الفصل الثامن: المواجهة مع ملكة الشياطين الخالدة
الفصل الثامن: المواجهة مع ملكة الشياطين الخالدة
كانت ملكة الشياطين الخالدة، أتوفيراتوفي، مشهورة للغاية. هي ابنة أحد ملوك الشياطين العظماء الخمسة، نيكروس لاكروس الخالد، وبرز اسمها لأول مرة خلال الحرب العظمى الثانية بين البشر والشياطين.
كانت أتوفي تجسد قوة الشياطين، على الرغم من أنها كانت تفتقر إلى الذكاء، إلا أنها تمتلك قدرات قتالية هائلة وقدرة تحمل لا تصدق، مما جعلها تُعتبر ملكة شيطانية متوحشة يخشاها الجميع.
وكان أتباعها يعوضون عن نقص ذكائها بقوتهم، لكنهم تعرضوا للإبادة عندما تم قطع إمداداتهم خلال الحرب، ثم أُلقي القبض عليها وتم ختمها من قبل البشر.
إذا كانت أي من هذه الروايات صحيحة، فإن أتوفي تعد محاربة قديمة قامت حصلت تقنيات مؤسس اسلوب إله الشمال مباشرة منه. بالإضافة إلى ذلك، كان جسدها خالدًا. مواجهة امرأة كهذه ستكون ضربًا من الجنون. ** وقفت أتوفي أمامنا مع حاشيتها من الجنود المدرعين بالسواد. كان طريق الهروب مغلقًا. وبناءً على تعبير وجهها، كانت متحفزة للقتال، حيث كانت ترفع سيفها جاهزة للمواجهة. “تعالوا، سأتولى القضاء على أربعتكم معًا!”
لم تُبعث أتوفي إلا خلال حرب لابلاس، وكان لابلاس هو من منحها حياة جديدة، وأصبحت مشهورة مرة أخرى كملكة شيطانية تعمل بجانبه. ومع انتهاء ذلك الصراع، هُزمت على يد إله الشمال كالمان واستسلمت.
لم تبدأ أتوفي المعركة، بل رفعت سيفها وبدأت تراقبنا. كانت تعني ما قالت، حيث كانت تمتلك القوة الكافية لتسحقنا قبل أن نتمكن من الرد، لكنها لم تفعل.
تقول إحدى الروايات إن إله الشمال كالمان أنجب طفلًا من ملكة الشياطين أتوفي، وأصبح هذا الوريث هو إله الشمال كالمان الثاني. وتدعي رواية أخرى أن إله الشمال كالمان نقل حكمته وتقنياته في السيف إلى ملكة الشياطين.
وهناك رواية أخرى تشير إلى أن ملكة الشياطين أتوفي هي من علّمت إله الشمال كالمان الثاني كل ما يعرفه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “لن تباغتوني هذه المرة”، حذرتنا. كانت النار مشتعلة في عينيها وهي تنظر بيني وبين زانوبا. هذه المرة كانت على استعداد تام لمواجهة قوة زانوبا الخارقة وسحري الكهربائي.
إذا كانت أي من هذه الروايات صحيحة، فإن أتوفي تعد محاربة قديمة قامت حصلت تقنيات مؤسس اسلوب إله الشمال مباشرة منه. بالإضافة إلى ذلك، كان جسدها خالدًا. مواجهة امرأة كهذه ستكون ضربًا من الجنون.
**
وقفت أتوفي أمامنا مع حاشيتها من الجنود المدرعين بالسواد. كان طريق الهروب مغلقًا. وبناءً على تعبير وجهها، كانت متحفزة للقتال، حيث كانت ترفع سيفها جاهزة للمواجهة.
“تعالوا، سأتولى القضاء على أربعتكم معًا!”
أقوى هجوم “قذيفة الحجر” الذي أستطيع توليده لم يكن كافيًا لقتل باديغادي بالكامل. علاوة على ذلك، إن أتوفي مستعدة لهجمتي. إذا دافعت عن نفسها، فإن سحري لن …يكون فعالاً. “روديوس.” فجأة، همست إليَّ إليناليس. “على الأقل دعنا نحاول أن نرسل كليف لكي يتمكن من استخدام النقل الآني والهروب من هنا.” نظرت نحو كليف. كان يحدق في أتوفي بشجاعة، لكن قدميه كانتا ترتجفان. من الواضح أنه لن يكون ذا فائدة في القتال. “إذا أرسلناه مع أوراق النباتات، والمذكرة، سيملك ما يكفي لإنقاذ ناناهوشي”، تابعت إليناليس بهدوء. “نعم، معكِ حق.” هي على صواب. هذا أفضل خيار لدينا. كان علينا أن ننقذ ناناهوشي؛ كان هذا هو السبب الرئيسي لقدومنا إلى هنا. لم يكن هناك شيء أهم من تحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، ما زلت أرغب في العودة إلى المنزل سالمًا. لا، حتى لو هُزمت، على الأرجح لن أموت. فقط لن أتمكن من رؤية عائلتي لعقدٍ على الأقل، وأنا بالتأكيد لا أرغب في ذلك. “يمكننا أيضًا طلب تعزيزات. أنا متأكدة أن بيروجيوس لديه تعاملات مع أتوفي في الماضي، ربما سيساعدنا.” بيروجيوس وأتباعه الاثنا عشر — هذه فكرة جيدة. ربما يمكننا إقناعه بأن يدعمنا. بالنظر إلى الطريقة المتغطرسة التي كان يتصرف بها، لا شك أن لديه القوة الكافية لمواجهة أتوفي. “حسنًا”، قلت “لنقم بذلك. هل تستطيعين إقناع كليف؟” “سأحاول.” تسللت إليناليس باتجاه كليف. كنا بحاجة إلى خلق فجوة لكي يتمكن كليف من التسلل عبرها ويتجه بالنقل الأني الى الحصن. بينما يحاول إقناع بيروجيوس بإنقاذنا، سيكون علينا الصمود في مواجهة أتوفي. إذا نجح كليف، سيأتي بيروجيوس لإنقاذنا. لكن هل سينجح ذلك؟ هل يمكننا حقًا الصمود لهذه المدة؟ وهل سيتمكن كليف من إقناع بيروجيوس بالمساعدة؟ إذا استغرق كليف وقتًا طويلًا، قد نخسر ونُجبر على توقيع العقد. على الأقل، إذا عاد كليف، سيتم إنقاذ ناناهوشي. هذا هو السبب الرئيسي لرحلتنا. لكنني أيضًا أردت العودة إلى المنزل. آه، اللعنة. بدأت أشعر أنني أدور في حلقة مفرغة. أخذت نفسًا عميقًا وقلت لنفسي، اهدأ. أولًا، علينا شل حركة أتوفي لفترة قصيرة. خلال هذه الفترة، سأشتت الحراس الآخرين بسحري حتى يتمكن كليف من الهروب. حسب كيف تسير الأمور، ربما نتمكن من الفرار جميعًا معه. حسنًا، لنقم بذلك إذن. ربما لن نتمكن من هزيمة أتوفي، لكن بالتأكيد يمكننا التغلب على حراسها الشخصيين. لنقم بذلك. لنسحقهم، نقتلهم جميعًا. إذا كان هذا هو ما يلزم لأعود إلى المنزل، فسأفعل ذلك. حسنًا، روديوس، يمكنك فعل هذا! هذه المرة لن يكون كلامك بلا أفعال. فهمت؟ “لا تخف، سيدي. حتى وإن كان ذلك على حساب حياتي، سأقوم بشل حركة ملكة الشياطين أتوفي”، قال زانوبا بثقة، وهو يبدو هادئًا تمامًا. ذلك مطمئن للغاية. لماذا يبدو دائمًا بطوليًا في هذه الأوقات؟ هل هذا نوع من المسرحيات؟ إذا كنت امرأة، لكان أوقعني في الحب. بالقرب منا، كان كليف وإليناليس يتحدثان بهمس. “المشكلة أنني لا أعرف ما إذا كنت أستطيع الهروب منهم. ساقاي ليستا سريعتين جدًا، خاصة إذا كنت سأحمل كل ذلك معي…” “روديوس وأنا سنتولى إيقاف أي مطاردين قد يلاحقونك”، وعدت إليناليس بصوت خافت. “فقط لا تنظر خلفك ولا تمنح نفسك الوقت للتفكير. عد خطواتك واهرب بأقصى سرعة. حاول ألا تتعثر.” “لكن يجب أن أنضم إليكم في القتال…” “لن نفوز، حتى وإن قاتلنا نحن الأربعة معًا. نحن بحاجة لأن تطلب تعزيزات. هذه هي مهمتك في هذا القتال، وهي مهمة فاصلة جدًا.” “حسنًا… نعم، فهمت.” كانت المسافة ثلاثون خطوة نحو دائرة النقل الآني من هنا. ليست قريبة جدًا، لكنها أيضًا ليست بعيدة. إذا ركض كليف بكل طاقته، سيتمكن من الوصول. بعد دقيقة أو دقيقتين، عادت إليناليس وقالت : “حسنًا، لقد أقنعته.” نظرت نحو كليف. كان يهز رأسه، وعلى وجهه تعبير جاد، تعبير شخص مكرس لتنفيذ مهمته، وليس شخصًا مستعداً ليهرب من المعركة. لقد قامت إليناليس بعمل رائع في إقناعه بأن دوره هو جزء رئيسي من المعركة. كانت دائمًا بارعة في الكلام. أنا بالتأكيد لم أكن لأتمكن من إقناعه بهذه السهولة. “زانوبا، الآنسة إليناليس، سأقوم بالهجوم الأول باستخدام سحري.” “حسنًا، موافق.” التفت نحو أتوفي ورفعت عصاي. سأستخدم هجومي المعتاد “قذيفة الحجر”. ربما يكون “البرق” خيارًا أفضل، لأنه سحر من مستوى الملك وتملك أفضل قوة نارية ضد خصم واحد، لكن هذه المسافة قد تجعلنا نصاب جميعًا بالتعويذة. أردت تجنب التصرف بغباء والتسبب في تدميرنا بسحري الخاص. “هاه…” زفرت قبل أن أركز المانا في العصا. بقيت أتوفي واقفة، متجمدة في مكانها. لقد علمت بالفعل أنني أستطيع استخدام السحر دون الحاجة إلى تلاوة التعويذات، لكنها لم تحرك ساكنًا لمقاطعة تحضيراتي. هذا لصالحنا تمامًا. عيني السحرية توقعت حركتها: ستقوم أتوفي بصد قذيفة الحجر باستخدام سيفها. إن قذيفة الحجر الخاصة بي هي سحر بمستوى غير عادي من القوة، لكن حتى ذلك لن يكون فعالًا ضد أتوفي. ربما سيكون البرق أكثر فعالية؟ لكن هل يمكنني حقًا استخدام تعويذة تعلم هي أنها ستكون على استعداد لتفاديها؟ “سيدي، أقسم أنني سأتبع أي هجوم تشنه، لذا أرجوك ضع ثقتك بي”، قال زانوبا بنظرة ثابتة مليئة بالثقة. “…نعم.” كان من المريح سماع ذلك. من الواضح أن لديه خطة ما. في هذه الحالة، سأتبعه. “حسنًا، لنقم بذلك!” “نعم، سيدي!” أطلقت “قذيفة الحجر” بعد أن جمعت كل ما أستطيع من المانا. انطلقت بسرعة عالية وصدر صوت حاد وهي تتجه نحو أتوفي. “أرى هجومك بوضوح!” تركت أتوفي صورة وهمية خلفها وهي تتحرك بسرعة فائقة. على الرغم من أن وصفها بـ”صورة وهمية” قد يكون مبالغًا فيه؛ لم تحرك ذراعها سوى قليلاً لتغيير اتجاه سيفها بشكل طفيف. في تلك اللحظة، اصطدمت قذيفة الحجر بسلاحها، مما أطلق شرارات في الهواء. لقد تم صد هجومي، ومرّت القذيفة بجانب أتوفي وضربت صخرة على المنحدر، لتتطاير الرمال من حولنا. كنت أعلم أن هذه التعويذة لن تجدي نفعًا معها. “غرااااااه!” صرخ زانوبا وهو يقذف شيئًا باتجاه أتوفي. “غواااااه!” كان الشيء الذي ألقاه يصرخ وهو ينطلق نحو أتوفي. بدت الأخيرة سعيدة وهي ترفع سيفها لتقطعها لنصفين. “هجماتك عديمة الفائدة—ماذا؟!” بينما كانت أتوفي على وشك أن تقطع القذيفة، توقفت فجأة. وبعد لحظة، ارتطم الشيء بوجهها مباشرة. “فوااه؟!” “أوووف!” كانت كيشيريكا، الإمبراطورة الشيطانية، قد التصقت بوجه أتوفي. لقد كانت جالسة على كتف زانوبا قبل لحظات. “يا للغثيان! رائحتك كريهة! على الأقل استحمِ أيتها الغبية!” صرخت كيشيريكا. صرخت أتوفي بغضب: “ما هذا؟! من أين أتيتِ؟!” بينما كانت تحاول إزالة كيشيريكا من وجهها، أمسكت بها وألقتها بعيدًا. تدحرجت كيشيريكا وارتطمت بالأرض بعيدًا عن ساحة القتال. “يا لك من مثيرة للاشمئزاز! أنت ! ما الذي كنت تفكر فيه عندما ألقيت بشيء كهذا؟! مااااذا؟!” بينما كانت أتوفي تصرخ، كان زانوبا قد قبض قبضته واقترب منها بخطوات واثقة. تبعته إليناليس وهي تختبئ خلفه في الظل. اللعنة. أرى إلى أين يسير هذا. “لقد تخطيت دفاعاتي. تعجبني روحك!” “هااااااااه!” صرخ زانوبا وهو يوجه قبضته. القوة التي خلفها كانت كافية لجعل شعري يقف. اندفعت قبضته في الهواء مباشرة نحو وجه أتوفي. حاولت صدها باستخدام قفازها… “غاه؟!” …لكنها فشلت. قبضته ضربت قفازها، مما جعلها تتعثر بينما تشوه درعها تحت قوة ضربته. “هااااه!” تبع زانوبا هجومه بضربة أخرى. خطا خطوة كبيرة ووجه قبضته نحو جسدها. “ضعيفة!” تمتمت أتوفي بصوت منخفض. لم تكن هجماته كافية لإجبارها على التراجع. على الرغم من وضعيتها المحرجة، تمكنت من توجيه ضربة بسيفها الضخم. تردد صدى عالٍ عندما انحنت ساقاها وهي تدفع كامل قوتها نحو صدر زانوبا. “غوووه… أرج!” تشوه وجه زانوبا من الألم وهو يسقط على إحدى ركبتيه. حتى أقوى قذيفة حجر لم تكن كافية لجعله يتألم، ومع ذلك، بضربة واحدة فقط من أتوفي، أجبر على السقوط. نظرت إليه أتوفي بغضب وهي تزمجر، “لديك جسد مدهش، لكن لا تنسَ : لا يوجد دفاع مثالي. زوجي كال هو الذي… غاه!” “ها!” في منتصف حديثها، قفزت إليناليس من خلف زانوبا، مستخدمة ظهره كموطئ قدم لتنطلق في الهواء. سيفها اللامع قطع الهواء وتوجه نحو عنق أتوفي. لكن، تم صده بصوت مدوٍ. لم يكن هذا صوت جلد يتعرض للقطع. لابد أن أتوفي تستخدم هالة المعركة لحماية نفسها. “لم أنتهِ بعد!” بمجرد أن أدركت إليناليس أن هجومها لن ينجح، انسحبت. اقتربت من بدرعها وأعادت التركيز لتوجه ضربة أخرى بسلاحها. “همف!” لم ترتدّ أتوفي حتى. بدى كما لو أن بعض الرمل قد دخل عينها وهي تعبر عن انزعاجها بعبوس. “سيفك ضعيف جدًا! شاهدي الآن كيف تفعلين ذلك بشكل صحيح!” مالت أتوفي بجسمها للأمام ووجهت ضربة هائلة بسيفها نحو إليناليس. حاولت الأخيرة التراجع لتفادي الضربة، لكنها… “كه؟!” رفعت إليناليس درعها في اللحظة الأخيرة. وفي اللحظة التالية، تردد صوت عميق عبر المكان، وارتدت إليناليس في الهواء، تدحرجت عبر الأرض الصخرية ثم نهضت بسرعة، مثل القط. بدى الخوف في عينيها. لقد كانت هجماتها غير فعّالة. خلقت أتوفي موجات صادمة بمجرد تأرجح سيفها. لو لم تكن إليناليس قد صدتها بدرعها، لربما مزقتها الموجات الصادمة بالكامل. “خطواتك مثيرة للإعجاب، سأعترف بذلك”، قالت أتوفي. “إذا تدربتِ تحت قيادتي، قد تكونين…” “غرااااااه!” قفز زانوبا مرة أخرى، فاتحًا ذراعيه على مصراعيها وهو يتجه نحو أتوفي. “آآآه!” أحاط ذراعيه حولها من الأمام، مما جعلها عاجزة عن الحركة، ثم رفعها حتى لم تعد قدماها تلمسان الأرض. “ههمف، أيها الوغد، ألا تخجل من نفسك؟ تضع ذراعيك حولي هكذا… غاه!” كانت ذراعيه مثل المشبك وهو يضغط عليها. اندفعت دماء سوداء من فم أتوفي. على ما يبدو، هذا النوع من الهجوم فعال! حسنًا، هي لا تزال ملكة الشياطين الخالدة. أي ضرر تتعرض له سيكون مؤقتًا بلا شك. “سيدي، الآن!” “…!” أعادني صوته إلى الواقع. زانوبا قد شل حركة أتوفي. هذه فرصتنا. “كليف، الآن! اهرب!” صرخت نحو كليف بينما كنت أصب كل المانا التي يمكنني حشدها في عصاي. علي استخدام هجوم شامل لشل جميع الجنود المحيطين بنا. “حسنًا!” بدأ كليف بالركض، وفي تلك اللحظة انتبه الفرسان القريبون واستعدوا بسيوفهم. للأسف بالنسبة لهم، الوقت قد فات بالفعل. “فروست نوفا!” اندفع برد شديد من عصاي، وتجمدت الأرض تحت أقدام الفرسان، ممتدة حتى وصلت إلى الجنود الذين يحيطون بنا. “آه!” “غووه؟!” بينما سيطر الارتباك عليهم، تمكنت تعويذتي من تثبيت أقدامهم في مكانها. بدا النصر في متناولنا. لقد تفاجأوا تمامًا؛ لم يكن لديهم أي فرصة للتخلص من هجوم سحري بهذه السرعة. أو هكذا كنت أظن. فجأة، تردد صوت من أحد الجنود : “…لهيبي الحارق التهم جسدي. احرق كل ما أمامك!” اندفعت موجة من الحرارة من جسد أحدهم، مغطية الفرسان الآخرين. وبدأ الدفء ينتشر حولهم، متصدياً لهجمتي الجليدية. كانت الحرارة تتسرب من ذراعي الرجل الذي بدأ بفك التجميد عن نفسه والجنود الآخرين. هذا كان مور… قائد الفرسان العجوز. لقد بدأ مور في إلقاء تعويذته لحظة أن رفعت عصاي، مما سمح له بمواجهة تعويذتي بعد ثوانٍ قليلة. لقد صدمتني كمية القوة السحرية التي كان يمتلكها، بالإضافة إلى السرعة التي أنهى بها تعويذته. لم أبخل بصب المانا في تلك التعويذة، لكن سحره كان كافيًا لتحرير نفسه واثنين من الجنود الأقرب إليه. أما البقية فقد ظلوا متجمدين تمامًا. كان لا يزال هناك فرق كبير في قوتنا السحرية، وقد فزت بتلك المعركة. والآن، هذه هي المرة الأولى التي أقتل فيها أحدهم. “أنا معجب بكمية القوة السحرية التي تمتلكها، حيث استطعت تجميدنا جميعًا.” قال مور، ثم صرخ نحو الجنود الآخرين : “جميعًا، ابدأوا بترديد تعويذة الحرق!” “كما تأمر، قائد!” صرخ الجنود الآخرون من خلف الجليد وهم يرددون : “يا روح النار التي تحكم كل الأشياء بين السماء والأرض…” مع ترديد الجنود للتعويذة، بدأ الجليد حولهم يذوب ببطء. لم يموتوا. لم يمت أي منهم. لابد أن الدرع الذي يرتدونه منحهم مقاومة طبيعية للسحر المائي. حسنًا، تبًا. زمجرت أتوفي عندما رأيت كليف يتجاوزها. “مور، لا تدعه يهرب!” “تحت أمرك!” قفز مور إلى الحركة بعد أمرها. وبعد ثوانٍ، نجح اثنان آخران من الجنود في تحرير أنفسهم من أسر الجليد واندفعوا نحو كليف. “كما لو أنني سأسمح لكم بالمرور!” انطلقت إليناليس أمامهم، قاطعة طريقهم. “روديوس! تولَ أمره!” مور واصل مطاردة كليف دون أن ينظر خلفه. كان يتحرك بسرعة ملحوظة بالنسبة لرجل في درع ثقيل. في المقابل، كان كليف يحمل حمولة كبيرة. المسافة بينهما كانت حوالي سبع خطوات. وجهت عصاي نحو مور. “قذيفة الحجر!” مور سيستخدم جدار الأرض لمحاولة صد قذيفة الحجر الخاصة بي. لا مشكلة. لا يزال بإمكاني فعل ذلك. صببت كل مانا أستطيع حشدها في عصاي وأطلقت تعويذتي. “أرض… غاااه!” بينما كان مور يركض، حاول إلقاء تعويذة لرفع جدار من الأرض، لكن قذيفة الحجر ضربت ذراعه مباشرة، محطمة إياها هي والدرع الذي يغطيها. طارت ذراعه في الهواء وهو يتعثر قليلاً، لكنه لم يتوقف عن مطاردة كليف. “إمنحيني قوتك يا أرواح الماء! الضباب العميق!” ألقى مور تعويذة أخرى، مما خلق ضبابًا كثيفًا التف حوله. كان يخطط لاستخدام هذا الضباب كغطاء للهروب من قذيفة الحجر. هو سريع في إلقاء التعويذات. لقد تعلم تقليص التراتيل مثل روكسي. “انفجار الرياح!” أطلقت تعويذة الرياح لتفريق الضباب، لكن مور لم يتراجع. لم يُظهر أي علامة على فقدان تركيزه بينما يواصل مطاردة كليف. ربما كان درعه الأسود يمنحه مقاومة ضد تعاويذ الرياح أيضًا. الآن ماذا؟ المسافة بين مور وكليف تتقلص بسرعة. لم يكن لدي الكثير من الفرص المتبقية. بينما كنت أفكر بسرعة في الأفكار، أخبرتني عيني السحرية بما سيحدث بعد ذلك. سيبدأ مور بإلقاء تعويذة أخرى أثناء مواصلة الركض خلف كليف. “أرواح الأراضي الجرداء، استجيبوا لندائي وامنحوني… ” “تعويذة تشتيت السحر!” كنت قد تدربت مع سيلفي على هذه التعويذة مرات لا تحصى. انطلقت التعويذة مباشرة نحو مور وقاطعت السحر الذي كان يحاول إلقاءه. “مستحيل! تعويذة تشتيت السحر؟!” بدا مور متفاجئًا وهو يخفض نظره نحو يده. ومع ذلك، واصل الركض. لم يتبقَ سوى خمس خطوات بينه وبين كليف. “المستنقع!” بسرعة، أطلقت تعويذة أخرى بيدي اليسرى لقطع طريقه. لقد كان قرارًا صائبًا. قد يكون خصمي محاربًا متمرسًا، لكن المهارات القتالية التي طورتها على مر السنين كانت فعالة ضد أمثاله. بالإضافة إلى ذلك، لقد مررت بتجارب مشابهة أثناء تدريبي. “غراااه!” تحولت الأرض بين مور وكليف إلى طين لزج، مما عرقل حركة مور وأبطأه. لكن… “يا إله المجهول، استجب لندائي وارفع الأرض نحو السماء! رمح الأرض!” أطلق مور تعويذة أخرى تحت قدميه. ارتفع قسم من الأرض، واستخدمه كنقطة ارتكاز ليتفادى المستنقع ويقفز فوقه. “كخ!” لن يتوقف. كان يتابع تقدمه رغم كل ما ألقيته عليه، متصدياً لكل شيء أو مقاوماً إياه. تلك هي قدرات ساحر المخضرم… “روديوس! ساعد كليف! أسرع!” صرخت إليناليس من خلفي. “أعلم!” وجهت نظرة سريعة نحوها. كانت مشغولة في قتال الجنود الذين كانوا يقفون بجوار مور. اثنان ضد واحد. لم يكونوا يستهدفونها، لكن كان كل ما يمكنها فعله هو إبقائهم مشغولين. “أتركني! الآن! ألا تخجل كإنسان؟! توقف عن التمسك بي! دعنا نتبادل الضربات على الأقل!” صرخت أتوفي بغضب. أجاب زانوبا بصوت ثابت، “حتى لو قتلتني، لن أتركك تذهبين!” أتوفي قد نطحته بالفعل. رغم الدم الذي يتدفق من جبينه، كان زانوبا يحتفظ بقبضته محكمة حولها. في تلك الأثناء، كان الفرسان الآخرون يواصلون إذابة الجليد من حولهم. كانت البخار يتصاعد في المكان. “تبًا…” ما الذي يمكنني فعله لعرقلة مور ومنعه من ملاحقة كليف؟ هو قوي، ولديه خبرة أكبر مني بكثير في المعارك السحرية. لم تنفع التعاويذ العادية معه. هل يجب أن أطلق تعويذة أقوى؟ لا. حتى لو أوقفت تعويذة قوية ما مور، لن يكون ذلك مفيدًا إذا أصيب كليف في نفس الوقت. بالإضافة إلى أن مور كان سريعاً في الرد على أي شيء ألقيته عليه، ولديه ذلك الدرع السخيف أيضًا… “…!” حينها أدركت أن الأرض تحت قدمي كانت مبتلة نتيجة لتعويذتي السابقة “فروست نوفا”. الفرسان قد استخدموا تعويذة “الحرق الآني” لإذابة الجليد الذي صنعته، والآن الأرض مغطاة بالماء. ولم يكن مور استثناءً؛ فقد كان أول من حرر نفسه من الجليد. …بالطبع، كانت إليناليس وأنا أيضًا نقف على أرض مبللة. إذا لم تكن أتوفي قد واجهت هذا النوع من السحر من قبل، فمن المحتمل أن مور لم يره أيضًا. لا يهم مدى خبرته، لن يتمكن من صد تعويذة لم يسبق له مواجهتها. وعلى الرغم من ذلك، إذا استخدمتها، فسيتأثر الجميع — إليناليس، زانوبا، وأنا. كليف وحده سيبقى سالمًا. فهو خارج نطاق تأثير التعويذة. سيكون بخير. اتخذت قراري في تلك اللحظة، بلا تردد. “البرق!” صببت كمية ضخمة من المانا في التعويذة، بحيث تكون كافية لشل الجميع دون قتلهم. انطلقت الكهرباء من يدي، متشققة عبر الهواء كأنها موجة صاعقة، وضربت الأرض المبللة من حولي. انتشرت عبر الماء وأصابت كل من في المنطقة. “غيااااااه!” “آآآآه!” “أووووووه!” تصاعد الدخان من الدروع السوداء المحترقة للفرسان وهم يسقطون جميعًا على الأرض. لقد أصابت الصدمة الجميع، بما في ذلك إليناليس، زانوبا، أتوفي، الجنود الآخرون، مور، وأنا. “أوه…غاه!” اندفعت الصاعقة عبر جسدي، تنخر في عمودي الفقري ومفاصلي. كل جزء من جسمي بدا وكأنه ينحني في الاتجاه الخاطئ. لم أستخدم ما يكفي من المانا للقتل، لذلك كنت أعلم أنني سأخرج من هذا على قيد الحياة. ولكن ذلك لم يمنع الظلام من الاستيلاء على رؤيتي بينما فقدت وعيي. *** عندما استعدت وعيي، وجدت نفسي ممددًا على الأرض. أتذكر أنني فقدت الوعي، لكن لم يدم ذلك أكثر من بضع ثوانٍ. جسدي كله كان مشلولًا. على الأقل، كانت رؤيتي سليمة. ما الذي حدث لكليف؟ رفعت رأسي ببطء. كان مور راكعًا على ركبتيه، والدخان يتصاعد من درعه المتصدع. كانت يده ممدودة نحو كليف، وكان يتمتم شيئًا بصوت خافت، على ما يبدو تعويذة ما. أحتاج لاستخدام “تعطيل السحر”… لا، لن أتمكن من ذلك في الوقت المناسب. ركّزت كل ما تبقى لدي من مانا في ذراعي اليسرى. حتى لو كانت يدي اليمنى لا تزال مخدرة من الصدمة، فإن يدي الاصطناعية لا تزال تعمل. فتحت أصابعي وأطلقت تعويذة من كفي. “الريح الحاجزة!” “ذراعي، امتصي السحر!” اختفت التعويذة الهوائية التي أطلقها مور في الحال. “ماذا؟!” التفت مور نحوي بسرعة، مفاجأً بما حدث. لم أستطع رؤية تعابير وجهه من خلف خوذته، لكن دهشته كانت واضحة. لم يلتفت كليف إلى الخلف. كان على بعد ثلاث خطوات فقط من دائرة السحر. لم يستطع أحد اللحاق به الآن. بفضل سحري، لم يعد بإمكانهم حتى المحاولة إذا أرادوا. تعويذتي قد شلت أيضًا أتوفي. كانت عيناها مفتوحتين على وسعهما، تحدقان بي مثل نمر يتربص بفريسته. “أيها الوغد… لقد نجحت في الإيقاع بنا. هذا سحر غريب لم أره من قبل.” لم أجبها. “ومع ذلك، لقد جعلتني متحمسة. لا أستطيع الانتظار حتى أجعلك تابعًا لي. كيهاهاها. أردت دائمًا ساحرًا مثلك. سأعتني بك جيدًا، أعدك بذلك.” كانت تبتسم بطريقة شيطانية. حدقت فيها بلا خوف. كونها ملكة الشياطين الخالدة، كنت واثقًا بأنها ستتعافى بسرعة أكبر مني. لن يكون هناك مهرب آخر. لن نتمكن من مقاومتها. زانوبا قد أغمي عليه تمامًا. رغم أنه كان لا يزال يحتفظ بذراعيه ملتفتين حولها، إلا أنه بدا لي على وشك فقدان قبضته حولها. بالنظر إلى تحمله المنخفض للألم، كان من المرجح أنه سيبقى فاقدًا للوعي لفترة. هذه… هي النهاية. “…” نظرت إلى إليناليس. كان جسدها كله يرتجف وهي تحاول الوقوف على قدميها. لقد تلقت نفس الضرر الذي تلقيته، لكنها لم تستسلم بعد. كانت مصممة على المحاولة، رغم كل الصعاب. عندما تستسلم، ينتهي كل شيء. هكذا قال المدرب ذو الشعر الأبيض في مانجا سلام دانك. مع قليل من الجهد، أستطيع أن أفعل الشيء نفسه. لنستمر. لنذهب إلى البيت. أريد العودة. يجب أن أعود. وحين أعود… ربما سيكون لدي بعض الوقت الحميم مع سيلفي. وروكسي بالطبع. كما أنني أريد احتضان لوسي الصغيرة. بالإضافة إلى أنني وعدت نورن أن أدرّسها فنون السيف والسحر، وكنت متحمسًا لتناول الأرز الذي تعده أيشا. لقد كانت ليليا تحمل عبئًا كبيرًا على عاتقها في رعاية والدتي. ولا شك أن ذاكرتها ستعود إليها في النهاية. وعندما يحدث ذلك، يمكننا الذهاب معًا لزيارة قبر والدي. نعم، هذا صحيح. سنظل نبتسم معًا، كما كنا دائمًا. كانت حياتي في هذا العالم ممتعة للغاية. عليّ أن أحميها. يجب عليّ ذلك. حسنًا، أستطيع فعل هذا. تحرك، روديوس. لا يهم إن كانت ذراع واحدة فقط، يمكنك على الأقل استخدام السحر. أين عصاي؟ أين ذهبت؟ أحتاجها لتنفيذ تعاويذي. آه، ها هي. اتضح أنني كنت مستلقيًا فوقها. أعتذر يا أكوا هارتيا. لابد أنني كنت ثقيلًا عليك. على أي حال، أستطيع فعل هذا. كل ما عليّ فعله هو الصمود حتى تأتي المساعدة. هذا كل شيء. لا حاجة للفوز. رجاءً، سيد كليف. أعلم أنك قد تكره بيروجيوس، لكن أرجوك أقنعه. لا يهمني إن لم تتمكن من ذلك على الفور، لكن إذا استطعت فقط إرسال بعض الدعم خلال السنة القادمة، سيكون ذلك رائعًا. “ماذا؟!” فجأة، انطلق صوت مصدوم من خلفي. رفعت رأسي بسرعة ونظرت نحو مصدر الصوت. كان كليف قد وصل إلى مدخل الآثار تحت الأرض، حيث اصطدم بأحد الفرسان المدرعين. “مستحيل.” كان هذا الجندي يقف داخل الآثار طوال هذا الوقت؟ “آه…” لماذا لم أفكر في ذلك الاحتمال؟ كانت هذه ثغرة واضحة بما يكفي. بغض النظر عن مدى غباء أتوفي، بالطبع ستقوم بتفتيش الآثار. انتشر شعور بالظلام بداخلي. الشعور الذي تغمرني به تلك العاطفة التي أعرفها جيدًا — اليأس. أردت أن أصرخ، أن أستسلم للتعب. لن أرى سيلفي أو روكسي مرة أخرى. بدلاً من ذلك، سأضطر إلى التدريب مع تلك الملكة الشيطانية الحمقاء حتى يوم وفاتي. بينما أستسلم لمصيري، بدأ شعور القوة يغادر جسدي تدريجيًا. في تلك اللحظة، جاء صوت مفاجئ، ليس مني، ولا من إليناليس، ولا حتى من مور. “ماذا؟!” كانت أتوفي هي من صرخت بدهشة وهي تحدق باتجاه كليف. “آه، يا سيدتي أتوفي…” بدأ الفارس المدرع بالتحرك متجاوزًا كليف، وهو يعرج نحو المنحدر. لكن شيئًا ما كان غريبًا في سلوكه. “الدائرة السحرية بالداخل — إنها تؤدي إلى بيرو…” وفي اللحظة التالية، انقسم جسده إلى نصفين. قسمه شخص ما أفقياً بضربة واحدة. ذلك الشخص المضيء الذي ظهر خلفه له شعر فضي، وتوهجت عيناه الصغيرتان باللون الذهبي، مرتديًا ملابس بيضاء مغطاة ببقع دماء. “ملكة الشياطين الخالدة أتوفيراتوفي، أليس كذلك؟” تحدث الرجل الذي ظهر عند مدخل الآثار بلغة الشياطين بطلاقة. “لم أكن لأتوقع وجودك هنا. على الرغم من أنني فكرت في أن شيئًا كهذا قد يحدث عندما ربطت دائرتي السحرية بدائرة ريكاريسو.” تبعه عدد من الأشخاص. اثنان منهم كنت أعرفهما — أرومانفي اللامع وسيلفاريل الفراغية. لم أتعرف على الآخرين بعد، لكن كانوا ستة في المجمل. “لقد دنس جنودك قلعتي بدمائهم.” آه، هذا منطقي. أتوفي وصلت إلى هنا قبلنا. لابد أنها وجدت مدخل الآثار وأمرت جنودها بالذهاب والبحث. أولئك الذين عثروا على الدائرة السحرية لابد أنهم دخلوا لرؤية ما يوجد على الجانب الآخر. وهكذا، شياطين دخلوا قلعة بيروجيوس الطائرة. “بييييروجيوووس!” صرخت أتوفي بصوت مدوٍّ. لقد ظهر ملك التنانين المدرع شخصيًا أمامنا. *** في اللحظة التي رأت فيها أتوفي بيروجيوس، تغيرت الأجواء المحيطة بها تمامًا. تدفقت منها موجات من العداء لم نرَ مثلها من قبل. كانت عيناها تلمعان وكأنما كانت تشتعل بلهيب كراهية قديم. كان تعبيرها وكأن بيروجيوس قد قتل والديها. “بيروجيوس، أيها اللعين!” على الرغم من أن جسدها كان لا يزال مشلولًا من الصدمة، بدأت أتوفي ترفع نفسها وتدفع زانوبا بعيدًا. جسده سقط بلا حول ولا قوة على الأرض، وهي تجاهلته تمامًا، مركزّة نظرها على بيروجيوس. بدأت أجنحتها بالخفقان بسرعة، محاولًة تركيز قوتها في ساقيها للاندفاع نحوه، لكن ركبتيها انهارتا من تحتها. “هاه… هاه…” تقدم بيروجيوس بخطوات بطيئة، مبتسمًا ابتسامة ساخرة. “أوه؟ هذه مفاجأة سارة، أتوفيراتوفي. هل أسقطتي دفاعك مرة أخرى؟ يبدو أن قبيلتك من الشياطين الخالدين تميل إلى ذلك.” صرخت أتوفي بغضب متفجر : “إذًا هؤلاء الأشخاص — كانوا تابعينك، صحيح؟ هذه الخدعة الدنيئة التي لجأت إليها… هل كان كل هذا لتقتلني؟ ماذا عن القسم الذي أقسمته على كال؟!” ضحك بيروجيوس وهو ينظر إليها من فوق كتفه. أتوفي كانت تتصبب غضبًا وهي تصرخ نحوه. حاول مور الزحف نحوها، وقد بدت خطواته متعثرة، لكنه لم يتمكن من الوصول إليها. الوحيدون الذين لم يتأثروا بتعويذتي كانوا بيروجيوس وأتباعه الاثني عشر، بالإضافة إلى كليف. كانت طريقة بيروجيوس في النظر إليها مثل نمر يتأهب للانقضاض على فريسته المفضلة. “لا تسيئي الفهم” قال بهدوء. “هؤلاء الناس أرادوا إنقاذ صديقهم، لذا طلبوا مساعدتي. هذا كل شيء.” “لا تكذب عليّ! غرااااه!” “سأفي بالقسم الذي أقسمته على كال. لقد كان صديقي الأعز.” ردت أتوفي بعد فترة صمت طويلة “قد تكونان صديقين، لكنني لا أزال أكرهك!” تنهد بيروجيوس ببطء قبل أن يقول : “وأنا كذلك، أحتقر الأشخاص أمثالك. أنتِ حمقاء لا تستمعين إلى المنطق.” ثم رفع ذراعيه إلى الأعلى وراحتيه مفتوحتين. وجه أتوفي شحب فجأة “ل-لا، لا يمكنك فعل ذلك…” تجاهل اعتراضاتها وبدأ في إلقاء تعويذته : “هذا التنين يعيش ليخدم فقط. مخالبه طويلة وحادة، لدرجة أنه لا يستطيع قبض يده…” شعرت وكأنني سمعت هذا السحر من قبل في مكان ما. “عندما يستهلكه الغضب، لا يستطيع إغلاق قبضته. على الرغم من أن مخالبه قد تنكسر وأنيابه قد تتساقط، فإنكِ ستدركين قريبًا أي المشاعر تسيطر على هذا التنين المخلص عندما يتخلى عن إخلاصه!” كان بيروجيوس ينطق كل كلمة ببطء، وشيئًا فشيئًا كان السحر من حوله يتجمع. “يا أيها الجنرال التنين، أنت يا ثالث من مات، صاحب العيون الأكثر حدة، والجسد المغطى بالقشور البيضاء— أنا، ملك التنانين المدرع بيروجيوس، أستدعيك.” بحلول الوقت الذي أدركت فيه ما كان يحدث، كانت أتوفي محاصرة بين بوابتين ظهرتا حولها، تفصلها عن البقية. كانت البوابتان محفورتين بنقوش دقيقة لتنانين، تبدوان فاخرتين للغاية. واحدة كانت فضية، والأخرى ذهبية، ظهرتا من الأرض بينما واصل بيروجيوس إلقاء تعويذته. “افتحي، بوابة التنين الخلفية. وتقدمي إلى الأمام، بوابة التنين الأمامية.” عند أمره، انفتحت البوابتان. بدأ شيء ما يتدفق من البوابة اليمنى ويصب في البوابة اليسرى. لم يكن ريحًا، بل كان شيئًا لا يمكن رؤيته بالعين المجردة— شيئًا أعرفه جيدًا. المانا. استدعى بيروجيوس تلك البوابات لامتصاص المانا من كل من حوله. بدأت أشعر أن طاقتي السحرية تُستنزف. لم يكن هذا نفس الشعور الذي اختبرته مع أورستيد. كان الاستنزاف هذه المرة أسرع وأكثر شدة، كأنه يستنزف قوّتي الجسدية أيضًا. “لا، سيدتي أتوفي، اهربي…” مور، الذي كان يزحف نحونا، قد انهار تمامًا. أقدام أتوفي كانت ترتجف بعنف وهي تواجه بيروجيوس بنظرات غاضبة. “بييرووجيوووس!” بدأ جسدها يتضاءل، كما لو أن البوابات كانت تمتص الهالة القتالية التي كانت تلفّ بها نفسها. “هل تنوي حقًا كسر القسم؟!” صرخت. “لن أكسره. ولكن هذه فرصة نادرة لا أستطيع تفويتها.” قال بيروجيوس وهو يرفع يده اليمنى، التي تحولت إلى اللون الأبيض، متوهجة بضوء ساطع لدرجة أن المنطقة بأكملها غُمِرت في وهجها. “ضربة التنين المدرع، القطع الأول.” أسقط يده، وكل ذلك الضوء اخترق جسد أتوفي مباشرة. “لن أنسى هذا، بييرووجيوووس!” تجمد جسدها بالكامل. بدا الزمن وكأنه تباطأ لوهلة، ثم رمي جسدها في الهواء بقوة هائلة. تدحرج جسدها الذي انقسم إلى نصفين بعيدًا عن الأنظار. “همف. لن تقتلك هذه الضربة على أي حال.” تمتم بيروجيوس لنفسه وهو يدير ظهره، فاقدًا اهتمامه بها. “سيلفاريل، اجمعي البقية واهتمي بجروحهم.” “وماذا عن الجنود الآخرين؟” سألت سيلفاريل. “اتركيهم.” “فهمت.” أشارت سيلفاريل إلى زاوية بعيدة، حيث كانت كيشيريكا، الإمبراطورة العظمى للعالم الشيطاني، قد سقطت على الأرض. في اللحظة التي ذُكرت فيها كيشيريكا، تحركت فجأة، كما لو أنها تلقت صدمة كهربائية. يا إلهي، لقد أصبتها أيضًا بصعقتي الكهربائية. آسف على ذلك. “اتركيها أيضًا.” “كما تأمر.” يبدو أن بيروجيوس قرر التغاضي عن كيشيريكا هذه المرة. كان ذلك مصدر ارتياح. “حسنًا.” بينما اقتربت سيلفاريل والآخرون منا لمساعدتنا، تنفست الصعداء. لقد تم إنقاذنا. *** بعد ذلك، ساعدنا أتباع بيروجيوس على العودة إلى دائرة النقل الآني. كان علينا الاعتماد عليهم في المشي، حيث كنا جميعًا بحاجة إلى دعمهم بسبب إصاباتنا. باستثناء كليف، بالطبع. لقد وقف يتحدث مع كيشيريكا أثناء علاجنا. وعندما نظرت في اتجاههم، كانت كيشيريكا تضحك بشكل هيستيري قبل أن تختفي في الأفق، حرة مرة أخرى. آمل أن يكون العثور عليها أسهل في المرة القادمة… لكن هذا ليس مهمًا الآن. بعد أن نقلنا جميعًا مرة أخرى إلى الحصن، قامت سيلفاريل بقطع الاتصال بين الدائرة السحرية ودائرة ريكاريسو. لم يعد هناك طريق للعودة إلى قارة الشياطين. أخذونا إلى المستشفى لتلقي العلاج من الحروق الكهربائية. كليف هو من تطوع لرعايتنا بنفسه. “لم أرَ حروقًا كهذه من قبل…” تمتم كليف بينما كان يستخدم سحره لعلاجنا. لم تكن جروحنا مهددة للحياة، لكن الحروق كانت عميقة بما يكفي لتسبب أضرارًا دائمة لو لم نتلقى العلاج في الوقت المناسب. شعرت بالذنب لإيذاء إليناليس وزانوبا بهذا الشكل، ولكن لولا ذلك، لما تمكنّا من شل حركة ملكة الشياطين الخالدة. كان كليف حذرًا للغاية أثناء علاج جروح إليناليس، ربما كان قلقًا من وجود ندوب دائمة. بالنسبة لها، وجدت إليناليس اهتمامه محببًا، وبمجرد أن أنهى علاجها، حملته بعيدًا إلى مكان آخر. زانوبا لم يستفق بعد، حتى بعد شفائه. لقد أنقذ حياتي حقًا في تلك اللحظات. لا يمكنني أبدًا أن أرد له الجميل على ما فعله. رغم أن الصداقة لا تُقدر بثمن، يجب أن أشكره على كل ما فعله. سأحرص على أن أعبر له عن امتناني عندما يستيقظ. *** بمجرد أن تعافيت تمامًا وكنت قادرًا على الحركة، ذهبت لرؤية سيلفي. كانت مستلقية على السرير، تقرأ كتابًا، ولكن عندما دخلت، رفعت رأسها وأمالت رأسها بفضول. “ماذا هناك؟” لم أجبها. بدلاً من ذلك، انزلقت بهدوء إلى السرير ولففت ذراعي حولها. أطلقت صرخة مفاجأة، مما طعن قلبي. شعرت وكأنه رفض غير مقصود. ومع ذلك، رغم الألم الذي شعرت به، واصلت احتضانها بشدة. كان ضحك أتوفي لا يزال يرن في أذني، كما كانت مشاعر اليأس التي شعرت بها عندما شُلَّ جسدي بالكامل. أعلم أنني لم أكن لأموت في تلك المعركة. أتوفي كانت تمسك نفسها، وحتى فرسانها لم يهاجمونا بكل قوتهم. السحر الذي استخدمه مور لم يكن قاتلاً أيضًا، لكن هذا لم يجعل الأمر أقل رعبًا. لو لم يظهر بيروجيوس في الوقت المناسب، كانت أتوفي ستجبرنا على توقيع عقدها. لم أكن لأحظى بفرصة أخرى لاحتضان سيلفي بهذه الطريقة. ولم أكن لأرى لوسي وهي تكبر. ولا روكسي، ولا نورن، ولا أيشا — لن أرى أيًا منهم مرة أخرى. كانت هذه الفكرة وحدها كافية لتزلزل كياني بالكامل. لدرجة أن كل جزء من جسدي كان يرتعش خوفًا. لم يكن هناك شيء أغلى من الدفء الذي بين يدي في هذه اللحظة. ثم شعرت بيد تمسح على شعري. كانت سيلفي تلامس رأسي وتسرّح شعري بأصابعها الرقيقة، الدافئة، واللطيفة. عادت لتحتضنني بلطف. لم تطلب أي تفسير؛ فقط عانقتني. وكان ذلك كافيًا بالنسبة لي. وبينما كانت ذراعي ملتفّة حولها، غلبني النعاس، حيث شعرت بالراحة التامة. -+- ترجمة نيرو فصل مدعوم
لم تبدأ أتوفي المعركة، بل رفعت سيفها وبدأت تراقبنا. كانت تعني ما قالت، حيث كانت تمتلك القوة الكافية لتسحقنا قبل أن نتمكن من الرد، لكنها لم تفعل.
فعّلت عيني السحرية، لكن هل يمكن أن تساعدني رؤية ثانية في المستقبل ضد خصم مثلها؟
“لن تباغتوني هذه المرة”، حذرتنا. كانت النار مشتعلة في عينيها وهي تنظر بيني وبين زانوبا. هذه المرة كانت على استعداد تام لمواجهة قوة زانوبا الخارقة وسحري الكهربائي.
أقوى هجوم “قذيفة الحجر” الذي أستطيع توليده لم يكن كافيًا لقتل باديغادي بالكامل. علاوة على ذلك، إن أتوفي مستعدة لهجمتي. إذا دافعت عن نفسها، فإن سحري لن …يكون فعالاً. “روديوس.” فجأة، همست إليَّ إليناليس. “على الأقل دعنا نحاول أن نرسل كليف لكي يتمكن من استخدام النقل الآني والهروب من هنا.” نظرت نحو كليف. كان يحدق في أتوفي بشجاعة، لكن قدميه كانتا ترتجفان. من الواضح أنه لن يكون ذا فائدة في القتال. “إذا أرسلناه مع أوراق النباتات، والمذكرة، سيملك ما يكفي لإنقاذ ناناهوشي”، تابعت إليناليس بهدوء. “نعم، معكِ حق.” هي على صواب. هذا أفضل خيار لدينا. كان علينا أن ننقذ ناناهوشي؛ كان هذا هو السبب الرئيسي لقدومنا إلى هنا. لم يكن هناك شيء أهم من تحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، ما زلت أرغب في العودة إلى المنزل سالمًا. لا، حتى لو هُزمت، على الأرجح لن أموت. فقط لن أتمكن من رؤية عائلتي لعقدٍ على الأقل، وأنا بالتأكيد لا أرغب في ذلك. “يمكننا أيضًا طلب تعزيزات. أنا متأكدة أن بيروجيوس لديه تعاملات مع أتوفي في الماضي، ربما سيساعدنا.” بيروجيوس وأتباعه الاثنا عشر — هذه فكرة جيدة. ربما يمكننا إقناعه بأن يدعمنا. بالنظر إلى الطريقة المتغطرسة التي كان يتصرف بها، لا شك أن لديه القوة الكافية لمواجهة أتوفي. “حسنًا”، قلت “لنقم بذلك. هل تستطيعين إقناع كليف؟” “سأحاول.” تسللت إليناليس باتجاه كليف. كنا بحاجة إلى خلق فجوة لكي يتمكن كليف من التسلل عبرها ويتجه بالنقل الأني الى الحصن. بينما يحاول إقناع بيروجيوس بإنقاذنا، سيكون علينا الصمود في مواجهة أتوفي. إذا نجح كليف، سيأتي بيروجيوس لإنقاذنا. لكن هل سينجح ذلك؟ هل يمكننا حقًا الصمود لهذه المدة؟ وهل سيتمكن كليف من إقناع بيروجيوس بالمساعدة؟ إذا استغرق كليف وقتًا طويلًا، قد نخسر ونُجبر على توقيع العقد. على الأقل، إذا عاد كليف، سيتم إنقاذ ناناهوشي. هذا هو السبب الرئيسي لرحلتنا. لكنني أيضًا أردت العودة إلى المنزل. آه، اللعنة. بدأت أشعر أنني أدور في حلقة مفرغة. أخذت نفسًا عميقًا وقلت لنفسي، اهدأ. أولًا، علينا شل حركة أتوفي لفترة قصيرة. خلال هذه الفترة، سأشتت الحراس الآخرين بسحري حتى يتمكن كليف من الهروب. حسب كيف تسير الأمور، ربما نتمكن من الفرار جميعًا معه. حسنًا، لنقم بذلك إذن. ربما لن نتمكن من هزيمة أتوفي، لكن بالتأكيد يمكننا التغلب على حراسها الشخصيين. لنقم بذلك. لنسحقهم، نقتلهم جميعًا. إذا كان هذا هو ما يلزم لأعود إلى المنزل، فسأفعل ذلك. حسنًا، روديوس، يمكنك فعل هذا! هذه المرة لن يكون كلامك بلا أفعال. فهمت؟ “لا تخف، سيدي. حتى وإن كان ذلك على حساب حياتي، سأقوم بشل حركة ملكة الشياطين أتوفي”، قال زانوبا بثقة، وهو يبدو هادئًا تمامًا. ذلك مطمئن للغاية. لماذا يبدو دائمًا بطوليًا في هذه الأوقات؟ هل هذا نوع من المسرحيات؟ إذا كنت امرأة، لكان أوقعني في الحب. بالقرب منا، كان كليف وإليناليس يتحدثان بهمس. “المشكلة أنني لا أعرف ما إذا كنت أستطيع الهروب منهم. ساقاي ليستا سريعتين جدًا، خاصة إذا كنت سأحمل كل ذلك معي…” “روديوس وأنا سنتولى إيقاف أي مطاردين قد يلاحقونك”، وعدت إليناليس بصوت خافت. “فقط لا تنظر خلفك ولا تمنح نفسك الوقت للتفكير. عد خطواتك واهرب بأقصى سرعة. حاول ألا تتعثر.” “لكن يجب أن أنضم إليكم في القتال…” “لن نفوز، حتى وإن قاتلنا نحن الأربعة معًا. نحن بحاجة لأن تطلب تعزيزات. هذه هي مهمتك في هذا القتال، وهي مهمة فاصلة جدًا.” “حسنًا… نعم، فهمت.” كانت المسافة ثلاثون خطوة نحو دائرة النقل الآني من هنا. ليست قريبة جدًا، لكنها أيضًا ليست بعيدة. إذا ركض كليف بكل طاقته، سيتمكن من الوصول. بعد دقيقة أو دقيقتين، عادت إليناليس وقالت : “حسنًا، لقد أقنعته.” نظرت نحو كليف. كان يهز رأسه، وعلى وجهه تعبير جاد، تعبير شخص مكرس لتنفيذ مهمته، وليس شخصًا مستعداً ليهرب من المعركة. لقد قامت إليناليس بعمل رائع في إقناعه بأن دوره هو جزء رئيسي من المعركة. كانت دائمًا بارعة في الكلام. أنا بالتأكيد لم أكن لأتمكن من إقناعه بهذه السهولة. “زانوبا، الآنسة إليناليس، سأقوم بالهجوم الأول باستخدام سحري.” “حسنًا، موافق.” التفت نحو أتوفي ورفعت عصاي. سأستخدم هجومي المعتاد “قذيفة الحجر”. ربما يكون “البرق” خيارًا أفضل، لأنه سحر من مستوى الملك وتملك أفضل قوة نارية ضد خصم واحد، لكن هذه المسافة قد تجعلنا نصاب جميعًا بالتعويذة. أردت تجنب التصرف بغباء والتسبب في تدميرنا بسحري الخاص. “هاه…” زفرت قبل أن أركز المانا في العصا. بقيت أتوفي واقفة، متجمدة في مكانها. لقد علمت بالفعل أنني أستطيع استخدام السحر دون الحاجة إلى تلاوة التعويذات، لكنها لم تحرك ساكنًا لمقاطعة تحضيراتي. هذا لصالحنا تمامًا. عيني السحرية توقعت حركتها: ستقوم أتوفي بصد قذيفة الحجر باستخدام سيفها. إن قذيفة الحجر الخاصة بي هي سحر بمستوى غير عادي من القوة، لكن حتى ذلك لن يكون فعالًا ضد أتوفي. ربما سيكون البرق أكثر فعالية؟ لكن هل يمكنني حقًا استخدام تعويذة تعلم هي أنها ستكون على استعداد لتفاديها؟ “سيدي، أقسم أنني سأتبع أي هجوم تشنه، لذا أرجوك ضع ثقتك بي”، قال زانوبا بنظرة ثابتة مليئة بالثقة. “…نعم.” كان من المريح سماع ذلك. من الواضح أن لديه خطة ما. في هذه الحالة، سأتبعه. “حسنًا، لنقم بذلك!” “نعم، سيدي!” أطلقت “قذيفة الحجر” بعد أن جمعت كل ما أستطيع من المانا. انطلقت بسرعة عالية وصدر صوت حاد وهي تتجه نحو أتوفي. “أرى هجومك بوضوح!” تركت أتوفي صورة وهمية خلفها وهي تتحرك بسرعة فائقة. على الرغم من أن وصفها بـ”صورة وهمية” قد يكون مبالغًا فيه؛ لم تحرك ذراعها سوى قليلاً لتغيير اتجاه سيفها بشكل طفيف. في تلك اللحظة، اصطدمت قذيفة الحجر بسلاحها، مما أطلق شرارات في الهواء. لقد تم صد هجومي، ومرّت القذيفة بجانب أتوفي وضربت صخرة على المنحدر، لتتطاير الرمال من حولنا. كنت أعلم أن هذه التعويذة لن تجدي نفعًا معها. “غرااااااه!” صرخ زانوبا وهو يقذف شيئًا باتجاه أتوفي. “غواااااه!” كان الشيء الذي ألقاه يصرخ وهو ينطلق نحو أتوفي. بدت الأخيرة سعيدة وهي ترفع سيفها لتقطعها لنصفين. “هجماتك عديمة الفائدة—ماذا؟!” بينما كانت أتوفي على وشك أن تقطع القذيفة، توقفت فجأة. وبعد لحظة، ارتطم الشيء بوجهها مباشرة. “فوااه؟!” “أوووف!” كانت كيشيريكا، الإمبراطورة الشيطانية، قد التصقت بوجه أتوفي. لقد كانت جالسة على كتف زانوبا قبل لحظات. “يا للغثيان! رائحتك كريهة! على الأقل استحمِ أيتها الغبية!” صرخت كيشيريكا. صرخت أتوفي بغضب: “ما هذا؟! من أين أتيتِ؟!” بينما كانت تحاول إزالة كيشيريكا من وجهها، أمسكت بها وألقتها بعيدًا. تدحرجت كيشيريكا وارتطمت بالأرض بعيدًا عن ساحة القتال. “يا لك من مثيرة للاشمئزاز! أنت ! ما الذي كنت تفكر فيه عندما ألقيت بشيء كهذا؟! مااااذا؟!” بينما كانت أتوفي تصرخ، كان زانوبا قد قبض قبضته واقترب منها بخطوات واثقة. تبعته إليناليس وهي تختبئ خلفه في الظل. اللعنة. أرى إلى أين يسير هذا. “لقد تخطيت دفاعاتي. تعجبني روحك!” “هااااااااه!” صرخ زانوبا وهو يوجه قبضته. القوة التي خلفها كانت كافية لجعل شعري يقف. اندفعت قبضته في الهواء مباشرة نحو وجه أتوفي. حاولت صدها باستخدام قفازها… “غاه؟!” …لكنها فشلت. قبضته ضربت قفازها، مما جعلها تتعثر بينما تشوه درعها تحت قوة ضربته. “هااااه!” تبع زانوبا هجومه بضربة أخرى. خطا خطوة كبيرة ووجه قبضته نحو جسدها. “ضعيفة!” تمتمت أتوفي بصوت منخفض. لم تكن هجماته كافية لإجبارها على التراجع. على الرغم من وضعيتها المحرجة، تمكنت من توجيه ضربة بسيفها الضخم. تردد صدى عالٍ عندما انحنت ساقاها وهي تدفع كامل قوتها نحو صدر زانوبا. “غوووه… أرج!” تشوه وجه زانوبا من الألم وهو يسقط على إحدى ركبتيه. حتى أقوى قذيفة حجر لم تكن كافية لجعله يتألم، ومع ذلك، بضربة واحدة فقط من أتوفي، أجبر على السقوط. نظرت إليه أتوفي بغضب وهي تزمجر، “لديك جسد مدهش، لكن لا تنسَ : لا يوجد دفاع مثالي. زوجي كال هو الذي… غاه!” “ها!” في منتصف حديثها، قفزت إليناليس من خلف زانوبا، مستخدمة ظهره كموطئ قدم لتنطلق في الهواء. سيفها اللامع قطع الهواء وتوجه نحو عنق أتوفي. لكن، تم صده بصوت مدوٍ. لم يكن هذا صوت جلد يتعرض للقطع. لابد أن أتوفي تستخدم هالة المعركة لحماية نفسها. “لم أنتهِ بعد!” بمجرد أن أدركت إليناليس أن هجومها لن ينجح، انسحبت. اقتربت من بدرعها وأعادت التركيز لتوجه ضربة أخرى بسلاحها. “همف!” لم ترتدّ أتوفي حتى. بدى كما لو أن بعض الرمل قد دخل عينها وهي تعبر عن انزعاجها بعبوس. “سيفك ضعيف جدًا! شاهدي الآن كيف تفعلين ذلك بشكل صحيح!” مالت أتوفي بجسمها للأمام ووجهت ضربة هائلة بسيفها نحو إليناليس. حاولت الأخيرة التراجع لتفادي الضربة، لكنها… “كه؟!” رفعت إليناليس درعها في اللحظة الأخيرة. وفي اللحظة التالية، تردد صوت عميق عبر المكان، وارتدت إليناليس في الهواء، تدحرجت عبر الأرض الصخرية ثم نهضت بسرعة، مثل القط. بدى الخوف في عينيها. لقد كانت هجماتها غير فعّالة. خلقت أتوفي موجات صادمة بمجرد تأرجح سيفها. لو لم تكن إليناليس قد صدتها بدرعها، لربما مزقتها الموجات الصادمة بالكامل. “خطواتك مثيرة للإعجاب، سأعترف بذلك”، قالت أتوفي. “إذا تدربتِ تحت قيادتي، قد تكونين…” “غرااااااه!” قفز زانوبا مرة أخرى، فاتحًا ذراعيه على مصراعيها وهو يتجه نحو أتوفي. “آآآه!” أحاط ذراعيه حولها من الأمام، مما جعلها عاجزة عن الحركة، ثم رفعها حتى لم تعد قدماها تلمسان الأرض. “ههمف، أيها الوغد، ألا تخجل من نفسك؟ تضع ذراعيك حولي هكذا… غاه!” كانت ذراعيه مثل المشبك وهو يضغط عليها. اندفعت دماء سوداء من فم أتوفي. على ما يبدو، هذا النوع من الهجوم فعال! حسنًا، هي لا تزال ملكة الشياطين الخالدة. أي ضرر تتعرض له سيكون مؤقتًا بلا شك. “سيدي، الآن!” “…!” أعادني صوته إلى الواقع. زانوبا قد شل حركة أتوفي. هذه فرصتنا. “كليف، الآن! اهرب!” صرخت نحو كليف بينما كنت أصب كل المانا التي يمكنني حشدها في عصاي. علي استخدام هجوم شامل لشل جميع الجنود المحيطين بنا. “حسنًا!” بدأ كليف بالركض، وفي تلك اللحظة انتبه الفرسان القريبون واستعدوا بسيوفهم. للأسف بالنسبة لهم، الوقت قد فات بالفعل. “فروست نوفا!” اندفع برد شديد من عصاي، وتجمدت الأرض تحت أقدام الفرسان، ممتدة حتى وصلت إلى الجنود الذين يحيطون بنا. “آه!” “غووه؟!” بينما سيطر الارتباك عليهم، تمكنت تعويذتي من تثبيت أقدامهم في مكانها. بدا النصر في متناولنا. لقد تفاجأوا تمامًا؛ لم يكن لديهم أي فرصة للتخلص من هجوم سحري بهذه السرعة. أو هكذا كنت أظن. فجأة، تردد صوت من أحد الجنود : “…لهيبي الحارق التهم جسدي. احرق كل ما أمامك!” اندفعت موجة من الحرارة من جسد أحدهم، مغطية الفرسان الآخرين. وبدأ الدفء ينتشر حولهم، متصدياً لهجمتي الجليدية. كانت الحرارة تتسرب من ذراعي الرجل الذي بدأ بفك التجميد عن نفسه والجنود الآخرين. هذا كان مور… قائد الفرسان العجوز. لقد بدأ مور في إلقاء تعويذته لحظة أن رفعت عصاي، مما سمح له بمواجهة تعويذتي بعد ثوانٍ قليلة. لقد صدمتني كمية القوة السحرية التي كان يمتلكها، بالإضافة إلى السرعة التي أنهى بها تعويذته. لم أبخل بصب المانا في تلك التعويذة، لكن سحره كان كافيًا لتحرير نفسه واثنين من الجنود الأقرب إليه. أما البقية فقد ظلوا متجمدين تمامًا. كان لا يزال هناك فرق كبير في قوتنا السحرية، وقد فزت بتلك المعركة. والآن، هذه هي المرة الأولى التي أقتل فيها أحدهم. “أنا معجب بكمية القوة السحرية التي تمتلكها، حيث استطعت تجميدنا جميعًا.” قال مور، ثم صرخ نحو الجنود الآخرين : “جميعًا، ابدأوا بترديد تعويذة الحرق!” “كما تأمر، قائد!” صرخ الجنود الآخرون من خلف الجليد وهم يرددون : “يا روح النار التي تحكم كل الأشياء بين السماء والأرض…” مع ترديد الجنود للتعويذة، بدأ الجليد حولهم يذوب ببطء. لم يموتوا. لم يمت أي منهم. لابد أن الدرع الذي يرتدونه منحهم مقاومة طبيعية للسحر المائي. حسنًا، تبًا. زمجرت أتوفي عندما رأيت كليف يتجاوزها. “مور، لا تدعه يهرب!” “تحت أمرك!” قفز مور إلى الحركة بعد أمرها. وبعد ثوانٍ، نجح اثنان آخران من الجنود في تحرير أنفسهم من أسر الجليد واندفعوا نحو كليف. “كما لو أنني سأسمح لكم بالمرور!” انطلقت إليناليس أمامهم، قاطعة طريقهم. “روديوس! تولَ أمره!” مور واصل مطاردة كليف دون أن ينظر خلفه. كان يتحرك بسرعة ملحوظة بالنسبة لرجل في درع ثقيل. في المقابل، كان كليف يحمل حمولة كبيرة. المسافة بينهما كانت حوالي سبع خطوات. وجهت عصاي نحو مور. “قذيفة الحجر!” مور سيستخدم جدار الأرض لمحاولة صد قذيفة الحجر الخاصة بي. لا مشكلة. لا يزال بإمكاني فعل ذلك. صببت كل مانا أستطيع حشدها في عصاي وأطلقت تعويذتي. “أرض… غاااه!” بينما كان مور يركض، حاول إلقاء تعويذة لرفع جدار من الأرض، لكن قذيفة الحجر ضربت ذراعه مباشرة، محطمة إياها هي والدرع الذي يغطيها. طارت ذراعه في الهواء وهو يتعثر قليلاً، لكنه لم يتوقف عن مطاردة كليف. “إمنحيني قوتك يا أرواح الماء! الضباب العميق!” ألقى مور تعويذة أخرى، مما خلق ضبابًا كثيفًا التف حوله. كان يخطط لاستخدام هذا الضباب كغطاء للهروب من قذيفة الحجر. هو سريع في إلقاء التعويذات. لقد تعلم تقليص التراتيل مثل روكسي. “انفجار الرياح!” أطلقت تعويذة الرياح لتفريق الضباب، لكن مور لم يتراجع. لم يُظهر أي علامة على فقدان تركيزه بينما يواصل مطاردة كليف. ربما كان درعه الأسود يمنحه مقاومة ضد تعاويذ الرياح أيضًا. الآن ماذا؟ المسافة بين مور وكليف تتقلص بسرعة. لم يكن لدي الكثير من الفرص المتبقية. بينما كنت أفكر بسرعة في الأفكار، أخبرتني عيني السحرية بما سيحدث بعد ذلك. سيبدأ مور بإلقاء تعويذة أخرى أثناء مواصلة الركض خلف كليف. “أرواح الأراضي الجرداء، استجيبوا لندائي وامنحوني… ” “تعويذة تشتيت السحر!” كنت قد تدربت مع سيلفي على هذه التعويذة مرات لا تحصى. انطلقت التعويذة مباشرة نحو مور وقاطعت السحر الذي كان يحاول إلقاءه. “مستحيل! تعويذة تشتيت السحر؟!” بدا مور متفاجئًا وهو يخفض نظره نحو يده. ومع ذلك، واصل الركض. لم يتبقَ سوى خمس خطوات بينه وبين كليف. “المستنقع!” بسرعة، أطلقت تعويذة أخرى بيدي اليسرى لقطع طريقه. لقد كان قرارًا صائبًا. قد يكون خصمي محاربًا متمرسًا، لكن المهارات القتالية التي طورتها على مر السنين كانت فعالة ضد أمثاله. بالإضافة إلى ذلك، لقد مررت بتجارب مشابهة أثناء تدريبي. “غراااه!” تحولت الأرض بين مور وكليف إلى طين لزج، مما عرقل حركة مور وأبطأه. لكن… “يا إله المجهول، استجب لندائي وارفع الأرض نحو السماء! رمح الأرض!” أطلق مور تعويذة أخرى تحت قدميه. ارتفع قسم من الأرض، واستخدمه كنقطة ارتكاز ليتفادى المستنقع ويقفز فوقه. “كخ!” لن يتوقف. كان يتابع تقدمه رغم كل ما ألقيته عليه، متصدياً لكل شيء أو مقاوماً إياه. تلك هي قدرات ساحر المخضرم… “روديوس! ساعد كليف! أسرع!” صرخت إليناليس من خلفي. “أعلم!” وجهت نظرة سريعة نحوها. كانت مشغولة في قتال الجنود الذين كانوا يقفون بجوار مور. اثنان ضد واحد. لم يكونوا يستهدفونها، لكن كان كل ما يمكنها فعله هو إبقائهم مشغولين. “أتركني! الآن! ألا تخجل كإنسان؟! توقف عن التمسك بي! دعنا نتبادل الضربات على الأقل!” صرخت أتوفي بغضب. أجاب زانوبا بصوت ثابت، “حتى لو قتلتني، لن أتركك تذهبين!” أتوفي قد نطحته بالفعل. رغم الدم الذي يتدفق من جبينه، كان زانوبا يحتفظ بقبضته محكمة حولها. في تلك الأثناء، كان الفرسان الآخرون يواصلون إذابة الجليد من حولهم. كانت البخار يتصاعد في المكان. “تبًا…” ما الذي يمكنني فعله لعرقلة مور ومنعه من ملاحقة كليف؟ هو قوي، ولديه خبرة أكبر مني بكثير في المعارك السحرية. لم تنفع التعاويذ العادية معه. هل يجب أن أطلق تعويذة أقوى؟ لا. حتى لو أوقفت تعويذة قوية ما مور، لن يكون ذلك مفيدًا إذا أصيب كليف في نفس الوقت. بالإضافة إلى أن مور كان سريعاً في الرد على أي شيء ألقيته عليه، ولديه ذلك الدرع السخيف أيضًا… “…!” حينها أدركت أن الأرض تحت قدمي كانت مبتلة نتيجة لتعويذتي السابقة “فروست نوفا”. الفرسان قد استخدموا تعويذة “الحرق الآني” لإذابة الجليد الذي صنعته، والآن الأرض مغطاة بالماء. ولم يكن مور استثناءً؛ فقد كان أول من حرر نفسه من الجليد. …بالطبع، كانت إليناليس وأنا أيضًا نقف على أرض مبللة. إذا لم تكن أتوفي قد واجهت هذا النوع من السحر من قبل، فمن المحتمل أن مور لم يره أيضًا. لا يهم مدى خبرته، لن يتمكن من صد تعويذة لم يسبق له مواجهتها. وعلى الرغم من ذلك، إذا استخدمتها، فسيتأثر الجميع — إليناليس، زانوبا، وأنا. كليف وحده سيبقى سالمًا. فهو خارج نطاق تأثير التعويذة. سيكون بخير. اتخذت قراري في تلك اللحظة، بلا تردد. “البرق!” صببت كمية ضخمة من المانا في التعويذة، بحيث تكون كافية لشل الجميع دون قتلهم. انطلقت الكهرباء من يدي، متشققة عبر الهواء كأنها موجة صاعقة، وضربت الأرض المبللة من حولي. انتشرت عبر الماء وأصابت كل من في المنطقة. “غيااااااه!” “آآآآه!” “أووووووه!” تصاعد الدخان من الدروع السوداء المحترقة للفرسان وهم يسقطون جميعًا على الأرض. لقد أصابت الصدمة الجميع، بما في ذلك إليناليس، زانوبا، أتوفي، الجنود الآخرون، مور، وأنا. “أوه…غاه!” اندفعت الصاعقة عبر جسدي، تنخر في عمودي الفقري ومفاصلي. كل جزء من جسمي بدا وكأنه ينحني في الاتجاه الخاطئ. لم أستخدم ما يكفي من المانا للقتل، لذلك كنت أعلم أنني سأخرج من هذا على قيد الحياة. ولكن ذلك لم يمنع الظلام من الاستيلاء على رؤيتي بينما فقدت وعيي. *** عندما استعدت وعيي، وجدت نفسي ممددًا على الأرض. أتذكر أنني فقدت الوعي، لكن لم يدم ذلك أكثر من بضع ثوانٍ. جسدي كله كان مشلولًا. على الأقل، كانت رؤيتي سليمة. ما الذي حدث لكليف؟ رفعت رأسي ببطء. كان مور راكعًا على ركبتيه، والدخان يتصاعد من درعه المتصدع. كانت يده ممدودة نحو كليف، وكان يتمتم شيئًا بصوت خافت، على ما يبدو تعويذة ما. أحتاج لاستخدام “تعطيل السحر”… لا، لن أتمكن من ذلك في الوقت المناسب. ركّزت كل ما تبقى لدي من مانا في ذراعي اليسرى. حتى لو كانت يدي اليمنى لا تزال مخدرة من الصدمة، فإن يدي الاصطناعية لا تزال تعمل. فتحت أصابعي وأطلقت تعويذة من كفي. “الريح الحاجزة!” “ذراعي، امتصي السحر!” اختفت التعويذة الهوائية التي أطلقها مور في الحال. “ماذا؟!” التفت مور نحوي بسرعة، مفاجأً بما حدث. لم أستطع رؤية تعابير وجهه من خلف خوذته، لكن دهشته كانت واضحة. لم يلتفت كليف إلى الخلف. كان على بعد ثلاث خطوات فقط من دائرة السحر. لم يستطع أحد اللحاق به الآن. بفضل سحري، لم يعد بإمكانهم حتى المحاولة إذا أرادوا. تعويذتي قد شلت أيضًا أتوفي. كانت عيناها مفتوحتين على وسعهما، تحدقان بي مثل نمر يتربص بفريسته. “أيها الوغد… لقد نجحت في الإيقاع بنا. هذا سحر غريب لم أره من قبل.” لم أجبها. “ومع ذلك، لقد جعلتني متحمسة. لا أستطيع الانتظار حتى أجعلك تابعًا لي. كيهاهاها. أردت دائمًا ساحرًا مثلك. سأعتني بك جيدًا، أعدك بذلك.” كانت تبتسم بطريقة شيطانية. حدقت فيها بلا خوف. كونها ملكة الشياطين الخالدة، كنت واثقًا بأنها ستتعافى بسرعة أكبر مني. لن يكون هناك مهرب آخر. لن نتمكن من مقاومتها. زانوبا قد أغمي عليه تمامًا. رغم أنه كان لا يزال يحتفظ بذراعيه ملتفتين حولها، إلا أنه بدا لي على وشك فقدان قبضته حولها. بالنظر إلى تحمله المنخفض للألم، كان من المرجح أنه سيبقى فاقدًا للوعي لفترة. هذه… هي النهاية. “…” نظرت إلى إليناليس. كان جسدها كله يرتجف وهي تحاول الوقوف على قدميها. لقد تلقت نفس الضرر الذي تلقيته، لكنها لم تستسلم بعد. كانت مصممة على المحاولة، رغم كل الصعاب. عندما تستسلم، ينتهي كل شيء. هكذا قال المدرب ذو الشعر الأبيض في مانجا سلام دانك. مع قليل من الجهد، أستطيع أن أفعل الشيء نفسه. لنستمر. لنذهب إلى البيت. أريد العودة. يجب أن أعود. وحين أعود… ربما سيكون لدي بعض الوقت الحميم مع سيلفي. وروكسي بالطبع. كما أنني أريد احتضان لوسي الصغيرة. بالإضافة إلى أنني وعدت نورن أن أدرّسها فنون السيف والسحر، وكنت متحمسًا لتناول الأرز الذي تعده أيشا. لقد كانت ليليا تحمل عبئًا كبيرًا على عاتقها في رعاية والدتي. ولا شك أن ذاكرتها ستعود إليها في النهاية. وعندما يحدث ذلك، يمكننا الذهاب معًا لزيارة قبر والدي. نعم، هذا صحيح. سنظل نبتسم معًا، كما كنا دائمًا. كانت حياتي في هذا العالم ممتعة للغاية. عليّ أن أحميها. يجب عليّ ذلك. حسنًا، أستطيع فعل هذا. تحرك، روديوس. لا يهم إن كانت ذراع واحدة فقط، يمكنك على الأقل استخدام السحر. أين عصاي؟ أين ذهبت؟ أحتاجها لتنفيذ تعاويذي. آه، ها هي. اتضح أنني كنت مستلقيًا فوقها. أعتذر يا أكوا هارتيا. لابد أنني كنت ثقيلًا عليك. على أي حال، أستطيع فعل هذا. كل ما عليّ فعله هو الصمود حتى تأتي المساعدة. هذا كل شيء. لا حاجة للفوز. رجاءً، سيد كليف. أعلم أنك قد تكره بيروجيوس، لكن أرجوك أقنعه. لا يهمني إن لم تتمكن من ذلك على الفور، لكن إذا استطعت فقط إرسال بعض الدعم خلال السنة القادمة، سيكون ذلك رائعًا. “ماذا؟!” فجأة، انطلق صوت مصدوم من خلفي. رفعت رأسي بسرعة ونظرت نحو مصدر الصوت. كان كليف قد وصل إلى مدخل الآثار تحت الأرض، حيث اصطدم بأحد الفرسان المدرعين. “مستحيل.” كان هذا الجندي يقف داخل الآثار طوال هذا الوقت؟ “آه…” لماذا لم أفكر في ذلك الاحتمال؟ كانت هذه ثغرة واضحة بما يكفي. بغض النظر عن مدى غباء أتوفي، بالطبع ستقوم بتفتيش الآثار. انتشر شعور بالظلام بداخلي. الشعور الذي تغمرني به تلك العاطفة التي أعرفها جيدًا — اليأس. أردت أن أصرخ، أن أستسلم للتعب. لن أرى سيلفي أو روكسي مرة أخرى. بدلاً من ذلك، سأضطر إلى التدريب مع تلك الملكة الشيطانية الحمقاء حتى يوم وفاتي. بينما أستسلم لمصيري، بدأ شعور القوة يغادر جسدي تدريجيًا. في تلك اللحظة، جاء صوت مفاجئ، ليس مني، ولا من إليناليس، ولا حتى من مور. “ماذا؟!” كانت أتوفي هي من صرخت بدهشة وهي تحدق باتجاه كليف. “آه، يا سيدتي أتوفي…” بدأ الفارس المدرع بالتحرك متجاوزًا كليف، وهو يعرج نحو المنحدر. لكن شيئًا ما كان غريبًا في سلوكه. “الدائرة السحرية بالداخل — إنها تؤدي إلى بيرو…” وفي اللحظة التالية، انقسم جسده إلى نصفين. قسمه شخص ما أفقياً بضربة واحدة. ذلك الشخص المضيء الذي ظهر خلفه له شعر فضي، وتوهجت عيناه الصغيرتان باللون الذهبي، مرتديًا ملابس بيضاء مغطاة ببقع دماء. “ملكة الشياطين الخالدة أتوفيراتوفي، أليس كذلك؟” تحدث الرجل الذي ظهر عند مدخل الآثار بلغة الشياطين بطلاقة. “لم أكن لأتوقع وجودك هنا. على الرغم من أنني فكرت في أن شيئًا كهذا قد يحدث عندما ربطت دائرتي السحرية بدائرة ريكاريسو.” تبعه عدد من الأشخاص. اثنان منهم كنت أعرفهما — أرومانفي اللامع وسيلفاريل الفراغية. لم أتعرف على الآخرين بعد، لكن كانوا ستة في المجمل. “لقد دنس جنودك قلعتي بدمائهم.” آه، هذا منطقي. أتوفي وصلت إلى هنا قبلنا. لابد أنها وجدت مدخل الآثار وأمرت جنودها بالذهاب والبحث. أولئك الذين عثروا على الدائرة السحرية لابد أنهم دخلوا لرؤية ما يوجد على الجانب الآخر. وهكذا، شياطين دخلوا قلعة بيروجيوس الطائرة. “بييييروجيوووس!” صرخت أتوفي بصوت مدوٍّ. لقد ظهر ملك التنانين المدرع شخصيًا أمامنا. *** في اللحظة التي رأت فيها أتوفي بيروجيوس، تغيرت الأجواء المحيطة بها تمامًا. تدفقت منها موجات من العداء لم نرَ مثلها من قبل. كانت عيناها تلمعان وكأنما كانت تشتعل بلهيب كراهية قديم. كان تعبيرها وكأن بيروجيوس قد قتل والديها. “بيروجيوس، أيها اللعين!” على الرغم من أن جسدها كان لا يزال مشلولًا من الصدمة، بدأت أتوفي ترفع نفسها وتدفع زانوبا بعيدًا. جسده سقط بلا حول ولا قوة على الأرض، وهي تجاهلته تمامًا، مركزّة نظرها على بيروجيوس. بدأت أجنحتها بالخفقان بسرعة، محاولًة تركيز قوتها في ساقيها للاندفاع نحوه، لكن ركبتيها انهارتا من تحتها. “هاه… هاه…” تقدم بيروجيوس بخطوات بطيئة، مبتسمًا ابتسامة ساخرة. “أوه؟ هذه مفاجأة سارة، أتوفيراتوفي. هل أسقطتي دفاعك مرة أخرى؟ يبدو أن قبيلتك من الشياطين الخالدين تميل إلى ذلك.” صرخت أتوفي بغضب متفجر : “إذًا هؤلاء الأشخاص — كانوا تابعينك، صحيح؟ هذه الخدعة الدنيئة التي لجأت إليها… هل كان كل هذا لتقتلني؟ ماذا عن القسم الذي أقسمته على كال؟!” ضحك بيروجيوس وهو ينظر إليها من فوق كتفه. أتوفي كانت تتصبب غضبًا وهي تصرخ نحوه. حاول مور الزحف نحوها، وقد بدت خطواته متعثرة، لكنه لم يتمكن من الوصول إليها. الوحيدون الذين لم يتأثروا بتعويذتي كانوا بيروجيوس وأتباعه الاثني عشر، بالإضافة إلى كليف. كانت طريقة بيروجيوس في النظر إليها مثل نمر يتأهب للانقضاض على فريسته المفضلة. “لا تسيئي الفهم” قال بهدوء. “هؤلاء الناس أرادوا إنقاذ صديقهم، لذا طلبوا مساعدتي. هذا كل شيء.” “لا تكذب عليّ! غرااااه!” “سأفي بالقسم الذي أقسمته على كال. لقد كان صديقي الأعز.” ردت أتوفي بعد فترة صمت طويلة “قد تكونان صديقين، لكنني لا أزال أكرهك!” تنهد بيروجيوس ببطء قبل أن يقول : “وأنا كذلك، أحتقر الأشخاص أمثالك. أنتِ حمقاء لا تستمعين إلى المنطق.” ثم رفع ذراعيه إلى الأعلى وراحتيه مفتوحتين. وجه أتوفي شحب فجأة “ل-لا، لا يمكنك فعل ذلك…” تجاهل اعتراضاتها وبدأ في إلقاء تعويذته : “هذا التنين يعيش ليخدم فقط. مخالبه طويلة وحادة، لدرجة أنه لا يستطيع قبض يده…” شعرت وكأنني سمعت هذا السحر من قبل في مكان ما. “عندما يستهلكه الغضب، لا يستطيع إغلاق قبضته. على الرغم من أن مخالبه قد تنكسر وأنيابه قد تتساقط، فإنكِ ستدركين قريبًا أي المشاعر تسيطر على هذا التنين المخلص عندما يتخلى عن إخلاصه!” كان بيروجيوس ينطق كل كلمة ببطء، وشيئًا فشيئًا كان السحر من حوله يتجمع. “يا أيها الجنرال التنين، أنت يا ثالث من مات، صاحب العيون الأكثر حدة، والجسد المغطى بالقشور البيضاء— أنا، ملك التنانين المدرع بيروجيوس، أستدعيك.” بحلول الوقت الذي أدركت فيه ما كان يحدث، كانت أتوفي محاصرة بين بوابتين ظهرتا حولها، تفصلها عن البقية. كانت البوابتان محفورتين بنقوش دقيقة لتنانين، تبدوان فاخرتين للغاية. واحدة كانت فضية، والأخرى ذهبية، ظهرتا من الأرض بينما واصل بيروجيوس إلقاء تعويذته. “افتحي، بوابة التنين الخلفية. وتقدمي إلى الأمام، بوابة التنين الأمامية.” عند أمره، انفتحت البوابتان. بدأ شيء ما يتدفق من البوابة اليمنى ويصب في البوابة اليسرى. لم يكن ريحًا، بل كان شيئًا لا يمكن رؤيته بالعين المجردة— شيئًا أعرفه جيدًا. المانا. استدعى بيروجيوس تلك البوابات لامتصاص المانا من كل من حوله. بدأت أشعر أن طاقتي السحرية تُستنزف. لم يكن هذا نفس الشعور الذي اختبرته مع أورستيد. كان الاستنزاف هذه المرة أسرع وأكثر شدة، كأنه يستنزف قوّتي الجسدية أيضًا. “لا، سيدتي أتوفي، اهربي…” مور، الذي كان يزحف نحونا، قد انهار تمامًا. أقدام أتوفي كانت ترتجف بعنف وهي تواجه بيروجيوس بنظرات غاضبة. “بييرووجيوووس!” بدأ جسدها يتضاءل، كما لو أن البوابات كانت تمتص الهالة القتالية التي كانت تلفّ بها نفسها. “هل تنوي حقًا كسر القسم؟!” صرخت. “لن أكسره. ولكن هذه فرصة نادرة لا أستطيع تفويتها.” قال بيروجيوس وهو يرفع يده اليمنى، التي تحولت إلى اللون الأبيض، متوهجة بضوء ساطع لدرجة أن المنطقة بأكملها غُمِرت في وهجها. “ضربة التنين المدرع، القطع الأول.” أسقط يده، وكل ذلك الضوء اخترق جسد أتوفي مباشرة. “لن أنسى هذا، بييرووجيوووس!” تجمد جسدها بالكامل. بدا الزمن وكأنه تباطأ لوهلة، ثم رمي جسدها في الهواء بقوة هائلة. تدحرج جسدها الذي انقسم إلى نصفين بعيدًا عن الأنظار. “همف. لن تقتلك هذه الضربة على أي حال.” تمتم بيروجيوس لنفسه وهو يدير ظهره، فاقدًا اهتمامه بها. “سيلفاريل، اجمعي البقية واهتمي بجروحهم.” “وماذا عن الجنود الآخرين؟” سألت سيلفاريل. “اتركيهم.” “فهمت.” أشارت سيلفاريل إلى زاوية بعيدة، حيث كانت كيشيريكا، الإمبراطورة العظمى للعالم الشيطاني، قد سقطت على الأرض. في اللحظة التي ذُكرت فيها كيشيريكا، تحركت فجأة، كما لو أنها تلقت صدمة كهربائية. يا إلهي، لقد أصبتها أيضًا بصعقتي الكهربائية. آسف على ذلك. “اتركيها أيضًا.” “كما تأمر.” يبدو أن بيروجيوس قرر التغاضي عن كيشيريكا هذه المرة. كان ذلك مصدر ارتياح. “حسنًا.” بينما اقتربت سيلفاريل والآخرون منا لمساعدتنا، تنفست الصعداء. لقد تم إنقاذنا. *** بعد ذلك، ساعدنا أتباع بيروجيوس على العودة إلى دائرة النقل الآني. كان علينا الاعتماد عليهم في المشي، حيث كنا جميعًا بحاجة إلى دعمهم بسبب إصاباتنا. باستثناء كليف، بالطبع. لقد وقف يتحدث مع كيشيريكا أثناء علاجنا. وعندما نظرت في اتجاههم، كانت كيشيريكا تضحك بشكل هيستيري قبل أن تختفي في الأفق، حرة مرة أخرى. آمل أن يكون العثور عليها أسهل في المرة القادمة… لكن هذا ليس مهمًا الآن. بعد أن نقلنا جميعًا مرة أخرى إلى الحصن، قامت سيلفاريل بقطع الاتصال بين الدائرة السحرية ودائرة ريكاريسو. لم يعد هناك طريق للعودة إلى قارة الشياطين. أخذونا إلى المستشفى لتلقي العلاج من الحروق الكهربائية. كليف هو من تطوع لرعايتنا بنفسه. “لم أرَ حروقًا كهذه من قبل…” تمتم كليف بينما كان يستخدم سحره لعلاجنا. لم تكن جروحنا مهددة للحياة، لكن الحروق كانت عميقة بما يكفي لتسبب أضرارًا دائمة لو لم نتلقى العلاج في الوقت المناسب. شعرت بالذنب لإيذاء إليناليس وزانوبا بهذا الشكل، ولكن لولا ذلك، لما تمكنّا من شل حركة ملكة الشياطين الخالدة. كان كليف حذرًا للغاية أثناء علاج جروح إليناليس، ربما كان قلقًا من وجود ندوب دائمة. بالنسبة لها، وجدت إليناليس اهتمامه محببًا، وبمجرد أن أنهى علاجها، حملته بعيدًا إلى مكان آخر. زانوبا لم يستفق بعد، حتى بعد شفائه. لقد أنقذ حياتي حقًا في تلك اللحظات. لا يمكنني أبدًا أن أرد له الجميل على ما فعله. رغم أن الصداقة لا تُقدر بثمن، يجب أن أشكره على كل ما فعله. سأحرص على أن أعبر له عن امتناني عندما يستيقظ. *** بمجرد أن تعافيت تمامًا وكنت قادرًا على الحركة، ذهبت لرؤية سيلفي. كانت مستلقية على السرير، تقرأ كتابًا، ولكن عندما دخلت، رفعت رأسها وأمالت رأسها بفضول. “ماذا هناك؟” لم أجبها. بدلاً من ذلك، انزلقت بهدوء إلى السرير ولففت ذراعي حولها. أطلقت صرخة مفاجأة، مما طعن قلبي. شعرت وكأنه رفض غير مقصود. ومع ذلك، رغم الألم الذي شعرت به، واصلت احتضانها بشدة. كان ضحك أتوفي لا يزال يرن في أذني، كما كانت مشاعر اليأس التي شعرت بها عندما شُلَّ جسدي بالكامل. أعلم أنني لم أكن لأموت في تلك المعركة. أتوفي كانت تمسك نفسها، وحتى فرسانها لم يهاجمونا بكل قوتهم. السحر الذي استخدمه مور لم يكن قاتلاً أيضًا، لكن هذا لم يجعل الأمر أقل رعبًا. لو لم يظهر بيروجيوس في الوقت المناسب، كانت أتوفي ستجبرنا على توقيع عقدها. لم أكن لأحظى بفرصة أخرى لاحتضان سيلفي بهذه الطريقة. ولم أكن لأرى لوسي وهي تكبر. ولا روكسي، ولا نورن، ولا أيشا — لن أرى أيًا منهم مرة أخرى. كانت هذه الفكرة وحدها كافية لتزلزل كياني بالكامل. لدرجة أن كل جزء من جسدي كان يرتعش خوفًا. لم يكن هناك شيء أغلى من الدفء الذي بين يدي في هذه اللحظة. ثم شعرت بيد تمسح على شعري. كانت سيلفي تلامس رأسي وتسرّح شعري بأصابعها الرقيقة، الدافئة، واللطيفة. عادت لتحتضنني بلطف. لم تطلب أي تفسير؛ فقط عانقتني. وكان ذلك كافيًا بالنسبة لي. وبينما كانت ذراعي ملتفّة حولها، غلبني النعاس، حيث شعرت بالراحة التامة. -+- ترجمة نيرو فصل مدعوم
الهجمات السابقة لم تترك أي علامات واضحة على جسدها. زانوبا قد حطم جمجمتها عمليًا، لكن رأسها الآن أصبح سليمًا تمامًا. ومع ذلك، كان حذرها دليلاً على أن هجماتنا كانت فعالة بشكل كافٍ.
“هيا، حاولوا مرة أخرى. هذه المرة سأتصدى لها بسهولة”. بدت واثقة تمامًا.
“هيا، حاولوا مرة أخرى. هذه المرة سأتصدى لها بسهولة”. بدت واثقة تمامًا.
لدي شعور بأنها ستتجنب هجماتنا. إن تقنية إله الماء تسمح للشخص بمواجهة الهجمات السحرية. لم أكن أعرف الكثير عن تقنية إله الشمال، لكنها ملكة شياطين. اناف متأكد من أن سحري لن يؤثر عليها هذه المرة.
لدي شعور بأنها ستتجنب هجماتنا. إن تقنية إله الماء تسمح للشخص بمواجهة الهجمات السحرية. لم أكن أعرف الكثير عن تقنية إله الشمال، لكنها ملكة شياطين. اناف متأكد من أن سحري لن يؤثر عليها هذه المرة.
لدي شعور بأنها ستتجنب هجماتنا. إن تقنية إله الماء تسمح للشخص بمواجهة الهجمات السحرية. لم أكن أعرف الكثير عن تقنية إله الشمال، لكنها ملكة شياطين. اناف متأكد من أن سحري لن يؤثر عليها هذه المرة.
فعّلت عيني السحرية، لكن هل يمكن أن تساعدني رؤية ثانية في المستقبل ضد خصم مثلها؟
تقول إحدى الروايات إن إله الشمال كالمان أنجب طفلًا من ملكة الشياطين أتوفي، وأصبح هذا الوريث هو إله الشمال كالمان الثاني. وتدعي رواية أخرى أن إله الشمال كالمان نقل حكمته وتقنياته في السيف إلى ملكة الشياطين. وهناك رواية أخرى تشير إلى أن ملكة الشياطين أتوفي هي من علّمت إله الشمال كالمان الثاني كل ما يعرفه.
بينما كنت أفكر في كيفية التصرف، قررت أن إنشاء فجوة في دفاعاتها سيكون خياري الأفضل.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بينما كنت أفكر في كيفية التصرف، قررت أن إنشاء فجوة في دفاعاتها سيكون خياري الأفضل.
لكن ماذا سأفعل بعد ذلك؟ حتى لو نجحت في خلق فجوة، هل سيفلح سحري في التأثير عليها؟
الفصل الثامن: المواجهة مع ملكة الشياطين الخالدة كانت ملكة الشياطين الخالدة، أتوفيراتوفي، مشهورة للغاية. هي ابنة أحد ملوك الشياطين العظماء الخمسة، نيكروس لاكروس الخالد، وبرز اسمها لأول مرة خلال الحرب العظمى الثانية بين البشر والشياطين. كانت أتوفي تجسد قوة الشياطين، على الرغم من أنها كانت تفتقر إلى الذكاء، إلا أنها تمتلك قدرات قتالية هائلة وقدرة تحمل لا تصدق، مما جعلها تُعتبر ملكة شيطانية متوحشة يخشاها الجميع. وكان أتباعها يعوضون عن نقص ذكائها بقوتهم، لكنهم تعرضوا للإبادة عندما تم قطع إمداداتهم خلال الحرب، ثم أُلقي القبض عليها وتم ختمها من قبل البشر.
أقوى هجوم “قذيفة الحجر” الذي أستطيع توليده لم يكن كافيًا لقتل باديغادي بالكامل. علاوة على ذلك، إن أتوفي مستعدة لهجمتي. إذا دافعت عن نفسها، فإن سحري لن …يكون فعالاً.
“روديوس.” فجأة، همست إليَّ إليناليس. “على الأقل دعنا نحاول أن نرسل كليف لكي يتمكن من استخدام النقل الآني والهروب من هنا.”
نظرت نحو كليف. كان يحدق في أتوفي بشجاعة، لكن قدميه كانتا ترتجفان. من الواضح أنه لن يكون ذا فائدة في القتال.
“إذا أرسلناه مع أوراق النباتات، والمذكرة، سيملك ما يكفي لإنقاذ ناناهوشي”، تابعت إليناليس بهدوء.
“نعم، معكِ حق.”
هي على صواب. هذا أفضل خيار لدينا. كان علينا أن ننقذ ناناهوشي؛ كان هذا هو السبب الرئيسي لقدومنا إلى هنا. لم يكن هناك شيء أهم من تحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، ما زلت أرغب في العودة إلى المنزل سالمًا.
لا، حتى لو هُزمت، على الأرجح لن أموت. فقط لن أتمكن من رؤية عائلتي لعقدٍ على الأقل، وأنا بالتأكيد لا أرغب في ذلك.
“يمكننا أيضًا طلب تعزيزات. أنا متأكدة أن بيروجيوس لديه تعاملات مع أتوفي في الماضي، ربما سيساعدنا.”
بيروجيوس وأتباعه الاثنا عشر — هذه فكرة جيدة. ربما يمكننا إقناعه بأن يدعمنا. بالنظر إلى الطريقة المتغطرسة التي كان يتصرف بها، لا شك أن لديه القوة الكافية لمواجهة أتوفي.
“حسنًا”، قلت “لنقم بذلك. هل تستطيعين إقناع كليف؟”
“سأحاول.” تسللت إليناليس باتجاه كليف.
كنا بحاجة إلى خلق فجوة لكي يتمكن كليف من التسلل عبرها ويتجه بالنقل الأني الى الحصن. بينما يحاول إقناع بيروجيوس بإنقاذنا، سيكون علينا الصمود في مواجهة أتوفي. إذا نجح كليف، سيأتي بيروجيوس لإنقاذنا.
لكن هل سينجح ذلك؟ هل يمكننا حقًا الصمود لهذه المدة؟ وهل سيتمكن كليف من إقناع بيروجيوس بالمساعدة؟ إذا استغرق كليف وقتًا طويلًا، قد نخسر ونُجبر على توقيع العقد.
على الأقل، إذا عاد كليف، سيتم إنقاذ ناناهوشي. هذا هو السبب الرئيسي لرحلتنا. لكنني أيضًا أردت العودة إلى المنزل.
آه، اللعنة. بدأت أشعر أنني أدور في حلقة مفرغة.
أخذت نفسًا عميقًا وقلت لنفسي، اهدأ.
أولًا، علينا شل حركة أتوفي لفترة قصيرة. خلال هذه الفترة، سأشتت الحراس الآخرين بسحري حتى يتمكن كليف من الهروب. حسب كيف تسير الأمور، ربما نتمكن من الفرار جميعًا معه.
حسنًا، لنقم بذلك إذن.
ربما لن نتمكن من هزيمة أتوفي، لكن بالتأكيد يمكننا التغلب على حراسها الشخصيين.
لنقم بذلك.
لنسحقهم، نقتلهم جميعًا.
إذا كان هذا هو ما يلزم لأعود إلى المنزل، فسأفعل ذلك.
حسنًا، روديوس، يمكنك فعل هذا! هذه المرة لن يكون كلامك بلا أفعال. فهمت؟
“لا تخف، سيدي. حتى وإن كان ذلك على حساب حياتي، سأقوم بشل حركة ملكة الشياطين أتوفي”، قال زانوبا بثقة، وهو يبدو هادئًا تمامًا.
ذلك مطمئن للغاية. لماذا يبدو دائمًا بطوليًا في هذه الأوقات؟
هل هذا نوع من المسرحيات؟ إذا كنت امرأة، لكان أوقعني في الحب.
بالقرب منا، كان كليف وإليناليس يتحدثان بهمس.
“المشكلة أنني لا أعرف ما إذا كنت أستطيع الهروب منهم. ساقاي ليستا سريعتين جدًا، خاصة إذا كنت سأحمل كل ذلك معي…”
“روديوس وأنا سنتولى إيقاف أي مطاردين قد يلاحقونك”، وعدت إليناليس بصوت خافت.
“فقط لا تنظر خلفك ولا تمنح نفسك الوقت للتفكير. عد خطواتك واهرب بأقصى سرعة. حاول ألا تتعثر.”
“لكن يجب أن أنضم إليكم في القتال…”
“لن نفوز، حتى وإن قاتلنا نحن الأربعة معًا. نحن بحاجة لأن تطلب تعزيزات. هذه هي مهمتك في هذا القتال، وهي مهمة فاصلة جدًا.”
“حسنًا… نعم، فهمت.”
كانت المسافة ثلاثون خطوة نحو دائرة النقل الآني من هنا. ليست قريبة جدًا، لكنها أيضًا ليست بعيدة. إذا ركض كليف بكل طاقته، سيتمكن من الوصول.
بعد دقيقة أو دقيقتين، عادت إليناليس وقالت : “حسنًا، لقد أقنعته.”
نظرت نحو كليف. كان يهز رأسه، وعلى وجهه تعبير جاد، تعبير شخص مكرس لتنفيذ مهمته، وليس شخصًا مستعداً ليهرب من المعركة.
لقد قامت إليناليس بعمل رائع في إقناعه بأن دوره هو جزء رئيسي من المعركة. كانت دائمًا بارعة في الكلام. أنا بالتأكيد لم أكن لأتمكن من إقناعه بهذه السهولة.
“زانوبا، الآنسة إليناليس، سأقوم بالهجوم الأول باستخدام سحري.”
“حسنًا، موافق.”
التفت نحو أتوفي ورفعت عصاي. سأستخدم هجومي المعتاد “قذيفة الحجر”. ربما يكون “البرق” خيارًا أفضل، لأنه سحر من مستوى الملك وتملك أفضل قوة نارية ضد خصم واحد، لكن هذه المسافة قد تجعلنا نصاب جميعًا بالتعويذة. أردت تجنب التصرف بغباء والتسبب في تدميرنا بسحري الخاص.
“هاه…” زفرت قبل أن أركز المانا في العصا.
بقيت أتوفي واقفة، متجمدة في مكانها. لقد علمت بالفعل أنني أستطيع استخدام السحر دون الحاجة إلى تلاوة التعويذات، لكنها لم تحرك ساكنًا لمقاطعة تحضيراتي. هذا لصالحنا تمامًا.
عيني السحرية توقعت حركتها: ستقوم أتوفي بصد قذيفة الحجر باستخدام سيفها.
إن قذيفة الحجر الخاصة بي هي سحر بمستوى غير عادي من القوة، لكن حتى ذلك لن يكون فعالًا ضد أتوفي.
ربما سيكون البرق أكثر فعالية؟ لكن هل يمكنني حقًا استخدام تعويذة تعلم هي أنها ستكون على استعداد لتفاديها؟
“سيدي، أقسم أنني سأتبع أي هجوم تشنه، لذا أرجوك ضع ثقتك بي”، قال زانوبا بنظرة ثابتة مليئة بالثقة.
“…نعم.” كان من المريح سماع ذلك. من الواضح أن لديه خطة ما. في هذه الحالة، سأتبعه.
“حسنًا، لنقم بذلك!”
“نعم، سيدي!”
أطلقت “قذيفة الحجر” بعد أن جمعت كل ما أستطيع من المانا. انطلقت بسرعة عالية وصدر صوت حاد وهي تتجه نحو أتوفي.
“أرى هجومك بوضوح!”
تركت أتوفي صورة وهمية خلفها وهي تتحرك بسرعة فائقة. على الرغم من أن وصفها بـ”صورة وهمية” قد يكون مبالغًا فيه؛ لم تحرك ذراعها سوى قليلاً لتغيير اتجاه سيفها بشكل طفيف.
في تلك اللحظة، اصطدمت قذيفة الحجر بسلاحها، مما أطلق شرارات في الهواء. لقد تم صد هجومي، ومرّت القذيفة بجانب أتوفي وضربت صخرة على المنحدر، لتتطاير الرمال من حولنا.
كنت أعلم أن هذه التعويذة لن تجدي نفعًا معها.
“غرااااااه!” صرخ زانوبا وهو يقذف شيئًا باتجاه أتوفي.
“غواااااه!”
كان الشيء الذي ألقاه يصرخ وهو ينطلق نحو أتوفي. بدت الأخيرة سعيدة وهي ترفع سيفها لتقطعها لنصفين.
“هجماتك عديمة الفائدة—ماذا؟!”
بينما كانت أتوفي على وشك أن تقطع القذيفة، توقفت فجأة. وبعد لحظة، ارتطم الشيء بوجهها مباشرة.
“فوااه؟!”
“أوووف!”
كانت كيشيريكا، الإمبراطورة الشيطانية، قد التصقت بوجه أتوفي. لقد كانت جالسة على كتف زانوبا قبل لحظات.
“يا للغثيان! رائحتك كريهة! على الأقل استحمِ أيتها الغبية!” صرخت كيشيريكا.
صرخت أتوفي بغضب: “ما هذا؟! من أين أتيتِ؟!” بينما كانت تحاول إزالة كيشيريكا من وجهها، أمسكت بها وألقتها بعيدًا. تدحرجت كيشيريكا وارتطمت بالأرض بعيدًا عن ساحة القتال.
“يا لك من مثيرة للاشمئزاز! أنت ! ما الذي كنت تفكر فيه عندما ألقيت بشيء كهذا؟! مااااذا؟!”
بينما كانت أتوفي تصرخ، كان زانوبا قد قبض قبضته واقترب منها بخطوات واثقة. تبعته إليناليس وهي تختبئ خلفه في الظل.
اللعنة.
أرى إلى أين يسير هذا.
“لقد تخطيت دفاعاتي. تعجبني روحك!”
“هااااااااه!” صرخ زانوبا وهو يوجه قبضته. القوة التي خلفها كانت كافية لجعل شعري يقف. اندفعت قبضته في الهواء مباشرة نحو وجه أتوفي. حاولت صدها باستخدام قفازها…
“غاه؟!”
…لكنها فشلت. قبضته ضربت قفازها، مما جعلها تتعثر بينما تشوه درعها تحت قوة ضربته.
“هااااه!”
تبع زانوبا هجومه بضربة أخرى. خطا خطوة كبيرة ووجه قبضته نحو جسدها.
“ضعيفة!” تمتمت أتوفي بصوت منخفض.
لم تكن هجماته كافية لإجبارها على التراجع. على الرغم من وضعيتها المحرجة، تمكنت من توجيه ضربة بسيفها الضخم. تردد صدى عالٍ عندما انحنت ساقاها وهي تدفع كامل قوتها نحو صدر زانوبا.
“غوووه… أرج!”
تشوه وجه زانوبا من الألم وهو يسقط على إحدى ركبتيه. حتى أقوى قذيفة حجر لم تكن كافية لجعله يتألم، ومع ذلك، بضربة واحدة فقط من أتوفي، أجبر على السقوط.
نظرت إليه أتوفي بغضب وهي تزمجر، “لديك جسد مدهش، لكن لا تنسَ : لا يوجد دفاع مثالي. زوجي كال هو الذي… غاه!”
“ها!”
في منتصف حديثها، قفزت إليناليس من خلف زانوبا، مستخدمة ظهره كموطئ قدم لتنطلق في الهواء. سيفها اللامع قطع الهواء وتوجه نحو عنق أتوفي. لكن، تم صده بصوت مدوٍ.
لم يكن هذا صوت جلد يتعرض للقطع. لابد أن أتوفي تستخدم هالة المعركة لحماية نفسها.
“لم أنتهِ بعد!”
بمجرد أن أدركت إليناليس أن هجومها لن ينجح، انسحبت. اقتربت من بدرعها وأعادت التركيز لتوجه ضربة أخرى بسلاحها.
“همف!”
لم ترتدّ أتوفي حتى. بدى كما لو أن بعض الرمل قد دخل عينها وهي تعبر عن انزعاجها بعبوس.
“سيفك ضعيف جدًا! شاهدي الآن كيف تفعلين ذلك بشكل صحيح!”
مالت أتوفي بجسمها للأمام ووجهت ضربة هائلة بسيفها نحو إليناليس. حاولت الأخيرة التراجع لتفادي الضربة، لكنها…
“كه؟!”
رفعت إليناليس درعها في اللحظة الأخيرة. وفي اللحظة التالية، تردد صوت عميق عبر المكان، وارتدت إليناليس في الهواء، تدحرجت عبر الأرض الصخرية ثم نهضت بسرعة، مثل القط. بدى الخوف في عينيها. لقد كانت هجماتها غير فعّالة.
خلقت أتوفي موجات صادمة بمجرد تأرجح سيفها. لو لم تكن إليناليس قد صدتها بدرعها، لربما مزقتها الموجات الصادمة بالكامل.
“خطواتك مثيرة للإعجاب، سأعترف بذلك”، قالت أتوفي. “إذا تدربتِ تحت قيادتي، قد تكونين…”
“غرااااااه!” قفز زانوبا مرة أخرى، فاتحًا ذراعيه على مصراعيها وهو يتجه نحو أتوفي.
“آآآه!” أحاط ذراعيه حولها من الأمام، مما جعلها عاجزة عن الحركة، ثم رفعها حتى لم تعد قدماها تلمسان الأرض.
“ههمف، أيها الوغد، ألا تخجل من نفسك؟ تضع ذراعيك حولي هكذا… غاه!”
كانت ذراعيه مثل المشبك وهو يضغط عليها. اندفعت دماء سوداء من فم أتوفي. على ما يبدو، هذا النوع من الهجوم فعال!
حسنًا، هي لا تزال ملكة الشياطين الخالدة. أي ضرر تتعرض له سيكون مؤقتًا بلا شك.
“سيدي، الآن!”
“…!”
أعادني صوته إلى الواقع.
زانوبا قد شل حركة أتوفي.
هذه فرصتنا.
“كليف، الآن! اهرب!” صرخت نحو كليف بينما كنت أصب كل المانا التي يمكنني حشدها في عصاي.
علي استخدام هجوم شامل لشل جميع الجنود المحيطين بنا.
“حسنًا!” بدأ كليف بالركض، وفي تلك اللحظة انتبه الفرسان القريبون واستعدوا بسيوفهم. للأسف بالنسبة لهم، الوقت قد فات بالفعل.
“فروست نوفا!”
اندفع برد شديد من عصاي، وتجمدت الأرض تحت أقدام الفرسان، ممتدة حتى وصلت إلى الجنود الذين يحيطون بنا.
“آه!”
“غووه؟!”
بينما سيطر الارتباك عليهم، تمكنت تعويذتي من تثبيت أقدامهم في مكانها. بدا النصر في متناولنا. لقد تفاجأوا تمامًا؛ لم يكن لديهم أي فرصة للتخلص من هجوم سحري بهذه السرعة.
أو هكذا كنت أظن.
فجأة، تردد صوت من أحد الجنود : “…لهيبي الحارق التهم جسدي. احرق كل ما أمامك!”
اندفعت موجة من الحرارة من جسد أحدهم، مغطية الفرسان الآخرين. وبدأ الدفء ينتشر حولهم، متصدياً لهجمتي الجليدية. كانت الحرارة تتسرب من ذراعي الرجل الذي بدأ بفك التجميد عن نفسه والجنود الآخرين.
هذا كان مور… قائد الفرسان العجوز.
لقد بدأ مور في إلقاء تعويذته لحظة أن رفعت عصاي، مما سمح له بمواجهة تعويذتي بعد ثوانٍ قليلة. لقد صدمتني كمية القوة السحرية التي كان يمتلكها، بالإضافة إلى السرعة التي أنهى بها تعويذته. لم أبخل بصب المانا في تلك التعويذة، لكن سحره كان كافيًا لتحرير نفسه واثنين من الجنود الأقرب إليه. أما البقية فقد ظلوا متجمدين تمامًا. كان لا يزال هناك فرق كبير في قوتنا السحرية، وقد فزت بتلك المعركة.
والآن، هذه هي المرة الأولى التي أقتل فيها أحدهم.
“أنا معجب بكمية القوة السحرية التي تمتلكها، حيث استطعت تجميدنا جميعًا.” قال مور، ثم صرخ نحو الجنود الآخرين :
“جميعًا، ابدأوا بترديد تعويذة الحرق!”
“كما تأمر، قائد!” صرخ الجنود الآخرون من خلف الجليد وهم يرددون : “يا روح النار التي تحكم كل الأشياء بين السماء والأرض…”
مع ترديد الجنود للتعويذة، بدأ الجليد حولهم يذوب ببطء.
لم يموتوا. لم يمت أي منهم.
لابد أن الدرع الذي يرتدونه منحهم مقاومة طبيعية للسحر المائي.
حسنًا، تبًا.
زمجرت أتوفي عندما رأيت كليف يتجاوزها.
“مور، لا تدعه يهرب!”
“تحت أمرك!” قفز مور إلى الحركة بعد أمرها. وبعد ثوانٍ، نجح اثنان آخران من الجنود في تحرير أنفسهم من أسر الجليد واندفعوا نحو كليف.
“كما لو أنني سأسمح لكم بالمرور!” انطلقت إليناليس أمامهم، قاطعة طريقهم.
“روديوس! تولَ أمره!”
مور واصل مطاردة كليف دون أن ينظر خلفه. كان يتحرك بسرعة ملحوظة بالنسبة لرجل في درع ثقيل. في المقابل، كان كليف يحمل حمولة كبيرة. المسافة بينهما كانت حوالي سبع خطوات.
وجهت عصاي نحو مور. “قذيفة الحجر!”
مور سيستخدم جدار الأرض لمحاولة صد قذيفة الحجر الخاصة بي.
لا مشكلة. لا يزال بإمكاني فعل ذلك. صببت كل مانا أستطيع حشدها في عصاي وأطلقت تعويذتي.
“أرض… غاااه!”
بينما كان مور يركض، حاول إلقاء تعويذة لرفع جدار من الأرض، لكن قذيفة الحجر ضربت ذراعه مباشرة، محطمة إياها هي والدرع الذي يغطيها. طارت ذراعه في الهواء وهو يتعثر قليلاً، لكنه لم يتوقف عن مطاردة كليف.
“إمنحيني قوتك يا أرواح الماء! الضباب العميق!” ألقى مور تعويذة أخرى، مما خلق ضبابًا كثيفًا التف حوله. كان يخطط لاستخدام هذا الضباب كغطاء للهروب من قذيفة الحجر.
هو سريع في إلقاء التعويذات. لقد تعلم تقليص التراتيل مثل روكسي.
“انفجار الرياح!”
أطلقت تعويذة الرياح لتفريق الضباب، لكن مور لم يتراجع. لم يُظهر أي علامة على فقدان تركيزه بينما يواصل مطاردة كليف. ربما كان درعه الأسود يمنحه مقاومة ضد تعاويذ الرياح أيضًا.
الآن ماذا؟ المسافة بين مور وكليف تتقلص بسرعة. لم يكن لدي الكثير من الفرص المتبقية.
بينما كنت أفكر بسرعة في الأفكار، أخبرتني عيني السحرية بما سيحدث بعد ذلك.
سيبدأ مور بإلقاء تعويذة أخرى أثناء مواصلة الركض خلف كليف.
“أرواح الأراضي الجرداء، استجيبوا لندائي وامنحوني… ”
“تعويذة تشتيت السحر!” كنت قد تدربت مع سيلفي على هذه التعويذة مرات لا تحصى. انطلقت التعويذة مباشرة نحو مور وقاطعت السحر الذي كان يحاول إلقاءه.
“مستحيل! تعويذة تشتيت السحر؟!” بدا مور متفاجئًا وهو يخفض نظره نحو يده. ومع ذلك، واصل الركض. لم يتبقَ سوى خمس خطوات بينه وبين كليف.
“المستنقع!”
بسرعة، أطلقت تعويذة أخرى بيدي اليسرى لقطع طريقه. لقد كان قرارًا صائبًا. قد يكون خصمي محاربًا متمرسًا، لكن المهارات القتالية التي طورتها على مر السنين كانت فعالة ضد أمثاله.
بالإضافة إلى ذلك، لقد مررت بتجارب مشابهة أثناء تدريبي.
“غراااه!”
تحولت الأرض بين مور وكليف إلى طين لزج، مما عرقل حركة مور وأبطأه.
لكن…
“يا إله المجهول، استجب لندائي وارفع الأرض نحو السماء! رمح الأرض!” أطلق مور تعويذة أخرى تحت قدميه. ارتفع قسم من الأرض، واستخدمه كنقطة ارتكاز ليتفادى المستنقع ويقفز فوقه.
“كخ!”
لن يتوقف. كان يتابع تقدمه رغم كل ما ألقيته عليه، متصدياً لكل شيء أو مقاوماً إياه.
تلك هي قدرات ساحر المخضرم…
“روديوس! ساعد كليف! أسرع!” صرخت إليناليس من خلفي.
“أعلم!” وجهت نظرة سريعة نحوها. كانت مشغولة في قتال الجنود الذين كانوا يقفون بجوار مور.
اثنان ضد واحد. لم يكونوا يستهدفونها، لكن كان كل ما يمكنها فعله هو إبقائهم مشغولين.
“أتركني! الآن! ألا تخجل كإنسان؟! توقف عن التمسك بي! دعنا نتبادل الضربات على الأقل!” صرخت أتوفي بغضب.
أجاب زانوبا بصوت ثابت، “حتى لو قتلتني، لن أتركك تذهبين!”
أتوفي قد نطحته بالفعل. رغم الدم الذي يتدفق من جبينه، كان زانوبا يحتفظ بقبضته محكمة حولها.
في تلك الأثناء، كان الفرسان الآخرون يواصلون إذابة الجليد من حولهم. كانت البخار يتصاعد في المكان.
“تبًا…”
ما الذي يمكنني فعله لعرقلة مور ومنعه من ملاحقة كليف؟ هو قوي، ولديه خبرة أكبر مني بكثير في المعارك السحرية. لم تنفع التعاويذ العادية معه. هل يجب أن أطلق تعويذة أقوى؟
لا. حتى لو أوقفت تعويذة قوية ما مور، لن يكون ذلك مفيدًا إذا أصيب كليف في نفس الوقت. بالإضافة إلى أن مور كان سريعاً في الرد على أي شيء ألقيته عليه، ولديه ذلك الدرع السخيف أيضًا…
“…!”
حينها أدركت أن الأرض تحت قدمي كانت مبتلة نتيجة لتعويذتي السابقة “فروست نوفا”. الفرسان قد استخدموا تعويذة “الحرق الآني” لإذابة الجليد الذي صنعته، والآن الأرض مغطاة بالماء.
ولم يكن مور استثناءً؛ فقد كان أول من حرر نفسه من الجليد.
…بالطبع، كانت إليناليس وأنا أيضًا نقف على أرض مبللة. إذا لم تكن أتوفي قد واجهت هذا النوع من السحر من قبل، فمن المحتمل أن مور لم يره أيضًا.
لا يهم مدى خبرته، لن يتمكن من صد تعويذة لم يسبق له مواجهتها. وعلى الرغم من ذلك، إذا استخدمتها، فسيتأثر الجميع — إليناليس، زانوبا، وأنا. كليف وحده سيبقى سالمًا. فهو خارج نطاق تأثير التعويذة. سيكون بخير.
اتخذت قراري في تلك اللحظة، بلا تردد.
“البرق!”
صببت كمية ضخمة من المانا في التعويذة، بحيث تكون كافية لشل الجميع دون قتلهم.
انطلقت الكهرباء من يدي، متشققة عبر الهواء كأنها موجة صاعقة، وضربت الأرض المبللة من حولي. انتشرت عبر الماء وأصابت كل من في المنطقة.
“غيااااااه!”
“آآآآه!”
“أووووووه!”
تصاعد الدخان من الدروع السوداء المحترقة للفرسان وهم يسقطون جميعًا على الأرض. لقد أصابت الصدمة الجميع، بما في ذلك إليناليس، زانوبا، أتوفي، الجنود الآخرون، مور، وأنا.
“أوه…غاه!”
اندفعت الصاعقة عبر جسدي، تنخر في عمودي الفقري ومفاصلي. كل جزء من جسمي بدا وكأنه ينحني في الاتجاه الخاطئ.
لم أستخدم ما يكفي من المانا للقتل، لذلك كنت أعلم أنني سأخرج من هذا على قيد الحياة. ولكن ذلك لم يمنع الظلام من الاستيلاء على رؤيتي بينما فقدت وعيي.
***
عندما استعدت وعيي، وجدت نفسي ممددًا على الأرض. أتذكر أنني فقدت الوعي، لكن لم يدم ذلك أكثر من بضع ثوانٍ. جسدي كله كان مشلولًا. على الأقل، كانت رؤيتي سليمة.
ما الذي حدث لكليف؟
رفعت رأسي ببطء.
كان مور راكعًا على ركبتيه، والدخان يتصاعد من درعه المتصدع. كانت يده ممدودة نحو كليف، وكان يتمتم شيئًا بصوت خافت، على ما يبدو تعويذة ما.
أحتاج لاستخدام “تعطيل السحر”… لا، لن أتمكن من ذلك في الوقت المناسب.
ركّزت كل ما تبقى لدي من مانا في ذراعي اليسرى. حتى لو كانت يدي اليمنى لا تزال مخدرة من الصدمة، فإن يدي الاصطناعية لا تزال تعمل. فتحت أصابعي وأطلقت تعويذة من كفي.
“الريح الحاجزة!”
“ذراعي، امتصي السحر!”
اختفت التعويذة الهوائية التي أطلقها مور في الحال.
“ماذا؟!” التفت مور نحوي بسرعة، مفاجأً بما حدث. لم أستطع رؤية تعابير وجهه من خلف خوذته، لكن دهشته كانت واضحة.
لم يلتفت كليف إلى الخلف. كان على بعد ثلاث خطوات فقط من دائرة السحر. لم يستطع أحد اللحاق به الآن. بفضل سحري، لم يعد بإمكانهم حتى المحاولة إذا أرادوا.
تعويذتي قد شلت أيضًا أتوفي. كانت عيناها مفتوحتين على وسعهما، تحدقان بي مثل نمر يتربص بفريسته. “أيها الوغد… لقد نجحت في الإيقاع بنا. هذا سحر غريب لم أره من قبل.”
لم أجبها.
“ومع ذلك، لقد جعلتني متحمسة. لا أستطيع الانتظار حتى أجعلك تابعًا لي. كيهاهاها. أردت دائمًا ساحرًا مثلك. سأعتني بك جيدًا، أعدك بذلك.” كانت تبتسم بطريقة شيطانية.
حدقت فيها بلا خوف.
كونها ملكة الشياطين الخالدة، كنت واثقًا بأنها ستتعافى بسرعة أكبر مني. لن يكون هناك مهرب آخر. لن نتمكن من مقاومتها. زانوبا قد أغمي عليه تمامًا.
رغم أنه كان لا يزال يحتفظ بذراعيه ملتفتين حولها، إلا أنه بدا لي على وشك فقدان قبضته حولها. بالنظر إلى تحمله المنخفض للألم، كان من المرجح أنه سيبقى فاقدًا للوعي لفترة.
هذه… هي النهاية.
“…”
نظرت إلى إليناليس. كان جسدها كله يرتجف وهي تحاول الوقوف على قدميها. لقد تلقت نفس الضرر الذي تلقيته، لكنها لم تستسلم بعد. كانت مصممة على المحاولة، رغم كل الصعاب.
عندما تستسلم، ينتهي كل شيء. هكذا قال المدرب ذو الشعر الأبيض في مانجا سلام دانك.
مع قليل من الجهد، أستطيع أن أفعل الشيء نفسه.
لنستمر. لنذهب إلى البيت. أريد العودة. يجب أن أعود.
وحين أعود… ربما سيكون لدي بعض الوقت الحميم مع سيلفي. وروكسي بالطبع. كما أنني أريد احتضان لوسي الصغيرة.
بالإضافة إلى أنني وعدت نورن أن أدرّسها فنون السيف والسحر، وكنت متحمسًا لتناول الأرز الذي تعده أيشا.
لقد كانت ليليا تحمل عبئًا كبيرًا على عاتقها في رعاية والدتي. ولا شك أن ذاكرتها ستعود إليها في النهاية.
وعندما يحدث ذلك، يمكننا الذهاب معًا لزيارة قبر والدي.
نعم، هذا صحيح. سنظل نبتسم معًا، كما كنا دائمًا.
كانت حياتي في هذا العالم ممتعة للغاية.
عليّ أن أحميها. يجب عليّ ذلك.
حسنًا، أستطيع فعل هذا. تحرك، روديوس.
لا يهم إن كانت ذراع واحدة فقط، يمكنك على الأقل استخدام السحر.
أين عصاي؟ أين ذهبت؟ أحتاجها لتنفيذ تعاويذي.
آه، ها هي.
اتضح أنني كنت مستلقيًا فوقها.
أعتذر يا أكوا هارتيا. لابد أنني كنت ثقيلًا عليك.
على أي حال، أستطيع فعل هذا. كل ما عليّ فعله هو الصمود حتى تأتي المساعدة. هذا كل شيء. لا حاجة للفوز.
رجاءً، سيد كليف. أعلم أنك قد تكره بيروجيوس، لكن أرجوك أقنعه. لا يهمني إن لم تتمكن من ذلك على الفور، لكن إذا استطعت فقط إرسال بعض الدعم خلال السنة القادمة، سيكون ذلك رائعًا.
“ماذا؟!” فجأة، انطلق صوت مصدوم من خلفي.
رفعت رأسي بسرعة ونظرت نحو مصدر الصوت.
كان كليف قد وصل إلى مدخل الآثار تحت الأرض، حيث اصطدم بأحد الفرسان المدرعين.
“مستحيل.”
كان هذا الجندي يقف داخل الآثار طوال هذا الوقت؟
“آه…”
لماذا لم أفكر في ذلك الاحتمال؟ كانت هذه ثغرة واضحة بما يكفي. بغض النظر عن مدى غباء أتوفي، بالطبع ستقوم بتفتيش الآثار.
انتشر شعور بالظلام بداخلي. الشعور الذي تغمرني به تلك العاطفة التي أعرفها جيدًا — اليأس. أردت أن أصرخ، أن أستسلم للتعب.
لن أرى سيلفي أو روكسي مرة أخرى. بدلاً من ذلك، سأضطر إلى التدريب مع تلك الملكة الشيطانية الحمقاء حتى يوم وفاتي. بينما أستسلم لمصيري، بدأ شعور القوة يغادر جسدي تدريجيًا.
في تلك اللحظة، جاء صوت مفاجئ، ليس مني، ولا من إليناليس، ولا حتى من مور.
“ماذا؟!”
كانت أتوفي هي من صرخت بدهشة وهي تحدق باتجاه كليف.
“آه، يا سيدتي أتوفي…” بدأ الفارس المدرع بالتحرك متجاوزًا كليف، وهو يعرج نحو المنحدر. لكن شيئًا ما كان غريبًا في سلوكه.
“الدائرة السحرية بالداخل — إنها تؤدي إلى بيرو…”
وفي اللحظة التالية، انقسم جسده إلى نصفين. قسمه شخص ما أفقياً بضربة واحدة.
ذلك الشخص المضيء الذي ظهر خلفه له شعر فضي، وتوهجت عيناه الصغيرتان باللون الذهبي، مرتديًا ملابس بيضاء مغطاة ببقع دماء.
“ملكة الشياطين الخالدة أتوفيراتوفي، أليس كذلك؟” تحدث الرجل الذي ظهر عند مدخل الآثار بلغة الشياطين بطلاقة.
“لم أكن لأتوقع وجودك هنا. على الرغم من أنني فكرت في أن شيئًا كهذا قد يحدث عندما ربطت دائرتي السحرية بدائرة ريكاريسو.”
تبعه عدد من الأشخاص. اثنان منهم كنت أعرفهما — أرومانفي اللامع وسيلفاريل الفراغية. لم أتعرف على الآخرين بعد، لكن كانوا ستة في المجمل.
“لقد دنس جنودك قلعتي بدمائهم.”
آه، هذا منطقي. أتوفي وصلت إلى هنا قبلنا. لابد أنها وجدت مدخل الآثار وأمرت جنودها بالذهاب والبحث. أولئك الذين عثروا على الدائرة السحرية لابد أنهم دخلوا لرؤية ما يوجد على الجانب الآخر. وهكذا، شياطين دخلوا قلعة بيروجيوس الطائرة.
“بييييروجيوووس!” صرخت أتوفي بصوت مدوٍّ.
لقد ظهر ملك التنانين المدرع شخصيًا أمامنا.
***
في اللحظة التي رأت فيها أتوفي بيروجيوس، تغيرت الأجواء المحيطة بها تمامًا. تدفقت منها موجات من العداء لم نرَ مثلها من قبل. كانت عيناها تلمعان وكأنما كانت تشتعل بلهيب كراهية قديم. كان تعبيرها وكأن بيروجيوس قد قتل والديها.
“بيروجيوس، أيها اللعين!”
على الرغم من أن جسدها كان لا يزال مشلولًا من الصدمة، بدأت أتوفي ترفع نفسها وتدفع زانوبا بعيدًا. جسده سقط بلا حول ولا قوة على الأرض، وهي تجاهلته تمامًا، مركزّة نظرها على بيروجيوس. بدأت أجنحتها بالخفقان بسرعة، محاولًة تركيز قوتها في ساقيها للاندفاع نحوه، لكن ركبتيها انهارتا من تحتها.
“هاه… هاه…”
تقدم بيروجيوس بخطوات بطيئة، مبتسمًا ابتسامة ساخرة. “أوه؟ هذه مفاجأة سارة، أتوفيراتوفي. هل أسقطتي دفاعك مرة أخرى؟ يبدو أن قبيلتك من الشياطين الخالدين تميل إلى ذلك.”
صرخت أتوفي بغضب متفجر : “إذًا هؤلاء الأشخاص — كانوا تابعينك، صحيح؟ هذه الخدعة الدنيئة التي لجأت إليها… هل كان كل هذا لتقتلني؟ ماذا عن القسم الذي أقسمته على كال؟!”
ضحك بيروجيوس وهو ينظر إليها من فوق كتفه.
أتوفي كانت تتصبب غضبًا وهي تصرخ نحوه. حاول مور الزحف نحوها، وقد بدت خطواته متعثرة، لكنه لم يتمكن من الوصول إليها. الوحيدون الذين لم يتأثروا بتعويذتي كانوا بيروجيوس وأتباعه الاثني عشر، بالإضافة إلى كليف.
كانت طريقة بيروجيوس في النظر إليها مثل نمر يتأهب للانقضاض على فريسته المفضلة.
“لا تسيئي الفهم” قال بهدوء.
“هؤلاء الناس أرادوا إنقاذ صديقهم، لذا طلبوا مساعدتي. هذا كل شيء.”
“لا تكذب عليّ! غرااااه!”
“سأفي بالقسم الذي أقسمته على كال. لقد كان صديقي الأعز.”
ردت أتوفي بعد فترة صمت طويلة “قد تكونان صديقين، لكنني لا أزال أكرهك!”
تنهد بيروجيوس ببطء قبل أن يقول : “وأنا كذلك، أحتقر الأشخاص أمثالك. أنتِ حمقاء لا تستمعين إلى المنطق.” ثم رفع ذراعيه إلى الأعلى وراحتيه مفتوحتين.
وجه أتوفي شحب فجأة “ل-لا، لا يمكنك فعل ذلك…”
تجاهل اعتراضاتها وبدأ في إلقاء تعويذته : “هذا التنين يعيش ليخدم فقط. مخالبه طويلة وحادة، لدرجة أنه لا يستطيع قبض يده…”
شعرت وكأنني سمعت هذا السحر من قبل في مكان ما.
“عندما يستهلكه الغضب، لا يستطيع إغلاق قبضته. على الرغم من أن مخالبه قد تنكسر وأنيابه قد تتساقط، فإنكِ ستدركين قريبًا أي المشاعر تسيطر على هذا التنين المخلص عندما يتخلى عن إخلاصه!”
كان بيروجيوس ينطق كل كلمة ببطء، وشيئًا فشيئًا كان السحر من حوله يتجمع.
“يا أيها الجنرال التنين، أنت يا ثالث من مات، صاحب العيون الأكثر حدة، والجسد المغطى بالقشور البيضاء— أنا، ملك التنانين المدرع بيروجيوس، أستدعيك.”
بحلول الوقت الذي أدركت فيه ما كان يحدث، كانت أتوفي محاصرة بين بوابتين ظهرتا حولها، تفصلها عن البقية. كانت البوابتان محفورتين بنقوش دقيقة لتنانين، تبدوان فاخرتين للغاية.
واحدة كانت فضية، والأخرى ذهبية، ظهرتا من الأرض بينما واصل بيروجيوس إلقاء تعويذته.
“افتحي، بوابة التنين الخلفية. وتقدمي إلى الأمام، بوابة التنين الأمامية.”
عند أمره، انفتحت البوابتان. بدأ شيء ما يتدفق من البوابة اليمنى ويصب في البوابة اليسرى. لم يكن ريحًا، بل كان شيئًا لا يمكن رؤيته بالعين المجردة— شيئًا أعرفه جيدًا.
المانا.
استدعى بيروجيوس تلك البوابات لامتصاص المانا من كل من حوله.
بدأت أشعر أن طاقتي السحرية تُستنزف. لم يكن هذا نفس الشعور الذي اختبرته مع أورستيد. كان الاستنزاف هذه المرة أسرع وأكثر شدة، كأنه يستنزف قوّتي الجسدية أيضًا.
“لا، سيدتي أتوفي، اهربي…” مور، الذي كان يزحف نحونا، قد انهار تمامًا.
أقدام أتوفي كانت ترتجف بعنف وهي تواجه بيروجيوس بنظرات غاضبة.
“بييرووجيوووس!”
بدأ جسدها يتضاءل، كما لو أن البوابات كانت تمتص الهالة القتالية التي كانت تلفّ بها نفسها.
“هل تنوي حقًا كسر القسم؟!” صرخت.
“لن أكسره. ولكن هذه فرصة نادرة لا أستطيع تفويتها.” قال بيروجيوس وهو يرفع يده اليمنى، التي تحولت إلى اللون الأبيض، متوهجة بضوء ساطع لدرجة أن المنطقة بأكملها غُمِرت في وهجها.
“ضربة التنين المدرع، القطع الأول.”
أسقط يده، وكل ذلك الضوء اخترق جسد أتوفي مباشرة.
“لن أنسى هذا، بييرووجيوووس!”
تجمد جسدها بالكامل. بدا الزمن وكأنه تباطأ لوهلة، ثم رمي جسدها في الهواء بقوة هائلة. تدحرج جسدها الذي انقسم إلى نصفين بعيدًا عن الأنظار.
“همف. لن تقتلك هذه الضربة على أي حال.” تمتم بيروجيوس لنفسه وهو يدير ظهره، فاقدًا اهتمامه بها.
“سيلفاريل، اجمعي البقية واهتمي بجروحهم.”
“وماذا عن الجنود الآخرين؟” سألت سيلفاريل.
“اتركيهم.”
“فهمت.”
أشارت سيلفاريل إلى زاوية بعيدة، حيث كانت كيشيريكا، الإمبراطورة العظمى للعالم الشيطاني، قد سقطت على الأرض. في اللحظة التي ذُكرت فيها كيشيريكا، تحركت فجأة، كما لو أنها تلقت صدمة كهربائية.
يا إلهي، لقد أصبتها أيضًا بصعقتي الكهربائية.
آسف على ذلك.
“اتركيها أيضًا.”
“كما تأمر.”
يبدو أن بيروجيوس قرر التغاضي عن كيشيريكا هذه المرة. كان ذلك مصدر ارتياح.
“حسنًا.”
بينما اقتربت سيلفاريل والآخرون منا لمساعدتنا، تنفست الصعداء.
لقد تم إنقاذنا.
***
بعد ذلك، ساعدنا أتباع بيروجيوس على العودة إلى دائرة النقل الآني. كان علينا الاعتماد عليهم في المشي، حيث كنا جميعًا بحاجة إلى دعمهم بسبب إصاباتنا.
باستثناء كليف، بالطبع. لقد وقف يتحدث مع كيشيريكا أثناء علاجنا. وعندما نظرت في اتجاههم، كانت كيشيريكا تضحك بشكل هيستيري قبل أن تختفي في الأفق، حرة مرة أخرى.
آمل أن يكون العثور عليها أسهل في المرة القادمة… لكن هذا ليس مهمًا الآن.
بعد أن نقلنا جميعًا مرة أخرى إلى الحصن، قامت سيلفاريل بقطع الاتصال بين الدائرة السحرية ودائرة ريكاريسو. لم يعد هناك طريق للعودة إلى قارة الشياطين.
أخذونا إلى المستشفى لتلقي العلاج من الحروق الكهربائية. كليف هو من تطوع لرعايتنا بنفسه.
“لم أرَ حروقًا كهذه من قبل…” تمتم كليف بينما كان يستخدم سحره لعلاجنا. لم تكن جروحنا مهددة للحياة، لكن الحروق كانت عميقة بما يكفي لتسبب أضرارًا دائمة لو لم نتلقى العلاج في الوقت المناسب. شعرت بالذنب لإيذاء إليناليس وزانوبا بهذا الشكل، ولكن لولا ذلك، لما تمكنّا من شل حركة ملكة الشياطين الخالدة.
كان كليف حذرًا للغاية أثناء علاج جروح إليناليس، ربما كان قلقًا من وجود ندوب دائمة. بالنسبة لها، وجدت إليناليس اهتمامه محببًا، وبمجرد أن أنهى علاجها، حملته بعيدًا إلى مكان آخر.
زانوبا لم يستفق بعد، حتى بعد شفائه. لقد أنقذ حياتي حقًا في تلك اللحظات. لا يمكنني أبدًا أن أرد له الجميل على ما فعله. رغم أن الصداقة لا تُقدر بثمن، يجب أن أشكره على كل ما فعله. سأحرص على أن أعبر له عن امتناني عندما يستيقظ.
***
بمجرد أن تعافيت تمامًا وكنت قادرًا على الحركة، ذهبت لرؤية سيلفي. كانت مستلقية على السرير، تقرأ كتابًا، ولكن عندما دخلت، رفعت رأسها وأمالت رأسها بفضول. “ماذا هناك؟”
لم أجبها. بدلاً من ذلك، انزلقت بهدوء إلى السرير ولففت ذراعي حولها. أطلقت صرخة مفاجأة، مما طعن قلبي.
شعرت وكأنه رفض غير مقصود. ومع ذلك، رغم الألم الذي شعرت به، واصلت احتضانها بشدة.
كان ضحك أتوفي لا يزال يرن في أذني، كما كانت مشاعر اليأس التي شعرت بها عندما شُلَّ جسدي بالكامل.
أعلم أنني لم أكن لأموت في تلك المعركة. أتوفي كانت تمسك نفسها، وحتى فرسانها لم يهاجمونا بكل قوتهم. السحر الذي استخدمه مور لم يكن قاتلاً أيضًا، لكن هذا لم يجعل الأمر أقل رعبًا.
لو لم يظهر بيروجيوس في الوقت المناسب، كانت أتوفي ستجبرنا على توقيع عقدها. لم أكن لأحظى بفرصة أخرى لاحتضان سيلفي بهذه الطريقة.
ولم أكن لأرى لوسي وهي تكبر. ولا روكسي، ولا نورن، ولا أيشا — لن أرى أيًا منهم مرة أخرى.
كانت هذه الفكرة وحدها كافية لتزلزل كياني بالكامل. لدرجة أن كل جزء من جسدي كان يرتعش خوفًا. لم يكن هناك شيء أغلى من الدفء الذي بين يدي في هذه اللحظة.
ثم شعرت بيد تمسح على شعري. كانت سيلفي تلامس رأسي وتسرّح شعري بأصابعها الرقيقة، الدافئة، واللطيفة.
عادت لتحتضنني بلطف. لم تطلب أي تفسير؛ فقط عانقتني. وكان ذلك كافيًا بالنسبة لي.
وبينما كانت ذراعي ملتفّة حولها، غلبني النعاس، حيث شعرت بالراحة التامة.
-+-
ترجمة نيرو
فصل مدعوم
أقوى هجوم “قذيفة الحجر” الذي أستطيع توليده لم يكن كافيًا لقتل باديغادي بالكامل. علاوة على ذلك، إن أتوفي مستعدة لهجمتي. إذا دافعت عن نفسها، فإن سحري لن …يكون فعالاً. “روديوس.” فجأة، همست إليَّ إليناليس. “على الأقل دعنا نحاول أن نرسل كليف لكي يتمكن من استخدام النقل الآني والهروب من هنا.” نظرت نحو كليف. كان يحدق في أتوفي بشجاعة، لكن قدميه كانتا ترتجفان. من الواضح أنه لن يكون ذا فائدة في القتال. “إذا أرسلناه مع أوراق النباتات، والمذكرة، سيملك ما يكفي لإنقاذ ناناهوشي”، تابعت إليناليس بهدوء. “نعم، معكِ حق.” هي على صواب. هذا أفضل خيار لدينا. كان علينا أن ننقذ ناناهوشي؛ كان هذا هو السبب الرئيسي لقدومنا إلى هنا. لم يكن هناك شيء أهم من تحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، ما زلت أرغب في العودة إلى المنزل سالمًا. لا، حتى لو هُزمت، على الأرجح لن أموت. فقط لن أتمكن من رؤية عائلتي لعقدٍ على الأقل، وأنا بالتأكيد لا أرغب في ذلك. “يمكننا أيضًا طلب تعزيزات. أنا متأكدة أن بيروجيوس لديه تعاملات مع أتوفي في الماضي، ربما سيساعدنا.” بيروجيوس وأتباعه الاثنا عشر — هذه فكرة جيدة. ربما يمكننا إقناعه بأن يدعمنا. بالنظر إلى الطريقة المتغطرسة التي كان يتصرف بها، لا شك أن لديه القوة الكافية لمواجهة أتوفي. “حسنًا”، قلت “لنقم بذلك. هل تستطيعين إقناع كليف؟” “سأحاول.” تسللت إليناليس باتجاه كليف. كنا بحاجة إلى خلق فجوة لكي يتمكن كليف من التسلل عبرها ويتجه بالنقل الأني الى الحصن. بينما يحاول إقناع بيروجيوس بإنقاذنا، سيكون علينا الصمود في مواجهة أتوفي. إذا نجح كليف، سيأتي بيروجيوس لإنقاذنا. لكن هل سينجح ذلك؟ هل يمكننا حقًا الصمود لهذه المدة؟ وهل سيتمكن كليف من إقناع بيروجيوس بالمساعدة؟ إذا استغرق كليف وقتًا طويلًا، قد نخسر ونُجبر على توقيع العقد. على الأقل، إذا عاد كليف، سيتم إنقاذ ناناهوشي. هذا هو السبب الرئيسي لرحلتنا. لكنني أيضًا أردت العودة إلى المنزل. آه، اللعنة. بدأت أشعر أنني أدور في حلقة مفرغة. أخذت نفسًا عميقًا وقلت لنفسي، اهدأ. أولًا، علينا شل حركة أتوفي لفترة قصيرة. خلال هذه الفترة، سأشتت الحراس الآخرين بسحري حتى يتمكن كليف من الهروب. حسب كيف تسير الأمور، ربما نتمكن من الفرار جميعًا معه. حسنًا، لنقم بذلك إذن. ربما لن نتمكن من هزيمة أتوفي، لكن بالتأكيد يمكننا التغلب على حراسها الشخصيين. لنقم بذلك. لنسحقهم، نقتلهم جميعًا. إذا كان هذا هو ما يلزم لأعود إلى المنزل، فسأفعل ذلك. حسنًا، روديوس، يمكنك فعل هذا! هذه المرة لن يكون كلامك بلا أفعال. فهمت؟ “لا تخف، سيدي. حتى وإن كان ذلك على حساب حياتي، سأقوم بشل حركة ملكة الشياطين أتوفي”، قال زانوبا بثقة، وهو يبدو هادئًا تمامًا. ذلك مطمئن للغاية. لماذا يبدو دائمًا بطوليًا في هذه الأوقات؟ هل هذا نوع من المسرحيات؟ إذا كنت امرأة، لكان أوقعني في الحب. بالقرب منا، كان كليف وإليناليس يتحدثان بهمس. “المشكلة أنني لا أعرف ما إذا كنت أستطيع الهروب منهم. ساقاي ليستا سريعتين جدًا، خاصة إذا كنت سأحمل كل ذلك معي…” “روديوس وأنا سنتولى إيقاف أي مطاردين قد يلاحقونك”، وعدت إليناليس بصوت خافت. “فقط لا تنظر خلفك ولا تمنح نفسك الوقت للتفكير. عد خطواتك واهرب بأقصى سرعة. حاول ألا تتعثر.” “لكن يجب أن أنضم إليكم في القتال…” “لن نفوز، حتى وإن قاتلنا نحن الأربعة معًا. نحن بحاجة لأن تطلب تعزيزات. هذه هي مهمتك في هذا القتال، وهي مهمة فاصلة جدًا.” “حسنًا… نعم، فهمت.” كانت المسافة ثلاثون خطوة نحو دائرة النقل الآني من هنا. ليست قريبة جدًا، لكنها أيضًا ليست بعيدة. إذا ركض كليف بكل طاقته، سيتمكن من الوصول. بعد دقيقة أو دقيقتين، عادت إليناليس وقالت : “حسنًا، لقد أقنعته.” نظرت نحو كليف. كان يهز رأسه، وعلى وجهه تعبير جاد، تعبير شخص مكرس لتنفيذ مهمته، وليس شخصًا مستعداً ليهرب من المعركة. لقد قامت إليناليس بعمل رائع في إقناعه بأن دوره هو جزء رئيسي من المعركة. كانت دائمًا بارعة في الكلام. أنا بالتأكيد لم أكن لأتمكن من إقناعه بهذه السهولة. “زانوبا، الآنسة إليناليس، سأقوم بالهجوم الأول باستخدام سحري.” “حسنًا، موافق.” التفت نحو أتوفي ورفعت عصاي. سأستخدم هجومي المعتاد “قذيفة الحجر”. ربما يكون “البرق” خيارًا أفضل، لأنه سحر من مستوى الملك وتملك أفضل قوة نارية ضد خصم واحد، لكن هذه المسافة قد تجعلنا نصاب جميعًا بالتعويذة. أردت تجنب التصرف بغباء والتسبب في تدميرنا بسحري الخاص. “هاه…” زفرت قبل أن أركز المانا في العصا. بقيت أتوفي واقفة، متجمدة في مكانها. لقد علمت بالفعل أنني أستطيع استخدام السحر دون الحاجة إلى تلاوة التعويذات، لكنها لم تحرك ساكنًا لمقاطعة تحضيراتي. هذا لصالحنا تمامًا. عيني السحرية توقعت حركتها: ستقوم أتوفي بصد قذيفة الحجر باستخدام سيفها. إن قذيفة الحجر الخاصة بي هي سحر بمستوى غير عادي من القوة، لكن حتى ذلك لن يكون فعالًا ضد أتوفي. ربما سيكون البرق أكثر فعالية؟ لكن هل يمكنني حقًا استخدام تعويذة تعلم هي أنها ستكون على استعداد لتفاديها؟ “سيدي، أقسم أنني سأتبع أي هجوم تشنه، لذا أرجوك ضع ثقتك بي”، قال زانوبا بنظرة ثابتة مليئة بالثقة. “…نعم.” كان من المريح سماع ذلك. من الواضح أن لديه خطة ما. في هذه الحالة، سأتبعه. “حسنًا، لنقم بذلك!” “نعم، سيدي!” أطلقت “قذيفة الحجر” بعد أن جمعت كل ما أستطيع من المانا. انطلقت بسرعة عالية وصدر صوت حاد وهي تتجه نحو أتوفي. “أرى هجومك بوضوح!” تركت أتوفي صورة وهمية خلفها وهي تتحرك بسرعة فائقة. على الرغم من أن وصفها بـ”صورة وهمية” قد يكون مبالغًا فيه؛ لم تحرك ذراعها سوى قليلاً لتغيير اتجاه سيفها بشكل طفيف. في تلك اللحظة، اصطدمت قذيفة الحجر بسلاحها، مما أطلق شرارات في الهواء. لقد تم صد هجومي، ومرّت القذيفة بجانب أتوفي وضربت صخرة على المنحدر، لتتطاير الرمال من حولنا. كنت أعلم أن هذه التعويذة لن تجدي نفعًا معها. “غرااااااه!” صرخ زانوبا وهو يقذف شيئًا باتجاه أتوفي. “غواااااه!” كان الشيء الذي ألقاه يصرخ وهو ينطلق نحو أتوفي. بدت الأخيرة سعيدة وهي ترفع سيفها لتقطعها لنصفين. “هجماتك عديمة الفائدة—ماذا؟!” بينما كانت أتوفي على وشك أن تقطع القذيفة، توقفت فجأة. وبعد لحظة، ارتطم الشيء بوجهها مباشرة. “فوااه؟!” “أوووف!” كانت كيشيريكا، الإمبراطورة الشيطانية، قد التصقت بوجه أتوفي. لقد كانت جالسة على كتف زانوبا قبل لحظات. “يا للغثيان! رائحتك كريهة! على الأقل استحمِ أيتها الغبية!” صرخت كيشيريكا. صرخت أتوفي بغضب: “ما هذا؟! من أين أتيتِ؟!” بينما كانت تحاول إزالة كيشيريكا من وجهها، أمسكت بها وألقتها بعيدًا. تدحرجت كيشيريكا وارتطمت بالأرض بعيدًا عن ساحة القتال. “يا لك من مثيرة للاشمئزاز! أنت ! ما الذي كنت تفكر فيه عندما ألقيت بشيء كهذا؟! مااااذا؟!” بينما كانت أتوفي تصرخ، كان زانوبا قد قبض قبضته واقترب منها بخطوات واثقة. تبعته إليناليس وهي تختبئ خلفه في الظل. اللعنة. أرى إلى أين يسير هذا. “لقد تخطيت دفاعاتي. تعجبني روحك!” “هااااااااه!” صرخ زانوبا وهو يوجه قبضته. القوة التي خلفها كانت كافية لجعل شعري يقف. اندفعت قبضته في الهواء مباشرة نحو وجه أتوفي. حاولت صدها باستخدام قفازها… “غاه؟!” …لكنها فشلت. قبضته ضربت قفازها، مما جعلها تتعثر بينما تشوه درعها تحت قوة ضربته. “هااااه!” تبع زانوبا هجومه بضربة أخرى. خطا خطوة كبيرة ووجه قبضته نحو جسدها. “ضعيفة!” تمتمت أتوفي بصوت منخفض. لم تكن هجماته كافية لإجبارها على التراجع. على الرغم من وضعيتها المحرجة، تمكنت من توجيه ضربة بسيفها الضخم. تردد صدى عالٍ عندما انحنت ساقاها وهي تدفع كامل قوتها نحو صدر زانوبا. “غوووه… أرج!” تشوه وجه زانوبا من الألم وهو يسقط على إحدى ركبتيه. حتى أقوى قذيفة حجر لم تكن كافية لجعله يتألم، ومع ذلك، بضربة واحدة فقط من أتوفي، أجبر على السقوط. نظرت إليه أتوفي بغضب وهي تزمجر، “لديك جسد مدهش، لكن لا تنسَ : لا يوجد دفاع مثالي. زوجي كال هو الذي… غاه!” “ها!” في منتصف حديثها، قفزت إليناليس من خلف زانوبا، مستخدمة ظهره كموطئ قدم لتنطلق في الهواء. سيفها اللامع قطع الهواء وتوجه نحو عنق أتوفي. لكن، تم صده بصوت مدوٍ. لم يكن هذا صوت جلد يتعرض للقطع. لابد أن أتوفي تستخدم هالة المعركة لحماية نفسها. “لم أنتهِ بعد!” بمجرد أن أدركت إليناليس أن هجومها لن ينجح، انسحبت. اقتربت من بدرعها وأعادت التركيز لتوجه ضربة أخرى بسلاحها. “همف!” لم ترتدّ أتوفي حتى. بدى كما لو أن بعض الرمل قد دخل عينها وهي تعبر عن انزعاجها بعبوس. “سيفك ضعيف جدًا! شاهدي الآن كيف تفعلين ذلك بشكل صحيح!” مالت أتوفي بجسمها للأمام ووجهت ضربة هائلة بسيفها نحو إليناليس. حاولت الأخيرة التراجع لتفادي الضربة، لكنها… “كه؟!” رفعت إليناليس درعها في اللحظة الأخيرة. وفي اللحظة التالية، تردد صوت عميق عبر المكان، وارتدت إليناليس في الهواء، تدحرجت عبر الأرض الصخرية ثم نهضت بسرعة، مثل القط. بدى الخوف في عينيها. لقد كانت هجماتها غير فعّالة. خلقت أتوفي موجات صادمة بمجرد تأرجح سيفها. لو لم تكن إليناليس قد صدتها بدرعها، لربما مزقتها الموجات الصادمة بالكامل. “خطواتك مثيرة للإعجاب، سأعترف بذلك”، قالت أتوفي. “إذا تدربتِ تحت قيادتي، قد تكونين…” “غرااااااه!” قفز زانوبا مرة أخرى، فاتحًا ذراعيه على مصراعيها وهو يتجه نحو أتوفي. “آآآه!” أحاط ذراعيه حولها من الأمام، مما جعلها عاجزة عن الحركة، ثم رفعها حتى لم تعد قدماها تلمسان الأرض. “ههمف، أيها الوغد، ألا تخجل من نفسك؟ تضع ذراعيك حولي هكذا… غاه!” كانت ذراعيه مثل المشبك وهو يضغط عليها. اندفعت دماء سوداء من فم أتوفي. على ما يبدو، هذا النوع من الهجوم فعال! حسنًا، هي لا تزال ملكة الشياطين الخالدة. أي ضرر تتعرض له سيكون مؤقتًا بلا شك. “سيدي، الآن!” “…!” أعادني صوته إلى الواقع. زانوبا قد شل حركة أتوفي. هذه فرصتنا. “كليف، الآن! اهرب!” صرخت نحو كليف بينما كنت أصب كل المانا التي يمكنني حشدها في عصاي. علي استخدام هجوم شامل لشل جميع الجنود المحيطين بنا. “حسنًا!” بدأ كليف بالركض، وفي تلك اللحظة انتبه الفرسان القريبون واستعدوا بسيوفهم. للأسف بالنسبة لهم، الوقت قد فات بالفعل. “فروست نوفا!” اندفع برد شديد من عصاي، وتجمدت الأرض تحت أقدام الفرسان، ممتدة حتى وصلت إلى الجنود الذين يحيطون بنا. “آه!” “غووه؟!” بينما سيطر الارتباك عليهم، تمكنت تعويذتي من تثبيت أقدامهم في مكانها. بدا النصر في متناولنا. لقد تفاجأوا تمامًا؛ لم يكن لديهم أي فرصة للتخلص من هجوم سحري بهذه السرعة. أو هكذا كنت أظن. فجأة، تردد صوت من أحد الجنود : “…لهيبي الحارق التهم جسدي. احرق كل ما أمامك!” اندفعت موجة من الحرارة من جسد أحدهم، مغطية الفرسان الآخرين. وبدأ الدفء ينتشر حولهم، متصدياً لهجمتي الجليدية. كانت الحرارة تتسرب من ذراعي الرجل الذي بدأ بفك التجميد عن نفسه والجنود الآخرين. هذا كان مور… قائد الفرسان العجوز. لقد بدأ مور في إلقاء تعويذته لحظة أن رفعت عصاي، مما سمح له بمواجهة تعويذتي بعد ثوانٍ قليلة. لقد صدمتني كمية القوة السحرية التي كان يمتلكها، بالإضافة إلى السرعة التي أنهى بها تعويذته. لم أبخل بصب المانا في تلك التعويذة، لكن سحره كان كافيًا لتحرير نفسه واثنين من الجنود الأقرب إليه. أما البقية فقد ظلوا متجمدين تمامًا. كان لا يزال هناك فرق كبير في قوتنا السحرية، وقد فزت بتلك المعركة. والآن، هذه هي المرة الأولى التي أقتل فيها أحدهم. “أنا معجب بكمية القوة السحرية التي تمتلكها، حيث استطعت تجميدنا جميعًا.” قال مور، ثم صرخ نحو الجنود الآخرين : “جميعًا، ابدأوا بترديد تعويذة الحرق!” “كما تأمر، قائد!” صرخ الجنود الآخرون من خلف الجليد وهم يرددون : “يا روح النار التي تحكم كل الأشياء بين السماء والأرض…” مع ترديد الجنود للتعويذة، بدأ الجليد حولهم يذوب ببطء. لم يموتوا. لم يمت أي منهم. لابد أن الدرع الذي يرتدونه منحهم مقاومة طبيعية للسحر المائي. حسنًا، تبًا. زمجرت أتوفي عندما رأيت كليف يتجاوزها. “مور، لا تدعه يهرب!” “تحت أمرك!” قفز مور إلى الحركة بعد أمرها. وبعد ثوانٍ، نجح اثنان آخران من الجنود في تحرير أنفسهم من أسر الجليد واندفعوا نحو كليف. “كما لو أنني سأسمح لكم بالمرور!” انطلقت إليناليس أمامهم، قاطعة طريقهم. “روديوس! تولَ أمره!” مور واصل مطاردة كليف دون أن ينظر خلفه. كان يتحرك بسرعة ملحوظة بالنسبة لرجل في درع ثقيل. في المقابل، كان كليف يحمل حمولة كبيرة. المسافة بينهما كانت حوالي سبع خطوات. وجهت عصاي نحو مور. “قذيفة الحجر!” مور سيستخدم جدار الأرض لمحاولة صد قذيفة الحجر الخاصة بي. لا مشكلة. لا يزال بإمكاني فعل ذلك. صببت كل مانا أستطيع حشدها في عصاي وأطلقت تعويذتي. “أرض… غاااه!” بينما كان مور يركض، حاول إلقاء تعويذة لرفع جدار من الأرض، لكن قذيفة الحجر ضربت ذراعه مباشرة، محطمة إياها هي والدرع الذي يغطيها. طارت ذراعه في الهواء وهو يتعثر قليلاً، لكنه لم يتوقف عن مطاردة كليف. “إمنحيني قوتك يا أرواح الماء! الضباب العميق!” ألقى مور تعويذة أخرى، مما خلق ضبابًا كثيفًا التف حوله. كان يخطط لاستخدام هذا الضباب كغطاء للهروب من قذيفة الحجر. هو سريع في إلقاء التعويذات. لقد تعلم تقليص التراتيل مثل روكسي. “انفجار الرياح!” أطلقت تعويذة الرياح لتفريق الضباب، لكن مور لم يتراجع. لم يُظهر أي علامة على فقدان تركيزه بينما يواصل مطاردة كليف. ربما كان درعه الأسود يمنحه مقاومة ضد تعاويذ الرياح أيضًا. الآن ماذا؟ المسافة بين مور وكليف تتقلص بسرعة. لم يكن لدي الكثير من الفرص المتبقية. بينما كنت أفكر بسرعة في الأفكار، أخبرتني عيني السحرية بما سيحدث بعد ذلك. سيبدأ مور بإلقاء تعويذة أخرى أثناء مواصلة الركض خلف كليف. “أرواح الأراضي الجرداء، استجيبوا لندائي وامنحوني… ” “تعويذة تشتيت السحر!” كنت قد تدربت مع سيلفي على هذه التعويذة مرات لا تحصى. انطلقت التعويذة مباشرة نحو مور وقاطعت السحر الذي كان يحاول إلقاءه. “مستحيل! تعويذة تشتيت السحر؟!” بدا مور متفاجئًا وهو يخفض نظره نحو يده. ومع ذلك، واصل الركض. لم يتبقَ سوى خمس خطوات بينه وبين كليف. “المستنقع!” بسرعة، أطلقت تعويذة أخرى بيدي اليسرى لقطع طريقه. لقد كان قرارًا صائبًا. قد يكون خصمي محاربًا متمرسًا، لكن المهارات القتالية التي طورتها على مر السنين كانت فعالة ضد أمثاله. بالإضافة إلى ذلك، لقد مررت بتجارب مشابهة أثناء تدريبي. “غراااه!” تحولت الأرض بين مور وكليف إلى طين لزج، مما عرقل حركة مور وأبطأه. لكن… “يا إله المجهول، استجب لندائي وارفع الأرض نحو السماء! رمح الأرض!” أطلق مور تعويذة أخرى تحت قدميه. ارتفع قسم من الأرض، واستخدمه كنقطة ارتكاز ليتفادى المستنقع ويقفز فوقه. “كخ!” لن يتوقف. كان يتابع تقدمه رغم كل ما ألقيته عليه، متصدياً لكل شيء أو مقاوماً إياه. تلك هي قدرات ساحر المخضرم… “روديوس! ساعد كليف! أسرع!” صرخت إليناليس من خلفي. “أعلم!” وجهت نظرة سريعة نحوها. كانت مشغولة في قتال الجنود الذين كانوا يقفون بجوار مور. اثنان ضد واحد. لم يكونوا يستهدفونها، لكن كان كل ما يمكنها فعله هو إبقائهم مشغولين. “أتركني! الآن! ألا تخجل كإنسان؟! توقف عن التمسك بي! دعنا نتبادل الضربات على الأقل!” صرخت أتوفي بغضب. أجاب زانوبا بصوت ثابت، “حتى لو قتلتني، لن أتركك تذهبين!” أتوفي قد نطحته بالفعل. رغم الدم الذي يتدفق من جبينه، كان زانوبا يحتفظ بقبضته محكمة حولها. في تلك الأثناء، كان الفرسان الآخرون يواصلون إذابة الجليد من حولهم. كانت البخار يتصاعد في المكان. “تبًا…” ما الذي يمكنني فعله لعرقلة مور ومنعه من ملاحقة كليف؟ هو قوي، ولديه خبرة أكبر مني بكثير في المعارك السحرية. لم تنفع التعاويذ العادية معه. هل يجب أن أطلق تعويذة أقوى؟ لا. حتى لو أوقفت تعويذة قوية ما مور، لن يكون ذلك مفيدًا إذا أصيب كليف في نفس الوقت. بالإضافة إلى أن مور كان سريعاً في الرد على أي شيء ألقيته عليه، ولديه ذلك الدرع السخيف أيضًا… “…!” حينها أدركت أن الأرض تحت قدمي كانت مبتلة نتيجة لتعويذتي السابقة “فروست نوفا”. الفرسان قد استخدموا تعويذة “الحرق الآني” لإذابة الجليد الذي صنعته، والآن الأرض مغطاة بالماء. ولم يكن مور استثناءً؛ فقد كان أول من حرر نفسه من الجليد. …بالطبع، كانت إليناليس وأنا أيضًا نقف على أرض مبللة. إذا لم تكن أتوفي قد واجهت هذا النوع من السحر من قبل، فمن المحتمل أن مور لم يره أيضًا. لا يهم مدى خبرته، لن يتمكن من صد تعويذة لم يسبق له مواجهتها. وعلى الرغم من ذلك، إذا استخدمتها، فسيتأثر الجميع — إليناليس، زانوبا، وأنا. كليف وحده سيبقى سالمًا. فهو خارج نطاق تأثير التعويذة. سيكون بخير. اتخذت قراري في تلك اللحظة، بلا تردد. “البرق!” صببت كمية ضخمة من المانا في التعويذة، بحيث تكون كافية لشل الجميع دون قتلهم. انطلقت الكهرباء من يدي، متشققة عبر الهواء كأنها موجة صاعقة، وضربت الأرض المبللة من حولي. انتشرت عبر الماء وأصابت كل من في المنطقة. “غيااااااه!” “آآآآه!” “أووووووه!” تصاعد الدخان من الدروع السوداء المحترقة للفرسان وهم يسقطون جميعًا على الأرض. لقد أصابت الصدمة الجميع، بما في ذلك إليناليس، زانوبا، أتوفي، الجنود الآخرون، مور، وأنا. “أوه…غاه!” اندفعت الصاعقة عبر جسدي، تنخر في عمودي الفقري ومفاصلي. كل جزء من جسمي بدا وكأنه ينحني في الاتجاه الخاطئ. لم أستخدم ما يكفي من المانا للقتل، لذلك كنت أعلم أنني سأخرج من هذا على قيد الحياة. ولكن ذلك لم يمنع الظلام من الاستيلاء على رؤيتي بينما فقدت وعيي. *** عندما استعدت وعيي، وجدت نفسي ممددًا على الأرض. أتذكر أنني فقدت الوعي، لكن لم يدم ذلك أكثر من بضع ثوانٍ. جسدي كله كان مشلولًا. على الأقل، كانت رؤيتي سليمة. ما الذي حدث لكليف؟ رفعت رأسي ببطء. كان مور راكعًا على ركبتيه، والدخان يتصاعد من درعه المتصدع. كانت يده ممدودة نحو كليف، وكان يتمتم شيئًا بصوت خافت، على ما يبدو تعويذة ما. أحتاج لاستخدام “تعطيل السحر”… لا، لن أتمكن من ذلك في الوقت المناسب. ركّزت كل ما تبقى لدي من مانا في ذراعي اليسرى. حتى لو كانت يدي اليمنى لا تزال مخدرة من الصدمة، فإن يدي الاصطناعية لا تزال تعمل. فتحت أصابعي وأطلقت تعويذة من كفي. “الريح الحاجزة!” “ذراعي، امتصي السحر!” اختفت التعويذة الهوائية التي أطلقها مور في الحال. “ماذا؟!” التفت مور نحوي بسرعة، مفاجأً بما حدث. لم أستطع رؤية تعابير وجهه من خلف خوذته، لكن دهشته كانت واضحة. لم يلتفت كليف إلى الخلف. كان على بعد ثلاث خطوات فقط من دائرة السحر. لم يستطع أحد اللحاق به الآن. بفضل سحري، لم يعد بإمكانهم حتى المحاولة إذا أرادوا. تعويذتي قد شلت أيضًا أتوفي. كانت عيناها مفتوحتين على وسعهما، تحدقان بي مثل نمر يتربص بفريسته. “أيها الوغد… لقد نجحت في الإيقاع بنا. هذا سحر غريب لم أره من قبل.” لم أجبها. “ومع ذلك، لقد جعلتني متحمسة. لا أستطيع الانتظار حتى أجعلك تابعًا لي. كيهاهاها. أردت دائمًا ساحرًا مثلك. سأعتني بك جيدًا، أعدك بذلك.” كانت تبتسم بطريقة شيطانية. حدقت فيها بلا خوف. كونها ملكة الشياطين الخالدة، كنت واثقًا بأنها ستتعافى بسرعة أكبر مني. لن يكون هناك مهرب آخر. لن نتمكن من مقاومتها. زانوبا قد أغمي عليه تمامًا. رغم أنه كان لا يزال يحتفظ بذراعيه ملتفتين حولها، إلا أنه بدا لي على وشك فقدان قبضته حولها. بالنظر إلى تحمله المنخفض للألم، كان من المرجح أنه سيبقى فاقدًا للوعي لفترة. هذه… هي النهاية. “…” نظرت إلى إليناليس. كان جسدها كله يرتجف وهي تحاول الوقوف على قدميها. لقد تلقت نفس الضرر الذي تلقيته، لكنها لم تستسلم بعد. كانت مصممة على المحاولة، رغم كل الصعاب. عندما تستسلم، ينتهي كل شيء. هكذا قال المدرب ذو الشعر الأبيض في مانجا سلام دانك. مع قليل من الجهد، أستطيع أن أفعل الشيء نفسه. لنستمر. لنذهب إلى البيت. أريد العودة. يجب أن أعود. وحين أعود… ربما سيكون لدي بعض الوقت الحميم مع سيلفي. وروكسي بالطبع. كما أنني أريد احتضان لوسي الصغيرة. بالإضافة إلى أنني وعدت نورن أن أدرّسها فنون السيف والسحر، وكنت متحمسًا لتناول الأرز الذي تعده أيشا. لقد كانت ليليا تحمل عبئًا كبيرًا على عاتقها في رعاية والدتي. ولا شك أن ذاكرتها ستعود إليها في النهاية. وعندما يحدث ذلك، يمكننا الذهاب معًا لزيارة قبر والدي. نعم، هذا صحيح. سنظل نبتسم معًا، كما كنا دائمًا. كانت حياتي في هذا العالم ممتعة للغاية. عليّ أن أحميها. يجب عليّ ذلك. حسنًا، أستطيع فعل هذا. تحرك، روديوس. لا يهم إن كانت ذراع واحدة فقط، يمكنك على الأقل استخدام السحر. أين عصاي؟ أين ذهبت؟ أحتاجها لتنفيذ تعاويذي. آه، ها هي. اتضح أنني كنت مستلقيًا فوقها. أعتذر يا أكوا هارتيا. لابد أنني كنت ثقيلًا عليك. على أي حال، أستطيع فعل هذا. كل ما عليّ فعله هو الصمود حتى تأتي المساعدة. هذا كل شيء. لا حاجة للفوز. رجاءً، سيد كليف. أعلم أنك قد تكره بيروجيوس، لكن أرجوك أقنعه. لا يهمني إن لم تتمكن من ذلك على الفور، لكن إذا استطعت فقط إرسال بعض الدعم خلال السنة القادمة، سيكون ذلك رائعًا. “ماذا؟!” فجأة، انطلق صوت مصدوم من خلفي. رفعت رأسي بسرعة ونظرت نحو مصدر الصوت. كان كليف قد وصل إلى مدخل الآثار تحت الأرض، حيث اصطدم بأحد الفرسان المدرعين. “مستحيل.” كان هذا الجندي يقف داخل الآثار طوال هذا الوقت؟ “آه…” لماذا لم أفكر في ذلك الاحتمال؟ كانت هذه ثغرة واضحة بما يكفي. بغض النظر عن مدى غباء أتوفي، بالطبع ستقوم بتفتيش الآثار. انتشر شعور بالظلام بداخلي. الشعور الذي تغمرني به تلك العاطفة التي أعرفها جيدًا — اليأس. أردت أن أصرخ، أن أستسلم للتعب. لن أرى سيلفي أو روكسي مرة أخرى. بدلاً من ذلك، سأضطر إلى التدريب مع تلك الملكة الشيطانية الحمقاء حتى يوم وفاتي. بينما أستسلم لمصيري، بدأ شعور القوة يغادر جسدي تدريجيًا. في تلك اللحظة، جاء صوت مفاجئ، ليس مني، ولا من إليناليس، ولا حتى من مور. “ماذا؟!” كانت أتوفي هي من صرخت بدهشة وهي تحدق باتجاه كليف. “آه، يا سيدتي أتوفي…” بدأ الفارس المدرع بالتحرك متجاوزًا كليف، وهو يعرج نحو المنحدر. لكن شيئًا ما كان غريبًا في سلوكه. “الدائرة السحرية بالداخل — إنها تؤدي إلى بيرو…” وفي اللحظة التالية، انقسم جسده إلى نصفين. قسمه شخص ما أفقياً بضربة واحدة. ذلك الشخص المضيء الذي ظهر خلفه له شعر فضي، وتوهجت عيناه الصغيرتان باللون الذهبي، مرتديًا ملابس بيضاء مغطاة ببقع دماء. “ملكة الشياطين الخالدة أتوفيراتوفي، أليس كذلك؟” تحدث الرجل الذي ظهر عند مدخل الآثار بلغة الشياطين بطلاقة. “لم أكن لأتوقع وجودك هنا. على الرغم من أنني فكرت في أن شيئًا كهذا قد يحدث عندما ربطت دائرتي السحرية بدائرة ريكاريسو.” تبعه عدد من الأشخاص. اثنان منهم كنت أعرفهما — أرومانفي اللامع وسيلفاريل الفراغية. لم أتعرف على الآخرين بعد، لكن كانوا ستة في المجمل. “لقد دنس جنودك قلعتي بدمائهم.” آه، هذا منطقي. أتوفي وصلت إلى هنا قبلنا. لابد أنها وجدت مدخل الآثار وأمرت جنودها بالذهاب والبحث. أولئك الذين عثروا على الدائرة السحرية لابد أنهم دخلوا لرؤية ما يوجد على الجانب الآخر. وهكذا، شياطين دخلوا قلعة بيروجيوس الطائرة. “بييييروجيوووس!” صرخت أتوفي بصوت مدوٍّ. لقد ظهر ملك التنانين المدرع شخصيًا أمامنا. *** في اللحظة التي رأت فيها أتوفي بيروجيوس، تغيرت الأجواء المحيطة بها تمامًا. تدفقت منها موجات من العداء لم نرَ مثلها من قبل. كانت عيناها تلمعان وكأنما كانت تشتعل بلهيب كراهية قديم. كان تعبيرها وكأن بيروجيوس قد قتل والديها. “بيروجيوس، أيها اللعين!” على الرغم من أن جسدها كان لا يزال مشلولًا من الصدمة، بدأت أتوفي ترفع نفسها وتدفع زانوبا بعيدًا. جسده سقط بلا حول ولا قوة على الأرض، وهي تجاهلته تمامًا، مركزّة نظرها على بيروجيوس. بدأت أجنحتها بالخفقان بسرعة، محاولًة تركيز قوتها في ساقيها للاندفاع نحوه، لكن ركبتيها انهارتا من تحتها. “هاه… هاه…” تقدم بيروجيوس بخطوات بطيئة، مبتسمًا ابتسامة ساخرة. “أوه؟ هذه مفاجأة سارة، أتوفيراتوفي. هل أسقطتي دفاعك مرة أخرى؟ يبدو أن قبيلتك من الشياطين الخالدين تميل إلى ذلك.” صرخت أتوفي بغضب متفجر : “إذًا هؤلاء الأشخاص — كانوا تابعينك، صحيح؟ هذه الخدعة الدنيئة التي لجأت إليها… هل كان كل هذا لتقتلني؟ ماذا عن القسم الذي أقسمته على كال؟!” ضحك بيروجيوس وهو ينظر إليها من فوق كتفه. أتوفي كانت تتصبب غضبًا وهي تصرخ نحوه. حاول مور الزحف نحوها، وقد بدت خطواته متعثرة، لكنه لم يتمكن من الوصول إليها. الوحيدون الذين لم يتأثروا بتعويذتي كانوا بيروجيوس وأتباعه الاثني عشر، بالإضافة إلى كليف. كانت طريقة بيروجيوس في النظر إليها مثل نمر يتأهب للانقضاض على فريسته المفضلة. “لا تسيئي الفهم” قال بهدوء. “هؤلاء الناس أرادوا إنقاذ صديقهم، لذا طلبوا مساعدتي. هذا كل شيء.” “لا تكذب عليّ! غرااااه!” “سأفي بالقسم الذي أقسمته على كال. لقد كان صديقي الأعز.” ردت أتوفي بعد فترة صمت طويلة “قد تكونان صديقين، لكنني لا أزال أكرهك!” تنهد بيروجيوس ببطء قبل أن يقول : “وأنا كذلك، أحتقر الأشخاص أمثالك. أنتِ حمقاء لا تستمعين إلى المنطق.” ثم رفع ذراعيه إلى الأعلى وراحتيه مفتوحتين. وجه أتوفي شحب فجأة “ل-لا، لا يمكنك فعل ذلك…” تجاهل اعتراضاتها وبدأ في إلقاء تعويذته : “هذا التنين يعيش ليخدم فقط. مخالبه طويلة وحادة، لدرجة أنه لا يستطيع قبض يده…” شعرت وكأنني سمعت هذا السحر من قبل في مكان ما. “عندما يستهلكه الغضب، لا يستطيع إغلاق قبضته. على الرغم من أن مخالبه قد تنكسر وأنيابه قد تتساقط، فإنكِ ستدركين قريبًا أي المشاعر تسيطر على هذا التنين المخلص عندما يتخلى عن إخلاصه!” كان بيروجيوس ينطق كل كلمة ببطء، وشيئًا فشيئًا كان السحر من حوله يتجمع. “يا أيها الجنرال التنين، أنت يا ثالث من مات، صاحب العيون الأكثر حدة، والجسد المغطى بالقشور البيضاء— أنا، ملك التنانين المدرع بيروجيوس، أستدعيك.” بحلول الوقت الذي أدركت فيه ما كان يحدث، كانت أتوفي محاصرة بين بوابتين ظهرتا حولها، تفصلها عن البقية. كانت البوابتان محفورتين بنقوش دقيقة لتنانين، تبدوان فاخرتين للغاية. واحدة كانت فضية، والأخرى ذهبية، ظهرتا من الأرض بينما واصل بيروجيوس إلقاء تعويذته. “افتحي، بوابة التنين الخلفية. وتقدمي إلى الأمام، بوابة التنين الأمامية.” عند أمره، انفتحت البوابتان. بدأ شيء ما يتدفق من البوابة اليمنى ويصب في البوابة اليسرى. لم يكن ريحًا، بل كان شيئًا لا يمكن رؤيته بالعين المجردة— شيئًا أعرفه جيدًا. المانا. استدعى بيروجيوس تلك البوابات لامتصاص المانا من كل من حوله. بدأت أشعر أن طاقتي السحرية تُستنزف. لم يكن هذا نفس الشعور الذي اختبرته مع أورستيد. كان الاستنزاف هذه المرة أسرع وأكثر شدة، كأنه يستنزف قوّتي الجسدية أيضًا. “لا، سيدتي أتوفي، اهربي…” مور، الذي كان يزحف نحونا، قد انهار تمامًا. أقدام أتوفي كانت ترتجف بعنف وهي تواجه بيروجيوس بنظرات غاضبة. “بييرووجيوووس!” بدأ جسدها يتضاءل، كما لو أن البوابات كانت تمتص الهالة القتالية التي كانت تلفّ بها نفسها. “هل تنوي حقًا كسر القسم؟!” صرخت. “لن أكسره. ولكن هذه فرصة نادرة لا أستطيع تفويتها.” قال بيروجيوس وهو يرفع يده اليمنى، التي تحولت إلى اللون الأبيض، متوهجة بضوء ساطع لدرجة أن المنطقة بأكملها غُمِرت في وهجها. “ضربة التنين المدرع، القطع الأول.” أسقط يده، وكل ذلك الضوء اخترق جسد أتوفي مباشرة. “لن أنسى هذا، بييرووجيوووس!” تجمد جسدها بالكامل. بدا الزمن وكأنه تباطأ لوهلة، ثم رمي جسدها في الهواء بقوة هائلة. تدحرج جسدها الذي انقسم إلى نصفين بعيدًا عن الأنظار. “همف. لن تقتلك هذه الضربة على أي حال.” تمتم بيروجيوس لنفسه وهو يدير ظهره، فاقدًا اهتمامه بها. “سيلفاريل، اجمعي البقية واهتمي بجروحهم.” “وماذا عن الجنود الآخرين؟” سألت سيلفاريل. “اتركيهم.” “فهمت.” أشارت سيلفاريل إلى زاوية بعيدة، حيث كانت كيشيريكا، الإمبراطورة العظمى للعالم الشيطاني، قد سقطت على الأرض. في اللحظة التي ذُكرت فيها كيشيريكا، تحركت فجأة، كما لو أنها تلقت صدمة كهربائية. يا إلهي، لقد أصبتها أيضًا بصعقتي الكهربائية. آسف على ذلك. “اتركيها أيضًا.” “كما تأمر.” يبدو أن بيروجيوس قرر التغاضي عن كيشيريكا هذه المرة. كان ذلك مصدر ارتياح. “حسنًا.” بينما اقتربت سيلفاريل والآخرون منا لمساعدتنا، تنفست الصعداء. لقد تم إنقاذنا. *** بعد ذلك، ساعدنا أتباع بيروجيوس على العودة إلى دائرة النقل الآني. كان علينا الاعتماد عليهم في المشي، حيث كنا جميعًا بحاجة إلى دعمهم بسبب إصاباتنا. باستثناء كليف، بالطبع. لقد وقف يتحدث مع كيشيريكا أثناء علاجنا. وعندما نظرت في اتجاههم، كانت كيشيريكا تضحك بشكل هيستيري قبل أن تختفي في الأفق، حرة مرة أخرى. آمل أن يكون العثور عليها أسهل في المرة القادمة… لكن هذا ليس مهمًا الآن. بعد أن نقلنا جميعًا مرة أخرى إلى الحصن، قامت سيلفاريل بقطع الاتصال بين الدائرة السحرية ودائرة ريكاريسو. لم يعد هناك طريق للعودة إلى قارة الشياطين. أخذونا إلى المستشفى لتلقي العلاج من الحروق الكهربائية. كليف هو من تطوع لرعايتنا بنفسه. “لم أرَ حروقًا كهذه من قبل…” تمتم كليف بينما كان يستخدم سحره لعلاجنا. لم تكن جروحنا مهددة للحياة، لكن الحروق كانت عميقة بما يكفي لتسبب أضرارًا دائمة لو لم نتلقى العلاج في الوقت المناسب. شعرت بالذنب لإيذاء إليناليس وزانوبا بهذا الشكل، ولكن لولا ذلك، لما تمكنّا من شل حركة ملكة الشياطين الخالدة. كان كليف حذرًا للغاية أثناء علاج جروح إليناليس، ربما كان قلقًا من وجود ندوب دائمة. بالنسبة لها، وجدت إليناليس اهتمامه محببًا، وبمجرد أن أنهى علاجها، حملته بعيدًا إلى مكان آخر. زانوبا لم يستفق بعد، حتى بعد شفائه. لقد أنقذ حياتي حقًا في تلك اللحظات. لا يمكنني أبدًا أن أرد له الجميل على ما فعله. رغم أن الصداقة لا تُقدر بثمن، يجب أن أشكره على كل ما فعله. سأحرص على أن أعبر له عن امتناني عندما يستيقظ. *** بمجرد أن تعافيت تمامًا وكنت قادرًا على الحركة، ذهبت لرؤية سيلفي. كانت مستلقية على السرير، تقرأ كتابًا، ولكن عندما دخلت، رفعت رأسها وأمالت رأسها بفضول. “ماذا هناك؟” لم أجبها. بدلاً من ذلك، انزلقت بهدوء إلى السرير ولففت ذراعي حولها. أطلقت صرخة مفاجأة، مما طعن قلبي. شعرت وكأنه رفض غير مقصود. ومع ذلك، رغم الألم الذي شعرت به، واصلت احتضانها بشدة. كان ضحك أتوفي لا يزال يرن في أذني، كما كانت مشاعر اليأس التي شعرت بها عندما شُلَّ جسدي بالكامل. أعلم أنني لم أكن لأموت في تلك المعركة. أتوفي كانت تمسك نفسها، وحتى فرسانها لم يهاجمونا بكل قوتهم. السحر الذي استخدمه مور لم يكن قاتلاً أيضًا، لكن هذا لم يجعل الأمر أقل رعبًا. لو لم يظهر بيروجيوس في الوقت المناسب، كانت أتوفي ستجبرنا على توقيع عقدها. لم أكن لأحظى بفرصة أخرى لاحتضان سيلفي بهذه الطريقة. ولم أكن لأرى لوسي وهي تكبر. ولا روكسي، ولا نورن، ولا أيشا — لن أرى أيًا منهم مرة أخرى. كانت هذه الفكرة وحدها كافية لتزلزل كياني بالكامل. لدرجة أن كل جزء من جسدي كان يرتعش خوفًا. لم يكن هناك شيء أغلى من الدفء الذي بين يدي في هذه اللحظة. ثم شعرت بيد تمسح على شعري. كانت سيلفي تلامس رأسي وتسرّح شعري بأصابعها الرقيقة، الدافئة، واللطيفة. عادت لتحتضنني بلطف. لم تطلب أي تفسير؛ فقط عانقتني. وكان ذلك كافيًا بالنسبة لي. وبينما كانت ذراعي ملتفّة حولها، غلبني النعاس، حيث شعرت بالراحة التامة. -+- ترجمة نيرو فصل مدعوم
لكن ماذا سأفعل بعد ذلك؟ حتى لو نجحت في خلق فجوة، هل سيفلح سحري في التأثير عليها؟
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات