكدة من أي الـمجلدات الزرقاء هو، فأخذت أي مجلد ونظرت فيه بفضول. (إنها سيئة في عملها! لا تجيد فعل أي شيء بمفردها! أعلم وقاحة ما أقوله، لكن يظل…) لـم تكن شيساكي وبيئة العمل الـمكتبية متلائـميـن. كانت تفتقر تـمامًا إلى الـمهارات التنظيـمية، حسـبـما لاحظ ماساتشيكا. “همم…؟ ممم…” ولـم تستطع أن تجلس ساكنة هي الأخرى. ما إن مضت عشرين دقيقة على بدئهم في إنجاز الأعمال الورقية حتى بدأت في التقلب بتـململ. (ما هي؟ طفلة في المدرسة الابتدائية تملؤها الطاقة المكبوتة؟) كانت تنظر حولها بنظراتها اللامبالية، وكأنها تنتظر أن ينتهي الجميع من عـمـلهم، وماساتشيكا رغم أنه تجاهلها، إلا أن الضجر الذي بدا على وجهه كان واضحًا جليًا. فتاة عذبة الـمنظر، طيبة القلب، تبدو حادة الذهن أول وهلة، وفتاة حسناء الـمنظر، تبدو قادرة على إدارة شركة كاملة بنفسها. ولكن اتضح أن العكس هو الأمر الواقع بالنسبة لهما. (لا يجب الحكم على الكتاب من غلافه…) كان ماساتشيكا متفاعلًا للغاية مع ما يحدث، عندما فجأة تحدث تويا وكأنه لـم يعد قادرًا على تحمل الـمشاهدة. “أوه. بالـمناسبة، شيساكي… سـمعت أنهم يجددون الكثير من الكتب في الـمكتبة بكتب جديدة.” “ماذا؟! أيحتاجون إلى مَنْ يُعينهم؟!” “ربـما. فالـمكتبيون الطلاب معظمهم من الفتيات، وتغيير الكتب الثقيلة قد يكون أمرًا متعبًا. هل بـمقدوركِ الذهاب والاطمئنان عليهم من أجلي؟” “أنـــــا لها!” فرحت شيساكي فرحاً شديداً كفرحة طفل في احتفال عيد الـميلاد، ثـم انطلقت من الباب بسرعة البرق. كانت الأعمال الورقية تثقل كاهلها. كانت عودتها في أي وقت قريب أمراً مستبعداً تـماماً. “عذرًا، كوزي. شيساكي دائـمًا على هذه الحال. ومع ذلك.. فهي مفيدة للغاية عندما نعقد اجتـماعات اللجنة والنادي، لذا كن لطيفًا معها، حسنًا؟” ابتسـم تويا ابتسامة مريرة. ” أوه، حسنًا… أقصد، كل شخص لديه أشياء يجيد القيام بها وأشياء لا يجيد القيام بها، أليس كذلك؟ هههه.” رد ماساتشيكا بابتسامة باهتة. بالفعل.. شيساكي كانت شخصًا جيدًا يـمكن الاعـتـماد عليه. أدرك ذلك بعد أن رأى شدة غضبها بسبب ما تعرضت له أليسا من أولئك الرياضيين في اليوم السابق. ولهذا السبب بالذات كان من الصعب على ماساتشيكا أن يرى جانبها الطفولي، لأنه لـم يكن يعرف كيف يتصرف حياله. “وذلك على الرغم من أنه مجرد واحد من العديد من الأشياء التي تجعلها جميلة، أليس كذلك؟” “<> كف عن التفاخر بحبيبتك.” “هــــــــيه! أنظر إلى نفسك يا كوزي. إن رجلاً مثلك، واضح الأفكار، هو ما يحتاجه مجلس الطلاب.” “مجلس الطلاب كان في حاجة ماسة إلى الـمساعدة في الأساس.” “هههههه! كُنتُ أعلـم أن دعوتك للانضـمام كانت خطوة صحيحة.” “ما الذي جعلك تدرك ذلك؟” ماريا نظرت إليهم بابتسامة، وكأنها تقول: ” يبدو أنهم يقضون وقتًا ممتعًا.” وفي الوقت نفسه، سحبت أوراق عمل شيساكي إليها بهدوء لإنهائها وكأنه أمر طبيعي. (ما طبيعة قوتها الخارقة؟) تغيرت نظرته إليها من تلك اللحظة فصاعداً.

أكملوا العمل لـمدة أربعين دقيقة أخرى، أو حتى وصلوا إلى نقطة يـمكنهم التوقف عندها، ثـم أخذوا استراحة. وأيضًا.. شيساكي لـم تعد أبدًا.
“من يريد بعض الــــشاي؟” اقترحت ماريا.
“أوه، دعيني أساعدك.” نهض ماساتشيكا للـمـساعدة.
“لا بأس. اجلس رجاءً. أنا أحب صنع الشاي.”
إن محاولة مساعدتها ستكون مجرد مصدر إزعاج لها. فضلاً عن ذلك، فإن مشاهدتها وهي تقوم بتسخين الإبريق والأكواب تُوحي أكثر بـمدى جديتها عندما يتعلق الأمر بالشاي. لـم يكن الهواة ليستطيعوا فعل ما كانت تفعله.
“هل تفضل الحليب في الشاي يا كوزي؟ أم السكر؟ آه، لدينا حتى بعض الـمـربى.”
“مربى…؟ هل تعدين الشاي الروسي؟”
“يُطلق عليه هذا الاسـم في اليابان، ولكنه لا يشبه شاي الليـمون في شيء، للأسف.”
“نعم، لـما لا؟ لعل الـمربى يجعله ألذ.”
“حسنًا. ♪ أوه.. يا رئيس، أتريد أيضًا بودرة البروتين في مشروبك؟”
“بالطبع لا.”
“ههههه!”
انفجر ماساتشيكا ضاحكاً على نكتة ماريا الـمفاجئة بشكل طبيعي. لـم يُجدِ جواب تويا بوجه جاد نفعًا أيضًا.
(بجدية؟ لم أكن أعلم أن ماشا لديها حس دعابة بهذه الدرجة. مهلا … لم تكن تقصد ما تقوله، أليس كذلك؟ على أي حال، كان ذلك طريفاً للغاية. هههههه…!)
حاول ماساتشيكا جاهدًا كتـمان ضحكته.
“اهدأ يا كوزي.”
“إنه خطئي.. خطأي…! كان الأمر مجرد― هاهاهاهاها!”
أدار تويا عينيه، وقهقه ماساتشيكا حتى لـم يعد يستطيع التنفس، ثـم بكى من شدة الضحك.
“آه، هذا كان جيدًا… همم؟ الآن بعد أن تذكرت، اعتقدت أن الناس يشربون الشاي في روسيا فقط في فصل الشتاء.” نطق بذلك، كأنـما يحاول إخفاء شعوره بالحرج من ضحكه. صبت ماريا الـماء الساخن في أكواب الشاي بسرعة، وهي تـميل رأسها إلى الجانب باستغراب.
“همم؟ أعتقد أن الأمر يختلف من شخص لآخر. على الأقل.. في عائلتي، كنا نشرب الشاي حتى في أشد أيام الصيف حرارة. ربـما كان حب أمنا للشاي هو السبب وراء ذلك.”
“أوه، أمك يابانية، أليس كذلك؟ هذا يفسر الكثير…”
كان من الطبيعي أن تندمج بعض من الثقافة اليابانية مع ثقافتهم، حتى وإن كانوا قد ولدوا في روسيا.
“ما مدى معرفتك بروسيا يا كوزي؟” سألت ماريا بلامبالاة، وظهرها ما زال مُتَّجهًا إليه.
“ليس الأمر كما يبدو… فقد شاهدت بعض الأفلام الروسية فقط. هذا كل شيء.”
“أوه، هكذا إذن؟”
(لم يكن الأمر مجرد “بعض” للأمانة، وإن كان كذلك. شاهدتُ مع جدي لأبي ما لا يقل عن عشرين فيلمًا روسيًا، وذلك لأنّه كان يحب روسيا كثيرًا، وقد أفادتْني هذه الأفلام كثيرًا في مهاراتي في فهم اللغة الروسية. وبفضل ذلك، تمكنت من فهم ما كانت زميلتي المحبوبة تهمس به دائمًا! مرحى!)
“هل أنت بخير يا كوزي؟ لقد كنت شارد الذهن منذ قليل.”
“اه.. أنا بخير…”
تساءل ما إذا كانت بعض الهبات نعـمة أم نقمة، حتى وإن كانت مخبأة في شكل آخر. وضعت ماريا طبقًا يحتوي على فنجانٍ وبعض الـمربى أمام ماساتشيكا.
“عذرُا عن التأخير.”
“عجبًا! شكرًا جزيلًا.”
“وإليك القليل من هذا يا رئيس.”
“شكرًا.”
بدا أن تويا يضع السكر في الشاي الخاص به، بينـما اختارت ماريا الـمربى أيضًا.
(من أين أبدأ؟)
بعد تفكير قصير، قرر ماساتشيكا أن يتذوق الشاي أولاً.
“…! كم هذا لذيذ…”
“حـــــــــقًا؟ شكرًا.”
حتى عبير الشاي لـم يكن مألوفًا له. عبيرٌ نابض بالحياة امتد من فمه إلى أنفه، ونكهةٌ غنية و… تحمل في طياتها الحنين.
(الآن بعد أن فكرت في الأمر…)
أحبت أمها الشاي أيضًا. كان ماساتشيكا يشرب الشاي وهو يشيح بنظره إلى ماريا، فوجدها تضع ملعقة من الـمربى في فمها قبل أن تشرب الشاي.
“…؟ ما الخطب؟”
“أوه.. إذن لا تضعين الـمربى في الشاي، أليس كذلك؟”
“يختلف الأمر حسب الشخص. كان أبــي― احمم.. جدي يـمزج الـمربى في الشاي، أما أنا فأفضل تناوله وحده.”
“مثير للاهتـمـام…”
فكان الأمر شبيهًا بتناول الفاصوليا الحلوة مع الشاي الأخضر، حسبـما ظن ماساتشيكا، فقرر أن يحذو حذو ماريا ويأخذ قضـمة.
“إنه لذيذ جدًا…”
تأوهت شفتاه.. متفاجئًا من كم كان حلوًا بالفعل، فشرب الشاي على عجل. حلاوة الـمـربى قد ذابت تـمامًا، فغيرت من طعم الشاي قليلاً.
“مثير للاهتـمـام…”
تداخل مرارة الـمربى مع عطر أوراق الشاي أنتج نكهة فريدة.
(امممم… إنه يذوب تمامًا في فمك مع الشاي، لذلك يكاد يكون الأمر مثل شرب مشروب جديد تمامًا…)
كان ذا مذاق جيد، ولكن الشاي كان بالفعل ممتازًا، لذلك قد يكون من الأفضل شرب الشاي بدون إضافات. من غير اللائق ترك الـمربى بعد أن بذلت ماريا كل هذا الجهد في إعداده.
(لعلي سأضع قليلًا من السكر في المرة القادمة أيضًا.)
بعد أن صـمّم على ذلك في سرّه، بدأ ماساتشيكا في تبديل ملاعق صغيرة من الـمربى بجرعات من الشاي.
(الأهم من ذلك، وبعد أن فكرت فيه حقًا…)
ماريا كانت فائقة الجمال، وجسدها كان رائعاً للغاية. علاوة على ذلك، كانت طيبة القلب، واجـتـماعية، ومحبوبة من معظم أقرانها. كانت من الـمتفوقين في فصلها، وكانت دائـمًا من بين أفضل ثلاثين طالبًا في ترتيب درجات لوحة الإعلانات. لا بد أنها ذكية أيضًا. كانت لياقتها البدنية محل شك، ولكن حتى لو كانت خرقاء بعض الشيء، فإن ذلك لن يؤثر على طابعها اللطيف. كانت تعمل بجد، وكانت أيضًا تجيد إعداد الشاي.
(مهلاً. هل هي مثالية؟)
(لم يخطر ببالي أبدًا أن تكون ماريا على هذه الشاكلة، وذلك لسببين: طبيعتها المرحة دائمًا، ووجود البطلة الخارقة الكاملة الشهيرة أليسا دائمًا إلى جانبي. ولكن بعد التفكير في الأمر، أدركت أن ماريا كانت بطلة خارقة مثالية أيضًا.)
شعر بالضيق فجأة بعد إدراك ذلك. رفعت ماريا فنجان الشاي ببطء، وهي تبتسـم ابتسامة رقيقة، فبدت له أكثر جاذبية من أي وقت مضى.
(فهمت الآن… لهذا السبب ينادونها مادونا. لها القدرة على تحويل أي رجل إلى فتى مفتون بالحب دون قيد أو شرط…)
وبيـنـما كان عقله الأوتاكو يكاد يجن جنونه بسبب الأخت الكبرى لأليسا، لاحظت ماريا أنه كان يحدق بها، فابتسـمت باستفسار، جاذبة إياه إلى الواقع، “أكل شيء على ما يرام؟” ولكنَّه شعر باضطراب في معدته. كانت تجربة غريبة. حاول أن يتـمالك نفسه، لكنه لـم يقدر على ذلك. إذا لـم يكن متيقظًا، فقد يفقد حذره ويظهر كيف يتصرف مع عائلته. كان عليه أن يبقى على حذر. لـم يستطع… ولكن عندما رأى ابتسامة ماريا الـملائكية، بدأ حذره وضبط نفسه في الانهيار. رغب في أن يسلم نفسه لطبيعتها الـمُطمئنة الـمُحبة و―
“لقد عدنــــــــــــــــــــا.”
“…عذرًا على التأخير الطويل.”
“أوه! يوكي، آليا، أهلاً بعودتكما. ♪”
دون سابق إنذار، عادتا يوكي وأليسا من اجتـماعهما، وضحكت ماريا ضحكة فرح. تبددت مشاعر الحب الأموي الساحرة التي كانت تشع بها، ولـم يبق منها سوى فتاة رقيقة تحب أختها.
(كيف يمكن لإنسان أن يتحول إلى شخص آخر بهذه السرعة؟)
كاد التغير الـمفاجئ أن يقلب ماساتشيكا من مقعده، لكن ماريا لـم تبدِ أي قلق وهي تبتسـم في طريقها إلى الرف حيث كانت الأطباق والشاي.
“أترغبون في بعض الشاي؟”
“أوه.. نعـم رجاءً.”
“…أجل.”
“عظيـم. ♪”
غنّت بصوتٍ مرحٍ وهي تعدّ الشاي من أجلهـمـا. وبيـنـما كان ماساتشيكا ينظر إليها بفضول، جلست أليسا إلى جواره واقتربت منه. فلما نظر إليها ورأى كـم هي قريبة، نظرت إليه وكأنها تقول: “أهناك مشكلة؟”
“…ماذا؟” سألتْ بفظاظةٍ.
“أوه، آه… ألا تظنين أنكِ جالسة قريبًا مني قليلًا؟” أجاب ماساتشيكا ببساطة ودون تردد.
” يُعدّ الجلوس في زاوية الـمائدة للفتيات الـمراهقات في روسيا نذير شؤم.”
“حــ~حــــقًا؟”
“أجل.”
ارتج الكرسي مرة أخرى حتى كاد مرفقها يلمسه، وأرسلت إلى يوكي نظرة حادة.
(لا يزال عليها أن تبقى على مسافة! وما هذا الغضب في عينيها؟! هل سيحدث قتال؟ هل سيتقاتلون بالفعل؟)
حدقت ألِيسا في يوكي بتوجس، لكن ابتسامة يوكي القديـمة جعلت من الصعب معرفة ما كانت تفكر فيه. أحسّ بالانزعاج، فعزم على النهوض والرحيل، ولكن أليسا أمسكت بكمّه تحت الطاولة بسرعة قبل أن يبرح مكانه. لـم تتركه وكأنها تستجديه بالبقاء… وكان ذلك أمرًا لطيفًا… إذا ما اعتبرناه حدثًا منفصلًا. ولكن في قرارة نفسه، لـم يشعر ماساتشيكا بذلك.
( لااااااا! اتركينييييي! لا أستطيع تحمل هذا الصـمت المحرج! هذا غير مريح للغاية! آآآآه!!)
شعر كأنه رجلٌ خائن، فحاول الفرار بكل ما أوتي من قوة.
( لماذا أنا؟ ما الذي فعلته حتى يحدث لي هذا؟ مـــــاشــــــــا، أنقذيني!)
التفت إلى الوراء، غير قادر على تحمل الأمر أكثر من ذلك، وسأل ماريا:
“هل هناك بالفعل خرافة في روسيا عن الجلوس على زاوية الطاولة؟”
” بالتأكيد. صحيح أن الجلوس في الزاوية لا يسبب النحس تقنيًا، ولكن قد يؤدي إلى تأخر الزواج أو عدمه.”
أدارت ماريا وجهها ثـم رمقت أليسا بنظرة فرح، وكانت عيناها تلمعان.
“لـم أظن أبدًا أن آليا ستهتـم بأمر كهذا، ومع ذلك… هل هذا يعني أنكِ وجدتِ من ترغبين في الزواج منه؟!”
“…لا، لقد أردت ذلك فقط.”
“أوه. حقًا؟”
“انسي الأمر الآن.”
“اييييو. آليــــــــــــا، لا تتصرفي هكذا.” تأففت ماريا وهي تتجه للأمام مرة أخرى، وكأنها تشعر بالضيق. بعد أن رمقت أختها بطرف عينها، ركزت أليسا نظرها على يدها التي كانت تـمسك بكُمّ ماساتشيكا، ثـم همست بصوت خافتٍ:
】لـم يحن بعد وقت الزواج. 【
كان همسها خافتًا جدًا جدًا، لكن ماساتشيكا استطاع سـماعها جليًا لأنه كان قريبًا منها.
(صحيح، أنتِ لا تزالين في الخامسة عشرة من عمرك. ♪ أشعر بالقلق من تعبيرك هذا، ولكن الجميع يعرف أنكِ غير مؤهلة للزواج. ♪ …أتفعلين هذا بجدية أمام أختك؟!)
ارتجف ماساتشيكا… لأن أخت أليسا الناطقة بالروسية كانت خلفهم مباشرة، لكنها كانت تفرض هيـمنتها الـتـملكية وكأنها ستركبه. إذ فجأة سـمعت أليسا صوت ماريا وهي تضع فنجان الشاي على صينية، فتفاجأت وتركت ذراع ماساتشيكا. بعد فترة وجيزة، عادت ماريا إلى الطاولة بصحن الشاي لأليسا ويوكي.

____________________________________________________

كانت أليسا تـمشي خلف يوكي مباشرة وهي تسير في الـممـر. لـم تكن ساذجة إلى حد أن تصدق حقاً أن يوكي تريد مساعدتها فقط. كان لـيوكي دافع خفي، وكان لدى أليسا فكرة عما كان. ولكن لـم تبدِ يوكي أي نية في بدء الـمحادثة أبدًا. (نعم… هذا حوار سأبدأه.) أغمضت أليسا عينيها، وأخذت نفسًا عميقًا، ثـم قالت: “هوي، يوكي؟ ألا يجب أن نتحدث؟” التفتت يوكي دون أن تُظهر أي تعبير عن الدهشة، وكأنها كانت تعلم أن هذا سيحدث. بقيت صامته تبتسـم وتومئ برأسها، ثـم نظرت إلى فصلٍ دراسيٍ فارغ. “نعم. ما رأيك أن ندخل إلى هنا؟” “حسنًا.” دخلت يوكي الفصل، ودخلت أليسا خلفها، ثـم أغلقت الباب. أضاءت أشعة الشـمس الـمسائية وجهي الفتاتين وهما واقفتان أمام بعضهما البعض. ” قرّرتُ أن أترشح لرئاسة مجلس الطلاب العام الـمقبل مع كوزي.” قالت أليسا ذلك بلهجة استفزازية قليلاً، وظلت يوكي مع ذلك محافظةً على ابتسامتها وهزت رأسها. ” أجل، أعلم. أخبرني بالأمس.” “…أوه.” وعلى الرغم من أن أحد حاجبي أليسا ارتعش برهة عندما سـمعت ذلك، إلا أنها لـم تنطق بكلمة أخرى، فما كان من يوكي إلا أن مالت رأسها في حيرة. “اممم.. أهذا كل شيء؟” “أجل. ولـم أفعل شيئًا يستحق الندم، فلا حاجة إلى الاعتذار. فقط أردت أن أطلعك على الأمر.” “هههه. حسنًا، شكرًا لكِ على إخباري.” رُبـما ظنّ البعض أنّ أليسا كانت تقصد استفزازها، ولكنّ يوكي ابتسـمت ابتسامةً خفيفةً كما لو كانت تجد الأمر طريفًا. ” نعم، ليس عليك الاعتذار عن أي شيء. ففي النهاية، ماساتشيكا هو من اتخذ القرار بنفسه، فلا يـمكنني أن أشتكي. وأنا أيضًا لا أنوي إلقاء اللوم عليك في أي شيء.” قالت يوكي بوضوح. “ومع ذلك، كان من الـمؤسف أنه لـم يذهب معي.” وأضافت ضاحكًة، لكن أليسا شعرت أنها كانت متحفظة إلى حد ما. “يوكي… بخصوص كوزي… هل أنتـمـا…؟” “…؟” “…إنسي الأمر.” كبحَت أليسا جماحَها بعد أن أدركت أنها كانت تتجاوز الحدود. ولكن… ” أحبه. أحبه أكثر من أي شخص آخر في العالـم كله.” قالت يوكي بثقة. “…؟!” تراءت لأليسا دهشة كبيرة، وقد فوجئت بتعبير يوكي الجدي وردها الثابت. ” أكثر من أي شخص آخر في العالـم كله؟” ” نعم، أحب ماساتشيكا أكثر من أمي، أكثر من أبي، أكثر من أي شخص في العالـم.” صرحت بحبها لـماساتشيكا دون استحياء أو تردد، فتراجعت أليسا خطوة إلى الوراء دون قصد. لـم تترك يوكي الفرصة تـمر دون أن تستغل صدمتها وردّت. “ماذا عنكِ آليا؟” “هـــاه؟” ” ما شعورك تجاه ماساتشيكا؟” “أنــــــا… أنــــــا…” ارتجفت شفتها وهي تحاول أن تقول إنه مجرد صديق، لكن نظرة يوكي الحادة جعلتها تشعر بالارتباك وتنظر بعيدًا. أحست بالحيرة من أمرها، هل كان من الـمناسب أن تعطي إجابة غير حاسـمة بعد أن صرحت يوكي بـمشاعرها الصادقة له؟ “كوزي… صديقي. صديقٌ عزيز جدًا.. ويعني لي الكثير.” على الرغم من أنَّ أليسا كانت لا تزال تنظر بعيدًا، وكانت الآن تحمر خجلًا، إلا أنها تـمكنت أخيرًا من إخراج تلك الكلمات… ثـم شعرت على الفور بحمرة خجل تسري في جميع أنحاء جسدها، وبدأت في التـململ. إلا أن ذلك لـم يرضِ يوكي. “أتُحبينه؟” “ماذا؟!” جعلها السؤال الصريح تشعر بالحرج، فزمجرَت ونظرت إليها في عينيها. أمعنت يوكي النظر في عينيها وبدأت تقترب، لكن أليسا تراجعت تلقائيًا. ولكن يوكي لـم تتوقف، بل اسـتـمرت في الـتقدم إلى الأمام حتى أصبحت آليسا محشورة في الزاوية. كان الفارق في الطول بين ألِيسا الطويلة ويوكي القصيرة لا يقل عن عشرين سنتـيـمترًا، فكان على يوكي أن ترفع رأسها وتنظر لأعلى لتقابلها. ولكن مع ذلك، شعرت أليسا بأنها هي القصيرة. “إذًا؟ ما الأمر؟ أتحبينه؟” ” قول إنني أحبه… سيكون… الأمر أشبه بـ…” ” أخبرتكِ أنني أحبه، لذا عليك أن تخبريني أيضًا كيف تشعرين تجاهه بالضبط!” ” امممممممم…” كانت أسئلة يوكي الـمتواصلة ثقيلة على أليسا التي لـم تكن معتادة على الحديث عن مثل هذه الـمواضيع، مما أدى إلى ارتفاع درجة حرارة دماغها. فقدت القدرة على التفكير الـمنطقي، ولـم يُسمع من شفتيها سوى كلمات عنادها ومشاعر غيرتها من يوكي. ” لست متأكدة… إن كنت أحبه… ولكن…! لن أترككِ تأخذيه مني!” أغمضت يوكي جفنيها ببطء، ثـم تراجعت للخلف. “…هكذا إذن. أعتقد أن هذا كافٍ في الوقت الحالي.” ضحكت يوكي بضحكة خفيفة مصاحبة بابتسامة أنثوية مميزة. “هل نذهب الآن إلى نادي الفنون؟ لا ينبغي أن نطيل انتظارهم.” “أوه، حسنًا…” رغم أنّ أليسا كانت في حيرة من أمرها لسرعة تغير سلوك يوكي، إلا أنها تبعتها خارج الغرفة وبدأت في السير نحو غرفة نادي الفنون. (ماذا قلت من قليل؟ أشعر أنني قلت شيئًا مهمًا. لحظة… “حب”؟ هل قلت حقًا “حب”؟) كانت أليس تـمشي وهي تحاول أن تسترجع في ذاكرتها ما حدث منذ قليل، ولكن عينيها دارتا في دوائر من شدة الاضطراب وعدم القدرة على التركيز. يوكي، التي كانت تراقبها من زاوية عينها، أدارت رأسها بعيدًا بلامبالاة، عابسة الوجه. (هو يعني لها الكثير، أليس كذلك؟ وهي لن تدعني أحصل عليه أبدًا؟ هه … هذا هو أخي دائمًا.) على عكس أليسا، كانت يوكي تشعر بالسعادة الشديدة. كانت خطواتها رشيقة كالفراشة، وكأنها ستطير في أي لحظة.

“تفضلي آليا.”
وضعت أمام أليسا صحنًا صغيرًا… عليه ما يشبه ما يكفي من الـمربى لنصف برطمان تقريبًا.
“…ماذا؟” سألت، إذ فطنت إلى أن ماساتشيكا كان يراقبها.
“هاه؟ لا شيء…”
أدار ماساتشيكا وجهه بعيدًا بسرعة، متنكرًا في جهله وهو يصب ما تبقى لديه من الـمربى في الشاي، وحركه جيدًا بـملعقته قبل أن يشربه دفعة واحدة.
(طبعًا… هذا مشروب مختلف تمامًا الآن.)
بدا أنّه مربى أكثر من شاي، فترك حلاوةً في فمه جعلت شفتيه تلتصقان ببعضهما البعض.
“يا، أخبروني… أين ذهبت شيساكي؟” سألت يوكي فجأة.
“هاه؟ آه… إنها لـم ترجع بعد، الآن بعد أن ذكرت الأمر.”
بعد أن نظر إلى الساعة ومال رأسه، وضع تويا فنجان الشاي وهز كتفيه.
“شيساكي ذهبت لـمساعدة أمينات الـمكتبات الطلابيات… ستعود عندما تشعر بالجوع.” قال.
“كـم عمرها؟ عشر سنوات؟” قال ماساتشيكا مازحًا، فانفتح باب غرفة مجلس الطلاب فجأة.
“ما هذه الرائحة الطيبة!”
” خطأي. لا يزيد عمرها عن ثـمانية أعوام على الأكثر.” أردف ماساتشيكا، بينـما اندفعت شيساكي إلى الغرفة بعينين تلمـعان بالنجوم.

___________________________________________________________

“ماشا، بخصوص هذا الجزء هنا…” “همم؟ آه، لعلنـي أخطأت.” “أوه، حسنًا. سأصلحه إذن.” “شكرًا.” في تلك الأثناء، كان ماساتشيكا يساعد ماشا في عملها، وكان متأثرًا بـما تعلّمه… (ماشا سكرتيرة على درجة عالية من الكفاءة! يا للهول!) كانت دهشته فظة إلى حد ما، ولكنها كانت بالفعل تفوق كل توقعاته. كانت هادئة الطبع، لكنها أنجزت عملها، وأنجزته بسرعة فائقة أيضًا. كان يحسب أنها دُعيت للانضـمام إلى مجلس الطلاب بسبب شهرتها، لذلك فوجئ بـمدى كفاءتها ومثابرتها. (هذه الفتاة، على النقيض من ذلك…) حدق ماساتشيكا بنظرة خافية في الفتاة الجالسة أمامه. “هاه…؟ كنت أنظر إليه قبل ثوانٍ قليلة. أين ذهب؟” “شيساكي، أظننـي رأيتكِ تضعينه في الـملف الأزرق الـموجود هناك.” أوردت ماريا. “هاه؟ أوووه. طبعًا.. شكرًا.” توجهت شيساكي إلى الرف على الحائط لتأخذ الـمجلد الأزرق، لكنها لـم تكن متأكدة من أي الـمجلدات الزرقاء هو، فأخذت أي مجلد ونظرت فيه بفضول. (إنها سيئة في عملها! لا تجيد فعل أي شيء بمفردها! أعلم وقاحة ما أقوله، لكن يظل…) لـم تكن شيساكي وبيئة العمل الـمكتبية متلائـميـن. كانت تفتقر تـمامًا إلى الـمهارات التنظيـمية، حسـبـما لاحظ ماساتشيكا. “همم…؟ ممم…” ولـم تستطع أن تجلس ساكنة هي الأخرى. ما إن مضت عشرين دقيقة على بدئهم في إنجاز الأعمال الورقية حتى بدأت في التقلب بتـململ. (ما هي؟ طفلة في المدرسة الابتدائية تملؤها الطاقة المكبوتة؟) كانت تنظر حولها بنظراتها اللامبالية، وكأنها تنتظر أن ينتهي الجميع من عـمـلهم، وماساتشيكا رغم أنه تجاهلها، إلا أن الضجر الذي بدا على وجهه كان واضحًا جليًا. فتاة عذبة الـمنظر، طيبة القلب، تبدو حادة الذهن أول وهلة، وفتاة حسناء الـمنظر، تبدو قادرة على إدارة شركة كاملة بنفسها. ولكن اتضح أن العكس هو الأمر الواقع بالنسبة لهما. (لا يجب الحكم على الكتاب من غلافه…) كان ماساتشيكا متفاعلًا للغاية مع ما يحدث، عندما فجأة تحدث تويا وكأنه لـم يعد قادرًا على تحمل الـمشاهدة. “أوه. بالـمناسبة، شيساكي… سـمعت أنهم يجددون الكثير من الكتب في الـمكتبة بكتب جديدة.” “ماذا؟! أيحتاجون إلى مَنْ يُعينهم؟!” “ربـما. فالـمكتبيون الطلاب معظمهم من الفتيات، وتغيير الكتب الثقيلة قد يكون أمرًا متعبًا. هل بـمقدوركِ الذهاب والاطمئنان عليهم من أجلي؟” “أنـــــا لها!” فرحت شيساكي فرحاً شديداً كفرحة طفل في احتفال عيد الـميلاد، ثـم انطلقت من الباب بسرعة البرق. كانت الأعمال الورقية تثقل كاهلها. كانت عودتها في أي وقت قريب أمراً مستبعداً تـماماً. “عذرًا، كوزي. شيساكي دائـمًا على هذه الحال. ومع ذلك.. فهي مفيدة للغاية عندما نعقد اجتـماعات اللجنة والنادي، لذا كن لطيفًا معها، حسنًا؟” ابتسـم تويا ابتسامة مريرة. ” أوه، حسنًا… أقصد، كل شخص لديه أشياء يجيد القيام بها وأشياء لا يجيد القيام بها، أليس كذلك؟ هههه.” رد ماساتشيكا بابتسامة باهتة. بالفعل.. شيساكي كانت شخصًا جيدًا يـمكن الاعـتـماد عليه. أدرك ذلك بعد أن رأى شدة غضبها بسبب ما تعرضت له أليسا من أولئك الرياضيين في اليوم السابق. ولهذا السبب بالذات كان من الصعب على ماساتشيكا أن يرى جانبها الطفولي، لأنه لـم يكن يعرف كيف يتصرف حياله. “وذلك على الرغم من أنه مجرد واحد من العديد من الأشياء التي تجعلها جميلة، أليس كذلك؟” “<> كف عن التفاخر بحبيبتك.” “هــــــــيه! أنظر إلى نفسك يا كوزي. إن رجلاً مثلك، واضح الأفكار، هو ما يحتاجه مجلس الطلاب.” “مجلس الطلاب كان في حاجة ماسة إلى الـمساعدة في الأساس.” “هههههه! كُنتُ أعلـم أن دعوتك للانضـمام كانت خطوة صحيحة.” “ما الذي جعلك تدرك ذلك؟” ماريا نظرت إليهم بابتسامة، وكأنها تقول: ” يبدو أنهم يقضون وقتًا ممتعًا.” وفي الوقت نفسه، سحبت أوراق عمل شيساكي إليها بهدوء لإنهائها وكأنه أمر طبيعي. (ما طبيعة قوتها الخارقة؟) تغيرت نظرته إليها من تلك اللحظة فصاعداً.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط