نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

The villainess lives again 30

حفلة شاي

حفلة شاي

عرجت ارتيزيا على الحمام، قبيل ذهابها إلى الشرفة حيث أُقيمت حفلة الشاي، أصبح مكدساً بالزهور والهدايا، وكل ما يسر الأنظار. 
استقبلتها صوفيا منتشيه بالفخر
“أهلا، يا آنسة، هل سوف تريدين تغير ملابسك؟”
“لا، لقد جئت ألقى نظرة وسأغادر، هل كل هذه الزهور من الهدايا؟”
“نعم، لقد نقلت الزهور التي أرسلها الارشدوق إفرون إلى غرفة النوم، ودونت أسماء كل الذين ارسلوا الأزهار حتى يكون من السهل التعرف على مرسلها، وقد استعمل كل من الدانتيل والزهور المرسلة من قبل النسوة في تزين الشرفة للقاء الآنسات هذا اليوم”
“و؟”
وأشارت إلى رزمة من الصناديق، ثم اضافت
“ووضعت هناك الهدايا من الرجال الذين تجاوزوا الأربعين من العمر، وفصلت الهدايا التي تزيد عن السعر الذي ذكرته جانبًا بعد أن ناقشت الأمر مع كبير الخدم، وكذلك أرجعت كل الهدايا باهظة الثمن كالجواهر والهدايا من الشباب غير المتزوجين دون استثناء.”
وأضافت بتوتر، وقد خشيت أنها قد فوتت أية تعليمات:
” أما عن الهدايا من أولئك المرسلين متزوجين، فقد عملت قائمة بأسمائهم وخزنتها بعيدًا حتى تتمكني من الاطلاع عليها بنفسك لاحقاً.”
فقالت ارتيزيا برفق:
” أحسنتِ صنيعا”
فاسترخت ورسمت ابتسامة واسعة على وجهها.

كانت صوفيا مجرد خادمة وُظفت لأداء بعض الأعمال الرتبة المتنوعة في قصر ال روزان، ومن ثمة عُينت في جناح ارتيزيا لمهاراتها في رتق وتخيط الملابس. 
كانت هذه أحدى المناسبات النادرة التي عامل بيل فيها ارتيزيا بشكل لائق، معاملة الآنسة في منزل الماركيز. ومع ذلك، كانت الخادمات المعينات عندها يحصلن على نفس أجر الخادمات أقل عنهن رتبه، وإذا كان هناك الكثير من العمل يتم استدعاؤهن لغرفة الغسيل، التي يكرهها الجميع، على خلاف معاملة الخدم المقربين للخليفة المعتادة.  
ولكن صوفيا لم تقدم أي شكوى بشأن معاملتها بهذه الطريقة، فقد أحبت سيدتها من قلبها، ومن جهة أخرى، كانت عاجزة عن فعل أي شيء حيال تجاهلها، أو منحها غير غرفة ملابس رديئة وحمام مزري.
وفجأة، انقلب الوضع بأسره في غضون شهر، طُرد بيل، و أستبدل الخدم، طرد كل العمال الوقحين، وامتلأت جميع المناصب المهمة بأشخاص عاملو الآنسة باحترام، كان معظمهم من عائلة هانسون الذين غيروا أسمائهم، ومن الموظفين السابقين المقربين منهم، إلا أن صوفيا ما كانت على علم بهذه التفاصيل. 
أما عن أولئك الذين همسوا بأنها فتاة قبيحة – أليس عندهم عيون؟- التزموا الصمت كأنهم لم يتفوهوا بهذا الهراء على الإطلاق. 
في السابق، لم يتواصل معها احد بل لم يدعمها احد بلقبها النبيل مطلقاً، أما الآن، ما انفكت الدعوات والزهور تتدفق كل يوم! 
بعدئذ، صارت وأليس أقرب الخدم الموثوقين لديها، لقاء العمل عندها في تلك الأوقات العصيبة! اصبحت مسؤولة عن غرفة الملابس الممتلئة بالثياب، وعن الجواهر والزينة، وعن الحمام المملوء بالورود والعطور، حتى أن هناك بعض أشخاص قد أعطوها رشاوي حتى تمرر بعض الرسائل إلى سيدتها.
شعرت وكأن السماوات قد فتحت أبوابها فجأة، في البداية، انتابها القلق العارم من عودة ميرايلا ولورانس وانقلاب كل شيء في أية لحظة، ولكنها ما عادت تشعر غير الفخر الآن، فقد كانت تعلم وعلي الرغم من أنها مجرد خادمة بسيطة أن ارتيزيا قد غدت أشهر من نار على علم في المجتمع الراقي.
مع أنّ السياسة والرأي العام موبوآن بقضية البارون ياتز في هذا الوقت، إلا أن خبر خِطْبَة الأرشيدوق إفرون تصدر احاديث النبلاء والشعب على حد سواء! فلا يمكن أن تفشل خطبته أبدا في جذب الانتباه!
لطالما كان سيدريك محط الأنظار منذ نشأ حتى حمل لقب الأرشيدوق، ولكن الحقيقة الممتعة أن ما من أحد قد اهتم لجانبه من هذه الخِطْبَة، إنما كانوا يتساءلون عمّن سيصبح صهر دوقية إفرون الكبرى؟ عمّن سوف يستحوذ على درع الشمال وبطل الغرب؟  
َ بل، وبالأحرى، كان الناس يولون اهتمامًا أكبر بالشهرة والتأثير اللذين اكتسبهما من الأحداث الأخيرة أكثر من الخِطْبَة ذاتها. 
ومن ناحية أخرى، أصبحت ارتيزيا، الفتاة التي كانت عرضة التجاهل إلى حد بعيد حتى وقت قريب، من مشاهير المجتمع الراقي على حين غرة.
هل قرر سيدريك بدء شراكة مع لورانس؟ وماذا سيحدث لثروات آل روزان؟ هذه المواضيع الصغيرة وحدها كافية لشغل مجالس النبلاء طوال الليل.
كما أصبح الناس فضوليين حول شخصيتها لكثرة ما تردد اسمها على الألسنة، بينما تناقلت الفتيات قصصاً شاعرية. 
إذ لم تكن أرتيزيا مجرد بطة المنزل القبيحة؛ كانت تُعدُ أقل حتى من بيضة لم تفقص! ما آثار فضول الجميع لمعرفة كيف انتهى بها الأمر في علاقة مع سيدريك.
ومع ذلك، كان كل تفصيل من تفاصيل علاقتهما تشد الفضول، من لقاءهما المصادفة في معبد خارج المدينة بسبب عربة معطلة، ثم رقصهما معًا في حفلة الكونت إندار، وهدية الزواج التي أدت إلى قضية بارون ياتز برمتها، إلى شراء فساتين بميزانية نفقة عام كامل من متجر إيميلي الشهير.
بدأ الشباب يعيرون اهتمامًا بها وكأنها لؤلؤة على الشاطئ، فالبعض طلب موعدا، والبعض أرسل الهدايا. 
بينما مررت ارتيزيا هذه الدعوات والمجاملات مرور الكرام، رأت صوفيا أن هذا الأمر غريب للغاية، فقد كانت تعرفها منذ وقت طويل، وتعلم أنها شخص لا تظهر مشاعرها كثيراً، مع ذلك لم تتوقف عن الاهتمام يوماً، بل ببساطة، كانت تعيق ردود أفعالها ورغباتها لأنها تعلم أنها لن تؤدي إلا لأن تتعرض للتوبيخ أو النقد. 
لطالما كانت تعدها فتاة أصغر وأقل منها نضجاً في عدة النواحي، ولكنها توقفت عن الاهتمام تماماً في صباح أحد الأيام، كانت تحمل مزيجًا من الأفكار بداخلها دائما، لكن يبدو الآن وكأنها أضحت كالصدفة فارغة تمامًا.
وما عادت تلك الهدايا الجميلة التي كانت تثير حماسها مختلفة عن حصي مرصوفة على جانب الطريق، فشعرت بالأسى مرة أخرى.
أعلنت قائلة:
“سأسرح لك تسريحة عصرية يا سيدتي.”
“لا حاجة لذلك، فهذا وقت شاي خفيف “.
“نعم، ولكن هذه المرة الأولى التي تستضيفين فيها حفلة شاي “.
فابتسمت ارتيزيا وقالت:
“وهذا أمر مشترك بين الضيوف.”
“إذا، انتظري لحظة من فضلك.”
فطفقت تهذب الفستان مرة أخرى، وقامت برفع أكمامه قليلاً حتى تكشف عن سوار الألماس، عندئذ جفلت أرتيزيا، بينما علقت الأخرى بابتسامة:
“لقد أصبحت الأكمام القصيرة الموضة في هذه الأيام، لقد أصبح الجو أكثر سخونة، فالصيف على الأبواب”.
لم ترد، بل تورد خديها قليلاً.
عندئذ صارت صوفيا راضية، فقد كان السوار رائعا، وقد أحبت حقيقة أن الآنسة خُطبت إلى رجل رائع، وفوق كل ذلك، كان من الجميل أن تراها تحمر خجلا كنديداتها متى ما رانت سيرته.
 
كان الضيوف قد تجمعوا على الشرفة فعلًا، ومن بينهم، كانت ميلي ابنة السيد كيشور الوحيدة التي تعرفها ارتيزيا معرفة رسمية، فاستقبلتها أولاً:
“أهلا بك يا آنسة ميلي شكرا لقدومك”
فابتسمت الفتاة برقة، وحياتها وقالت:
“شكرا لدعوتك لي، يا آنسة ارتيزيا”
وأخذت بيدها وابتسمت بإشراق، فسألتها برقة. 
“كيف حالك اليوم؟”
فأجابت ولا تزال مبتسمة:
“الطقس رائع اليوم وأنا بحالة صحية جيدة، قوية بما فيه الكفاية حتى اتمكن من المجيء وفقا لدعوتك، لقد كانت أملاح الاستحمام التي اهديتها لي في المرة الماضية رائعة بحق، أضافتها للمياه جعلت يداي وقدماي يشعران بالدفء، وقد أتاحت لي فرصة المشي لفترة أطول. “
“سيتحسن جسدك تحسنا ملحوظا بعد الاستحمام بالمياه الدافئة، حتى في هذا الطقس الحار. “
فأومأت ميلي وقالت:
“أشكرك على اهتمامك دائمًا. لا أعرف ما إذا كان والدي قد نقل لك امتناني بالكامل،”
ثم شهقت برقة وقالت:” اه، صحيح نسيت أن أعرفك على ابنة خالي، إنها تدعي هازل”.
انحنت الفتاة ذات الشعر الاحمر بجانبها الأيمن، وحيت قائلة:
“مرحبا، يا آنسة روزان.”
“سعدت بلقائك، أنا ارتيزيا”
وانحنت انحناءة صغيرة مهذبة، فقالت الحمراء بحماس، وكأنها تحادث صديق لم تره منذ زمن:
” شكرا لك على الدعوة، لقد كنت أتطلع للقائك كثيراً”
بعدها، طفقت هازل تعرفهما بالضيوف الآخرين؛ إذ لم تكن أي من ميلي وارتيزيا نشطتين اجتماعيًا ولم يكن لديهما الكثير من المعارف، لهذا قدمت بقية الضيوف الذين دعتهم حتى تتمكن الاثنتان من توسيع دائرة صداقاتهم، وكان أغلب الضيوف فتيات في سن الزواج.
بالطبع، لم تكن ارتيزيا تجهل خلفيتهن تماماً، فقد تعرف معظم الشخصيات الاجتماعية، لذلك كانت لديها معلومات أساسية عن الضيوف، لم يكن لدى بعضهن أي سير ذاتية خاصة، ومنهن من ستصبحن نبيلات مشهورات في المستقبل.
لكنها كانت مهتمة بهازل على نحو خاص، فهي ذكية، واجتماعية، وتملك ذاكرة جيدة، كما أن عندها دائرة واسعة من المعارف ومادية إلى حد ما، كما أنها تعرف كيف تتباهى بمعارفها دون أن تبدو مزعجة وكانت جيدة بشكل خاص في نشر الأخبار بينهم، والأهم من ذلك كله، كان والدها يديران الصحيفة الأكثر سطوة في العاصمة، لعلها من دون شك ستكون معرفة مفيدة جدًا.
بعد ذلك، جلست وضيوفها على مائدة، فنظرن مظهرها وإلى القصر بعيون متعطشة، كان ترتدي فستاناً بسيط المظهر خالي من الزخرفة إلا قليلاً ولكن قد صُنع من قماش باهظ الثمن، فأضاف إلى مظهرها هيبةً و وقارًا، وكذلك تألق السوار الماسي حول معصمها الرفيع.
وسرق بعض الضيوف النظرات خفية نحو السوار الشهير الذي يشاع أن سيدريك قد قدمه هدية زواج.
بعد أن انتشرت أنباء هذه الخطبة على الصحف و الاوساط الاجتماعية، أصبحت الأساور الالماسية المزدوجة شائعة بين العشاق خلال الفترة الماضية.
لقد تردد ذكر السوار مع قلب أولغا، تلك الجوهرة التي بدأت كل شيء! 
لم يكن سيدريك نفسه يتخيل هذا الأمر، لكن متجر أودوروف قد جنى فوائد جمه من تقديم المعلومات له، إذ بلغت مبيعاته حدود السماء، باع حتى الأساور المزدوجة التي صنعت من الكريستال لأجل عامة الناس، بِيعت كلها كالكعك الساخن! .
سألت إحداهن بفضول.
” بالتفكير مرة أخرى، إنني لا أرى السيد ألفونس هنا، لقد سمعت أنه لا يفارق جانبكِ مطلقاً “.
قد كان إرسال سيدريك لأقوى فرسان إفرون وأكثرهم جدارة بالثقة لحماية خطيبته قصة شهيرة أخرى. 
فأجابت بابتسامة رزينة:
“نعم، فقد غادر في مهمة عاجلة “.
حينئذ، جاءت خادمة راكضة، منقطعة الأنفاس، نحوها.. 
” آنسة! يا آنسة!”
وبختها قائلة:
“لماذا تثيرين الضجة؟ ألا ترين الضيوف؟ “
فشحب وجه الخادمة وقالت على وجه السرعة
“الـ… السيدة قد عادت!”
كانت هناك الضوضاء هائلة، بلغت مسامع الضيوف في الخارج، هناك أحدهم ينادي على بيل، وأخر يصرخ وأخير ينتحب، فنهضت من مقعدها، و استأذنت:
“أنا آسفة، سأعود بعد قليل.”
فردت ميلي وهي زرقاء الوجه:
” حسنا.”
ومضت بخطى بطيئة إلى المدخل، لم ترد أن تترك انطباع سيء على ضيوفها، وعندما فتحت باب الشرفة، ظهرت ميرايلا واقفة أمامها، فهمست:
“أماه.”
 نظرت نحوها نظرة ساخطة، تتطاير منها الخناجر، بدت رئيسة الخادمات التي كانت تتشبث بحاشية فستانها، كأنها قد تعرضت للأذى الشديد، وما زالت تسحب حاشية الفستان، وتقول إن هناك ضيوفا! 
 خفضت ارتيزيا عيناها بهدوء، بينما نظرت إليها والدتها من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها نظرة تقييمية، ثم حدقت في الزهور والدانتيل اللّذين يزينان الشرفة.
ونطقت بحدة:
” تلك الشائعات التي تقول أنك تمكنت من القبض على كاحل رجل لطيف، وأنك حصدت فوائد عظيمة من ذلك قد وصلتني في الفيلا”.

كانت صوفيا مجرد خادمة وُظفت لأداء بعض الأعمال الرتبة المتنوعة في قصر ال روزان، ومن ثمة عُينت في جناح ارتيزيا لمهاراتها في رتق وتخيط الملابس.  كانت هذه أحدى المناسبات النادرة التي عامل بيل فيها ارتيزيا بشكل لائق، معاملة الآنسة في منزل الماركيز. ومع ذلك، كانت الخادمات المعينات عندها يحصلن على نفس أجر الخادمات أقل عنهن رتبه، وإذا كان هناك الكثير من العمل يتم استدعاؤهن لغرفة الغسيل، التي يكرهها الجميع، على خلاف معاملة الخدم المقربين للخليفة المعتادة.   ولكن صوفيا لم تقدم أي شكوى بشأن معاملتها بهذه الطريقة، فقد أحبت سيدتها من قلبها، ومن جهة أخرى، كانت عاجزة عن فعل أي شيء حيال تجاهلها، أو منحها غير غرفة ملابس رديئة وحمام مزري. وفجأة، انقلب الوضع بأسره في غضون شهر، طُرد بيل، و أستبدل الخدم، طرد كل العمال الوقحين، وامتلأت جميع المناصب المهمة بأشخاص عاملو الآنسة باحترام، كان معظمهم من عائلة هانسون الذين غيروا أسمائهم، ومن الموظفين السابقين المقربين منهم، إلا أن صوفيا ما كانت على علم بهذه التفاصيل.  أما عن أولئك الذين همسوا بأنها فتاة قبيحة – أليس عندهم عيون؟- التزموا الصمت كأنهم لم يتفوهوا بهذا الهراء على الإطلاق.  في السابق، لم يتواصل معها احد بل لم يدعمها احد بلقبها النبيل مطلقاً، أما الآن، ما انفكت الدعوات والزهور تتدفق كل يوم!  بعدئذ، صارت وأليس أقرب الخدم الموثوقين لديها، لقاء العمل عندها في تلك الأوقات العصيبة! اصبحت مسؤولة عن غرفة الملابس الممتلئة بالثياب، وعن الجواهر والزينة، وعن الحمام المملوء بالورود والعطور، حتى أن هناك بعض أشخاص قد أعطوها رشاوي حتى تمرر بعض الرسائل إلى سيدتها. شعرت وكأن السماوات قد فتحت أبوابها فجأة، في البداية، انتابها القلق العارم من عودة ميرايلا ولورانس وانقلاب كل شيء في أية لحظة، ولكنها ما عادت تشعر غير الفخر الآن، فقد كانت تعلم وعلي الرغم من أنها مجرد خادمة بسيطة أن ارتيزيا قد غدت أشهر من نار على علم في المجتمع الراقي. مع أنّ السياسة والرأي العام موبوآن بقضية البارون ياتز في هذا الوقت، إلا أن خبر خِطْبَة الأرشيدوق إفرون تصدر احاديث النبلاء والشعب على حد سواء! فلا يمكن أن تفشل خطبته أبدا في جذب الانتباه! لطالما كان سيدريك محط الأنظار منذ نشأ حتى حمل لقب الأرشيدوق، ولكن الحقيقة الممتعة أن ما من أحد قد اهتم لجانبه من هذه الخِطْبَة، إنما كانوا يتساءلون عمّن سيصبح صهر دوقية إفرون الكبرى؟ عمّن سوف يستحوذ على درع الشمال وبطل الغرب؟   َ بل، وبالأحرى، كان الناس يولون اهتمامًا أكبر بالشهرة والتأثير اللذين اكتسبهما من الأحداث الأخيرة أكثر من الخِطْبَة ذاتها.  ومن ناحية أخرى، أصبحت ارتيزيا، الفتاة التي كانت عرضة التجاهل إلى حد بعيد حتى وقت قريب، من مشاهير المجتمع الراقي على حين غرة. هل قرر سيدريك بدء شراكة مع لورانس؟ وماذا سيحدث لثروات آل روزان؟ هذه المواضيع الصغيرة وحدها كافية لشغل مجالس النبلاء طوال الليل. كما أصبح الناس فضوليين حول شخصيتها لكثرة ما تردد اسمها على الألسنة، بينما تناقلت الفتيات قصصاً شاعرية.  إذ لم تكن أرتيزيا مجرد بطة المنزل القبيحة؛ كانت تُعدُ أقل حتى من بيضة لم تفقص! ما آثار فضول الجميع لمعرفة كيف انتهى بها الأمر في علاقة مع سيدريك. ومع ذلك، كان كل تفصيل من تفاصيل علاقتهما تشد الفضول، من لقاءهما المصادفة في معبد خارج المدينة بسبب عربة معطلة، ثم رقصهما معًا في حفلة الكونت إندار، وهدية الزواج التي أدت إلى قضية بارون ياتز برمتها، إلى شراء فساتين بميزانية نفقة عام كامل من متجر إيميلي الشهير. بدأ الشباب يعيرون اهتمامًا بها وكأنها لؤلؤة على الشاطئ، فالبعض طلب موعدا، والبعض أرسل الهدايا.  بينما مررت ارتيزيا هذه الدعوات والمجاملات مرور الكرام، رأت صوفيا أن هذا الأمر غريب للغاية، فقد كانت تعرفها منذ وقت طويل، وتعلم أنها شخص لا تظهر مشاعرها كثيراً، مع ذلك لم تتوقف عن الاهتمام يوماً، بل ببساطة، كانت تعيق ردود أفعالها ورغباتها لأنها تعلم أنها لن تؤدي إلا لأن تتعرض للتوبيخ أو النقد.  لطالما كانت تعدها فتاة أصغر وأقل منها نضجاً في عدة النواحي، ولكنها توقفت عن الاهتمام تماماً في صباح أحد الأيام، كانت تحمل مزيجًا من الأفكار بداخلها دائما، لكن يبدو الآن وكأنها أضحت كالصدفة فارغة تمامًا. وما عادت تلك الهدايا الجميلة التي كانت تثير حماسها مختلفة عن حصي مرصوفة على جانب الطريق، فشعرت بالأسى مرة أخرى. أعلنت قائلة: “سأسرح لك تسريحة عصرية يا سيدتي.” “لا حاجة لذلك، فهذا وقت شاي خفيف “. “نعم، ولكن هذه المرة الأولى التي تستضيفين فيها حفلة شاي “. فابتسمت ارتيزيا وقالت: “وهذا أمر مشترك بين الضيوف.” “إذا، انتظري لحظة من فضلك.” فطفقت تهذب الفستان مرة أخرى، وقامت برفع أكمامه قليلاً حتى تكشف عن سوار الألماس، عندئذ جفلت أرتيزيا، بينما علقت الأخرى بابتسامة: “لقد أصبحت الأكمام القصيرة الموضة في هذه الأيام، لقد أصبح الجو أكثر سخونة، فالصيف على الأبواب”. لم ترد، بل تورد خديها قليلاً. عندئذ صارت صوفيا راضية، فقد كان السوار رائعا، وقد أحبت حقيقة أن الآنسة خُطبت إلى رجل رائع، وفوق كل ذلك، كان من الجميل أن تراها تحمر خجلا كنديداتها متى ما رانت سيرته.   كان الضيوف قد تجمعوا على الشرفة فعلًا، ومن بينهم، كانت ميلي ابنة السيد كيشور الوحيدة التي تعرفها ارتيزيا معرفة رسمية، فاستقبلتها أولاً: “أهلا بك يا آنسة ميلي شكرا لقدومك” فابتسمت الفتاة برقة، وحياتها وقالت: “شكرا لدعوتك لي، يا آنسة ارتيزيا” وأخذت بيدها وابتسمت بإشراق، فسألتها برقة.  “كيف حالك اليوم؟” فأجابت ولا تزال مبتسمة: “الطقس رائع اليوم وأنا بحالة صحية جيدة، قوية بما فيه الكفاية حتى اتمكن من المجيء وفقا لدعوتك، لقد كانت أملاح الاستحمام التي اهديتها لي في المرة الماضية رائعة بحق، أضافتها للمياه جعلت يداي وقدماي يشعران بالدفء، وقد أتاحت لي فرصة المشي لفترة أطول. “ “سيتحسن جسدك تحسنا ملحوظا بعد الاستحمام بالمياه الدافئة، حتى في هذا الطقس الحار. “ فأومأت ميلي وقالت: “أشكرك على اهتمامك دائمًا. لا أعرف ما إذا كان والدي قد نقل لك امتناني بالكامل،” ثم شهقت برقة وقالت:” اه، صحيح نسيت أن أعرفك على ابنة خالي، إنها تدعي هازل”. انحنت الفتاة ذات الشعر الاحمر بجانبها الأيمن، وحيت قائلة: “مرحبا، يا آنسة روزان.” “سعدت بلقائك، أنا ارتيزيا” وانحنت انحناءة صغيرة مهذبة، فقالت الحمراء بحماس، وكأنها تحادث صديق لم تره منذ زمن: ” شكرا لك على الدعوة، لقد كنت أتطلع للقائك كثيراً” بعدها، طفقت هازل تعرفهما بالضيوف الآخرين؛ إذ لم تكن أي من ميلي وارتيزيا نشطتين اجتماعيًا ولم يكن لديهما الكثير من المعارف، لهذا قدمت بقية الضيوف الذين دعتهم حتى تتمكن الاثنتان من توسيع دائرة صداقاتهم، وكان أغلب الضيوف فتيات في سن الزواج. بالطبع، لم تكن ارتيزيا تجهل خلفيتهن تماماً، فقد تعرف معظم الشخصيات الاجتماعية، لذلك كانت لديها معلومات أساسية عن الضيوف، لم يكن لدى بعضهن أي سير ذاتية خاصة، ومنهن من ستصبحن نبيلات مشهورات في المستقبل. لكنها كانت مهتمة بهازل على نحو خاص، فهي ذكية، واجتماعية، وتملك ذاكرة جيدة، كما أن عندها دائرة واسعة من المعارف ومادية إلى حد ما، كما أنها تعرف كيف تتباهى بمعارفها دون أن تبدو مزعجة وكانت جيدة بشكل خاص في نشر الأخبار بينهم، والأهم من ذلك كله، كان والدها يديران الصحيفة الأكثر سطوة في العاصمة، لعلها من دون شك ستكون معرفة مفيدة جدًا. بعد ذلك، جلست وضيوفها على مائدة، فنظرن مظهرها وإلى القصر بعيون متعطشة، كان ترتدي فستاناً بسيط المظهر خالي من الزخرفة إلا قليلاً ولكن قد صُنع من قماش باهظ الثمن، فأضاف إلى مظهرها هيبةً و وقارًا، وكذلك تألق السوار الماسي حول معصمها الرفيع. وسرق بعض الضيوف النظرات خفية نحو السوار الشهير الذي يشاع أن سيدريك قد قدمه هدية زواج. بعد أن انتشرت أنباء هذه الخطبة على الصحف و الاوساط الاجتماعية، أصبحت الأساور الالماسية المزدوجة شائعة بين العشاق خلال الفترة الماضية. لقد تردد ذكر السوار مع قلب أولغا، تلك الجوهرة التي بدأت كل شيء!  لم يكن سيدريك نفسه يتخيل هذا الأمر، لكن متجر أودوروف قد جنى فوائد جمه من تقديم المعلومات له، إذ بلغت مبيعاته حدود السماء، باع حتى الأساور المزدوجة التي صنعت من الكريستال لأجل عامة الناس، بِيعت كلها كالكعك الساخن! . سألت إحداهن بفضول. ” بالتفكير مرة أخرى، إنني لا أرى السيد ألفونس هنا، لقد سمعت أنه لا يفارق جانبكِ مطلقاً “. قد كان إرسال سيدريك لأقوى فرسان إفرون وأكثرهم جدارة بالثقة لحماية خطيبته قصة شهيرة أخرى.  فأجابت بابتسامة رزينة: “نعم، فقد غادر في مهمة عاجلة “. حينئذ، جاءت خادمة راكضة، منقطعة الأنفاس، نحوها..  ” آنسة! يا آنسة!” وبختها قائلة: “لماذا تثيرين الضجة؟ ألا ترين الضيوف؟ “ فشحب وجه الخادمة وقالت على وجه السرعة “الـ… السيدة قد عادت!” كانت هناك الضوضاء هائلة، بلغت مسامع الضيوف في الخارج، هناك أحدهم ينادي على بيل، وأخر يصرخ وأخير ينتحب، فنهضت من مقعدها، و استأذنت: “أنا آسفة، سأعود بعد قليل.” فردت ميلي وهي زرقاء الوجه: ” حسنا.” ومضت بخطى بطيئة إلى المدخل، لم ترد أن تترك انطباع سيء على ضيوفها، وعندما فتحت باب الشرفة، ظهرت ميرايلا واقفة أمامها، فهمست: “أماه.”  نظرت نحوها نظرة ساخطة، تتطاير منها الخناجر، بدت رئيسة الخادمات التي كانت تتشبث بحاشية فستانها، كأنها قد تعرضت للأذى الشديد، وما زالت تسحب حاشية الفستان، وتقول إن هناك ضيوفا!   خفضت ارتيزيا عيناها بهدوء، بينما نظرت إليها والدتها من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها نظرة تقييمية، ثم حدقت في الزهور والدانتيل اللّذين يزينان الشرفة. ونطقت بحدة: ” تلك الشائعات التي تقول أنك تمكنت من القبض على كاحل رجل لطيف، وأنك حصدت فوائد عظيمة من ذلك قد وصلتني في الفيلا”.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط