نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

The villainess lives again 32

راحة غريبة.

راحة غريبة.

فتحت عينيها بفتور، وحدقت بالسقف غير المألوف، كانت تستلقي على سرير غريب في غرفة جديدة، ودفنت تحت بطانية دافئة، وترتدي بجامة بيضاء اللون، وهناك نار موقدة داخل المدفأة، تناهى إلى أذنها صوت احتراق الحطب…
استغربت التدفئة في ظل هذا الطقس، مع انه يلائم جسدها البارد.
حاولت تحريك يديها وقدميها قليلا، فألمتها ركبتاها وساقاها، وكذلك يداها وكتفاها ما انفكتا تلسعانها، وشعرت بوجع ينبض في وجهها، حاولت أن تمس الجروح بلسانها من الداخل، وكان على خلاف المرات التي ضربت بها وجهها نظيفا ورطباً والجلد تحت عيناها لا يؤلمها، وكأن هناك من رعاها.
ثم جلست ببطء وهدوء، وهذه المرة، اجتاح الألم جسدها كله لا أماكن إصاباتها فقط، كل عضلاتها ومفاصلها وأطرافها أوجعتها وجعا شديداً، لابد أنها كانت مشدودة الأعصاب تحت ضغط الموقف.
وفي لحظة، أدركت أنها لا بد أن أغمي عليها في مرحلة ما، كان آخر شيء تتذكره أن سيدريك يمسك بمعصم والدتها، مع ذلك، لا تحسب أنها غابت عن الوعي بعدئذ مباشرة.
ما عادت تفقد الوعي على هذه الشاكلة منذ أن تقدمت في العمر، فلماذا توترت إلى حد دفعها للإغماء؟ لم تدمر سداً، أو تنشر العدوى، ولم تقايض إحدى مدن الجنوبية مع ملك القراصنة، بل لم تكن متوترة حتى في اي من هذه المناسبات حتى يغمى عليها.
نزلت بكل حذر من على السرير، وبخفة احتضنت خدها براحة يدها، فقد كانت عظام وجنتيها تؤلمانها، وأطلقت تنهيدة عميقة، أرادت خطف نظرة إلى المرآة، لكنها لا تحسب أنّ تلك فكرة سديدة، فلابد أن مظهرها مريع للغاية، ثم اعترتها كآبة غير مسبوقة عندما فكرت برؤية سيدريك لها في هذه الحالة، وهمست:
آمل ألا اكون قد قلت له أي شيء غبي
ولأنها لم تستطع تذكر أي شيء، ولا سبيل لأن تعرف ذلك على وجه اليقين، فتنهدت تنهيدة عميقة مرة أخرى.
لعلها لم تستطع التذكر لأن رأسها كان محشواً طوال الوقت بأفكار معقدة تنهشها من كل صوب، وربما أدى إلى حمل زائد على دماغها في النهاية، فهمست لنفسها مجددا: يجب ألا أدع هذا يتكرر مهما حدث.
عندئذ طُرق الباب، ثم فُتح، وكأنه تصرفٌ شكليٌ، كان الطارق كبير الخدم العجوز، ولج إلى الغرفة، ولما رآها واقفة على مقربة من السرير، وضع حوض الماء الدافئ، الذي كان يحمله بين يديه، على أقرب طاولة وانحني بأدب، وحياها:
“أنا انسجار، خادم الأرشيدوق إفرون”
فأجابت: “نعم”
كانت تكافح حتى تقمع مشاعرها، ولكنها لم تستطع ذلك تماما، فأضافت بصوت تغزوه العاطفة:
“أجل، أنا أعرف ذلك”
“تشرفت بلقائك، لقد أبلغنا السيد أن من الأفضل لك أن تبقيّ هنا في قصره مدة من الوقت حتى تستقر الأوضاع”
” بالطبع، أنا في غاية الامتنان”
” أشكركِ على تفهمك، إن هذا القصر لا يزال لم يؤثث داخليا بعد، فقد كان مكانا لا يقصده سوى الجنود والفرسان، وقد بدأنا في تنظيفه وترتيبه الشهر الماضي وحسب”
“لا بأس”
” سوف أخدمك في أثناء مكوثك هنا، إذا ما احتجت أي شيء فلا تترددي في سؤالي من فضلك.”
ثم اقترب منها وهو يحمل منشفة دافئة المبللة بالماء الساخن، فأخذتها من بين يديه، لم ترد أن تدعَ له المجال حتي ينظف لها وجهها، بل فضلت أن تفعل ذلك لنفسها، فقال برقة:
” لقد قال الطبيب إنك تعرضت لصدمة شديدة فقدت الوعي أثرها، لكن معظم إصاباتك عبارة عن كدمات وخدوش بسيطة، وستتعافى مع الوقت، هل أحضر لك مرآة يد؟ “.
“لا… أنا بخير، إنني… لا أريد رؤية وجهي”.
فقال مواسياً:
“حسنا، لقد قيل أن هذه الجروح سطحية لن تترك أي ندبة، فلا داعي للقلق ”
فقالت برقة:
“حسنا، لا بأس.”
لا يمكن أن تؤدي ضربات الأيادي العارية إلى الموت بطبيعة الحال، ناهيك عن قبضة مرأة، قد تكون ميرايلا أقوى منها، مع ذلك، ما تزال سيدة نبيلة؛ ربما يكون معطف الإمبراطور أو صولجانه أثقل ما حملته بيديها في حياتها كلها.
لم تُعنف ارتيزيا كما حدث في البارحة غالباً، مع ذلك، لم تكن تلك المرة الأولى بالطبع، لم تمت من الضرب المبرح حتى عندما كانت في الرابعة ولا الخامسة من عمرها، ولم تمت أي من الخادمات أيضًا، تفقد والدتها السيطرة على أعصابها في كثير من الأحيان، بيد أنّها تكن لم تستهدف أيّا من النقاط الحيوية أو تخنق الناس بنية القتل.
طفقت تمسح وجهها بالمنشفة المبللة الدافئة وبكل عناية، إبتداءا من وجنتيها فعينيها ثم جبينها، وطافت مسحاً بكل الأماكن الملتهبة.
حينئذ، سأل انسجار بلطف:
“يا آنسة، إن خادماتك هنا في هذا القصر، لقد منحناهن غرفًا يبقين فيها، ربما يقمن بتفريغ الأمتعة الآن، هل تريدين استدعاء واحدة منهن؟”
إذ لم تكن تبدو أنها في حالة جيدة، ولهذا تجرأ على التفوه بهذا السؤال، فقد كان معظم النبلاء يكرهون إظهار عواطفهم على وجوههم، ولا بد أن هذه الآنسة الصغيرة أكثر نبلاً وجاهًا من والدتها وشقيقها، ويكاد يجزم بأنها تجاهد لابتلاع عواطفها واضطرابها لإخفائها عميقا في داخلها، ومع ذلك، كظم شعوره بالأسى، ما هو غير خادم بسيط، فكيف يجرؤ أن يظهر الشفقة لخطيبة سيدريك التي سوف تصبح زوجته، الارشدوقة عما قريب؟!
سألت:
” وماذا حدث لأليس؟”
“أتقصدين الخادمة المقربة منك؟ لقد قيل أنها لوت رسغها، لقد أرادت أن تكون إلى جوارك، ولكنها بدت متعبة، فنصحتها بأخذ قسط من الراحة أولاً”
فأجابت بامتنان:
“حسناً، شكرا لك على لطفك”
ثم أضافت برزانة، وقد هدأت نفسها أخيرا:
“ماذا يفعل ماركوس؟ لقد سمعت أنه قد بدأ بالعمل هنا”
” لقد غادر السيد هانسون لاهتمام بشؤون قصرك منذ البارحة، كما قد ترك سيدريك الفرسان للحراسة وراءه أيضاً”
فغمغمت” حصار!… هذا أمر مبالغ فيه!”
ومع ذلك، كانت مجهدة للغاية، وقد مضت كل تلك الافكار التي تدفقت لوهلة ادراج الريح بسرعة ويكأن أيّا منها ليست من شؤونها.
ومن منّا قد لا يعرف ما هو الألم ومن قد لا يدركه؟ الجسد لا يطيقه مهما أصابه وكيفما شعر به، وكذلك القلب على حد سواء! لربما قد يشحذ تعلم العزف أو التدرب بالسيف اليدين بالقليل من الصلابة، بيد أن حدوث ذلك للقلب ضرب من الخيال.
بيد أن شؤون قصر روزان ليست بالغة الأهمية، على الأقل، حالياً.
أعلن انسجار فجأة:
“سوف اجلب لك وجبة خفيفة، فلتأكلي شيئا، لا يمكنك التفكير حول ما ينبغي عمله ومعدتك خاوية”
فتنهدت وقالت:
“لا، لا قدرة لي على تناول الطعام، أيمكنك إحضار شاي قوي عوضا عن ذلك؟”
فقال بطاعة، وانحني قليلاً:
“حسنا، سوف أعد الشاي وأعود في الحال”
وغادر من فوره، فعادت إلى الفراش خائرة القوى، وما عادت تفكر في أي شيء، وبعد برهة من الوقت، عاد يحمل كوبا من الشاي وقطعتين من الكعك الحلو، فتناولت رشفة منه، فانسابت النكهة الحلوة إلى فمها وملأته.
’لقد نسيتُ هذا المذاق الحلو.‘
فترقرقت الدموع تحت جفنيها من دون وعي منها، حتى بعد أن سالت على وجنتيها، ومع ذلك، ابتسمت وقالت بهدوء:
“مذاقه جيد، شكرا لك”
ولم يسع العجوز إلا أن يراقبها دون أن ينبس ببنت شفه.
طرق سيدريك باب حجرتها، بينما كانت بصدد إنهاء كوبها، لم تكد حتى أن تستجيب له، إلا وقد ولج إلى الداخل، كان قد أحس بحركة تصدر من داخل الغرفة، ولكنه ظن أن كبير الخدم يرعاها، لم يتوقع أن يجدها مستيقظة أصلاً، ولما أبصر وجهها الباكي أمام عينيه حتى أرتبك:
ونادته عليه بتفاجئ:
“صاحب السمو! ”
فتلعثم وما استطاع الكلام ويكأنه رأى مشهداً لا يجدر به ولا يحق له أن يراه مطلقاً، فأدار وجهه، وأنزل عيناه على الفور، ثم كان أول تعلق لانسجار تعليقاً لاذعاً:
” رغم أنها خطيبتك، فليس من اللائق منك أن تقتحم غرفتها بهذه الطريقة، يا سيدي”.
فقال محرجا:
“أنا آسف، لم أكن أظنها مستيقظة.”
فواصل العجوز التوبيخ:
“وكذلك، لا يجدر بك دخول غرفة سيدة نائمة، بل هذا يعد أسوأ فعلاً، عذرك أقبح من الذنب عينه!”
والحقت به هذه الكلمات ضربة في الصميم، فجفل، واسقط عينيه، وتراجع خطوة إلى الوراء.
ولم تستطع ارتيزيا، في تلك اللحظة، أن تحبس ضحكتها أكثر، فغطت فمها، وعندئذ فطنت إلى وجهها مغطى بالدموع.
فقامت انسجار بترطيب المنشفة بهدوء قبل تسليمها لها مرة أخرى، فأخذت المنشفة ودفنت وجهها مرة أخرى، كان مشروباً حلواً، لكنها شعرت بفضله بتحسن كبير. فقالت بامتنان:
” شكرا لك، يا انسجار، على كل شيء”
ثم أعادت إليه المنشفة، ونظرت إلى المتسمر عند الباب، فابتسمت، ونطقت:
” يمكنك الدخول، سعادتك، فلا مشكلة ما دمت لن تنتقدني على مظهري المريع”
فخطي باتجاهها وهو يتلعثم:
“لم أفكر في شيء من هذا القبيل أبداً!”
فابتسمت وقالت:
“أعلم أنك لا تعيير الكثير من الوزن للمظاهر سلفاً”
وفي حقيقة الأمر، فقد كانت مسألة مؤرقة قليلاً، إذ لم تكن ذات جمال اخاذ منذ البداية، ولكنها صارت مملؤة بالكدمات وحتى التسلخات هنا وهناك، غير أنها كانت غارقه بالدموع فوق كل ذلك ، وبكل وضوح مظهرها يضاهي الجحيم!
ومع ذلك، تغلغلها ارتياح عجيب، شعرت وكأن قلبها يرفرف منتعشا للغاية، وكأن ثقلًا ثقيلًا كان رابطاً علي كاهلها، ويجثم فوق أنفاسها منذ أن عادت إلى الماضي تدحرج أخيراً واختفى على حين غرة.
غير أنها لم تكن على يقين عن سواء أكان شعورها ذلك لأنها لن تتعرض للضرب والاضطهاد من قبل والدتها بعد الآن، وأن كل ذلك قد ولى، أم لأنها قد بكت منذ قليل!
ما تزال في وضع حرج، تنتظرها مشكلة وراء أخرى، لم يحن الوقت حتى تتنفس الصعداء، إلا أنها لم تخطئ هذه المرة! كانت تسير في الاتجاه الصحيح، مع أشخاص جيدين، لقد أبلغها طعم شاي انسجار المألوف بذلك .
“هل تشعرين بأنك على ما يرام؟”
“نعم، أنا بخير. ”
فقال وما زال قلقاً عليها:
“هذا يبعث على الارتياح ”
ومع ذلك، لم يستطع النظر إليها مباشرة، وكان طرفا أذنيه مخضبين بالحمرة، ومن ثمة، عرضت عليه الجلوس:
“لا تظل واقفاً عندك، تفضل اجلس أرجوك.”
فتردد للحظة، ثم أدار أحد الكراسي حول الطاولة وجلس على مسافة معقولة منها، حينئذ تراجع انسجار وغادر الغرفة بكل هدوء وحذر.
“أنا آسف لفتح الباب بطيش، إلا أنني كنت قلقان، فأردت الاطمئنان عليك قبل أن أخرج”.
“أشكرك على قلقك عليّ.” ثم واصلت تعلوها الرزانة:
“وشكرا على حضورك لأجل المساعدة بالأمس، لم أتوقع أنك ستهب لنجدتي بنفسك”.
” صادف أنْ كنت أمام القصر عندما جاءت ليزي تطلب يد العون، فأسرعت إليها…”
توقف للحظة، فقد لاحظ أمراً ما فجأة، لم تتوقع منه أن يأتي بشحمه ولحمه؟ فهل هذا يعني أنها كانت تتوقع شكلاً من أشكال الإنقاذ بغض النظر عمن سيحضر فعلاً؟ علاوة أن الكلمات التي تنطقها دائما ما تأخذ منحى مختلفاً قليلاً عن معناها الحقيقي، وحالما أدرك ذلك استقام وأضاف:
” تيا، أكنتِ… ”
” ماذا؟”
” هل كنتِ وراء تلك الحادثة؟”
عندئذ اختفى الشاب الخجول الذي لم يستطع حتى النظر في عينيها مباشرة، وحل محله الأرشيدوق إفرون العظيم، نظرت عيناه السوداء الحارقة ناحيتها، وكأنه يحدق في أعمق أعماق قلبها. 

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط